السّؤال: ما هُو السّبيل لترك الغيبة؟

السّؤال:

ما هُو السّبيل لترك الغيبة؟

الجواب:

تذكّر قول الله -تعالى-:

{…أَيُحِبُّ أَحَدُكُم أَن يَأكُلَ لَحمَ أَخِيهِ مَيتًا فَكَرِهتُمُوهُ…} [الحُجرات:١٢].

شَبَّهَ اللهُ -تعالى- المُغتابَ بأنّهُ يأكلُ لحمًا، وهذا اللّحمُ قال: لحم أخيه، وحتّى تزداد البشاعة والشناعة قال: ميتًا، أخوك ميّت، [وأنت] تقطعُ من لحمه وتأكله.

من المغتاب؟ أخّسّ النّاس وأدنى النّاس وأسوأ النّاس.

واعلم أنّ المُغتاب يبحثُ عن عيوب النّاس، بعضُ الطّلبة -باسم العلم- للأسف كالذّباب، لا يقعُ إلّا على الجُروح، المؤمن إن رأى جرحًا أو إن رأى عورةً أو إن رأى حُرمَةً يُغطّيها، يُغطّيها ويدعو لصاحبها.

بعضُ النّاس يبحثُ كالذّباب، لا يقعُ إلا على الجُروح، يوجد جرح، يوجد قيل وقال يكبر وهذا السّاقط الهابط ليس له همٌّ إلّا أن يبحث عن عيوب النّاس.

(لا)، ليس هكذا الدّين!

نحنُ حينَ نرى العورة نسترها، فنبيّنُّ أنّها عورة، ولا نبحثُ عن كشف العورات، ولا نبحث عن معايب النّاس.

بعضُ النّاس قائم قاعد نائم راقد جالس، عمله أن يطعَن فيك، وهذا مآله عند الله خطير، وخاتمته من أسوأ النّاس.

بعضُ النّاس -نسأل الله العافية- إن مات تنبعث منه الروائح الكريهة، يتغير بدنه، تجدُ سوادًا على وجهه، هذا الذي يبحث عن عيوب النّاس، ويبحث عن عورات النّاس، وبعض النّاس تراه كأنّه حيٌّ.

كُن طيبًا ولا تنظر لإخوانك إلا وهم على أحسن حال، وإن بلغك عن أحدٍ سوءٌ؛ قُل: لعلّه تاب.

أبو حامد الغزالي في كتابه “الإحياء” قال: (إذا رأيت عاصٍ قبل أن تفارقه فالواجب عليك أن تعتقد أنّه تاب قبل أن تفارقه).

وأرح رأسك، هذا تاب، أرح نفسك.
بعضُ النّاس يقول لك: يا أخي، أنا قلت هذا وتبت.

قال: أنتَ توبتُك غير مقبولة، هل أنت الله -عزّ وجلّ-!!؟
هو يقول: تبت، ما شأنك أنت؟

هو يقول: ألستَ أنت تريد أن تقول أنّ هذا حرام؟ أنا عرفت الحرام، وتبت، [انتهى].

وبعضُ النّاس -نسأل الله -عزّ وجل- العافية- لا قدَّرَ الله، لا قدّرَ الله.

سمعتَ شابًا يسبّ الدّين -للأسف-، و للأسف هذا كثيرٌ في واقعنا، وموجود عند جيراننا وعند أقاربنا…
سمعتَ رجلاً -لا قدّرَ الله- يشتم الدّين، غِرتَ فنهرته، وأنكرت عليه، وقلت له: حرام عليك، كيف تفعل هذا؟!
فقال: أنا ما قلت.
لا تقل له: لا، أنتَ قلتَ وشتمتَ، بل قل له ما قلت ما قلت وخلاص وانتهى.

ثبت في البخاري -والله كنت أظن أن هذا ليس بصحيح- عن أبي هريرة رضي الله عنه.
رَأَى عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ، فَقالَ له: أَسَرَقْتَ؟ قالَ: كَلَّا وَاللَّهِ الذي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقالَ عِيسَى: آمَنْتُ باللَّهِ، وَكَذَّبْتُ عَيْنِي.
أخرجه البخاري (3444)، ومسلم (2368)

لماذا أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم  عن هذا؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ما باعثه وما مراده في إخبار أمته في هذا الحديث؟ ماذا يقول؟
إذا قال ما فعلت ما فعلت خلاص.
انت لا تحاسب عنهم.
المهم أن هذه المعصية الله لا يؤاخذنا بسببها وبسبب فُشوّها وانتشارها بين الناس.
فإذا قال ما قلت، خلص ما قلت وحسابك عند الله مش عندي.
فالشاهد بارك الله فيكم بعض الناس يقولون الذي يغتاب يُطعِمه الشيطان عسلاً، الذي يغتاب يُغطّي قُصُوره بانتقاص غيره، المغتاب لمّا يغتاب هو مليء بالمعاصي فلما يغتاب غيره يغطي عيوبه بذكر عيوب غيره.
فالإنسان الذي على صلاح ويضبط كلامه أكثر ما يضايقه الغيبة، ليس فقط الغيبة بل الذي يحوم حول الغيبة، يعني أمر بتحتار فيه مشروع ممنوع سكر الباب وغلّق على نفسك ما تنشغل بهذا.
وقل فيَّ من العيوب ما يكفيني وأسأل الله أن يعيني على نفسي وأني أعالج عيوبي، أسأل الله عز وجل أن يعيننا على أن نعالج عيوبنا ولا ننشغل بعيوب الناس.
وهذا لا يلزم أن يُفهم من كلامي أن أئمة الضلالة والفساد لا يُحذَّر منهم ولا يُنكَر عليهم، معاذَ الله لا أريد هذا.
من كان ضالاً وضلالته ظاهرة وواضحة فهذا الواجب أن نُحذر منه، لكن ليس هذا عملنا، إذا دعت الحاجة فالتحذير من هذا واجب.
الله عز وجل في القرآن الكريم في قصص الأخبار ذكر الله جل في علاه الضالين، وذكر فرعون وهامان وبيّن ضلالهم وما شابه.

⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٣ – صفر – ١٤٤٤هـ
٩ – ٩ – ٢٠٢٢م

↩ رابط الفتوى:

السّؤال: ما هُو السّبيل لترك الغيبة؟

⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor