السؤال: أحسن الله إليكم ،  سؤال يتبادر إلى الذهن كثيراً. هل طلبة الشيخ الألباني -حفظهم الله تعالى- يعتمدون على تخريج الشيخ الألباني -رحمه الله- للأحاديث؛ أم يجتهدون؟

السؤال:
أحسن الله إليكم ،  سؤال يتبادر إلى الذهن كثيراً.
هل طلبة الشيخ الألباني -حفظهم الله تعالى- يعتمدون على تخريج الشيخ الألباني -رحمه الله- للأحاديث؛ أم يجتهدون؟

الجواب:
جزاك الله خيرا.
شيخنا الألباني -رحمه الله- لا يقبل التقليد.
وأنا العبد الضعيف كتبت في كثير من حواشي كتبي في التخريج تعقبات على الشيخ الألباني -رحمه الله-.
وأذكر في أول مرة تعقبت الشيخ الألباني -رحمه الله- أذكر حادثتين. الحادثة الأولى:
حديث عند الطبراني ، لحديث عبدالله بن عباس :((إنما الأذنان من الرأس )) كتبت عليه قرابة أربعين صفحة في تعليق لي على “الخلافيات” الطبعة الأولى ، طبعا أنا الآن الشيخ الشيخ الألباني -رحمه الله- كان حيا يقول هذه الطريق لم يطَّلع عليها أحد ، وبسببي حسن الحديث ، والطريق فقط عند الطبراني، أوليت لهذه الطريق عناية خاصة ، تبيَّن لي أنها شاذة ، برهنت على هذا بوجوه وطوَّلت ، لكني خشيت الشيخ الألباني -رحمه الله-
، للشيخ مهابة حقيقة ، فاحترت ماذا أعمل ؟
قلت أحسن شيء أصفَّ المادة قبل أن أنشرها ، وأرسلها للشيخ قبل أن أنشرها ، ولا أريد المواجهة ، ما أريد التقي بالشيخ ، أرسلها على الفاكس ، اتصلت بالشيخ ، سلمت عليه ، قلت يا شيخ لي ملحوظة على حديث ذكرته في السلسلة الصحيحة الأولى ، قال : أي حديث ؟ قلت :(( إنما الأذنان من الرأس )) قال ما رأيك ؟
قلت : أنا عندي ما ثبت ، وكتبت كلام طويل ، وأنا أرغب أن ترى كلامي. قال لي : أرسله على الفاكس ، ما كان في ذاك الوقت إلا الفاكس ، قال : أرسله على الفاكس ، وتواصل معي . قلت : جزاك الله خيرا. وحصل المطلوب  ، فأرسلت الحديث على الفاكس ، واعتنى الشيخ به ،أنا ما أدري هل وصل إليه ، فرأيته بعد فترة ليست ببعيدة ، فشكرني ، وقال : أنت أصبت ، وأنا أخطأت ، وفي الطبعة الجديدة سأنبِّه على خطأي ، الشيخ يقول : في الطبعة الجديدة سأنبِّه على الخطأ ، والآن الطبعة الجديدة من السلسلة الصحيحة المجلد الأول في آخر المجلد تراجعات ، وتحقيقات في آخر مجلد ، فذكر اسم العبد الضعيف ، والتعقب ، وكذا وقبله في آخر المجلدة الأولى من الطبعة الجديدة للكتاب ، فكانت هذه سهلة ومضت بأمان.
ثم تبرهن عندي في حديث :(( أرحم أمتي بأمتي أبوبكر )) الحديث الطويل ، وآخر ما في الحديث :(( ألا وإن لكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبوعبيدة )) هذا الحديث الأخير في الصحيحين ، وأما :(( أرحم أمتي بأمتي ، وأشدهم في دين الله ؛ عمر ، وأقضاهم ؛ علي ، وأفرضهم ؛ زيد ، وأعلمهم بالحلال والحرام ؛ معاذ …)) إلى آخر الحديث.
تبرهن عندي أنه من قول قتادة ، فصار فيه إدراج ، أدرج في متن الحديث ، وهو لم يثبت من المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فكتبت قرابة خمسين ، ستين صفحة بخط يدي، وطولت ، وطولت كثيرا في تلك الأوراق ، ثم اتصلت بالشيخ ، في هذه المرة الشيخ قال : تصلي الفجر عندي ، وتأتيني ، قلت : لا حول ولا قوة الا بالله ، هذا الذي كنت أحيد عنه ، قال : تصلي الفجر في مسجد بجانب بيتي وسمَّى لي المسجد ، قال : و تأتيني بعد الصلاة .
احترت ماذا أعمل ؟
قلت: أحسن شيء ؛ أن آخذ معي الأوراق وأبدأ (اقرأ من الأوراق  ) اقرأ .
فذهبت إلى الشيخ ، قال : ماذا عندك ؟
قلت : والله يا شيخ كتبت الأوراق ، ترى أضعها وأمشي ، كانت مصوَّرة.
قال لي : لا ، اقرأ ، فرأيت أن الشيخ ، والله أعلم يُريد شيئا آخر ، يُريد مني شيئا في هذا المجلس غير القراءة ، استفدت كثيرا من ذلك المجلس، والشيخ في آخر المجلس وضع كتاب الصحيحة الثالث أمامه ، واضع الحديث أمامه ، ثم بعدما قرأت يقول لي الشيخ هات لي طريق فلان وووو، فكان الشيخ معه دائماً قلم غريب ، ما أعرف تعرفوه ، أم لا ؟ هو ليس قلم حبر ، ولا قلم رصاص ، الشيخ يكتب بقلم اسمه قلم كوبيا ، ما أدري تعرفون قلم الكوبيا ؟ قلم الكوبيا قلم يحتاج إلى بلل ، يعني رأس القلم يُوضع في شيء بين الحين والحين فيه بلل ويكتب ، الخط خط رصاص ، لكن الخط ثابت كالحبر وزيادة، يعني لا يُمحى ، طبعا الشيخ متأنِّق جدّاً في طرق استخدام الوسائل ، والكتابة ، أناقة عجيبة جدا ، فالشيخ ما كان يكتب بحبر ، ولا برصاص ، كان يكتب بخط الكوبيا ، وأقلام الشيخ معروفة ، فالشيخ جالس وراء مكتبه ، وأنا مقابله ، فبعد أن فرغت فالشيخ يكتب ، ويسمعني ، يكتب على الصحيحة الآن ، فكتب : ينقل إلى الضعيفة ، -إي والله – إلا قوله صلى الله عليه وسلم :(( ألا وإن لكل أمة أمين )) فهذا المقدار الثابت.
ففرحت.
فكان درسا تربويا أكثر منه علمي .
حقيقة شيخنا العجيب من أمره ، وهو من علامات القوة في العلم ، الشيخ يسمع لكل أحد ، وإذا واحد يُريد يناقش الشيخ حتى الدجاجلة والكذابين ، والسحرة ، والشيخ رأى أنه عنده وقت ، أو يحتاج وأحيانا الشيخ دوافع قبوله للناس أنه هو يُريد أن يفضفض عن نفسه ، يعني هو بدو يرتاح ، فهذا يستفيد منه.
مرة جيء له برجل يدَّعي علم الغيب ، فقال : أريد أن أناقش الشيخ .
قالوا: يا شيخ ! واحد يدعي علم الغيب يُريد أن يناقشك.
فقال الشيخ : دعوه يحضر.
الشيخ يقول : أنا ما عندي مزح ، فجلس لنقاش موضوع علم الغيب ، فالشيخ سأله سؤال ، فقال له لي شرط ، فقال : ما هو الشرط .
قال الشيخ : انتهت المناقشة.
فأنت تدعي علم الغيب ، وهذا علم غيب وما عرفته .
فالشيخ كان يسمع لكل الطلبة.

فجواب السؤال المباشر ، العلم قواعد ، فالشيخ قد يصيب ، وقد يخطئ ، لكن مجمل صواب الشيخ هذا الذي نعتقده ، وهذا الذي نراه ، فالخطأ إن وقع يقع ، ما يسلم منه أحد ، أبى الله إلا أن يتم كتابه كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ، فالشيخ فيما نعلم ، وفيما تبرهن عندنا أن الشيخ رحمه الله تعالى مصيب في أحكامه ، ومع هذا العلم حجة ، وبرهان ، ودليل ، فمن وافق الحجة ، والبرهان ، فعلى العين ، والرأس ؛ ومن خالفهم فليس كذلك ، الشيخ دقيق ، كثير من الناس لاينتبهون ، ويخلطون في أصول المسائل ،  فالشيخ دقيق ، ودقيق للغاية في كثير من أحكامه ، ووجدت في بعض نواحي أفعاله أو تخريجاته على وجه التخصيص شبيه بابن القطان في بيان الوهم والإيهام ، ابن القطان يدقق على ألفاظ ، يعني قد يصحح من الحديث ألفاظ ، فالشيخ لا يُلقي حكما لحديث بتمامه وكماله.
لذا أنا تعبت ، الله أكرمني اختصرت سلسلة الأحاديث الصحيحة في مجلدة ، تركت التخريج ، ذكرت اسم الصحابي ، و متن الحديث ، وكتبت رموزاً لمن خرج الحديث ، فخرجت معي السلسلة كاملة في مجلدة ، يا ليت بعض طلبة العلم يعملون على شرحها ، يا ليت لو واحد شرحها فهذا طيب ، الآن السلسلة الضعيفة، شجعني عملي في الصحيحة ؛ أن أعمل للضعيفة اختصاراً في مجلدة ، فلما بدأت اشتغل على الضعيفة ؛ تعبت وما استطعت أن أخرجها إلا في أربعة مجلدات ، ما استطعت أخرج الضعيفة في مجلدة ، ما استطعت أن أخرجها إلا في أربعة مجلدات.
لماذا ؟
الشيخ يذكر الحديث ، ثم يضع نقاط بين الفقرة والأخرى ، هذه النقاط اضطرتني ارجع للمصدر ؛ فعرفت المحذوف من السلسلة الصحيحة ،
لماذا الشيخ حذف هذه الفقرات؟
لأن الحديث طويل فقد يسقط الشيخ منه فقرة ، أو فقرتين ، عبارة ، أو عبارتين ، أو أكثر ، فتبيَّن أن الشيخ يُحسِّن هذا الحديث بشواهده ، وطرقه ، وأحيانا التحسين لا يكون في كتب الشيخ فيكون من خلال دراسة مستقلة ، الشيخ أجراها ، فبيَّنت المحذوف ، وسرَّ الحذف في الحاشية فطال معي الكتاب ، ويفيد في معرفة منهج الشيخ في التصحيح ، والتضعيف ، أو شيء من منهج الشيخ في التصحيح ، والتضعيف، فالشيخ يُعامل معاملة غيره من العلماء ، والعلم بحث ، وتحقيق ، والبحث لا يقبل الجمود ، وليس التقليد علما.
والله تعالى أعلم.    ✍️✍️

↩️ الرابط:

السؤال: أحسن الله إليكم ،  سؤال يتبادر إلى الذهن كثيراً. هل طلبة الشيخ الألباني -حفظهم الله تعالى- يعتمدون على تخريج الشيخ الألباني -رحمه الله- للأحاديث؛ أم يجتهدون؟

⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor