السؤال: حدثنا يا شيخ عن رِحلتك في طلب العلم.

السؤال:
حدثنا يا شيخ عن رِحلتك في طلب العلم.

الجواب:
أسأل الله عز وجل أن يجعلني و إياكم من الموَفَّقين و أن يُحينا طلبة علم و أن يُميتنا طلبة علم، فقد قيل لأحمد يا أبا عبدالله إلى متى مع المَحْبرة فقال الإمام أحمد رحمه الله إلى المقبرة “مع المَحْبرة الى المقبرة”.

فالواجب على المسلم أن يكون طالب عِلم.

وحبب الله إليَّ طلب العلم منذ صغري، وقرأت قراءة كثيرة يا ليتني فهمت ما قرأت، فكنت أقرأ في صغري أكثر بكثير من قراءتي في كبري.
فمما قرأت تفسير الألوسي و تفسير القرطبي وتفسير ابن كثير، ومررت بكثير من كتب الفقه بفضل الله عَلَي ، فقرات قسم من المجموع كبيراً و من المُغْني و من المُحَلَّى و فتح الباري بفضل الله قراءته و قراءت المُطولات.
لكن يا ليتني أستطيع أن أقرأ الآن ما كنت قد قرأته في بداية الطلب، و بهذه المناسبة أقول لإخواني مُذكرا بقول عمر: ” تفقهوا قبل أن تُسَوَّدوا ” تفقه قبل أن تصبح صاحب مسؤولية، سواء مسؤولية التدريس والتعليم والفتوى أو مسؤولية في الأسرة و الزوجة و الولد فالإنسان الفارغ في نعمة لا يعلمها إلا الله، ولاسِيَّما إذا كان هذا الفراغ مع صحة.
و قد ثبت في الصحيحين أن النبي ﷺ قال: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة و الفراغ.
الحديث: رقم 6412 حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، هُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ “. قَالَ عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ : حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.” رواه البخاري
ولا يعرف الفراغ و قيمة الفراغ إلا المشغول بالخير.

فو الله لو كان الوقت يُباع لبعت بيتي واشتريت وقتا، فإن الوقت أثمن ما يمكن.

ولذا طالب العلم بعد الرحلة التي يسر الله لي في الطلب كلما تقدم في الطلب عَلِم أهمية العلماء و أهمية الكتب و أهمية الوقت.
كلما الإنسان تقدم في الطلب عَلِم أهمية ثلاثة أمور الأمر الأول أهمية الوقت.

فطالب العلم راس ماله الوقت فإذا طالب العِلْم لهى كما يلهو الناس و انبسط و أكل و شرب و ذهب و جاء كما يفعل سائر الناس لن يتقدم.
فطالب العلم ينبغي أن يحرص على وقته ولذا قالوا: ينبغي على طالب العلم أن يُسرع في أكله و أن يُسرع في شربه و أن يُسرع في مشيه.
طالب العلم كلما تقدم في الطلب يحتاج إلى الوقت و شعر أن مسائل العلم كثيرة و ثقيلة و شديدة و إذا لم يُيَسرها الله عز وجل فلن يتمكن منها.
فطالب العلم يشعر بضرورة الاستعانة بالله فكما أن العبادة لله فالاستعانة به، فالعلم ثقيل وثقيل جداً إلا على من يسره الله إليه.

فطالب العلم يعلم أن الله جل في علاه يَسَّرَ له الطلب و حبب له الطلب لأن الله يُحبه، كما قال بعض المفسرين كما ذكر الإمام القرطبي قال: كنت أظن أن من تاب تاب الله عليه و من رضي عن الله رضي الله عنه ومن أحب الله أحبه الله قال حتى قرأت كتاب الله فتبين لي خطئي فعلمت أن حُب الله يسبق حُب العبد و تلى قول الله “يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ”، و علمت أن رِضا الله عن العبد يسبق رِضا العبد و قرأ قول الله “رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ”، و علمت أن توبة الله عن العبد تسبق توبة العبد و تلى قول الله “ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا”.

فطالب العلم يعلم أن الله جل في علاه قد لطف به و يَسَّر له وحبب له دينه و بالتالي هو يشعر بالفقر و اللجوء إلى الله جل في علاه و هذا حال علمائنا فكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى اذا استعصت عليه مسألة استغفر ، فيترك ورقه و قلمه و كتابه و يجلس يستغفر الله كثيرا ويلجأ إلى الله و يفتقر و يقول يا مفهم سليمان فهمني و يا معلم إبراهيم علمني و كان يمرغ خده بالتراب، و كان يشعر بحاجته إلى ربه و حاجته إليه و تذلله و انكساره إليه فكان رحمه الله تعالى كما يذكر ابن عبد الهادي كان إذا خرج إلى الجُمعة أخذ من بيته ولو كِسرة خبز و يتصدق بها ويقول: أمرنا ربنا أن نقدم وسيلة بين يدي مخاطبة نبيِّه فتقديم الوسيلة بين يدي مخاطبته سبحانه من باب أولى.

فالإنسان في الطلب يشعر بضرورة استعانته بالله وأن يفهمه الله و أن يعلمه الله و بحاجة للوقت و بحاجة للعلماء.
نقع في ربكات و في مسائل كانت صدورنا تهنأ و ترتوي لما كنا نسأل شيخنا عنها رحمه الله أما اليوم فمن نسأل وأين نذهب فإلى الله الشكوى و البلوي.

وطالب العلم يشعر ويعلم بمشواره أن الأمة بحاجة لعلمائها أشد من حاجتهم للطعام والشراب والماء.
وطالب العلم ولا سيما في هذا الزمان يشعر بحاجته للكتب والمخطوطات وهذا باب غني وباب وقفنا عليه و نلنا منه النصيب الأوفر، كم من حسرة دخلت قبر عالم لأنه لم يرى مسألة أو لم يقف على حديث أو لم يرى كتاب وهي اليوم بين أيدينا ننعم بها.
مخطوطات الدنيا اليوم بين أيدينا كتب الدنيا بين أيدينا و لكن أين العلة اليوم؟
العلة في الهِمَّه العلة في الطلب اليوم في الهِمَم ،وقديما كانت العلل موزَّعة، فمن خلال مشواري في الطلب أرى أن طالب العلم يحرص على الكتب و يبدأ يُكَوِّن نواة مكتبة و تتوسع مكتبته بتقدمه كلما تقدم توسعت المكتبة عنده فلا يكون جامعا للكتب فحسب، لكن لابد من الكتب.
وطالب العلم يمر في مراحل قد يصيبه في بعض الآحايين عُجب وزهو فعليه ان يتواضع وعليه أن يعلم أن الذي جهله أكثر من الذي يعلمه وأن الله هو الذي علمه فهو بحاجة إليه.
وطالب العلم يحتاج إلى مذاكرة يحتاج إلى رفقاء يبعدون عنه الوحشة و تتقوي بهم الهمة وتقع بينه و بينهم المناصحة، يعين كل أخاه في الثبات و التقدم.

فأنصح طالب العلم أن ينتقي من يماشي انتقاء شديداً، طالب العلم لا يماشي أي إنسان، يُخالط الناس و لكن الصحبة الخاصة لطالب العلم ينبغي أن تكون بمعاير دقيقة.
و قد تتطور المسائل و يبقي في مجلس فيه علم و ينبغي أن يحيط نفسه في بيئة فيها طلب يصبغ زوجته بالطلب من يخلط المخالطة الخاصة يصبغهم بالطلب.
فهذه نصائح أحببت أن أختم بها مجلسي و أرجوا الله تعالى أن تكون من باب التواصي بالحق و التواصي بالصبر.✍️✍️

⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️

↩️ تاريخ المجلس 2006/11/11

⏮️ رابط الفتوى:

السؤال: حدثنا يا شيخ عن رِحلتك في طلب العلم.

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor