من المراد بالشيخين عند الأحناف والشافعية والمالكية والحنابلة ونقرأ في كتب الأحناف الصاحبين والطرفين والأئمة…

هذا السؤال فيه اصطلاحات تدرج عليها الفقه، ومعرفة هذه الاصطلاحات من الأمور المهمة حتى لا يقرأ الإنسان أشياء مبهمة، ويفهم.
فالشيخان عند الحنفية هما الإمامان ابو حنيفة وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، وأينما قرأت في كتب الحنفية، لهما عندهما قالا، وما شابه، فالمراد بهام أبو حنيفة وأبو يوسف.
إلا إن ذكر أحدهما قبل ذلك فيكون المراد محمد بن الحسن معهما، فإن قيل قال أبو حنيفة ثم قيل: وقالا فالمراد أبو يوسف ومحمد، وإن قيل قال محمد بن الحسن، ثم قيل وقالا، فالمراد أبو حنيفة وأبو يوسف، وهكذا، لكن الشيخان عندهما أبو حنيفة وأبو يوسف، والطرفان أبو حنيفة ومحمد بن الحسن الشيباني، ومعنى لهما: أي أدلتهما، والأئمة الثلاثة عندهم هم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد.
وأما الشيخان عند المالكية فهما القاضي عبدالوهاب بن نصر البغدادي وشيخه ابن القصار.
وأما عند الشافعية فالمراد بالشيخان عندهم هما الرافعي والنووي.
وأما الشيخان عند الحنابلة فهما مجد الدين بن تيمية جد شيخ الإسلام، صاحب كتاب “المحرر” وابن قدامة المقدسي صاحب “المغني” .
أما الشيخ عند الحنابلة فالمتقدمون من الحنابلة يريدون به القاضي أبو يعلى، كابن عقيل في كتبه، وأبو الخطاب الكلوذاني، واما المتأخرون منهم كأمثال صاحب الفروع، وصاحب الإقناع، وكتب ابن القيم، لما يقولون: قال الشيخ أو قال شيخنا فالمراد به ابن تيمية، وهذه الاصطلاحات مهمة تنفع طالب العلم فلما يقرأ يعرف ينسب الأقوال إلى أصحابها، والله أعلم.

هل يجوز ان نسمع ونقرأ للفاسق والفاجر

يجوز أن تسمع للفاسق والفاجر وأن تقرأ لهما بشرط أن تتمكن من معرفة المحق من المبطل ، والجيد من الرديء ، والخطأ من الصواب، والشرك من التوحيد، والبدعة من السنة، فإن علمت فالحمد لله . فمعرفة الشر في حق الذي يعرف السبيل ليس بحرام . بل معرفة الشر في حق من يعرف الخير من أجل التحذير والتنبيه  والتحصين أمر كان عليه بعض الصحابة . كما قال الشاعر :
عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه        ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه
فأن يعرف الانسان الشر ليحذره لا حرج.
أما في مرحلة التنشئة وهو لايعرف المحق من المبطل ، فلا يجوز لأحد أن يأخذ شيئاً إلا بعد أن يتأكد أنه على حق . لذا قال ابن سيرين : ( إن هذا العلم دين . فانظروا عمن تأخذون دينكم) فالعلم الذي نتعلمه هو دين ، فلا يجوز لأحد أن يسأل من شاء. ولا يجوز للمستفتي أن يسأل أحد إلا إن علم أن فيه صفتين، الأولى : أنه أهل، ويتكلم بعلم ، وإن لم يكن يعلم يقل لا أدري، أو دعني أراجع. والثانية: أن يكون ذا ديانة  وورع،  فلا يجيب من يحب جواب يختلف عمن يبغض، فإن كان محباً مال اليه، وإن كان مبغضاً مال عليه. فالعلماء يقولون المفتي الماجن يحجر عليه، وإن كان أهل، حتى لا يلعب بدين الناس فالمفتي يوقع عن رب العالمين في الارض فلابن القيم كتاب سماه : “أعلام الموقعين عن رب العالمين” فالفتوى مقام خطير وليس بسهل . والفتوى كانت تدور بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن بديع كلام ابن القيم يقول : ((فإذا قل المفتون فقد يتعين على من يعلم الفتوى )) ولما كان العلماء كثر في زمن الصحابة والتابعين كانوا يتورعون، وكان كل منهم يحيل على الآخر، لأنهم يعلمون حرصاً من السائل، ويعلمون وجود من يصيب الخير والحق، في مثل هذه الفتوى . أما في العصور المتأخرة  فإن أمسك أهل الحق، فإن أهل الباطل كثر . وما يخفى علينا حال المفتين اليوم، لاسيما على الفضائيات، يأتون بهم ويفصلونهم تفصيلاً وتستغرب لما تسمع من مثل القرضاوي على الفضائيات ويقول : النساء المقيمات في فرنسا يحرم عليهن أن يرتدين اللباس الشرعي طاعة لأولياء الأمور. نعوذ بالله هذا عين الضلال، فأي أولياء أمور ؟ ومثل هذا فتاوي عديدة جداً.
وننبه المسلمين أن يحرصوا على دينهم وألا يسمعوا لأمثال هؤلاء، ويكفي أن هذه الأجهزة فاسدة يعرض عليها الحق والباطل، ولا يجوز للإنسان أن يعتمد في الفتوى عليها، ولا يجلس أمامها شارح صدره لها، وفاتح ذهنه لها مستوعباً  لما يقال، وإن جاز الجلوس أمامها يجوز فقط  لطالب العلم المتمكن، الذي يريد أن يزيف الباطل إن سمعه، وأن يحذر منه فقط، أما العوام فلا، ويكفي القول سقوطاً أن يقال: يا شيخ سمعت في التلفزيون أو الستالايت كذا وكذا، فهذا العلم دين، فليحرص الإنسان وليحذر عمن يأخذ دينه.
فالإنسان إن أراد أن يشتري حاجة لأمور دنياه فإنه يستفسر ويسأل ويتعب، فواحد مثلاً يريد شراء بلاط  لبيته فإنه يسأل عن جميع أنواع البلاط الموجود، ويتعرف على جميع أنواع البلاط الموجود في السوق المحلي والمستورد بجميع أصنافه، وهذا لأن قلبه متعلق به، أما لما يصل الأمر للدين فيقول الواحد منهم: ما يدرينا؟ فلماذا لا يعامل هذا الإنسان الفتوى كما يعامل بلاط بيته؟  فكيف اجتهد وسأل حصل على أفضل ما يريد من البلاط؟  فاحرص أيها المسلم على الفتوى مثل حرصك على أمر يخصك في دنياك، فاسأل واستفسر عمن تريد أن تستفتيه في أمور دينك، وقال سفيان الثوري: (إذا أراد الله بالأعجمي والعامي والحدث خيراً، يسر الله له عالماً من أهل السنة)، وفقنا الله لما يحب ويرضى.

السؤال الثالث والعشرون لماذا السلفيون يبتعدون عن السياسة

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/11/AUD-20171117-WA0096.mp3الجواب:
 
أي سياسة التي ابتعد عنها السلفيون؟ !
الإنسان لا يجوز له شرعاً أن يتكلم إلا ببصيرة و علم  قال الله تعالى :
(( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً )) ، فأن نأخذ و نبني الأحكام على مصادر ليست معروفة ومشبوهة وأن نجعلها أصلا ً ، هذا الأصل ممنوع شرعاً .
كخبر الجرائد والفضائيات التي توزع الادوار والأحداث الموجودة في العالم الإسلامي ؛ فالعالم الإسلامي بركان يغلي – أسأل الله عز وجل أن يحفظ أهل السنة – .
 
وأقول وأنا أعي ما أقول وبعد تدبر وتأمل: ما مرّت في تاريخ البشرية غربة على أهل السنة مثل الأيام التي تمر بنا ، أين أهل السنة؟ وما بقي لأهل السنة؟ ، ذهبت العراق ، وذهبت اليمن ، والمغرب العربي كله الآن فتن، ليبيا والمغرب وما حولها ، أسأل الله أن يحفظ أهل السنة .
 
نتكلم بيقين ، أصبح الكفار يتدخلون في صنع الجهاد ، وأصبحوا يلقون علينا في الجهاد،  وما أحداث سوريا منا ببعيد .
 
فالواجب علينا – واجب الوقت – أن نتعلم والواجب علينا أن نسوس الناس سياسة شرعية بتصفية وتربية ، ففرقٌ بين السياسة وسياق الناس ؛ سياسة تربية الناس وتعليم الناس وتفقيه الناس ، هذا من الأمور الواجبة .
 
أما السياسة بحيث أنك تصبح تعتمد على الأخبار – وكل من إعتمد على الأخبار من الحركيين والحزبيين لهم نصف قرن من الزمان يتكلمون ثم تبدوا لنا الأحداث أن الحق في مكان وهم في مكان وما تعلموا – والأمر قائم على أصل (خوض لا تترتب عليه ثمرة) .
 
أصبحت المنابر للأسف عند بعض الناس موطن تحليل الأخبار ، والتقيت و واجهت أناساً ارتدوا عن دينهم وتركوا الصلاة ؛ قلت لماذا ؟ قال: لأن الخطيب الفلاني قال مائة دليل ويقسم بالله الأيْمان أن صدّام منصور وكذب الشيخ .
 
بعض الناس عقولهم ضعيفة قد يُوقع الشك في الشرع والدين ، وأصل المسالة قائم على تحليل وعلى رأي ، وتريد أن تلزم الناس برأيك !
أنا شخص عندي رأي بالأحداث أصيب و أخطىء لا يحل لي شرعاً أن أشغل الأمة برأيي ، لكن إن قامت عندي قرائن وقامت أدلة ونصوص شرعية  واضحة علي أن أبيّن النصوص الشرعية ، أما أن يصبح حديثي وديدني ومجالسي وأينما قمت وأينما قعدت على مسائل أُلقيت في قلبي بدون أدلة شرعية وأشغل الناس بهذا الأمر  ونفرق الأمة،  وكما يقال  كل واحد يأخذ قطعة من الأمة ويفرقها  ، فالناس اليوم – نسأل الله جل في علاه العفو و العافية – لما سمعت كلمات من بعض المحسوبين على الشرع ولا سيما أولئك الذين يدعون إلى الجهاد ثم يظهر أن هذا الجهاد ليس بجهاد ولما يأتي وقت الجهاد ويتكلم العلماء بالجهاد فلا يطيعهم أحد.
 
فالمسائل أن يصبح الدّين مظنّة التكذيب وأن نصبح نتكلم في المسائل بظنّ وتخمين من غير أدلة ويقين ، فالسياسة الشرعية الصحيحة تدعو إلى ترك ذلك عند أصحاب البصيرة.
 
والله تعالى أعلم.
 
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
 
21 صفر 1439 هجري
2017 – 11 – 10إفرنجي
 
↩ رابط الفتوى:
السؤال الثالث والعشرون: لماذا السلفيّون يبتعدون عن السياسة؟

 
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
 
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
 
http://t.me/meshhoor

هل تنصحون أن يتمذهب المسلم بأحد المذاهب الاربعة يرجع إليها عند تضارب الآراء في بعض…

المسألة طويلة وقد ألفت فيها مؤلفات . والواجب على المسلم أن يعلم معنى قوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد رسول الله . فمعنى شهادة المسلم أن لا إله إلا اله ، أي لامعبود بحق إلا الله . ومعنى قوله : أشهد أن محمداً رسول الله، أي لا متبوع بحق إلا رسول الله .
ومن دعا إلى اتباع إمام واحد دون سائر الأئمة، وأوجب على الأمة اتباع عالم بعينه، من الأئمة الأربعة أو من قبلهم أو ممن بعدهم، فهو ضال مضل يفسق ويبدع . فنحن لسنا بكريين ولا عمريين ولا عثمانيين ولا علويين. فنحن مسلمون نستسلم لأمر الله عز وجل، فلانعبد إلا الله ولا نتبع إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وننسب أنفسنا للإسلام. فادعاء وجوب اتباع عالم فقط ضلال لا يجوز، وهذا ما وقع فيه المتأخرون من المتمذهبين .
والمذهبية القديمة انقلبت الآن من اتباع المذاهب الأربعة إلى الحزبية ، فتفرق الناس شذر مذر كل في حزب يدعو له، أما الربانية، وعقد سلطان الولاء والبراء والحب والبغض على الطاعة، وعلى العلم ونصرة الدين، والعمل على قيام الدين ، ودعوة الناس إلى الدين وربطهم بالله واليوم الآخر ، هذه أمور ضاعت هذه الايام . وأصبح الواحد يبش في وجه أخيه إن كان من حزبه وإلا فيعرض عنه ولا يلتفت إليه، وإن كان أدين منه وأعلم وأتقى، فأصبحت الحزبية مذهبية جديدة .
ونحن ندعوا إلى نصوص الشرع  واتباع الكتاب والسنة، ونحترم جميع علمائنا ونتبرأ إلى الله  ممن ينتقص قدرهم وممن يتكلم فيهم، وأولى العلماء بالاحترام الأئمة الأربعة : الإمام أبو حنيفة ، والإمام مالك ، والإمام الشافعي ، والإمام أحمد، نترحم عليهم ونحبهم ونعرف قدرهم، لكن لا نوجب على الأمة ألا يتبعوا إلا واحداً منهم . فالحق موزع بينهم وبين غيرهم. والعبرة بما قام عليه الدليل من الكتاب والسنة. وكلهم بين مصيب له أجران، ومخطئ له أجر. فمن لم يصب الدليل منهم فهو لم يتقصد أن يعارض أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
والأئمة الأربعة هم الذين أرشدونا وعلمونا أن نقول ما قلنا فقد قيل للشافعي : يا أبا عبد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم، كذا وكذا، فما قولك أنت ؟ فغضب الشافعي غضباً شديداً وقال: سبحان الله ؛أتراني خارجاً من كنيسة؟ أترى على وسطي زناراً؟ تقول لي : قال رسول الله وما قولك أنت ؟ ما قولي إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصح عنه قوله : إذا صح الحديث فهو مذهبي، وكان الواحد منهم يقول : يحرم الرجل أن يقول بما قلنا حتى يعلم من أين أخذناه .
وهؤلاء الأئمة الأربعة نذكرهم على وجه الخصوص ؛ لأن الناس في فترة من الفترات تحزبوا لهم . حتى وصل الحال في التعصب لهم إلى أن ذكرت مسألة : هل يجوز للحنفي أن يتزوج الشافعية أم لا ؟ وذلك لأن الأحناف عندهم من قال : أنا مؤمن إن شاء الله فهو شاك في إيمانه، ومن شك في إيمانه فقد كفر أما الشافعية  فعندهم  يجوز للمسلم أن يقول : أنا مؤمن إن شاء الله تبركاً وخوفاً من العاقبة . فلذا قال بعض متعصبي الحنفية هل يجوز للحنفي أن يتزوج الشافعية تنزيلاً لهم منزلة أهل الكتاب نعوذ بالله من هذا . والشافعي وأبو حنيفة رحمهما الله بريئون من هذا التعصب المقيت .
فنقول الواجب على المسلمين أن يتبعوا القرآن والسنة، والرجال أدلاء على الحق، وقد يصيبون وقد يخطئون . والعصمة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست العصمة في قول أحد . لكن الخطأ الذي لا ينفك عن الانسان، لا ينقص قدر العالم، فهو معذور، ونحبه ونحترمه، فلا نطعن ولا نتكلم فيه. واتباع شخص بعينه لا يكون إلا للنبي صلى الله عليه وسلم .
لكن في المسائل التي لا يوجد فيها أدلة وهي قائمة على الاستنباط والفهم، فالواجب على المسلم أن يتبع من يظن فيه الأهلية والتبحر والتوسع والضبط والعلم مع الورع والتقوى. فلا يمنع لطالب العلم أن يميل في مسألة ليس فيها نص لقول عالم من العلماء . وأعلم الناس بهؤلاء الأئمة تلامذتهم . فكان المزني، رحمه الله من أخص تلاميذ الشافعي رحمه الله، وكان يقول : لو جاز لأحد أن يقلد أحد ما قلدت إلا الشافعي، ومع هذا ما كان مقلداً له والتقليد يجوز ضرورة خصوصاً للعامي . والتقليد لا ينفك عنه الانسان؛ فالمشتغل بعلم الحديث لا يستطيع أن يتبحر في جزيئات الفقه أو اللغة. فلا بد أن يقلد من وضع قواعد اللغة في المسائل المشكلة، وهكذا في سائر العلوم. فالتقليد يجوز ضرورة . وقال الطحاوي مقولة شاعت وذاعت، قال : لا يقلد إلا غبي أو جاهل . فالتقليد ليس بعلم . والعلم أن تقول : قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعرف المسألة وتعرف دليلها . والإنسان لا بد أن يعبد ربه على بصيرة وبينة، وعلى معرفة بما يحب الله ويرضى . والله أعلم.

هل هناك فرق بين أهل الكتاب والملحدين والوثنيين في كفرهم وهل أهل الكتاب مخلدون في…

من سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبلغته الدعوة، ولم يؤمن به فالجنة عليه حرام، وهو مخلد في النار، وربنا عز وجل كَفَّرَ من قال: إن الله ثالث ثلاثة، ومع هذا فقد خص اهل الكتاب بحل طعامهم وبحل المحصنات من نسائهم، فأهل الكتاب اليوم من سمع برسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستجب لدعوته خالد مخلد في النار، لكن بما أنه من أهل الكتاب فله حكم خاص به، يخص به عن سائر أحكام المشركين، فالله الذي كفرهم والله الذي فرق بين المشركين والذين أوتوا الكتاب.
أما من حيث إقامة الحجة على كل كتابي في الدنيا فهذا فيه تضييق، والقول بمجرد السماع بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولو سألت الذي سمع به من محمد؟ ويقول لك اسم مدينة مثلاً، فلم يتحقق السماع، فمن بلغه الإسلام، وعلم أن هناك نبي، اسمه محمد وجاء يشرع، فيجب عليه أن يدرس هذا الشرع، ويجب عليه أن يتطلبه، ونحن لا نتوقف في تكفير أهل الكتاب حتى نقيم على كل واحد منهم الحجة، فالإسلام والشرع ظهر وبلغ كل الناس، ولكن هناك آحاد من الناس ربما يموتون وهم يبحثون عن الحق ولا يعرفونه، وقد بذلوا ما يستطيعون، فهؤلاء أمرهم إلى الله عز وجل، وقد يلحقون بمن يمتحنون بعرصات يوم القيامة، والله أعلم.

إمام صوفي يستغيث بشيخه هل تجوز الصلاة خلفه وهل يجوز التشهير به والتحذير منه

نحذر من قوله، ونشهر بقوله ولا نكفره على التعيين حتى تنتفي الموانع، وإن فعل كفراً وينبغي للحاذق الفطن ألا يصلي إلا خلف من يظن فيه التقوى والخير، ومن أسقط الصلاة عن نفسه فإنه يسقطها عمن خلفه.
 
وليس من يقول هذا متأولاً، ويعتمد على الأدلة يكفر، وإنما يضل ويخطئ ، والصلاة خلفه صحيحة، لكن العاقل يبحث عن إمام من أهل السنة يصلي خلفه، والله أعلم .

كلمة عن الفتن

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/10/السعيد-mp3.mp3? كلمة بعنوان :
? إن السعيد لمن جنب الفتن .
? فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله .
?? إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مُضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد .
↩ قد ثبت في سُنن أبي داود ومسند أحمد وغيرهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال :
إنَّ السعيد لمن جُنِّبَ الفتن ، إنَّ السعيد لمن جُنِّب الفتن ، إن السعيد لمن جنب الفتن ، كررها صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ، ثُمَّ قال : ولمن ابتلي فصبر فواها .
⬅ أي فهنيئاً له ، فالفتنة لها مناخ ولها بيئة ، ولو أنَّنا فحصنا وأخذنا قزعة من الفتنة وحللَّناها لوجدنا أنَّ بداية بيئتها ومناخها قبل أن يُعقَّد نُوَّارها وتشُب وتظهر وتكبر يكون في الاضطراب والاختلاف ، وتنتهي وتتجلى وتظهر في القتل الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم الهرج ، النَّبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يخبرنا عن ظهور الفتن : يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى الشح ويكثر الهرج ” قالوا : وما الهرج ؟ قال : ” القتل . مشكاة المصابيح ، رقم الحديث : 5389 – [ 11 ] متفق عليه .
? فالفتن تظهر لمَّا تزول البركة من الأرض ، والبركة لا يمكن أن تكون إلا بالطاعة التي فيها الإخلاص والاتباع للنَّبي صلى الله عليه وسلم ، فلما يقل الأمن تقل الطاعات التي هي مصدر الثمرات والخيرات والبركات الذي يتجسد في أمن البلاد والعباد ، ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) .
?? فالهداية والخير والبركة إنما تكون في الطاعة ، وتظهر لهذه الطاعة ثمرة وبركة ، فإذا تقارب الزمان ، وتقارب الزمان إشارة كما قلت لكم إلى رفع البركة من الأرض ، فنحن الآن نعيش في آخر أيام من سَنة مضت ، والسَنة التي مضت والله كأنَّها شهر ، ففي جامع الترمذى
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كالضرمة بالنار قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه وسعد بن سعيد هو أخو يحيى بن سعيد قال الترمذي : حديث غريب قال الشيخ الألباني : صحيح ، صحيح جامع الترمذى رقم الحديث: 2331 .
فهذا معنى يتقارب الزمان وليس المراد بتقارُب الزمان أن تقطع المسافات الطوال بالوقت القصير وفي هذا إشارة إلى الاختراعات ووجود وسائل النقل الحديثة ، المراد بتقارُب الزمان : أي ترفُّع البركة فإذا رفعت البركة وقلَّ العِلم ، فالفتن لا تكون إلا مع الجهل ، لو وُجِد العِلم وعَرف كل واحد ما له وما عليه ما كانت فتنة ، ثُمَّ يقل العمل ، فالعمل والطاعة هي التي تجلب الخير والبركه للمجتمعات وللحكومات وللإنسان وللبلاد وللعباد وللدواب وللشجر .
? كان أبو بكر يقول : ما تعضد الشجرة ( أي لا تقطع الشجرة ) إلا بتقصيرها من ذكر الله عزَّ وجل ، والطير لا تصطاد إلا لتقصيرها بذكر الله عزوجل ، فلا تقع فتنة على وجه الأرض إلا بسبب معصية ، ولا ترفع إلا بتوبة ، فالذنوب تؤثر على الشعوب .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ينقص العمل ويلقى الشح ( وأحضرت الأنفس الشح ).
فإذا النفس أمسكت وأصبح المال لقضاء الشهوات ولا يكون لقضاء حاجات الناس ، فنفوس الأغنياء تصبح ضعيفة ومالها أكبر منها .
فإذا أراد الله خيرا بأمة جعل أصحاب المناصب و أصحاب الأموال فيها نفوسهم أكبر من مناصبهم ونفوسهم أكبر من أموالهم .
فإذا كان الأمر كذلك فهنيئا للأمة وأما إذا كانت الأموال والمناصب أكبر من نفوس أصحابها فالويل والمصيبة لهم وتقع الفتنة في الأمة .
↩ وبعد هذه الأمور يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( تظهر الفتن ) .
? الفتن لها معادلات ولها سنن ، فلها سنن في الأمة، فالفتنة لما تظهر تكون لها مقدمات وإذا أردنا أن نجنب الناس الفتن فلا بد من تجفيف مقدماتها ، فتجفيف المقدمات بتزكية النفس وبالعلم ، فيزول الخلاف .
فالوقت الذي فيه اضطراب في الأقوال ، وقيل وقال ، والنفوس قلقة ، والناس لا تجتمع على علمائها و لا على أمرائها ، ويبدأ يدب الخلاف في الأمة فهذا الخلاف يقوى شيئا فشيئا حتى يظهر على شكل فتن ، وهذه الفتن تكون على شكل موجات ، تأتي موجة ثم تنسحب ، ثم تأتي موجة ثم تنسحب ، وتأتي موجة ثم تنسحب ، وكل موجة تأتي تكون أطول من الموجة التي قبلها ، كما يقول حذيفة في صحيح مسلم : من الفتن كريح الصيف.
(يعني هناك ريح شتاء وريح صيف )
فماذا يعني ريح الصيف ؟
أي فتنة قصيرة تظهر ثم مباشرة تذهب ، وهنالك فتن كالأمواج تأخذ الناس.
⬅ ولذا المطلوب من العبد في وقت الفتنة أن يحفظ لسانه ، والمطلوب من العبد وقت الفتنة أن يقبل على ربه عزوجل ، أن يقبل على ربه بالعبادة كما ثبت في صحيح مسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال 🙁 العبادة في الهرج كهجرة إلي ) العبادة في وقت الفتنة ، والقتل هو أشد ما يكون في الفتنة ( العبادة في الهرج كهجرة إلي).
والواجب على جميع المسلمين حكاما ومحكومين أن يجففوا أسباب الفتنة وأن يبعدوا الناس عن الفتنة وأن يعيش الناس بخير ، ولا يمكن أن يعيش الناس بخير إلا إن تمكنوا من إقامة دينهم ، وأن يعملوا على محاربة ما يغضب الله عزوجل وأن يبعدوا الناس عن المعاصي .
? و بلادنا ولله الحمد والمنة مباركة ، الشام بلاد بركة ، الملائكة تبسط أجنحتها عليها ، والدين شاء من شاء وأبى من أبى ، الدين كما قال الإمام ابن رجب في كتابه ( فضائل الشام ) في النوبة الثانية في آخر الزمان أصله وأسه ومنبعه بلاد الشام ، بلادنا ولله الحمد والمنة جبلت بالشهداء ، وشهداء الأردن الحقيقيون هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وها هي اليرموك تشهد والتاريخ يشهد ، هؤلاء هم شهداء الأردن ، وعلى هذا قامت ولله الحمد والمنة الأردن ، فالأردن قامت على الرمية المباركة التي رماها خير الخلق بعد الأنبياء وهو أبو بكر رضي الله عنه ، رمية أبي بكر في فتح بلاد المسلمين كانت مباركة وكانت إلى البلاد المباركة فكانت إلى جهة الشام بخلاف رمية عمر التي هاجم الفتنة وغزا أهلها فكانت إلى بلاد العراق ، فتوسيع عمر لرقعة الإسلام كانت إلى بلاد العراق وبلاد فارس وأما رمية أبي بكر رضي الله تعالى عنه فكانت إلى بلاد الشام وهذه البلاد فتحت ولله الحمد بالإسلام والشهداء ، فالصحابة مازالت أجسادهم موجودة في بلاد الشام هذه البلاد مباركة والواجب علينا أن نحافظ على بركتها ومن محافظتنا على بركتها أن نقيم أوامر الله وأن نقيم دين الله عز وجل فيها وأن نأمر وأن ننهى وأن نصنع التي هي أقوم بالتي هي أحسن كما أمر الله جل في علاه بأن نقيم دين الله عز وجل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، و العاقبة للمتقين ولا وجود إن شاء الله تعالى للفاسدين والمفسدين في هذه البلاد المباركة ، فهذه سنة لله عز وجل لايمكن لأحد أن يحارب سنن الله جل في علاه فسنة الله تعالى في هذه البلاد المباركة أن تبقى فيها آثار بركة وآثار طاعة وآثار خير ولله الحمد والمنة فنجد بلادنا مباركة ونجد في بلادنا الناس أقبلت على تعلم دين الله عز وجل وأن تقيم أوامر الله سبحانه وتعالى .
? أسأل الله عز وجل أن يحفظ بلادنا وأسأل الله جل في علاه أن يجعلنا سببا من أسباب القضاء على الفتنة فما أحوجنا أن نتكلم عن الفتنة لنتجنبها ولنبعد أنفسنا وأخواننا وأحبتنا عنها وأوصي بما أوصى به حذيفة رضي الله تعالى عنه لما قال : كن في الفتنة كابن لبون فلا ظهر يركب ولا ضرع يحلب .
من هو ابن لبون ؟
الناقة أول ما تلد يكون صغيرا يسمى ابن لبون يعني قائم على اللبن على الرضاعة من أمه ، فحذيفة يوصي في وقت الفتنة أن يكون الواحد منا كابن لبون فلا يجعل ظهره جسرا لأصحاب الفتن وكذلك لايجعل نفسه كالضرع الذي يحلبه أهل الفتن ، فأهل الفتن الذين يؤججون الفتن أسأل الله عز وجل أن يقي بلادنا من شرورهم وأسأل الله جل في علاه أن يقي بلادنا من شرورهم ، جسم أمتنا ولله الحمد والمنة الذي ورثه الأحفاد عن الأجداد فمن فضل الله أن جلنا من أبناء الصحابة ، سمعت بعض شيوخي يقول جل أصحاب الضفة الشرقية والغربية من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
جل أصحاب الأردن وإن ضاعت أنسابهم بسبب الإستعمار البريطاني كعادته يقطع الإنسان عن أجداده فجل أبناء الأردن ولله الحمد والمنة من أبناء الصحابة ، فبني حسن يردون لشرحبيل بن حسنة رضي الله تعالى عنه ، العمري في بلادنا لمن يردون إلى عمر رضي الله تعالى عنه ودار البكري لأبي بكر رضي الله تعالى عنه فجل بلادنا وعائلاتنا لله الحمد والمنة إنما ترد لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبناء الصحابة رضوان الله تعالى عليهم لا يقبلون غير الله ربا ولا يقبلون غير الإسلام دينا ولايقبلون غير محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ، والأجسام التي تريد أن تزرع في هذه الأمة الأمور الغريبة عنها والتي هي ليست منها فبلادنا لاتقبلها فجسم هذه الأمة لايقبلها ولايمكن أن يقبل جسما غريبا عنها وليس هو منها وإن بذلت الأموال وإن وجهت الفضائيات وإن تكلم المتكلمون ونظر المنظرون فبلادنا وأجسامنا ولله الحمد والمنة لا تقبل إلا الفطرة التي فطر الله الناس عليها .
? أسأل الله عز وجل أن يحفظ بلادنا وأن يحفظنا وأن يحفظ ديننا وأن يحفظ عقولنا وأن يحفظ عباداتنا علينا .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
29 ذو القعدة 1437 هجري
2016 – 9 – 30 افرنجي
↩ رابط الكلمة ( صوت ) :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان .✍?✍?

هل في ضلال الفرق الضالة خير لنا

الدنيا الخير فيها يشوبه الشر، والشر يشويه الخير . فقد يفعل الإنسان عبادة فيصيبه عجب ورياء فيهلك بسبب هذه العبادة وقد يذنب الإنسان ذنباً، فينكسر قلبه بين يدي ربه، ويبقى باكياً خاشعاً ذليلاً بين يدي الله على إثر ذلك الذنب فالخير المحض لا يوجد في الدنيا، والشر المحض لا يوجد في الدنيا ، فالدنيا دار مكدرات ودار منغصات .
ووجود الفرق الضالة  قد يعطي الإنسان المحق أن ينتبه لأشياء. وقد ذكر بعض العلماء حكماُ لله عز وجل في خلق إبليس فهو أصل الشر ولا يوجد أشرمنه، ولله حكماً في خلقه، ومن ذلك أن تظهر قدرة الله في الذي يخلق؛ فالذي يخلق الشيء ونقيضه هو أقدر على الخلق من الذي يخلق الشيء دون نقيضه. وفي إبليس وجود آثار أسماء الله الحسنى ؛ فكيف نعلم أن الله جبار قهار مذل لولا وجود إبليس ؟ وكذلك الله تواب رحيم غفور وذلك على أثر المعصية .
وكل شر موجود، العاقل يستطيع أن ينظر فيه وأن يتجنبه ويكون له حكمة وموعظة من هذا الشر . ومن هذا الباب قص الله علينا قصص الأنبياء وأقوامهم،  فذكر ربنا أنه أهلك كل أمة  بسبب الشرك وبسبب ذنب من الذنوب. وبقيت إلى الآن وما عذبت، مع وجود جميع ذنوب الأمم فيها، من اللواط، وتطفيف الميزان وما شابه؛ لوجود توحيد فيها، فوجود أصل التوحيد فينا هذا بفضل الله عز وجل، يرفع العذاب عنا. فالله عز وجل ، لما يذكر لنا الشر الذي وقع في الأمم التي قبلنا من أجل أن نتجنبه ونحذره، على حد قول الشاعر :
عرفت الشر لا للشر ولكن لتوخيه      ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه
والله اعلم.

ما رأيك في سيد قطب

سيد قطب أخطأ فيه اثنان، واقول هذا عبادة، وأعبد الله عز وجل فيما أقول: فقد أخطأ في سيد قطب من كفره، وقد عامله وحمل عباراته ما لايخطر بباله ولواحد كتاب في تكفير سيد قطب، وهذا ظلم له، فمن الظلم له أن نحمل ألفاظه ما لا يخطر في باله، بل من الظلم لسيد قطب أن نعامله وأن نحاكم ألفاظه وعباراته بعبارات واصطلاحات العلماء، وإنما نحاكمها بعبارات واصطلاحات الادباء، وهناك فرق كبير بين الأمرين.
سيد قطب في كتبه يقول عن ربنا عز وجل “ريشة الكون المبدعة” ويقول أيضا ًعن ربنا “مهندس الكون الأعظم” فيا ترى لما يقول سيد عن ربنا الريشة المبدعة، هل يظن سيد أن الله ريشة؟ وهل يظن انه مهندس عنده  أدوات هندسية؟  قطعاً لا، فمن يكفر سيد لأنه يظن أن سيد يعتقد أن الله ريشة، هذا ظلم لسيد قطب، ولذا من كفر سيد قطب فإنه يحاكم ألفاظه باصطلاحات العلماء، وسيد قطب من الأدباء وليس من العلماء، ولو نفهم فقط هذا الأمر لارتحنا، وهذا يقصر علينا مسافة واسعة، وهذا فريق غلا  في الحط على سيد.
وعندنا فريق آخر اعتبر سيد قطب منطقة محرمة، والويل كل الويل لمن تكلم عليه، فيقول : سيد فعل وفعل…. نقول: ما فعله له، ونسأل الله أن يتقبله وهو أفضى إلى أحكم الحاكمين.
لكن الخطورة فيما كتب وفيما كتب أشياء ينبغي أن تُقَوَّمْ، وأوجب الواجبات في تقويم ما كتب يلقى عاتق أخيه الأستاذ محمد قطب، ويا ليت محمد قطب يطبع كتب أخيه وفي هوامشه تعليقات فيها بيان لأخطاء سيد قطب، ويبين أنه ليس مراده كذا وكذا، فحينئذ نرتاح من غلو الكافرين ونرتاح من تاويل المأولين الذين لا يريدون أن يقولوا إن سيد قد وقع في كلامه خطأ، وانا أرى أن هذا واجباً فمهما كتب العلماء في أخطاء سيد قطب، تبقى كتبه شائعة، ولا يصل التقويم الذي كتبه أهل العلم، من أمثال الشيخ ربيع وغيره، بلغة العلم ونقد العلماء، لا يصل إلى كل الناس، لاسيما المعجبين بسيد قطب.
فسيد قطب كتب بعاطفة، وكتب بتجوز، وكتب بعبارات الأدباء، فوقعت في كتبه أشياء مرودوة، مرفوضة بلغة العلماء. ونحن نتكلم عن التوحيد فسيد ينكر ان يكون الله استوى على عرشه، ويقول استوى بمعنى استولى، وهذا خطأ كبير، بل ينكر العرش ويأوله، ويوجد في كتب سيد قطب عبارات شديدة حول الصحابة، لا سيما عمرو بن العاص ومعاوية، فمثلاً في كتابه “كتب وشخصيات” (242) يقول: (وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لايملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل)، فهذه عبارات خطيرة جداً، في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يقولها من يعرف العقيدة، ويعلم أن الواجب علينا أن نكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكما جاء في الحديث: {إذا ذكر أصحابي فأمسكوا}، أما أن يوصف معاوية وعمر بالكذب والغش والخديعة فنبرأ إلى الله من هذا، وفي كتابه “العدالة الاجتماعية” (172) يصف حكم الخليفة الراشد عثمان بأنه فجوة بين حكم أبي بكر وعمر وبين علي، وفي ص 159، يقول عن حكم عثمان: (تغير شيء ما على عهد عثمان، وإن بقي في سياج الإسلام)، بل يقول: (جاء علي ليرد التصور الإسلامي  للحكم إلى نفوس الحكام  والناس) فكأن عثمان ما كان يحكم بالإسلام، وهذه عبارات شديدة لا نرضاها.
فمن يكفر سيد قطب مخطئ، ومن يسوغ ويبرر لسيد أخطاؤه مخطئ، وينبغي ان نكون جريئين كي لا نجرئ السفهاء على سيد، فنصرح ونقول: هذا خطأ وهذا خطأ ومراده كذا كي تكون حجراً في وجه من يكفر سيد قطب، ونضع الأشياء في اماكنها ففي سيد غلو في الحب وغلو في البغض، وكثير من شباب اليوم للأسف يتعلمون دين الله وينشأون على كتب سيد قطب، وكتب سيد قطب لا يوجد فيها علم شرعي، فيها خواطر وعواطف وأدب، وليس علماً شرعياً، فالأصل في الشباب أن يتأصلون  في العلم الشرعي من خلال كتب الأئمة والفقهاء والعلماء، فينبغي أن يكون الإقبال على الكتاب والسنة وهذا ما عندي في هذه المسألة وفقني الله وإياكم للخيرات وجنبني وإياكم الشرور والمنكرات.

هناك من يقول بأن للمسلم الحق بأن يختار الطريقة التي يريد بها القيام بها ببعض…

أما عن خروج إخواننا التبليغيين فلنا في الحقيقة كلام، والكلام في هذا الموضوع كثير لكن أوجزه بالآتي:
 
يا ليت إخواننا التبليغيين يعاملون الخروج كمعاملتهم في المشي إلى المسجد وأن الأمر يجوز، يا ليت اقتصر عند هذا الحد، لكان الأمر سهلاً، ولكان الخطب يسيراً، لكن عند إخواننا الخروج طاعة بذاتها، ويخرجون ليخرجوا، ما يخرجون من أجل الصلاة ، فيخرجون لدعوة الناس إلى الخروج ويدعون الذين يخرجون أن يخرجوا حتى يخرجوا، ثم ماذا ؟ لا ندري.
 
والخروج وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله عز وجل، فلو أنا رأيت قرية من القرى، تحتاج إلى التعليم ، فمشيت إلى هذه القرية (وحصل ولله الحمد) فبت ليلتين أو ثلاثة أو أكثر في المسجد، فدرست وعلمت، فلا حرج، ومن يمنع هذا؟ لكن أن أعتقد أن من لم يقم بالخروج هذا فهو ليس داعية إلى الله فهذا خطر شديد، فهم يعتقدون أن الخروج طاعة تراد لذاتها، وهذا بدليل أنهم عند خروجهم يقولون: إننا خرجنا حتى نخرِّج، وهذا خطأ كبير، فالخروج وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله ، هذا أولاً.
 
وثانياً : هذه الوسيلة ينبغي أن نعرف حجمها في الشرع، فلو أن واحداً مثلاً نادى بأعلى صوته: يا أيها الناس لا تذهبوا إلى المسجد إلا مشياً، ولا تركبوا السيارات ، فهذا الحصر نقول له: أنت مخطئ فيه، لماذا ضيقت واسعاً، وبعض المفسرين يفسرون قوله تعالى: { ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله}، بالمؤذن، فالمؤذن داعية إلى الله، وهذا الدرس دعوة إلى الله، وخطيب الجمعة داعي إلى الله، والذي يقرأ أو يتعلم ويحصل داعي إلى الله، والذي يزور المسلمين ويرد الشارد منهم ويذكرهم بالصلاة داعي إلى الله، فالدعوة إلى الله ليست بأنها لا تتحصل إلا من خلال المشي إلى مسجد معين، والخروج أياماً معينة، وجولة محلية، وجولة مقامية، فأن تحصر الدعوة إلى الله وأن يقوم في ذهنك تصور أنه ما يوجد داعية مقبول يأتي بثمار إلا إن حصل كذا وكذا، فهذا حاله كمن يقول للناس لا تذهبوا إلى المسجد مشياً إلا بالسيارة.
 
والأمر الثالث: وجدنا في هذا الخروج إسقاط لآيات وأحاديث واعتقاد أجور وفضائل لم ترد، فقالوا الخطوة التي تمشيها أحسن من عبادة سبعين سنة، والدرهم الذي تنفقه أحسن من سبعين ألف درهم، فمن أين هذا؟ وبعضهم يقول: الصحابة خرجوا، نعم الصحابة خرجوا، فاخرج كما خرج الصحابة، فالصحابة علمهم النبي وخرجوا يعلمون فخرج معاذ قاضياً، وخرجوا مفتين، وخرجوا ولاة، وخرجوا مجاهدين، أما الخروج بالطريقة الموجودة، فهو رؤية منامية، رآها شيخ فجعلها سنة متبعة، فهذا الإسقاط إسقاط عملهم على تصور الأجور، والفضائل للأعمال، وإسقاطه على أفعال الصحابة ، فيه مؤاخذة شديدة.
 
وهذا الخروج فيه محاذير لأن لهم شروط ما أنزل الله بها من سلطان ، فالخارج على أصولهم ممنوع أن يزور بيته، فلو احتاج الخارج أن يزور أباه المريض يمنع، ولو احتجت شيئاً من الدنيا كأن أغير الثياب فهذا ممنوع، فمن أين هذه الشروط (وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) فهذا الخروج لا يجوز أن يجعل المباح حرام، فالمباح يبقى مباح، والمسنون مسنون، والفرض فرض، فالنبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام استيقظ من الليل وقرع باب علي رضي الله عنه، فقال له: {قم الليل}، فقال علي- وهو يفهم أن النبي خاطبه من باب الحرص لا من باب أنه نبي- فقال: {إن أرواحنا بيد الله إن شاء أمسكها وإن شاء أرسلها} فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ قول الله {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً}، وعلق الحافظ ابن حجر في فتح الباري على هذا الحديث فقال: (أمر الأمير بالطاعة المسنونة لا يجعلها واجبة)، فالأمير إن قال لك صم الإثنين، يظل الصيام سنة ولا يصير فرض ، وأميرٌ يكلف بسنة أو يفرض لا يحق له، فمن أين هذه الشروط؟
وهم يعتقدون أن الذي لا يخرج كل سنة أربعين يوماً وكل شهر ثلاثة أيام وهكذا ، يعتقدون أنه قصر.
 
ومن أسوأ ثمار الخروج على الإطلاق الحب والبغض والولاء والبراء من خلال الخروج فلا يحب الإنسان ولا يوالي إلا على الخروج، والحب والبغض والولاء والبراء في ديننا لا يكون على الوسائل وإنما على الحقائق، فربما إنسان أخطأ ورأى أن الذي يعيد للأمة عزها التنظيم، [فيجعل الولاء والبراء من خلال التنظيم فمن دخل التنظيم فله الحب والولاء، ومن لم يدخل التنظيم فلا حب ولا ولاء].
 
وأقول- والله و أباهل من شاء- لو كان عز الأمة يعود بتنظيم أو بخروج لذكر صريحاً في كتاب ربنا أو سنة نبينا، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئاً حتى الخراءة، إلا وعلمنا إياه.
 
والذي يعيد الأمة عزها المنشود، أن تقع التزكية والتربية في الأمة، فالنبي بعثه الله ليزكي ويعلم، وقال تعالى: {وجعلنا منهم أئمة لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}، {أئمة}: أي أئمة دين، {ولما صبروا} أي : زكوا أنفسهم. و {كانوا بآياتنا يوقنون} أي: تعلموا ؛ فعلم وعمل وصلاح، وكما قال الإمام مالك والفضيل ابن عياض : (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها) فعقيدتنا أن الذي يصلح الأمة أن يجثوا الناس على الركب بين الصادقين من أهل العلم، يتعلمون ويعملون.
 
فهذا أسهل الإصلاح لكنه يكاد يكون عسراً هذه الأيام؛ لأن الناس قد هجروا العلم وحلقات العلم، وما وجد الأطباء فيهم، وأيضاً قالوا: الذي كان يخرج وترك الخروج، ميتة لفظها البحر، فهم يحبون ويوالون على الخروج فإن كان خروج فيوجد حب، وولاء، وإلا فلا، وكذلك غيرهم في التنظيم، فيبشر الوجه ويشد على اليد ويزار إن دخل التنظيم، وإلا فلا، ونقول لمن هذا حاله: كن بيننا ربانياً وافتح قلبك، ووسع أفقك، فهذه وسائل، فالحب والبغض يكون على دين الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {أوثق عرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله}، ويقول: {من أحب لله ومن أبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فذلك أوثق عرى الإيمان } فالخروج فيه هذه المحاذير وياليتهم يجعلونه كالمشي إلى الصلاة لكنهم يعتبرونه من أجل الطاعات وأهمها.
 
وقد دعاني يوماً أخ فاضل، إلى طعام الغداء، فذهبت إليه ووجدت عنده أناس كثير، وكان من الموجودين أمراء التبليغ، وأنا لا أعرفهم إلا بأسمائهم، فتكلم واحد منهم – وحالهم أنهم يظهرون أنهم أوصياء على الدين- تكلم عن الخروج، وأشعر الجالسين أن الخروج هو لب التوحيد وأصل الدين، وهذا هو التوحيد عندهم، بدليل أن الذين يخرجون في بلاد الحجاز يعرفون التوحيد، وأن الذين يخرجون في الهند والباكستان أصحاب خرافة، ولا يعرفون التوحيد، فعقائدهم مختلفة، لكنهم مجتمعون على وسيلة ، فبعد أن تكلم على الخروج قلت: أتأذن لي بسؤال؟ قال : تفضل، قلت: ما حكم الخروج هذا الذي تدعو إليه؟ فغضب، وبدأ يتكلم تارة جالس، وتارة بين القائم والجالس، ويقول: ينبغي أن نسأل ؛ ما هو حكم القعود هذه الأيام؟ فقلت له بعد كلام: أنت ما سألتني عن حكم القعود حتى أجيبك، سلني عن أي قعود تريد أجيبك فهنالك قعود مع الرحم واجب، وقعود في الصلاة واجب، وقعود عن الدعوة حرام، لكن لا تكون الدعوة إلى الله بالخروج فقط، فيوجد دعوة من غير خروج، وأنتم مشكلتكم أنكم لا تجعلون داعية إلى الله إلا من خرج، فما لم يخرج لا يكون داعية، فجعلنا الوسائل كأنها مقاصد وغايات.
 
وهذا الأمر له آثار تربوية خطيرة على النفس فواحد ينشأ ويُربى على الخروج، فيتصور أن الدين كله خروج، فإن ضعف وما خرج، فيظن نفسه أنه ارتد، وكذلك من يعتقد التنظيم، ويسمع دائماً منهم ((من فارق الجماعة قيد شبر……) (من مات وليس في عنقه بيعة فقد خلع الإسلام من عنقه) ثم يضعف عن التنظيم ويتركه، يبدأ يشك بدينه، لكن لما يفهم أن هذه وسيلة [وتحتمل الخطأ والصواب]، وأن المسلم وجماعة المسلمين من يقول “لا إله إلا الله” ما لم ينقضها سواء خرج أم لم يخرج وسواء كان في تنظيم أم لم يكن، تتحقق الأخوة الإيمانية بين الناس، وإن ضعف لا تظهر هذه الآثار التربوية على النفس بهذه الطريقة الموجودة عند الناس.
 
وجماعة المسلمين جماعة فهم، وليست جماعة بدن، فلو قلنا لهؤلاء أبعدوا الحزبية عنكم، وأبعدوا الخروج وهذه الوسائل عنكم، وتناقشوا في دين الله، وفي تصوركم عن هذا الدين، لكفر بعضهم بعضاً، لأن أفهامهم متناقضة جداً، فالذين يخرجون في الهند ليسوا – كما قلنا- كالذين يخرجون في الجزيرة العربية، فهؤلاء عرفوا التوحيد وأولئك تربوا على العقائد الخرافية، فجماعة المسلمين كما قال الشافعي ، جماعة فهم وليست جماعة بدن، ولذا قال يوسف بن أسباط: (إن كنت في المشرق وأخ لك في المغرب فابعث له بسلام فما أعز أهل السنة هذه الأيام)، فأهل السنة في المشرق وفي المغرب دينهم هو هو، ما عندهم تغيير ، فدين الله كتاب وسنة، مع احترام العلماء والنظر إلى أقوالهم واستنباطاتهم بتفصيل وتمعن.
 
لذا نقول : إن الخروج في سبيل الله على النحو المذكور فيه محاذير كثيرة جداً، وإسقاط هذا الخروج على النصوص الشرعية إسقاط غير موفق، والله أعلم .