السائل: شيخنا: ذكرتم العز بن عبد السلام، أريد أن أسأل عن مكانته العلمية، وخاصة أن كثيرًا من المتصوفة يتعلقون بكلام له في جواز الرقص، والوَجد، بل هو ربما كان يفعل هذا شيخنا، والعز كذلك كما تعلمون أشعري، وبعض الأشاعرة يتعلقون ببعض كلامه، ويقولون إن كان العز وهذه مكانته العلمية فيستدلون بأقواله على صحة مذهبهم. شيخنا ما هي مكانة العز العلمية؟ وكيف يُرد على مثل هذا؟

السائل:
شيخنا: ذكرتم العز بن عبد السلام، أريد أن أسأل عن مكانته العلمية، وخاصة أن كثيرًا من المتصوفة يتعلقون بكلام له في جواز الرقص، والوَجد، بل هو ربما كان يفعل هذا شيخنا، والعز كذلك كما تعلمون أشعري، وبعض الأشاعرة يتعلقون ببعض كلامه، ويقولون إن كان العز وهذه مكانته العلمية فيستدلون بأقواله على صحة مذهبهم.

شيخنا ما هي مكانة العز العلمية؟ وكيف يُرد على مثل هذا؟

الجواب:

أوَّلًا العز إمام من الأئمة، وكتبه ولا سيما “قواعد الأحكام” وهو كتاب بديع ومهم للغاية في هذه الأيام، لأنه قام -ولعلي ذكرت هذا في اللقاء الماضي- على ازدحام المصالح والمفاسد، والقواعد التي ينبغي أن تُعتمد عند الازدحام، وازدحام المصالح والمفاسد ينبني عليها جُلّ الفقه الذي يحتاجه الفقيه في هذه الأيام.

يقول مصالح ومفاسد وتختار الأقل، لكن الاختيار الأقل أو الأكبر كيف يُعرف، ففي داخل هذه القاعدة الكلية قواعد جزئية كثيرة ذكرها العز بن عبد السلام.

العز بن عبد السلام كُنيته أبو محمد، -وهذه رحلة تسمعها بكلمتين لكن حقيقة لم أقف عليها إلا بعد سبر طويل وتعب شديد-، شيخ الإسلام وابن القيم يناقِشون العز ولا يسمونه، يقولون: (قال أبو محمد) لأن العزَّ له هيبة، وهيبتُه شديدة غاية، ولا سيما في الشام.

العز بن عبد السلام أدرك بعض أئمة الضلال، وحَكم عليهم بالضلال، من أمثال ابن عربي الصوفي، ابن عربي الصوفي لما سئل العز عنه قال: (دجال، كذاب) فلما سُئل: وكذَّاب؟ قال: التقيتُه، وقال لي أنه تزوج من جواري الجن، وله ثلاثة أولاد منها، ورأيت شجة في وجهه، فقال: غضبتْ عليّ هذه الجنيَّة وضربتني، قال: فلم أره بعدها.

فالشاهد العزّ بن عبد السلام شديد على خرافات الصوفية، وصوفيتُه صوفية بالجملة منضبطة.

وأما الوَجد الذي أشرتَ إليه في كلامك، ويفرِّق بين من يرقص عن عمد، وبين من أخذه الوجد فتحرك من حيث لا يشعر بالوجد الذي أخذه.

وهذا شبيه جدًّا بكلام شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، أما أنه كان يقوم ويرقص؛ فهذا ليس بصحيح، إذا كان يقوم ويرقص في الحِلَق ليس بصحيح.

وأما موضوع العز -رحمه الله تعالى- وما يُذكر أنه أشعري فهو كذلك، وكان الناس في ذاك الزمان على مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري، ومذهب الإمام أبي الحسن الأشعري مقبول بالجملة، وتوسَّع في موضوع الصِّفات وعدم تمشيتها على ظاهرها، هذا صحيح.

لكن يا ليت الناس على مذهب العز، اسمع ماذا يقول العز في كتابه “قواعد الأحكام” والكلام موجود في الجزء الثاني (ص273-275) لكن سأنتقي كلمة وعبارة مهمة جدًّا، اسمع العز ماذا يقول؟

يقول: “ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلِّدين يقف أحدهم على ضعف مأخذِ إمامِه بحيث لا يجد لِضعفه مَدفعًا، وهو مع ذلك يُقلِّده فيه، ويترك من شهد الكتابُ والسُّنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودًا على تقليد إمامه، بل يتحيَّل لدفع ظواهر الكتاب والسُّنة، ويتأولها بالتأويلات البعيدة الباطلة، نضالًا عن مُقلِّده، وقد رأيناهم يجتمعون في المجالس، فإذا ذُكر لأحدهم خلاف ما وطَّن نفسَه عليه تعجَّب منه غاية التعجُّب، من غير استرواح إلى دليل بل لما ألِفه من تقليد إمامه، حتى ظنَّ أن الحق منحصِرٌ في مذهب إمامه، ولو تدبَّره لكان تعجُّبه من مذهب الإمام أولى مِن تعجُّبه من مذهب غيره”.

يقول: -وهذه نصيحة نفيسة وغالية من العز رحمه الله-: “والبحث مع هؤلاء ضائع، مُفضٍ إلى التقاطع والتدابُر من غير فائدة مُجدية، وما رأيتُ أحدًا رجع عن مذهب إمامِه إذا ظهر له الحق في غيرِه، بل يُصرُّ عليه مع عِلمه بضعفه وبُعده، والأولى تركُ البحث مع هؤلاء الذين إذا عجز أحدهم عن تمشية مذهب إمامه، قال: لعل إمامي وقف على دليل لم أقف عليه ولم أهتدي إليه، ولا يعلم المسكين أن هذا مقابل بمثله، ويفضل لخصمه ما ذكره من الدليل الواضح والبرهان اللائح، فسبحان الله! ما أكثر من أعمى التقليدُ بصرَه! حتى حمله على مثل ما ذكرتُه.” إلى آخر كلامه.

كلام جميل، وكلام حقيقة بديع، وكلام مُعظِّم للدليل.

بل حقيقة من أعجب ما وقفتُ عليه في كتابه، وفي هذا ردٌّ قوي على مَن زعموا أن شيخَنا الألباني لما قسَّم السُّنن إلى صحيح وضعيف قال: ابتدع بدعةً ما سُبق إليها؛ “صحيح أبي داود” و”ضعيف أبي داود”، و”صحيح الترمذي” و”ضعيف الترمذي” وهكذا، فوجدت عبارة في “قواعد الأحكام” لِلعز يقول: “والمحدِّثون اندثروا هذه الأيام، وعصر الرواية انتهى، والآن الواجب فَصل الصحيح عن الضعيف من كتب السُّنن” يقول: واجب، فهو سبَق زمانَه.

هنالك مجموعة من الأعلام الكبار نوَّر الله بصيرتَهم، وقعَّدوا، وانطلقوا من النصوص الشرعية، من نصوص الوحي، ومن القواعد الدالة المأخوذة من هذه النصوص، فتكلَّموا، وكان في كلامِهم بركة، ويحتاجها الناس إلى يوم القيامة، ومِن أمثال هؤلاء العز بن عبد السلام، ومن أمثال هؤلاء ابن عبد البر، البيهقي له تجليات بديعة…. إلخ، ومنهم ابن تيمية ابن القيم، وما شابه.

بارك الله لي ولك فيما نقول ونسمع.

السائل: حفظكم الله شيخنا، شيخنا وكذلك وقفتُ في المقابل للعز على كلامه في “قواعد الأحكام” كذلك، كيف يوجه شيخنا، إن شئت قرأتُه عليك باختصار.

الشيخ:
أنا ما أريد أن يكون كلامي فقط عن العز، ننتقل لأشياء أخرى عملية، ولعل في مثل هذه الشنشنة والدندنة العامَّة ما تجعلنا نحث أن نقرأ كتب هؤلاء الأئمة، وأن نستفيد منها. ✍️✍️

↩️ الرابط:

السائل: شيخنا: ذكرتم العز بن عبد السلام، أريد أن أسأل عن مكانته العلمية، وخاصة أن كثيرًا من المتصوفة يتعلقون بكلام له في جواز الرقص، والوَجد، بل هو ربما كان يفعل هذا شيخنا، والعز كذلك كما تعلمون أشعري، وبعض الأشاعرة يتعلقون ببعض كلامه، ويقولون إن كان العز وهذه مكانته العلمية فيستدلون بأقواله على صحة مذهبهم. شيخنا ما هي مكانة العز العلمية؟ وكيف يُرد على مثل هذا؟


⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor