[ واجب تعلُّم أحكام التبعُّـض والتجزُّؤ في هذا الزمن ]

[ واجب تعلُّم أحكام التبعُّـض والتجزُّؤ في هذا الزمن ]

قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
بعض الناس لما يرى العلم ثقيلاً ؛ يطلق عبارات خطيرة، لكن للأسف، الناس الآن الكل يتكلم بما يريد!

بعض الناس يقول لك:
“الصحابة -طبعًا من باب أولى من بعدهم- ما كانوا يعرفوا أصول فقه، ولا كانوا يعرفوا لغة، ولا يعرفوا علوم تفسير، ولا يعلمون اللغة العربية،” هذا صحيح أم خطأ ؟
خطأ خطأ، طيب، نترك هذه بعد قليل، نرجع لها بعد أن نكمل الحديث.

يقول عبد الله بن مَعْقِل:
“جلست لكعب بن عُجْرَة فسألته عن الفدية فقال: “نزلت فيّ خاصة ولكم عامة”.

يعرفون أصول الفقه ؟!
كعب يعرف أصول الفقه ؟!
هذا هو كلامه ، لذا “العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب”، كانوا يعلمون ذلك، كانوا يعلمون ذلك سليقةً.

فقهاؤنا وعلماؤنا ومشايخنا السابقين ممن لم ندركهم، واللاحقين ممن أدركنا، ينطلقون من سجية، من شيء مطبوع -فيهم- ، فاصبح الفقه واستنباط الفقه جزءاً منهم كاليد والكبد والظاهر والباطن.

الفقه، مع الزمن تتكاثر المشاكل، فلما تتكاثر المشاكل تبدأ العلوم تتفرع، أبو الأسود الدؤلي كلفه علي رضي
الله عنه أن يكتب قواعد النحو لما سمع رجلًا يقرأ قول الله:
﴿ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ …﴾ (التوبة: 3)

قرأها :
( إِنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِه) ، فغضب علي، فطلب من أبي الأسود الدؤلي التابعي الجليل، قال: “دَوِّنْ لي علم النحو”، لماذا دَوِّن علم النحو؟
لما وقع اللحن.

إذا اللحن غير واقع والسجايا صحيحة ما في حاجة لتدوين علم النحو.

الآن الفتن :
أنا الآن أوجب – على طالب العلم- بل على من تلبس بالفتن ودخل بها أن يعرف قواعد السلف في معرفة الفتن حتى يتجنبها، ما وجدت أحداً يقول بقولي هذا ، لماذا؟ كان الناس في عافية، وكان الناس الفتن قليلة، وكان الناس بعيدين عن الفتن.

أما إن لَم تنجو من الفتن (إلا أن تَعلمَ قواعدها)، فالواجب عليك أن تتعلم قواعدها ، لا لذات العلم وإنما لكي تنجو، هذا الأمر مختلف من وقت لوقت ومن عصر لعصر.

أحكام التبعُّـض والتجزُّؤ التي غابت عن الناس في الأحداث الجسام التي تحصل هذه الأيام، وجب الآن أن نعلم أحكام التبعُّـض والتجزُّؤ، هي في كلام فتاوى علمائنا ومشايخنا الذين أدركنا كانت سجية، يفرقون بين حال وحال، وبين صورة وصورة، وبين حرب وحرب إلى آخره، يأتيك واحد يطلق الكلام على عواهنه، هذه مشكلة !

الشاهد:
أن كعب بن عُجْرَة قال: “نزلَت فيَّ خاصة وهي لكم عامة”، هل يجوز لي -حتى أقرب ما أريد- وأسأل الله التوفيق، هل يجوز لي ولك أن نقول أن الصحابة الذين عاشوا في جزيرة العرب -جزيرة العرب حارة يغلب عليها الحرارة لا البرودة- هل يجوز لنا أن نقول أن الصحابة ليس عندهم معاطف يَرُدُّون بها البرد؟

الجواب :
لا، حتى ينزل المطر، فنفحص، فإن نزل المطر ننظر: الصحابة عندهم المعاطف ولا ما عندهم المعاطف ، ولكن إذا ما في داعي للمعاطف، وما في برد، وما في ثلج، مش لازم نبحث فنقول:
الصحابة ليس عندهم معاطف، فلما تقع الحاجة للمعطف يتبين لك أنهم كان عندهم، إذا نزلت الحاجة، لا أتكلم عن المعطف، أتكلم عن العلم، أتكلم عن قواعد العلم.

فكانت لما تنزل النوازل يُظهِرون العلم وما كانوا فضوليين ، أسأل الله أن يرحمنا، قال كعب:
إذاً خرجنا بأن الصحابة يعرفون النحو ، لكن يعرفونه سليقة، يعرفون أصول الفقه سليقة، يعرفون علوم القرآن سليقة، ثم هذه السليقة مع الزمن تطورت فوضعت في الكُـتب، فأصبحت موجودة في الكتب.

المسلمون يعيشون بين جمود وجحود، جامد وجاحد، جامد وجاحد، ومن نجا من الجمود أو من الجحود فهو بخير، وأي موقف تريد أن تتخذه ينبغي أن تتذكر آفة الجمود وآفة الجحود، وأن تفر من هاتين الآفتين، والسعيد من كان هذا حاله.

المصدر:
الدرس الحادي عشر – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن
الموافق :
02 ربيع الآخر 1447 هـ
24 سبتمبر 2025 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ واجب تعلُّم أحكام التبعُّـض والتجزُّؤ في هذا الزمن ]