السؤال: ما هي الأمور التي تساعد على حفظ اللسان؟
الجواب:
الأمور التي تساعد على حفظ اللسان كما قال الحسن البصري: (لسان العاقل من وراء قلبه، فإذا أراد الكلام تفكر، فإن كان له قال، وإن كان عليه سكت، وقلب الأحمق من وراء لسانه فإذا أراد أن يقول قال، فإن كان له سكت، وإن كان عليه قال).
(لسانه من وراء قلبه): يعني يمرر الذي يريد أن يقوله على قلبه، فإن المؤمن يستر ولا ينشر.
(وقلب الأحمق من وراء لسانه): ينشر ويفضح، ولا يستر.
فالإنسان إذا أراد أن يحافظ على لسانه: فأهم أمر، أن يجعل لسانه من وراء قلبه.
المعنى: أن الكلام قبل أن يتكلم به، ماذا يفعل؟
يفكر فيه، فرب كلمة تقول لصاحبها دعني.
يقول بعض السلف كما عند أبي الدنيا في كتاب الصمت: الكلمة كالثور يخرج من جحر، ثور يخرج من جحر نملة؛ فإذا خرجت: لا تعود.
فالمطلوب من العبد أن يتفكر قبل أن يتكلم.
ومن صفات المؤمنين: الكلام الذي لا ينفع لا يقولونه.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: ٣].
ما اللغو؟
ليس اللغو الكلام القبيح، ولا الكلام الحرام، ليس الغيبة ولا النميمة، ولا الكلام البذيء، اللغو: هو الكلام غير المفيد.
لذا: الإنسان إذا لزم الصمت لُقِّن الحكمة.
لذا عرف عن بعض علمائنا، ما قال كلمة إلا وكتبت:لأن كلامه قليل.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من صمت نجا) كما في الصحيحة عند شيخنا الألباني برقم ٥٣٦.
الصامت ناجي.
ما يوجد رجل صامت نادم.
والذي يندم هو الذي يتكلم ويتعجل، فالإنسان يسكت، ويسكت، ويسكت، ووقت الكلام الذي يريد أن يقوله: يقوله.
لذا من سمات العلماء وسمات أصحاب الفهم في المجالس: لا يبدأون بالكلام، يسمعون ويختمون بكلمة تجمع الخير كله، وتبين الزيف كله.
لذا الله تعالى لما قص علينا قصة موسى مع السحرة قال: ﴿قالوا يا موسى إِمّا أَن تُلقِيَ وَإِمّا أَن نَكونَ أَوَّلَ مَن أَلقىقالَ بَل أَلقوا فَإِذا حِبالُهُم وَعِصِيُّهُم يُخَيَّلُ إِلَيهِ مِن سِحرِهِم أَنَّها تَسعى﴾[طه: ٦٥-٦٦].
قالوا له: تلقي أم نلقي؟.
فمن الذي ألقى أول؟ موسى أم السحرة؟
السحرة أول، فهو ألقى بعد ذلك.
فقال علماؤنا: في المناظرة أهل الحق يؤخِّرون.
لذا: الله تعالى يقول:﴿بَل نَقذِفُ بِالحَقِّ عَلَى الباطِلِ فَيَدمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الوَيلُ مِمّا تَصِفونَ﴾[الأنبياء: ١٨].
من يسبق الحق أم الباطل؟
الباطل يسبق.
الله يقول: {بل نقذف}: فإذا أنت جلست في مجلس ما تهاوش(هاوش أي: ثار واضطرب).
وصار فيه ذكر خلل وباطل: اتركهم يتكلمون.
وإذا جلست في مجلس وجب عليك لله فيه مقام: فقل، ولا تجبن، قل.
لكن: أخِّر كلمتك اقتداءً بموسى عليه السلام.
فالذي يعين على الصمت: أن تعلم هذا.
أن تعلم أن الحق هو الأصل.
المؤمن وهو يتكلم مع زوجته، وفي عمله، يسمع كلمات، يرى بعض الكلمات ما لها داعي وما فيها فائدة.
كلمة حق ليس فيها فائدة: يسكت ما يتكلم، بعض الكلام ما منه فائدة.
كلام الناس أقل من القليل منه نافع.
فالأصل في المؤمن ألا ينشغل إلا بالحق.
لذا قالوا: (الكلمة الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها فهو أحق بها).سنن ابن ماجة ٤١٦٩ وقال الألباني: ضعيف جدا.
هذا ليس بحديث لكن معناه صحيح.
والنبي-صلى الله عليه وسلم- علمنا؛ فقال لأبي هريرة-رضي الله عنه- قال: (صدقك وهو كذوب) كما في البخاري٢٣١١.
لما الشيطان علَّم أبا هريرة -رضي الله عنه- أن يقرأ سورة الكرسي.
حتى من العدو، وحتى من الشيطان: إذا قال حقا أخذناه.
من صفات أهل النار قال تعالى: {وكنا نخوض مع الخائضين} [المدثر: ٤٥].
يعني: ذُكِرت سيرة فلان: يصبح كأن ليس له حرمة: فتخوض يمينا، وشمالا، وتقول الذي تريد!!!.
بل قل: اخواني: اتركوا هذه القصة، ما الفائدة من هذا الكلام كله؟.
فالانسان يحفظ لسانه، إذا علم أن الله يراقبه.
والإنسان يحفظ لسانه، إذا علم أن تأخير القول هو الأصل، تأخير الحق هو الأصل ليس هو البداية.
لذا: أكثر الناس من أهل الحق إذا ناظر المبطلين، إذا بدأ هو يتكلم، يُمسك له مسألة، ليس لها صلة في الموضوع، ويدقق فيها، ويركز عليها، وصاحبها لا يريدها.
أنت انتظر لا تستعجل، لما يتكلم هو، وبعدها أنت تتكلم، لقوله تعالى: {بل نقذف}.
المجلس الحادي عشر من مجالس رمضان 2016✍️✍️
رابط الفتوى: