الحديث أخرجه الديلمي عن أبي بكرة مرفوعاً، وفيه يحيى بن هاشم، وهو كذاب يضع الحديث، وله طريق آخر عند ابن جميع في “معجم الشيوخ” (149) وعند القضاعي في مسنده، من طريق آخر عن أبي بكرة وفيه المبارك بن فضالة وهو ضعيف، والراوي عنه أبو أحمد الكرماني وهو مجهول أفاده الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف المسمى “الكافي الشاف” فهذا الحديث لم يصح ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لكن معناه أمر أخذ بالاستقراء، فغالباً يكون الناس باهتماماتهم، على حسب الوالي عليهم، ووجد لأبي منصور الثعالبي المتوفى سنة 429هـ في كتاب مطبوع اسمه “لطائف المعارف” وجدت له كلاماً جميلاً يخص هذا الحديث، ويؤكد أن هذا الكلام بالجملة معناه صحيح فيقول أبو منصور الثعالبي: (كان الأغلب على عبد الملك بن مروان حب الشعر فكان الناس في ايامه يتناشدون الاشعار ويتدارسون اخبار الشعراء بها وكان الاغلب على الوليد بن عبد الملك حب البناء واتخاذ المصانع وكان الناس في ايامه يخوضون في رصف الأبنية، ويحرصون على التشييد والتأسيس وكان الأغلب على سليمان بن عبدالملك حب الطعام والنساء، فكان الناس في أيامه يصفون ألوان الأطعمة ويذكرون اطايبها، ويستكثرون من الحرص على أحاديث النساء، ويتسائلون عن تزوج الحرائر، والاستمتاع بالسراري، ويتجاوزون في الباه، وكان الأغلب على عمر بن عبدالعزيز حب الصلاة والصوم وكان الناس في أيامه يتلاقون فيقول الرجل لأخيه: ما وردك الليلة؟ وكم تحفظ من القرآن؟ وبكم تختمه؟ وكم صليت البارحة؟ وهل أنت صائم؟ وكان يزيد بن عبدالملك يحب الخيل وكان الناس يتنافسون في اختيارها، ويتقربون إليها، باتخاذ الأجود والأحسن منها، وكان هشام بن عبدالملك يحب الثياب ونفائس اللباس وكان الناس في أيامه يتبارون في التجارة فيها، ويتواصفون أنواعها، وكان الوليد بن يزيد صاحب لهوٍ وشراب وسماع، وكان الناس في أيامه يتشاغلون في الملاهي ويترخصون في النبيذ ويقولون بالسماع، وقد صدق من قال: إن الناس على دين ملوكهم والسلطان سوق يجلب إليها ما ينفق فيها.
إذاً هذه المقولة حكمة مأخوذة من خلال النظر في تاريخ الناس، أما عزو ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم على انه حديث فليس بصحيح والله أعلم.