السؤال التاسع عشر : أخ يعمل في صيدلية ويصلي فيها عادةً، وعندما يشرع بتكبيرة الإحرام يأتي أحدهم للشراء، وأحياناً يكون مستعجلاً، ويقطع الصلاة إذا كان في أولها ويبيع المشتري، ثم يعود من جديد لإقامة الصلاة المكتوبة، فهل يجوز هذا الفعل؟
الجواب: أترك محلك وأغلق الصيدلية واكتب (للصلاة) واذهب للصلاة وارجع، هذا خير لك في صلاتك وفي دينك وفي دنياك.
ولعل الناس يعرفون صلاحك وتقواك وأمانتك فيزيد الإقبال عليك، وهذه فائدة من الفوائد التي هي ليست مرجوة، إن خرجت للصلاة أنت لا تريد دنيا ولا تريد شيئا.
لكن الله يسر لك خيراً ما كان في حسبانك.
الأصل في وقت الصلاة أن تذهب للجماعة وهو الذي يأتيك للشراء كذلك يذهب للجماعة، وإلا تبقى تصلي صلاة فيها ما فيها.
ليس بيع الدواء عذراً لأن تترك الجماعة، والواجب أن تذهب لصلاة الجماعة.
وصلّ صلاة السنة في الصيدلية مثلاً ومتى أقاموا إذهب للصلاة وارجع.
أخ يقول إذا رفعت قضية على أحد الناس ووكلت بها محامي وحصَّل لك القضية فهل أجور المحامي تكون على صاحب القضية أم على المشكي عليه؟
الجواب:
واحد ظلمني، استأجر عندي ولم يقبل أن يعطيني سنة وسنتين وثلاث ولا يهتم بإعطاء الإيجار، فأنا رفعت عليه قضية ودفعت رسوماً للقضية ودفعت للمحامي ودفعت كل شيء.
هذا رسومه على من؟
هذا أمر منصوص عليه عند فقهائنا، هذا على المتسبب.
فأجور المحامي على المتسبب، فمن ألجأني لوضع محامي هو من يدفع.
لذا إخواننا يسألون دائما سؤالاً والسؤال مهم يقول:
المحاكم تقضي اليوم بزيادة تسعة في المئة على المبلغ الذي تطالب فيه.
أنت تطالب واحد بعشرة آلاف دينار المحكمة كم تقضي لك؟
تقضي لك بعشرة آلاف وتسعمئة دينار، يزيدون تسعة بالمئة على من خسر القضية.
هل هذه الستعمائة لي؟
الجواب: التفصيل.
هو عصى الله فيَّ أما أنا فلا أعصي الله فيه.
أنا ماذا دفعت وماذا تكلفت من خسارة مادية وخسارة معنوية ووقت وإلى آخره إذا تكلفت تسعمائة دينار فلي التسعمائة دينار وإذا تكلفت ألفي دينار وقضوا لي بتسعمئة دينار أنا ألحقه بالباقي الذي تكلفت به وهو عند الله عز وجل مطالب فيه.
أما إن تكلفت بخمسمائة دينار وقضي لي بتسعمائة دينار ماذا أفعل؟
الخمسمائة دينار لي والأربعمائة دينار أبعثها له أقول له هذه لك وهذا ليس حلالاً لي.
فإذا هو عصى الله عز وجل فيَّ أنا لا أعصي الله فيه.
فكل ما تكلفت يا من رفعت قضية على إنسان فهذه الكلف إن كان هو سببها تستردها ،فلا حرج في ذلك.
أخت تسأل تقول: قامت إحدى عيادات الأسنان بنشر هذا البرنامج لتأمين الأسنان لديها، فيدفع المشترك مبلغاً مقطوعاً سنوياً (مائة دينار)، ويأخذ الخدمات التالية طوال السنة: “كشفية مجانية، حفر وحشو الأسنان مجاناً، سحب عصب مجاناً، تنظيف الأسنان مجاناً، قلع الأسنان مجاناً”، وإذا لم تقم باستخدام البرنامج طوال السنة يتم استرجاع (خمسة وسبعين ديناراً)، هل هذا جائز شرعاً ؟
الجواب:
هذه المسائل يعالجها علماؤنا تحت بابٍ يُسمى: باب الغَرَرْ.
وقد بوّب الإمام البخاري في صحيحه: باب النهي عن الغَرَرْ.
وأسندَ مسلمٌ في صحيحه بسندِه
إلى أبي هُريرة – رضي الله عنه- قال: (نهى رسول الله – ﷺ- عن بيع الحصاةِ، وعن بيعِ الغَرَرِ) [مسلم 1513.]
فالغرر منهي عنه.
لكن هناك قِسم مما فيه غرر مأذونٌ فيه بالإجماع.
نتكلم قبل ما ننطلق بالسؤال، ما هو الغرر؟
الغَرَر ما كانت عاقبتُهُ مجهولة، العاقبة مجهولة لا تعرفُها، مثل: أن تشتري طيراً في السماء، واحد صياد يقول لك: أنا أبيعك هذا الطير في السماء، ممنوع شرعاً، أو أن تشتري سَمَكاً في الماء، إلا إن كان السمَكُ مقدوراً عليه، يعني سَمَك يملكه البائع، هذا الأمر لا خلاف فيه، لكن الشئ الذي عاقبته مجهولة ممنوع.
اتصل بي الأسبوع الماضي أخ يقول: أنا أريد أشتري من المطار أمتعة المسافرين، وهذه الأمتعة يبيعونها بالشُّنط، وأنا لا أعرف ما فيها، أنا مطلوب مني أن أدفع المبلغ وآخذ ثلاثمائة شنطة، وماذا في الشنط لا أدري، مثل الذي يسمّونه اليوم في بلادنا: (البالة)، تشتري البالة مثلاً بثلاثمائة دولار كل بالة، وماذا في البالة؟ ممكن الثلاثمائة دولار تحصّل منها مائة دولار وممكن تحصل منها ألف دولار، ما تدري ماذا فيها! هذا يُسمى عند العلماء: غَرَر.
ما هو الغرر؟
ما كانت عاقبتُهُ مجهولة.
ونهى النبي- ﷺ -عن الغَرر.
نرجع للسؤال أنت الآن تؤمّن بمائة دينار، ممكن تحتاج لأكثر من مائة دينار، وممكن تحتاج إلى أقل من مائة دينار، القِمار غرر.
وهناك غرر مشروع، مثل أساسات البيت: غَرر، لكن البيت لا يقوم إلا بالأساسات، فإذاً ما دام البيت قائم وقوي معناها الأساسات صحيحة، مثل: حشوة (الجاكيت) هذا غَرر، أنت لا تعرف ما هي حشوة الجاكيت الذي تشتريه، لكن هذا الغرر يسير، يعني لا أحد يسأل عن المخفي، الكل يحتاج إلى البهرج الظاهر، أما المخفي لا يسألون عنه، وهكذا.
مثل: (البوفيه) المفتوح، فهذا غرر، اثنين يدخلون على البوفيه المفتوح وواحد يأكل عشرة أضعاف الثاني، صحيح؟ وهذا حلال، وهذا حلال، وهذا غَرر مأذون فيه، البوفيه المفتوح غرر مأذون فيه، لأن الناس بخير، بمعنى أنه لا يُسأل الإنسان لماذا تأكل كثيراً؟ ما دُمت في البوفيه المفتوح لك أن تأكل ما شئت، فهذا أمر غرر لكنه أمرٌ مأذون فيه.
إذا وجد في التأمين أنك تستفيد من مالِك، ومالُك لا يضيع، والأمر في مقاربة بين الاستفادة وعدمها، فأنا أرى أن هذا الغرر هو أقرب منه للمشروع من الممنوع.
يعني إذا أنت ما استفدت من المائة دينار فلك أن تتأكد من أسنانك، وتنظف أسنانك، وتعمل حشو للأسنان -إن احتجت- إلى آخره، أنا أرى أن هذا النوع سهلٌ والله تعالى أعلم.
• مداخلة سؤال آخر:
شيخنا –الله يحفظك- على باب الغرر في البوفيه المفتوح، هناك من يأخذ -وأنا رأيت هذا بمكة حقيقةً وفي أكثر من مكان بالتجوال- في البوفيه المفتوح رأيت أناساً يحملون معهم بعض الطعام إلى السكن أيضاً، إضافة إلى ما يأكلون، يأخذون جزءاً من الطعام، ورأيت هذا في مكة تحديداً، فهل يجوز أخذ شيء من المطعم بعد الانتهاء من الأكل إلى حيث السكن؟
الجواب:
هذا يجري وهذا صحيح ويقع، وحمْل الطعام من البوفيه المفتوح إلى الغرفة في الفندق له أسباب، فيُنظر إلى السبب، فمثلاً: واحد يبقى نائماً في الغرفة والكل قد دفع ثمن الطعام، فينزل اثنان وواحد نائم، فيأخذون له طعاماً، فهذا الأخذ مدفوع ثمنه، وهذا الأخذ لا حرج فيه، وهذا يحتاج إلى استئذان، وإذا استأذنت يأذنون لك، يعني تقول: نحن ثلاثة وواحد منا نائم، ويريد أن يفطر عندما يستيقظ، فنأخذ له طعاماً، وبعض كبار السن لا يستطيع أن ينزل للبوفيه المفتوح بسبب صعوبة الحركة، يعني ينزل على عربة أو بشئ، وما يستطيع ،فتستأذن، تقول: والله أنا والدي معي وما يستطيع أن ينزل، فأنا آخذ له طعاماً، فإنهم يأذنون، ولا حرج في هذا.
طيب، الشق الثاني، تأخذ للغرفة شيئاً يسيراً، يعني مثل بعض الفاكهة وما شابه، فإن كانوا يأذنون لا حرج في هذا، في إذن، فلا حرج، ولا سيّما إن كان هذا الأخذُ على مرأى الناس، وكان هذا الأخذُ يسيراً، وكان هذا الأخذُ قد انتشر واشتهر، ومَن يعمل يعلم أنك تأخذ ولا يسألك، فهذا يُخرّج على ما هو مذكور عند علماء الحنفية (ما عمّت به البلوى) يعني الشيء الذي عمّ به البلوى وفيه شيء من اعتداء على حق خاص عمّت به البلوى والكل يعلم أنك تأخذ، وهذا الأخذ ليس طمعاً، وهذا الأخذ لحاجة يسيرة، فهذا أمرٌ- أرجو الله تعالى- ألا يكون فيه حرج.
أخ يسأل فيقول أعمل في شركة وأنا مديرها، ولِيَ قِسم من رأس مالِها. وسؤاله من شقين:
[ الشق الأول ]:
أريد أن أُقدِّم قرضاً لهذه الشركة، فهل لي أن أربح من هذا القرض؟
الجواب:
القاعدة المتفق عليها عند العلماء:
(كل قرض جر نفعا فهو ربا).
شرح فتح القدير ٧/٢٣٢
ويُرفع هذا للنبي صلى الله عليه وسلم ولم يَثبُت عنه، وإنما ثبت كما عند عبد الرزاق في المصنف عن قتادة رضي الله عنه قوله والقاعدة مُجمَع عليها.
فلا يجوز لِمَن قَدَّم لشركة أو لغيرها أو لِشخص قرضا أن يستفيد منه.
وهنا يأتي سؤال آخر وهو مهم ويسأل عنه إخواننا في السوق المركزي، يُقَدِّمون للمزارعين قروضًا مقابل أن يأتوا بمنتوجهم الزراعي وهم الذين يُسَوِّقوه ويُرَوِّجُوه، فـلا يُعطون القرض إلا مقابل هذا.
فكلُّ قرض جَرَّ نَفعاً هو ربا.
لا يجوز أن يكون القرض إلا طاعة خالصة لله تعالى كالزكاة.
القرض كالزكاة، عبادةٌ خالصة لله عز وجل.
فلا يجوز لمن أراد أن يُقرِض قرضاً أن يستفيد، حتى بالغ بعض الحنفية المتأخرين وعَزَوا ذلك إلى أبي حنيفة، وقالوا :
(لو ذهب الدائن إلى المدين لِيُطالِب بماله؛ فلا يجوز له أن يَستظِلّ بِظِل بيته وهو يطالِب بدَينه).
يعني لَمَّا تضرب الجرس اليوم؛ لا تبقَ في الظل وإنما تَذهب للشمس، لأنه لا يجوز لك أن تستفيد من قرضك لا فائدة مادية ولا فائدة معنوية.
فكل من أراد أن يُقرِض؛ ليس له إلا أن تكون نيته خالصة لله تعالى، ليس له فيه فائدة.
والشق الثاني والأخير الذي يسأل الأخ عنه.
يقول: أنا مدير الشركة وليَ فيها نصيب، فهل ليَ أن أتقاضى راتبا من عملي (أنا مؤسس الشركة وليَ فيها نصيب من المال وأنا المدير فيها فهل لي أن أتقاضى مبلغا مقابل هذه الإدارة؟
الجواب:
رأيت غير واحد من أهل العلم يَذكرون المنع بالإجماع، يقولون هذا حرام بالإجماع، لأن مبنى المعاملات على الفهم والتعليل.
وقالوا هذا الذي له شركاء وهو واحد منهم إن أصبح مديراً وأخذ راتباً يستنفذ جميع أموال الشركة تحت اسم الراتب، تصبح الشركة كلها له تحت مسمى الراتب.
ما المطلوب إذا؟
المطلوب أن يأخذ نسبة يتفقون عليها، حتى نأمن أن تبقى الشركة وأن يبقى النفع عائداً للجميع.
يعني مثلاً الآن أنا شريك بالنصف، وأنا الذي أدير، فأقول: مثلاً أنا لي نسبة (٧٠٪)، وأنتم يا باقي الشركاء لكم (٣٠٪)،أنا الآن هذه الـ (٢٠٪) الزائدة، نِلتُها مقابل إدارتي لِـلشركة، فأنا الآن أسعى إلى أن أُطَوِّر الشركة وأن أُكَثِّر أرباحها؛ فإن كثرت أرباحها فيعود النفع لي ولغيري من الشركاء.
وكم من شركة قامت، فأفلسَت بسبب أن واحداً من المؤسسين للشركة يأخذ الراتب، فأخذ الأخضر واليابس وأخذ كل شيء تحت مسمى الراتب.
لكن لو كان له شيء زائد من النسبة مقابل عمله؛ فهذا الخير يعود على جميع الأطراف.
أخت تسأل وتقول: هل بيع الطيور مثل العصافير أو الحمام حرام؟
وهل بيع الكلاب والقطط أيضاً حرام؟
الجواب:
أما الطير، فيجوز بيعه شريطة إطعامه، فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: ( عُذّبت امرأة في هرّة ، سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار ؛ لا هي أطعمتها ، ولا سقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) متفق عليه.
فعلل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: فلا هي حبستها فأطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض؛ فحبس الطير جائز.
والنبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم لما زار أم سُليم والدة أنس بن مالك، وكان أنس يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان له أخ من أمه ، وهذا الأخ كان حابساً عصفوراً ؛ فلما زار النبي صلى الله عليه وسلم أم سُلَيم، والقصة جميلة للغاية، والقصة لها فوائد عديدة، والنبي عليه السلام ما قال إلا كلامًا يسيرًا جدًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لما دخل ووجد أبو عمير قد طار العصفور من قفصه، فكان يبكي لصغره، فالنبي صلى الله عليه وسلم مازحه وقال له: يا أبا عمير ما فعل النُغير؟
سمع (ابنُ القاص) وهو إمام من الأئمة الكبار من علماء الحديث والفقه – بعض الناس يقول: المحدثون لا فقه عندهم – ، فألف جزءاً والجزء مطبوع، ذكر فيه فوائد قول النبي صلى الله عليه وسلم: “يا أبا عمير ما فعل النغير”، فذكر فيه قرابة ثمانين فائدة، فلما جاء (الحافظ ابن حجر) في شرحه على صحيح البخاري لفتح الباري، فسرد الثمانين فائدة تحت حديث فقط، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: “يا أبا عمير ما فعل النغير”، فسرد الثمانين وأوصلها إلى مئة، فأوصل فوائد قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عمير في -حديث أبي عمير- أوصلها إلى مئة فائدة.
ومن هذه الفوائد، أنه يجوز حبس الطير، ويجوز بيعه شريطة إطعامِه، فإن أطعم فلا حرج، فحبس الطير وحبس الحمام، لا حرج في ذلك.
بعض الفقهاء يفصلون يقولون: هنالك طيور إن حُبست ماتت، بعض الطيور لا تصلح للحبس، قالوا: هذا النوع وهو نادر جدًا حرام حبسه، يعني إذا حبسته هلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، وحبس الطير دون أن تطعمه حرام لعدة وجوه منها إتلاف نفس، ومنها إيذاء، ومنها إضاعة مال، وأما ما عدا ذلك فلا.
أما موضوع الكلاب فروى أبو داود (٣٠٢١) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: “نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ ، وَإِنْ جَاءَ يَطْلُبُ ثَمَنَ الْكَلْبِ فَامْلأْ كَفَّهُ تُرَابًا”.صححه الألباني.
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلاب، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلاب.
واختلف أهل العلم في ثمن كلب الصيد، وكلب الحراسة، وكلب الزرعِ، فمنهم من رخص ومنهم من منع، ومذهب الشافعية المنع.
الجواب:
غريب، نحن عندنا بين الدينار والدولار، الألف دولار تكون قيمتها قرابة سبعمائة دينار وكسر قليل.
أنا كما قالوا في قواعدهم في الإفتاء: المفتي أسير المستفتي، أنا أسير السائل، أنا الآن أجاوب على ما بين يدي، وقد يكون السؤال فيه فائدة فقهية.
نعتبر واحد يقول: هل يجوز شراء ألف دولار بأربعمئة دينار؟ والفرق في سعر السوق يؤخذ من أجل التصريف وكلاهما يعرف فرق السعر الطبيعي مع العلم أن سعر الألف دولار تقريبًا…..؟
أولًا: في الصرف أهل العلم أجمعوا على أن الصرف ينبغي أن يكون يداً بيد ، والشرع ما وضع قيمة إن اختلفت العملة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المتفق عليه: إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيفما شئتم يدًا بيد، وهاءً بهاء، والشعير بالشعير، والملح بالملح، والتمر بالتمر، مثلًا بمثل، سواء بسواء، ثم قال: « فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيفما شئتم إذا كان يداً بيد ».
مسلم (1587).
يداً بيد، ما يجوز الصرف ديناً ، فإذا حصل هاء وهاء: هات وخذ، وحصل يد بيد، جاز الصرف، هذا الأصل في موضوع العملة، لأنه العملة إذا أنا وإياك عملنا بيعاً وشراءً في العملة وبالدين الآجل، ثم اختلت قيمة العملة، فهذا عند العلماء من أسباب الخلاف ووقوع النزاع بين المتعاملين.
الآن السؤال: ما هو سبب هذا الفرق؟
الجواب: سعر السوق، يؤخذ من أجل التصريف.
أقول: بأي سعر شئت، بع واشترِ، بشرط يد بيد، وبشرط هات وخذ، شريطة أن لا تصادم نصاً آخر.
ماذا يعني النص الآخر؟
يعني مثلًا أولياء الأمور يرتبون ترتيبات معينة في بيع وشراء العملة، فواحد يعمل بعمل على فرض يضرر بالناس، يعني قد نسلم من الشرطين: هات وخذ وهاء بهاء، ولكن نقع في مخالفة أخرى وهو الضرر، والنبي صلى الله عليه وسلم -وهذه قاعدة عامة وقد رواها سبعة أو ثمانية من الصحابة-، قال: “لا ضرر ولا ضرار” سنن ابن ماجه(٢٣٤٠) وصححه الألباني.
لا ضرر تلحقه بنفسك ولا ضرار تلحقه بغيرك.
يعني بعض أخواننا يشتري بالتقسيط (مع زيادة الثمن) ويقول لك بيع التقسيط (مع زيادة الثمن)فيه خلاف.
لماذا تشتري وتبيع؟
قال: أنا بدي اشتري تقسيط وأبيع كاش، وأنا بدي فلوس.
طيب: بدك فلوس.
قالوا جماهير أهل العلم يجوز بيع التقسيط.
قلنا: جماهير أهل العلم يجوِّزوا التقسيط(مع زيادة الثمن).
وأنت يا مسكين تلحق بنفسَك الضررَ : يعني تأخذ إبرة مورفين وإبرة مخدرات، تحل المشكلة شهرين أسبوعين سنتين وبعدين، بكون عليك دين (١٠) آلاف دينار يصبحن (١٠٠) ألف دينار، بسبب أنك أنت الآن تحرق أسعار، فحرق الأسعار وتتضرر سائر التجار، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا ضرار، وبسبب حرق الأسعار أنك أنت تأخر مشاكلك، أنت ما تحل مشاكل.
والنبي يقول: لا ضرر ولا ضرار، والآن ما تقول بيع التقسيط العلماء اختلفوا، جائز ولا غير جائز، أنت تقول: لا ضرر ولا ضرار، أنت تضرر بالتجار، فالتجار الذين يتقون الله أنت تضرر بهم أولا.
وثانيا أنت تلحق الضرر بنفسك وهذا العمل حرام.
وأن تصبر على نفسك خير من أن يصبر الناس عليك سواء كان بيع التقسيط أو ليس بيع التقسيط، فأنت في المآل تقع في مثل هذه المخالفات.
السؤال العاشر :
أخ يقول ما حكم (العربون) ؟! وإن تخلف الشاري عن أخذ السلعة، فهل يحق للبائع أخذ (العربون)؟
الجواب:
وقع خلاف بين أهل العلم في حكم (العربون) وممن يجوز (العربون) الحنابلة دون غيرهم من سائر الفقهاء.
وقد بحثت المسألة بحثاً مفصلاً ووجدت أن الأدلة على حِل (العربون) أقوى شرعاً من الأدلة على منعه، ذلك أنه في كتاب التجارات في سنن ابن ماجة
” نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْعِرْبَانِ “. (٢١٩٢) وضعفه الألباني.
وقال ابن الأثير في كتابه نهاية غريب الحديث والآثار قال (العِربَان) هو المسكان وهو (العربون) وفي كتاب التجارات ” نهى النبي – صلى الله عليه وسلم- عن بيع العربان ” وهذا الحديث باتفاق علماء الحديث ضعيف، هذا الحديث ضعيف لم يصح ولم يثبت عن الرسول الله – صلى الله عليه وسلم-. والثابت في (العربون) من حيث الإسناد ما أسنده عبد الرزاق في المصنف من أن عمر بن الخطاب – رضي الله تعالى عنه- اشترى بيتاً ليجعله سجناً اشترى واشترى هذا البيت بالعربون.
فالعربون هو شرط والأصل في المعاملات أنه يدخلها الشرط ، والمسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ، وثبت عن عمر في صحيح البخاري تعليقاً جازماً قال: “الشروط مقاطع الحقوق” (صحيح البخاري | كِتَابُ الشُّرُوطِ | بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْمَهْرِ.) فالشرط مقطع الحق، فأنت دفعت العربون وأشترطت عليك أنك إذا نكصت عن بيعتيك فأنا أخصم عليك هذا.
فالشرط مقطع الحق ولا حرج في ذلك.
لا حرج بإيجاز، وعلى هذا جرت القوانين وعادات الناس وأعرافهم فلا حرج .
هل رأيتم رجلاً مثلاً يقول: أنا عندي 10 أولاد أو خمسة أولاد، وأنا ما أشبع من الولد؟
الإجابة: لا، لا يمكن بل أنه يشبَع من الولد.
لكن المال لا يشبَع منه، والأصل في الإنسان أن يكون الولد أحب إليه من المال.
لكن واقع الناس ولأنهم يغترُّون بالدنيا؛ فبريق المال مُقدَّم على بريق الولد.
ومن اللفتات البديعات والتنبيهات المهمات: ما ذكره الإمام الألوسي- رحمه الله-في تفسير هذه الآية قال :
لو كانت الدنيا تروج بنفسها لَما التفت إليها أحد ، ولكن الدنيا لها زينة، وزينتها المال والولد، اليوم أشد فتنة: على الناس المال والنساء.
والنبي – صلى الله عليه وسلم- يقول :
((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)).
[أخرجه البخاري، كتاب النكاح، ب (7/ 8)، برقم: (5096)، ومسلم، كتاب الرقاق، ، (4/ 2097)، برقم: (2740).]
والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(فتنة أمتي المال) .
[ذكره الشيخ الألباني رحمه الله في “السلسلة الصحيحة”2 / 141.]
يعني الفقير مفتون بفتنة المال، والغني مفتون بفتنة المال، فإذا كان المال كثيراً؛ فصاحبه مفتون، وإذا كان المال قليلاً؛ فصاحبه مفتون.
ولأن الفتنة والإبتلاء ألصَق بالإنسان؛ كان هذا الأمر.
فالله عز وجل كيف رَوَّج للدنيا ؟
أنت عندما تُروِّج للبضاعة أيها التاجر ماذا تعمل؟
الإجابة: تعمل دعايات وإعلانات.
وأعلم أن كل بضاعة فيها إعلان؛ فهي بضاعة كاسدة فاسدة، الشيء الذي يلحقه الإعلان والزينة؛ فهي بضاعة كاسدة.
فالله عز وجل رَوَّج الدنيا على الناس؛ فجعل لها زينة، فالشيء الذي يُزَيَّن هو الذي في حقيقة أمره ليس له كبير وزن، ولذا قال الألوسي في تفسير قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } [الكهف : 46]
يقول الألوسي: الله – عز وجل- روج للدنيا بالزينة.
الزينة التي تروج على الناس المال أم الولد أكثر وأظهر؟
السؤال العشرون : بالنسبة للمطاعم التي تبيع الشاورما والدجاج المشوي هل يجب علينا التحري من نوع الدجاج المستخدم ام الأصل في الأشياء الحل؟
الجواب: هذه المسألة درسناها وفصلناها في شرح القواعد الفقهية وقررنا قاعدين.
والقاعدتان مهمتان
*القاعدة الأولى:*
أن الأصل في الأشياء الإباحة
*القاعدة الثانية:*
الأصل في المذبوحات المنع حتى تتأكد من أن المذبوح يكون على الطريقة الشرعية.
أخوكم الذي يتكلم معكم لا آكل الشاورما أبداً إلا إذا كانت صنع البيت، وأنا لا أقول الشاورما في السوق حرام، لكن إذا استطاع الكفار أن يطعمونا الحرام فسيُسقطون من أيدينا سلاح الدعاء الذي لم يبقَ لنا شيء غيره فما بقي لنا شيء إلا أن ندعوا الله عز وجل، فالإنسان لما يُغلب على أمره ولا يستطيع أن يفعل شيء يبقى بيده أكبر سلاح وهو الدعاء وهو أن يدعوا الله – جل في علاه-.
هل تجد تاجر من أجل سلامة دين الناس لا يطعمهم الحرام!؟.
أم أن التجار جشعين ،مقابل الربح يفعلون ما يريدون!!
إذا حال الناس على خير وعلى هداية ويتحرون الحق ولا يطعمون الناس إلا الحلال فَكُل، وإذا كان غير ذلك فلا.
ما نقول حرام لكن لا تأكل إلا الذي أنت مطمئن إليه، ممكن تطمئن لرجل وتأكل عنده وأن تطمئن لدينه وتطمئن لأمانته وعدم غشه ، ولا تسلم نفسك وتأكل ممن هب ودب وممن درج وعرج.
فأنت تحتاط لدينك ومن حيطتك لدينك أن لا تحرم ما أحل الله ما تقول حرام قل أنا ما أدخل بطني إلا ما أنا متيقن حِلّه، فالأمر الحسن أن لا تأكل وأن لا تقول إنه حرام. فالحسن الأمرين.
السؤال التاسع عشر: أمنني أحد الأصدقاء منذ قرابة عشرين عاماً على بيع بضاعة بمبلغ ما؛ فقمت ببيعها؛ وبعد ذلك قلت له: هل تبيعها بمبلغ كذا أقل من المبلغ الذي طلب فقبل، وبعد فترة إلتقى بالشخص الذي اشترى البضاعة وعلم منه أنه اشتراها بمبلغ أكثر مما قلت له، فغضب وقاطعني إلى يومنا هذا، والحمد لله بعد أن هداني الله حاولت أن أرضيه وأتصل به فامتنع وأعدت له المبلغ وزيادة فلم يقبل وقال أنني غير مسامح؟
الجواب: هل بقي المبلغ عنده؟
أحد الحضور: نعم عنده.
أنت تُبرئ ذمتك بأن تدفع له ما ربحت: يعني أنت ربحت بسببه فأرجع إليه المبلغ.
والواجب على المسلم أن يكون هيناً ليناً، فرجل أخطأ في حقك ونال من عرضك وتكلم عليك بباطل، ثم تاب إلى الله – عز وجل- ما لك إلا أن تقول: اللهم اغفر لأخي.
ماذا كان بإمكانك أن تقول غير هذا؟
فهذا الأخ المال الذي ربحه بطريقة غير مشروعة بالدجل والتعمية بالأسعار، وقال: تُبت يا أخي وهذا المبلغ الذي ربحته هذا لك.
فالأصل في المؤمن أن يكون هيناً ليناً وأن يسقط وأن يسامح.