http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/08/س-10-2.mp3وجاءت أسئلةٌ عديدةٌ في شراءِ الشُّقة عن طريقِ البيعِ المُنتهي بالتَّمليكِ ، وأنا العبدُ الضَّعيف جلستُ معَ بعض المسؤولينَ في البنكِ الإسلاميِّ العربيِّ ، وتكلَّمنا طويلاً وظهرَ لهُم العوار ، وتبيَّن لهم خطأَ صنيعِهُم وَوَعدوني خيرًا ، فرَجَوْتُهم إنْ عدَّلتُم وبدَّلتُم فاَعرضوا التَّعديلَ والتَّبديلَ قبلَ اعتمادِهِ ، ثُمَّ تفاجأتُ أنَّهم اعتمدُوا ، وغيَّروا للأحسن ، لكن وقعوا في محظور !! وما زِلتُ أقولُ بأنَّ المُعاملة غيرُ مشروعةٍ ! فيشترِطونَ على من يملِكُ العمارةَ عن طريقِ الإجارةِ المُنتهية بالتّمليك من البنك الاسلامي العربي “التَّأمينَ على الحياةِ ” ، فَفَررنا من تحتِ المطرِ ووَقَفْنا تحتَ المِزرابِ ؛ فرَرنا من شَرٍّ وَوقَعنا في شيءٍ أشدُّ شرًا مِنْهُ .
يقولُ لكَ أنا أبيع
، حسنًا أنتَ تبيع ،
ولكن لماذا تأخُذُ أُجرةً ؟
فأنت تبيع ،
قالَ : أنا أضعُ سعرًا وأخذُ ُأجرةً شهريةً ،
حسناً أنتَ بعتَ، لماذا تأخذُ أُجرةً ؟
هذهِ الأُجرة في حقيقَتِها ربا ؛لأنَّكَ بعِتَ ، فمن باعَ شيئًا لا يَلزمُ أن يَقبِض ثمنَهُ ؛ يجوزُ البيعُ دينًا باتفاقِ العُلماء ! ومن باعَ شيئًا خَرجَت الرَّقَبةُ من يدِهِ.
البيعُ تعريفُهُ عندَ الفُقهاء : استبدالُ ثمنٍ بِمُثمَّن مُحترم شرعاً ، ثمن بِمُثمَّن ، المُثمَّن : السلعة ، تُستبدلُ ولا يلزمْ أن تدفعَ ، قد يكونُ دينًا ، فالبنوكُ تَلعب ، أسوأ ما يُمكنُ في المُعاملات هذهِ الأيَّام المُعاملة الّتي يُسمُّوها فيها تركيب ؛ أنا أُركبُّ لكَ المُعاملة وأنا لا أدورُ معَ الشَّريعةِ في تكييفِ المُعاملةِ وفي إِعمالِ ثَمَرَتِها ، وإنَّما أنا أُركِّبُ المُعاملةَ بهوايَ ؛ يعني البنك لمَّا يبيعك الشُّقة المُنتهية بالتَّمليك ، أنتَ تحتار !! تارةً هو باِئع وتارةً هُوَ مالِك ، وتارةً هوَ ليسَ بمالك ! هو يُركِّب أحكامَ الإِجارة كما يشاء ، ثُمَّ يفزَع في العقدِ الواحدِ من أحكامِ الإجارةِ إلى أحكامِ البيعِ ، ويُدوِّر هذا معَ مَصلَحتِه ، أين كانت مصلحته !! تارةً يجعلها إجارةً وتارةً يَجعلُها بيعًا .
البيعُ عندَ العُلماءُ عقدٌ مؤبَّدٌ ، والإِجارةُ عندَ العُلماءِ عقدٌ مُؤقَّتٌ ، الإِجارة المُنتهية بالتمليك، الجمعُ بين المُؤقَّت والمُؤبَّد أمرٌ عسيرٌ جداً ! إذا هُم وقعوا في مشكلة (أنا عقدي معكَ عقدُ إجارةٍ ، وعقدُ الإجارةِ مُؤقَّت ، وأنا أُريد أنْ أُؤَبِده ) فكيف أُؤَبِده؟
في الشَّرعِ الفقيهُ والمُفتي قبلَ أن يُجيب كالطَّبيب، يُكيِّف المَسألة ، فإن كيَّفهَا تكييفًا صحيحًا أجرى الأحكامَ الثابِتةَ في الشَّريعةِ على هذا العقدِ بهذا التَّكييف ، أمَّا أنا أستورِدَ مُعاملةً من الكُفَّارُ وهِيَ مُركَّبة عِدة تركيبات ، ثُمَّ أنا أُعطيها حُكماً وأدورُ معَ أصحابِها فآخذُ من هنا شيء ومن هنا شيء !! لا يجوز ! انظر الآن الإجارة المُنتهية بالتمليك ماذا يوجد فيها ؟ فيها ثلاثةُ عقودٍ ، العقدُ من حيثُ الثمرةِ والمآل لا بُدَّ أنْ يُصبِحَ مُؤبدٌا، وأنا مُتفِق معكَ على عقدٍ مؤقَّتٍ ، فحتى يجعله مُؤبَّدًا ، وهذا معمولٌ فيه ! أنا لا أتكلَّمُ من خيال ! معمولٌ فيهِ ومُضحك ! مسكينٌ الذي يبيعُ ويشتري لأنّه لا يوجد عندَهُ فِكرة !! المُشتري لا يدري ما هيَ القِصّة لكن البيَّاع يدري !! ولعلَّ المندوبَ لا يدري أيضًا ، لكنَّ مجلسَ الإدارة يعلم ! قال : لمَّا انتهينا وأرَدنا نقلها مِنْ مُؤقَّت لِمُؤبَّد، ماذا يفعل البنك؟ ماذا يفعل البنكُ الإسلاميّ ؟
يبعثُ مندوبًا معكَ ويقولُ لكْ : وَهبتُكَ الشُقَّة !! ما شاء الله ! ما أَكرمَهُ ! الآن كلمة “وَهبتُك الشُّقة” هي التي كانت فيصلاً بين العقدِ المُؤقَّت والعقدِ المُؤبَّد ، لأنَّه مُستحيل الإِجارة تُصبح عقد مُؤبَّد ، وأنتَ يا مسكين الذي تدفع تُريدُ مُلكًا مُؤبَّدًا للشُّقة” ، لا تُريدُ مُلكًا مُؤقتًا ! لا تريدُ إجارًا ! هذه نقطة .
النُقطة الثانية : التركيبُ بينَ الإجارةِ والبيعِ ، كيف يتمُّ ذلك ؟ قال: أنا أُؤَجِّرك وأنت لم تدفع الثمن ! كلام يبدو أنّه منطق لكن في الشَّريعة ليس بمنطق ، الشَّريعة قاضيةٌ على المنطِق ، قال أنتَ لم تدفع بعدُ ثمنُ الأُجرةِ للشُّقة” ، فأنا أُؤَجِّرك لكن أُريد أن آخذَ أُجرةً شهريةً ،
إذن كيفَ بِعتني ؟ أنتَ أجَّرتني كيفَ بِعتني ؟
-طيب يا حبيبي- تُريد أنْ تأخُذَ أُجرَةً ! مبارك الأُجرة لكن بطريقةٍ شرعيّةٍ ، مبارك بالشَّرع !
طيب لو حصلَ زلزال ! أنتَ تأخذ مُقابل الشُّقة لأنَّك تملِكُهُا ! فلو حَصَلَ زِلزال وانهدَمَتْ الشُّقة ! مَنْ الذي يَتَحمَّل ؟ قال أنتَ !!
طيب لِماذا أنا أتحمَّل ؟! قال : لِأنّكَ اشتريت ! سُبحان الله ! أنت بائِع أم مُؤجِّر ؟
إذا هذه الشُّقة أصابها شيء أضاعها؛ فحينئذ أُصبحُ أنا المالك وليسَ البنك !! يُكيِّفُ الأمرَ على ماذا ! على هواه ! لذا تركيبُ العقودِ هو الذي يعمَلُ مشاكِل.
ولذا هذهِ المسائِلُ في الحقيقةِ قائِمةٌ على الخَلَلِ في الفتوى، وفي معايير الفتوى، وفي طريقةِ الفتوى ، والمُوظَّفون في الفتوى مُوَظفون أُجرة وليسَ موظفون لِإثباتِ الأحكامِ الشَّرعيَّة وإلى الله المشتكى.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
9 ذو القعدة 1437 هجري
2016 / 8 / 12 افرنجي
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدُّرَر الحِسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان .✍✍?