ما رأيك في العبارات التالية اللهم اجعلنا في مستقر رحمتك القول عن المسجد الأقصى ثالث…

أما القول بأن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان، فهذا كلام فيه قصور ولا يجوز شرعاً وإن اشتهرت هذه العبارة على ألسنة الوعاظ والمفكرين والخطباء، فالقول [ان الشريعة صالحة لكل زمان ومكان لا ينفي إصلاح الزمان والمكان بغير الشريعة، فالشريعة صالحة وغيرها صالح.
والصواب أن يقال: إن الشريعة مصلحة للزمان والمكان، وأما القول بأن الشريعة صالحة فقد يكون غيرها صالح، فالعبارة قاصرة، ولا تفي بالغرض، ولا تؤدي المقاصد من إرسال الرسل، وإنزال الكتب، فالصواب أن نقول: الشريعة فقط هي المصلحة لكل زمان ولكل مكان.
ولله سنة وينبغي لدعاة الإصلاح أن يدركوها جيداً، وقد أدركها وانتبه إليها أنبياء الله، فمن سنة الله الكونية التي تتوافق مع سنة الله الشرعية أن الشر هو الذي يظهر بادئ  ذي بدء، وهذا الشر تطرأ عليه عوامل ويجربه الناس حتى يعلموا فساده، كما فعل موسى مع فرعون، لما قال له تلقي أو نلقي، قال موسى: {ألقوا}، فالبدء بالشر خير من البدء بالخير، لأننا لو بدأنا بالخير وجاء الشر ما علمنا قدر الخير، فمن رحمة الله بنا أن يمنع عنا لأحوال تقتضيها أمورنا وقربنا وبعدنا عن ربنا أن نحكم شريعته، حتى لما تتحكم الشريعة نعرف الخيرات التي فيها، ونكون قد ذقنا الأمرين والويلات، وضججنا برفع الأصوات والصراخات والآهات قبلها.
وهذا من رحمة الله بنا، وموسى ما ألقى حتى ألقى السحرة، فلما ألقى السحرة انتفش الباطل، وظهر له شيء من رونق وشيء من لمعان، لكن إن جاء الحق بجانبه سرعان ما يظهر الزيف الذي في الباطل، لذا إن كنت تريد أن تناظر غيرك ويناقشك، فلا تبدأ أنت بإلقاء الحق الذي عندك، وليبدأ هو بإلقاء ما عنده فأنت بعض الأشياء عندك مسلمات تريد أن تبني عليها ويريد أن يناقشك فيها، فتنشغل انشغالاً طويلاً، وتحتاج إلى تأصيل وتقعيد وتخرج عن الموضوع الذي تناقشه، لكن اجعله هو الذي يتكلم، فبعد أن يتكلم تتكلم أنت. فلما يظهر الحق حينئذ يموت الباطل، كما فعل موسى مع السحرة، وهذا منهج الموفق.
ونحن بحكم جهلنا ضاعت دولة الخلافة بسببه، فمفتي روسيا في زمن الدولة العثمانية كان يحرم استخدام الأسلحة النارية ويوجب الاقتصار على استخدام القوس فقط أمام الأسلحة النارية، وذكر هذه الفتوى محمد أنور الكشميري في كتاب الجهاد في شرح صحيح البخاري المسمى “فيض الباري بشرح صحيح البخاري” فهذا الجهل قطعاً سيضيع الأمة والجهل الذي كان موجوداً في آخر الدولة العثمانية هو الذي ضيع الأمة وأجدها على هذا الحال.
ونحن نقول أن كل خير ينبغي أن يبنى على العلم، وكل خير لم يبن على العلم، فمآله إلى ضياع وتباب وزوال، وعدم البقاء، والعلم هو علم الكتاب والسنة، ولذا أسلافنا وصلوا إلى ما وصلوا إليه لما علموا مراد الله وفهموه وفهموا الثوابت من المتغيرات، وحتى يهملون اللفظ ويعملون بالمعنى ومتى يغلبون اللفظ، حينئذ قام الدين وانتصر، وينبغي أن نفهم الدين على هذا الحال وعلى هذا النحو.
أما عبارة اللهم اجعلنا في مستقر رحمتك، فعبارة جائزة من وجه، ممنوعة من وجه آخر، ونقول لصاحبها: ماذا تريد بها؟
ومما ينبغي أن يعلم أن الرحمة المضافة إلى الله عز وجل ، كما قرر ابن القيم في “بدائع الفوائد” في موطنين، تنقسم إلى قسمين: إضافة مفعول إلى فاعله، وإضافة صفة إلى الموصوف بها، فإذا أردنا (مستقر رحمتك) إضافة الصفة للموصوف بها، فهذا لا يجوز، لأن مستقر رحمة الله بإضافة الصفة وهي الرحمة إلى الموصوف وهو الله يكون مستقر الرحمة ذات الله، فهل يجوز أن يقول الداعي: اللهم اجمعنا في ذاتك؟ فعلى معنى إضافة الصفة للموصوف ممنوعة، وعلى المعنى إضافة المفعول إلى الفاعل، بمعنى أن الرحمة هي ثمرة ونتيجة  الفعل، وحينئذ تكون هي الجنة، فعلى هذا المعنى تكون جائزة.
وقد بوب الإمام البخاري في “الأدب المفرد” قال: (كتاب من كره أن يقال: اللهم اجعلني في مستقر رحمتك) وأسند إلى أبي الحارث الكرماني وهو ثقة، قال: (سمعت رجلاً قال لأبي رجاء: أقرأ عليك السلام، وأسأل الله عز وجل أن يجمع بيني وبينك في مستقر رحمته، فقال أبو رجاء: وهل يستطيع أحد ذلك؟ فما مستقر رحمته؟ قال: الجنة، قال لم تصب، قال: فما مستقر رحمته؟ قال: رب العالمين)، فالمستقر ما يقر فيه الشيء، أي يوجد فيه، والصفة إنما تستقر وتوجد في الموصوف، وتعلقها بغيرها من باب إضافة المفعول إلى فاعله، أي آثارها، فإذا كان مراد الداعي الجنة فهذا كلام صحيح، أما بإضافة الموصوف إلى الصفة فهذا ليس بصحيح، هذا هو الراجح، وتفصيل هذه المسألة موجود في “بدائع الفوائد” جـ2 ص183، وجـ4 ص72، وفي “إتحاف السادة المتقين شرح إحياء علوم الدين” لمحمد مرتضى الزبيدي في الجزء السابع ص578 كلام حسن في هذا ،وعند ابن علان الشافعي في كتابه “الفتوحات الربانية شرح الأذكار النواوية” جـ7 ص179-181، له كلام بديع مفصل في هذه العبارة.
أما إطلاق ثالث الحرمين الشريفين على الأقصى، فهذا لا يجوز لأن الأقصى ليس بحرم، لكن هل هذا يقلل من أهمية الأقصى؟ معاذ الله.
وحرام في الشرع أن تقول: حرم المسجد، أو نقول: حرم السيدة نفيسة كما في مصر، أو حرم الجامعة، المكان الحرم هو المكان الذي يحرم فيه الصيد ويحرم فيه قطع الشجر، والأقصى ليس بحرم، وهو أولى القبلتين، وأحد المساجد الثلاثة التي لا يجوز شد الرحال إلا إليها، وله أجر خاص وفضيلة خاصة، لكن لا نطلق عليه لفظة الحرم، لأنه يجوز الصيد في ساحاته فهو ليس كحرم مكة والمدينة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن ابراهيم قد حرم مكة، فإني أحرم المدينة، من عير إلى ثور}، ومكة من صاد فيها فعليه جزاء ما صاد بمثله من النعم، والمدينة من صاد فيها يؤخذ سلبه عنوة، فلا يملك الصيد لمن صاده.
ووجدت كلاماً لابن تيمية في الفتاوي جـ ص14-15، يقول فيه: (والأقصى اسم للمسجد كله، ولا يسمى هو ولا غيره حرماً وإنما الحرم مكة والمدينة خاصة، وفي وادي وج الذي في الطائف نزاع بين العلماء)، والأقصى ليس بحرم باتفاق العلماء ،فلا نقول عنه: ثالث الحرمين الشريفين، والله أعلم..

السؤال العشرون ولدك هيثم الحويني يسلم عليك ويقول لك أن يساعد والده الشيخ أبو اسحق…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/07/AUD-20170728-WA0029.mp3الجواب: نصيحتي له أن يلزم والده، وأن يلزم غرز أبيه، وأن يتعلم منه ما علم الله أبا اسحق الحويني من دقة في الحديث، وأن يأخذ منه هذا العلم، فهو أولى الناس بأبيه.
أما المخطوطات وعالمها فهذا عالم يحتاج إلى كلام كثير، ويحتاج إلى دورات متخصصة، ونصيحتي أن نعتني بالمخطوطات التي لم تنشر ولا سيما المخطوطات التي فيها الأسانيد، ولا سيما الكتب التي عهدها قريب بالعهد الأول، مصنفوها من وفيات القرن الثالث أو الرابع مما يسندون الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ونصيحتي بضرورة الصبر والمصابرة ، والمثابرة، والمحافظة على الوقت في هذا الباب، فإن الوقت نفيسٌ ولا يعرف قدره على الحق والحقيقة إلا أهل العلمِ وطلبته، فالعالم وطالب العلم يمتاز عن العوام بمحافظته على وقته، فإن رأيتم طالب علمٍ مُحافظاً على وقته فأعلموا أنه يُفلح، وإن رأيتم طالب علم لا يبالي بوقته ولا يلتفت إليه، وإنما يقضيه بالذهاب والمجيء فأعلم أنه لا يُفلح، فطالب العلم حريص على الوقت، وكلما صفى له وقته نبغَ وتقدمَ واستفادَ وأفادَ، وكان يحيى بن معين رحمه الله تعالى لما يسأل ، ما تشتهي؟
فكان يقول رحمه الله تعالى: اشتهي بيتٌ خالٍ ، وإسنادٌ عالٍ ، بيت خالي لا يرى أحد ولا أحد يراه ، هو وكتبه فقط.
لذا قيل لعبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى إلى متى مع هذه الكتب وطلب العلم؟
قال: أنا اجلس مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فكيف امل.
فأنا لما أجلس مع الناس تسمع منهم ما يسر وما يضر، وما يُفرح وما يحزن، لكن أنت في مكتبتك وبين كتبك ما تسمع إلا كلام النبي والصحابة والتابعين، جالس معهم وتتعلم منهم ما يثلج صدرك ويقربك لربك، فأنا لعاقل أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فالعاقل يبقى مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أصحابه رضوان الله تعالى عليهم، ويبقى مع الكتب، لذا حق لأبي زكريا يحيى بن معين أن يقول هذا الكلام.
فهذه وصيتي لأخي هيثم الحويني، واسأل الله لوالده الشفاء، وأن يُتمم عليه النعمة ، وأن ينفع به وبذريته لا بولده هيثم فقط.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
27 شوال – 1438 هجري.
2017 – 7 – 21 إفرنجي
↩ رابط الفتوى:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
✍✍⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor

السؤال السابع عشر أخ يسأل فيقول ما نصيحتك للشباب غير المتزوج والذي لا يستطيع…


الجواب :
أقف، لماذا لا يستطيع الزواج؟ لأنه يريد أن يتكلف، وقد نهينا عن التكلف كما في البخاري عن سلمان قال: نهينا عن التكلف، سلمان كان الذي يدخل عليه ما يجد عنده شيء، فما الذي يمنعك أن تتزوج وما عندك غرفة نوم ، ما المشكلة؟
الزواج حاجة للرجل؟ أم حاجة للرجل والمرأة؟ يعني حاجة لواحد أم للاثنين؟ حاجة للاثنين، المرأة أحوج للرجل من حاجة الرجل للمرأة، الناس يعيشون مظهريات جوفاء هم ليسوا بحاجة إليها، إنسان فقير يتزوج بنت فقيرة وتعيش عنده أحسن من عيشتها عند أبيها.
تكملة السؤال :ما يستطيع الزواج ويدرس في الجامعة ويرى ما يرى من الفتن والشهوات، نصيحتي؟
نصيحتي أن تتقِّ الله ونصيحتي أن تغض بصرك ونصيحتي أن تشغل قلبك بتعظيم ربك بأن تكثر من الذكر وأن تعمق من أحسن بركات الذكر وكله بركات ويكفي أن الذكر عكسه النسيان والغفلة ؛فالذكر سبحان الله، كل عمل إذا صنعه البدن يتعب إلا اللسان مهما تكلم لا يتعب فعضلة اللسان لا تتعب؛لذا الذكر في شرعنا ليس له حد وليس له عدد وليس في وقت دون وقت،كل الأوقات يعني الذكر فيها محمود حتى وانت جنب ذكر الله فيها لا مانع منه، كان النبي عليه السلام يحب أن يذكر الله على كل أحواله، فالشاهد يعني يكثر من ذكر الله ويتقِّ الله ويصاحب الناس الصالحين والطلبة الطيبين ويبتعد عن مواطن الغفلة وإن سرق منه الشيطان شيئا بغفلة أو ما شابه فليتقِّ الله وليكن أوابا يبقى توابا ويبقى يعود إلى الله عز وجل كلما أخذ منه الشيطان شيئاً.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
6 جمادى الأولى1438 هجري .
2017 – 2 – 3 إفرنجي .
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍

نبهتنا على خطأ استعمال كلمة بسيطة نود توضيح ذلك ودرجت على ألسنة الناس قولهم على…

كلمة (بسيط) أو (بسيطة) في استخدام الناس من الناحية اللغوية خطأ، فالعرب تقول: وجيز ويقابله بسيط، فالبسيط الشيء الكبير الممتد وعكسه وجيز، وكثير من الناس يقول لك: يا شيخ عندي أمر بسيط، ويقصد قليل.
وفي القاموس، بسطه: نشره كبسطه، وليس معنى بسيط قليل، لكن وجيز معناها قليل ولذا قال الله عز وجل: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير}، ومعناها لو وسع الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض، فالله لا يبسط الرزق لعباده ويعطيهم ما يتمنون لمصلحتهم.
والعرب تقول عن الأرض البسيطة لأنها ممتدة.
ومن الأخطاء أيضاً يترجمون معنى كلمة (SIMPLE) والتي تعني السهل يترجمون معانها البسيط وبنوا عليها البساطة والتبسيط ومن هنا حصل الخطاً.
ومن الأخطاء أيضا يقولون: فلان بسيط، أو لا يعتقد هذا إلا البسطاء. وهذه كلمات أعجمية ما أنزل الله بها من سلطان، وفي “لسان العرب” لابن منظور يقول: رجل بسيط: منبسط لسانه، أي طويل، وامرأة بسيط، ورجل بسيط اليد، منبسط بالمعروف، ومنبسط الوجه متهلل فهذه الكلمة لا تدلل على أن فلان بسيط بمعنى أنه مغفل أو بمعنى أن الأمر سهل.
أما استخدام ((على ما أعتقد)) للأمر المشكوك فيه، فهو أيضاً ليس بمشروع لا في العربية ولا في الشرع، فالذي تعتقده هو الذي تجزم به جزماً، وليس بمعنى الذي أظن، فالعقيدة الشيء الراسخ في القلب ولا يوجد معه شك، وفي ظني الخطأ في استخدام هذا التعبير هو من استخدامه باللغة الإنجليزية، فكلمة (believe) تستخدم بالإنجليزية تستخدم على الوجهين، والمراد يعرف من السياق ، وهذا بخلاف العربية، والله أعلم..

السؤال الأول أخ يسأل عن صحة حديث أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يأتين…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/07/س-1.mp3*السؤال الأول: أخ يسأل عن صحة حديث أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يأتين من قبلك؟*
الجواب: تعبت وأنا ابحث عنه قديما، و لا أدري الآن البحث بالوسائل الإلكترونية، وكان قد اتعبني البحث عنه وعن أثر آخر متداول على ألسنة كثير من الناس وهو قول عثمان: إن الله ليزع بالسلطان ما لم يزع بالقرآن، فيسر الله لي الوقوف على أثر أنت على ثغرة من ثغر الإسلام مسندا بإسناد صحيح عند أبي إسحاق الفزاري في كتابه السير المطبوع من مقولة أبي عمرو عبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي، فأنت على ثغرة من ثغر الإسلام ليس حديثا للنبي صلى ألله عليه وسلم، وليس قول صحابي، وإنما هو من أقوال الإمام الأوزاعي.
وأن الله ليزع بالسلطان ما لم يزع بالقرآن إنما هو من قول عثمان أخرجه ابن شبة في كتابه تاريخ المدينة.✍✍
 
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
 
5 ذو القعدة – 1438 هجري.
28 – 7 – 2017 إفرنجي
 
↩ رابط الفتوى:http://meshhoor.com/fatawa/1260/
 
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
 
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
 
http://t.me/meshhoor
 

كلمة عن الأمانة

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/10/AUD-20171016-WA0042.mp3إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا اله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:-
فإن الله جل في علاه ذكر الأمانة في القرآن الكريم بصيغ ثلاثة:-
1- الصيغة الأولى: ذكرها مفردة، وذلك في قوله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا .
2- الصيغة الثانية: ذكرها بالإضافة وذلك في قوله تعالى: وَٱلَّذِينَ هُمْ لِأَمَٰنَٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَٰعُونَ.
3 – الصيغة الثالثة: قيدها وذكرها مع أصحابها فذكر أهلها، في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا.
قال أهل العلم: مدار السياسة الشرعية على الأمانة والعدل، فالركنان للسياسة الشرعية في الشرع، الحكم بما أنزل الله وأداء الأمانات إلى أهلها.
والأمانة بالمعنى الأول والثاني تشمل التكاليف الشرعية كلها، فكل أمر أمر الله تعالى به، بل كل ندب ندب إليه ربنا أو نبينا صلى الله عليه وسلم فهو من الأمانة، فحال الرجل مع ربه ومع أهله ومع نفسه هذه كلها أمانات، فإنا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ أي التكاليف الشرعية، وكان عرضه سبحانه عرض تشريف لا تكليف، وإلا فإن أمر فإن السماوات والأرض كما قال الله عز وجل: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ، فعجزت السماوات والأرض والجبال على حمل الأمانة لثقلها، قال الله عز وجل: وحملها الإنسان.
هل الإنسان يحمل الأمانة؟
يحمل الأمانة.
لكن هل الإنسان يؤدي الأمانة؟
قل من الناس من يؤدي الأمانة بالمفاهيم المذكورة في الآيات.
قلنا الأمانة بمفهوم الإضافة إذا أضيفت لأهلها والأمانة المطلقة تشمل جميع تكاليف الشرع، وإذا قيدت إلى أهلها فهذه خاصة بالودائع، تكون الله أمر أن ترد الودائع إلى أهلها ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )، أي الودائع إلى أصحابها هذه يراد بها الودائع، أما الأمانة المطلقة فالإنسان يحملها أعني التكاليف الشرعية، لكن أنى له أن يؤديها.
فمن علامات صاحب المسؤولية، وصاحب الديانة التقي النقي في هذه الحياة أن يفحص قدرته على الأداء وألا يغره التحمل، فالكل يتحمل الأمانة بجميع أنواعها لكن أداء الأمانة لا يقدر عليها إلا الموفق، ولذا قال الله تعالى: ” وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا” ، يجهل ويظلم نفسه بأن تحمل الأمانة، لكن إن أداها زال الظلم، فالعبرة في الحكم على الإنسان في الآداء لا في التحمل.
الناس في الشرع من حيث التقسيم الملي العقدي ثلاثة لا رابع لهم، وهذا أمر مهم جدا، وهذا أمر يؤكد صحة مذهب أهل السنة والجماعة.
الناس من حيث التقسيم الملي ثلاثة أنواع، والشيء الذي يُقسَّم الناس عليه من ناحية ملية عقدية إنما هي الأمانة، الأمانة هي الفيصل في التقسيم، لذا قال الله عز وجل: «إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا»، بدأ الله تعالى بتفصيل الظلوم الجهول، فقل من يحمل الأمانة، قال تعالى: لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا، فالناس مدار تقسيمهم على الأمانة، فمنهم من حملها في الظاهر دون الباطن وهم ( المنافقون)، قال: ( ليعذب الله المنافقين والمنافقات)، هذا المنافق حمل الأمانة لكن أبدى أنه حملها لكن في حقيقة الأمر هو لم يحملها وكان مآله ليعذب، لام التعليل هذه لام عجيبة، وجاءت بعد ذكر حمل الأمانة وجاءت بعد نعت الإنسان أنه كان ظلوما جهولا قال: ” ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات”المشركين والمشركات ردوا الأمانة في الظاهر والباطن، لم يظهروا حملها فأنكروها في الظاهر والباطن، وبدأ بليعذب، ثم جاء للقسم الثالث الذي قال الله عنه أنه كان ظلوما جهولا وهو داخل، ولأنه داخل كان ظلوما جهولا، ابتدأ الله تعالى في ذكر القسم الثالث بقوله ويتوب، لماذا قال الله ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات؟
لأن الأمانة ثقيلة ولا يحملها على وجه التمام والكمال إلا الأنبياء، غير الأنبياء لا يحملونها حملا كاملا، فبدأ بعد أن ذكر المشركين والمشركات والمنافقين والمنافقات ولما ذكر المؤمنين فقال ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات هذا القسم الثالث الذين حملوها في الظاهر والباطن.
الله ما ذكر الفاسقين،لماذا؟
لأن الفاسقين عند ( الخوارج ) قسم رابع مستقل يقابل المؤمنين والمؤمنات، لكن أين موقعهم من الآية مع قوله ويتوب؟
لا موقع لهم، فدل هذا على بطلان مذهب الخوارج الذين يكفرون بالمعصية.
فأين الفاسقين والفاسقات؟
أين يكون موقعهم في الآية؟
أين يدخلون؟
تحت ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات، ذِكر ( يتوب ) يشعر أن المقصر ممن حمل الأمانة في الظاهر والباطن ممن خانته إرادته، ممن أخذ شيئا من الشهوات المحرمة في هذه الحياة هو داخل في المؤمنين والمؤمنات، لأن الله قال قبلها “ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات”.
فأقسام الناس الملية ثلاثة لا أربعة، ولسرٍ عظيم قال: ( ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات) ثم ختم الله الآية وجعل رأسها قوله سبحانه وكان الله غفورا رحيما، وهذا يؤكد ما قلنا.
هل الأصل في الإنسان العدالة أم الأصل في الإنسان عدم العدالة؟
الله ماذا قال عن الانسان؟
ظلوما جهولا .
الظلم بم يزول؟
الظلم يزول بالعدل، والجهالة تزول بالعلم.
لذا الأصل في خبر الإنسان ماذا؟
إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا، والفسق هو مطلق الخروج، فالعرب تقول: فسقت روح فلان أي خرجت وتقول: فسقت الحية من جحرها أي خرجت، فالفسق في الشرع يشمل الكفر ويشمل الخروج، فإن كان الخروج كاملا كان كفرا،وإن كان الخروج جزئيا كان فسقا، فالأصل في أخبار الناس كما قال الله تعالى « إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا»، والأصل في الناس أنهم على الستر، لكن في الأخبار الفسق حتى يقع التبين والتثبت.
أسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يحمل الأمانة، الأمانة في التكاليف الشرعية كلها، فأنت في هذه الحياة عشت للأمانة، ولذا يوم القيامة على جنبي الصراط الأمانة والرحم، فالشيئان اللذان يمنعان من أن يهوى الإنسان في النار يوم القيامة الأمانة والرحم، كلما أراد أن يسقط الإنسان الأمانة ترد، أو الرحم يرد، إلا والعياذ بالله إذا كان الإنسان والعياذ بالله لا يؤدي الأمانة فحينئذ هو بمقدار ما حمل من الأمانة، وكذلك الرحم.
رابط الكلمة :
 
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor

هل يسن الدعاء عند ختم القرآن وهل الأثر المروي عن أنس في ذلك صحيح

نعم؛ ثبت في جملة آثار أن لخاتم القرآن دعوة مستجابة وكان أنس بن مالك كما ورد في سند سعيد بن منصور إن ختم القرآن جمع زوجه وأهل بيته ودعا، وكانت زوجته وأهل بيته يؤمنون فلا حرج في ذلك .
 
أما الدعاء الطويل الذي يقال في الصلوات فلا أصل له في السنة ولا من فعل سلف الأمة، وكذلك كتاب “دعاء ختم القرآن” المنسوب لابن تيمية فهو كذب وافتراء عليه .
 
وكذلك لا داعي للتلحين في الدعاء، يُدْعَى بدعاء كالمعتاد ، والله أعلم .

هل كلمة مثواه الأخير وقدس الله ثراه أو طيب الله ثراه جائزة

كلمة مثواه الأخير التي تقال في نشرة أخبار الموتى، فيقال انتقل فلان إلى مثواه الأخير، أي القبر، هذا فيه إلحاد وإنكار البعث والجنة والنار، فليس مثوى الإنسان الأخير القبر، فهي عبارة ليست بصحيحة.
أما طيب الله ثرى فلان، وما شابه هذا دعاء لأن يطيب الله عز وجل وأن يقدس ويطهر من وجد في هذا المكان، ولا أرى في هذه العبارات فيها تجوز ومجاوزة، والله أعلم.

ما صحة حديث الدنيا جيفة وطلابها كلاب

هذا الحديث موضوع وكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو قيل لا أصل له لكان أجود، وبعد بحث وفتش وجدت بأسانيد ضعيفة جداً ومنقطعة عن علي عند أبي الشيخ مثلاً أنه قال: (الدنيا جيفة وطلابها كلاب)، وعند أبي نعيم عن يوسف بن أسباط قال: قال علي: (الدنيا جيفة فمن أرادها فليصبر على مخالطة الكلاب) وهذا أيضاً لم يثبت من علي، فلم تثبت هذه المقولة لا في المرفوع ولا في الموقوف.
والدنيا جيفة إن أشغلت عن الآخرة، وما أحسن الدين والدنيا إن اجتمعا، والعاقل يأخذ نصيبه من الدنيا، ويوظف حظه منها فيما يعود عليه بنفع في الآخرة، فإنها ممر للآخرة، أما احتقار الدنيا والنظر لها بمنظار أسود فهذا ليس بحسن، والصحابة أخذوا منها نصيبهم بالحلال، وتقووا فيه على طاعة الله عز وجل.

ما صحة هذا القول إذا كان هناك شخص تارك للصلاة فلا تنزل الشفاعة على أربعين…

هذا القول ليس بصحيح ويحتاج إلى دليل، وهذه تخالف قول الله عز وجل: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وهذا من خرافات الناس، وما أنزل الله بها من سلطان، فما لم يرد دليل فهي خرافة.