*السؤال الثامن عشر : هاجمت المتعصبين والمتحزّبين والمقلّدين وأنت قد حصرت نفسك في أسلوب الشيخ الألباني وحركة السلفية.*
الجواب : هذا ليس بصحيح، شيخنا *الألباني* رحمه الله كان يردّد عبارات كان يقول فيها: *لسنا تيميّين، لسنا أحمديّين، لسنا ألبانيّين.*
والذي يعرف من طلبة العلم أسلوبنا وفتاوينا يعلم أننا خالفنا شيخنا *الألباني* في أشياء كثيرة وبعلمه وبحياته.
فلسنا نسخة طبق الأصل عن الشيخ *الألباني* والذي يجمعنا مع شيخنا رحمه الله تعالى منهج الإثبات ومنهج الاستنباط.
وقلت لكم: أننا لسنا أصحاب مسائل.
قواعد أهل العلم تأذن بالخلاف.
فشيخنا *الألباني* رحمه الله تعالى من العلماء الربانيّين.
واليوم لأنّ الناس ولا سيما الحزبيين، ولغوا في السياسة وأدمنوا عليها، ويا ليتهم أفادوا أو أتقنوا صنيعهم فخاضوا بعواطف لا بعلم؛ صار عندهم العالم الرباني ذاك الجاهل الذي يشتم الحكّام، والعالم المتمكّن الذي قضى من عمره خمسين، وستين سنة في طلب العلم هذا مفتي بغلة السلطان، وبعضهم يقول مفتي ذيل بغلة السلطان، ولا يقيمون وزناً للكبار للأسف، لأن القواعد عندهم مختلة، القواعد ما قامت على علم.
لو أن الناس تعلّموا دين الله وعرفوا كم يعاني العالم في الطلب لاحترموا العلماء.
*فالقول بأنني أحصر نفسي في منهج حزبي أقلّد فلانًا أو علاّنًا من الناس، غير صحيح، ولو جاز لي أن أقلّد لقلّدت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فأنا لست ألبانيًّا أنا أتبع منهج الصحابة والتابعين.*
النبيّ صلى الله عليه وسلم زكى القرون الثلاثة الأولى، أما يجب على الأمة أن تبقى متميزة، وأن يبقى شعارها الذب عن سلفها الصالح؟
لماذا بيّن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنّ خير الناس هم اهل القرون الثلاثة الأولى؟
حتى يتعلق الناس بالقرون الثلاثة الأولى .
المصحف الذي بين أيدينا، كتاب الله، القرآن الكريم؛ امسك مصاحف الدنيا كلّها وانظر إلى رسم القرآن، هل ترونه مطبوع طبعة مثل الكتاب؟
هذا المصحف وهذا الرسم رسم من؟
رسم عثمان.
وفي هذا دليل على حرمة طبع المصحف على خلاف رسم عثمان، وكان رسمه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ففي هذا دليل عملي على وجوب اتباع الصحابة والتابعين ، ورسم المصحف اتباع للصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
*هل يوجد أحد أتقى وأعلم وأورع وأنبه وأنبل وأقرب إلى الله وأعرف بمراد الله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لماذا لا يُعلّق الناس بالجيل الأول؟*
ألم يعلقنا النبي عليه السلام بتزكيته للصحابة والتابعين والقرون الثلاثة الأولى حتى يبقى هذا الجيل الذي اختاره الله في سنته في كونه فنختار هذا الجيل ليكون منهجاً لنا.
*نحن أصحاب منهج نعظّم فيه الدليل، ونحترم علماءنا ولا نقدسهم، ونعلم أن التعلق هو بمجمل الجيل، وليس بفرد من أفراد الجيل.*
*الشرع هدم التقليد وعدم التعلق بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي بأشخاصهم وأوجب علينا أن نتعلق بمنهج جماعتهم.*
*فالقول بأني ألبانيّ، وأتابع شيخنا الألباني رحمه الله في كل مسألة يقولها غير صحيح، إن شرح صدري الدليل فإن أصبت أحمد الله وإن أخطأت أستغفر الله، فأنا لا أتبع فلاناً من الناس، وفي كثير من المسائل أختار فتوى غير فتوى الشيخ الألباني، في كثير من المسائل أختار فتوى غير فتوى شيخ الاسلام ابن تيمية، وهكذا مع احترامي وتقديري لجميع علماء أمتنا.*
كلمة بعنوان: *آفة الآفات في هذه الأمة التعصب والتحزب*
إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أمّا بعد:
أمر الله -تعالى- هذه الأمّة أن تتحد، وذلك بأن تتحد أفهامها قبل أن تتحد أبدانها، *ووحدتها على التوحيد*.
فنحن ندعو إلى التوحيد وإلى الوَحدَة على التوحيد، ولا نريد الوَحدَة لذاتها، ولا يمكن أن تتحقق إلا بأن تجتمع أفهامها.
ومن الأخطاء الجسام التي يمارسها كثير من الناس أنّهم يريدون أن يجمعوا أبدان الناس على غير شيء.
*ولا سبيل لنصرة هذه الأمّة إلّا ذاك المَهْيَع الذي سلكه العلماء، بأن يتعلّم الناس دين الله، وأن يقيموه في أنفسهم.*
وقد قال بعض الحكماء: *أقيموا دولة الإسلام في صدوركم تقم على أرضكم.*
وما لم تجتمع أفهام الناس فأنَّى لهم أن يجتمعوا.
*فالتعصّب والتحزّب وألّا ترى إلّا بعين غيرك، وألّا تفكّر إلّا بعقل غيرك فهذه آفة مرضيّة، سواء كانت في الدين أو في الحياة.*
*والتقليد والتعصّب علامة ضعف*.
فالواجب على الأمة إن كان الله
-تعالى- قد أمرنا أن نقول لأهل الكتاب: *قل تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ألّا نعبد إلّا الله*.
*فالواجب على الأمّة أن يجتمعوا على العلماء*، فإن اجتمعوا على العلماء اجتمعوا على مثلثٍ قاعدته على الأرض ورأسه عالٍ في السماء، وإن اجتمعوا على غيرهم اجتمعوا على مثلثٍ رأسه المدبّب في الأرض وقاعدته في السماء، فهو مضطرب يذهب ويجيء، ولا يمكن أن يقع الاجتماع إلا على الرأس المدبّب، وهو عدد قليل يكونون حول هذا الرأس المدبّب.
وقعت آفات، وعايشنا نكبات،
وشاهدنا مصائب وعجائب و غرائب.
*ألا ترون من خلال ما نعايش غلوًّا في اتّباع من يرسم لأمّتنا أن يحيدوهم عن السبيل؟*
ألا ترون أنّ كثيرًا من الأنماط التي تريد أن تقيم الدين خاضوا في السياسة، وغالوا وتكلموا في السياسة؟ فظهر كذبهم مرّة ومرّة ومرّة، حتّى أنّ الناس نفروا منهم.
*أما آن لنا أن نعود إلى منهج العلماء، وأن نحيي مجالس التفسير، ومجالس الحديث ومجالس الفقه، وقبلها مجالس التوحيد وعلم اللغة وسائر العلوم، حتّى يتحصن أبناء هذه الأمّة من الدخيل.*
اليوم الدخيل في التفسير، والدخيل في الحديث، والدخيل في الفقه، والدخيل في الأصول، فاليوم هجمة شرسة على هذه الأمّة بثوابتها وأصولها.
والأمّة بأفرادها -وأعني من الذين نحسبهم صادقين فيها- شاردون بعيدون عن تحصين الأصول للجهل الذي يرتعون فيه، ولله سنن في التغيير لا تتخلّف ولا تتبدّل، *البناء الذي لم يقم على علم وعلى فهم صحيح لا يمكن أن يقوم،* كأساس البيت، فالبيت الذي لا يقوم على أساس لا بد أن ينهدم، فالبناء الذي لا يقوم على علم لا يمكن أن يقوم.
*إذا كنت ضعيفًا في مرحلة ما من مراحل حياتك، وأردت أن تقلّد فلا تؤجّر عقلك بطوابقه كلّها لشخص أو لشيخ أو لجماعة أو لفئة، وإن أبيت ألّا تنظر إلى الدنيا إلّا من شباك في عمارة، وحبست في هذه الشقّة التي في العمارة، أنصحك إن قبلت أن يبقى المفتاح في جيبك، ولا تعطيه لغيرك، فإن رأيت شيئًا لعلّك تفتح وتنظر للدنيا بعينيك لا بعيني غيرك.*
*آفة عظيمة من آفات علم الاجتماع، ومن آفات الدين، ومن آفات العلم ومن آفات العاملين بالشرع أن تعطّل عقلك، وأن تتعصّب لجهة ما، يكون عليها الولاء والبراء والحبّ والبغض، فلا تحب ولا تبغض إلا من خلال قواعد هذا الحزب أو تلك الجماعة.*
*في الدرس الماضي تكلّمت وسأتكلّم وسأبقى أتكلّم، هو شيء رسخ في قلبي من كتاب ربّي وكلام نبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ومن تجربتي التي عانيت فيها شديدًا و كثيرًا أنّ آفة الآفات التعصّب، وآفة الآفات التحزّب، وأن يصبح الإسم عليه مدار سلطان الولاء والبراء والحبّ والبغض.*
كنّا في فترة في حياتنا نعيش في مناطق انتشرت فيها بعض الدعوات، وما كنت أظنّ وما عرفت حقيقة الأمر حتى دخلت الجامعة، كنّا في بعض المساجد بفضل الله -تعالى- نقوم بالتدريس، درسنا شيئًا من التفسير، وشيئًا من الحديث، وشيئًا من الفقه، وهذا من فضل الله علي، وهذا الكلام في الثمانينيّات وما قبل الثمانينيّات، وحوالي الثمانينيّات، والآفة العظيمة ظهرت لمّا الإنسان خرج من بوتقته التي يعيش فيها، فنظر ووجد الحال أنّ الآفة وصلت للأسف إلى الخواصّ، ووصلت إلى القائمين على التدريس والموجّهين للشباب.
أما آن لنا أن نعود إلى إحياء الربانيّة، وأن نعود إلى إحياء الدين، وأن نشغل الناس بما هو يقين، وأن نترك الظنّ والتخمين، وألّا نعارض كلام ربّنا وكلام نبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم؟!
أدركت في بدايات عمري أنّ دولة الإسلام سيقيمها *جعفر النميريّ،* وأدركت في آخر عمري -وأسال الله أن يطيل عمري في الصالحات- أنّ دولة الإسلام سيقيمها مرسي، وكانت هذه طامّة وهذه آفة وهذه مشكلة وهذه علّة، وكلّها سياسة في سياسة لا دخل للدين في هذا كلّه.
والناس بالذات الشباب المساكين الذين يؤجّرون حريّاتهم فضلًا عن عقولهم وقناعاتهم إلى أناس لا يخدمونهم ولا يعلمونهم ولا يفقهونهم و لا يحصنونهم بالثوابت، والعواطف لا تكفي، العواطف عواطف، والانسياق وراء العواطف ووراء الإعلام، الناس اليوم -والله- الآفة اليوم كبيرة كبيرة كبيرة كبيرة، وتحتاج لصادقين ومخلصين أن يقوموا على تعليم الناس وعلى تفقيههم وعلى بناءالشخصيّة الشرعيّة الصحيحة، لا نبحث مسائل ولا يمكن أن يقع ولاء وبراء على مسائل، مشايخنا الكبار ممن لم ندركهم من الأئمة وعلى رأسهم الأئمة الأربعة، وعلى رأسهم المحدثون الكبار أصحاب الكتب الستة ومدرسة أهل الحديث ومدرسة أهل الفقه، وهما مدرستان معروفتان ولهما امتداد وسيبقى لهما امتداد، اختلفوا في مئات المسائل.
نحن لا ندعو إلى مسائل نحن ندعو إلى مناهج، إلى منهج إثبات صحيح وإلى منهج استنباط صحيح، اليوم هجمة شرسة على صحيح البخاريّ، وهجمة شرسة على صحيح الإمام مسلم، وأمّة الإسلام أمّة سُنَّة، أمّة توحيد وسنّة، والسنّة تقتضي أن تفهم التوحيد وأن تفهم السنّة، أن تفهم القواعد المعروفة عند أهل السنّة، اليوم الطعن في البخاريّ أمر سهل جدًا كشرب الماء.
ادخل على المواقع واسمع هذه الجهود التي اجتمعت جيوش جرارة وعساكر، اجتمعت على الطعن بثوابت الأمّة، والرافضة ينظرون، والعَلْمانيّون ينظرون، واللادينيّون يتشمّتون، والأمّة باتت تأكل رأسها، لا تعرف لمن تسمع، وضاعت الثوابت العامّة في هذه الأمّة، فآن لهذه الأمّة أن تعلم أنّ آفة الآفات التحزّب والتعصّب، وأن تكون متحررًا من كلّ شيء إلّا من قواعد أهل العلم،وأن الطريق -ولا طريق غيره، ولا سبيل غيره- إنّما هو طريق العلماء، وأن يجتمع الناس بالعلماء ,العلماء وقع بينهم خلاف في مناهجهم؟
نعم، وقع بينهم خلاف، وسيبقى الخلاف وسيبقى ممتدًا، ولكن إذا وُجِدَت التقوى والعلم وقواعد الإثبات العامّة وقواعد الاستنباطات العامّة على وجه صحيح، قربت الشقّة وازدادت اللُّحمة، وتأخّرت وابتعدت كثير من الآفات التي نراها اليوم.
إلى الله المشتكى، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.
الجواب: أنا أوصي نفسي وإخواني أن نثبت على الطلب، وأقول لهم: *من ثبت نبت.*
*والعلم يحتاج إلى مدة وإلى صدق وإخلاص، والعلم يحتاج إلى عمل، أن تؤدي زكاة ما علمت، وأن تتقيَ الله -جل في علاه-، وكل ما ازداد علمك ينبغي أن يزداد تقواك، وأن يزداد قربك من الله عز وجل، وأن يكون همك أن تنشر دينك، لا أن تفرض سلطانك، فالحق من أي جهة صدر أخذنا به، فالواجب على طالب العلم أن يقبله وأن يشرح صدره به.*
طالب العلم ينبغي أن يبقى في ترقٍّ، وينبغي أن يزداد من العلم، وكل شيء أنفقت منه ينقص إلا العلم، فإنك إن أنفقته زاد، ما أمر الله نبيه أن يتزود من هذه الحياة الدنيا إلا في قوله *«وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا»،*طه 114*.
*فالأصل في طالب العلم أن يزداد في الطلب كل يوم، وأن يبقى ثابتًا، *فطالب العلم يحرم عليه النكوص والرجوع، كالمجاهد في سبيل الله،* ولما أطلع الله نبيه على أجور أمته رأى أن من أشدهم صنيعاً من حفظ القرآن ثم نسيه، وثبت في الصحيح
50/1334- *عْن عقبة بن عامر أَنَّهُ قَالَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: منْ عُلِّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تركَهُ، فَلَيس مِنَّا، أوْ فقَد عَصى رواه مسلم.*
قال ابن القيم : الفروسية فروسيتان:
فروسية العلم والبيان. فروسية السيف والسنان.
فمن لم يكن من أهل هاتين الفروسيتين ولا ردءاً لأهلهما، فهو كَلٌ على نوع بني الانسان، وقرر أن من انشغل بفروسية العلم أو فروسية السنان الواجب عليه الثباب إلى الممات.
أنت يا طالب العلم الواجب عليك أن تثبت، وأن تزداد، والأصل في طالب العلم أن يثبت، لما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله، في كتابه الجامع الصحيح، في كتاب الرقاق منه، باب القصد والمداومة على العمل، بسنده *عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: سُئل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: ((أَدْوَمُها وإنْ قَلَّ))*.
*وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت: *كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته.*
*رقم الحديث: 1241*
*كتاب صلاة المسافرين وقصرها* .
فالأصل في طالب العلم أن يثبت هذا العمل، وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يعرف عن واحد من السلف أنه تقدم في طاعة من الطاعات ثم رجع عنها.
ولذا أسند *اللالكائي* عن *عمر بن عبدالعزيز* رحمه الله تعالى قال: *كان السلف يكرهون التلون والتحول.*
أنت لست طالب علم وأنت في *دورة الإمام الألباني* فقط، *دورة الإمام الألباني* توالت عليك، وتكاثرت عليك الدروس، ويسر الله لك خلال مدة يسيرة -أسبوعين- أن تتلقى عدد من الدروس، لكن هذه بمثابة المراجعات، وبمثابة توالي المعلومات لتبقى لك نبراساً، وتبقى لك في حياتك مَعْلماً، ولا تنقطع عن العلم البتة، حتى في عملك، حتى في بيتك، في أصحابك، اصبغ من أنت بينهم بالطلب، واجعل المجلس الذي أنت فيه والبيئة التي تعيش فيها، اجعلها بيئة طلب، فذاكر العلم مع زوجك، وذاكر العلم مع أولادك وتلطف بهم، ولا تنقطع عن العلم البتة.
*العلم مدلل*، ودلاله شديد، فإن هجرت العلم يوماً هجرك أسبوعا،ً وإن هجرته أسبوعاً هجرك شهراً، فالعلم ينبغي أن تبقى معه على تواصل، وينبغي أن تحرص عليه كحرصك على طعامك وشرابك .
وأخيراً الناس ليسوا بحاجة فقط إلى علم العلماء وإنما الناس ايضاً بحاجة إلى أخلاق العلماء، احرص على أخلاقك، احرص على أعمالك، والمعصية قبيحة، ولكنها من طالب العلم أشد قباحةً، والغفلة قبيحة ولكنها من طالب العلم أشد قباحة، فابتعد عن الغفلة، وابتعد عن المعاصي، وخالق الناس بخلق حسن، فالناس يحتاجون إلى علمك وكلامك وبيانك، ويحتاجون إلى لحظك وسمتك، *فالناس يحتاجون إلى علم العلماء، وحاجتهم إلى أخلاق العلماء لا تقل عن حاجتهم إلى علمهم،* فاحرص أن تكون قدوة حسنة طيبة،ً تدعوا إلى الله بلحظك وبوعظك.
*السؤال الرابع: ما هو تعليقكم على قرار صدور الحكم بالإعدام على أكثرَ من تسعين مسلمًا في مصر من “جماعة الإخوان المسلمين”؟*
الجواب: جماعة الإخوان المسلمين عندهم تعصّب وتحزّب، كما قلنا ولا آبى أن أغشَّ نفسي، أو أغشَّ إخواني.
*والواجب العدل معهم.*
والولاء والبراء يتجزأ، ويجتمع في العبد الواحد ولاء من جهة، وبراء من جهة.
والنبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: *”المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يخذله”.*(رواه مسلم).
*فإيذاء الإخوان المسلمين بالإعدام هذا حرام شرعًا، وهذا أمر لا يجوز في شرع الله -جلّ في علاه-، ولا أقول هذا حتى أرضي فلانًا، وأُغضب علانًا، أنا أقول هذا فيما علمني ربّي، وفيما أقتنع به.*
الإخوان المسلمون يحتاجون إلى علماء يعلمونهم، وهذه آفتهم، وهي كذلك آفة التبليغ.
وشيخنا *الألبانيّ* -رحمه الله- أوّل ما جاء من سوريا جلس في دور الإخوان المسلمين يعلمهم الحديث، ثم تبين للشيخ أنّهم يريدون أن يقوّوا تحّزبهم به، فكان يعلمهم التوحيد، وينّبههم على ما هم فيه، حتى وقعت المفاصلة، ووقعت المناكدة، ويا ليتهم استجابوا.
سمعت كبار الإخوان المسلمين يقولون: *لا حظّ لنا في العلماء.*
قطعًا ما داموا على هذا الطريق لا حظّ لهم في العلماء.
وبودّي لو أنّ أسباب قوّة الأمّة تجتمع.
*والواجب العدل.*
*لماذا يُقتل الإخوان المسلمون؟*
*لماذا يذبحون؟*
بأشياء هم ورّطوهم بها، هي رُسمت لهم وهم منتفعون.
الإخوان المسلمون مثل الإنسان الذي بلغ من العمر عشرين سنة مندفع، متحمّس، والتعقّل والتروّي والفهم والنظر في عواقب الأمور مفقودة عندهم، والنظر إلى ترتيب الأولويات، واجتماع المصالح والمفاسد، وما هي المصلحة التي ينبغي أن نقصدها من قواعد العلماء؟
غير موجودة عندهم.
فالإخوان المسلمون يا ليتهم يتعلمون.
والتبليغ يا ليتهم يتعلمون.
أنا أقول: هل التبليغ ليس لهم أثر في الكون؟
مخطِئ من يقول هذا.
هل لهم أثر في الكون؟
والله لهم أثر كبير.
جماعة التبليغ في الهند عندما الهند انفصلت عن الباكستان، في قصة وفي ملاحم شديدة وقعت قديماً ، فغربة الإسلام تحمّل تبعاتِها التبليغيّون في ذلك الوقت، وكان التبليغيّون هم القائمين على نشر الإسلام، *لكن هذا الجهد شيء، و الأخطاء التي يصرّ عليها الكبراء شيء آخر،* يعني إذا صوّبنا أخطاءنا فإنّ أمراءنا يذهبون، فلازم أن يبقى الأمير أميرًا !!، ولازم أن يبقى المسؤول مسؤولًا؟!!!.
وإلى الله المشتكى.
*فقرار إعدام الإخوان المسلمين قرار جائر، ظالم، سفك دم بحرام، وهذا أمر منكر شرعًا*.
*والواجب على كلّ من يستطيع أن يُنقذ هذه الدماء من الساسة والكبار والإعلاميّين الواجب عليهم أن يبذلوا ذلك ما استطاعوا لذلك سبيلًا.*
*جمال عبد الناصر* ظلم الإخوان، وقتلهم، وتدخل *كبار علماء المملكة العربيّة السعوديّة* آنذاك، *والملك فيصل* هو الذي *فرّج عنهم، وأتى بهم إلى مكة والمدينة،* وهذا أمر معروف ما يحتاج لبيان.
فالواجب على من ظُلِم أن نرفع المظلمة عنه.
*فالإخوان المسلمون لا يستحقّون القتل، هذا القتل حرام، والدم دم حرام، والمسلم مُصان الدم.*
المسلم له حرمة، *ولزوال الكعبة أهون عند الله من سفك دم المسلم.*
*السؤال الثاني عشر: عندنا في فلسطين تكاد كل يوم يكون هنالك نازلة أو فاجعة، كمسيرات العودة التي تقام في غزة قرب السياج، وخاصة الطائرات الورقية، التي تساهم في حرق أراضي العدو الصهيوني، فهل ترون من الحكمة من الدعاة الكلام حول هذه الأمور؟*
الجواب: أولاً نحن نقوم بشيء لا يقوم به غيرنا، والشيء الذي نقوم به: *أن نعمل على تصحيح عقائد الناس، وعباداتهم، وأن نخرجهم من الجهل الذي هم فيه.*
فالمسلمون لن تقوم لهم قيامة ولن يرفع لهم رأس إلا إن اتبعوا سبيل الأنبياء ودعوا بالتوحيد، وصبروا على الناس.
لا تجعلوا أنفسكم في أفواه الناس، ولا تشغلوا أنفسكم إلا بما ينجي الناس، ويقربهم من الله عز وجل.
وإن الذي يجري في بلاد المسلمين اليوم هو جَرَّاء مجموع ذنوبهم.
النصر قريب منّا، ونحن بعيدون عنه.
هل مِن مسلم يَعلَم أن ما قاله الله في كتابه حق، يَشك أن نصر الله قريب؟
الله عز وجل يقول في كتابه -وهو أصدق القائلين-: *أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ* [البقرة : 214]
هذا العمود الذي ترونه، قريب مني أم بعيد؟
الجواب : قريب، فوالله إن النصر أقرب إلينا من هذا العمود، *لكن نحن مُصِرِّين أن نَركب طائرة بأعلى درجات السرعة، التي لعلها ما صُنِعَت، ونمشي باتجاه آخر، هذا النصر قريب؛ لكن المشي باتجاه ثانٍ،* يا جماعة النصر قريب، سيروا بالاتجاه صحيح، والاتجاه -الآن- ليس بـصحيح، والناس لا يَعقِلون إلا مَن رحم الله.
جَرَّبوا القوميات، وجَرَّبوا وجرَّبوا، وأبداً لم ينتصروا ، وهذا من رحمة الله بنا.
كان الناس في أزمات تَمُر بالـمسلمين يظُنون النصر قريب ، أنا قلت: *مَعاذ الله، أن يخذل الله دينه، فلغاية أحداث سوريا؛ كان النصر في بعض الأيام بأحداث سوريا قريب جداً، والذي قَرَّبه الكفار، لـِمخططات يصنعونها في بلاد المسلمين.
كنت أقول يا إخوان: *إذا ربنا ما قَرُبنا منه، فلا يوجد نصر.*
والذي جرى في مصر، قالوا :
انتصر الإسلام، سيحكم فلان.
قلتُ أنا : الناس لَم يَتغَيَّروا؛ فلا يوجد نصر.
واذا في نصر في زعمكم، الله عز وجل يقول : *إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ* [محمد : 7]، فلن يوجد ثبات، فلَن يبقى، فإذا في نصر؛ لن يَثبتوا، لأنه ما تغيرنا نحن.
أنا لا أتكلم عن شخص (جيد أو لا)، لا أتكلم عن وسيلة عن طريقة (جيدة أم لا )، أنا أتكلم عن الخارطة العامة.
الآن سَيطرةُ اليهود على فلسطين، هو ذل لِـمَن؟
هل هو ذُل لأهل فلسطين؟
الجواب: هو ذُل لِأهل الإسلام، ولذا كان *عبد الله بن سَلام*، يقول:
قال الله تعالى فيما أوحى للأنبياء من الأمم السابقة: *مَن عرَفَنِي وعصاني؛ سَلَّطتُ عليه مَن لا يَعرِفني.*
أنا أضرب مثلاً -حاشاكم ربي وجَلَّكُم-: والِد أغضبه ولده مرات، وبقي مشاكساً معانداً، عاصياً، نافراً، شاردا ولله المثل الأعلى، فأخذ الوالد -أجَلَّكُم الله- حذاء، فضرب به الولد، الآن هذا الوالد يريد أن يُذِل الولد، أم يريد أن يُعِز الحذاء؟
الجواب : يريد أن يُذِل الولد، ولله المثل الأعلى، فاليهود هم متربعون على فلسطين، وفلسطين من لب بلاد الشام، وهي من البلاد المباركة في بلاد المسلمين.
بالعادة إذا كان جرح بالكف، وكان الكف حَياً؛ يَلتئم عليه، ويَبرئ ويشفى بإذن الله، وإذا كان الكف مَيتاً؛ فالجرح مع مضي الزمن يزداد، فيزداد خطراً، وانظروا إلى الحال؛ تَعرِفونه جيدا.
ولذا نحن نحث اخواننا :
مسكوا الناس بالكتاب والسنة، انشَغِلوا بما لا يَنشغل به غيركم.
وهذه نصيحتنا حتى لمن هم في بلادنا، لا تشغل نفسك بـجمع الصدقات وإطعام الفقراء، إن فعلت ذلك؛ فحسن، لكن لا تجعل هذا هو همك، رعاية الأبدان؛ يقوم به غيرك، *أما أنت يا طالب العلم، انشغل بأن تُقَرِّب الناس من الله، وانشغل بأن تصحح للناس عقائدهم، وأن تُعَرِّفَهُم بِـربهم، كما قال أبو جعفر الطحاوي: *وبعث الله النبيين إليه داعين، وبه مُعَرِّفين، ولِمَن أجابهم مبشِّرين، ولِمن خالفهم منذرين).*
هذه مهمتنا، إليه داعين، وبه مُعَرِّفين، ولِـمَن أجابنا مُبَشِّرين، ولِمَن خالفنا منذرين.
*السؤال السابع: إمام مسجد عندنا في فلسطين يقول حياتنا غير إسلامية بسبب عدم تحكيم الشريعة الإسلامية على حد قوله لا سيما مع انتشار مظاهر الشرك والكفر خصوصا في أعياد النصارى ومشاركة المسلمين معهم من دون رقيب ولا حسيب فما قولكم؟*
الجواب: قولي أولا: نحن ولله الحمد والمنة نعيش في مجتمع مسلم فيه مجاوزات ومجاوزات خطيرة وأغلب هذه المجاوزات عن غفلة وجهالة.
في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوجد بعض المجاوزات.
فالصحابة لما مروا على قوم قال بعضهم اجعل لنا كما لهم شجرة ذات انواط كما لهم يتبركون بها ، والنبي عليه السلام قال الله اكبر إنها سنن من كان قبلكم ..الخ .
فالنبي عليه السلام أخبرنا عن اتباع سنن من قبلنا.
لذا العمل على ادانة الناس والعمل على النظرة السوداء للناس خطأ، فكثير من الناس يحتاجون لتذكير الناس في غفلة، فالناس تحتاج للتذكير، فكن طبيبا لا تنشغل إلا بأن تعلمهم.
المجتمعات مشركة، لا، أنت الذي تتكلم عنه من مشاركة المسلمين أعياد النصارى، كم نسبة المشاركين وكم يوم مشاركون وهل مشاركون شهوة أم مشاركون عقيدة؟
هم مشاركون شهوة، يطمعون بالنساء إلى اخره.
فالواجب التحريص وأهم شيء ينبغي أن نحرص عليه هو مسائل التوحيد، تعليم مسائل التوحيد للطلبة وللناس والحرص عليها والنجاة من ضد التوحيد وهو الشرك سواء القولي أو العملي الظاهر أو الباطن، وأن نذكر الناس بذلك على وجه فيه دوام.
الجواب: تطيع العالِم لِـحُجته، فإذا ما عنده حُجة؛ ما أطعته، فهذا هو التفصيل، أن يرجع الناس في أمورهم إلى العلماء.
العالِم *ولي أمرك*، والواجب عليك أن تطيعه فيما وافق الشرع.
لذا قال الله تعالى: *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ.* [النساء : 59]
تأمل معي الآية، لَم يقُل الله:
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأطيعوا أولي الأمر منكم، قال: *أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ.* [النساء : 59]
لماذا لَم يقل *وأطيعوا أولي الأمر منكم؟*
الجواب: لأن طاعة أولياء الأمور -الحكام والعلماء-، الحاكم في أمر الدنيا، والعالِم في الدِّين، وفي شأن الفتوى، إنما هو فرع عن طاعة الله ورسولهﷺ، ولذا قال النبي ﷺ : *لا طاعة إلا بالـمعروف، وقال: لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق.* صححه الإمام الألباني في تخريج مشكاة المصابيح.
فإذا رأيتَ عالِماً مُتَهَتِّكاً ، فقد أوجب علماؤنا السابقون على العالِم المُتَهَتِّك الفاسق، الحِجر عن الفتوى، يجب أن يُحجر عليه، كما أن هنالك حجر في المرضى؛ هنالك حجر عن الفتوى، *فكم مِن مُفتٍ في هذه الأيام يجب أن يحجر عليه؟!*
فالشاهد: *الأصل أن نرجع إلى علمائنا، لأنهم أولياء أمورنا، لكن نسمعهم ونطيعهم لِبَيِّنتهم وحججهم، لا لِـذواتهم.*
*السؤال الثامن: أخٌ يقول: شيخنا أنا أعاني من مشاكل مع أخ من أخواني في المنهج فلم يتقِ الله فيّ، فيقول عني ما ليس فيَّ ويعمل على التشهير بي بين الناس ببهتان، فماذا يتوجب عليّ في معاملته؟*
الجواب: الواجب أولاً العدل، والواجب التثبت.
كنّا في نزهة ( رحلة ) في يوم من الأيام فجرى كلام من هذا النوع وهذا الكلام عمره فوق الثلاثين سنة، فقلت يا إخواننا أريد أن نتعلم درسا عمليا في التثبت، قفوا في صف وسأهمس في أذن الأول كلمة يقولها للذي بعده والذي بعده يقولها للذي بعده حتى نسمعها من آخر واحد.
نحن كنا جالسين في مجلس واحد وكلنا طلبة علم أو يعني ممن يحبون العلم وكلنا قلبه سليم ما فيه شيء ، فقلت للذي أمامي *عدس* فقلت هيا أعطيني يا آخر واحد ما الخبر، ما الكلمة التي عندك قلتها أنا للأخ الأول .
والله يا إخوة قال: *شبشب،* أنا قلت عدس وهو قال شبشب.
يعني لو الكلمة قريبة سهلة، ولكن أين العدس وأين الشبشب، هذا يؤكل وهذا لا يؤكل، هذا حروفه مخارجها تختلف عن مخارج هذه الحروف.
فبعض الناس يسمع بلسانه، وبعض الناس نَفْسه سيئة، يحب السوء والشر في إخوانه.
والطيّب لا يحب إلا طيباً، والشرير يحب الشر ويذيعه وينشره.
إخواننا إذاعة الشر في الشرع أشد من الشر، *والأصل في المسلم أن يستر ولا يفضح.*
في صحيح البخاري النبي يخبرنا أن عيسى – عليه السلام – رأى رجلاً يسرق، فقال له عيسى: لم تسرق؟ قال: والله ما سرقت، رآهُ بعينيه، قال والله ما سرقت، فقال عيسى – عليه السلام -: صدقتك وكذبت عيني.
يعني لو سمعت واحدا والعياذ شتم الذات الإلهية فزجرته فقال: ما شتمت فما المطلوب منك تقول؟
تقول صحيح المسلم لا يشتم، مصلحتك خلاص قضيت فليس همك أن تؤذي الخلق، همك أن تُقيم الحق، تقول هذا ظني بك فليس ممكن المسلم يشتم الرب، وأكون قد علمته درسا .
بعض الناس يحمل صنيع إخوانه ويحمل كلام إخوانه على أسوأ المحامل.
ولذا أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد – رضي الله تعالى عنه – كيف نجاه الله تعالى من فتنة الإفك؟
سمع الناس يخوضون ، وفتنة الإفك زلزلت المدينة؛ تخيل معي الإفك يُخاض في عِرض النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – وتكلم عن زوجه، والذين يخوضون بعض أصحابه، فتنة زلزلت ، فأبو أيوب لما سمع دخل على أم أيوب الأنصاري ،قال لها يا أم أيوب أسألك بالله هل كنت صانعةً ما قيل عن عائشة؟ قالت: يا أبا أيوب معاذ الله، فقال : هي خيرٌ منكِ فهي بريئة ومن اتهمَ بها فهو خيرٌ مني وهو بريء.
فالطيب لا تروج عليه مثل هذا الصنيع، هذا الصنيع لا يكون إلا في نفسية سيئة.
*فالواجب التثبت، والواجب النصيحة، ولا يجوز التشهير بالخلق والناس، فكيف إن كان من يُشهُر بهم مثلاً له فضل واسبقية، وله قدم صدق.*
*فنصيحتي بارك الله فيك – أن تزور هذا الأخ، وأن تذكره بالله، وأن تبين له، وأن تنصحه، وهذه معاملة له بالفضل، وفي زمن الفتن ينبغي للمسلم أن يعامل الناس عموماً وخصومهُ خصوصاً بالفضل لا بالعدل.*
*مداخلة : شيخنا لو تكلمت الله يحفظك في تتمة لهذا السؤال بأن كثير من الإخوة لا يشتغلون إلا في أعراض إخوانهم ويشتغلون بعيوبهم وإظهارها بشكل عام وليس بشكل خاص.*
الشيخ : هذه من نتائج خطايا وقعوا فيها، المشغول بخطايا الناس هذه عيوب فيه، وخطايا تراكمت عليه والعاقل عيوبه تكفيه، ولا ينشغل بالناس، لكن يغار على التوحيد والسنة، فإن سمع أناس والعياذ بالله أعداء للتوحيد والسنة يُنبه يُحذر، لكن عمله أن يدرس الناس وعمله الخير، وليس عمله أن يتتبع ثغرات وعثرات الناس، *فمن تتبع عثرات الناس قيد الله من يتتبعُ عثرته حتى يفضحه الله تعالى وفي بيته.*
*السؤال التاسع: هل تنصح طلبة العلم باللجوء للتعليم الأكاديمي خاصة وأن القوم يحاربوننا بمنع إخوتنا من الخطابة والتدريس بحجة عدم حصوله على شهادة جامعية تليق به؟*
الجواب : أنا أنصح بالدراسة الأكاديمية الجامعية ليس لهذا السبب.
حقيقة تدريس العلم ضعيف، وتدريس العلم ليس فيه تكامل، يعني أنا أقول: *العلوم الأصل فيها أن يدرسها دراسة منظمة.*
هل تعرفون أحد يدرس دراسة نظامية من المشايخ خارج الجامعات؟
يعني يدرس التفسير من أوله إلى آخره، يدرس كتب الصحاح والسنن، يدرس الفقه من أول باب إلى آخر باب – هذا ضعيف، هذه الدراسة قليلة – يعني يدرس علم الميراث، يدرس علم المواقيت، هذه الدراسة كادت تحصر في الجامعات.
طالب العلم الذي يطلب العلم على رأسه، يقرأ الذي يحب، لا أقول يقرأ الذي يفيد، الذي يحبه يقرأه والذي لا يحبه يتركه، لكن في الدراسة الأكاديمية تقرأ ما تحب وتقرأ ما يلزم مما لا تحب.
*أنا أنصح بالدراسة الأكاديمية، وأنصح عدم الاقتصار على الدراسة الأكاديمية.*
*وطالب العلم اليوم حتى يقرأ على المشايخ يحتاج إلى حسن صبر وحسن أدب، وحسن علاقة.
وحقيقة أصبح المشايخ يخافون من الطلبة.
أنا والله أخاف من طلبتي، لأن أكثر من آذاني بعض الطلبة، ولما يطلب مني الزيارة أستنفر وما أبقى هادئا.
الشاهد وفقني الله وإياكم بعض الطلبة تفرح وتبش وتهش وتعلم خلقه وتعلم أنه متدين وصادق وبعضهم تعرف أنه طالب علم أزعر تقول لو أنه لم يطلب العلم أحسن ويبحث عن عيوب الناس.
*والله إضطررت لأن أقول لبعض الناس يتملكون في عيوب المشايخ قلت لبعض الناس ممن هذا حاله: إذا تبقى تأتيني هكذا وأنا قلبي رقيق وما أتحمل فلا تأتيني، الله يسهل عليك، قال تطردني، قلت أطردك، اعتبرها طردة وامشِ وأرحني.*
*بعض الناس ما يجلس إلا ويفتح جروح، ويفتح عيوب، ويتتبع عثرات الناس، وعثرات المشايخ أعوذ بالله من هؤلاء.*
إلى متى نبقى على هذا الحال ؟
لماذا لا نرقى بأخلاقنا ونسمى بها مع طلبنا للعلم.
وطالب العلم ينبغي إن رسخ في العلم أنه كلما ازداد علم ازداد هدىً وازداد تقى، وازداد رفعةً وحفظ لسانه، ما تكلم في أحد، ما شتم أحداً .
كيف نستنبط الأحكام في زمن كثر فيه الجهل وزادت غربة أهل السنة وزمن تزاحمت فيه المفاسد والمصالح وطغت فيه المَدَنِّية، وزمن القابض فيه على دينه كالقابض فيه على الجمر، بحيث لا تقع النفرة من أهل السنة، ويرفع الحرج ولا تقع المشقة ونحقق الطلب إن شاء الله؟
الجواب:
أولاً: النفرة وعدمها وعدم القبول هذا لا تنشغل فيه، هذا أمر الله عز وجل، انشغل أن تكون أنت على حق، واعلم أن الحق ثقيل وحتى يروج الحق لا بد له من أسلوب حَسَن ،وكان من وصية شيخنا الألباني رحمه الله في آخر حياته: لا تجمعوا على الناس ثِقَلَ الحقِّ وثِقَلِ الدعوة إليه. لا تجمعوا على الناس ثِقَلَ الأسلوب للدعوة إلى الحق وثِقَلِ الحقِّ. فالآن الزمن زمن غربة، وهذا صحيح وأهل السنة أهل غربة، ولكن مع أنهم أهل غربة فهم ظاهرون، وهذا من الإعجاز، أن يكون إنسان غريب وأن يكون ظاهراً، ماذا يعني ظاهراً؟ يعني واضحاً، المتدين على خلاف مذهب أهل السنة ليس ظاهراً، يتلون.
مذهب أهل السنة مذهب وضوح، مذهب واضح، مذهب فطري، مذهب لا تكلف فيه ،ونسأل الله عز وجل لي ولكم الثبات.
العلم قواعد؛ ومن حَصَّلَ مَلَكةً عِلّمِيةً استطاع بإذن الله تعالى أن يعلم طرق أهل العلم في الاستنباط وأن يعلم كلام الأئمةِ السابقين المعتربين في الموازنة بين المصالح والمفاسد، وكيف يقدم هذا على هذا، وللعلماء في ذلك تصنيفات، ومن أهم التصنيفات في هذا الباب؛ قواعد الأحكام للعز بن عبدالسلام، فهو في الموازنة بين المصالح والمفاسد، عرف الطريقة ومع وجود الغربة يبقى العلم حبيساً في صدر صاحبه ويرى مخالفات في واقع الحياة كثيرة ولكنه بعين البصيرة يأمر وينهى، فينصح ويدعو إلى الله عز وجل على بصيرة يدعو للتي هي أقوم وبالتي هي أحسن، ثم يسأل الله عزّ وجل الثبات ويسأل الله النفع لمن يدعوهم.
فهذا هو المطلوب ونحن أولاً وأخيراً طلبة نجاة وطلبة علم، نصنع هذا عبادةً لله عز وجل والواجب علينا أن نثبت، ومن طلب العلم يُحرَّمُ عليه أن يرجع والواجب عليه الثبات، كحال المجاهد؛ فالمجاهد إذا كان مجاهداً وتعلم الرمي فيحرم عليه أن يرجع في تعلمه الرمي.