السؤال الثاني:
إمام صلى بالناس، وبعد السلام قال للناس: إني لم أكن متوضئا، أعيدوا الصلاة، وجاء إمام غيره وصلى بالناس.
فهل هذا الفعل هو الصواب؟
الجواب :
هذا الإمام له صورتان:
الصورة الأولى :
أنه يتذكر أنه قد صلى وهو على غير وضوء.
فهذا الأصل فيه أن يتوضأ، وأن يصلي، وأن يُعمِّي على الناس، ولا يخبرهم.
قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ « الْمُوَطَّأُ »(115) : عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ ، ثُمَّ غَدَا إِلَى أَرْضِهِ بِالْجُرُفِ فَوَجَدَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلامَاً ، فَقَالَ : إِنَّا لَمَّا أَصَبْنَا الْوَدَكَ لانَتِ الْعُرُوقُ ، فَاغْتَسَلَ ، وَغَسَلَ الاحْتِلامَ مِنْ ثَوْبِهِ ، وَعَادَ لِصَلاتِهِ .
فليس له أن يخبر الناس.
أو الصورة الثانية :
أن يتذكر وهو في الصلاة، فحينئذ يستخلف، ويذهب فيتوضأ ويرجع.
أما في الصورة الاولى أن يقول للناس: أنّي غير متوضئ، أو أنّي جنب، وأنا صليت بكم صلاة غير صحيحة أو ما شابه؛ فلا ،فهو معذور.
فالقلم مرفوع عن الناسي، فهو معذور، والواجب عليه أن يتوضأ أو أن يغتسل، وقد ثبت في الصحيحين، وهذا لفظ مسلم (605) :
( أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَقُمْنَا فَعَدَّلْنَا الصُّفُوفَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ ، ذَكَرَ فَانْصَرَفَ ، وَقَالَ لَنَا : مَكَانَكُمْ ، فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا وَقَدْ اغْتَسَلَ ، يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً، فَكَبَّرَ فَصَلَّى بِنَا ).
فذهب ودخل واغتسل وصلى بالناس بالإقامة الأولى، وما أعاد الإقامة.
وبالتالي: لو أنك أقمت الصلاة ثم انشغلت ثم رجعت إلى الصلاة، فالإقامة الأولى تجزئك، ولا داعي إلى أن تقيم للصلاة ثانياً.
بل في رواية عند أبي داود :
عَنْ الحسن عن أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ أَنْ مَكَانَكُمْ ثُمَّ جَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَصَلَّى بِهِمْ ) .
رواه أبو داود (233).
ولذا وقع الخلاف بين أهل العلم فيمن دخل الصلاة وهو جنب، فمنهم من قال يبني، ومنهم من قال يستأنف (يبدأ بالصلاة من جديد).
والراجح أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كَبَّر، وتَذَكَّر قبل أن يُكَبِّر.
وعليه فالواجب أن يستأنف الإنسان إذا دخل الصلاة ثم تذكر أنه جنب، الواجب أن يخرج، ويستخلف، ثم يخرج، ثم يرجع، وهذا الرجوع يكون فيه استئناف للصلاة، وليس بناء على الصلاة السابقة.
سمعت شيخنا رحمه الله تعالى يقول:
لو كانت الحركة قليلة، والإنسان ما تغير عن القبلة، وتوضأ ورجع، فيبني.
وهذه صور أشبه ما تكون صور خيالية، وليست صورة واقعية ، بحيث أن إنساناً يبقى على القبلة، وما يتحرك عن القبلة، ثم يمشي قليلاً، ثم يتوضأ وهو مستقبلاً القبلة، فهذا عسر جداً.
وكيف ما كان، الصواب أن يستأنف من جديد، ولا يبني على ما سبق.
وهذا الإمام الذي سأل الأخ عنه هو مخطئ، وكلَّف الناس ما لا يطيقون، والله تعالى عز وجل رفع عنه.
فالواجب أن يستر على نفسه، وأن يخرج فيتوضأ ثم يعود.
والله تعالى أعلم.
⬅ مَجْـلِسُ فَتَـاوَىٰ الْجُمُعَة:
٢٥ – مُحَــرَّم – ١٤٤٠ هِجْـرِيّ.
٥ – ١٠ – ٢٠١٨ إِفْـرَنْـجِـيّ.
↩ رَابِــطُ الْفَـتْــوَىٰ:
⬅ خِدمَةُ *الـدُّرَرِ الْحِـسَانِ* مِنْ مَجَـاْلِسِ الشَّيْخِ مَشْـهُـور بنُ حَسَن آلُ سَـلْـمَان.✍?✍?
⬅ لِلاشْـتِرَاكِ فِي قَنَاةِ (التِّلغرام):
http://t.me/meshhoor
⬅ لِلاشْـتِرَاكِ فِي (الواتس آب):
+962-77-675-7052