السؤال: شيخنا الآن بعض الأخوة الذين يهتمون كثيراً في دراسة الفقه على طريق المذهب ولا يريدك أنت أن تخرج عن هذه الطريقة، يعني لا يجعلونه حتى فقط في البداية طالب العلم ربما يحتاج إلى أن يكون على المذهب حتى يضبط ثم بعد ذلك ينظر في الأدلّة، لكن هم يريدونك في بداية الطلب وتستمر على ذلك، ويزعمون أن النوازل إذا نزلت إذا لم يكن طالب العلم يسير على قواعد مذهب معين لا يستطيع أن يحكم على النازلة.

السؤال:
شيخنا الآن بعض الأخوة الذين يهتمون كثيراً في دراسة الفقه على طريق المذهب ولا يريدك أنت أن تخرج عن هذه الطريقة، يعني لا يجعلونه حتى فقط في البداية طالب العلم ربما يحتاج إلى أن يكون على المذهب حتى يضبط ثم بعد ذلك ينظر في الأدلّة، لكن هم يريدونك في بداية الطلب وتستمر على ذلك، ويزعمون أن النوازل إذا نزلت إذا لم يكن طالب العلم يسير على قواعد مذهب معين لا يستطيع أن يحكم على النازلة.

الجواب:
بارك الله فيك.
أنصح هؤلاء الإخوان أن يقرأوا رسالة صغيرة للخطيب البغدادي اسمها (نصيحة أهل الحديث)، ركّز فيها على أن الفقيه بحاجة للمُحدّث وأن المحدّث بحاجة للفقيه.
وعلم الحديث والفقه كالوجهان للعملة الواحدة، فالعملة لا تروج بوجه، وحتى تروج العملة لا بد لها من وجهين .
فالحديث والفقه وجهان لعملة واحدة.
هذه واحدة.
الأصل فيمن أراد أن يُقيس أن يقيس بيقين وتكون الأصول عنده والأحكام قائمة على الأدلة، فالأدلة الشرعية النقلية تَفي بحاجات الناس إلى يوم الدين، والشريعة معلّلة.
والفرق بين الظاهرية وبين أهل الحديث:
أن أهل الحديث يعملون بالقياس ضرورةً وأما الظاهرية يجمدون على الألفاظ، وهنالك مزلّة يُخطئ فيها كثير من الطلبة وهي الموائمة بين الحديث والمعنى، فإعمال الأدلة النقلية ومتى الشرع يأذن بالتوسع فيها واجب ومتى الشرع لايأذن بالتوسع فيها وأن نجمد على اللفظ فهذا واجب، فمن يعمل على إلغاء إعمال المعاني مُخطئ ومن يتوسع في إعمال المعاني مخطئ، من صنع هذا ومن صنع هذا.
وأضرب لك مثلاً في مسألة الوالدين، أضرب مثل في العطية وفي الهبة حديث نعمان بن بشير في الصحيحين، نحل ولده نِحلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: انَحلت سائر أولادك مثلها؟
قال:لا.
قال: إني لاأشهد على جور.
ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم:
أَلا تحب أن يكونوا لك في البر سواء؟فالعطية ليست خاصة بالأب، فالأم كذلك، للعلّة المذكورة في الحديث وهي أن يكونوا لك في البر سواء، والبر أمر مشترك بين الأب والأم.
خذ الآن العطية،
العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه إلا الوالد لولده.
فالوالد إن أعطى له أن يرجع، أما الأم إن أعطت فليس لها أن ترجع لقول النبي صلى الله عليه وسلم إلا الوالد، فَنُعمل اللفظ ولا نتوسع في المعنى لأن القرينة معدومة عندنا، الأم صاحبة عاطفة نقول لها ما تعطي إذا أعطيتي أعطي بالسوية وإذا أعطيتي ليس لكِ أن ترجعي، الأب له أن يرجع، سواء لولد أو لجميع الأولاد، له اليوم يقول لهم خذوا يا أولادي مائة ألف مائة ألف وثاني يوم يقول لهم كل واحد يحضر لي المئة ألف، الوالد له ذلك.
لقوله عليه الصلاة والسلام إلا الوالد لولده.
أما الأم إن أعطت فليس لها أن ترجع.
فهناك في موضوع السوية في العطية جاءتنا قرينة البر فعممنا وتوسّعنا في المعنى وهناك قال إلا الوالد لولده وقفنا على اللفظ وما توسعنا فيه.
هذا هو مذهب أهل الحديث خلافاً لمذهب أهل الظاهر الذين يُلغون المعاني بالكلية.
وبالتالي بارك الله فيك إعمال المعاني من المسائل المهمة، وأخذ الفقه من الأدلة النقلية من الأمور المهمات وتُسعف إذا انتبهنا بكليات مذكورة عند الفقهاء فالمذاهب مهما أتى الله أصحابها قوة في النظر وعلو كعب في العلم لا تفي بحاجات الخلق إلى يوم الدين، الذي يفي بحاجات الخلق هو قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم.
تأمل معي.
النبي صلى الله عليه وسلم طاف ورمى وهو راكب.
لماذا؟
حتى يعلمنا أن الرمي في الدور الثاني والثالث والرابع مشروع، وأن توسعة المسعى كذلك، وأن الرمي غير المطاف كذلك.
هذا ما في أدلة، هي نوازل مالها قواعد لكن لها أدلة.
والعلم أصلاً ترتيبه أولاً يُعمل بالأدلة النقلية، فإن تعذر الأدلة النقلية نأتي إلى أُصولها ثم التخريج عليها، فإن تعذر القاعدة العامة، فإن تعذر مقاصد الشريعة العامة،
فالأصل أن نتدرج بهذا التدرج.
ابن تيمية له كتاب “رفع الملام عن الأئمة الأعلام”،
قال :طالب العلم لابد له من مذهب ليتعلم، يُتعلّم على مذهب فلاحرج لكن لا يتعصب للمذهب، فمتى وٓجد قول إمامه خالف نصاً فليقل المسألة سهلة قل إمامي معذور بتركه لهذا الحديث وأنا معذور بتركي لقول إمامي ويبقى الأمر الذي يحكم بين الناس الأدلة النقلية، أما أن ترد كلام النبي صلى الله عليه وسلم بحجة إني أنا على مذهب فلان فهذا والعياذ بالله تعالى معصية، ليست طاعة.
فأنا الأصل أن أعمل بالدليل، ومتى وجدت إمامي خالف النص، وهذا صنيع كل من اشتغل بالحديث من الفقهاء.
انظر النووي، انظر ابن الحجر، انظر ابن تيمية انظر ابن رجب، انظر ابن القيم، كل علماء الأمة على هذا المسير.
وفقنا الله وإياكم إلى الخيرات.

مداخلة الأخ السائل:
شيخنا هل يمكن أن يكون هناك قول للظاهرية تفرد به الظاهرية ويكون هو الصحيح؟

الجواب:
ممكن.
وهذا الذي فعله شيخ الإسلام كثيراً.
شيخ الإسلام شبعان ريّان من ابن حزم.
الآن انظر إلى المدرسة الشامية السلفية والمدرسة الحجازية، الشامية قديم وحديث، الشامية تأثرت بابن حزم.
ابن تيمية رحمه الله تعالى له أقوال انفرد بها عن الحنابلة، ماقال بها الحنابلة.
فبعض الناس كان يقول أنت تُدرّس لأنك تُدرّس مدرسة الحنابلة وتأخذ راتبك الشهري لتدريسك للحنابلة فكان شيخ الإسلام يقول أنا أُدرّس لأني أعرف المذهب ولكني لا أُقرر إلا ما وافق الشرع، فأنا أدرس بمدرسة الحنابلة لأني أعرف المذهب
انظر إلى مسألة العذر والجهل، الحجازيون النجديون للآن لا يعذرون بالجهل أبداً، ابن تيمية يعذر بالجهل وابن تيمية أخذ العذر بالجهل من ابن حزم، ما أخذه من الحنابلة.
الآن كل الحنابلة لما تقول العذر بالجهل يقولون مرفوض.
لماذا؟
قال لأنه ماورد في المذهب.
صحيح ماورد في المذهب.
لكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى رأى ابن حزم أصاب في هذه المسألة وهي أصل، ليست مسألة فرعية، فهي أصل يترتب عليها إيمان وكفر، فقال بالعذر، هو أخذه من ابن حزم وما أخذه من أحد من الحنابلة.
فيمكن ابن حزم يصيب؟، ممكن جداً يصيب، لأن ابن حزم ليس عنده أن المذاهب أربعة فقط ولازم يكون الصواب في الأربعة،ابن حزم عنده الأئمة أربعمئة، من الصحابة والتابعين فمن بعدهم فمتى أصاب واحداً منهم قال به.
ابن حزم ماله مسألة إلا وله عليها أدلة، وأحياناً الدليل لا يكون مرفوعاً أحياناً يأتي بالموقوف ويأتي بالمقطوع من قول التابعي وتابع التابعي.

