السؤال:
إمرأة في مكة أو في جدة وتريد أن تحجَّ هل هي بحاجة إلى محرم؟
الجواب:
الأصل في المرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم.
والمرأة التي لم تجد محرماً معذورة، لأنَّ الشرع حبسها عن السفر.
السائل:
هي سكان مكة.
الشيخ:
هي من سكان مكة لها أن تحج، لأن هذه ليست آتية سفر، أنا اتكلم عن المرأة التي تسافر.
أما امرأة في مكة، أرادات أن تحج فهل يجب عليها المحرم؟
لا.
هي من مكة إذاً لا يجب المحرم.
الحكم الشرعي المرأة إن سافرت فلا بُدَّ لها من محرم، فإن لم تجد المحرم هي معذورة، الشرع هو الذي حجبها ومنعها عن السفر فهي معذورة.
اتصلت بي مرة أخت، وسبحان الله كتب الله تعالى لها الزواج من بعض أخوانا، قالت: أنا ما أستطيع أحج ليس لي محرم.
فتجرأت وقلت لها لما لا تتزوجين؟!
فيَّسر الله لها أن تزوجها رجل وحجت هي وولده، هذا الذي تزوجها له ولد، فكان محرما له.
فالشاهد بارك الله فيكم الأصل في المرأة أن تكون متزوجة، حتى لو مات زوجها تتزوج لا حرج في هذا.
والزوج كذلك الرجل إذا ماتت زوجته ولو كان كبير سن الأصل أن يتزوج ويكون عنده زوجه.
الزوجة ليست لقضاء الوطر فقط، ليست لقضاء الشهوة فقط.
الرجل يحتاج إلى صاحب، زوجتك بالتعبير الشرعي من هي؟
اعلم علمني الله وإياك أن الزوجة هي الصاحب بالجنب، فكل صاحب بالجنب مذكور في القرآن هي الزوجة.
تحتاج إلى صاحب، و الأصحاب أقسام في صاحب قريب وفي صاحب بعيد، والأحسن من القريب والبعيد صاحبة الجنب فأين ما لفيت وجهك هي جنبك.
فالزوجة صاحبة بالجنب والأصل في الإنسان أن يكون له زوجة له صاحبة بالجنب، يتواصى وإياها بالخير ويتواصى وإياها بالصبر إلى آخره. اسأل الله التوفيق لي ولكم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٠-جمادى الآخرة -١٤٤٤هـ
١٣- ١ – ٢٠٢٣م
السؤال:
هل يجوز للمرأة أن تسافر بالطائرة دون محرم، علماً أنه يتم توصيلها للمطار والطريق آمن؟
الجواب:
النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين يقول: لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ، تُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَومٍ ولَيْلَةٍ، إلَّا وَمعهَا ذُو مَحْرَمٍ.
البخاري (١٠٨٨)، مسلم (١٣٣٩)
لا يحل: نهي.
امرأة: نكرة.
والنكرة في سياق النهي والنفي من ألفاظ العموم.
والمعنى:
أنَّ أيَّ إمرأة سواء كانت صغيرة أم كبيرة، جميلة أو شوهاء، لا يحل لها أن تسافر إلا مع محرم.
حتى لو كان الطريق آمن وبالطيارة المسافة قصيرة إلى آخره..
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل إلا مع محرم.
فماذا أقول أنا؟
قديماً في مجلس والكلام قديم، سألني سائل نفس السؤال، فقلت له بالمنع، فاستفتى غيري فقال له بالجواز.
قال: المطار قريب وبالطيارة المسافة قصيرة.
قال: فارسلتها إلى ما أدري كندا -بلد غربي بعيد- .
قال: ففي الطائرة فقدت وعيها، فبدأ الرجال يجتمعون عليها.
فقصت عليَّه القصة.
قال: فلو استقبلت من أمري ما استدبرت لأطعتك.
قلت له: استغفر الله.
بل قل: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ما لك أن تخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شيء لم يركب على عقلك، وثبت عندك في نصوص الشرع، من الأصوب عقلك أم الشرع؟
الشرع أصوب.
بتعبير آخر.
العقل والعلم إن تعارضا أيهما السيد؟
العلم وليس العقل.
