السؤال:
قضية أن خلع الخفين الممسوح عليهما لا ينقض الوضوء، يعتبر هذا شيخنا عند المذهبيين مثال واضحٌ على مخالفة السلفيين للمذاهب الأربعة، ويقولون أن المذاهب الأربعة -وهي مذاهبنا شيخنا كما تعلمنا منكم- هي اجتهاد جماعي متصل السند بالرواية عن الصحابة -رضي الله عنهم-، على خلاف النظر الفردي في الأدلة الذي يكون عند فلان وفلان من الأئمة.
– أولا: ما هو القول الراجح في المسألة؟
الجواب:
المقدمة التي تكلمت فيها وتفضلت بها صحيحة.
فالحكم الفقهي لا يؤخذ بالنص الواحد، وإنما الحكم الفقهي يؤخذ من مجموع ما ورد في باب من أحاديث ٍ وآثار.
ولذا العلماء لما يذكرون الأدلة يقولون: الكتاب؛ ثم يقولون: السنة؛ ثم يقولون: أقوال الصحابة.
والكتاب يكفي، ولكن ذكر السنة لكي يبين أن الآية ما خصصت، أو أن الآية ما قيدت، أو أن الآية ما نسخت، أو ما شابه.
وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- حجة، لكن يقولون قال الصحابة -رضي الله تعالى عنهم-، حتى يُذكر أن هذا الحديث عليه العمل، وأن الحجة إنما هو بالعمل الذي استقر في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي زمن أصحابه.
ولذا العلماء لا يأخذون بدليلٍ واحد. فكما أن الإنسان لا يقال عنه برأسه فقط وإنما يقال عنه رأس بجميع أعضائه، فكذلك الحكم الفقي لا يؤخذ من مسألةٍ ودليلٍ واحد، وإنما يؤخذ من مجموع ما ورد في الباب من أدلة.
هذه المسألة.
الآن النواقض، النواقض في الوضوء لا تقبل الاجتهاد والقياس فيها ضعيف، إذ تلمُّس العلة ضعيف.
وبالتالي المسح اعتبره الشرع، والاحاديث الواردة فيه متواترة، ورد عن أكثر من سبعين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جواز المسح على الخفين.
ولذا كان أهل السنة وسط بين الروافض الذين يجوزون المسح على القدمين دون خفين، وبين الخوارج الذين يمنعون المسح على الجوربين المُنعَّلَيْن.
ولذا من المعلوم أن من عقائد أهل السنة ما أصبح شعاراً لهم، ولو لم يخالف المبتدعون في هذه المسائل لما أدرجت كثير من المسائل في المعتقد.
ومنه يُعلم: أن ليس كل من خالف في مسألةٍ مدرجة في كتب العقيدة أنه كافر، بل قد يُضلل، يكتفى بتضليله دون تكفيره، وإن خالف في مسألةٍ لا سيما من هذه المسائل التي أصبحت شعاراً لأهل السنة.
ولذا قال الإمام الطحاوي في عقيدته: (ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر، كما جاء في الأثر.)
فالأمور ثابتة.
الآن من خلع خفه قبل أن يخلع الخف قلنا له: الوضوء صحيح؟
قال: صحيح.
قلنا : الآن خلعناه.
قال: الوضوء نقض.
قلنا: لِمَ نُقِض الوضوء؟
نحتاج لدليل.
ما وجدنا دليلاً.
تنازع في هذا.
نقول له خذ مسألةً أخرى:
رجلٌ توضأ في بيته وخرج، نظر في الساعة فوجد وقتاً للأذان.
فقال: أذهب إلى الحلاق احلق رأسي ثم أذهب للمسجد أصلي.
فذهب للحلاق وحلق رأسه.
فالشعر الممسوح عليه حُلِق.
فماذا عليه؟
قال: لا شيء.
ما الفرق؟
هذا حلق شعره وهذا خلع خفه.
هذا بالنسبة للنظر.
وبالنسبة إلى الأدلة فكيف وقد ثبت في مصنف أبن أبي شيبة بإسناد صحيح أن أبا بكر وعلي رضي الله تعالى عنهما مسحا وخلعا وصليا.
لكن نقول لمن لم ينشرح صدره لهذا: إن أنت رأيت أن تجدد وضوءك، لا حرج، جدد وضوئك وتوضأ.
فإذا أردت أن تقول الفتوى والتقوى، وتريد أن تلتزم بالتقوى، وأن تبقى مع الأئمة الأربعة ما نقول لك هل عليك حرج، فعلت الذي في نظرك أن فيه احتياطا وأن فيه موافقةً لمن أرضى.
لكن في المباحثة العلمية والتدقيق العلمي والأدلة العلمية أنت مطالب، أنت الآن تعبدت الله تعالى بالتقوى هذا أمرك، أنت وشأنك، أنت وطمأنينة قلبك.
وأما أن تفتي بمن قامت عندهم الأدلة على أن صلاتهم باطلة فهذا أمر عظيم وأمر شديد.
ونطالب هؤلاء الإخوة: بأن يراعوا الخلاف وأن ينظروا لمسائل الخلاف بعينٍ فيها إنصاف واعتمادٍ للأدلة واعتماد للقواعد المتبعة عند أهل العلم.
مداخلة الأخ المتصل؛
هم شيخنا يريدون أن يقولوا أن المذاهب الأربعة كما ذكرت لكم شيخنا وتفضلتم بما أنها اجتهاد جماعي متصل السند بالرواية عن الصحابة فكل من خالف الآن هم يريدون شيخاً تعييناً….
الشيخ مشهور حسن:
هذا خطأ.
وهذا بينت خطأه سابقا.
قلت:
أن إجماع الأئمة الأربعة ليس إجماع، ولم يقل واحدٌ من الناس أنه إجماع. ولكن للأسف تعظيم النصوص هذا الذي نحتاجه، تعظيم الوحيين هو الشيء الذي ينبغي أن ننادي به.
أنا أسألكم سؤالاً آخر ومسألة مهمة.
ما هي الأدلة الكلية المعتمدة عند علماء الأصول؟
عندهم جميعاً شيخنا؟
عند جميع العلماء المعتبرين من أهل السنة؟
الكتاب والسنة والقياس والإجماع.
والواقع بأن الأدلة هي عبارة عن كتاب وسنة.
لماذا؟
الإجماع حجة إذا وقع، لكن لا يمكن أن تجمع الأمة على غير نص، لكن لا يلزم أن يعلم الناس النص، لكن العلماء لا يجمعون إلا على نص.
الآن القياس.
ما هو القياس؟
إلحاق فرع بأصل، لجامع بينهما.
في القياس هل القياس يظهر حكم أم ينشأ حكما؟
يظهر حكما.
لأن الإنشاء عند من أنزل الأصل.
والأصل الكتاب والسنة.
القياس هو عبارة عن إظهار أمر خفي.
ولكن أين الادلة الآن كلها أصبحت؟
في الكتاب والسنة.
لذا الذي يدمن على قراءة كتب السلف من الصحابة إلى هذا الوقت ممن انتهجوا هذا المنهج دائما، يقررون ويؤكدون أن في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الغنية.
ماذا يريدون هؤلاء الذين يقولون إجماع الأئمة الأربعة؟
يريدون قطع الناس عن نصوص الكتاب والسنة.
فإذا قطعت الناس عن نصوص الكتاب والسنة ضعف الناس، واستطاعوا أن يمرروا ما يريدون بالطريقة التي يشتهون، إذا ما بقي أمامهم من يقول كتاب وسنة.
الآن آخر شيء خرج عند الناس البيت الإبراهيمي،وقل مثل هذا كثير.
الذي ينتظر الأمة من مؤامرات وشدائد وبلايا وترويج أفكار هدامة وما شابه، لا يمكن لأحد أن يقاوم هذا التيار إلا أن يقول كتاب وسنة.
ولذا أصبح القول كتاب وسنة يغلف بفقه الأئمة الأربعة.
لكن الأئمة الأربعة ابقوا على أقوالهم واثبتوا عليها.
ولكن أنتم لا تريدون تقريرات الأئمة الأربعة من أجل الأئمة الأربعة، بل من أجل قطع الناس عن الكتاب والسنة، وهذا القطع من وراءه مؤامرات كثيرة جدا، وإلا عند التدقيق والتحقيق نحن أسعد الناس بالأئمة الأربعة، ومهما حولوا وحرفوا فنبقى على تقرير الأئمة الأربعة، وإن خالفنا الأئمة الأربعة نخالفهم في جزيئات يسيرة.
وأما هم يريدون أن ينسفوا الدين باسم الأئمة الأربعة حتى يقطع الناس عن الكتاب والسنة.
وهذا ملحظ ومدرك مهم جدا ينبغي أن يدركه كل عاقل.✍️✍️
↩️ الرابط:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor