قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله :
أصل الخوارج معروف قديماً ، وأنهم أول ما ظهروا في زمن العطايا في أواخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم، الخوارج طماعون يتكسبون بالدين ويريدون الدنيا، وبصِفة عامة، ولو نظرت حولك وتفقدت لوجدت فما أكثر الذين يمتطون الدين للدنيا! وهذا الامتطاء في أي جانب من الجوانب، لكن يتمثل بشكل أكبر في الوصول إلى الخلافة الكبرى، أما أصل هذا الامتطاء، فقد بدأ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
فكل من أراد الدين مطية وطوّع الدين لمصالحه، ودور الدين معه وهو لا يدور مع تعاليم الدين، فهذا فيه بذرة الخوارج، البذرة الأولى للخوارج.
من أراد أن يطوّع الدين للمصالح، فهذه مصيبة المصائب، والأصل في المسلم أن يدور مع الدين، وأن لا يجعل الدين يدور معه.
فبعض الناس يدور الدين كما يريد نسأل الله العافية.
المصدر:
البث المباشر – درس شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان،
تاريخ:
24 ربيع الآخر 1447 هـ
16 أكتوبر 2025 م
[ السَّلفية التي دعا إليها شيخُنا الألباني -رحمه الله- هي ما كان عليه الصَّحابة والتابعون وتابعوهم ]
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
فالسَّلفية التي دعا إليها شيخُنا الألباني -رحمه الله- سلفيَّة حقيقيَّة.
السَّلفية التي دعا إليها شيخُنا الألباني -رحمه الله- هي ما كان عليه الصَّحابة والتابعون وتابعوهم ، فلسنا بحاجة لتنظيم، ولسنا بحاجة لحزب.
وإذا أردنا أن نتنزَّل مع هؤلاء المبطلين فنقول: حزبُنا له هيئة تأسيسيَّة، والهيئة التأسيسيَّة للسَّلفية هم: (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة رضي الله عنهم)، ولا نَقبل بهم بديلًا.
ومِن الظلم للسلفية ، والظلم اللاحق بها كثير ومنتشر وشديد، وبعضه -نسأل الله عز وجل العفو والعافية- يدل على جهل مركب-الجهل المركب أن يكون صاحبُه جاهلًا ويجهل أنه جاهل-، كصاحب هذه الدعوة ، هذه الدعوة الباطلة الدَّالة على جهل بالدَّعوة السَّلفية، والدَّالة على الجهل بشيخنا الإمام الألباني -رحمه الله-، هي مفضوحة ومكشوفة؛ لأن شيخنا الألباني -رحمه الله- كان أشد الناس لا أقول قسوة إنما رحمة، كان يرفع الآصار عن الشباب المتحمسين التي يدعو إليها هؤلاء الحزبيون، ولا سيما ممن نهج منهج التكفير فضل السبيل.
المصدر:
سلسلة دفاع الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان عن شيخه محدث العصر ومجدده محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله -6- .
26 ذو القعدة 1442 هـ
6 يوليو 2021 م✍️✍️
الفتوى تحتاج إلى الأدلة ، الله تعالى يقول: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (سورة النحل، الآية 43). الله يسأل الذي لا يعلم فيقول له: ﴿فَاسْأَلُوا﴾ يا من لا تعلمون أهل الذكر الذين يعلمون، ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ (سورة النحل، الآية 43؛ وسورة الأنبياء، الآية 7).
اسألوهم بالبينات والحجج، أنا لَما واحد يسألني، لا يريد جوابي ، وهو ما تعمّد أن يسألني لذاتي، وإنما هو ظن أني على علم، فلما أجيبه ؛ الواجب عليّ أن أجيبه وأن أذكر الدليل على علمي ، ودليلي على علمي أن أقول: قال الله، قال رسول الله ﷺ .
لذا بعض الأئمة يزعل لما تقول:
“هذا الدليل”، مع أن الله يقول: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ .
أن تسأل بأدب، الأدب شيء والسؤال شيء آخر، فالأصل في من أراد أن يسأل ألا يُلزَم بجواب إلا بـ “قال الله، قال رسول الله ﷺ”، ومن غير قال الله قال رسول الله ﷺ ليس بصحيح.
رجل كان خطيبًا توفي، سمعته يعظ موعظة قبل يوم عرفة بيوم في مسجد في مكة، وكنتُ جالسًا في زاوية من زوايا المسجد وحولي مجموعة من إخواننا من طلبة العلم من أكثر من بلد، فبدأ يقول كلامًا غريبًا عجيبًا !
قال: في أزمة غدًا وزحمة في الحج، افعلوا كذا وكذا وكذا اليوم، استغرَب بعض الإخوة الكويتيين كان حولي، قال: غريب!
نفعل اليوم ، قبل عرفة بيوم؟!
قالوا: هذا تعرفه؟
قلت: ما لي وله، لا أعرفه، اذهب إليه وسله، قولوا: يا شيخ، شو دليلك؟
فذهب إليه، قال: يا شيخ، إيش دليلك أقف اليوم بدل غد؟
اسمع!
والله، تسمع وتعجب!
أنا أرقبه سأله بعد الدرس، وأنا أرقبه، فوضع يده على رقبته وقال: ضعها في هذه الرقبة.
قال:
قِف اليوم (وقوف عرفة) وضعها في هذه الرقبة !
هذا علم؟
هذا دين؟ هذا دين عجب؟ عجب!
أقف بعرفة قبل بيوم وأضعها في رقبة فلان ؟!
هذا دين؟!
شيء عجب.
قلتُ ممكن هذا ممكن أن يكون رافضي مُبطَّن، والروافض يقفون اليوم في عرفة، وليس الغد ، لأن الروافض يخالفون أهل السنة، فممكن يكون رافضي مُبطّـن ، وأنه خائف يقول أنا رافضي.
قال:
أنا أريد أن أقف في عرفة اليوم، أنا ذاهب إلى عرفة ، أقف اليوم عرفة!
لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، تَحزن لما العلم يُمارس فيه أشياء كلية ما قال بها إمام مُعتـبَر بهذه الطريقة، والله إنك تحزن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المصدر:
البث المباشر – درس شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
08 جمادى الآخرة 1445 هـ
21 ديسمبر 2023 م
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
انتبه!
شيء مهم لا يتفطن له كثير من طلبة العلم:
مذهب أهل الحديث غير مذهب الظاهرية.
كثير من الناس يعتقد أن مذهب أهل الحديث هو مذهب الظاهرية.
وأكثر شيء يميز بين مذهب أهل الحديث و مذهب الظاهرية:
أن أهل الحديث يُـعمِلون القياس ويرون حجية القياس، وأن أهل الظاهر يَجمدون ولا يعملون بالقياس.
شيخ الإسلام له تقرير بديع لا أظنك تجده في كتاب ولا تسمعه على لسان، ووضحه وفصله طويلاً شديداً ابن القيم، وأخذ مساحة طويلة في كتابه إعلام الموقِّعين عن رب العالمين.
قَرَّر أن الشريعة كلها معقولة مطَّردة، وكلها على وِزان واحد، وليس فيها شيء خارج عن القياس، كلها قياس صحيح.
يقول ابن القيم في المجلد الرابع، صفحة 158 من إعلام الموقِّعين عن رب العالمين -عبارات قليلة، ثلاث أربع أسطر، لكنها بديعة، وقالها بعد جهد كبير وبعد بيان شديد-، قال:
وهذا مما حصلته من شيخ الإسلام قدس الله روحه وقت القراءة عليه، وهذه كانت طريقته، وإنما يقرر أن القياس الصحيح هو ما دل عليه النص، وأن من خالَف النص للقياس ؛ فقد خالف النص والقياس معًا.
إذاً -من باب التأكيد-:
مَن خالف النص للقياس ؛ فقد خالف النص والقياس معًا.
الشريعة مطردة سهلة.
لذا ابن القيم قبل ما يقرر هذه الحقيقة قدم لها بمقدمتين في كتابه إعلام الموقِّعين عن رب العالمين:
المقدمة الأولى أمثال القرآن التي نحن نقرأها الآن مع إخواننا، والمقدمة الثانية الرؤى والمنامات.
الرؤى والمنامات قائمة على أصول مطردة، الرؤى والمنامات تلخّص الأصول بورقة، إن حفظتها وكنت صاحب فراسة ومَلكة فحينئذ تصبح مُعبِّراً.
فالشريعة كلها مطردة تسير في اتجاه واحد.
وأزيدكم شيئاً نفيساً ذكره ابن القيم، ولكن لا أستطيع التفصيل، أذكره إجمالاً، لما بيَّن ابن القيم أن أحكام الشروع غير أحكام الوقوع، وأحكام البدايات غير أحكام النهايات، قال في كثير من الفروع:
ولجأ شيخ الإسلام إلى أن أحكام الشروع غير أحكام الوقوع لأنه رأى أن الشريعة مطردة قائمة على وزان واحد.
فلما تكون الشريعة قائمة على وزان واحد لابد أن تراعي أن أحكام الوقوع غير أحكام الشروع، أحكام الانتهاء غير أحكام الابتداء، وفصَّل هذا الإمام ابن القيم وطوَّل فيه.
هؤلاء العلماء الربانيون الذين يفهمون الشريعة بفهم سهل ميسور، ويفهمونها على أنها قواعد مطردة سهلة، وليس فيها شيء خلاف القياس.
كان يُدرّس في الدراسات العليا، الشيخ عمر بن عبد العزيز العراقي رحمه الله، خلاف القياس، وألَّف كتاباً مطبوعاً وهو جميل للغاية سماه:
المعدول به عن القياس عند شيخ الإسلام ابن تيمية.
وردَّ ابن القيم على كثير من الفقهاء بزعمهم أن هذا يخالِف القياس، فلما كان يوجّه أن هذا الفرع ليس مخالفاً للقياس وإنما هو وفق القياس، يضطر أن يقول:
هذا أحكام وقوع وليس أحكام شروع، وهذه ومضة تكفي.
المصدر:
البث المباشر – درس شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
08 جمادى الآخرة 1445 هـ
21 ديسمبر 2023 م✍️✍️
[سبب البأس الشديد في الأمة هو الحكم بغير ما أنزل الله ]
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«سألتُ ربي ثلاثًا ، فأعطاني اثنتينِ ، ومنعني واحدةً ؛ سألتُ ربي أنْ لا يُهْلِكَ أمتي بالسَنَةِ ، فأعطانيها ، وسألتُهُ أن لَّا يُهْلِكَ أمتي بالغرَقِ ، فأعطانِيها ، وسألْتُهُ أن لَّا يَجْعَلَ بأسَهم بينَهم ، فمنَعَنِيها».
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 3593
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية -شمال المدينة- حتى إذا مر بمسجد بني معاوية فدخل، فركع فيه ركعتين، وصلينا معه، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه دعاءً طويلًا ثم انصرف إلينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “سألت ربي فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة”، قال: “سألت ربي لأمتي ثلاث دعوات، فالله جل في علاه أعطاني اثنتين ومنعني الثالثة”، انتبه سأسمعك الاثنتين والواحدة، وأسألك سؤالًا، والمرجو منكم -وكلكم فطناء وطلبة علم وأذكياء- أسمع منكم الجواب.
والسؤال مهم، وكثير من الناس يتشككون فيه، اسمعوا ماذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه لأمته ، وما هي الخصلتان اللتان أعطاهما الله تعالى لأمته وما هي الخصلة التي منعها إياه، قال: “سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها”.
لا يوجد زلزال أو مجاعة أو أي سنة من سنن الله عامة تهلك الأمة بتمامها، لا، هذا قد أعطانيه، مطمئنون لهذا، هذه الأولى.
الثانية: “قال وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها”:
غرق يغرق الأمة مثل ما حصل مع نوح عليه السلام، هذا لا يكون، هذه الثانية التي أعطانيها.
قال صلى الله عليه وسلم:
“وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم شديدًا فمنعنيها”.
البأس، بأس أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيما بينهم، ايش؟ شديد، بأسهم بينهم شديد، هذا أعطاها الله لنبيه أم منعها؟ منعها.
طيب أقرب لكم الجواب، كيف أقرب الجواب وأنا ما سألت السؤال بعد؟
هل الحكام كفار؟ الحكام الذين يحكمون المسلمين هل هم كفار؟ طيب أقرب لكم الجواب واسمع منكم الجواب، ثبت من حديث عبد الله بن عمر في سنن ابن ماجه و شعب الإيمان للبيهقي قال: “يا معشر المهاجرين خمس إن تدركوهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن”.
وذكر خمسة أشياء، الذي يهمني من هذه الخمسة قوله صلى الله عليه وسلم:
“وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا جعل بأسهم بينهم شديدًا”.
هل النبي ﷺ يعلم أن الحكام في آخر الزمان -حكام أمته- سيحكمون بغير ما أنزل الله؟ يعلم أو لا يعلم؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “وسألت ربي ألا يجعل بأسهم بينهم شديدًا فمنعنيها”، طيب ما هو سبب البأس الشديد؟
قال: “وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا جعل بأسهم بينهم شديدًا”.
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الحكام سيحكمون بغير ما أنزل الله؟ نعم، كيف يعلم؟ لازم قوله: “فمنعنيها”، لأن سبب البأس الشديد هو الحكم بغير ما أنزل الله، فسأل ربه ألا يجعل بأسهم بينهم شديدًا فمنعنيها، فإذاً كان النبي ﷺ يعلم أن الحكام في آخر الزمان -حكام المسلمين- سيحكمون بغير ما أنزل الله، وسكت عن تكفيرهم ، قال:
«يا مَعْشَرَ المهاجرينَ ! خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ : لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ ؛ حتى يُعْلِنُوا بها ؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا ، ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم ، ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا ، ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم ، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم ، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم».
المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 7978
الخطاب للمهاجرين ، يا معشر المهاجرين ، ولذا قلت لكم أن الانشغال بتكفير الحكام لا يقدم ولا يؤخر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، انشغلوا بالعلم الشرعي الصحيح، ننشغل بتعليم الناس دين الله سبحانه وتعالى، ولا ننشغل بالذي يصنعه بعض المتحمسين الذين لا يعرفون جل أحكام الشريعة، فالواجب علينا أن نتعلم أحكام ديننا، فربنا يُعلم نبينا صلى الله عليه وسلم، ربنا أخبره أن البأس الشديد موجود، وسبب البأس الشديد هو الحكم بغير ما أنزل الله، والنبي ﷺ سكت.
فالشاهد الأصل أن ننشغل بالأحاديث الصحيحة الصريحة في هذه الأمة.
المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الثانية.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️
[ اليوم الرأي مـقدَّمٌ على النص!
مقـدمٌ على قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ]
ليس لك خيار فيما قضى الله عز وجل وقضى فيه رسوله صلى الله عليه وسلم، هكذا تنجو من الفتنة، أن تكون مع الأولين، وأن تفهم الدين بفهمهم، وأن لا ترد دين الله سبحانه وتعالى بعقلك ولا برأيك، أن ينشرح صدرك لما ورد في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما انشرح صدر أبي بكر في رحلة الإسراء والمعراج.
أبو جهل يقول لأبي بكر: قل: أبلغك ماذا يزعم صاحبك؟
قال: إيش بلغني؟ قال: ذهب الليلة الماضية، ذهب للأقصى وعُرج به للسموات السبع، قال: أنا صدقته في أكبر من هذا، فصدره انشرح، قال: لو جمعت قريشًا تخبرهم؟ قال: نعم أخبرهم.
ترى فتنة !
إذا حكمت عقلك فيما جرى في الإسراء والمعراج، والنبي صلى الله عليه وسلم غاب في المساء ورجع في الصباح، راح وذهب للأقصى وأم بالأنبياء وصعد للسموات السبع والتقى بالأنبياء، هذا إيش يحتاج؟
استسلام يحتاج إيمان، فتذكر أبا بكر لما تقرأ أحاديث الفتن وعضوا بالنواجذ.
وقلنا أهم شيء الدجال، الدجال معه نهر، معه جنة ونار، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: جنته نار وناره جنة، لو الآن جاء الدجال
ودعا الناس إلى جنته وناره، أين تكون؟
والله فتنة في الحال، هل تدخل النار؟
نعم أدخل النار، لماذا أدخل النار؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ناره جنة، وخبر ثابت صحيح.
فما ورد في الأخبار الثابتة الصريحة الصحيحة في أشراط الساعة الواجب أن تنشرح لها صدورنا وأن نؤمن بها على مراد قائلها، أما إذا أعملنا الرأي والعقل فمشكلة، طيب، الرأي يُعمل به أو لا يُعمل به؟
مسألة مهمة تحتاج لبحث، وبحثها بحثًا عجيبًا الإمام ابن القيم في مطالب كتابه” إعلام الموقعين”، وإعلام الموقعين من الكتب المهمة، وأنصح طلبة العلم أن يقرأوها.
يسر الله لي أن حققت
كتاب إعلام الموقعين وسبب تحقيقي للكتاب اتصل بي مرة الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله، فقال لي: سمعت الشيخ الوالد ابن باز رحمه الله يقول: كتاب الإسلام إعلام الموقعين، والله استثقلت العبارة، كنت نظرت في إعلام الموقعين فقلت: أجرد، أقرأ الكتاب، فقرأته فوجدت العبارة صحيحة، فيسر لي أن قرأت، وحصلت عدة نسخ خطية من الكتاب وقرأته، وقابلت النسخ وقرأت الكتاب يعني 30 أو 40 مرة قرأت الكتاب، ووجدت فيه من الدرر والكنوز والمخبآت ما الله به عليم.
فابن القيم لما تعرض للرأي عقد فصلًا في ذم الصحابة والتابعين للرأي، ثم بعده عقد فصلًا في قول الصحابة والتابعين
بالرأي كقول ابن مسعود: “إنما أقول برأيي فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن الشيطان”، ثم وفّق بين قول من ذمّ الرأي ومن قال به من الصحابة والتابعين.
قال:
والرأي عند فقدان الدليل معتبر ولا يُلزِم، فكان الصحابة والتابعون لا يُلزِمون أحدًا برأي.
اليوم الرأي مقدم على النص!
مقدم على قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورحم الله أبا قلابة الجرمي، عبد الله بن زيد الجرمي، قال مقولة ما أجملها وما أهنأها وما أمرأها للسني وما أشدها على المبتدع، كان رحمه الله تعالى يقول:
“من قلت له: قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لك: دع عنك هذا وهات العقل، قال: فاعلم أنه أبو جهل”، من قلت له: قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لك: “دع عنك هذا وهات العقل”، قال: “فاعلم أنه أبو جهل”.
ثم قال: “من قلت له: قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لك: دع عنك هذا وهات الذوق والوجد، أنا أريد الوجد والذوق كأصحاب الطرقيين”، فقال لك: “دع عنك هذا وهات الذوق والوجد”، قال: “فاطرحه واخُنقه واقرأ عليه آية الكرسي فإنه شيطان”.
رحمه الله، رحمه الله تعالى.
هل الآن يوجد في الأمة من يفهم الدين على غير فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
كثير كثير.
التحريف حاصل في الأمة، وأول من أصَّل التحريف علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه إذ شاهد الخوارج الذين كفروه وخرجوا عليه، فكان يقول عبارة بليغة حسنة مليحة جامعة شاملة مهمة في قتاله للخوارج، كان يقول: “والله لأقاتلَنَّكم على تأويله كما قاتل النبي صلى الله عليه وسلم الكفار على تنزيله”.
لأقاتلنَّكم على تأويله كما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكفار على تنزيله، النبي صلى الله عليه وسلم قاتل الكفار الذين ما آمنوا بالتنزيل، أما علي رضي الله تعالى عنه فكان يقاتلهم على التأويل الباطل.
المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الرابعة.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️
[الخوارج: نشأتهم، تاريخهم، وعلاماتهم ، وهل هم كفار ؟]
قال فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله:
وفي ثوب بلال فضة ، وكل الناس راجعين من غزوة حنين، بعد أن نال كل واحد منهم ما نال، ومع هذا، بقيت بقية من الفضة فجعلها النبي ﷺ في ثوبه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ منها ويعطي كل من جاء من غزوة حنين، كل من يرجع من غزوة حنين أخذ شيئاً ، قالوا: في ثوب بلال فضة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها ويعطي الناس -غير العطايا-، أيضًا اعتراض على العطية في أصلها واعتراض على هذه الحال.
فقال:
يا محمد اعدل، اعدل يا محمد، اعدل.
فالنبي صلى الله عليه وسلم بدأه:
ويلك، ويلك، الويل لك، ويلك، ومن يعدل إذا لم أكن أنا أعدل؟
وقالوا: أول ظهور للخوارج في هذه القصة.
والخوارج بدأوا هاهنا، ومتى ينتهوا الخوارج؟
تخرج فئة منهم مع الدجال تقاتل معه.
الخوارج باقون من زمن النبي صلى الله عليه وسلم من هاهنا -أي في هذه القصة- إلى وقت الدجال.
والنبي صلى الله عليه وسلم وصف خروجهم:
يخرجون وينقطعون، يخرجون وينقطعون، كلما خرجت طائفة منهم قُـطِعوا.
قال النبي ﷺ : قُطعوا.
صيغة الفعل المبني للمجهول ، من الذي يقطعهم؟
① العلماء بالحجج والبرهان والبيان كما فعل علي لَمّا ناظرهم.
② والحُكام.
هذه سنة الله فيهم:
يظهرون بين الحين والحين وينقطعون.
والخوارج أول فرقة بدعية ظهرت في الإسلام، وبعد هذا الظهور تمزقوا واختلفوا خلافا شديدا فيما بينهم ، ومن تتبع أخبارهم علم ذلك، وهذه سنة باقية لله.
فمن خرج عن طريق أهل السنة والجماعة، فإن الخارجين لَن يبقوا على قول واحد، وإنما سنة الله الماضية فيهم أنهم يبقوا يخرج بعضهم على بعض ، ولا يجتمعون على كلمة.
وهذا أمر رأيناه فيمن فارق السنة والجماعة، فالمفارقة قد تبدأ بشبر وتنتهي بذراع.
قد تبدأ مفارقة أهل السنة والجماعة على شيء قليل.
علامة الناجي أمران، وينبغي لك يا طالب العلم أن تتأمل جيداً قولك: (أهل سنة وجماعة).
أهل سنة :
خلاف بدعة، وأهل جماعة خلاف فرقة.
فلا يَجمع العقول إلا السنة النبوية، وغير السنة تُفرِّق ولا تَجمع.
فكل من يقول لمن دعا لسنة: إنك تُفرِّق ؛ هذا لا يَفهم سنن الله جل في علاه.
لا يمكن أن نجتمع إلا بالسنة، (أهل السنة والجماعة) هذا شعار الناجين عند الله عز وجل ، وأول من خرج عنه الخوارج.
والخوارج باقون لكنهم مندحرون ، يظهرون بين الحين والحين، كلما خرج منهم قَرن ؛ قُـطِع -قطعه الله وفق سنته-.
فأول ما بدأ الخوارج في اتهام النبي ﷺ بأنه لَم يَعدِل!
ومن يعدل إذا لم أكن أعدل؟
لقد خِـبتُ وخَـسرِتُ إن لم أكن أعدل ، أو لقد خِـبتَ وخَـسِـرتَ إن لم أكن أعدل.
(على الضم) والمعنى ظاهر ، خِـبتُ وخَـسِرتُ إذا لم أكن عادلاً.
والأشهر ورواية الأكثر بالتاء المفتوحة:
لقد خِـبتَ أنت ، وخَـسِرتَ أنت إن لم أكن أنا أعدل.
فأنت أهل خسران وأهل تباب.
فأنت تابع لي ومقتدياً بي، فأنت صاحب تباب، صاحب خسارة، ما دمتُ أنا لا أعدل ، فقائدك لم يعدل، فأنت مثله!
(فقال عمر) ، وفي رواية في حديث أبي سعيد فقال :
(فقال خالد) ، وفي رواية أخرى في حديث أبي سعيد فيها ذكر (عمر وخالد)، قالها عمر ثم قام خالد فقالها.
وهذا كما قلنا لا إشكال فيه ولا تعارُضَ فيه، فبدأ عمر بقوله رضي الله تعالى عنه:
دعني يا رسول الله ﷺ فأقتلَ هذا المنافق.
فأقتلَ (بالنصب) على أنها جواب الأمر، (دعني) يا رسول الله فأقتل هذا المنافق.
فبدأها عمر، فلم يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم بقتله،
فخالد جالس، وخالد يَعرِف أين السيف يوضع، وهذا الموضع موضع سيف، وموضع السيف من شأن خالد، فما قنع باعتراض عمر.
فأعاد عليه صلى الله عليه وسلم وكان جوابه هو هو.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
معاذ الله.
معاذ الله أن أعمل على قتلِه.
هل هذا دلالة على عصمة دمه؟
لا، ليس دلالة على عصمة دمه، معاذ الله ، منصوبة على المفعول به ، وتقديره:
أعوذ بالله عوذاً وأستعيذ به استعاذة أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي.
هذا مقصد مهم جداً للنبي صلى الله عليه وسلم، إن هذا المعترِض وأصحابه فله أصحاب، سبحان الله!
لَما سمع النبي ﷺ له أصحاب ، سنة عجيبة!
قال: إن هذا من أي أصحابه؟
من أين؟
ما يستطيع أحد ينكر على النبي صلى الله عليه وسلم، وينكر على ولاة الأمور ، إلا وله أصحاب، هذه سنة.
فأصحابه مسكوت عنهم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أدرج أصحابه مع هذا الرجل، هذه الشنيعة، أمرٌ بشع لا يقدر عليه واحد ، إلا جمع متواطئون فيما بينهم.
هذا معنى كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فمباشرة قال:
إن هذا وأصحابه، والعجب أنه ذكرهم بقوله ﷺ :
يقرأون القرآن.
يقرأون القرآن ؟
نعم يقرأون القرآن، ويشعروك أنهم أصحاب ديانة.
قال ابن عباس وذُكِـر عنده الخوارج وما يَلقونَ عند تلاوة القرآن ، فقال رضي الله تعالى عنه:
ليسوا بأشد اجتهاداً من اليهود والنصارى، ثم هم يضلون (أصحاب ضلالة ويضلون الناس)، يقرأون القرآن بألسنتهم، لا يجاوز حناجرهم، حلاقيمهم في رواية أخرى.
[ الناتئة في آخر الرقبة ] هذه الحناجر.
يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية.
هل الخوارج كفار؟
في أصل الخوارج أنهم ليسوا كفاراً ، وهذه الفرق التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم:
افترقت اليهود على 71، وافترقت النصارى على 72.
وستفترق أمتي على 73، هل هم كفار؟
لا، انتبه!
أمة محمد صلى الله عليه وسلم إن ذكرت في الأحاديث يراد بها أمران:
① إما أنها أمة دعوة.
② وإما أنها أمة استجابة.
اليهودي والنصراني من أمة محمد ﷺ ؟
(نعم) ، و (لا).
إن قلتَ نعم بمعنى أنهم من أمة دعوته ﷺ ، فالنبي ﷺ مدعو إليهم وهم مأمورون أن يستجيبوا للنبي ﷺ ، أما هل هم من أمة الاستجابة؟
لا، لا يسوا من أمة الاستجابة.
الآن انتبه!
قال النبي ﷺ : افترقت اليهود، افترقت النصارى، ثم قال: ستفترق أمتي.
إذن قوله ﷺ :
(ستفترق أمتي) المراد في الأمة أمة استجابة، لأن أمة الاستجابة جُـعِلَت في الحديث نفسه مقابل أمة الدعوة.
اليهود والنصارى من أمة الدعوة، ثم قال: ستفترق أمتي، فالمراد تفترق أمتي وهم ليسوا كفاراً، تفترق أمتي هم أهل فُـرقة ، ولكنهم ليسوا كفاراً.
ولذا العلماء قالوا:
إن الخوارج ليسوا كفاراً وما خرجوا من الملة، وتكلم عن هذا جمع، ومن أحسن ما يُذكَر مذهب علي الذي خرجوا عليه رضي الله تعالى عنه.
فقد صح عنه من عدة طرق عند بن أبي شيبة ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة ، والبيهقي وابن نصر أيضاً طريق آخر عن طارق بن شهاب قال:
كنتُ عند علي فسُئل عن أهل النهرين، أمشركون هم؟ قال: من الشرك فروا، وفي رواية: إخواننا بغوا علينا، وهذا هو المقصد: إخواننا، لكن لما سُئل: هل هم مشركون الخوارج؟ قال: لا، هم من الشرك فروا، قيل: فمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً، قيل: فما هم؟ فقال علي رضي الله تعالى عنه: قوم بغوا علينا.
الخوارج قوم بغوا علينا.
وذكر شيخ الإسلام مطولاً في منهاج السنة النبوية ، وذكر أنه قد تواتر عن علي رضي الله تعالى عنه أنه لم يعاملهم معاملة الكافرين، فلم يُذَفِّـف جريحهم ، لم يُـجهِز على من سقط جريحاً.
الكافر إن سقطَ جريحاً لك أن تجهز عليه يعني أن تكمل عليه حتى تزهق روحه، أما الخارجي في حربهم مع علي فأمر أصحابه علي أن لا يذفَّفَ على جريحهم، وما عامل أزواجهم معاملة السبايا، ولا استحل مالهم، بل وصلى عليهم.
ففي هذا دلالة على أن الخوارج ليسوا في أصلهم كفاراً،
ممكن يكونوا نفاق خرجوا بالنفاق؟ ممكن، كما حصل في الحادثة التي نحن بصددها، ونحن بصدد حادثة مهمة وقع خلاف شديد بين أهل العلم متى بدأ الخروج؟
والصواب قول من قال أن الخروج بدأ في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبدأت البذرة الأولى في خروجهم في غزوة حنين، ثم اشتدت بعدها في هذه الحادثة، ثم اشتدت بعدها لما أَرسلَ عليٌّ ، وكان ذلك في العام العاشر للهجرة.
في هذه السنوات من ذي القعدة من السنة الثامنة إلى السنة العاشرة، بدأت الخوارج تظهر وبدأت تُفرِّخ وتبيض، وأصبح لها وجود وأصبح لهم تحرُّك، وتحركهم في السر فيما بينهم على عدم مرأى ولا تربية ولا تعليم ولا تزكية من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا بدأت الخوارج ، والخوارج يتواصون ، وقد يكون بينهم من هو مغفَّـل، ولكن هذا المغفل إن منّ الله عليه بالصدق -انتبه- ومن ألطف ما وقفت عليه ما ذكره اللالكائي في كتابه شرح السنة في المجلد السابع صفحة 1234 برقم 2317 ذكَـرَ بسنده إلى محمد بن يعقوب ابن الأصم قال:
طاف خارجيان بالبيت -فالظاهر أن واحداً منهم كان عاقلاً- فقال أحدهما لصاحبه: لا يدخل الجنة من هذا الخَلق غيري وغيرك.
ما في خوراج إلا أنا وأنت.
يطوفون في البيت فأحد يقول للآخر قال:
لا يدخل الجنة من هذا الخلق غيري وغيرك، فقال له صاحبه وكان أعقل منه، فقال له صاحبه: جنة عرضها كعرض السماء والأرض بنيت فقط لي ولك؟ جنة الله جعلها عرضها عرض السماوات والأرض بنيت لي ولك؟ فقال: نعم، قال: هي لك وترك رأي الخوارج، هذه الجنة لك إذا وحدك، لك هي لك فقط، وأنا تبت إلى الله عز وجل من مذهب الخوارج.
فالخوارج قوم “حدثاء الأسنان”، سنهم صغير، سفهاء الأحلام، وسيأتي هذا في ما يأتي من أوصافهم في الأبواب الآتية، فهؤلاء الخوارج ليسوا كفار، أي ليسوا مرتدين، لكن هناك فِرق، وهذه الفِـرَق نحكم بكفرها وهي من الخوارج ، لكن ليس كل خارجي يقول بقول هذه الفِرَق، فبعض الخوارج ينكر سورة يوسف، فمن أنكر سورة يوسف كافر خرج من الملة، لكن لا يقال أن كل خارجي كافر.
بل بعض الخوارج زعم أن النبوة ما انقطعت ، وستبقى، وهذا أيضاً يضاد النصوص الشرعية ، وفيها الخروج عن ملة الإسلام، فنحن لا نكفر كل خارجي، ولكن الخارجي أو غيره ممن قال كلاماً دل عليه الدليل الصريح الواضح، فإننا نكفره.
المصدر:
البث المباشر – لدرس شيخنا شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ:
26 ربيع أول 1447 هـ
18 سبتمبر 2025 م✍️✍️
[ أنتَ قلتَ كذا، “فأنتَ سروري” ، من أين هذا؟!
يقول لك : هذا لازِم القول! ]
ولذا قرر العلماء أن لازِم القول ليس بلازم، ولازِم القول ليس بمذهب.
أنا أقول كلامًا تفهم منه بدلالات خفية شيئًا آخر، فتقول لي: “أنت قلت كذا، لازم كلامك كذا”، فأقول: “أستغفر الله، أنا ما قلت هذا”.
انتبه، انتبه!
كل المؤاخذات على شيخ الإسلام ابن تيمية التي أخذها عليه خصومه إنما هي باللوازم، وطولتُ في بيان هذا في كتاب “الأغاليط على شيخ الإسلام ابن تيمية”.
كل مؤاخذة على شيخ الإسلام ليست من كلامه، وإنما هي من اللوازم ،هو بشر، له كلام ولكلامه لوازم.
ليس فقط شيخ الإسلام، بل شيخ الإسلام قال: “كل عالِـم متناقض”
انتبه، انتبه!
بعض فقهاء الشافعية وما زال بعض المفتين يرددون هذا الكلام
وهذا منكر من القول وزور، يقولون: “الشافعي رحمه الله يجيز للرجل أن ينكح ابنته ، المسفوح من ماء الزنا”، يعني لو أن رجلًا نكح امرأة بالزنا فجاءت ابنة، فقالوا: “الشافعي يُـجوِّز أن ينكح الرجل ابنته من ماء الزنا” !
هذا لازم قوله، ومقامه أجل وأرفع عند الله عز وجل من هذه الشنيعة التي يستحيل أن تكون للإمام الشافعي.
وقلت لكم: الشافعي يقول: “الزواج عقد”، الأصل في الزواج عنده عقد، فوطء دون عقد ليس بزواج ، لأن عنده الزواج عقد، فهذا نكح بالحرام بالزنا من غير عقد، فالابنة ليست ابنته.
وما قال هذا ، هذا لازِم قوله!
فلازِم القول ليس بقول، فالشافعي بريء من هذا والإمام ابن القيم له تجليات في نقض هذا الكلام في كتابه “إعلام الموقعين”.
ورأيت شيخنا رحمه الله الألباني ذكر كلامه باختصار في تعليق له على “آداب الزفاف” أن هذا مستحيل أن يكون هذا كلام الشافعي.
إلى الآن بعض الناس يقول: “الشافعي يقول يجوز للرجل أن ينكح ابنته من الزنا” !
معاذ الله أن يقول الشافعي هذا!
هذا ليس قولُه، وإنما هذا لازِم القول.
لذا ابن تيمية لَما قال “كل عالِم متناقض” هل كان يريد أن يقلل من قيمة العلماء ؟
ماذا يريد؟
يريد أن يربط طالب العلم أمره بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، لا يتابع أحدًا غير معصوم، لا يتابع جهة غير معصومة، ما يأخذ كلام العلماء “قال الشافعي، قال مالك، قال أحمد، قال أبو حنيفة رحمهم الله تعالى جميعًا” كما تقول: “قال الله تعالى”، لا، هذا غير ذلك.
علماؤنا المرضيون نحبهم ونرجو الله أن نحشر معهم، لكن أقوالهم ليست كأقوال الوحي، لذا قال ايش؟ قال: “كل عالم متناقض”، والله كلامه صحيح “ثقيل” أنا أول ما قرأته ثقيل، ما ما ترك عالم ؟
صحيح ، الكلام المتناقض ليس الكلام الصريح، وإنما كلامه متناقض بجميع الدلالات.
لذا جميع الدلالات من الآيات التي شرحناها
إنما هي خاصة بايش؟
خاصة بـ”قال الله” بالآية، وخاصة بالحديث ، دون الآية والحديث لا تؤخَذ جميع الدلالات.
أنا خذ كلامي بالمنطوق، إذا أخذتَ دلالات أخرى غير المنطوق ليس لك ذلك، ليس لك أن تأخذ الدلالات التي أنا أقولها انتبه، انتبه، انتبه، مهمة جداً هذه !
جُل الخلاف بين العلماء في هذا الزمان أنهم يردون على لازم قولك، أنتَ قلتَ كذا، “فأنتَ سروري” من أين هذا؟!
يقول لك : هذا لازِم القول!
لازم القول ليس قولاً ، فلما يكون عالِم بوَّأه الله أن يقول كلمة، وله أتباع، وأن يكون غافلًا عن هذا ؛ يولِّد مشاكل لا أول لها ولا آخِـر.
فالآفة أن يتعلق الناس بأناس ما ينبغي أن يتعلق بهم، لا يَـعرِفون ولا يُـفرِّقون بين القول وبين لازم القول.
إذا كان هذا الكلام صحيح ؛ فيكون كل كلام الأحباش في الطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية صحيح،
وهو ليس كذلك، لماذا ؟
تدرون لو أنا الآن طلبت أن أناقش حبشياً ، وعملنا مناظرة في هذا المسجد، وجاءنا حبشي نتناقش أنا وإياه عن شيخ الإسلام، تعرفون ماذا يفعلون؟
قبل ما نبدأ بالمناقشة؟ تعرفون ماذا يفعلون؟
الجواب: يأتون بكتب شيخ الإسلام وعليها علامات، ويأتون بكتب شيخ الإسلام لا تسعها هذه الطاولة، ويكون ارتفاعها أقل شيء متر ، ويفتح الكتاب ويقول: “ابن تيمية في كتاب كذا، صفحة كذا، جزء كذا”، ويقتطع الكلام عن سياقه
ويفهم الكلام على مراده هو ، وليس مراد شيخ الإسلام!
(وهات عاد هات خلِّص!)
وانظر كم من إنسان يغتر بكلامه!
لأنه فاتح الكتاب ويقرأ، فاتح ويقرأ، مقتطَع من السياق، مقتطَع من الكلام، وبينت هذا بتفصيل في كتاب “الأغاليط”.
تعبنا كثيراً في رد الشبه، والسبب عدم إحكام طرق الاستنباط إذا أنا بأقول عبارة دقيقة جدًا وأرددها كثيراً سواء بقلمي أو بلساني، وأقولها كثيراً كثيراً كثيراً، أقولها: “أهل الحق يضبطون طرق الإثبات ، وطرق الاستنباط”، كلمة سريعة صغيرة، لكن كلمة ترد على كل باطل.
طرق الإثبات:
كيف نثبت أن هذا حديث أم ليس بحديث؟ أو أن هذا من عند الله وحي أو ليس بوحي؟
أو طرق الاستنباط :
كل العبث الذي يجري في دين الله عز وجل إنما سببه عدم معرفة أحكام الإثبات وأحكام الاستنباط.
يستنبط هكذا من غير أي قاعدة، يتكلم ويتكلم بالشرع دون أن يدري.
المصدر :
الدرس التاسع – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن
تاريخ:
9 سبتمبر 2025 م
17 ربيع أول 1447 هـ✍️✍️
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
الصراع بين الحق والباطل باق إلى يوم القيامة، الصراع بين حزب الله وبين حزب الشيطان وهذا الصراع باق مستمر إلى يوم القيامة، وهذا الصراع تظهر قرونه وآثاره، وأرجو الله تعالى أن يحفظ المسلمين في كل مكان، في هذا الزمان الذي يعبث بثوابت التوحيد.
علماء الاجتماع يقررون شيئا وهذا الشيء مقرر في الشريعة وتأمل معي “خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم”.
علماء الاجتماع يقولون لما تريد أن تغير مجتمع يبدأ التغيير بعد مئة سنة ، تشتغل مئة سنة ، وتبدأ تقطف الثمار بعد مئة سنة ، وهذه سنة لله لا تتخلف دل عليها الحديث: “خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم”.
هذه الأمور الثلاثة منها يؤخذ التوحيد؛ إذن لما أخذت المآخذ على شيخ الإسلام في الحموية كان ينادي ويقول: “التوحيد أكبر من أن يؤخذ مني وإنما التوحيد يؤخذ من الله ورسوله والصحابة والقرون المفضلة” ، أنظر الآن العكس واعكس الصورة :
ما جرى بين أهل الأندلس، وعلماء التاريخ اليوم يسموهم بالـموريسكيون علماء الشريعة قديماً بالمدجنين، الجيل الأول والثاني بقيت فيه بقية توحيد، الجيل الثالث فما بعد أصبحوا مشركين ، كثير من أهل الأندلس أصولهم عربية وأصولهم مسلمون باتفاق المؤرخين ، إلا من جاء بلادهم من خارج إسبانيا.
الأجيال الثلاثة كفيلة أن تغير وأن تبدل ولذا سر قبول الغرب أوروبا وامريكيا للمسلمين في بلادهم، يقولون نحن نسامحك ونسامحك في ولدك وفي حفيدك لكن ما بعد ذلك لابد أن يغيروا ويبدلوا، وأنا أقول لكم:
الله عز وجل مَنَّ على هذه الأمة، مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم:
“إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها.”