عِلم العليم وعقل العاقل اختلفا
من ذا الذي منهما قد أحرز الشرفا
فالعلم قال أنا قد حُزتُ غايـته
والعقل قال أنا الرحــــمن بي عُرفا
فأفــــصح العـــلم إفصاحاً وقال له
بأينا الله فــي تــنزيله اتــــصفا
فأيقن العــــقل أن الـــعلم سيده
وقبل العـقل رأس العلم وانصرفا
فالعلم مقدم على العقل.
النبي صلى الله عليه وسلم -والحمد لله ما أدركنا القصة-؟
والله يا أخواننا احمدوا الله تعالى. كثيراً ما أتأمل أقول:
رحمة الله فينا إنه نحن في هذا الزمان وليس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
أقول أحمدوا الله أننا نعيش في هذا الزمان، ابتلاء، في قصص لو ابتلينا بها الله أعلم بحالنا، حال كثير من الناس من خلال قرائن قوية عليهم خطر.
النبي صلى الله عليه وسلم أخبر قال: أُسري بي للأقصى ورجعت في نفس الليلة.
قصة فيها امتحان للعقل، لو كنا في ذاك الزمان ماذا نقول؟
نبيك صلى الله عليه وسلم يقول لك ذهبت على الأقصى وجئت في ليلة واحدة.
ماذا ستقول؟
تصدق؟
انتبه هذ امر فحص فحص للعقل.
أبو بكر – وسُمّي الصديق- فصدق.
أبو جهل يحدث أبو بكر ويقول له أنَّ محمد صلى الله عليه وسلم الليلة الماضية ذهب إلى الأقصى ورجع، فأبو جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم لو جمعت لك قومك تحدثهم بالحديث؟
قال طبعاً أحدثهم بالحديث، فهذا حديث الصادق المصدوق.
فرح أبو جهل، قال الآن سأذهب أخبرهم خبر غير معقول، وهذا مدعاة لتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم.
فالأصل أن تكون عقولنا وصدورنا منشرحة لكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم شريطة أن يصح، هناك خرافات لا نقبلها لأنها لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما إن ثبت شيء في كتاب الله وثبت شيء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فالواجب علينا أن نشرح قلوبنا وعقولنا كأبي بكر رضي الله تعالى عنه ونصدق بما جاء في الشرع. والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٠-جمادى الآخرة -١٤٤٤هـ
١٣- ١ – ٢٠٢٣م
السؤال:
أُسافر كل أسبوع تقريبًا إلى الجنوب ويصادف بعض الأيام صيام النوافل فأيّهما أفضل أو أكثر اتباعًا للسُّنُّة في هذه الحال الصوم أم الفطر؟
الجواب:
الصائم إذا احتاج إلى خدمة غيره من المقيمين ففطره أحبُّ إلى الله تعالى من صومه لِمَا ثبت في البخاري أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليومَ بالأجْرِ» [البخاري 2890].
سافر النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه فكان السفر طويل ومتعب وصيف وحر فكان المفطرون يخدمون الصائمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليومَ بالأجْرِ».
وأمّا الصائم إذا كان لا يحتاج إلى خدمة غيره من المفطرين ﴿وَأَن تَصُومُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ﴾ [البقرة ١٨٤].
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٧-جمادى الآخرة -١٤٤٤هـ
٣٠- ١٢ – ٢٠٢٢م
السؤال:
أنا كثير السفر، بلد إقامتي الأردن، لا أجلس في أسفاري أكثر من ثلاثة أيام،كل شهر عندي سفرة، هل يجوز أن أقصر الصلوات؟
الجواب:
طبعاً، كثير السفر ولا تمكث إلا ثلاثة أيام، باتفاق أهل العلم ثلاثة أيام تكون سفراً، ولمّا تصل بلدك الأردن وتحل في مطلع المدينة التي أنت فيها فحينئذ تترك القصر والجمع.
يعني مثلاً:
سائل من الزرقاء، وذهب للسفر ونزل في مطار الملكة علياء فهو لا زال مسافر، وفي عمّان مسافر، لما يبدأ يوصل أول مدخله الزرقاء ما يُعَد امتداداً للزرقاء هو مقيم.
علي رضي الله تعالى عنه كما في مصنف ابن أبي شيبة كان في آخر حياته في الكوفة، فخرج من الكوفة فأراد أن يقصر فنظر فوجد أبيات في أعراب الكوفة، فقال: لو لا هذه الأبيات لَقَصَرت.
يعني هذه امتداد لأهل الكوفة.
لولا هذه الأبيات لَقَصَرت،
وعليه فَقِس.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٨- جمادى الأولى – ١٤٤٤هـ
٢- ١٢ – ٢٠٢٢م
السؤال:
سؤالي عن حُكم قَصْر وجمع الصّلاة في المطار أثناء الذّهاب وأثناء العودَة.
الجواب:
المطارات أقسام:
هناك مطارات خارج البلد ومطارات في داخل البلد.
فإذا كان المطار خارج البلد مثل الأخ السائِل فمطار عمّان الدّولي هذا خارج البلد فأنتَ ما تدخُل بلدَك إلاّ بعدَ أن تمشي مسافة، مثلنا لعلنا نحنُ أهلِ منطقة المرج من أقرب النّاس للمطار من أهل عمّان، فأنتَ في المطار مُسافِر، تجمع وتقصُر في الذّهاب والإياب، لأنّ المطار في خارج البلد.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
١٧ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١١ – ١١ – ٢٠٢٢م
السؤال:
سؤال من خارج الأردن:
رجل كان في طريق العودة من السفر وكان يقود سيارته ولم يتجاوز السرعة القانونية، وكانت معه والدته وخادمة نصرانية، انقلبت السيارة فماتت الوالدة وماتت الخادمة، هل عليه دفع دية لأهل هذه الخادمة؟
الجواب:
نعم.
بيننا وبينهم أهل الكتاب ميثاق. فالواجب على المسلم كما في سورة النساء إذا قتل كتابياً وبيننا وبينهم ميثاق كما قال تعالى “فدية مسلمة إلى أهله”.
الواجب الدية.
هل الواجب على من انقلبت به السيارة الصيام؟
نعم.
إخواني من قتل مؤمنا ومن قتل كتابيا بيننا وبينهم ميثاق وليس في أرض معركة، وانما بيننا وبينهم ميثاق، فمن قتل خادمة نصرانية أو رجل نصراني
فواحد دعس آخر ثم تبين بعد أن مات أنه كتابي ،فهذا قاتل وعليه دية، وعليه كفارة.
من قتل مؤمنا أو كتابيا من أهل الكتاب وبيننا وبينهم ميثاق الواجب عليه أمران.
الأمر الأول: في حق الله، وفي حق الله الكفارة، والكفارة صيام شهرين متتابعين، لا يفطر إلا بعذر، والعذر إما أن يكون حسيا قد تكون القاتلة امرأة، المرأة قد تنقلب على ولدها ورضيعها فتقتله، فالمرأة عند العادة الشهرية تفطر وجوبا، ولا تحسب من الشهرين، تصوم شهرين إذا كان عذر حسي أو عذر شرعي؛ العذر الشرعي مرض فإنسان خلال صيام الشهرين مرض فله أن يفطر، أومن أفطر بسبب السفر فكذلك لا يحسبه من الشهرين. لكن يحرم عليه أن ينشئ سفرا من أجل الفطر، قال مثلا صيام شهرين مدتهما طويلة. قال أسافر وأفطر .
لماذا سافرت؟
قال سافرت حتى افطر.
نقول له: لا حرام عليك أن تفطر.
اما إذا سافرت كعادتك فأنت من عادتك أن تسافر، فإن سافرت فلك أن تفطر. ثم تكمل الشهرين المتتابعين.
فالواجب على من قتل
الأمر الاول :الكفارة والكفارة في حق الله عز وجل.
والأمر الثاني: الدية.
والدية توزع على أولياء المقتول على حسب نصيبهم في الميراث.
هذا هو الواجب.
والله تعالى اعلم.
علما بأنه يقول أني لم أذكر أني نمت في السيارة ولم اسرع في القيادة.
فانت كنت تقود السيارة فأنت سبب الوفاة.
والواجب عليك ما قلت.
السؤال:
الأخ يسأل هل الأحناف يجوزون الجمع في السفر؟
الجواب:
لا.
الحنفية لا يوجد عندهم جمع بين الصلاتين مشروع إلا يوم عرفة ومزدلفة فقط.
أما السفر والحضر فلا يجوزون الجمع عند الحنفية.
لماذا؟
الحنفية عندهم أنَّ أحاديث الآحاد إذا عارضت الأحاديث المتواترة والنصوص المتواترة فلا عبرة بالآحاد.
وهذا ليس بصحيح.
العامّ قطعي والمُخَصِص ظنّي. فالمُخَصِص الظنّي لا يقوى على تخصيص النص القطعي.
قال أوقات الصلوات خمس، ومذكورة في قول الله تعالى: { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}
اﻹسراء[ 78 ].
ومذكورة في قول الله عز وجل: { إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا }.النساء[ 103 ]
كتاباً: أي فرضًا.
موقوتًا: أي مؤقتة إلى خمس فرائض.
وحديث الجمع بين الصلاتين ثابت في الصحيح.
لكن قالوا هو ظنّي.
حتى أحاديث السفر قالوا هي ظنّية.
فبناء على هذا الأصل لا يرون الجمع بين الصلاتين.
لو سألت حنفي مُحدِّث هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع؟
يقول لك ثبت، لكن غير قطعي.
لذا انتبه! الحنفية يقولون قراءة الفاتحة ليست واجبة في الصلاة، فهم لا يُجوِّزون الجمع ولكن أيضاً لا يوجبون الفاتحة على نفس الأصل.
فتسأل طالب علم فيقول لك قراءة الفاتحة واجبة، ويقول لك الجمع غير جائز.
يكون (أهبل) ما يفهم.
المسائل على ما هي مبنية؟
ما تفهم الأصل.
الذي يقول الجمع غير جائز لازم يقول قراءة الفاتحة غير واجبة.
لماذا؟
قالوا حديث: لا صَلاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفاتِحَةِ الكِتابِ.
مسلم (394)، البخاري (756)
حديث محمود بن لبيدة وحديث عبادة بن الصامت.
حديث في الصحيحين لكنه آحاد.
وقول الله سبحانه وتعالى { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ } المزمل[ 20 ]
في القرآن.
الآية من المتواتر القطعي، والآحاد الظنّي لا يقوى على تخصيصه.
لو سألت الحنفي، أنا صليت وما قرأت الفاتحة.
يقول لك تأثم.
وما حُكم صلاتي؟
يقول لك صلاتك صحيحة.
الحنفي يقول تأثم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا صَلاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفاتِحَةِ الكِتابِ.
مسلم (394)، البخاري (756)
فطالب العلم ينبغي إن اعتمد أصلاً أن يجعله مطردًا وأن لا يُفرِّق.
هذا التفريق ليس من شيم أهل العلم.
السؤال : ماحكم الجمع والقصر للصلاة لمن يسافر إلى بلد ويمكث فيها أسبوعاً أو أكثر؟
الجواب: القاعدة عند أهل العلم أن كلَّ ما علّقه النص كتاباً وسنّة على أمرٍ وهذا الأمر ليس معروفاً في الشرع ولا في اللغة إنما أمره إلى العُرف ، كل نص ورد في كتاب الله وفي سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم والشرع علّقه على أمر وهذا الأمر ليس له حد في نصوص الشرع وليس له حد في اللغة العربية فمرده إلى العرف ، يعني مثلاً روايتان في صحيح مسلم النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من غشّ فليس منّا ويقول : من غشّنا فليس منّا ، ما هو الغشّ؟ ما فيه غش يبحث بكل معاجم اللغة ماتعرف حدّاً ضابطاً هل هذا غش أم ليس بغش ولايوجد آية أو حديث يُبين لنا ما هو الغش ، إذن ما هو الغش؟ الكلمة فيه إلى أعراف التجار ، فأي مسألة تسأل عنها غش أم ليس غش اعرضها على التجار ،هل هذا في أعرافكم غش ؟ إن كان غشاً حرام وإن كان مأذوناً به في الأعراف فهذا حلال.
وانتبه وهذا أصل مهم،كل مسألة معلّقة على العوائد والأعراف فهذا النوع من المسائل يختلف باختلاف الأزمان والأمكنة.
يقول لك هل الأحكام الشرعية ثابتة أم غير ثابتة؟ هل تتغير الأحكام الفقهية بتغير الأزمان والأماكن أم لا تتغير ؟
الجواب – انتبه- كل ماعلّقه الشرع على الأعراف والعادات فإنها تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ، ممكن في زماننا شيء أهل الخبرة مايعتبروه غشا ويكون حلالاً لكنه لو كان عند من قبلنا لكان غشاً ، فكان قديماً حراماً والآن حلال فالحكم يختلف باختلاف الأعراف والعوائد وهذا أمر معروف،فهذا فقط النوع من الأحكام تختلف أحكامه باختلاف الزمان والمكان، وفصّل في هذا وطوّل فيه ابن القيم في كتابه البديع “إعلان الموقعين”.✍️✍️
↩️ الرابط:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
السؤال: شيخنا بارك الله فيك، رُخَص السفر، الآن المسافر هل له أن يأخذ هذه الرُخَص أحياناً وأن يترُكَهَا أحياناً؟
الجواب:
ما دام رُخْصَة نعم.
لكن هناك رُخصَة وهناك عزيمة فالقَصرُ عزيمة.
فلم يثبت أن النبي صلى الله عليه أتمَّ في سفر وإنما صلى الله عليه وسلم كان يقصُر، القصر واجب وهو عزيمة، أما الجمع فالنبي صلى الله عليه وسلم أراد أن لا يحرِج أُمته فهو سنة، ولك أن تفعلها ولك ألا تفعلها، والأفضل أن يفعل المُسافر الأرفق به، سواء كان الجمع تقديماً أم تأخيراً أو كان الصلاة في وقتها ،كالمترفه فهو ليس عنده شيء متفرغ فهو يحتاج إلى أن يتذكر ويصلي فلا يجمع، إنسان يقضي غرضاً ويركب، فالأرفق به يفعله تقديماً أو تأخيراً
والله تعالى أعلم.
السائل:
شيخنا إذا كانت هناك مصلحة مثلاً في ترك عزيمة وهو القصر، هل له ذلك؟
الشيخ:
إذا صلى خلف مُقيم الواجب عليه الإتمام، فقد ثبت عند أحمد عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه سُئِلَ عن المسافر إذا صلى خلف مقيم فقال رضي الله تعالى عنهما يُتِمّ
وفي رواية صحيحة عند أحمد قال تلك سُنة أبي القاسم.
علماء المصطلح يقولون: القول بأن تلك سنة أبي القاسم لها حكم الرفع للنبي صلى الله عليه وسلم.
فالمسافر متى صلى خلف مقيم يُتمّ ولا يقصر إلا إن صلى إمامً فيَقصُر
السائل:
هل يجب أن يَقصُرإذا قلنا بالعزيمة؟
الشيخ:
طبعاً يجب القصر، لم يثبت أبداً أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى بإتمام في سفر، والأحاديث الواردة أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث عشرين يوماً لمّا فتح مكة والأحاديث الواردة في اتمامه مدارها على مجاهيل ومناكير من الرواة، والثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث عشرين يوما يَقصُر في فتح مكة، ولذا الإمام البخاري في صحيحه جعل أقصى حد للمسافر بالقصر عشرين يوم، قال استقرأت كل فعل النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته عشرين يوم قصر الصلاة وما وجدت زيادة عليه، أما الآثار فلا تخفى عليكم آثار الصحابة كانوا يقصرون ستة أشهر وزيادة.
السائل:
شيخنا بارك الله فيك هل نأخذ من هذا مثلاً الذي نعرفه ودرسناه، أن الأصل في أفعال النبي عليه الصلاة والسلام أنها ليست على الوجوب، هل هذا الكلام صحيح أو يُقيّد إلا إذا كان لا يُعرف خلافه.
الشيخ:
جزاك الله خير.
متى كان فعل النبي صلى الله عليه وسلم امتثالَ أمر قولي فهو واجب، أقول لك شيئاً:
ما قولك في قطع يد السارق من الرسغ وقطع اليمنى؟
واجب، ولا خلاف في ذلك ، إلا أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم المضطرد ولم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم خلافه أنه قطع من الرسغ في اليد اليمنى، وهي امتثال لقول الله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فإذا كان فعل النبي صلى وسلم امتثال أمر قولي ولم يفعله إلا على وجهة واحدة فحينئذ هذا الفعل الذي هو امتثال الأمر القولي واجب وما عدا ذلك الأصل في فعله صلى الله عليه وسلم السُنية وليس الوجوب
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ : (فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ) والنبي صلى الله عليه وسلم ما ثبت عنه البتة أنه أتمّ في سفرٍ، وبالتالي القول بأن القصر يكون ثلاث أيام أو أربعة أيام كما يقول الحنابلة ومشايخ من الكبار من الحنابلة يُخالفه فعل النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، وشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى له نقاش وكلام طويل في هذا الباب.
السائل:
ولكن يا شيخ يقول الأحوط أن نأخذ بقول الجمهور.
الشيخ:
الأحوط أن الأصل في الصلاة أنها ركعتين.
السائل:
أقصد المدة الأربعة أيام.
الشيخ:
أربعة أيام تقصر ، تقصر ولا تتم، إلا إن صليت خلف مُقيم.
أنت وَرِع، لكن السُنة هي الوَرَع
السائل:
بارك الله فيك شيخنا لست ورعاً، أنا سائل.
الشيخ:
الله يوفقنا وإياك، سؤال وَرِع.
السائل:
شيخنا اسمح لي بعض الإخوة الأئمة يُنتَدَبون، مثلاً يُسافر لكي يؤم، في رمضان أو كذا فيُقَدم إمام لصلاة العشاء ويصلي التراويح فيُتِمُّ.
الشيخ:
المسافر له أن يقوم الليل وله أن يصلي التراويح، لكن هو حتى يخرج من هذا يُصلي مأموماً في الفريضة، الفريضة ما يصلي إماماً، يصلي مأموماً في الفريضة، ثم يقوم الليل ويصلي قيام الليل لرمضان.
السائل:
لكن هم ترتيباتهم أو بالوزارة هكذا.
الشيخ:
يُهيّئ نفسه بترتيب ثاني، المسافر إن صلى إماماً يقصر، وإن صلى مأموماً يتم.
والله أعلم.
السائل:
شيخنا أفهم من كلامكم السابق أن فِعل النبي عليه الصلاة والسلام إذا كان امتثالا لأمر، والقيد الثاني: ولم يفعله إلا على وجهة واحدة فهو واجب.
الشيخ:
نعم، وإلا لقلنا قطع اليد ليس واجب ولا أحد يقول بهذا، وليس لنا دليل إلا فعله.✍️✍️
السؤال :
ما هو ضابط العرف الذي يحدد للسفر، وهل الواجب أن يقول كل الناس بأن هذه المسافة سفر ؟
الجواب:
المسألة فيها خلاف، والخلاف مبني على توجيه بعض الأحاديث ومبني على أقوال لبعض التابعين.
والكلام في المسألة يطول ولكن، مثلا، سفر النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في الرابع، ومكث فيها الخامس والسادس والسابع، ثم انتقل النبي صلى الله عليه وسلم في الثامن إلى منى، فقال بعض أهل العلم أن السفر ثلاثة أيام غير اليوم الذي تصل فيه. ثم النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في هذا السفر؛لكن هذا دليل ناقص. صحيح التوجيه، لكن ناقص. لماذا ؟ لأن النبي في فتح مكة مكث فيها تسعة عشر يوما. وكان النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة كان يقصر؛ مكث تسعة عشر يوما.
الإمام البخاري أراح نفسه . الإمام البخاري في صحيحه أفاد أن من مكث تسعة عشر يوما مسافر، زاد عنها ليس بمسافر. لأن أطول مدة قصر فيها النبي صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يوما. والأحاديث التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة قد أتم ولم يقصر كلها فيها رواة مجاهيل أو متروكين، يعني أنها ضعيفة أو شديدة الضعف ولم تثبت. لكن الصحابة مكثوا فترة أطول من تسعة عشر يوما، لما حاصروا سجستان وغيرها، وكانوا يقصرون لمدد طويلة جدا.
فالشاهد أننا أمام أشياء، إما أن نأخذ بنص فنقرر شيئا بمعزل عن سائر النصوص، وإما أن نأخذ بجميع النصوص. والواجب الإعمال لا الإهمال، والواجب إعمال جميع الأدلة لا إهمال بعضها، والعبرة بالعرف. ما هو العرف ؟
كل حكم علقه الشرع على شيء، ولم يجعل له حدا، ولا يوجد له حد في اللغة، فأمره إلى العرف.
يعني، السفر لا يوجد في العربية ضابط للسفر، ولا يوجد في الشرع ضابط للسفر، فالحكم في السفر متروك للعرف.
فإذا كنت بين أقوام، وكان العرف أنك مسافر، فحينئذ لك أن تقصر ولك أن تجمع؛ تقصر عزيمة وتجمع رخصة.
وأما إذا كنت غير مسافر، فحينئذ الواجب عليك أن تتم ولا تقصر. يعني رجل له زوجتين وفي بلدتين، فهو هناك مقيم وهناك مقيم. والسفر يكون في الذهاب والإياب. فيقصر وهو ذاهب وكذلك وهو راجع. وأما في بيته مقيم والبيت الآخر الذي سافر اليه مقيم، وهكذا، وهكذا.
فالمسألة عرفية.
والله تعالى أعلم.✍️✍️