السّؤال: لي والد يلعبُ القِمار، ويُجبِرُنِي -وأخي- بدفعِ مبلغٍ أُسبُوعيّ له، قَدره: مائتا دينار، فما توجيهكم؟

السّؤال:
لي والد يلعبُ القِمار، ويُجبِرُنِي -وأخي- بدفعِ مبلغٍ أُسبُوعيّ له، قَدره: مائتا دينار، فما توجيهكم؟

الجواب:
هذه إعانةٌ مُباشرةٌ على المُنكر، والله -عزّ وجلّ- يقول: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ}  [المائدة:٢].
الواجب عليك أن تنصحه.

القِمار -نسأل الله العافية- فيه إدمان، المُقامر مُدمِن، ولذا من سِرِّ اقتران الخمر بالميسر في قوله -تعالى-:
{إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ} [المائدة:٩٠].
سِرّ الاقتران: (الإدمان).
فالعلماء يقولون: الكأس في الخمر تدعو إلى كأس، وأمّا في القمار، فيقولون: الدِّستُ في القمار يدعو إلى دِست.
ما معنى دِست؟
شَوْط (جُزءٌ من عمل مُقسّم)، اللّعبة تدعو إلى أُخرى، بل المُصلّي الّذي يشرب الخمر، والمصلّي الذي يُقامر، وَهُو في الصّلاة ينتابه دومًا شُعور شرب الخمر، والشّعور بالقمار.
وكذلك الزّنا -نسأل الله العافية- به إدمان، الله -تعالى- يقول عن الزنا:
{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [اﻹسراء:٣٢].
(السّبيل): هو الطّريق المُمَهّد المسلوك.
فالّذي يزني مرّةً -نسأل الله العافية- إذا لم يكبح جِماح نفسه؛ يصبحُ الزّنا سبيلاً له، كالخمر والميسر.

قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الصّحيح: “مدمنُ خمرٍ كعابدِ وثنٍ”.
أخرجه أحمد (2453)، والبزّار (5085)، وابن حبّان (5347) .

يُصبح الإنسان لا إرادة له، الّذي يُقامر والّذي يشرب الخمر.

فبالتّالي:
إذا وجدت من أبيك إلحاحًا وشدّةً؛ فوطِّن نفسك على الثّبات على عدم الاستجابة لهذا الإلحاح، فالقمار إدمان، والمدمن ينبغي أن يكون له علاج، والعلاج ينبغي أن يكون قاسيًا، ومن باب برّك بأبيك ألّا تعطيه المال للقمار.

بعضُ النّاس يتوهّم أنّهُ إذا ما أعطَيتُ أبي؛ فأنا مغضوبٌ عليَّ، وأنا عاق.
لا، برُّكَ بأبيك يستدعي ألّا تعطيه، وألّا تُعينه على المعصية، هذا برّك بابيك، ليس البرّ أن تلبي حاجة أبيك في كلّ ما يريد.
النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول:
“لا طاعةَ لمَخلوقٍ في مَعصيةِ اللهِ”.
رواه أحمد (١٠٥٩)، وصحّحه العلّامة الألباني في “صحيح الجامع”، برقم: (٧٥٢٠).
فالمخلوق -وإن كان أبًا، وإن كان كبيرًا، وإن كان مسؤولًا- إن طلب منك معصية؛ (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، هذا كلام النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.
فأنت من برّك بأبيك أن تتعهّده، وأن يعيش أبوك كما تعيش أنت، هذا البرّ بأبيك، فعائشة -رضي الله عنها- تقول: (يد الوالد مبسوطةٌ في مال ابنه).

وهذا معنى قول النّبي- صلّى الله عليه وسلّم-: “أنتَ ومالُكَ لأبيكَ”.
أخرجه أبو داود (3530)، وابن ماجه (2292)، وأحمد (7001).

ما معنى  أنت ومالك لأبيك؟
ليس كلّ مالك لأبيك، إذا كان كلّ مالك لأبيك، فكيف يكون للأب السّدس حينَ تموت؟
حين يموت الولد أبوهُ يأخذ السُدس؛ {وَلِأَبَوَيهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ}  [النّساء:١١].

فأنت ومالك ولأبيك، معناه: يدهُ مبسوطةٌ في مالك، وإن أخذ من مالك خُفية دون أن تعلم ليس بسارق، ولا تُقطع يده، يده مبسوطةٌ.
لكن ليس لك أن تشتري لأبيك خمرًا، وليس لك أن تعطي أباك مالاً ليُقامِرَ فيه.
فالواجب عليك أن تبرّه، ومن البرّ بالأب: ألّا يلعب القمار.

والله -تعالى- أعلم.

⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٩ – صفر – ١٤٤٤هـ
١٦ – ٩ – ٢٠٢٢م

↩ رابط الفتوى:

السّؤال: لي والد يلعبُ القِمار، ويُجبِرُنِي -وأخي- بدفعِ مبلغٍ أُسبُوعيّ له، قَدره: مائتا دينار، فما توجيهكم؟

⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام:
t.me/meshhoor