السؤال: أحسن الله إليكم شيخنا، هل أصاب الشيخ الألباني في الأحاديث التي ضعّفها في الصحيحين؟

السؤال:
أحسن الله إليكم شيخنا، هل أصاب الشيخ الألباني في الأحاديث التي ضعّفها في الصحيحين؟

الجواب:
أنا سمعت شيخنا الألباني وسألته مرتين في وقتين متباعدين عن تضعيفه لأحاديث في الصحيحين فأجابني في المرتين بقوله رحمه الله تعالى: ما ضعّفت شيئًا في الصحيحين إلّا وأنا مسبوقٌ به.
يقول الإمام ابن الصلاح في مقدمته في علوم الحديث: وأجمع أهل العلم على صحة ما في الصحيحين سوى أحرف يسيرة تُكلِّم فيها.

هذه ليست للعامّة، اليوم مشكلة المسلمين في قضايا العلم أنّ العلم ليس على طبقات، ابن عبد البر يقول العلم طبقات ومن انتقل من منزلة إلى التي بعدها دون أن يمرّ بالتي قبلها ضلّ وأضل وزلّ وأزل فالعلم منازل ودرجات.

اليوم كل العلم درجة واحدة، أنت تُسأل عن مسائل غير مؤهل لها، انت لست اهلًا لها.

فالكلام في أحاديث الصحيحين كلامٌ محصورٌ بين الطبقة العليا من المُحدِّثين، وليست هي مشاع على ألسنة العوام وأمّا العوام إن سُئِلوا فيقال أنّ كل ما في الصحيحين صحيح .

سُئِل إمام الحرمين الجويني عن صحّة الصحيحين فقال رحمه الله تعالى: لو أن رجلًا حمل صحيح البخاري بيمينه وحمل صحيح مسلم بيساره ثم قال زوجتي طالق إن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال جميع ما في هذين الكتابين فهي لا تطلق.
لا يوجد من يقول حديث البخاري ضعيف؛ بمعنى ليس له وجود فقط أحرف قليلة.

الحديث الطويل الذي فيه قصّة من صلّى خلف معاذ لمّا قرأ معاذ بالبقرة، في رواية في البخاري تقول ”فسلّم“، شيخنا يقول كلمة ”فسلّم“ ضعيفة، لكن الحديث صحيح متفق عليه لكن كلمة ”فسلّم“ ضعيفة في البخاري، يقول الشيخ الألباني الذي جعلني أكتب أنها ضعيفة إعلال الإمام البيهقي لها، يعني لولا أن الإمام البيهقي أعلّها ما أعللتها.

ويأتي اليوم من لا يفهم في مُصطلحات العلماء ومُراد العلماء من كلامهم فيقول الشيخ الألباني ضعّف البخاري، والشيخ الألباني رحمه الله تعالى قال لفظة ”فسلّم“ ضعيفة.
الحديث طويل في نحو صفحتين، وهناك رواية في الصحيح أن الرجل أتم صلاته ورواية فسلّم.
هذا المسكين الفلاح الذي صلّى خلف معاذ فتعب ماذا فعل؟ أتمّ صلاته وخرج، وليس أنه سلّم وخرج، يعني الكلام بالمقارنة مع الروايات الأخرى أنه أتمّ صلاته وخرج ولم يسلِّم، ولو سلّم ما صلّى إذن.
حتى نستفيد فائدة، لو كنت تصلّي وجاءك سبب أو خاطر أو جاءك شيء انت تيقّنت عليه والإمام أطال ماذا تفعل؟ تسلِّم أم تكمل صلاتك لوحدك ثم تخرج؟ ما هو الأحسن لك في دينك ودنياك؟ والأمر بالمناسبة ليس مزاجيا بل إذا اضطررت إليه اضطرارًا شديدًا وشعرت أنك لا تستطيع أن تُتَمِّم الصلاة فالفقه هنا هو أن تُكمِل الفرض وحدك ثم تخرج وليس أن تُسلِّم وتخرج.
المقصود أنّ هذه المسائل لأهل الصنعة وليست للطعن في الصحيح؛ فبعض الناس من هذه النقاط يتسلل للطعن في الصحيح -هذا خطأ.
للصحيحين منزلةٌ كالجبالِ الرواسي، ولا يقلِّل من شأن صحيح البخاري وصحيح مسلم إلّا مبتدع.
الصحيحين ليس لأن البخاري ألّف صحيحه ولا لأن مسلما ألّف صحيحه، الصحيحان أجمعَ أهلُ العلمِ قاطبةً من بعد البخاري ومسلم إلى هذه الأيام مِن أهل الصنعة الحديثية أنّ جميع ما فيهما صحيح.
الذي يضعِّف صحيح البخاري وصحيح مسلم إذا لم يكن من أهل الصنعة وإذا لم يعرف ماذا يصنع فالطعن في الصحيحين هذا علامة على البدعة؛ لأن الطعن في الصحيحين طعن في ما أجمع عليه المحدّثون ممن جاؤوا بعد الصحيحين، هذه نقطة ينبغي أن يُنتبه إليها.

هذا والله أعلم.

⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٣ – صفر – ١٤٤٤هـ
٩ – ٩ – ٢٠٢٢م

↩ رابط الفتوى:

السؤال: أحسن الله إليكم شيخنا، هل أصاب الشيخ الألباني في الأحاديث التي ضعّفها في الصحيحين؟

⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor