الكافر يوم القيامة سوف يسأل عن كل شيء أمر الله به . وهذه الآية فيها إشارة لذلك ولكن الأصرح منها قوله تعالى {وويل للمشركين ، الذين لا يؤتون الزكاة …..} فالكافر مخاطب بالزكاة والصيام والصلاة . لكن لا يقبل ذلك منه حتى يدخل في الإسلام .
ونستفيد من ذلك أنه لو كان عند مسلم عامل نصراني في شهر رمضان، وطلب ماءً أو طعاماً، فلا يجوز له أن يقدم له الطعام والشراب . ولو كان غير مخاطب بالصوم كان له أن يقدم له ، وهكذا في سائر الفروع . وهذا الراجح أن الكافر مخاطب بفروع الشريعة . وللدكتور عبد الكريم النملة دراسة مطبوعة في هذا الباب، وهي جيدة اسمها” الإلمام في تكليف الكفار بفروع الإسلام” وهي عبارة عن دراسة نظرية تطبيقية حصر فيها الفروع المترتبة على الخلاف في هذه المسـألة، وفيها ما يشفي ويكفي .
أما ما يرد على هذه المسألة من إشكالية، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد أعطى عمر ثوباً من حرير، فقال : يا رسول الله علمت أن هذا ثوب من لا خلاق له : قال : نعم ولكني أعطيتك إياه لتهديه لغيرك، فأهداها لمشرك . فهنا ينبغي أن يفرق بين أشياء بين الواقع وبين الحل والحرمة ، وبين الأشياء التي تستخدم على وجه يكون حلالاً، وعلى وجه آخر يكون حراماً فالعباءة التي أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم، لعمر وأمره أن يهديها لغيره، فهذا الاستعمال بعد غير واضح، فقد تستخدمها المرأة، والنبي صلى الله عليه وسلم ، قال عن المال الحرام: {أعلفوه النواضح} فالدابة ليست مكلفة فلا يعطى المال الحرام لمكلف، فاعطائه للدابة يعني أنه لا يجوز أن يعطى لمن هو أرفع من الدابة من المشركين أو أهل الكتاب .
والحكم الشرعي لا يؤخذ من نص، إنما يؤخذ من نصوص والأصل أن ندور مع الظواهر، فإن وقع ما فيه إشكال فقد نتكلف بعض الأحايين الجواب؛ لتسلم لنا سائر النصوص. وقد صح عن عمر أيضاً أنه نوى الاعتكاف في بيت الله الحرام وهو مشرك، فلما أسلم سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأوجب عليه الاعتكاف بالنذر الأول وهو مشرك. فقصة العباءة لا ترد بإشكال على هذه المسألة ؛ لأنه يجوز استخدامها من قبل المرأة أو أي استعمال غير اللبس لا حرام فيه . والله أعلم.