هل قول المؤذن ألا صلوا في الرحال يكون بعد الأذان أو بعد الحيعلتين

قول المؤذن: ” ألا صلوا في رحالكم” هذه سنة كادت أن تهجر وتموت هذه الأيام ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وهذ تقال في اليوم المطير أو اليوم الذي يقع فيه المسوغ لترك صلاة الجماعة وتكون بعد الأذان كما في صحيح مسلم من حديث ابن عمر وهذا الذي رجحه النووي في شرحه على صحيح مسلم قال: لكي يبقى الأذان على نسقه، وقد ثبت أيضاً في سنن النسائي الكبرى باباً ذكر فيه أوجهاً عديدة منها: أن تقال: ” ألا صلوا في الرحال” بدل الحيعلتين ، ومنها أن تقال بعد الحيعلتين وكل هذه الأوجه صحيحة وترجيح النووي حسن وطيب ولا سيما أنه وقع التصريح فيه في حديث ابن عمر.
وهذه السنة الغائبة عن الناس هذه الأيام تُعَلَّمْ لهم بالقول والعمل، والأصل أن يتطابق القول والفعل، وسنة عملية تفعل في المجتمع أسهل وأضبط وأحفظ من قبل العوام من السنة التي تبقى نظرية ، فمثلاً باب البيوع الآن من أصعب أبواب الفقه على الطلبة، رغم أنه كان في العصر الأول من أسهل أبواب العلم ، لأن الأحكام الشرعية قد تراها في المتجر عند العامي؛ لأنه يبيع ويشتري وفق الشريعة فلما كان عملياً كان سهلاً ولما انحرفت الحياة عما يحب الله ويرضى وأصبحت الحياة علمانية ومادية بحتة ، أصبحنا نستشكل ما يجري بين البائع والمشتري، فالقول والعمل يتعاضدان في بيان السنن والأحكام .

ما حكم صلاة المرأة وعلى أظفارها طلاء

الطلاء على الأظافر أو ما يسمى (المناكير) مادة عازلة تحول بين الماء والظفر، فإن توضأت ثم وضعت الطلاء ثم انتقض وضوئها، فوضوئها الجديد لا يجزئ حتى تزيل الطلاء، ولا تجوز لها صلاة ولا يجوز لها وضوء حتى تزيل المناكير .

السؤال السادس عشر هل شرعت لنا صلاة الحاجة مثلا أن تتمنى شيء معين…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/11/AUD-20161104-WA0010.mp3الجواب : المرأة والرجل متى احتاج من الله عز وجل شيء فزع للصلاة ؛ صلى وسأل الله.
لا يوجد صلاة اسمها صلاة الحاجة بكيفية معينة وبدعاء معين.
من احتاج شيئًا من الله عز وجل وقف بين يديه وصلى وسأله، وأقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء في السجود فإنه قمين بأن يُستجاب لكم، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : (أَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاء ِ، فقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ).
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
27 – محرم – 1438 هجري
2016 – 10 – 28 إفرنجي

هل تجوز الصلاة بين السواري في المسجد عند ضيق المسجد بالمصلين وأيهما أولى الصلاة…

أما هدم شيء من أعلى المسجد فهذا لا دليل عليه وبالتالي فالصلاة تجوز كصلاة النساء في مصلاهن في طابق آخر لا يرين الرجال ولا الإمام ويصلين والصلاة صحيحة ، وكذلك إن لم  ير المأموم الإمام وهو في طابق علوي مثلاً، فالصلاة صحيحة لكن لو وقع الهدم فهذا أمر حسن؛ لكي تقع المتابعة عند انقطاع التيار الكهربائي بالنظر ويرفع صوته الناظر، ويكون مبلغاً .
 
أما حكم الصلاة بين السواري؛ فالأصل في الصفوف أن تكون متراصة ومتقاربة ومتصلة ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : {من وصل صفاً وصله الله ، ومن قطع صفاً قطعه الله} أي وصله الله بثوابه ، وصله بجنته ووصله برضاه ، ومن قطع صفاً قطعه الله من ثوابه، ومن رضاه، وعن جنته، فنهى الشرع عن تقطيع الصفوف الحسية لكي لا تقع المقاطعة المعنوية، والشحناء والبغضاء ، فلذا يجب أن يصلي المسلمين بصفوف متراصة كالحب الذي في قلوبهم على بعضهم بعضاً، لذا كان الصحابة يتناهون عن الصلاة بين السواري التي تقطع صفوفهم، فقد أخرج ابن ماجه والطيالسي وابن خزيمة وغيرهم عن ضرة بن إياس المزني رضي الله عنه ، قال:”كنا ننهى أن نصلي بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طرداً” وأخرج الترمذي وأبو داود والنسائي وغيرهم عن عبد الحميد بن محمود قال: “صلينا خلف أمير من الأمراء فاضطرنا الناس فصلينا بين الساريتين ، فلما صلينا قال أنس بن مالك: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وصححه ابن خزيمة والحاكم وابن حبان وغيرهم.
 
لكن إن اضطررنا إلى الصلاة بين السواري فنصلي بينها اضطراراً وإن تلاشينا الصلاة بين السواري فينبغي ألا نفر من هذا المحذور ، فنقع في محذور آخر وهو أن نباعد بين الصفوف، فالصفوف الأصل منها أن تكون متقاربة وأن يكون الصف خلف السرية مباشرة وكذلك الذي قبل السارية فقد أخرج أبو داود بإسناد صحيح عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {رصوا صفوفكم وقاربوا بينها}
 
وأما صلاة المنفرد بين السواري أو الإمام فلا حرج فيها، والصلاة بين الساريتين دون تتميم الصف عن اليمين والشمال أيضاً لا حرج فيها لأن التراص وعدم الانقطاع حاصل وإن ضاق المسجد فنصلي بين السواري ولا حرج والله أعلم .
 
وإذا حضر المصلي المسجد ووجد الصف بين السواري وهو غير منقطع فلا حرج وإن كان في المكان المكروه فالأحوط أن لا يقف خلف الصف منفرداً لأن صلاة المنفرد خلف الصف باطلة على أرجح الأقوال وينتظر.
 
وبالنسبة للمسجد الحرام والمسجد النبوي وكذلك المسجد الأقصى فالعلماء يستثنون هذه المساجد بأحكام خاصة للضرورة والحاجة ولكن المطلوب أن نتقي الله ما استطعنا والحرص على التبكير ، لأنه لا يقع في إشكال إلا المتأخر ، وهذين المسجدين معموران والحاجة ماسة لأن يصلي بين السواري خاصة في المواسم ، لكن مع الحرص على أصل القاعدة ما استطعنا وإلا لا حول ولا قوة إلا بالله .

امرأة دخل عليها وقت الصلاة وهي طاهر ثم حاضت قبل خروج الوقت ولم تؤد الصلاة…

إن المرأة إذا جائها الحيض في وقت الصلاة، وكان بإمكانها أن تصلي هذه الصلاة وما صلتها، فتبقى هذه الصلاة واجبة في ذمتها، قولاً واحداً عند العلماء، فمتى طهرت فأول واجب عليها، أن تغتسل وتقضي صلاة الظهر.
ومتى علمت المراة أن وقت الحيض قد قرب، فيجب عليها ان تسارع في اداء الصلوات في أول وقتها، ويصبح الوقت في حقها كوقت المحكوم عليه بالقتل، فمن حكم عليه بالقتل الساعة الواحدة مثلاً، والظهر يؤذن الساعة الثانية عشر والنصف، فهذا وقت صلاة الظهر عنده غير موسع، ويجب عليه اداء الصلاة قبل الواحدة، لأن الوقت عنده أصبح حقيقياً، وكذلك الحائض متى علمت من خلال عادتها أو أمور تعرفها أنه سيأتيها الحيض، فيجب عليها أن تعجل في صلاتها حتى لا يباغتها الحيض ويمنعها ،فإن باغتها وهي لا تدري، فتبقى الصلاة في ذمتها وتجب عليها بعد الطهر، والله أعلم.

السؤال الخامس هل المأموم يقول سمع الله لمن حمده

 
 
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/11/AUD-20171119-WA0056.mp3الجواب: نعم المأموم يقول سمع الله لمن حمده، والمسبوق يقول سمع الله لمن حمده، هذا هو أرجح أقوال العلماء، وهذا مذهب الإمام الشافعي، وذكره في كلام بديع في كتابه الأم -رحمه الله تعالى-.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
28 صفر 1439 هجري
2017 – 11 – 17 إفرنجي
↩ رابط الفتوى:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان. ✍✍
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor

السؤال السادس كما تعلمون شيخنا الحبيب مع قدوم فصل الشتاء يكثر الكلام في مسائل…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/11/AUD-20161103-WA0012.mp3الجواب : على أي حال الله أكرمني أن كتبت كتابا عن الجمع بين الصلاتين سنة الثمانين والكتاب منشور طبع أكثر من طبعة ،ثم كثرت المؤلفات حول الجمع بين الصلاتين ،وأصبحنا نسمع كلام فجا يدل على جرأة بل بعضه يدل على قحة أجلكم الله ,قحة يعني وقاحة بالعربية , يعني بعضهم يقول حررنا عشر مساجد من الجمع بين الصلاتين ، ما شاء الله ( بطل ) حررت عشرة مساجد في الجمع بين الصلاتين ، وعجيب من بعضهم وهذا مكتوب في الكتب جمعت في الشهرين الماضيين ,جمعت كتب ما كتب عن الجمع ،وأظن في خلال هذه السنتين الماضيات من أهل الأردن كتبوا عن الجمع بين الصلاتين أكثر من ثلاثين كتابا ، بينما تاريخ علماء الأمة ما تكلموا في ثلاثين كتابا ، وهذا من العجائب .
واحد يقول الجمع ممنوع ، قال والجمع ما أحد يجمع إلا أهل الأردن.
كيف أهل الأردن ؟
كل الأمة تجمع ، جميع البلاد تجمع ، السعودية تجمع ، لكن بين المغرب والعشاء ، المغرب العربي كله يجمع ، الكويت تجمع ، الإمارات تجمع ، يعني كل الأمة تجمع بين الصلاتين فكيف لا يجمع إلا أهل الأردن، هذا كلام غريب جدا ، بعضهم يموه على الناس بقول الحرمين ما يجمعون ولو كان الجمع مشروعا لجمعوا في مكة والمدينة ، ومشايخ الحرمين في كتبهم يجوزون الجمع ، الشيخ سعود شريم له كتاب بديع اسمه ” الشامل في فقه الخطبة والخطيب ” تعرض لجمع الجمعة مع العصر فكتب حوالي عشر صفحات في صحة الجمع الجمعة مع العصر .
ما أعلم أحدا من شيوخ الحرم لا يرى مشروعية الجمع ، لكن من حيث مشروعية الجمع الجمع رخصة ، يجوز للإمام أن يترك الجمع وسبب الجمع قائم ، الناس المقبلون على مكة وعلى المدينة جاءوا ولا يريدون الرخص جاءوا ويرغبون في صلاة الجماعة فهم لا يجمعون لأن الناس الذين يصلون في الحرمين أناس ليس هم أنفسهم دائما ، يعني أناس يرغبون في الصلاة فعدم وجود الجمع في الحرمين لا يلزم أن أئمة الحرمين لا يرون الجمع فيتعلقون بأشياء عجيبة غريبة ، سأتكلم عن الجمع بين الصلاتين وزدت قرابة مأتين صفحة على كتابي الجديد قومت أخطاء كثير ممن تكلموا عن الجمع بين الصلاتين غفر الله لنا ولهم .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
27 – محرم – 1438 هجري
2016 – 10 – 28 إفرنجي

السؤال الأول أخ يسأل فيقول لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير هل هو متعلق بالتزام…

