السؤال: هذا أخ من الجزائر يسأل فيقول: هل يجوز تكرار الوضوء من غير حاجة من صلاة أو حدث؟

السؤال:
هذا أخ من الجزائر يسأل فيقول: هل يجوز تكرار الوضوء من غير حاجة من صلاة أو حدث؟

الجواب:
تكرار الوضوء لحاجة من صلاة مشروع.
لو أن رجلاً كان متوضئاً فصلى الظهر ثم وهو على وضوءه، فذهب فتوضأ للعصر ولم ينتقض وضوءه ، فهذا أمر لا حرج فيه، بل هو مسنون و مشروع.
و قد أخرج الجماعة عدا مسلم.
من نعني الجماعة ؟
أصحاب الكتب الستة.
من أصحاب الكتب الستة؟
أصحاب الصحيحين و أصحاب السنن الأربعة.
من أصحاب الصحيحين؟
البخاري و مسلم.
من أصحاب السنن الأربعة بالترتيب؟ الأقوى فالأضعف، من يرتب؟
الأقوى فالأضعف.
أقوى كتاب في السنن من حيث الصحة؟
أقوى السنن النسائي، فالضعيف في سنن النسائي قليل لأنه اجتباه من السنن الكبير، هذه قواعد مهمة لطالب العلم.
النسائي ثم بعد النسائي أبو داوود ثم الترمذي ثم ابن ماجه.
هؤلاء هم أصحاب الكتب الستة.
أخرج الستة عدا مسلم.
يعني من؟
البخاري النسائي أبو داوود الترمذي ابن ماجه، من حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة).
لكن هذا ليس على وجه الوجوب.
فقد ثبت في مسند أحمد بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالوضوء عند كل صلاة).
و قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة صلّى الصلوات الخمس بوضوء واحد.
لكن الوضوء وسيلة لعبادة، نعم هو عبادة و فيه أجر، لكنه وسيلة لعبادة، فالأصل ألّا يكرر الرجل الوضوء إلّا إن استخدمه.
وهذه المسألة التي يسأل عنها الأخ، لو أن أحد بيننا الآن ذهب توضأ ثم رجع فجلس، و لو كنا في مجلس أو في بيت حتى لا يقال يجب عليه صلاة تحية المسجد، ثم ذهب و توضأ ثم رجع، ثم ذهب و توضأ ثم رجع، وسألناه ماذا تفعل يا أبو فلان؟
قال: أعبد الله بالوضوء.
فهل عمله هذا مشروع؟
على هذا الحال ليس بمشروع.
لماذا؟
لأن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء فأراه النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء ثلاثاً ثلاثة ثم قال صلى الله عليه وسلم (هذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد تعدى وأساء و ظلم)، ومن دقيق تنبيه الإمام مسلم في كتابه (التمييز) أن بعض المحدثين وَهِم في هذا الحديث فقال (من زاد على هذا أو نقص فقد أساء و تعدى و ظلم)، لأنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، و توضأ مرتين مرتين، و توضأ ثلاثاً ثلاثاً، فأرى النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي الوضوء ثلاثاً ثلاثاً ثم قال له صلى الله عليه وسلم (هذا الوضوء فمن زاد على هذا) و لم يقل (أو نقص)، لم يقل (أو نقص)، (أو نقص) وَهْم وقع لبعض المحدثين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في الصحيحين أنه توضأ مرة و مرتين، مرة مرة تارة، و مرتين مرتين تارة، فلا يقول فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وأساء وظلم، لا يقول لو نقص، فهذا الذي يتوضأ و يذهب و يجيء مباشرة، ففي عودته إن توضأ ثلاثاً ثلاثاً ثم عاد فكأنما زاد على الثلاث ثلاثاً أخرى، و هذا فيه ماذا؟
فيه إساءة.
فلا يجوز أن يتعبد الرجل ربه بالوضوء إلّا إن استخدمه ،ما معنى استخدمه ؟
إذا توضأ و صلى فرض الظهر ثم ما انتقض وضوءه، فتوضأ للعصر، فهل في هذا حرج؟
لا حرج.
لو أنه صلى سنّة الظهر ثم توضأ فصلى فرض الظهر، فهل في هذا حرج؟
لا حرج.
لو أنه استخدمه في ذِكر أو تلاوة للقرآن فبَعُد الفصل بين الوضوء والوضوء هل من حرج؟
لا حرج.
فقد ظفرتُ في صحيح الإمام مسلم في كتاب الحج، أخرج مسلم في صحيحه برقم ألف و مئتين و ثمانين بسنده إلى أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما قال: (دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشِّعب نزل فبال ثم توضأ)، كان قريب من ماذا؟
من مزدلفة
دفع النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة فحتى كان قريب من مزدلفة فنزل فبال صلى الله عليه وسلم ثم نزل فتوضأ، قال أسامة (فقلت له صلى الله عليه وسلم الصلاة) فرصة توضأ النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت له (الصلاة) أي صلاة المغرب، (قلت له الصلاة، قال صلّى الله عليه و سلم الصلاة أمامك، فركب فلما جاء مزدلفة) .
كم المسافة بين عرفة و مزدلفة؟ ليست ببعيدة، و النبي صلى الله عليه وسلم لما قارب الوصول إليها، ماذا فعل؟
بال و توضأ قال (فلما نزل مزدلفة نزل فتوضأ)، توضأ لمّا نزل أين؟
المزدلفة.
(فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب)، صلى المغرب في أي وقت؟
بعد العشاء جمع تأخير، قال (فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلّاها و لم يصلِّ بينهما شيئاً).
في هذا الحديث دليل على أن أداء المجموعتين في جمع التأخير يجوز أن يفصل بينهما فاصل، صلى المغرب فأناخ كل رجل بعيره، كل نزل منزله و أنزل متاعه عن بعيره و أجلسه ثم صلوا العشاء، فالترتيب و الموالاة بين المجموعتين في التقديم واجب و في التأخير سُنّة.
و الشاهد من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا بال قبل أن يصل مزدلفة و توضأ ثم لمّا نزل مزدلفة توضأ فغالب حاله أنه ما انتقض وضوءه و أنه توضأ وضوءاً جديداً باستخدامه الوضوء الأول في التلبية و الذِّكر فالنبي صلى الله عليه وسلم توضأ في الطريق فلبّ و كبّر ثم نزل مزدلفة فتوضأ.
و لذا الذي أراه صواباً في المسألة والله تعالى أعلم لو أن الرجل استخدم وضوءه في طاعة و لو كانت سجود تلاوة عند من يوجب سجود التلاوة أو تلاوة قرآن أو ذكر أو تلبية أو سجود شكر أو صلاة نافلة أو تحية المسجد أو سنّة الوضوء أو ما شابه ثم أراد أن يتوضأ وضوءاً آخر فلا حرج.
هذا جواب السؤال.
أما أن يتعبّد الله فقط بالوضوء، يتوضأ ثم يعود ثم يتوضأ فهذا يدخل في من زاد على هذا فقد أساء و تعدى و ظلم.
و الله تعالى أعلم.✍️✍️

↩️ رابط الفتوى:

السؤال: هذا أخ من الجزائر يسأل فيقول: هل يجوز تكرار الوضوء من غير حاجة من صلاة أو حدث؟

⏮️ تاريخ: 2006/11/18

⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor