السؤال الثالث:
أخ يقول رجل يقوم بعد صلاة العشاء فيصلي أربعًا أو ستًا ثم يؤجل الوتر إلى قبيل طلوع الفجر، فهل هذا العمل المشروع؟
الجواب: لا حرج فيه، الشتاء كما قال بعض السلف غنيمة المؤمن، طال ليله فقامه، وقصر نهاره فصامه.
الشتاء ربيع المؤمن، فالمؤمن بحكم طول الليل في الشتاء يتمكن من الطاعة والعبادة والقيام أوالصيام في النهار ما لا يتمكن في غيره، وإنَّ لربكم نفحات في دهركم فتعرضوا لها.
فالإنسان يصلي القيام أول الليل ثم ينام ثم يقوم هذا فعل النبي – صلى الله عليه وسلم- كان يصلي ثم ينام ثم يقوم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر آخر الليل، ولا حرج في ذلك – إن شاء الله تعالى-.
السؤال الثاني: أخ يسأل هل الجويني تراجع عن أشعريته؟
الجواب: نقل (ابن القيم) في كتابه (إعلام الموقعين) وقبله شيخه (شيخ الإسلام) بأنّ إمام الحرمين الجويني في كتابه الإرشاد تراجع عن أشعريته وذكرت في تعليقي على (إعلام الموقعين) بعد مراجعة كتاب (الإرشاد) أنَّ (الجويني) – رحمه الله- تراجع عن أشعريته في كتابه الإرشاد إلى القول بالتفويض.
فآخر أقوال الجويني التفويض وليس التأويل.
والمذاهب كما هو معلوم فمنهم من هو يفوض الكيفية ومنهم من يفوض المعنى .
ومذهب السلف تفويض الكيفيةواثبات المعنى .
فالجويني يفوض المعنى ، فهرب من التأويل إلى التفويض.
والله تعالى أعلم.
⬅ مَجْـلِسُ فَتَـاوَىٰ الْجُمُعَة:
١ – ربيع الأول – ١٤٤٠ هِجْـرِيّ.
ح – ١١ – ٢٠١٨ إِفْـرَنْـجِـيّ.
إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد :
فقد جاءت أسئلة كثيرة كالعادة موضوعها عن *حُكم الاحتفال بالمولد النبوي.*
وسبق في سنوات مجالس سابقة أن فصلنا حول هذه المسألة مرات وكرات.
وأذكر أننا في العام الماضي أعلنا عن *مسابقة*، وقلنا بأن المسابقة ما زالت قائمة ، والمسابقة تتكون من (ثلاثة) أسئلة :
1- السؤال الأول، ويتكون من أربعة فروع :
أ- كم مرة احتفل النبي – صلى الله عليه وسلـم- بالمولد النبوي ؟
ب- كم مرة احتفل أبو بكر- رضي الله عنه- بالمولد النبوي ؟
ت- كم مرة احتفل عمر – رضي الله عنه- بالمولد النبوي ؟
ث- كم مرة احتفل عثمان – رضي الله عنه- بالمولد النبوي ؟
ج- كم مرة احتفل علي – رضي الله عنه- بالمولد النبوي ؟
2 – السؤال الثاني : ما هي الحلوى التي كانت تُقدم في هذا الاحتفال في زمن النبي – صلى الله عليه وسلـم- ، وكذلك في زمن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي؟
3 – السؤال الثالث: ما هو برنامج الاحتفال، ومن هو المُنشد الذي كان يُنشد لهذا الاحتفال في زمن النبي – صلى الله عليه وسلـم-؟
⬅ الاحتفال بالمولد النبوي أحدثه ( الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس، أو أول القرن السابع الهجري ، كما ذكره المؤرخون (كابن كثير) و(ابن خلكان) وغيرهما، ونصّ على هذا عدد كبير وجمع غفير من المؤرخين، وقفت على ما يزيد عن عشرين قولاً ، وكان يُطوع الناس ، وكان عُبيدياً ( أي كان رجلاً شيعياً غالياً ) .
⬅ الاحتفال بالمولد الحقيقي هو أن تؤدي حق الله في قولك: وأشهد أنَّ محمداً رسول الله، هذا هو الاحتفال الصحيح بالمولد النبوي.
ويا ليت المسلمين يفهمون قولهم : أشهد أنّ لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمداً رسول الله .
أشهد أنّ لا إله إلا الله: أي لا معبود بحق إلا الله .
أشهد أنَّ محمد رسول الله: أي لا متبوع بحق إلا رسول الله – صلى الله عليه وسلـم-.
⬅ فلما خرجت الأشياء عن حقائقها، ثم حُولت وبُدلت إلى زُخرف القول وغروره، أصبح بر الأبوين تعليق الصورة، و اصبح بر الأم في يوم بالسنة يسمى بعيد الأم ، هكذا أصبح حال المسلمين اليوم وللأسف؛ وذلك لبعدهم عن هدي سيد المرسلين، أصبح عندهم جبر كسر، واستدراك فوت.
⬅ قالوا: نحتفل بالنبي – صلى الله عليه وسلـم- ، فنتذكر النبي.
⬅ النبي – صلى الله عليه وسلـم- في حياة المسلم في كُل حين ، في باطنه وظاهره، في أخلاقه ، في عبادته لربه ، فإنه لا يعبد ربه إلا على هدي النبي – صلى الله عليه وسلـم – .
فالعبادة لا تُقبل إلا إن تحقق فيها شرطان :
1- الشرط الأول : أن تكون خالصة لله .
2- الشرط الثاني : أن تكون صواباً ، أي على طريقة رسول الله – صلى الله عليه وسلـم- .
⬅ وكُلُّ الأبواب التي توصل العبد إلى رضا الله والجنة موصدة ( مُغلقة ) أمامه! إلا طريق رسول الله – صلى الله عليه وسلـم- .
فلا يمكن لأحد أن يدخل الجنة وهو متنكب لطريقة رسول الله – صلى الله عليه وسلـم- .
⬅ أنا أدعو أن يُعيد المسلمون النظر في حالهم ، وأن يُقبلوا على سنته – صلى الله عليه وسلـم – ، *(فالخيرُ كُله في الاتباع ، والشرُ كُله في الابتداع)،* والنظر إلى حقائق الأشياء لا إلى أسمائها.
السؤال الأول: أخ يسأل هل يجوز التسمية بأسماء الملائكة كجبريل عليه السلام؟
الجواب: لا حرج، فالاسم ما لم يكن أعجميًا، وفيه تشبه بالكفار، وما لم يكن يحمل معنى غير شرعي أو معنىً قبيحًا وما لم يكن فيه تعبيد لغير الله عز وجل فحينئذ التسمية حسنة.
أما المعاني القبيحة و المعاني غير الشرعية والتعبيد لغير الله عز وجل فهذا هو الممنوع.
فجبريل عليه السلام اسم، وكذلك عباد الله عز وجل الملائكة الذين اصطفاهم وسماهم.
فلا حرج في التسمية بجبريل.
والله تعالى أعلم.
⬅ مَجْـلِسُ فَتَـاوَىٰ الْجُمُعَة:
١ – ربيع الأول – ١٤٤٠ هِجْـرِيّ.
ح – ١١ – ٢٠١٨ إِفْـرَنْـجِـيّ.
السؤال العشرون: بعض طلبة العلم يقول يجوز أن نصلي صلاة الضحى والشمس مرتفعة في كبد السماء، أي في وقت الكراهة ويعلل ذلك أن صلاة الضحى من ذوات الأسباب؟
الجواب : هذا ليس بصحيح.
صلاة الضحى مثل صلاة الأسباب هذا الكلام خطأ ،فهي صلاة لها أول ولها آخر.
وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما زار قباء فكان الناس يصلون الضحى مبكرين، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ” صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال” أي تأخيرها إلى وقت اشتداد الحرّ .
[فقد ثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل قباء وهم يصلون فقال صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال.
(صحيح مسلم)985.]
فإذا صليت الضحى في أول وقت طلوع الشمس ولم يبلغ ارتفاعها بمقدار رمحين فيُنكر عليك ذلك وكذلك إذا صليت الضحى وقد بلغت الشمس كبد السماء فينكر عليك ذلك .
فآخر وقت الضحى قبل أن تكون الشمس في كبد السماء يعني قرابة (ربع ساعة قبل الظهر).
السؤال التاسع عشر: شيخنا بارك الله فيك أرشدني على طريقة أبدأ فيها بتربية الأطفال وفي أي عمر أبدأ بالحفظ والتربية؟
الجواب: تربية الأولاد واجب، وهذا الواجب ضيعه كثير من الآباء، وأقل الواجب أن يأمر الوالد ابنه بالصلاة وهو ابن سبع، وأما ابن عشر فيضربه عليها، وفي سن العشر يفرق بينهم في المضاجع في النوم يفرق بين الأولاد وكل له غطاء وما قبل العشر يجوز أن يكونوا جميعا تحت غطاء واحد.
وٱضربوهم عليها لعشر ففي سن العاشرة العلماء يقولون الواجب على الوالد أن يرعى الولد بستر العورة وبالوضوء وأن يهيئه في وقت العشر سنوات، لأن سن البلوغ في الأماكن المتوسطة هو قريب من سن العاشرة أو فوق العشر بقليل .
كان عمرو بن العاص وولده عبد الله كما يقول الحافظ ابن حجر:
[((ولم يكن بين عبد الله بن عمرو وبين أبيه في السن سوى إحدى عشرة سنة )).
تهذيب التهذيب لابن حجر 575
حرف ع (عبد الله ).]
يعني الولد ابن عشر سنوات يتزوج وينجب في البلاد الحارة و يكون بالغًا.
فالشاهد أنّ ابن العشر سنوات الواجب على الوالد أن يهيئه ويعلمه الإستنجاء، يعلمه الواجبات في الصلوات، ويعلمه أحكام الجنابة، والغسل فهذا المطلوب من الوالد ولا يترك الولد هكذا لا يعرف شيئا ويكتشف الأمور إكتشافًا، فالأصل في الوالد أن يتكلم مع ولده لما يقارب البلوغ بقليل فيفهمه هذه الأشياء.
اليوم عجائب تجد الواحد في المسجد للأسف يلبس (الشورت) و (الشورت) أحيانًا يكون فوق الركبة وجاء يصلي وهو رجل كبير ،شيء عجيب شيء عجيب جدا، إستهتار غريب جدًا في الصلاة و إستهتار في الناس .
أما موضوع التحفيظ إذا أردت كمال التربية فموضوع التحفيظ
فالولد الصغير يحفظ فقد ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية أنه جيء للمأمون بولد صغير يحفظ القرآن ، قال الإمام إبن كثير وكان إذا جاع بكى يعنى من صغره إذا جاع يبكي، يبكي على الطعام ولكنه يحفظ القرآن و هذا من باب كمال التربية و تمامها و من باب كمال التربية و تمامها أن تلحظ ابنك وأن تربيه تربية الرجال أن تربي ولدك تربية الرجال ،وقلت لكم في هذا المجلس ما كان يقوله عبدالله بن الزبير لما يسمع ولده يقول (مع من ألعب) فكان يزجره عبدالله بن الزبير ويقول له يا أبت ((قل من يلعب معي لا تقل مع من ألعب قُل من يلعب معي )).
السؤال السابع عشر: أنا أحب أن أسمع بعض الشعر الجاهلي كالمعلقات وأخاف أن ادخل في حديث النبي ﷺ ( يُحشر المرء مع من أحب)؟
الجواب: لا أنت تُحشر مع أصحاب الكلام الطيب.
المعلقات وأشعار الجاهلية و الكلام الذي فيه حِكم وأن تقوي دُربتك وأن يستقيم لسانك وأن تتعود على الفصاحة فهذا أمر لا حرج فيه.
وهذا أمر عند بعض من رزقهم الله تعالى ذاكرة طيبة يعني المرأه الموريتانية قديما كانت تنوم ولدها وهي تنشد له ألفية ابن مالك أو المعلقات فالكل يحفظ، الواحد منهم يحفظ عشرات الألوف من الأبيات وقابلت بعضهم يحفظ الشيء الكثير حتى أنّ هذا المجرم (محمود أبو ريّه) في مصر لما كتب كتابه و تكلم فيه عن أبي هريرة و قال كيف أبو هريرة يحفظ كل هذا فرد عليه مصطفى السباعي، قال له إذا أردت أن تعرف كيف حفظ أبو هريرة إذهب الى أهل موريتانيا وهناك شيخ في المدينة النبوية اسمه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي إذهب إليه واسمع ماذا يحفظ فترى العجائب.
يقول عطية محمد سالم تلميذ الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسير قول الله تعالى ” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق(١)َ العلق ” في كتاب تتمة أضواء البيان يقول جاءت بعض النساء إلى شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي وكُن قريبات له عمة له جاؤوا للمدينة فكن يحفظن الكتب السته يعني حفظ الكتب الستة بالأسانيد هذا ليس بشيء بالنسبة لهم وأما الأشعار فالمرأة الموريتانية والإنسان الموريتاني يحفظ العجائب.
فحفظ الأشعار الجاهلية للدُربة شريطة أن يكون الحفظ مغلوبا لا غالبا، لأن الإناء الذي يكثر فيه الشعر مذموم، فواحد يحفظ الأشعار ويترك القرآن فهذا مذموم .
ولذا كانت عائشة – رضي الله عنها- تقول وقد صحح الشيخ الألباني هذا الحديث مرفوعا وغير واحد من العلماء يصححه موقوفا فكانت تقول – رضي الله عنها- [((” سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشعر ؟ فقال : هو كلام فحسنه حسن
و قبيحه قبيح ” )).
سلسلة الاحاديث الصحيحة
المجلد الأول :رقم الحديث(447).]
السؤال الحادي والعشرون: طفل وجد مبلغ خمسين دينارًا في قسم الطواريء في إحدى المستشفيات يسأل ماذا يصنع بها؟
الجواب: يتركها في قسم الأمانات وإذا أخذت الخمسين دينارا وأنت لا تعرف ماذا تصنع أتركها وامش من يجبرك أن تأخذها، وغيرك يتحمل هذا.
وبعض مشايخنا لما قرأنا باب اللقطة عليه فسمعته يقول أنَّ اللقطة إذا كانت قليلة ليس لها قيمة فتعرف بها بمقدار ما تطلبها لو ضاعت منك، يعني لو ضاعت منك كم تسأل عنها وتعرّف بها وهذا اجتهاد منه – رحمه الله تعالى- والواجب أن اللقطة الشيء القليل تعرفه بمقدار ما تطلبه.
السؤال الثامن عشر: شخص يعمل في مزرعة بعيدة عن الناس، وليس أحد معه. هل يصلي الجمعة ظهرًا أم ماذا؟
الجواب: هذا من البداوة وقد نهى النبي – ﷺ – أن لا يُخالط الإنسان الناس والواجب عليه أن يصلي الجمعة مع الناس ،والواجب عليه أن يصلي الجماعة.
[عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية) قال زائدة :قال السائب: يعني بالجماعة الصلاة في الجماعة .
حسنه شيخنا الألباني. صحيح سنن أبي داود.150 / 547.]
فالثلاثة الأصل فيهم أن يصلوا الجماعة، والواجب عليهم صلاة الجماعة.
أحد الحضور: الراعي هذا البعيد ،هذا الراعي يكون في بلاد منقطعة بعيدة؟
الواجب أن يحصل على الجماعة ،وأن يكون هو ومن حوله على الأقل ثلاثة يصلون الجماعة ،وأقل الجمعة على الراجح من الأقوال حتى عند متأخري الشافعية و بعض المحققين ((لا يصحح الأربعين )) يعني جماعة من اثنين تكفي الجُمعة لو قام رجل و خطب، والآخر يستمع ،فهذه صلاة الجُمعة ولا يُظن أن إنسانا وحده لا يوجد أحد معه في أي مكان من الأمكنة فالواجب و الله تعالى أعلم إقامة الجمعة.