السؤال:
شيخنا انتشر بين الشباب الصغار والكبار أيضا ما يسمى بالألعاب الالكترونية، وسبحان الله يا شيخنا: هذه الألعاب تأخذ جل وقتهم، بل أقول شيخنا: -ولا أبالغ- تأخذ عقولهم.
الحقيقة تشعر بأشياء عجيبة تحدث مع الشباب.
شيخنا هذا ما نسمعه، هذا ما نشاهده عند البعض.
ما حكمها؟
وما حكم اللعب بها؟.
وما هي نصيحتكم لأبناء المسلمين خاصة من إخواننا -بارك الله فيكم-.
الجواب:
جزاكم الله خيرا.
حقيقة أن الناس تعاني من فراغ و فراغ كبير، والنفوس أصبحت تتعلق بتوافه الأشياء، ولا تترفع إلى الأشياء النبيلة والأخلاق العالية، ولا تكون من أصحاب الهمم القوية، وهذا للأسف الكبير.
النفس إن تركتها لعلها -والعياذ بالله تعالى- من الفراغ توصل إلى مفسدة كبيرة.
موضوع الألعاب الالكترونية ولا سيما القائمة على الحظ، والتي تكون للتسلية أو تكون للفراغ، هذه فيها كثير من الآفات، ومن أهم آفات هذه الألعاب:
– تضييع الوقت بلا فائدة، والإنسان مسؤول عند الله عز وجل عن وقته وسيسأل الإنسان عن كل ساعة.
وأهل الجنة لا يتحسرون إلا على ساعة مضت في الدنيا لم يذكروا اسم الله تعالى فيها.
– وكذلك فيها هدر للطاقات: فالإنسان بدلا من أن يضع طاقته التي وهبها الله إياه، ولا سيما الطاقة الذهنية بدلا من أن يضعها فيما ينفع؛ فيهدرها في أشياء لا تنفع.
وكما يقول أهل العلم في شرح حديث أبي موسى: فعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ”.مسلم٢٢٦٠.
قال أهل العلم:
أن الألعاب القائمة على الحظ الأصل فيها المنع وليس الجواز.
والنبي صلى الله عليه وسلم قال:
إن لاعب النردشير الذي يلعب بالنردشير؛ فكأنما يغمس يده في لحم خنزير ودمه.
وهذا الغمس هو مقدمة للأكل.
فقالوا:
أن الذي يتعلق بهذه الألعاب سيصل به الحال إن بقي مدمنا عليها، بأن يأكل حراما، والأكل هو لعب القمار.
ولذا التوسع في هذا الباب هو غمس. بمعنى: أنه قريب من لعب القمار.
فالنفس تتعلق -نسأل الله العافية-: الذي يشرب الخمر فالكأس يدعو إلى كأس.
وفي مثل هذه الألعاب (الدست يدعو إلى دست).
وبتعبير آخر أن اللعب بالباطل يبدأ الإنسان يلعب قليلا، ثم يصبح يلعب كثيرا.
فاللعبة الصغيرة تدعو إلى لعبة أكبر منها، وتضيع الأوقات وما شابه، فحسم الشرع ذلك، والأصل في هذه الألعاب الحرمة وليست الحل.
واللهو باطل إلا في ثلاث، وهذه الأمور الثلاثة ينظر إلى مآلات الأفعال فيها.
فالذي يدمن على هذه الألعاب الالكترونية، يضيع وقته ويضيع جهده، وأغلب الذين يدمنون على هذه الألعاب يضيعون أبنائهم ويضيعون الواجبات الملقاة عليهم.
يصل البيت ويحتاج إلى راحة، ولا يستطيع أن يتابع شيئا أبدا، بل لعله لا يستطيع أن يقوم بأعماله، ولا سيما إن كان فيها تعلق بالذهن وما شابه.
فالألعاب هذه فإن السلف الصالح كما أسند ذلك الخرائطي في كتابه مساوئ الأخلاق قال: (كانوا يعدون الألعاب الباطلة من الميسر وإن لم يترتب عليها أكل مال).
وبعضهم يفرق بين الميسر والقمار:
بأن الميسر: لعب الباطل.
والقمار: الأكل من خلال لعب الباطل.
فيفرقون بين الميسر والقمار، ويجعلون أن كل قمار ميسر، وليس كل ميسر قمارا، فالميسر أوسع من القمار.
وكانوا يجعلون الألعاب ومن نظر في كتاب “مساوئ الأخلاق للخرائطي” يجد أن جمع من الصحابة والتابعين سمّوا ألعابا (كالاثنا عشر) هذا لعبة (الداما)، كانوا يقولون: هي ميسر، وكانوا يقولون عن (الشطرنج) ميسر العجم.
فهذه كلها ميسر، وإن لم يترتب عليها قمارا.
فهذه الألعاب بغض النظر عن الطريقة التي تؤدى بها، سواء كانت على الحاسوب أو الهاتف، أو كانت لعب من خلال خطوط ترسم على الأرض أو الأوراق (البلوت والشدة) وما شابه: هذه كلها من ألعاب الباطل، وهذه كلها داخلة في الميسر لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- شبهها بغمس اليد في الخنزير ودم الخنزير.
وهذا الغمس في الحديث: فيه تصوير بليغ لاستقذار هذا العمل والتنفير منه.
فكل الألعاب يعني من مثل هذا الأمر، وليس الحديث خاصا بالنرد، الحديث خاص بكل لعب قائم على الحظ والصدفة، والناس تتعلق فيه.
ولعله -نسأل الله العافية- المقامرين يصابون بإدمان القمار، الإدمان يكون في الخمر ويكون في القمار.
نسأل الله جل في علاه العافية، فهذه كلها إجراءات تدبيرية وسد ذريعة للتعلق بهذه الألعاب.
والله تعالى أعلم.
مداخلة الأخ المتصل:
بارك الله فيكم شيخنا، لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن وقته
فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ”. سنن الترمذي ٢٤١٧ وصححه الألباني.
الشيخ مشهور بن حسن:
بلا شك الوقت من أهم الأشياء قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذي جَعَلَ اللَّيلَ وَالنَّهارَ خِلفَةً لِمَن أَرادَ أَن يَذَّكَّرَ أَو أَرادَ شُكورًا﴾[الفرقان: ٦٢].
لمن أراد أن يذكر: أن يتعلم.
أو شكورا: أن يعمل، أن يشكر الله عز وجل بالعمل.
والأصل في كل الخير نابع من تزكية وعلم، فيزكي نفسه أو يذكر فيتعلم.
والله تعالى أعلم.✍️✍️
↩️ الرابط:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor