هذه المسألة تشغل كثيراً من الناس ولا طائل تحتها ولا ثمرة منها، ولا سيما في هذا الزمان.
ويجوز للمسلم أن يتمتع بالأمة دون أن يعقد عليها، فربنا يقول: {والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ،فإنهم غير ملومين} والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {احفظ عورتك إلا من زوجتك أو أمتك}، فالرجل لا عورة له على زوجته ولا على أمته.
والأصل في الأمة العبدة، والأصل في العبيد أن يكونوا سبايا الحرب.
وحكم العبيد ليس منسوخ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد التحق بالرفيق الأعلى والإماء موجودة، ولا يجوز أن نقول إن هناك نسخ بعد وفاته، إذ الوحي لا ينزل بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
والأمة يتسرى بها، وسمي تسري لسببين؛ الأول: إدخال السرور على النفس، والثاني : لأن مجامعة الأمة تكون بالسر دون العلن فليس كالنكاح.
والإماء لها أحكام فقهية ولو أن رجلاً جمع أحكام الإماء لوجد عجباً.
ومن أحكامها التي تلزمنا أنه لا يجوز للرجل أن يطأ أمة قد وطأها غيره، فإن كانت هناك أمة عند رجل فباعها، فلا يجوز للآخر أن يطأها حتى يستبرئها بحيضة، حتى لا تختلط الأنساب، وإذا كانت حبلى لا يجوز التمتع بها حتى تضع.
ولا يجوز للرجل أن يهدي أمته إلى غيره فيتسرى بها، ثم ترجع إليه، فتكون مشاعاً بين الناس، هذا أمر غير مشروع.
والأمة إن حملت يحرم التفريق بينها وبين ولدها، ويحرم بيعها، وتسمى في الشرع (أم الولد) وأم الولد حرة، ولدها يعتقها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المعروف لما سأله عن أشراط الساعة، قال: {أن تلد الأمة ربتها}، أي أن يكثر السراري، فيتمتع الرجل بالسراري، فتأتي منها الأولاد فالولد يعتق الأم ، فتصبح ام كأنها أمة للولد، فتصبح حرة من وجه، أمة وجه، حرة: تلحق بسائر الأحرار، وأمة من حيث العدد تبقى زائدة على الأربع.
والشرع حث الناس على العتق، وأوجب عتق الرقاب في كفارات معينة، ومن أعتق رقبة فإن الله عز وجل يعتق منه العضو بالعضو، فرغب الشرع في عتق الرقاب.
فالإماء التمتع بهن جائز، والحكم غير منسوخ، لكن ضمن ضوابط وقواعد.
والشرع حث على المكاتبة، أن يكاتب السيد عبده على مبلغ فمتى أعطاه إياه أصبح حراً وأعتقه فيعتق نفسه بنفسه، وهذا يسمى العبد المكاتب، وكانت عائشة رضي الله عنها، تقول: ((المكاتب عبد ما بقي درهم)) فآخر درهم هو الذي يحرره.
ومن اللطائف أن يقال: إن الأمة كلما كانت بشعة، وكلما كانت شنيعة المنظر، كان سعرها أغلى، لأن الذي يشتري الإماء ويختارها الزوجة، فيؤتى بها على أنها خادم للبيت.
ومن العجائب أن غير واحد من علمائنا ألف كتباً في كيفية تقويم العبيد، وكيفية إعطاء السعر، وكيفية فحص وتقليب العبيد، وذكر الشيخ المحقق عبد السلام هارون- ابن خالة المحدث أحمد شاكر- رحم الله الجميع، ذكر رسالتين تراثيتين في هذا الباب في كتابه ” نوارد المخطوطات” ، والله أعلم .