أنا نجار، عملت عشر سنوات عند أحد النجارين توفي صاحب المحل وله في ذمتي ألف وثلاثمئة دينار، ثلاثمئة دينار نقدًا، وأربعمئة دينار ثمن خزانة مرتجعة أخذتها منه وبعتها بأربعمئة دينار وأخذت مئة دينار أرضية محل، أي بدل مكان لشغل خاص، وأود تبرئة ذمتي؟
الجواب:
واحد مات وله في ذمة الناس أموال، من كان في ذمتهم له مال، المال لمن الآن؟
قال العلماء: بموت الإنسان تخرب ذمته، فلا يوجد مجال أن تسد له، وإنما المال الذي تركه إنما هو لورثته.
بطريقة عملية، تنظر إلى ورثته، فتنظر إلى إنسان صالح منهم، رجل تقي، رجل لا يمكن أن يكذب ولا يمكن أن يأكل المال بالباطل، ولو أنك دخلت عليه وحوله بعض إخوانه (بعض الورثة) الآخرين فقلت: أبوكم مات وله عندي ألف وأربعمئة دينار، وهذه هي الألف وأربعمئة دينار.
هل للوارث له أن يسامح بالمال؟
لا، له أن يسامح بنصيبه فقط.
يعني واحد قال: أنا مسامح، أنت مسامح فقط بنصيبك، أنا مسامح بنصيبي أنا ، أنا لي النصف ، فأسامح بالنصف، والباقي للورثة، أو نحتاج إلى مسامحة بقية الورثة ، لأن هذا المال لا يبرأ صاحبه إلا أن يرجعه إلى من كان له، فإن كان حيّاً فيرد إليه وإن كان ميتاً فلورثته.
والضرورات تقدر بقدرها.
وإذا وضع الإنسان حسابه لضرورة تكون من غير ربا.
فإن كان فاسقا أو كان غافلا ولايعرف أن الربا حرام ،فهذا مال يأخذه وينفقه في مصالح المسلمين العامة، والواجب عليه إيقاف أخذ الربا.
السؤال الثامن عشر:
كان زوجي عاطلًا عن العمل، وكنت أنفق على البيت، ولما يسر الله أموره وأصبح صاحب مال كثير لكنه شحيح علينا بماله، هل لي أن أخذ من ماله دون علمه ما كنت أنفقه على البيت؟
الجواب:
المسألة أنا أسير لها، أولًا إذا كنت تنفقين طاعة لله ورسوله وتوسعة على زوجك، ولا تعتبرين الذي أنفقتيه دينًا، فليس لك أن تأخذيه، إلا عند الحاجة – والتي أبينها بعد قليل-.
يعني أتاني شخص قال والله أعطيت شخصاً مائة دينار، وكان فقيراً وصار غنياً ، هل يجوز أخذ المائة دينار؟ أقول أنت ونيتك، إذا أعطيته مئة دينار دين لك أن تأخذها، وإذا ما أعطيته دين ليس لك أن تأخذها وأنت إتق الله، وأنت لما أعطيت ماذا كانت نيتك؟ فليست العبرة بالنية بعد العطاء، وإنما النية لما كنت تعطي.
مثل واحد يعطي والده، وهذه مسألة شائعة وللأسف الكبير، والبيان يطرد الشيطان، الكل بعطي الوالد والوالد حي، والكل يحترم الوالد والأمر طيب، بعد ما مات الوالد فالأولاد اختلفوا ،كلٌ يقول نيته في العطاء، إذا كانت نيته إدخار ؛ والله أبي يدخر لي فلوس أو أعطي والدي حتى يبني لي بيتاً ، أو يبني لي شقة، فلك أن تأخذ بالنية التي أعطيت، وإذا أعطيت مقابل أنه والد واحترامه فهذا المال ورثة لكل الأولاد، فالعبرة بالنية، ولذا يقول العلماء – وأكثر ما يمثلون بهذا المثل في قاعدتهم- التي يقولون عنها : (الأمور بمقاصدها) ، العبرة بالنية.
أنت يا زوجة، زوجك كان لا يعمل، وكان عندك مال وأنت موظفة وأنت تعطي زوجك أو كنت تنفق على البيت، إنفاقك على البيت ماذا كان؟ إذا كان ديناً خذيه، وإذا لم يكن ديناً فهذا لله عزوجل، أنت أعطيتي وانفقتي على أولادك يعني حسبة منك.
هل يجب على الزوجة الغنية أن تنفق على الزوج وعلى الأولاد؟ لا، النفقة على من في الشرع؟ على الزوج قال تعالى : “(وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) “. [البقرة ٢٣٣]
المولود له: هو صاحب النفقة، والآن من المولود له؟ الزوج، أما الزوجة إذا أنفقت تطوعًا منها، وهو أمر حسن، هذه مسألة.
مسألة أخرى: رجل عنده أهل وزوجة وغني وبخيل.
أبو سفيان رضي الله عنه سيد من أسياد العرب، علماؤنا يقولون: السيد في قومه يستحيل أن يكون بخيلًا، قالوا ولذا في رواية عند البخاري لما جاءت هند بنت عتبة للنبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجلًا مسيكاً، والإنسان الكريم على الناس يمسك على أهله وينفق على الناس ولما يصل الأمر إلى أهله يقول لعلي أساعد غيري في هذا المال، يمسك على نفسه ،تأمل معي الحديث لتستفيد، والحديث له فوائد عظيمة يحتاج لمجلس خاص، لكن لما جاءت هند جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس بين أصحابه في المسجد، فقالت: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجلًا مسيكًا أو قالت شحيح؛ ورواية مسيك، فهل لي أن آخذ دون علمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها: خذي ما يكفيكِ وولدكِ بالمعروف.
يعني لو واحد لا قدر الله معنا بخيل، وجاءت زوجته الآن في هذا المجلس وسألت على مسامع الرجال، هل عليها وزر؟ هل ارتكبت عيباً ؟ سوء شكت من نفقة أو شكت من ظلم، هل هذا ممنوع شرعاً ؟ لا، بل مسموح فيؤذن للمرأة أن تدخل على مجلس الرجال وتشكو زوجها، وهذا أمر لا عجز فيه ولا غضاضة ولا حرمة.
هل يجوز للمفتي أن يفتي بعلمه؟ طيب النبي عليه السلام لما قال لهند خذي ما يكفيكِ وولدكِ ،هل كان مفتياً أم كان النبي عليه السلام قاضيًا لما قال هذا الكلام ؟
القضاء في الزمن الأول أين كان؟ في المسجد، هل النبي عليه السلام قال ما قال قاضياً أم مفتياً ؟
القاضي له أحكام والمفتي له أحكام، فبعض أهل العلم قالوا: هذا قضاء من النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه ما الفرق بين المفتي والقاضي؟ القاضي حكمه ملزم، والمفتي حكمه معلم، فمثلاً لي ساعة بتكلم معكم وطلعتوا من هذا المجلس وما رديتوا علي ولا في شيء، أنا أديت حق الله وأنتم قصرتم وخالفتم حكم الله، أنا ليس لي عليكم إلزام، المفتي ماذا يعمل؟ يُعلِم، أما القاضي؟ يلزم، طيب هل حكم النبي عليه السلام كان فيه إلزام؟ قالوا النبي صلى الله عليه وسلم قاضي إذا كان النبي قاضياً، يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه، يعني بيعلم شيء بدون بينات يحكم بعلمه هو، هل يجوز الآن للقاضي أن يحكم بعلمه الآن؟ قالوا لا، لا بد من بينات، القاضي لا بد له من البينات إلى آخر ما يفرع عليه أهل العلم.
السؤال الحادي والعشرون : ما معنى الباءة في حديث عبدالله بن مسعود قال : كُنَّا مع النبيِّ ﷺ، فَقالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أغَضُّ لِلْبَصَرِ، وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ.}
البخاري صحيح البخاري 1905 ؟
و من يمتلك تكاليف الزواج لكنه يخشى الإنفاق بعد الزواج بسبب غلاء الأجور والمعيشة هل تنصحه بالزواج ؟
الجواب : أعوذ بالله ، معقول إنسان عنده مال ويقدر فيخالف فطرته ويخالف شهوته من أجل المال !
المال في يدك ليقضي مآربك ، هل أنت خادم المال أم أن المال خادمك ؟
الذي عنده مال ويحرم نفسه من الزوجة والولد الصالح هذا عبد للمال وليس المال وسيلة له.
فهل هذا سؤال يُسأل!!
وهذا الذي يسأل عندي مال وأخاف من الأجور وأخاف من المال أن يذهب فهذا عبد للمال، فالسعيد من كان المال وسيلة عنده ليقضي مآربه وأهم مآرب المال الزواج.
وإذا لم يكن زواج سيكون فساد ،فالنبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث عن عبدالله بن مسعود: دَخَلْتُ مع عَلْقَمَةَ، والأسْوَدِ علَى عبدِ اللَّهِ، فَقالَ عبدُ اللَّهِ: كُنَّا مع النبيِّ ﷺ شَبَابًا لا نَجِدُ شيئًا، فَقالَ لَنَا رَسولُ اللَّهِ ﷺ: يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أغَضُّ لِلْبَصَرِ وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ فإنَّه له وِجَاءٌ.
صحيح البخاري 5066 واللفظ له، ومسلم (1400) .
فالشهوة تنازعك والشهوة ليست آنية فالشهوة دائمة ،فإذا ما استطعت فالواجب عليك العفة فلا سبيل لقضاء الشهوة إلا مع الزوجة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( فعليه بالصوم ) والنبي صلى الله عليه وسلم ارحم بك من نفسك ، لو كان علاج الشهوة بالحرام أو بالإستمناء أو بإتيان الدابة أو الزنا نعوذ بالله تعالى لما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فعليه بالصوم ).
الواجب على الرجل والمرأة العفة، ولا يوجد محل لقضاء الشهوة في شرع الله إلا الزوجة، وقديماً الزوجة والأمة والآن لا يوجد إماء لذا قال الله عز وجل { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) } وقال بعدها ربنا تعالى { فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)}المؤمنون
فغير الزوجة وغير الأمة إعتداء على أوامر الله .
فيا من عندك مال لماذا هذا المال عندك ؟
لتقضي حاجتك في ما أحل الله عز وجل لك .
السؤال التاسع عشر : أخ يعمل في صيدلية ويصلي فيها عادةً، وعندما يشرع بتكبيرة الإحرام يأتي أحدهم للشراء، وأحياناً يكون مستعجلاً، ويقطع الصلاة إذا كان في أولها ويبيع المشتري، ثم يعود من جديد لإقامة الصلاة المكتوبة، فهل يجوز هذا الفعل؟
الجواب: أترك محلك وأغلق الصيدلية واكتب (للصلاة) واذهب للصلاة وارجع، هذا خير لك في صلاتك وفي دينك وفي دنياك.
ولعل الناس يعرفون صلاحك وتقواك وأمانتك فيزيد الإقبال عليك، وهذه فائدة من الفوائد التي هي ليست مرجوة، إن خرجت للصلاة أنت لا تريد دنيا ولا تريد شيئا.
لكن الله يسر لك خيراً ما كان في حسبانك.
الأصل في وقت الصلاة أن تذهب للجماعة وهو الذي يأتيك للشراء كذلك يذهب للجماعة، وإلا تبقى تصلي صلاة فيها ما فيها.
ليس بيع الدواء عذراً لأن تترك الجماعة، والواجب أن تذهب لصلاة الجماعة.
وصلّ صلاة السنة في الصيدلية مثلاً ومتى أقاموا إذهب للصلاة وارجع.
أخ يقول إذا رفعت قضية على أحد الناس ووكلت بها محامي وحصَّل لك القضية فهل أجور المحامي تكون على صاحب القضية أم على المشكي عليه؟
الجواب:
واحد ظلمني، استأجر عندي ولم يقبل أن يعطيني سنة وسنتين وثلاث ولا يهتم بإعطاء الإيجار، فأنا رفعت عليه قضية ودفعت رسوماً للقضية ودفعت للمحامي ودفعت كل شيء.
هذا رسومه على من؟
هذا أمر منصوص عليه عند فقهائنا، هذا على المتسبب.
فأجور المحامي على المتسبب، فمن ألجأني لوضع محامي هو من يدفع.
لذا إخواننا يسألون دائما سؤالاً والسؤال مهم يقول:
المحاكم تقضي اليوم بزيادة تسعة في المئة على المبلغ الذي تطالب فيه.
أنت تطالب واحد بعشرة آلاف دينار المحكمة كم تقضي لك؟
تقضي لك بعشرة آلاف وتسعمئة دينار، يزيدون تسعة بالمئة على من خسر القضية.
هل هذه الستعمائة لي؟
الجواب: التفصيل.
هو عصى الله فيَّ أما أنا فلا أعصي الله فيه.
أنا ماذا دفعت وماذا تكلفت من خسارة مادية وخسارة معنوية ووقت وإلى آخره إذا تكلفت تسعمائة دينار فلي التسعمائة دينار وإذا تكلفت ألفي دينار وقضوا لي بتسعمئة دينار أنا ألحقه بالباقي الذي تكلفت به وهو عند الله عز وجل مطالب فيه.
أما إن تكلفت بخمسمائة دينار وقضي لي بتسعمائة دينار ماذا أفعل؟
الخمسمائة دينار لي والأربعمائة دينار أبعثها له أقول له هذه لك وهذا ليس حلالاً لي.
فإذا هو عصى الله عز وجل فيَّ أنا لا أعصي الله فيه.
فكل ما تكلفت يا من رفعت قضية على إنسان فهذه الكلف إن كان هو سببها تستردها ،فلا حرج في ذلك.
أخت تسأل تقول: قامت إحدى عيادات الأسنان بنشر هذا البرنامج لتأمين الأسنان لديها، فيدفع المشترك مبلغاً مقطوعاً سنوياً (مائة دينار)، ويأخذ الخدمات التالية طوال السنة: “كشفية مجانية، حفر وحشو الأسنان مجاناً، سحب عصب مجاناً، تنظيف الأسنان مجاناً، قلع الأسنان مجاناً”، وإذا لم تقم باستخدام البرنامج طوال السنة يتم استرجاع (خمسة وسبعين ديناراً)، هل هذا جائز شرعاً ؟
الجواب:
هذه المسائل يعالجها علماؤنا تحت بابٍ يُسمى: باب الغَرَرْ.
وقد بوّب الإمام البخاري في صحيحه: باب النهي عن الغَرَرْ.
وأسندَ مسلمٌ في صحيحه بسندِه
إلى أبي هُريرة – رضي الله عنه- قال: (نهى رسول الله – ﷺ- عن بيع الحصاةِ، وعن بيعِ الغَرَرِ) [مسلم 1513.]
فالغرر منهي عنه.
لكن هناك قِسم مما فيه غرر مأذونٌ فيه بالإجماع.
نتكلم قبل ما ننطلق بالسؤال، ما هو الغرر؟
الغَرَر ما كانت عاقبتُهُ مجهولة، العاقبة مجهولة لا تعرفُها، مثل: أن تشتري طيراً في السماء، واحد صياد يقول لك: أنا أبيعك هذا الطير في السماء، ممنوع شرعاً، أو أن تشتري سَمَكاً في الماء، إلا إن كان السمَكُ مقدوراً عليه، يعني سَمَك يملكه البائع، هذا الأمر لا خلاف فيه، لكن الشئ الذي عاقبته مجهولة ممنوع.
اتصل بي الأسبوع الماضي أخ يقول: أنا أريد أشتري من المطار أمتعة المسافرين، وهذه الأمتعة يبيعونها بالشُّنط، وأنا لا أعرف ما فيها، أنا مطلوب مني أن أدفع المبلغ وآخذ ثلاثمائة شنطة، وماذا في الشنط لا أدري، مثل الذي يسمّونه اليوم في بلادنا: (البالة)، تشتري البالة مثلاً بثلاثمائة دولار كل بالة، وماذا في البالة؟ ممكن الثلاثمائة دولار تحصّل منها مائة دولار وممكن تحصل منها ألف دولار، ما تدري ماذا فيها! هذا يُسمى عند العلماء: غَرَر.
ما هو الغرر؟
ما كانت عاقبتُهُ مجهولة.
ونهى النبي- ﷺ -عن الغَرر.
نرجع للسؤال أنت الآن تؤمّن بمائة دينار، ممكن تحتاج لأكثر من مائة دينار، وممكن تحتاج إلى أقل من مائة دينار، القِمار غرر.
وهناك غرر مشروع، مثل أساسات البيت: غَرر، لكن البيت لا يقوم إلا بالأساسات، فإذاً ما دام البيت قائم وقوي معناها الأساسات صحيحة، مثل: حشوة (الجاكيت) هذا غَرر، أنت لا تعرف ما هي حشوة الجاكيت الذي تشتريه، لكن هذا الغرر يسير، يعني لا أحد يسأل عن المخفي، الكل يحتاج إلى البهرج الظاهر، أما المخفي لا يسألون عنه، وهكذا.
مثل: (البوفيه) المفتوح، فهذا غرر، اثنين يدخلون على البوفيه المفتوح وواحد يأكل عشرة أضعاف الثاني، صحيح؟ وهذا حلال، وهذا حلال، وهذا غَرر مأذون فيه، البوفيه المفتوح غرر مأذون فيه، لأن الناس بخير، بمعنى أنه لا يُسأل الإنسان لماذا تأكل كثيراً؟ ما دُمت في البوفيه المفتوح لك أن تأكل ما شئت، فهذا أمر غرر لكنه أمرٌ مأذون فيه.
إذا وجد في التأمين أنك تستفيد من مالِك، ومالُك لا يضيع، والأمر في مقاربة بين الاستفادة وعدمها، فأنا أرى أن هذا الغرر هو أقرب منه للمشروع من الممنوع.
يعني إذا أنت ما استفدت من المائة دينار فلك أن تتأكد من أسنانك، وتنظف أسنانك، وتعمل حشو للأسنان -إن احتجت- إلى آخره، أنا أرى أن هذا النوع سهلٌ والله تعالى أعلم.
• مداخلة سؤال آخر:
شيخنا –الله يحفظك- على باب الغرر في البوفيه المفتوح، هناك من يأخذ -وأنا رأيت هذا بمكة حقيقةً وفي أكثر من مكان بالتجوال- في البوفيه المفتوح رأيت أناساً يحملون معهم بعض الطعام إلى السكن أيضاً، إضافة إلى ما يأكلون، يأخذون جزءاً من الطعام، ورأيت هذا في مكة تحديداً، فهل يجوز أخذ شيء من المطعم بعد الانتهاء من الأكل إلى حيث السكن؟
الجواب:
هذا يجري وهذا صحيح ويقع، وحمْل الطعام من البوفيه المفتوح إلى الغرفة في الفندق له أسباب، فيُنظر إلى السبب، فمثلاً: واحد يبقى نائماً في الغرفة والكل قد دفع ثمن الطعام، فينزل اثنان وواحد نائم، فيأخذون له طعاماً، فهذا الأخذ مدفوع ثمنه، وهذا الأخذ لا حرج فيه، وهذا يحتاج إلى استئذان، وإذا استأذنت يأذنون لك، يعني تقول: نحن ثلاثة وواحد منا نائم، ويريد أن يفطر عندما يستيقظ، فنأخذ له طعاماً، وبعض كبار السن لا يستطيع أن ينزل للبوفيه المفتوح بسبب صعوبة الحركة، يعني ينزل على عربة أو بشئ، وما يستطيع ،فتستأذن، تقول: والله أنا والدي معي وما يستطيع أن ينزل، فأنا آخذ له طعاماً، فإنهم يأذنون، ولا حرج في هذا.
طيب، الشق الثاني، تأخذ للغرفة شيئاً يسيراً، يعني مثل بعض الفاكهة وما شابه، فإن كانوا يأذنون لا حرج في هذا، في إذن، فلا حرج، ولا سيّما إن كان هذا الأخذُ على مرأى الناس، وكان هذا الأخذُ يسيراً، وكان هذا الأخذُ قد انتشر واشتهر، ومَن يعمل يعلم أنك تأخذ ولا يسألك، فهذا يُخرّج على ما هو مذكور عند علماء الحنفية (ما عمّت به البلوى) يعني الشيء الذي عمّ به البلوى وفيه شيء من اعتداء على حق خاص عمّت به البلوى والكل يعلم أنك تأخذ، وهذا الأخذ ليس طمعاً، وهذا الأخذ لحاجة يسيرة، فهذا أمرٌ- أرجو الله تعالى- ألا يكون فيه حرج.
أخ يسأل فيقول أعمل في شركة وأنا مديرها، ولِيَ قِسم من رأس مالِها. وسؤاله من شقين:
[ الشق الأول ]:
أريد أن أُقدِّم قرضاً لهذه الشركة، فهل لي أن أربح من هذا القرض؟
الجواب:
القاعدة المتفق عليها عند العلماء:
(كل قرض جر نفعا فهو ربا).
شرح فتح القدير ٧/٢٣٢
ويُرفع هذا للنبي صلى الله عليه وسلم ولم يَثبُت عنه، وإنما ثبت كما عند عبد الرزاق في المصنف عن قتادة رضي الله عنه قوله والقاعدة مُجمَع عليها.
فلا يجوز لِمَن قَدَّم لشركة أو لغيرها أو لِشخص قرضا أن يستفيد منه.
وهنا يأتي سؤال آخر وهو مهم ويسأل عنه إخواننا في السوق المركزي، يُقَدِّمون للمزارعين قروضًا مقابل أن يأتوا بمنتوجهم الزراعي وهم الذين يُسَوِّقوه ويُرَوِّجُوه، فـلا يُعطون القرض إلا مقابل هذا.
فكلُّ قرض جَرَّ نَفعاً هو ربا.
لا يجوز أن يكون القرض إلا طاعة خالصة لله تعالى كالزكاة.
القرض كالزكاة، عبادةٌ خالصة لله عز وجل.
فلا يجوز لمن أراد أن يُقرِض قرضاً أن يستفيد، حتى بالغ بعض الحنفية المتأخرين وعَزَوا ذلك إلى أبي حنيفة، وقالوا :
(لو ذهب الدائن إلى المدين لِيُطالِب بماله؛ فلا يجوز له أن يَستظِلّ بِظِل بيته وهو يطالِب بدَينه).
يعني لَمَّا تضرب الجرس اليوم؛ لا تبقَ في الظل وإنما تَذهب للشمس، لأنه لا يجوز لك أن تستفيد من قرضك لا فائدة مادية ولا فائدة معنوية.
فكل من أراد أن يُقرِض؛ ليس له إلا أن تكون نيته خالصة لله تعالى، ليس له فيه فائدة.
والشق الثاني والأخير الذي يسأل الأخ عنه.
يقول: أنا مدير الشركة وليَ فيها نصيب، فهل ليَ أن أتقاضى راتبا من عملي (أنا مؤسس الشركة وليَ فيها نصيب من المال وأنا المدير فيها فهل لي أن أتقاضى مبلغا مقابل هذه الإدارة؟
الجواب:
رأيت غير واحد من أهل العلم يَذكرون المنع بالإجماع، يقولون هذا حرام بالإجماع، لأن مبنى المعاملات على الفهم والتعليل.
وقالوا هذا الذي له شركاء وهو واحد منهم إن أصبح مديراً وأخذ راتباً يستنفذ جميع أموال الشركة تحت اسم الراتب، تصبح الشركة كلها له تحت مسمى الراتب.
ما المطلوب إذا؟
المطلوب أن يأخذ نسبة يتفقون عليها، حتى نأمن أن تبقى الشركة وأن يبقى النفع عائداً للجميع.
يعني مثلاً الآن أنا شريك بالنصف، وأنا الذي أدير، فأقول: مثلاً أنا لي نسبة (٧٠٪)، وأنتم يا باقي الشركاء لكم (٣٠٪)،أنا الآن هذه الـ (٢٠٪) الزائدة، نِلتُها مقابل إدارتي لِـلشركة، فأنا الآن أسعى إلى أن أُطَوِّر الشركة وأن أُكَثِّر أرباحها؛ فإن كثرت أرباحها فيعود النفع لي ولغيري من الشركاء.
وكم من شركة قامت، فأفلسَت بسبب أن واحداً من المؤسسين للشركة يأخذ الراتب، فأخذ الأخضر واليابس وأخذ كل شيء تحت مسمى الراتب.
لكن لو كان له شيء زائد من النسبة مقابل عمله؛ فهذا الخير يعود على جميع الأطراف.
أخت تسأل وتقول: هل بيع الطيور مثل العصافير أو الحمام حرام؟
وهل بيع الكلاب والقطط أيضاً حرام؟
الجواب:
أما الطير، فيجوز بيعه شريطة إطعامه، فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: ( عُذّبت امرأة في هرّة ، سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار ؛ لا هي أطعمتها ، ولا سقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) متفق عليه.
فعلل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: فلا هي حبستها فأطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض؛ فحبس الطير جائز.
والنبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم لما زار أم سُليم والدة أنس بن مالك، وكان أنس يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان له أخ من أمه ، وهذا الأخ كان حابساً عصفوراً ؛ فلما زار النبي صلى الله عليه وسلم أم سُلَيم، والقصة جميلة للغاية، والقصة لها فوائد عديدة، والنبي عليه السلام ما قال إلا كلامًا يسيرًا جدًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لما دخل ووجد أبو عمير قد طار العصفور من قفصه، فكان يبكي لصغره، فالنبي صلى الله عليه وسلم مازحه وقال له: يا أبا عمير ما فعل النُغير؟
سمع (ابنُ القاص) وهو إمام من الأئمة الكبار من علماء الحديث والفقه – بعض الناس يقول: المحدثون لا فقه عندهم – ، فألف جزءاً والجزء مطبوع، ذكر فيه فوائد قول النبي صلى الله عليه وسلم: “يا أبا عمير ما فعل النغير”، فذكر فيه قرابة ثمانين فائدة، فلما جاء (الحافظ ابن حجر) في شرحه على صحيح البخاري لفتح الباري، فسرد الثمانين فائدة تحت حديث فقط، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: “يا أبا عمير ما فعل النغير”، فسرد الثمانين وأوصلها إلى مئة، فأوصل فوائد قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عمير في -حديث أبي عمير- أوصلها إلى مئة فائدة.
ومن هذه الفوائد، أنه يجوز حبس الطير، ويجوز بيعه شريطة إطعامِه، فإن أطعم فلا حرج، فحبس الطير وحبس الحمام، لا حرج في ذلك.
بعض الفقهاء يفصلون يقولون: هنالك طيور إن حُبست ماتت، بعض الطيور لا تصلح للحبس، قالوا: هذا النوع وهو نادر جدًا حرام حبسه، يعني إذا حبسته هلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، وحبس الطير دون أن تطعمه حرام لعدة وجوه منها إتلاف نفس، ومنها إيذاء، ومنها إضاعة مال، وأما ما عدا ذلك فلا.
أما موضوع الكلاب فروى أبو داود (٣٠٢١) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: “نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ ، وَإِنْ جَاءَ يَطْلُبُ ثَمَنَ الْكَلْبِ فَامْلأْ كَفَّهُ تُرَابًا”.صححه الألباني.
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلاب، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلاب.
واختلف أهل العلم في ثمن كلب الصيد، وكلب الحراسة، وكلب الزرعِ، فمنهم من رخص ومنهم من منع، ومذهب الشافعية المنع.
الجواب:
غريب، نحن عندنا بين الدينار والدولار، الألف دولار تكون قيمتها قرابة سبعمائة دينار وكسر قليل.
أنا كما قالوا في قواعدهم في الإفتاء: المفتي أسير المستفتي، أنا أسير السائل، أنا الآن أجاوب على ما بين يدي، وقد يكون السؤال فيه فائدة فقهية.
نعتبر واحد يقول: هل يجوز شراء ألف دولار بأربعمئة دينار؟ والفرق في سعر السوق يؤخذ من أجل التصريف وكلاهما يعرف فرق السعر الطبيعي مع العلم أن سعر الألف دولار تقريبًا…..؟
أولًا: في الصرف أهل العلم أجمعوا على أن الصرف ينبغي أن يكون يداً بيد ، والشرع ما وضع قيمة إن اختلفت العملة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المتفق عليه: إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيفما شئتم يدًا بيد، وهاءً بهاء، والشعير بالشعير، والملح بالملح، والتمر بالتمر، مثلًا بمثل، سواء بسواء، ثم قال: « فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيفما شئتم إذا كان يداً بيد ».
مسلم (1587).
يداً بيد، ما يجوز الصرف ديناً ، فإذا حصل هاء وهاء: هات وخذ، وحصل يد بيد، جاز الصرف، هذا الأصل في موضوع العملة، لأنه العملة إذا أنا وإياك عملنا بيعاً وشراءً في العملة وبالدين الآجل، ثم اختلت قيمة العملة، فهذا عند العلماء من أسباب الخلاف ووقوع النزاع بين المتعاملين.
الآن السؤال: ما هو سبب هذا الفرق؟
الجواب: سعر السوق، يؤخذ من أجل التصريف.
أقول: بأي سعر شئت، بع واشترِ، بشرط يد بيد، وبشرط هات وخذ، شريطة أن لا تصادم نصاً آخر.
ماذا يعني النص الآخر؟
يعني مثلًا أولياء الأمور يرتبون ترتيبات معينة في بيع وشراء العملة، فواحد يعمل بعمل على فرض يضرر بالناس، يعني قد نسلم من الشرطين: هات وخذ وهاء بهاء، ولكن نقع في مخالفة أخرى وهو الضرر، والنبي صلى الله عليه وسلم -وهذه قاعدة عامة وقد رواها سبعة أو ثمانية من الصحابة-، قال: “لا ضرر ولا ضرار” سنن ابن ماجه(٢٣٤٠) وصححه الألباني.
لا ضرر تلحقه بنفسك ولا ضرار تلحقه بغيرك.
يعني بعض أخواننا يشتري بالتقسيط (مع زيادة الثمن) ويقول لك بيع التقسيط (مع زيادة الثمن)فيه خلاف.
لماذا تشتري وتبيع؟
قال: أنا بدي اشتري تقسيط وأبيع كاش، وأنا بدي فلوس.
طيب: بدك فلوس.
قالوا جماهير أهل العلم يجوز بيع التقسيط.
قلنا: جماهير أهل العلم يجوِّزوا التقسيط(مع زيادة الثمن).
وأنت يا مسكين تلحق بنفسَك الضررَ : يعني تأخذ إبرة مورفين وإبرة مخدرات، تحل المشكلة شهرين أسبوعين سنتين وبعدين، بكون عليك دين (١٠) آلاف دينار يصبحن (١٠٠) ألف دينار، بسبب أنك أنت الآن تحرق أسعار، فحرق الأسعار وتتضرر سائر التجار، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا ضرار، وبسبب حرق الأسعار أنك أنت تأخر مشاكلك، أنت ما تحل مشاكل.
والنبي يقول: لا ضرر ولا ضرار، والآن ما تقول بيع التقسيط العلماء اختلفوا، جائز ولا غير جائز، أنت تقول: لا ضرر ولا ضرار، أنت تضرر بالتجار، فالتجار الذين يتقون الله أنت تضرر بهم أولا.
وثانيا أنت تلحق الضرر بنفسك وهذا العمل حرام.
وأن تصبر على نفسك خير من أن يصبر الناس عليك سواء كان بيع التقسيط أو ليس بيع التقسيط، فأنت في المآل تقع في مثل هذه المخالفات.