كلمة عن ابتلاء الله للعبد وكيف يصبر على هذا البلاء الشيخ مشهور بن حسن…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/09/كلمة-عن-الابتلاء.mp3كلمة عن ابتلاء الله للعبد وكيف يصبر على هذا البلاء.
الشسخ مشهور بن حسن آل سلمان.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
أما بعد:
فممّا سمعنا في القراءة في صلاة الفجر قول الله تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا.
الأنسان خُلق في هذه الحياة للبلاء، قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ.
وهذه اللام في قوله تعالى: ليبلوكم هي لام التعليل.
فسر خلق الله تعالى للحياة بما فيها المكلفون الأنس والجن الثقلان إنما هو الابتلاء.
وأظهر صورة يتجلّى فيها البلاء هو كما قال الله عز وجل: فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا، السمع والبصر، ولذا لا يمكن للأنسان أن يحافظ على قلبه وأن يجمع همته ونهمته في طريق سيره إلى الله والدار الأخرة وهو لا يحفظ سمعه وبصره، فالذي لا يحفظ سمعه وبصره لا ينجو من البلاء ولا ينجح في الابتلاء.
الفرق بين الابتلاء والفتنة:
الفتنة تخص الأمة بعامة.
والابتلاء يخص كل مكلف.
والابتلاء يكون بالخير والشر.
والفتنة لا تكون إلا في الشر كما قال الله عز وجل: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ.
والصحابة رضوان الله عليهم كانو يقولون: ابتلينا بالضراء فصبرنا، وابتلينا بالسرّاء فلم نصبر.
أيهم أشد على الإنسان الفتنة في البلاء في السراء أم في الضراء؟
السرّاء أشد، فالسرّاء والخيرات في الدنيا، وأن تفتح للأنسان الدنيا وأن يكون في خضمها وأن يكون في دولابها وتطحنه وتفسد تصوره وتفسد فهمه كما أفسدت أفهام الكافرين، الكفار لما يرمون في جهنم وكانوا يَعدون أنفسهم من الأخيار ومن الأسياد ومن الاشراف ، ممن كان لهم كلمة فيبحثون عن الضعفاء ممن يعلمون من المؤمنين ، فيخاطب بعضهم بعضا كما قال الله عز وجل فيقول بعضهم لبعض: وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ ، أبو جهل وحزبه فيبحثون عن عمار، وعن بلال، ويقول بعضهم لبعض أين بلالا؟ ما لنا لا نرى بلالا؟ ما لما لا نرى عمارا، وما لنا لا نرى الفقراء ممن عهدناهم ممن ليس لهم لا صولة ولا جولة في هذه الحياة، ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار، يظنون أن معايير الآخرة هي معايير الدنيا، والله أخبرنا عن هؤلاء أن الواحد منهم كان يقول: “وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ ۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ”.
الإنسان في هذه الدنيا لما ربي يعطيه ويكون فاجرا كافرا هو يقول ربي ما أعطاني إلا لأني مؤمن وهذا بلاء واستدراج، الله إذا أعطاك صحة، وعافية، وولد، وبقيت تعصي الله عز وجل هذا أستدراج لك وأنت واقع في بلاء، فمن تلبيسات الشيطان على هؤلاء يقولون ما دام أن الله أعطاني في الدنيا أذا انا لي عنده كما أعطاني في الدنيا يعطيني في الأخرة، المفاهيم والموازيين مختلطة، و القرآن الكريم جاء أصالة ليعدل لك المفاهيم، لذا قال الله عز وجل: “إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ”.
من الخاسر في القرآن؟
الذي خسر أهله ونفسه.
كيف تخسر نفسك وأهلك يوم القيامة وتكون من أهل النار، لا تكن من هؤلاء، كن من الناجين، فإذا نجوت وفزت كما قال تعالى: ۖ “فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ” ۗ، هذا هو النجاة والنجاح ودخول الجنة.
ومن الخاسر؟
الذي خسر نفسه من النجاة، والذي خسر أهله.
القرآن الكريم في كل آية يعدل لك مفهوم.
اليوم الأمور مختلطة، وسبب دخول الكفار جهنم هو بسبب عدم ضبط هذه الأشياء، والنبي صلى الله عليه وسلم ربى صحابته على ضبط هذه الأشياء.
النبي صلى الله عليه وسلم جالس مع صحابته قال من المفلس؟
قالوا: يارسول الله المفلس من لا درهم عنده ولا متاع.
قال: لا، المفلس من جاء يوم القيامة بصلاة وزكاة وقد ضرب هذا وأكل حق هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت فيلقى عليه من سيئاتهم فيدخل النار .
النبي صلى الله عليه وسلم كان دائما يعدل المفاهيم عندهم.
أنت الأن في ابتلاء، الأنسان الموفق في البلاء يفوز، والابتلاء هو عملية امتحان، والبلاء ينتج عنه فوز أو عقوبة، اليوم الله يعاقب كثير من الناس وكثير من الناس يظن أن الله يبتليه، الله يعاقبه ويظنون أن الله يبتليهم، والنبي صلى الله عليه وسلم قص لنا قصه جميلة طويلة؛ والقصة في صحيح ابن حبان، قال إن أيوب عليه سلام مكث في بلائه ستة عشر سنة، في شدة، قال حتى قذره الناس، ابتعد عنه الناس ولم يبقى إلا اثنان من أصحابه يلازموه أحدهما يأتيه في الصباح وألاخر يأتيه في المساء، فاجتمعا ذات يوم فقال أحدهما للأخر:: أنظر إلى ايوب ها هو في بلائه ستة عشر سنة فو الله انه أذنب ذنبا لن يغفره الله له، سبب هذا المرض وهذا البلاء أنه اذنب ذنبا، فقال الأخر: لأخربنه، سأخبره بكلامك، وأيوب عليه السلام نبي مسدد، نبي من أنبياء الله، فقال: أخبره واخبره، قال النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبره سكت، فقال والله إني لا أعلم من نفسي ما ،يقول يعني يتهمني اتهاما باطلا، فوالله إني لا أعلم ما نفسي ما يقول، والله اني كنت أمر بالرجلين فأسمع أحدهما يحلف بالله فلا أنقلب إلى بيتي حتى أكفر عن يمينه مخافة أن يذكر الله إلا بالحق، يعني وصل الحال بأيوب عليه السلام إذا سمع أحد يحلف يمين فهو يكفر عن يمينه، لأنه من حلف يمين ولم يؤده ، فكان يخشى على الناس أن يذكروا الله بالباطل، آتاه الله الولد وأتاه الله عز وجل المال وأرجع له صحته، فكان في بلاء ونتيجة هذا البلاء الشدة فانفرجت، فكان في حقه ليس عقوبه كما قال ذاك الرجل.
فالشاهد هذه المفاهيم وإقبالناعلى قراءة القرآن الكريم ينبغي أن يكون بفهم، قال تعالى: “إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا”.
الشاهد نبتليه.
فما هو البلاء يارب ؟
كيف تبتلينا يارب؟
فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا.
إذا أردت أن تنجح في البلاء وأردت أن تجمع همّتك في طريقك وسيرك إلى الدار الأخرة فاحفظ بصرك واحفظ سمعك، “فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا.
السمع مقدم على البصر، وأثر السمع على القلب أشد من أثر البصرعلى القلب، العلماء يقولون: القلب ملك والسمع والبصر جنود، ويقولون: القلب بحيرة والسمع والبصر جداول في البحيرة فإن طاب ما في هذه الجداول طاب ما في البحيرة وإن خبث ما في هذه الجداول خبث مافي البحيرة، ويقولون أشرف شيء في الإنسان قلبه .
أخرج أحمد في الزهد أن لقمان عليه السلام ذبح شاة فقال لولده أخرج لي أطيب ما في هذه الشاة فأخرج له القلب واللسان ثم ذبح شاة أخرى، ثم قال يا بُنيّ اخرج لي أخبث ما في هذه الشاة، فأخرج القلب واللسان؛ فالقلب واللسان أطيب ما في الإنسان والقلب واللسان هما أخبث ما في الانسان، فقال العلماء اللسان مغرفة لما في القلب، المرأة لما تطبخ تذوق الطبيخ بالملعقة، فإن أردت أن تعرف قلبه فانظر إلى لسانه، فاللسان مغرفة لما في القلب، وجداول القلب الفم والسمه والبصر والبطن.
فمن أكل حلالاً لان قلبه ورقَ، ومن أكل حراماً قسى قلبه وابتُليّ بالوعيد، قال تعال: فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ”، فهذه الجداول كلما حافظت عليها أنت بخير وعافية، وإذا وقعت بك شدة فأنت في بلاء وأما من لم يحافظ عليها، مثلا يعني بعض الناس يتكلم بما بدا له، بما شأن له به، بعض الناس جالس كلِّ شيء ، وهذا ليس فيه لين للقلب كما قال الحسن البصري: المؤمن يتفكر قبل أن يقول، وقال: المؤمن لسانه من وراء قلبه، يعني يمرر الكلام قبل أن يتكلم على قلبه، فاللسان وراء القلب، والمنافق قلبه من وراء لسانه.
وأهل الأفك الله أخبر عنهم فقال “إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ” ، قوله تتلقونه بماذا؟ بألسنتكم.
الواحد يسمع الخبر بماذا؟
بالأذن وليس باللسان، بعض الناس يسمع الخبر باللسان، ويُزين الآن عبر وسائل الأتصال الحديثة ووسائل الإعلام والوقوف على أخبار الأمم وعلى أخبار الشعوب وأخبار الحكام وأخبار الدول كلها عبر وسائل الإعلام، والناس تتلقى الأخبار بالألسنة، ولذا البلاء بيننا شديد، الأصل بالعبد كما ذكروا عن الأعمش رحمه الله، سليمان بن مهران الأعمش، قال كان سليمان كثير الصمت وكثير الذكر فأذا نطق كتبو كذا ،ويؤثر عن عيسى عليه سلام قالوا: من أكثر الصمت لُقن الحكمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “نجا من صمت”. من الناجي؟
الصامت، قليل الكلام.
من الذي يندم؟
الذي يتعجل، الذي يتكلم ولا يمرر الكلام على قلبه.
لذا قالوا الكلمة مثل الثور يخرج من جحر فأذا خرج الثور من الجحر فأنا له أن يعود، ثور خرج من جحر صغير كيف سيعود إلى الجحر.
فالإنسان العاقل الذي يحافظ على قلبه ويحافظ على جداوله التي تغذي القلب.
والإنسان العاقل يلهج دائما بأن يصلح الله له قلبه، دائما تطلب من الله أن يصلح لك قلبك ونيتك ويصلح ظاهرك وباطنك، اللهم أجعل قولي وعملي سواء، واجعل ظاهري وباطني دائما سواء، هذا شأن العبد الصالح لا يظهر بمنظر ثم يكون بمظهر آخر في داخله، نسأل الله تعالى العفو والعافية.
“إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا”.
ضعيف الأنسان، موضع الأبتلاء الذي أخبر الله عنه هو النطفة، نطفة ممتزجة من الذكر والأنثى، من ماء ضعيف، يا أيها الإنسان أنت ضعيف، لذا ربي ذكرك قبل أن يبين لك لما خلقك، بين ضعفك، لذا لا يستطيع العبد أن ينجو أبدا إلا بأن يعترف بضعفه، وأن يفزع إلى ربه وأن يلوذ بحماه، وأن يلجأ بقواه، وأن يكثر من ذكر مولاه وأن يترك داعي هواه، فإن فعل فهوه من الناجين.
كم إنسان ابتلي وحرق قلبه وسقط الإيمان منه بسبب عشق صورة وبسبب نظرة محرمة، أو كلام محرم، فالإنسان حتى ينجو عند الله عز وجل لا بد أن يحفظ سمعه وأن يحفظ بصره.
أسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياكم، احفظ الله يحفظك، فأن حفظت الله فلا بد أن الله يحفظك، فإن تركت شيئا لله لا بد أن يعوضك الله خيرا مما تركت، وأحسن ما يترك لله اللذة والشهوة، الشيء المحرم، هذه إن تركت لوجه الله فأن الله يعوضك أمنا وإيمانا وطمأنينةً وخيراً يثمر عن بركة في الدنيا والأخره.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
24 ذو الحجة 1438 هجري 2017 – 9 – 15 إفرنجي
↩ رابط الفتوى:http://meshhoor.com/fatawa/1378/
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
✍✍⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor

ما هي نصيحتكم لطالب العلم

نصيحتي لطاب العلم:
أولاً: الإخلاص، وأنه يعلم أنه يقوم في الأمة بمهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يفلح ولا ينجح أبداً، ما لم يكن صادقاً مخلصاً، ما لم يكن باطنه طاهراً.
 
ونصيحتي له إن كان في الابتداء أن يزداد في التقرب كلما ازداد علماً، فالله عز وجل يزيد العبد علماً ببركة صدقه وإخلاصه، وإن الرجل ليحرم الرزق والعلم ، وتوضع العوائق في طريقه بسبب ذنوبه، ولذا قالوا: من ازداد علماً، ولم يزدد تقىً، فليتهم علمه .
 
وأنصح طالب العلم: أن يطلب العلم للعمل، فلا يطلبه ليشار إليه بالبنان، ولا ليتصدر المجالس، وقديماً قال سفيان: (من طلب العلم للعمل كسره العلم، ومن طلب العلم ليجادل، فليضع له قرنين وليناطح الناس). فبعض الطلبة أمله المناطحة، يتكلم مع الناس بأسلوب فيه علو ورفعة، وفيه كبر وتيه، والعياذ بالله.
 
ينبغي لطالب العلم والعالم كما قال أيوب السختياني رحمه الله: (ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعاً لله عز وجل).
وينبغي لطالب العلم في البدايات ألا ينشغل بالتخصص، فقبيح بطالب العلم أن يكون شبعان ريان بفن دون فن، أو أن يكون مليئاً بفن، وعامياً بآخر، فأنصح طالب العلم، أن يتجول في جنات معروشات وغير معروشات، في سائر الفنون والعلوم، ثم وهو يتجول سيسمع صوتاً ينادي عليه من داخله؛ وجدتها وجدتها، حط رحلك هنا، هذه جنتك، فما أهنأنا لما نجد قسماً من إخواننا قد تفرغ بعضهم للتفسير، وبعضهم للأصول، وآخر في اللغة، وآخر في الفقه، وهكذا، حتى نسقط الإثم عن الأمة ، فالأمة اليوم كل فرد منها آثم بسبب عدم وجود فرض الكفاية من وجود الفقهاء والمحدثين والأصوليين واللغويين والمؤرخين فيها.
 
والناس كأسراب القطا يتابع بعضها بعضاً، فالناس اليوم لما رأوا إمام هذا العصر قد انشغل بعلم الحديث ترك أصحاب القرآن وأصحاب التفسير والقراءات تركوا ما هم فيه من خير وانشغلوا بالحديث، وبودنا ومن أغلى أمانينا أن يظهر في الأمة أئمة في كل علم، فيجددوه ويشغلوا الأمة فيه، ولا تبقى الكتب على الرفوف، أو محبوسة بين الجدران، وفي المكتبات ، فببركة انشغال إمام هذا العصر بعلم الحديث كادت جميع مخطوطات هذا العلم وأهمها أن تظهر، وبقيت مخطوطات كثير من العلوم محبوسة رهينة، بسبب عدم وجود أئمة ، فلو نبغ بعض الأئمة وأشغلوا الطلبة في هذا العلم والله لظهرت، وكم من إنسان يحب الطلب لكن لا يتيسر له سبل الطلب.
 
لذا على طالب العلم أن يقرأ جميع العلوم، ينشغل بأصولها وكلياتها، ومبادئها، فاقرأ في الفقه كتاباً من أوله لآخره، لا تقرأ قراءة تحقيق في كل مسألة فلو فعلت ذلك كما يفعل البعض، فيغرق في الماء ولا يخرج منه، ويترك الطلب ولا يتقدم، فخذ متناً من المتون، أو أحاديث الأحكام واقرأها كاملاً، وكذلك اقرأ سائر العلوم، ثم بعد ذلك تخصص، فالتخصص مرحلة متأخرة، فإن وصلت مرحلة التخصص، فعليك أن تعرف هذا العلم، فترجع إلى مبادئه وكلياته، ثم تبدأ تفصل، وأن تعرف أهم مصادره، وكتبه، وأن تعرف أعلامه الأقدمين والموجودين وأن تكون لك صلة بهم ، بالمهاتفة ، بالمراسلة، بالجثو على الركب بين أيديهم، وأن تعرف المسائل المشكلة في هذا الفن، التي ينشغل بها أهل هذا التخصص ، وهكذا.
 
ونصيحتي لطالب العلم أن يعلم أن الطريق طويل، وأن العلم ميراث النبي صلى الله عليه وسلم وأن الذي يسير في هذا الطريق، لا بد أن يؤذى، ومن فاق أقرانه لا بد من حساد، فلا تنشغل بحسادك وامض قدماً، ولا تلتفت إلى هنا وهناك، فقد أسند ابن قتيبة في “عيون الأخبار”: (أن الحاسد لن يهدأ باله حتى تزال نعمة الله عن المحسود)، فنصح المحسود بقوله: (امض قدماً ولا تلتفت)
 
وأنصح طلبة العلم أن يحفظوا ألسنتهم وألا ينشغلوا إلا بالمسائل، التي ينبغي أن يشتغلوا بها، فهنالك مسائل تسمى”الطبوليات” تقرع في المجالس ، والتي يقع فيها الخلاف بين الكبراء من العلماء، وهؤلاء الطلبة المبتدئون يضعون أنوفهم فيها ويريدون أن يكونوا حكماً، فلا يتكلمون على أنهم طلبة ويتكلمون على أنهم بمثابة الحكم بين العلماء، فابتعدوا عن الطبوليات، وهذه من العوائق، فكل عصر تخرج علينا مسألة فيها شنشنة تقطع الطالب عن التقدم، فكثير من المسائل لو أن الجهود التي بذلها فيها بعض الطلبة بذلوها في التأسيس لتقدموا، لكنهم يتكلمون ويتكلمون، وما يدرون أنهم يخوضون ماءً.
 
والأمة بحاجة إلى طلبة العلم وهم بانتظارهم حتى يصححوا عقائدهم وعباداتهم، والواجب المناط بهم كبير، فالمناط بهم إقامة الدين، فترفعوا عن السفاسف، واملأوا أوقاتكم بما يعود عليكم بنفع وتقدم.
 
ثم طالب العلم لا بأس أن يدرس، وإن جلس في مجلس وجب عليه لله مقال فلا يسكت، لكن لا يتصدر قبل أن يتأهل لكن إن يسر الله له أن يأمر وينهى ويبين بشيء هو فيه على يقين، فليقل.
 
فهذه نصائح أنصحها لطالب العلم وأسأل الله أن ينفعنا بما قلنا وهذا ما عندي ، والله أعلم.

تصيبني أحيانا وساوس في حقيقة وجود الجنة والنار واليوم الآخر فما نصيحتكم لنا للوقاية من…

احمد الله ربك فأنت على خير، ولا حرج ولا ضير في الذي تجده في نفسك ، فإنه لا يشعر بوساوس الشيطان إلا من كان في قلبه نوع صفاء، فقد ثبت في صحيح الإمام مسلم في كتاب الإيمان في باب الوسوسة في الإيمان فأخرج مسلم بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم {أوَ قد وجدتموه؟} قالوا نعم ، فقال صلى الله عليه وسلم: {ذاك صريح} وفي رواية : محض الإيمان .
 
ولما سئل علي رضي الله عنه كيف هذا محض الإيمان ؟ فقال: أرأيتم إلى اللص؟ فإنه لا يطمع إلا في البيت النفيس، فالإنسان يجد في نفسه الوساوس لما يكون في قلبه صفاء، أما من كان الشيطان قد عشعش وباض وفرخ في قلبه فلا يجد أثراً للوسوسة ، لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا تقوم الساعة حتى يأتي الشيطان لأحدكم فيقول له : من خلق هذا ؟ فيقول الله ، فيقول له من خلق هذا ؟ فيقول الله ، فيقول له من خلق الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم من وجد ذلك في نفسه فليتعوذ بالله من الشيطان وليتفل عن يساره} وفي رواية { فليقرأ سورة الإخلاص} فهذه علامة خير وقد وجدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن تُدرأ بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم .

هل يجوز القيام للمعلم النصراني وما صحة الاستدلال بهذا الأمر بقول الشاعر قم للمعلم وفه…

بيت الشعر المذكور ليس بحسن، فإن المعلم لن يكون رسولاً، والنبوة هبة من الله لا مكتسبة بالجد ولا بالاجتهاد.
 
وأما القيام للمدرس لا سيما إن كان نصرانياً لا يجوز بل يحرم التعلم في مدارس النصارى، فهذا أمر خطير ويحرم على الرجل أن يعلم أبناءه في مدارس النصارى.
 
ووجدت كلاماً بديعاً لعالم من الاقدمين وهو ابن الحاج، في كتابه “المدخل” تعرض في كتابه في موطنين إلى خطورة الدراسة في مدارس النصارى.
 
فذكر في كتابه في (الجزء الأول ص 190-191) و(الجزء الثاني/330) كلاماً حسناً وسأنقل شيئاً من الموطن الثاني، قال بعد كلام: (وإذا كان ذلك كذلك، فيخاف على الولد الذي يدخل كتاب النصارى أن ينقش في قلبه ما هم عليه أو بعضه ولا أعدل بالسلامة شيئاً- نسأل الله السلامة بمنه- ومن أقبح ما فيه وأهجنه وأوحشه: أن الولد يتربى على تعظيم النصارى والقيام لهم الذي قد تقدم منعه في أهل الخير والصلاح، وعدم الاستيحاش من عوائدهم، وسماع اعتقاد أديانهم الباطلة، حتى لو خرج الصبي من مكتبهم لبقي على عاداتهم في التعظيم لهم، وعدم الاستيحاش منهم ومن أديانهم الباطلة وأنه إذا رأى معلمه الذي علمه الحساب والطب قام إليه وعظمه كتعظيم ما اصطلح عليه بعض المسلمين مع بعض من الغالب، وكذلك يفعل مع كل من صاحبه في مكتب معلمه النصراني من جماعة أهل دينه فيألف هذه العادات الذميمة المسخوطة شرعاً ولا يرضى بهذه الأموال من له غيرة إسلامية، أو التفات إلى الشرع الحنيف.
 
فأن يجعل الأب ابنه في مدارس النصارى بحجة أنهم متقدمون في العلم، أو تدريسهم أفضل، فهذا لا يقبله من عنده غيرة وحمية، فإنهم يشربون الأولاد الباطل فينشأ الولد على تعظيم الباطل ، وقد يدخل في قلبه – من حيث يدري أو لا يدري- شيء على دينه أو بنيه من الشبه، والشبهة أشد من الشهوة، فالشهوة نزوة ثم تزول، أما الشبهة تبقى مستقرة في العقل مسيطرة على القلب.
 
وكان ابن تيمية يقول لتلميذه ابن القيم رحمهما الله: (يا بني اجعل قلبك كالمرآة، ولا تجعله كالإسفنجة، فإن الشهوة أو الشبهة إذا سقطت على المرآة عكستها، وإذا سقطت على الاسفنجة مصتها، وإن أثرها ربما يظهر في يوم من الأيام ولو في سكرات الموت.
 
فالقلب في لحظات الموت والسكرات يفرز الشهوات والشبهات فكثير ممن يلقن لا إله إلا الله عند الموت فلا يحسن أن يقولها فليحرص الإنسان على قناعاته وليحرص على أبناءه.
 
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما عوده عليه أبوه
 
فإياك أن تسلم أبناءك إلى أعداء الدين ونسأل الله العفو والعافية.

السؤال العاشر حصل طالب على منحة جامعية بسبب معدله المتميز هل من حقه مطالبة…


*الجواب:*
إلى الله المشتكى من هذا الصٍّنف من الأولاد !!
إلى الله المشتكى من هذا الصنف من الأولاد !!
إلى الله المشتكى من هذا الصنف من الأولاد !!
لا إله إلا الله !!
واحد يقول لي قبل أيام وإحنا راجعين من صلاة العشاء:
يقول : بنتي تَدخل عَلَيّ وتقول بِدِّي حَقِّي !!
قال لها: لم أموت بعد!!
بعدني ما مُتِت!!
بِدِّك حقك وأنا حي ؟!
قِلة أدب، قِحَّة ، تعامُل مع الأب بطريقة سيئة-نسأل الله العافية-.
الأب يُجَلّ ، الأب يُحترم ، الأب لا يخدش خاطِرُه ، ليس البر أن تُنفِق على والدك فقط!!
البِر أن تُعظِّم والدك ، أن تُشعره أنه إنسان عظيم وكبير.
أَمّا أن تَطمع فيه؟!
طيِّب ، إنما شفاء العِيِّ السؤال ، شفاء العِي السؤال ، شفاء الجاهل يِسأَل ، الجهل مرض شِفاؤه السؤال ، لو أخوك مَرِضَ وأبوك أنفق عليه مال للمعالجة ، فهل يجوز لك أن تُطالِب بالمال الذي أَنفقه للمعالجة؟!
شِفاء العِي السؤال.
أخوك مَرِضَ ، تقول: يا أبي أنت أَنفقتَ عشرة آلاف على أخوي في العملية ، أعطيني عشرة آلاف !
هذا يجوز؟
ما يجوز.
الحديث شفاء العِي السؤال ،بليغ ، إنما شفاء العِي السؤال ، فالجَهلُ مَرضٌ وكما أن الوَلَدَ لا يُطالِبُ أباه إذا طَبَّبَ أخاه ، فإنه كذلك لا يَطالِبُ أباه إذا عَلَّمَ أخاه.
فأنت إذا الله يَسَّرَ لك بِعثة ، فالحمد لله سقط هذا الأمرُ عن والِدِكَ في حَقِّك ، لأنك حَصَّلتَ هذه البِعثة ، وبقي هذا الحق لِأخيك ، والواجب على الأب أن يُؤدِّيَ الذي عليه ، وليس لك أن تُطالِبَ أباك مقابِل أنه دَرَّسَ أخوك ، ليس لك.
الأب البارّ بأولاده إذا كان لا يستطيع أن يُدَرِّس إلا شخص لفَقرِهِ ، فَدَرَّسَ واحداً ؛ فَيُطلُبُ من وَلَدِه أن يُحسِن لِإخوانِه ، فيقول : ترى يا ولدي أنا دَرَّستُك وما بستطيع أَدَرِّس إخوانك ، وأنت عارِف اليد ليست طويلة ، فَدَرِّس إخوانك ، إذا الله يَسَّر لك ويَسَّر الله عليك ووسَّعَ الله عليك ؛ دَرِّس إخوانك.
والأخوة فيما بينهم إذا مات الوالِد ؛ يكون الأخ الكبير كأنه أب ، وتكون العلاقة بين الإخوة ؛ علاقة الأخ الصغير مع أخيه الكبير ؛ هي علاقة الولد مع أبيه ، واحترام الكبير هذا من ديننا.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة .
17 رجب 1438 هجري
2017 – 4 – 14 إفرنجي
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
✍✍⬅ للإشتراك في قناة التلغرام :
http://t.me/meshhoor