الأخلاق عالية.

الأخلاق عالية.

والله كنت استغرب من الإمام البخاري وأنا اقرأ بسيرته.
فالإمام البخاري من عفة لسانه أو من خُلقه أو من طبعه لشيء ما تستطيع تُنزِله على أنه من صنيع أهل الدنيا، لو هناك راوي كذاب ماذا يقول عنه البخاري؟
يقول: فيه نظر، فلا يعرف أن يقول كذاب، هو لا يعرف أن يقول كذاب وهذا خُلق رفيع وعالي جداً.
تأمل صنيع أهل النار نسأل الله أن يبعد عنا أهل النار، في هذه الساعة اسأل الله جل في علاه أن يجعلنا من المقبولين.
يقول تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ} هذا صنيع أهل النار، هم في النار ويقولون نجعلهما تحت أقدامنا.
الله ماذا يقول عن المؤمنين؟
يقول تعالى:
{ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}.
المؤمن لا يعرف إلا الكلام الطيب في المُحب والمُبغض، فيقول الكلام الطيب وعنده عفة في اللسان ويسع الناس بالأخلاق ، كان شيخنا الألباني -رحمه الله- يقول كلمات، كان يقول: كنت في فترة أعتقد أن مصيبتنا في المعتقد -العقيدة- ثم تبيّن لي أن مشكلتنا في أخلاقنا، وأردء خُلُق على الإطلاق هو البغي، ولذا من حكمة الله كما ثبتت في الحديث الصحيح أسرع ما يُعاقِب الله بخُلُقين “البغي وقطيعة الرحم”
فالبغي.
قطيعة الرحم الله يُعاقِب عليهما نسأل الله أن لا نكون من المُعَاقَبين.
في بغي، والواجب علينا العدل، في بغي بيننا، مثلا الأخ فلان خالفني في مسألة والخلاف فيها واسع واختلف فيها من قبلنا فيصبح أنا الآن همي أسقط فلان وهو يسقطني وأنا أتكلم وهو يتكلم، أنا أزيد فتر وهو يزيد شبر، الشبر أزيده أنا باع وهو يزيد ذراع وهكذا وتبدأ كما يقولون بشرارة، ومشكلة كل الدعوات الحزبية هذه الأيام تكمُن في أن أصحابها غيرُ مؤصلين علمياً، الذي ليس عنده تأصيل علمي سيتعبك شديدا.

لذا نصيحتي لإخواني أن يحرصوا على العلم الشرعي وأن يمتثلوا ما دلَّ عليه العلم الشرعي الوارد في نصوص الكتاب والسنة ويُمّتَثَل ، وعلى أن يكون خُلق، وهذا الخُلق يكون منطبعاً في النفس ولا يكون هذا الخُلق خُلقاً يتفلت صاحبه منه.
الأخلاق قسمان:
الله عز وجل خَلَقَ الناس عليها، وهذه الأخلاق سجية لصاحبها فيكون طبعه هكذا وهذا النوع الأول.
والأدلة عليه كثيرة ومن أشهرها قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذاك الرجل الذي جاءه يوماً كان رجل شاب لمّا دخل الوفد المدينة ومع هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم خير أهل المشرق -وافد الأشجّ عبد قيس- فهذا الأشجّ عبد قيس كان رئيس الوفد وكان مسؤولاً عن الوفد كان فيه شجّة -ضربة ظاهرة في الرأس، فالناس لما وصلوا المدينة تفلّتوا وذهبوا للنبي صلى الله عليه وسلم وهم في شوق كبير من البحرين إلى المدينة أن يروه، فالنبي صلى الله عليه وسلم فرح به فقال له صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ : الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ”.
في رواية قال كتب الله لي ذلك؟ قال نعم.
ولذا في الحديث المرفوع والدارقطني يقول عنه موقوف عن ابن مسعود في العلل قال: ” إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ، كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ”.
فهناك أخلاق كتبها الله تعالى وجُبُل الناس عليها فهذه السجية.
من أطهر السجايا؟
محمد صلى الله عليه وسلم، محمد جعله الله قدوة للأمة، ومحمد صلى الله عليه وسلم سماه الله بمحمد وأحمد، وقالوا أن محمد هو مجمع الخصال الحميدة، وأحمد الذي بلغ الغاية في كل خصلة من هذه الخصال.
الناس بخصالهم يتفاوتون، بعض الناس قد يكون مجبول على الكرم، ممكن يكون أكرم من شيخ الإسلام لأنه هو مجبول عليه، وآخر مجبول على الشجاعة.
تأمل معي الآية الآن قول الله عز وجل:
{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
تأمل التركيل البلاغي، للآية.
لو كانت الآية هكذا لقد كان لكم رسول الله أُسوة حسنة.
ما الفرق بين التركيبين؟
قدوتنا ليس أبا بكر ولا عمر وإن كان الذي يقرأ ويفلي شخصية أبو بكر وعمر خاصة يجد أن الشخصيتين مجموعتين أشبه ما تكون بالنبي صلى الله عليه وسلم، مجموعتين ليست واحدة فقط ليس أبو بكر فقط ولا عمر فقط بل الشخصيتين مجموعتين أشبه الناس بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم.
لقد كان لكم رسول الله أُسوة حسنة، ولقد كان لكم في رسول الله أُسوة حسنة، قالوا “في رسول الله” دلالة على الحصر.
وأنا أدعو إخواني واحبائي إلى أن نكون أصحاب خُلق حسن ولاسيما مع مخالفينا وكذلك المطلوب منهم شرعاً وليس مني، بل من الله عز وجل أن يُمسكوا وأن يقلعوا وأن يتوبوا إلى الله عز وجل من جمع علماء الإسلام مع اليهود هذا ظلم وحرام، وهذا لا يقوله منصف ولا يقوله عاقل، الواجب علينا أن نعترف بالإنصاف والخلاف كما قلت بين هذه المدارس العقدية والمشارب الفقهية خلاف أصيل وعميق خلاف ممتد وله جذور ولا يستطيع أحد أن يوقفه لكن يستطيع كل أحد أن يكون منصفاً وأن يكون مع الله عز وجل وأن يتقي الله عز وجل في كلامه، فإن تكلم فيتقي الله جل في علاه في كلامه.

مداخلة الأخ السائل:
شيخنا ممكن أن نستشف من كلامك هذا أن ما أصابنا اليوم ما أوتينا الا من قبل ذنوبنا؟

الشيخ مشهور:
بلا شك.
قال تعالى:
{ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}.
لو أصابنا بذنوبنا من غير فضل من الله وعفو قال: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ}.
وحقيقة هذا فرق بين المُتَّبِع للكتاب والسنة وبين ذاك الصنف الطائش، المُتَّبِع للكتاب والسنة والدارس لحياة الأنبياء إذا وقع في مشكلة كما وقع يونس عليه السلام لمّا وقع يونس عليه السلام وبلعه الحوت ماذا قال؟
قال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ردَّ المشكلة والأمر لنفسه.
فالمُتّبع للكتاب والسنة يعلم هذا ومتيقن من هذا، لكن الغير مُتَّبِع للكتاب والسنة يبدء بالتفتيش عن أخلاق وعن مساوء الآخرين ولا يُعلق الغلط به، والفرق كبير بين هذا وذاك.✍️✍️

↩ رابط الفتوى:

الأخلاق عالية.

◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor