الجواب : في صحيح البخاري بل وصحيح مسلم أيضاً عن عبد الله بن عبّاس – رضي الله تعالى عنهما – قال : ” كنّا نعرِفُ انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير ” ، ما المعنى ؟ يعني اذا كان الواحد منّا مسبوقًا أو بعيدًا ولم يلحظ بنظِرِهِ انتهاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، كان يكون في الصفوف المتأخرة فاذا سمعنا تكبير النبيّ صلى الله عليه وسلّم يقول الله أكبر ، عرفنا أنّ الصلاة قد انقضت .
واختلف أهل العلم في هذا ، فمنهم من قال :
– يُسنّ رفع الصوت للإمام بعد أن يفرغ من الصلاة ، وبعض الاخوة ما زالوا لمّا يسلّم الإمام يقول الله أكبر ” بصوت عالي ” الله أكبر ، في رواية عن مسلم : ( كنّا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالذكر ) : ليس بالتكبير .
– والذي ذهب اليه الامام الشافعيّ والشاطبيّ وكان يقول بهذا شيخنا الألبانيّ – رحمه الله – ، أمّا الإمام يجهر تعليمًا مع مراعاة الآتي :
– ابن عباس صغير وأدرك أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلّم ، ولمّا يقول (كنّا نعرِف انقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالتكبير ) ، لم يكن هذا بالعهد الأول في حياته ، وانّما كان هذا في الآخر من حياته ، يعني مثلًا جاء وفدٌ من أطراف المدينة للنبيّ صلى الله عليه وسلّم ، فالنبيٌ صلى الله عليه وسلّم يعلّمهم الذكر تعليمًا بالتطبيق العمليّ ؛ يقول ” سبحان الله ” يقول ” الحمد لله ” ويقول ” الله أكبر ” فإذا رأى الإمام أن هناك مجموعة من الشاردين التائهين البعيدين تاب الله عليهم فجاءوه المسجد ، فعلّمهم التطبيق العمليّ فلا حرج ، وهذا التطبيق العمليّ وسيلة من وسائل التربية ، يعني لو بقينا نقول سجود بدون تكبير ما نفهم ، صلّينا مرة نتذكّر نفهم ، مهما تكلّمت لكم عن صور صلاة الخوف إدراكها صعب على مستوى الأحاديث التي ذكرها مسلم ، فلمّا مثلناها وطبقناها تطبيق عمليّ ، كان الأمر سهلًا .
جاء رجلٌ للنبيّ صلى الله عليه وسلّم في صحيح مسلم يسأله عن الأوقات ، فقال : صلّي معنا اليوم وصلّي معنا غدًا ، فصلّى معه اليوم فصلّى النبيّ صلى الله عليه وسلّم في الصلوات الخمس ( الظهر ، العصر، المغرب ، العشاء والفجر ) صلى الصلوات الخمس في أول الوقت ، أول ما يدخل الوقت يُصلّي جماعة ، ثمّ صلّى النبيّ صلى الله عليه وسلّم في اليوم الثاني (الظهر ، العصر، المغرب ، العشاء والفجر ) في آخر الوقت ، صلى الخمس صلوات في آخر الوقت جماعة ، ثمّ قال النبيّ صلى الله عليه وسلّم : ( ما بين هذين الوقتين وقت) .
الأصلُ في الذكرِ أن يكون بالسر لا بجهريّ ، ويجوز الجهرُ به من أجل التعليم ، متى يجهر بالذكر او الدعاء ؟ ان أراد أن يعلّم ، يعني مثلًا انت أُطعِمتَ ، أطعمَك أخوك فرأيت الناس يأكلون وهذا يقول ” مخلوف بالحلال ” وهذا يقول ” بالأفراح ” وكل واحد يقول شيء ، فأنت حبًا بالنبيّ صلى الله عليه وسلّم وسنّته قلت ” اللهم اغفر لهم وارحمهم وبارك لهم في ما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم ” ؛ رفعت صوتكَ من أجل أن تعلّمهم فلا حرج ، والا الأصل لو كان النّاس في عافية أن يكون دعاؤك لأخيك بالسرّ لا بالجهر ، الأصل أن يكون دعاؤك لمن أحسن إليك في الطعام او غيره بالسرّ ، لكن اذا احتجت أن تذكّر الغافل أو أن تعلّم الجاهل لأن النّاس يدعون بطرق أو بألفاظ او بصيغ ليست نبويّة وليست على السنّة فحينئذ تجهر وهكذا رفع الذكر في الصلاة إنّما كان سببه التعليم .
مجلس فتاوى الجمعة بتاريخ ٢٠١٦/٤/٢٩
خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان