السؤال التاسع عشر: أمنني أحد الأصدقاء منذ قرابة عشرين عاماً على بيع بضاعة بمبلغ ما؛ فقمت ببيعها؛ وبعد ذلك قلت له: هل تبيعها بمبلغ كذا أقل من المبلغ الذي طلب فقبل، وبعد فترة إلتقى بالشخص الذي اشترى البضاعة وعلم منه أنه اشتراها بمبلغ أكثر مما قلت له، فغضب وقاطعني إلى يومنا هذا، والحمد لله بعد أن هداني الله حاولت أن أرضيه وأتصل به فامتنع وأعدت له المبلغ وزيادة فلم يقبل وقال أنني غير مسامح؟
الجواب: هل بقي المبلغ عنده؟
أحد الحضور: نعم عنده.
أنت تُبرئ ذمتك بأن تدفع له ما ربحت: يعني أنت ربحت بسببه فأرجع إليه المبلغ.
والواجب على المسلم أن يكون هيناً ليناً، فرجل أخطأ في حقك ونال من عرضك وتكلم عليك بباطل، ثم تاب إلى الله – عز وجل- ما لك إلا أن تقول: اللهم اغفر لأخي.
ماذا كان بإمكانك أن تقول غير هذا؟
فهذا الأخ المال الذي ربحه بطريقة غير مشروعة بالدجل والتعمية بالأسعار، وقال: تُبت يا أخي وهذا المبلغ الذي ربحته هذا لك.
فالأصل في المؤمن أن يكون هيناً ليناً وأن يسقط وأن يسامح.
السؤال الثاني عشر: أخت تقول رجل قبل ثلاثين سنة كان يعيش في بريطانيا وكان يستحل مال الكفار من (أجهزة كهربائية وتموينات) من المراكز التجارية.
وأيضاً وصلت له حوالة بنكية بالخطأ، وطلب منه البنك إرجاعها لكنه رفض وتحمل البنك هذا الخطأ علماً أنه إن أعادها الآن للبنك سيترتب عليه عقوبة قانونية ، ماذا عليه بعد التوبة إلى الله وهو لا يستطيع أن يحصر الجهة والأشخاص الذين أخذ منهم إلا البنك وهل تحسب القيمة الشرائية للمبلغ في ذلك الوقت أم في الوقت الحاضر سواء الحوالة أو غيرها من الأموال التي كان يستحلها من أموال الكفار؟
الجواب :
هذا ليس على هدي النبي – صلى الله عليه وسلم-
كان النبي – صلى الله عليه وسلم- والكفار يحاربونه حريصاً أن يوصل الأمانات إلى أهلها.
أي إسلام هذا؟!
أي فهم؟!
أن تأكل أموال الناس بالباطل وتأخذ الأموال! هل هذا هدي النبي – صلى الله عليه وسلم-؟!
هدي النبي – صلى الله عليه وسلم- كان متمثلاً بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)[ النساء 58.]
كل السياسة الشرعية في شرعنا قائمة على أمرين:
١ – الأمر الأول: أداء الأمانات.
٢ – الأمر الثاني: الحكم بالعدل.
كل السياسة الشرعية قائمة على هذين الأمرين.
أن تؤدي لصاحب الحق حقه، وأن تؤدي الأمانات إلى أهلها.
فذمتك أيها الأخ السائل مشغولة.
من كان عليه دين أو حقوق مالية لأشخاص ولا يعرفهم، ولا يستطيع أن يصل إليهم، أو إن ترتب على إرجاعها إليهم ضرر بالغ، وأمر لا يُتحمل فحينئذ الواجب كما أفتى جمع من أصحاب رسول- الله صلى الله عليه وسلم- أن يُتصدق عنه!. وبنية إن علمتَه أن تخبره بالصدقة، فإن أمضاها فحسن وإن لم يمضها فلك أن تدفع له حقه.
والعبرة بالأموال بالقيمة الشرائية لا بالعدد.
ودائماً أنا أضرب مثلاً أقول: واحد اقترض من آخر مائة دينار فأعطاه قطعتين فئة الخمسين، ووضعهم في الخزانة ثم ألغيت العملة، فصاحبنا المدين أخذ الورقتين وذهب إلى الدائن، وقال تفضل هذا الذي أخذته منك ، أخذت الورقتين وأرجعتهم فهل برئت ذمته؟
لم تبرأ ذمته مع أنه أرجع نفس المال، فالعبرة بالقيمة الشرائية وليس العبرة بالعدد.
مداخلة من أحد الحضور: هل الصدقة يُتصدق بها عن الكفار؟
الجواب : هو المال الذي أخذه تُنازع فيه ذمة، فحتى يكون حلالاً بالنسبة إليه فلا بد أن هذه الذمة تُعلق، والله – عز وجل- يرضي صاحبها يوم القيامة، إن علمتُه فلا يجوز لي أن أتصدق بالمال، لكن المسلم ينبغي أن يربى وأن يتعلم أن المال الذي يأكله وهو ليس له الواجب عليه أن يتخلص منه في المصالح العامة، وهنا تقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
الآن بين يدي مال أنا لا أملكه هو لكافر الواجب علي أن أرد المال للكافر.
الكافر الآن غير موجود وهذا المال تنازع فيه الذمة فما هو الواجب علي؟
أن أنفقه في مصالح المسلمين العامة.
المال العام العلماء يستحبون أن يكون في المصالح العامة لا لشخص، وأن يكون في الأشياء المهانة، وأن يكون في الأشياء الزائلة، وهذا من باب التفضيل فحسب.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة:
٢٦، جمادى أَوَّل، ١٤٤٠ هـ
١ – ٢ – ٢٠١٩ افرنجي
↩ رابط الفتوى:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?
السؤال الثالث : صاحب معرض للسيارات لديه مجموعة من السيارات المعفية من الرسوم الجمركية، فرضت الدولة رسومًا جمركية على هذا النوع من السيارات حديثًا مما أدى إلى رفع أسعارها، هل يجوز لصاحب المعرض بيع السيارات القديمة بسعر الجديد المرتفع؟
الجواب:-قبل أن نجيب على هذا السؤال.
لو كان عند هذا التاجر سيارات والدولة خفضت الجمرك فهل يبيع بالسعر الأول أم بالسعر الثاني ؟
لن يستطيع أن يبيع بالسعر الأول سيبيع بالسعر الثاني.
فكما يقول العلماء في قواعدهم يقولون :- (الغرم بالغنم).
فكما أنك تخسر في الثانية فلك أن تربح بالأولى .
لو الأولى نزلت فالسيارة التي عنده مثلًا ثمنها عشرين ألفًا ستصبح خمسة عشر ألفًا ، فإذا قال أنا أريد العشرين ألفًا كما هي علي لن يسأل أحد عنه، لأن السيارات في السوق بخمسة عشر ألفًا.
فالغرم بالغنم.
لذا هل له أن يرفع ؟
نعم له أن يرفع له أن يرفع ، ولا حرج.
والمطلوب في أسعار الأغراض والأشياء أن نبيعها بالسعر الدارج ، حتى لا يقع غبن،
يعني لو واحد اشترى غرض يباع بالسوق بعشر دنانير فاشتراه بعشرين دينار ثم اكتشف هذا المشتري.
ماذا يفعل ؟
يرده أو يأخذ السعر الذي غبن فيه.
يعني أنا اشتريته بعشرين وثمنه عشرة آخُذ العشرة أو أرد السلعة وآخُذ العشرين.
الغبن هذا ممنوع.
طيب الآن سعر السيارة كم ثمنها الآن؟
تبيعها بسعر السوق ،السيارة التي كانت عليك أنت الآن تبيعها بسعر السوق، فبيع السلعة بسعر السوق هذه هي التجارة، وهذا هو الربح ولا حرج في هذه المسألة .
السؤال التاسع: أخ سائق يعمل على سيارة يبيع بالمفرّق أخذ من رأس المال(٤٠٠) دينار على أن يعيدها دون علم الشركة، فالسيارة سُرقت مع البضاعة، ولما قَدّرت شركة التأمين قيمة البضاعة المسروقة قدرتها كاملة لكن هو أخذ منها (٤٠٠) دينار ولا أحد يعلم حتى الآن، فلِمن سيعيد (٤٠٠ ) دينار؟ للشركة أو للتأمين أم ماذا يفعل ب (٤٠٠ ) دينار الذي أخذتها الشركة من التأمين على أساس أن البضاعة كاملة (قيمة البضاعة) وهي ناقصة أصلا؟
الجواب: أولا أنت مُستأمن ولا يجوز لك أن تأخذ شيئا إلا بإذن من خولك، والوكيل له عمل الأصيل.
أنا أعمل عند أناس على سيارة و زودوني بسيارة و لها قيمة بضاعة يحرم علي أن أسحب لي (٤٠٠ ) دينار دون إذن.
فأنت تعديت على هذا الحق.
فهذا الامر الأول.
الأمر الآخر: أنتم غرّمتم الشركة (شركة التأمين) بتقدير كاذب بشيء هم لا يلزمهم.
لو يعلمون أنك سحبت (٤٠٠) دينار لما عوضوك بهذا المبلغ، لعوضوك و قد خُصمت (٤٠٠) دينار.
وعليه هذا التعويض الذي أُعطي للشركة هذا لا تملكه، والواجب عليك أن تغرمه.
الآن كيف تسُد هذه الغرامة؟
أنت أدرى منا بحالك و عليك أن تسُد هذا المال على وجه لا يلحق بك ضرر و عليك أن تتوب إلى الله عز وجل و تستغفره من التعدي الذي أخذت به المال دون إذن أصحابه.
السؤال السادس: أم طاعنة في السن تود دفع مصاريف العمرة لبنت من بناتها لتقوم على خدمتها أثناء العمرة، هل يجب العدل في العطية مع باقي
الأولاد؟
الجواب: هي تُمكن جميع الأولاد من خدمتها، وبالنوبة فهذه العمرة هذه المرة لواحدة من البنات أو الأبناء، والعمرة الثانية لبنت أو ابن أخر، والثالثة لآخر، أو أخرى، وهكذا، وتنوي على هذا، فإن ماتت قبل إتمام جميع الأولاد لا شيء عليها.
يعني امرأة تذهب للعمرة وعندها بنت والبنت تخدمها وتريد أن تنفق عليها فلا حرج، لكن هي تنوي: أنا أسمح للكل فالذي يتخلف عذره معه.
مرة أقول لبنت أو ابن، والسفرة الأخرى أقول لبنت او ابن، وبعدها أقول لبنت او ابن.
وأنا الآن عادل، ومن لا يستطيع أن يشمله هذا العدل فالأمر إليه.
السؤال الثالث: ما حكم استخدام و بيع وشراء الكحول مع العطور؟ وكيف نضع حديث جابر (وهو حديث متفق عليه ) أن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ بيع الخمر، وأنه صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ شحوم الميتة؟
الجواب: الكلام ليس على الكحول، وإنما الكلام عن الخمر. الخمر هي التي تُخَمِّر العقل والتي تَذهب به، وفي الحديث الذي عند مسلم.
الحديث: عن عبدالله بن عمر: كلُّ مُسكرٍ حرامٌ وكلُّ مُسكرٍ خَمرٌ.
صحيح مسلم (٢٠٠٣).
الكحول أوسع من ما إن تعاطاه العبد يَسكَر، الكحول لها اليوم في لغة العلم لها عدة رموز في علم الكيمياء، من الكحول ما هو مُسكِر ومن الكحول ما هو ليس بِمُسكِر.
يعني الآن البنزين والديزل والكاز كحول، لكن هل هي مسكرة؟
الجواب: لا؛ لكن شربها هل حلال أم حرام؟ الجواب: حرام.
لماذا حرام شرب الكاز والبنزين؟
الجواب: لأضرارها وليس للإسكار؛ لكن لو كان كل الكحول حرام لما جاز لنا استخدام الكاز والديزل والبنزين؛ لأن الله تعالى يقول:( فاجتنبوه).
الكحول اسم عام، واسم واسع، الكحول الآن تستخدم في تطهير الجروح وما شابه، فالخمر أضيق من الكحول.
يعني الكحول باب ؛ وهذا الباب يندرج تحته أنواع، والنوع المسكِر منه هو الحرام، والنوع غير المسكِر منه يجوز استخدامه ولكن لا يجوز شربه إن كان ضارا، أما الخمر فلا يجوز استخدامه كيفما كان.
يعني: واحد يقول لك أنا أشرب خمراً لما أتعالج من الحصوة، فهل هذا حلال؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“إن الله خلق الداء والدواء، فتداووا، و لا تتداووا بحرام”.
السلسلة الصحيحة برقم ١٦٣٣.
ما كان شفاء الأمة في شرب الخمر، لا يجوز لك أن تتعاطى الخمر لأجل الدِّفء( والله الدنيا برد وأنا أشرب خمر لكي أدفأ )؛ أو أشربه كي تنزل الحصوة.
الخمر حرام.
ولكن فرق بين الخمر والكحول؛ الآن الكحول في العطور، العطور ليست خمراً، لا لغة ولا استعمالا، ولذا لا أرى مانعاً من إستخدام الكحول في الطيب؛ لأن إستخدام الكحول في الطيب حتى تصبح الرائحة شائعة، وحتى الرائحة يشمها كل من يرى هذا الإنسان؛ فالكحول ليست خمراً لا في اللغة ولا في الإستخدام.
السؤال الخامس عشر: ما حكم المال الذي يأخذه الرقاة؟
الجواب: أرجو أن تنتبهوا.
قلنا: صلاح أرواح الناس في الدنيا بالقرآن، وصلاح أبدانهم بالحجامة.
في الحديث عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما مررتُ ليلةَ أُسري بي بملإٍ إلا قالوا يا محمدُ مُر أمتَّك بالحجامةِ).صحيح ابن ماجه (٢٨١٩).
وصية الملائكة لنا علينا بالحجامة؛ لأن الطب الوقائي أحسن من الطب العلاجي( لما يأتي المرض وتبدأ تعالج المرض) الطب الوقائي أفضل، وأهم عنصر من الطب الوقائي إنما هو الحجامة.
الحجام إن تعلّم الحجامة يجب عليه أن يبذل الحجامة بدون مال.
ومن تعلم القرآن وجب عليه أن يبذل تعليم القرآن بدون مال، لكن إن أعطي دون استشراف، ودون طلب لا حرج.
ويأخذ معلم القرآن، كما يأخذ الإمام والمؤذن مقابل حبس الوقت.
رأى عبدالله بن عمر – كما عند الدراقطني- مؤذناً، فقال المؤذن لابن عمر: إني أحبك في الله – (من لا يحب ابن عمر)- فقال له ابن عمر: إني أبغضك بالله!
قال لِمَ ؟ قال: لأنك تؤذن وتأخذ أجرةً ! ، وتلحن في أذانك.
الأذان مشروع، والكل يؤذن ويتسابق عليها المتسابقون.
الإمامة والأذان وتدريس الشريعة، هؤلاء يأخذون مقابل حبس الوقت، وإن علم الله من قلوبهم لولا المال ما أموا ولا أذنوا ولا درسوا فالويل لهم.
يعني لولا المال لا يؤذن، لولا المال لا يؤم، ولولا المال ما يدرس الشريعة وأحكام العلم!، هؤلاء أسوأ خلق الله.
وإذا بدأ الناس يشعرون أن الذي[يعظهم ويدرسهم] يتاجر في الدين؛ فإنهم لا يحبونه ولا يمتثلون أمره ولا ينتفعون بوعظه.
السؤال التاسع: ماتت أمي رحمها الله وتركت ست بنات وثلاث إخوة، وكان والدي قد كتب جميع الأملاك باسم والدتي لأنه غزاوي، – فهو لا يستطيع أن يملك، فما يملكه كتبه باسم زوجته، والأخ السائل يقول باسم أمي- والآن بعد موت الوالدة يريد أبي أن نكتب له تنازل عن هذه الأملاك، يقول هذه من حقي.
مداخلة من الشيخ: هل هذا صحيح أو غير صحيح؟
الجواب: صحيح.
لماذا صحيح؟
الحكم القضائي ينفذ في الظاهر دون الباطن، يعني لو واحد أقام شاهدي زور عند القاضي وحكم له القاضي بشاهدي الزور بشيء، هل يحل له أن يأخذ هذا الشيء؟
لا يحل له.
الحكم القضائي شيء، والحكم الشرعي شيء.
الحكم القضائي؛ الأموال باسم الوالدة، لكن بحكم ربنا -عز وجل- بهذه الأموال، لمن؟
للوالد، واضطر الوالد أن يسجلها باسم الزوجة.
هنا ُحكمٌ قضائي وحكمٌ شرعي.
ولذا علماؤنا يقولون: قضاء القاضي ينفذ في الظاهر دون الباطن، والدليل عليه ما ثبت في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها “. البخاري(٢٦٨٠)، مسلم(١٧١٣).
النبي عليه السلام القاضي، لكن الذي يَقْضِي له يقضي على الظاهر، قال: لعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، أنا أقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فإنما أقضي له بقطعةٍ من نار.
نكمل السؤال: إذًا وراء الرجل مال وعنده أموال، وأمواله باسم الزوجة لأنه غزاوي، ثم هذه الأموال لما ماتت الزوجة، الزوج يقول: أرجعوا مالي.
مداخلة من الشيخ: كأنّ القانون تغير يجوز له أن يملك الآن، نفترض الأمر هكذا.
الجواب: الآن له أن يسجل، يقول للأولاد الثلاث والبنات الست، هذا مال أمكم هو مالي بالأصل وليس مال أمكم أرجعوه لي، حُقَّ له ذلك؟
حُقَّ له ذلك.
لكن نكمل السؤال: يقول والآن بعد موت الوالدة، يريد أبي أن نكتب له تنازل عن هذه الأملاك، يقول هذه من حقي، مع العلم أنه أخذ جميع ما تركت والدتي من أموال وحقوق.
مداخلة من الشيخ: هنا صار في المال، قسم له وقسم للوالدة.
تكملة السؤال: طبعًا يا شيخ، يريد فقط البنات أن تتنازل عن الحقوق حتى يعطيها لأولاده الذكور.
الشيخ : لا إله إلا الله. يا جماعة إذا حدا يريد يخص يخص القوي أم الضعيف؟
يخص حسب شرع الله- عزوجل-، أنت ميت، وأنت في الموت تريد أن تظلم.
قال هذه زوجة واحد غريب، هذه عادات آباءنا، (طريقة تفكير آباءنا يقولون: زوج البنت واحد غريب، ولماذا يطلع المال لواحد غريب؟).
وأنت مال أولادك لامرأة غريبة، المرأة الغريبة زوجة ابنك غريبة أيضًا، فلماذا تنظر لهذه ولا تنظر لهذه؟
امتثل أمر الله واعدل.
الآن هو يريد المال ما يريده للبنات يريده للأولاد فقط، هذا شرعًا ممنوع، الواجب اعدلوا بين أبنائكم، كما في الحديث.
تكملة السؤال: طبعًا يا شيخ هو يريد فقط البنات أن تتنازل عن الحقوق حتى يعطيها لأولاده الذكور وهو لا يحب البنات.
الجواب: النبي – صلى الله عليه وسلم- يقول عن البنات: “هنَّ المؤنسات الغاليات” صححه الألباني رحمه في السلسلة الصحيحة (٣٢٠٦).
النبي – صلى الله عليه وسلم-؛ أب لبنات، ما له ذكور(فقد ماتوا صغارا).
عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار يوم القيامة”. سنن ابن ماجه(٣٦٦٩) وصححه الألباني.
فالمرزوق من الله عزوجل بالبنات، هذا مبارك وهذا فيه خير.
الله تعالى يقول: “يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ” [الشورى: ٤٩].
وكان بعض التابعين يقول: من يُمنِ المرأة وبركتها أن تبدأ بما بدأ به الله، المرأة المباركة تبدأ بالأنثى، لأن الله بدأ بها.
“يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا”.
“يزوجهم ذكرانا وإناثا”: أي توأم.
تكملة السؤال: قال ووالدي لا يحب البنات، يقول والدي: إن لم تتنازل البنات عن الحقوق، سأغضب عليهن طوال حياتي، فماذا نفعل يا شيخ؟ هل نوقع له على التنازل أم ماذا؟
الجواب: أولًا، التنازل على ما هو حقٌ له، الواجب عليكم ذكورًا وإناثًا أن تتنازلوا له، هو يقول تنازلوا لي وهذا مالي صحيح، وحق الزوجة؛ هو حق للذكور وحق للإناث، يوزع على حصص بعد أن نأخذ الربع له، ربع الميراث للزوج، تفصلون بين حق الزوجة وحق الزوج، حق الوالدة وحق الوالد. الوالد له أن يطالب، والآن حق الوالدة يُقسَّم، الظاهر في المسألة أنه ماتت امرأة عن زوج وعن ثلاث ذكور وست بنات، فالتقسيم الربع يكون للزوج والباقي يقسم على اثني عشر حصة، للأولاد ثلاثة (ست حصص) والبنات ستة (ست حصص) كل واحدة حصة، لما نقسم على اثني عشر حصة ما الذي يصبح؟
للذكر مثل حظ الأنثيين، كل ذكر نعطيه حصتين صاروا ست حصص، والأنثى كل واحدة لها حصة فنقسم المجموع على اثني عشر حصة، فالذكر يأخذ حصتين والأنثى تأخذ حصة.
وأنت يا أختي السائلة، حصلوا حصصكم أنتِ وأخواتك الباقيات بأي طريقة لا تخالف شرع الله، لكن أظهروا اللين، أظهروا الطاعة وأظهروا طاعة الوالد، وليس لكم أن تظهروا أمام الناس كما يقولون متنمرون وأنكم مشاكسون وأنكم مخالفون، تكلموا بكلام مع الوالد بجناح الذل والرحمة هكذا ينبغي أن يخاطب الولد والديه، ولكم أن تأخذوا هذا النصيب.
المسألة مختلطة، فالإختلاط كلٌ يريد أن ينازع في حقه، فالشرع يعطي كل ذي حق حقه، والشرع هو الذي يعدل في هذه المسائل وغيرها.
السؤال الثلاثون: داينتُ شخصاً مبلغاً كبيراً من المال، ثم أنكرَ وحلَف يمين على المصحف أنه لم يأخذ مني المال، وأنا دائما أدعو عليه، ولا أستطيع أن أخبر أحد عن المبلغ، لأنه لا يوجد شهود، فهل لي الحق في الدعاء عليه، لأنه ظلمني وأنكر المال؟
الجواب : قال الله تعالى: { لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء : 148]
فمن ظُلِم فله ذلك، وله أن يدعو على مَن ظَلَمه.
ولكن الدَّين يحتاج لِـكتابة وإشهاد، فلما يأتيني رجل يطلب دَين؛ فأنا بالخَيار، فإن رأيته محتاجاً ورأيته من أهل الصدقة، ومن أهل الزكاة؛ فأعطيه زكاة، وإن أعطيته زكاة؛ فأنا الآن لا أكتب ولا أشهد على الدَين، فأنا أعطيه هذا المال.
وغالب الناس اليوم -بالتجربة- إن أعطيتَ رجلاً دَيناً؛ لا يعود إليك،
كنتَ تراه في المناسبات، فتصبح الآن لا تراه في المناسبات ولا في غير المناسبات.
وأما إن أردتُ أن أطالِبَه؛ فيَحرُم عَليَّ شرعا أن أُعطيه دَيناً حتى أشهد وأكتب، وأطول آية في القرآن آية الدَّين.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي موسى الأشعري: “ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، *ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه*، ورجل آتى سفيها ماله وقد قال الله
عز وجل: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) [النساء: ٥] “. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٨٠٥).
فهو لم يُشهد على الدَّين، لأن الإشهاد على الدَّين واجب؛ إن أردتَ أن تطالِب به، فإن أردتَ أن تطالب؛ فاكتبه وأشهد عليه.
وجواب الأخت على سؤالها أنها ظُلِمَت، يقول الله تعالى: {لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء : 148]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث:
عن أبي هريرة: “مَطْلُ الغنيِّ ظلمٌ، فإذا أُتْبِعَ أحدُكم على مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ.” صحيح البخاري (٢٢٨٨).
وفي الحديث الآخر: “لَيُّ الواجدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وعقوبَتَهُ.”
سنن ابن ماجه (٢٤٢٧) وحسنه الألباني.
فأن يكون هِجِّيرُكَ ودَيدنُك أن تُؤجِّل، ولا تؤدي الحق الذي عليك فهو ظلم.
يقول “وكيع” : يَحِلُّ شكايته، يجوز لك أن تحبسه، ويجوز لك أن تشكوه لِغُرمائِه.
لكن أن تدعو عليه اللهَ عز وجل أن يعطيكِ حقكِ، لكِ أن تشكيه، ليس معكِ شهود؛ فأنتِ تدعو عليه بـالمقدار الذي ظُلِمتِ فيه، فلا حرج في ذلك.
السؤال السادس عشر: أريد أن أشتري شقة عن طريق البنك الإسلامي، هل من طريقة شرعية أستطيع أن أشتري شقة منهم من دون أن أقع في الربا؟
الجواب: اشتر نقدا، اصبر على نفسك، واليوم هذا الكلام لا يلائم الناس، لأن عصرنا عصر تمثيل، تظهر أنك كبير وأنت صغير، تظهر أنك كبير عندك مئات الألوف ولا تملك إلا عشرة آلاف، وبشطارتك تبدو أن معك مئة ألف، تكبر تكبر ولا شيء، وأخيرًا تظهر الأمور.
كما يقولون: يذوب الثلج ويظهر الذي تحته، فأكثر الناس هكذا، وأكثر الناس معاناة في القضايا المادية الذي يعطي نفسه حجمًا هو ليس فيه، الصواب العكس، الصواب أنك عندك الكثير وتظهر القليل هذا الصواب.
ولذا اليوم هذه الفترة التي نعيشها فترة أزمات، والتجار كلهم يشتكون، من الذي لا يشتكي؟ أو إن اشتكى لا يتضرر ولا يتأثر بسوء وضع الناس المادي أو بحكم عدم البيع والشراء وعدم الحركة السوقية القوية، من الذي لا يتأثر؟
الذي لا يتعامل مع البنوك، وهو عنده شيء، ومهيئ لنفسه على الشيء الذي عنده، ومهما جرى في الدنيا ما عنده مانع.
عندي أشياء وأنا لا يوجد عندي ارتباطات ولا يوجد عندي التزامات مع جهة من الجهات.
فالصواب أن تصبر على نفسك، بدل الربح الكبير الذي يؤخذه البنك.
خرج معنا شخص قبل أيام في درس الخميس، يقول: اشتريت شقة على مدى بعيد، اشتريتها ثمنها ٤٥ ألف جعلت البنك يصنع لي المطبخ وهكذا.
وأدفع أكثر من مئة وعشر آلاف دينار، ثمنها ٤٥ ألف وأدفع مئة وعشر آلاف دينار، يعني الربح كم يكون؟
شيء مذهل.
اصبر على نفسك أربع خمس سنوات عشر سنوات عشرين سنة، وأنت وفر ٥٥ ألف دينار بثمن شقة، يعني العاقل ما يقبل يشتري شيئًا بهذا المبلغ الفاحش، الفرق بين القيمة الشرائية بالسوق والقيمة التي اشتريتها فيها، ما الذي جعله يشتري بهذا المبلغ؟!
فهذا تمثيل ،وكلام ما هو صحيح، فالشرع يقول لك إن أردت أن تمتلك شيئًا تمْلَّكه شراءً.
دنيا عجيبة دنيا غريبة.
تذهب لجزيرة من جزر إندونيسيا فيها جبال، وفيها من الخيرات وهذا الجبل يكون ثمنه عشر آلاف دولار جبل كامل تشتريه، أما شقة في واشنطن أو باريس خمسين متر ثمنها خمسة ملايين دولار.
ما هو السبب في هذا؟
هل أنتم تفسروه أو لا تفسروه؟
ليست العبرة بالقوة الشرائية للأشياء وإنما هنالك عوامل ليست هي العوامل الطبيعية الحقيقية، وإلى الله المشتكى.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.