فأدركنا ولله الحمد والمنة جماعة من المجددين والتجديد قد يختلف من شخص لشخص وكان الشيخ ابن باز يقول: “المجدد في التوحيد في هذا الزمان محمد تقي الدين الهلالي، والمجدد في الحديث شيخنا الألباني” ، كادت أن تمضي مئة سنة والعبرة في الدعوات ليس الجيل الثاني والثالث إنما الذي بعده ، فهل أنتم مستعدون لنشر دينكم ، ولتعليم الناس العقيدة الصحيحة؟
حتى نبقى على السَّـنن وحتى نبقى على ما ورثناه من أشياخنا وعلمائنا ممن ربطونا بأقوال الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم هذه سنة لله عز وجل لا تختلف.
المصدر:
الدرس الثاني – شرح كتاب تجريد التوحيد المفيد للمقريزي – الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
13 رجب 1444 هـ
04 فبراير 2023 م✍️✍️
[ لأنك طالب علم سلفي، وتقول بإسم السلفية!
بل أنت تقول ما يخدم اليهود .. وهم بدأوا يصيحون:
بأخذ الأردن، وأخذ مصر، وأخذ السعودية ]
كان طالب العلم إذا أراد أن ينبل يبدأ بقراءة الصحيحين على عدد كبير من المشايخ، طالب العلم إذا أراد أن ينبل من صغره، يبدأ بقراءة الصحيحين قبل أن يكون محدثًا، كما ذكر العلامة أحمد شاكر -رحمه الله-، قال العلامة أحمد شاكر في مقدمة تحقيقه لجامع الترمذي:
“بدأت منذ نشأتي طالب علم ، وقرأت القرآن الكريم على والدي”، ووالده محمد شاكر كان قاضيًا عالمًا، من كبار العلماء، أنا وأخي محمود يقول: “قرأنا القرآن وقرأنا على الوالد الكتب الستة”، قال: “بعد قراءتنا للقرآن والكتب الستة، أنا توجهت للحديث وأخي محمود توجه للأدب”، يعني الذي لم يقرأ الكتب الستة لا يُعد طالب علم.
الذي لا يقرأ الكتب الستة لا يُعد طالب علم، لا أقول لا يُعد محدثًا.
إيش تقرأ؟
اقرأ القرآن الكريم، شرح موجز، الكتب الستة، تدرج في فهم القرآن، تدرج في الكتب الستة، هذا يستغرق منك 10 سنوات وأنت جاد، تقرأ في اليوم أقل شيء ست ساعات وأنت جاد، تحتاج لعشر ساعات وهكذا، تبدأ، تبدأ وتصبح عالمًا، ما نريد تقرأ وما تفهم!
تقرأ حتى تصبح عالمًا، لا بد أن تنهل من أصل الشرع، أصل الشرع الكتاب والسنة، ولا تقرأ لفلان وعلان فقط، علان وفلان هذا مرحلة متأخرة، تقرأ الكتاب والسنة، وبعد الكتب الستة حينئذ أنت الآن تختار ماذا تقرأ.
دعيت في عرس لبعض الإخوة، فجاءت الإخوة وعندهم كلام على الوليمة، فقال بعض الحاضرين: “حضرت اليوم خطبة جمعة، والخطيب تبليغي -من جماعة التبليغ- ، وقع في قلبي شيء”، قال: “يعني أشبعنا أحاديث موضوعة وضعيفة”، فوقع في قلبي شيء، فقلت له: “ماذا قال؟” قال: “الصحابة ذهبوا، ليأكلوا، والنبي صلى الله عليه وسلم ولا يوجد ضوء، وأكلوا على العتمة”، قلت: “هذا في الصحيحين، هذا حديث غير موضوع، هذا حديث في الصحيحين”.
فنحن الآن طلبة علم، يعني وصلنا لمرتبة طالب علم، يعني أنت عليك ختم اسمك طالب علم، تتكلم، ما أحد يراجعك!!!، فالناس مساكين لا يعرفون شيءفعندما قلتَ أمام الناس : حديث موضوع ؛ خلص عند الناس المساكين هو حديث موضوع ، ما يعرفوا شيء.
دعونا !
هذه الأختام، اتركوها، كسروها، ارموها، فأنا لأني طالب علم، لأني سلفي، أنا بقول بإسم السلفية!
بل أنت تقول ما يخدم اليهود ، وليس لهم النصيب من كلامك.
ليست هذه السلفية، السلفية مش ختم، السلفية حقيقة، فاتبع السلف، ومنهج السلف، وأقوال السلف ، وأن تكون عندك غيرة على الدم المسلم، والأرض المسلمة، وبلاد المسلمين، أسأل الله أن لا يمكنهم من غزة.
بدأوا يصيحون:
بأخذ الأردن، وأخذ الشام، وأخذ وأخذ مصر، وأخذ السعودية، وهم لم يتمكنوا بعد، وأسأل الله أن لا يمكنهم، وأسأل الله تعالى أن يحفظ بلاد المسلمين، وكنا نقول هذا وسنبقى نقول، ولن ننثني عن هذا الأمر.
فـ اخرجوا من الرسوم إلى العلوم، اخرجوا من الألفاظ إلى الحقائق، العلوم حقائق، ليست ألفاظ، ليست أختام، تطبع نفسك بالختم فتصبح ناجي، فانجُ عند الله بمعتقدك وعبادتك وأخلاقك ومعاملاتك، وليس بختمك، ليس بالختم الذي وضعته على نفسك، أنت وضعت ختمًا صرت ناجيًا عند الله!!!، لذا نجد وهذا واقع: بعض العوام أحسن كثيرًا من طلبة العلم خلقًا وعبادة، وهذا مصيبة، مصيبة أن يصبح الأمر هكذا، هذه مصيبة كبيرة.
المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ:
12 ربيع أول 1447 هـ
04 سبتمبر 2025 م✍️✍️