مداخلة الأخ السائل:
شيخنا،أنا أقصد بقول إذا تفرد به الظاهرية ولم يُسبق أحد قبلهم بهذا القول، يعني أول من قال به الظاهرية، لا أقصد فقط المذاهب الأربعة.

الجواب:
أنت تتكلم بتنظير.
قلت لك أن تأتي مثال فلن تستطيع أن تأتي به.
هات مثال انفرد به ابن حزم عن سائر علماء الأمة،لن تجد لأن ابن حزم دائماً يأتي بمستند بمن سبقه إلا النوازل، فالنوازل تُخرّج على أصول، فالأصول منها المقبول ومنها غير المقبول، أحياناً العلة في النوازل في فهم أصل المسألة، يعني كيف تُخرّج على الأصل.
خذ مثلاً مسألة التلقيح الاصطناعي.
التلقيح الاصطناعي له صور، من بين الصور أن تكون البويضة صالحة، والحيوانات المنوية صالحة، العلة في الرحم، مافي رحم سليم يحمل، فتؤخذ البويضة الملقحة فتُزرع في رحم إمرأة أُخرى، هذا يسمّوه شد الجنين، لأننا أخذنا البويضة من الأم وأخذنا الحيوان المنوي من الأب وصار التلقيح خارج الرحم وأدخلناه في رحم آخر، في رحم إمرأة ثانية، الآن من الأم؟هل الأصل في المسألة”
((إِنۡ أُمَّهَـٰتُهُمۡ إِلَّا ٱلَّـٰۤـِٔی وَلَدۡنَهُمۡۚ))؟فالتي ولدت هي الأم، فإذا الذي ولدت هي الأم فالأولى صارت أجنبية والزوج صار معتدي، أم من أحيا أرضاً مواتاً فهي له؟ صار أجنبي، وإلا ممن أُخذت البويضة؟
فأحياناً نفس النازلة فيها اجتهاد، يعني كلها ليست قطعية، وأحياناً تكون النوازل بعيدة.
يعني نحن رجال كلنا، هل تسمع بابن عبد ربه؟
لأ.
هو صاحب العقد الفريد تسمع فيه.
العقد الفريد في الأدب.
واحد من خلفاء بني عباس،خلفاء بنو عباس كانوا مغرمين بالنساء والتمتع بالنساء ولو كل حكام الدنيا اليوم ما يبلغون معشار واحد منهم، كانوا أهل طعام وأهل نساء، يعني معروف عنهم هذا قديماً وما أحد كفّرهم، كثير من الناس الذين يكفرّوا الحكام لا يعرفون الحكام السابقين.
المهم رجل خليفة كبير وقوة الباءة عنده ضعيفة، يحتاج لوقت حتى يأتي النساء، فاجتمعت عليه عدة جواري، و أحلّ الله له هؤلاء الجواري، فبدأ يداعبهن ويداعبنه حتى استطاع أن يستجمع قوته بعد جهد، فقال لهن من آتي؟
فكانت جارية ذكية منهن، فقالت من أحيا أرضاً مواتاً فهي له،فالذي يحتج بمن أحيا أرضاً مواتاً فهي له في هذه النازلة كاحتجاج هذه الجارية بذاك الحديث، هذا احتجاج بارد وذاك احتجاج بارد.
✍️✍️

↩ رابط الفتوى:

السؤال: شيخنا الآن بعض الأخوة الذين يهتمون كثيراً في دراسة الفقه على طريق المذهب ولا يريدك أنت أن تخرج عن هذه الطريقة، يعني لا يجعلونه حتى فقط في البداية طالب العلم ربما يحتاج إلى أن يكون على المذهب حتى يضبط ثم بعد ذلك ينظر في الأدلّة، لكن هم يريدونك في بداية الطلب وتستمر على ذلك، ويزعمون أن النوازل إذا نزلت إذا لم يكن طالب العلم يسير على قواعد مذهب معين لا يستطيع أن يحكم على النازلة.

◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor