السؤال:
شيخنا -بارك الله فيكم- أحد الأخوة يسأل ويقول:
عمِلتُ عملاً تعبّدياً أخفيته رجاءَ الإخلاص، ثم قُدّر لي بعد ذلك فحدّثْتُ به من باب التعليم، وعند التحديث به أصابني سرورٌ ونشوة لمّا أظهرتُ العمل أمام من أظهرت، فحين رأيت الإعجاب في عيون من كلّمتُه وقع في نفسي شيء، أنني سُررتُ بإظهاره ثم ندمتُ على هذا خوفاً من أن أكون وقعتُ بالرياء.
فهل هذا الفعل شيخنا يُحبطُ العمل؟وإن كان كذلك كيف تكون التوبة؟ وهل إن وقعت التوبة يرجعُ أجر العمل شيخنا؟
الجواب:
أولاً: -بارك الله فيك- هو يسأل عن مسألة تخص موضوع التشريك في النية.
فمن كان مُخلصاً صادقاً لا بُد أن يوضع له القبول، ولابد أن يفرح بطاعته، وأن يجد إنشراح صدر، وأن يجد قبولاً في حياته، وهذا أمرٌ ليس فيه رِياء.
فأن يضع الله -عز وجل- القبول للعبد وأن يُنادى في السماء أني أحب فلان، فالملائكة تنادي: إن الله يحب فلان فأحبوه، فيوضع له القبول في الأرض، هذا أمرٌ قطْعاً لاحرج فيه، وليس هذا من الرياء في شيء.
والحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ. قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، قَالَ: ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ. وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فَيَقُولُ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ. قَالَ: فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ. قَالَ: فَيُبْغِضُونَهُ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ”مسلم٢٦٣٧.
الرياء-بارك الله فيك-: أن يكون الإنسان في أثناء عمله في توجهه أن يُشرك مع الله سبحانه وتعالى غيره.
أمّا إن وقع بعد ذلك عُجْبٌ، أن يعجب ويفخر بالعمل فالعُجب أيضاً قد يقضي على الأجر، وفرقٌ بين العُجب وبين الرِياء.
لذا يقول أهل العلم:
الواجب على العبد أن يستحضر النية قبل العمل، وأن يستحضرها في أثناء العمل حتى يتجنب الرياء، وأن يبقى مُستحضراً لها بعد العمل، حتى ينجو من العُجب.
وكان بعض السلف يقول:
لأن أنام طوال الليل وأُصبحُ نادماً، أَحَبُّ إليّ مِن أن أقوم طوال الليل وأُصبح مُعجبا.
فالرياء والعجب هذا هو الفرق بينهما.
مُجرد إنشراح الصدر، ومجرد أن الناس يُعجبون بعمل صالح هذا حال السلف.
الآن لما نقرأ عن السلف الصالح من إخلاصهم وجهادهم وعباداتهم وصيامهم وصلاتهم: هذا كلّه عرفه الناس.
والله عز وجل وضع لهم القبول، والقلوب ترقص فرحاً لمّا نسمع بأخبار السلف وكيف كانوا يصنعون، وهذا لا يُنافي الإخلاص لا من قبيل ولا من دبير، فهذا أمر خالص.
لكن العبد إن تكلم على وجه التعليم أو من باب المنّة، أو من باب التحدّث بفضل الله جل في علاه، أو مِنّة الله عليه، فلا حرج في ذلك.
وإذا وجد في نفسه شيئاً؛ فالأحسن أن لا يُكثِر من التحدث من جهة، وأن يُكثر من الاستغفار من جهة أخرى.
والله تعالى أعلم.
↩️ الرابط:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor