http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/03/AUD-20170317-WA0068.mp3الجواب : الدعوى مع الدليل في السؤال غير متطابقتين، والدليل الذي في صحيح مسلم لا يدل على القنوت على الفجر على وجه الدوام، فالقنوت عند العلماء يطلق على أشياء ،منها طول القيام وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم:[ أحب الصلاة إلى الله طول القنوت ]
والمراد بطول القنوت طول القيام، ومنها الدعاء الذي يكون قبل الركوع أو بعده على خلاف بين أهل العلم في الوتر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر يقنت ويترك، وكان قنوته صلى الله عليه وسلم في الوتر قبل الركوع لا بعده، كان يقنت قبل أن يركع وهو قائم بعد أن يقرأ الفاتحة والإخلاص أو الفاتحة والإخلاص والمعوذتين يرفع يديه ويدعو ثم يركع، وذلك في الركعة الأخيرة من الوتر، وهنالك قنوت في الفجر عند الشافعية، والشافعية الصلاة عندهم أقسام غير الشروط والأركان والواجبات فالسنن عندهم قسمان: سنة تسمى سنن هيئات وسنن تسمى سنن أبعاض ،فسنن الأبعاض عند الشافعية تقابل الواجب عند سائر العلماء، فمن ترك سنة الأبعاض عند الشافعية أو الواجب عند الجماهير فعليه السهو.
الشافعية من بين سائر إخوانهم الفقهاء ،وأعني بهم المتأخرين جعلوا القنوت من سنن الأبعاض ،جعلوا القنوت في الفجر والمداومة على القنوت في الفجر من سنن الأبعاض ،واحتجوا بحديث رواه بعض أهل السنن عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: (ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت حتى فارق الحياة).
قالوا: ما دام أن النبي صلى الله عليه وسلم يقنت حتى فارق الحياة، فهذه سنة وهذه سنة من سنن الأبعاض ،هذا الحديث عند المحدثين لم يثبت حديث (ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت حتى فارق الحياة) لم يثبت مدار هذا الحديث على راوي يكنى أبا جعفر الرازي اسمه محمد ابن عيسى بن ماهان غمز فيه بعض النقاد وبعض الجهابذة الكبار من أمثال الإمام أبو زكريا يحيى بن معين، الحديث مداره على هذا الراوي وهذا الراوي يعني في حفظه شيء ولم يضبط هذا الحديث ،والذي يؤكد ذلك ما ثبت في الصحيحين في صحيح الإمام البخاري و صحيح الإمام مسلم وهما أصح الكتب ،حتى أن الجويني قال: لو أن رجلا حمل بيمينه صحيح البخاري وحمل بشماله صحيح مسلم وقال: زوجتي طالق إذ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال جميع ما في هذين الكتابين فقال: فزوجه لا تطلق ،لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال جميع ما في هذين الكتابين، في صحيحي البخاري ومسلم عن أنس قال: (قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على بني سلمة ( ذكوان ورعلا) ثم ترك) ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهر ثم ترك القنوت ،في البخاري ومسلم دعا شهر ثم ترك ،وفي بعض السنن (ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت حتى فارق الحياة) ، أيهما يقدًم ؟ والحديث حديث أنس هذا حديث أنس وهذا حديث أنس وبالتالي أصلا الحديث ضعيف ،ولذا ذكر مثلا ابن السُبكي في طبقات الشافعية ونقل عنه شيخنا رحمه الله تعالى في صفة الصلاة أن بعض أئمة الحديث من علماء الشافعية ما كانوا يقنتون ،لأن الحديث لم يثبت ،يعني أهل الصنعة الحديثية من علماء الشافعية كانوا لا يقنتون فهم يرون أن الدليل ضعيف أي حديث [ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت حتى فارق الحياة] ، ثم حديث صحيح مسلم ،حديث أنس [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت المغرب والفجر]هذا دلالة على أنه كان يقنت شهر ثم ترك كيف؟
القنوت الذي كان يقنته النبي صلى الله عليه وسلم ليس قنوت راتبة ،وإنما هو قنوت نازلة ،القنوت الراتب تقنت في كل صلاة فكل صلاة فجر تقنت ، وقنوت النازلة ما هو قنوت النازلة؟
تنزل بالمسلمين نازلة فيقنت حتى ترفع فإذا رفعت النازلة رفع القنوت، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يقنت الفجر فقط في صحيح مسلم كان يقنت في المغرب والفجر فكيف أنت يا أخي بارك الله فيك أيها السائل تقول: سجود سهو على من ترك القنوت في الفجر، وفي صحيح مسلم قنت النبي عليه السلام المغرب والفجر؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم في قنوت النازلة كان أحيانا ينتقي بعض الصلوات فيقنت فيها ،وكان أحيانا صلى الله عليه وسلم كما ثبت من حديث أنس أيضا في مسند الإمام أحمد (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت للصلوات الخمس)
أيام يقنت في الصلوات الخمس ،وكأنه في اوآخر النازلة لما كانت تضعف النازلة كان يقنت بعض الصلوات دون بعض ،ثم يتبع ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يترك القنوت بالكلية، يعني يقنت في الصلوات الخمس ثم بعد أن تمر النازلة وتضعف وتكاد تنتهي فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت المغرب والفجر ،ثم بعد حين يترك النبي صلى الله عليه وسلم القنوت بالكلية ،فإذا حديث صحيح مسلم حديث أنس لا يدل على القنوت الدائم في صلاة الفجر وإنما هو قنوت نازلة فكان صلى الله عليه وسلم يقنت في المغرب والفجر عند النازلة ،والشافعية لا يقولون بهذا ،الشافعية لا يقولون تقنت طوال العمر المغرب والفجر يقولون تقنت فقط في الفجر ليس بناءا على حديث مسلم رواية مسلم إنما بناءا على [ ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت حتى فارق الحياة]
وأزعم أني بحثت هذه المسألة بأسلوب سهل وبطريقة فيها توثيق وتدوين في كتابي(القول المبين في أخطاء المصلين) وبينت هذا إن شاء الله بما فيه مقنع ومشبع ،بما يشبع الإنسان ويقنعه بإذن الله تعالى ،والذي قلته هو خلاصة وزبدة ما قلت في الكتاب ،والله الموفق لا إله إلا هو.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
2016 – 1 – 22 إفرنجي
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.