الجواب: هنالك نهي عن أن يوطن الرجل لنفسه مكانا في المسجد كالبعير وهذا باب غير باب ” إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير.”
والجثو على يديه قبل ركبتيه على الخلاف المشهور بين العلماء..
فهل وقع قلب في زيادة “وليضع يديه قبل ركبتيه..” أم لا؟..
“لا يوطن أحدكم لنفسه مكانا..”
فبعض الناس عندما تدخل المسجد لا تجده إلا في مكان معين!..
هذا فيه نهي وهذا فقط صنيع الإمام وصنيع من يصلي خلف الإمام ومن يصلي خلفه من أولي الأحلام والنهى هذا مكانهم وما عدا هؤلاء من الناس يسن لهم أن لا يوطن الإنسان لنفسه مكانا وذكرنا لكم قول الله عز وجل: { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ}
قال غير واحد من السلف أن الكفار لا تبكي عليهم السماء ، أما المؤمنون إن مات الواحد منهم فيبكي عليه من السماء مكان صعود عمله الصالح..ويبكي عليه من الأرض مكان سجوده..
ولذا استدل العلماء على سنية أن يصلي الإنسان في أكثر من مكان..
و قد ثبت في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن توصل الصلاة بصلاة قال “إلا أن يتكلم أو أن يتحول..”
يعني إذا أردت أن تصل صلاة بصلاة وتصلي السنة البعدية وتصلها بالفريضة فينبغي لك أن تتحول فتغير المكان ،فهذا نهي عن وصل الفريضة بالنافلة!..
وهنالك نهي آخر:
“إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير”
قالوا أن يضع يديه قبل ركبتيه واختلف العلماء أيهما سنة تضع اليدين أم الركبتين أولا؟!..
على خلاف مشهور بين العلماء:
فمذهب الشافعية والحنابلة وضع الركبتين قبل اليدين..
ومذهب الحنفية والمالكية وضع اليدين قبل الركبتين..
وفي الحديث نفسه حديث
عبد الله بن عمر “إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير”
في الحديث نفسه قال:
“وليضع يديه قبل ركبتيه..”
استشكل بعض أهل العلم؛ كيف يضع يديه قبل ركبتيه وإنما البعير ينزل على يديه؟!..
والجواب: أن البعير ينزل على ركبتيه اللتين في يديه..
للبعير أربع ركب ركبتان في يديه وركبتان في قدميه وهو أول ما ينزل ينزل على ركبتيه التي في يديه..
لذا نحن مطلوب منا أن لا نبرك كما يبرك البعير وهذه مسألة غير المسألة الأولى؛ الأولى فيها نهي وهذه فيها نهي آخر..
والسنة أن ننزل على اليدين لا على الركبتين..فالشرع يأتي مع الضعيف ، وضعاف الخلق ينزلون على أيديهم لا على ركبهم ولو افترضت أن الأرض حصباء كما كانت في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلو كانت الأرض حصباء فإنك لن تستطيع أن تنزل على ركبتيك إنما تنزل على يديك..
لذا السنة النزول على اليدين، على خلاف معتبر في المسألة والله تعالى اعلم.
مجلس فتاوى الجمعة
2016 / 5 / 6
ربابط الفتوى على الموقع :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?

ما هي الأدلة على عدم جواز الجماعة الثانية في المسجد الواحد ولماذا لم يجز هذا…

الأصل في المسجد الذي فيه إمام راتب أن يجتمع المسلمون فيه على إمام واحد في صلاة واحدة، فكما أنهم يتجهون إلى قبلة واحدة، ويتبعون نبياً واحداً ويعبدون رباً واحداً، فالمطلوب منهم أن يصلوا صلاة واحدة.
 
والمتخلف عن الجماعة، واحد من اثنين: إما أنه قد قصر، فلو صلى جماعة وراء جماعة، فلن يسد تقصيره، وإما أنه معذور، فإن رأى الجماعة قد انتهت فيصلي منفرداً [ويكون قد أخذ أجر الجماعة كما جاء في الحديث {من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً}]
 
وقد ثبت في صحيح ابن خزيمة وسنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله يحب أن تكون صلاة المؤمنين واحدة} وثبت في معجم الطبراني الأوسط أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع من ناحية من نواحي المدينة ومجموعة من أصحابه، ووجد الجماعة قد انتهت فقفلوا إلى بيوتهم وصلوا في بيوتهم فرادى، وما صلوا جماعة ثانية.
 
فماذا يوجد تصريح أشد من هذا التصريح؟ ترك صحبه الصلاة خلفه صلى الله عليه وسلم وتركوا الصلاة في مسجده والركعة بألف وصلوا في بيوتهم.
 
وثبت عن عبد الله بن مسعود أنه دخل هو ومجموعة من أصحابه المسجد، ووجد الجماعة قد فرغت فصلوا فرادى، أخرج ذلك الطبراني في المعجم الكبير بإسناد جيد .
 
فالأصل الحرص على الجماعة بعد الأذان، فالنبي يقول عمن ترك صلاة الفجر وتخلف عنها مع الجماعة يقول: منافق معلوم النفاق، فلو أن رجلاً صلى الفجر الجماعة الثانية دوماً في المسجد فهل هذه الجماعة الثانية ترفع عنه صفة النفاق؟ لا ترفع عنه النفاق ، ولذا لم تعرف الجماعة بعد الجماعة أبداً إلا في القرن السابع وما بعد ، كما قال الزركشي في كتاب “إعلام الساجد في أحكام المساجد” وكما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وهذا مذهب جماهير أهل العلم، فهذا مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله
 
وللمسألة نظائر ، فلو أن جماعة أتوا والإمام قد فرغ من الجمعة فلا يصلون الجمعة بعد الجمعة، وأيضاً لو أنهم دخلوا والإمام قد جمع بين الصلاتين فلا يجمعون بعد جمع الإمام، فنظائر المسألة تؤكد كراهية الجماعة الثانية.
 
ونصص الإمام مالك في (المدونة) على أن صلاة الناس فرادى أحب إلى الله من صلاتهم في الجماعة الثانية قال: لو أن الإمام أذن وتمهل الإمام في المدة المعتادة ، ولم يأت أحد يقيم ويصلي، فلو جاءت جماعة بعد صلاته أكره لهم أن يصلوا جماعة ، وصلاة الإمام وحده هي الجماعة ، ذلك أنه لا يوجد في الإسلام جماعات فيجتمعون على إمام واحد، ولا يعرفون الفرقة، فلا يتفرقون على الأئمة، هذا الشره وهذا الدين.
 
وعاب الله على أقوام باتخاذهم مسجداً ضراراً، وبين السبب فقال: {كفراً وتفريقاً بين المؤمنين} وفي تكرار الجماعة يحدث تفريق، وقد ذكر ابن العربي المالكي في “أحكام القرآن”: وقد استنبط بعض فقهائنا من هذه الآية كراهية الجماعة الثانية؛ لأن الله علل منع اتخاذ مسجد الضرار بالتفريق والجماعة الثانية فيها تفريق.
 
وقال صلى الله عليه وسلم : {لقد هممت أن آمر بالصلاة ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار} فقوله {لا يشهدون الصلاة} الألف واللام فيها للعهد وليست للجنس، أي الصلاة المعهودة وهي التي أمر المنادي أن ينادي بها، ولو كانت جنس الصلاة لقالوا : نصلي في بيوتنا، فكان الواجب أن يشهدوا تلك الصلاة وغيرها لا يجزئ عنها، ولو كانت الجماعة الثانية مشروعة لما كان هنالك معنى للأذان ، فالمؤذن على من ينادي؟ ولقد أثر عن بعض السلف أنه كان الواحد منهم إذا رفع المطرقة وسمع الأذان لم يضعها وكان بعضهم يقول: ما فاتتني تكبيرة الإحرام منذ أربعين سنة وقال آخر ما أذن المؤذن إلا وأنا في المسجد .
 
فجمهور علماء المذاهب والأئمة الفقهاء لا يرون جواز الجماعة الثانية؛ فأبو حنيفة نقل كراهيتها عنه تلميذه محمد بن الحسن الشيباني، ومالك نقل عنه الكراهية تلميذه ابن القاسم، والشافعي نصص على عين المسألة في كتابه “الأم” بل أورد نقلاً لم أظفر به مسنداً، ولو وجدناه مسنداً لكان نقله هذا قاضياً على أصل المسألة فقد قال الشافعي في “الأم”: {وقد ورد أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تخلفوا عن صلاة الجماعة فصلوا على مرأى منه ومسمع فرادى ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم}، وياليتنا نجد كتاب الإمام البيهقي”تخريج أحاديث الأم” حتى لا يبقى هذا الأثر مبهماً معمىً ، ونرجو الله أن نجده والأيام حبالى وما ندري ماذا ستلد.
 
ومن الناحية الأصولية فإن مسألة الجماعة الثانية يتوجب المنع على القاعدة [الأمر المحدود بين طرفين إن فات فلا يجب قضاؤه بالأمر الأول، وإنما قضاؤه يحتاج إلى أمر جديد] هذا على قول أهل التحقيق من علماء الأصول، وعلمنا هذا من استقراء النصوص، ولذا قال الله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} فلو كان عرف الشرع أن من فاته الأمر يجب عليه القضاء لكان هذا الأمر لغواً وحشواً ولا فائدة منه، فمن فاتته الجماعة وهي واجبة، ولها حدان، فقضائها لا يحتاج إلى الأمر الأول؛ أي مرغبات الجماعة ، كما احتج بذلك جمع من الحنابلة ممن يجوزون الجماعة الثانية وعلى رأسهم ابن قدامة في كتابه “المغني”.
 
وأما ما يستدل به الذين يجوزون الجماعة الثانية من أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلاً دخل المسجد فوجد الجماعة قد انتهت فقال: {من يتجر [أو يتصدق] على هذا} ففيه دليل للمانعين وليس للمجوزين، فقد ورد في بعض رواياته: {فانصرف كي يصلي وحده} فقال بعض الشراح: (في هذا إشارة إلى أن المعهود عند الصحابة أن من فاتته الجماعة صلى وحده ، فلما دخل ذلك الرجل وانصرف كي يصلي وحده ونظر النبي صلى الله عليه وسلم إليه ورأى الحزن في وجهه وعلم حرصه على الجماعة وأنه ما تعود ولا تعمد التخلف عن صلاة الجماعة قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن حضر الجماعة: {من يتجر على هذا} وفي رواية {من يتصدق}، ويتجر ويتصدق فعل مضعف العين ، بمعنى أنه فعل متعد ويحتاج إلى فاعل ومفعول به، فهذه الحادثة تحتاج إلى متصدق ومتصدق عليه، فلما تصدق عليه هذا الرجل تصدق عليه بأربع وعشرين أو ست وعشرين ركعة، [فالذي يتصدق ويتجر هو المليء] أما لما يدخل جماعة متأخرون، وقد تعودوا أو تعمدوا التخلف فوالله لو أنهم صلوا مرات ومرات جماعة بعد جماعة بعد جماعة ما نالوا الأجر الذي أدركه من صلى مع الإمام الراتب فهذه صورة خاصة لمن لم يتعمد ولم يتعود التخلف عن الجماعة ومن أدرك الصلاة مع رجل له صلة بالجماعة الأولى .
 
وأما من يصلي في هذه الصورة إماماً؟ أقرؤهم للقرآن وصلاة الجماعة مع من أدرك الصلاة مع الإمام الراتب أفضل من الرجوع إلى البيت والصلاة فرادى في المسجد أفضل من الصلاة فرادى في البيت؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: {أفضل الصلاة صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة} فصلاة المكتوبة في المسجد أفضل ولو كانت فرادى، لكن لو رجع إلى بيته وصلى مع أهله جماعة أو مع من تخلفوا مثله فالصلاة في البيت جماعة أفضل من الصلاة في المسجد فرادى، فهذه الصورة نقول بها ونقول بعمومها على الضوابط والقيود الواردة فيها من غير توسع ولا مدعاة لصلاة الكسالى.
 
أما أثر أنس الذي علقه البخاري، فقد وصله غيره، إذ قد ورد عند البيهقي في “المعرفة” و “الخلافيات” : ((أن أنس دخل وعشرين من أصحابه في مسجد بني رفاعة أو بني ثعلبة أن مسجد الساج، فصلوا ثم انطلقوا)) وفي رواية: ((أذن ثم أقام ثم صلى بهم ثم ركبوا وانطلقوا)) فهذا المسجد الذي فيه أنس بمن معه من أصحابه كان مسجداً على الطريق وكان على سفر ولذا أذن فيه، وعامل هذا المسجد معاملة من يصلي فيه أول مرة والمساجد التي على الطرقات وليس لها أئمة راتبون يجوز الصلاة فيه جماعة على إثر جماعة ولا حرج في ذلك، والله أعلم .

السؤال 6 قال لي احدهم انك قلت له يجوز أن يصلي السنة الراتبة في…

الجواب : هذا قال به جمع من أهل العلم ، وذكره الحافظ ابن حجر ، ولما شرحنا أحاديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الدابة وأنه كان يصلي على الدابة وأنه عند تكبيرة الإحرام كان صلى الله عليه وسلم يتجه إلى القبلة ثم يترك الدابة تسير ، فهذا قول جمع من أهل العلم من التابعين، وممن بعدهم من الأئمة المتبوعين ، والشرع أراد من المكلف أن يكثر من النوافل وأن لا تفوته النوافل فرخَّص له بصلاة النافلة إذا كان على الدابة سواء في السفر أو في الحضر ، لكن من صلى على الدابة جالساً فله نصف أجر القائم ، أما صلاة النافلة على الدابة والسيارة كذلك تلحق بها فيجوز في السفر والحضر ، والأمر لا حرج فيه إن شاء الله تعالى .
مجلس فتاوى الجمعة
2016 / 5 / 6
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?