لَقد كانَ الإمامُ أحمد يُصلّي ثلاثمائة ركعهٍ تطوعًا، فإذا كُنتُ أُريدُ أن أُصَلِيَ هَذا العدد، فكيفَ ومتى؟

السّؤال :
لَقد كانَ الإمامُ أحمد يُصلّي ثلاثمائة ركعهٍ تطوعًا، فإذا كُنتُ أُريدُ أن أُصَلِيَ هَذا العدد، فكيفَ ومتى؟

الجواب :
أولًا: افحص استعدادك.
إخواني، هُنالك فقهٌ في التّوغل في العِبادة، ومَدارُ هذا الفقه على أن تثبُت ولا تَنقَطِع.
فالنّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كما ثبت في الصّحيحين: البخاري (٥٨٦١)، ومسلم (٧٨٢)، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: ” أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ”.
فالعمل الدائم القليل، خيرٌ من المنقطع الكثير.
وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: “كان عمل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- دِيمَة”.
رواه البخاري (١٩٨٧)، ومسلم (٧٨٣).
ومعنى دِيمَة: (عملٌ دائم).
وأخرج مسلمٌ في “صحيحه” (٧٤٦)، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إذا عمل عملًا أثبته”.

بعضُ النّاس -ولا سيما في أواخر حياته- يجدُ مُتسعًا في وقته، ويجدُ أُنسًا في عبادته لربّه، فيريدُ أن يُكثر من أعمال الخير، والخير مداره على:
(علمٍ نافع، وعملٍ صالح)، فيجدُ أن قلبه تعلّق بالصّلاة -وهذا أمرٌ حسن-، فيريدُ أن يُكثر، فهذا الإكثار لا حرج فيه، صليتَ ثلاثمائة، صليت خمسمائة، لكن أُثبُت، أُثبُت، صلِّ وأوغل في الخير بفقه، والضّابط والجامع أن تثبت على هذه العبادة.
من بعد طلوع الشّمس، إلى استواء الشّمس في مُنتصف السّماء -يعني: قبل أذان الظّهر بنصف ساعة-، صلِّ ما شئت، من بعد الظهر للعصر صلِّ ما شئت، ما بعد العصر -قبل اصفرار الشّمس- صلِّ ما شئت، ما بين المغرب والعشاء صلِّ ما شئت، وما بعد العشاء إلى الفجر صلِّ ما شئت.
استثنِ أوقات النهي.
والأحسنُ -في الصّلاة- التّطويل أم الإيجاز؟
أُريد أن أُصليَ نصف ساعة، وأستطيع أن أُصليَ في نصف ساعة ثمانِ ركعات، وأستطيع أن أُصليَ في نصف ساعة ركعتين، أيّهما أُصلّي: ركعتين أم ثمانِ ركعات؟
الجواب:
التّفصيل..
أهل العلم يقولون:
(الصّواب في التّفضيل التفصيل).
إذا كُنتَ عابدًا وقريبًا من الله؛ أطل الصّلاة، عائشة- رضي الله عنها- تقول:
(ما كان رسول -الله صلّى الله عليه وسلّم- يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيرِهِ عَلَى إِحدَى عَشرَةَ رَكعَةً، يُصَلِّي أَربَعًا فَلَا تَسَل عَن حُسنِهِنَّ وَ طُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَربَعًا فَلَا تَسَلْ عَن حُسنِهِنَّ وَطُولِهِنّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا).
رواه البخاري (١١٤٧)، ومسلم (٧٣٨).

يقول حذيفة -رضي الله عنه-:
(صلَّيتُ مع النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ذاتَ ليلةٍ فافتتح البقرةَ، فقلتُ يركعُ عند المائةِ، فمضَى، فقلتُ يركعُ عند المائتَيْن، فمضَى، فقلتُ يُصلِّي بها في ركعةٍ، فمضَى، فافتتح النِّساءَ فقرأها، ثمَّ افتتح آلَ عمرانَ فقرأها، يقرأُ مترسِّلًا، إذا مرَّ بآيةٍ فيها تسبيحٌ سبَّح، وإذا مرَّ بسؤالٍ سأل، وإذا مرَّ بتعوُّذٍ تعوَّذ، ثمَّ ركع فقال سبحانَ ربِّي العظيمِ، فكان ركوعُه نحوًا من قيامِه، ثمَّ رفع رأسَه فقال: سمِع اللهُ لمن حمِده، فكان قيامُه قريبًا من ركوعِه ثمَّ سجد فجعل يقولُ: سبحانَ ربِّي الأعلَى فكان سجودُه قريبًا من قيامِه). رواه مسلم (٧٧٢).

وإذا كنتَ صاحب معاصٍ، من أصحاب التّقصير في حقّ الله؛ أكثر من الرّكعات، يقول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «إنَّ العبدَ إذا قَامَ يُصلِّي أُتِي  بُذُنوبِه كُلِّها فَوُضِعَت على رأسِه وعاتِقَيهِ، فكُلَّما رَكعَ أو سَجدَ تَساقَطَت عَنهُ».
أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٢٧٣٢)، والطبراني (١٣/٣١٦) (١٤١٠٨)، والبيهقي (٤٨٨٤) وصححه الإمام الألباني في« صحيح الجامع » برقم (١٦٧١).

فصاحب الذّنوب يكثر من الرّكعات، وصاحب الطّاعات يطيل في الرّكعات، هذا هو التّفصيل عند أهل العلم.

⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٣ – صفر – ١٤٤٤هـ
٩ – ٩ – ٢٠٢٢م

↩ رابط الفتوى:

لَقد كانَ الإمامُ أحمد يُصلّي ثلاثمائة ركعهٍ تطوعًا، فإذا كُنتُ أُريدُ أن أُصَلِيَ هَذا العدد، فكيفَ ومتى؟

⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor