السؤال : ماحكم الجمع والقصر للصلاة لمن يسافر إلى بلد ويمكث فيها أسبوعاً أو أكثر؟
الجواب: القاعدة عند أهل العلم أن كلَّ ما علّقه النص كتاباً وسنّة على أمرٍ وهذا الأمر ليس معروفاً في الشرع ولا في اللغة إنما أمره إلى العُرف ، كل نص ورد في كتاب الله وفي سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم والشرع علّقه على أمر وهذا الأمر ليس له حد في نصوص الشرع وليس له حد في اللغة العربية فمرده إلى العرف ، يعني مثلاً روايتان في صحيح مسلم النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من غشّ فليس منّا ويقول : من غشّنا فليس منّا ، ما هو الغشّ؟ ما فيه غش يبحث بكل معاجم اللغة ماتعرف حدّاً ضابطاً هل هذا غش أم ليس بغش ولايوجد آية أو حديث يُبين لنا ما هو الغش ، إذن ما هو الغش؟ الكلمة فيه إلى أعراف التجار ، فأي مسألة تسأل عنها غش أم ليس غش اعرضها على التجار ،هل هذا في أعرافكم غش ؟ إن كان غشاً حرام وإن كان مأذوناً به في الأعراف فهذا حلال.
وانتبه وهذا أصل مهم،كل مسألة معلّقة على العوائد والأعراف فهذا النوع من المسائل يختلف باختلاف الأزمان والأمكنة.
يقول لك هل الأحكام الشرعية ثابتة أم غير ثابتة؟ هل تتغير الأحكام الفقهية بتغير الأزمان والأماكن أم لا تتغير ؟
الجواب – انتبه- كل ماعلّقه الشرع على الأعراف والعادات فإنها تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ، ممكن في زماننا شيء أهل الخبرة مايعتبروه غشا ويكون حلالاً لكنه لو كان عند من قبلنا لكان غشاً ، فكان قديماً حراماً والآن حلال فالحكم يختلف باختلاف الأعراف والعوائد وهذا أمر معروف،فهذا فقط النوع من الأحكام تختلف أحكامه باختلاف الزمان والمكان، وفصّل في هذا وطوّل فيه ابن القيم في كتابه البديع “إعلان الموقعين”.✍️✍️
↩️ الرابط:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
السؤال:
شيخنا ما هو الفرق بين دلالة الإشارة، ومفهوم الموافقة؟
الجواب:
دلالة الإشارة الشيء الذي لا ينفك عن اللفظ.
شيء يُفهم باللازم، واللازم بالمتحتم الذي لا ينفك عنه.
اللوازم قسمين:
١ – قسم يقبل الانفكاك.
٢ – قسم لا يقبل الانفكاك.
فمثلا قوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا}[النساء: ٣]،
الآية دلت بمنطوقها على أشياء، ودلت بفحواها على أشياء، ودلت بإشارتها على أشياء.
فدليل الإشارة: {ما طاب لكم}: لأن المرأة لا تطيب حتى يُنظر لها.
فقال أهل الفقه وأهل العلم: أن في قوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم} بدليل الإشارة يجوز النظر للمخطوبة.
أما مثلا قول الله تعالى: {فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ}[الإسراء: ٢٣] عن الوالدين.
{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}[الإسراء: ١٠].
السرقة مثل الأكل والضرب أشد من الأف وهذا بالمعنى والفحوى وليس بالإشارة.
فالإشارة والفحوى دلالتان:
الأولى دلالة لفظ.
الثانية دلالة معنى.
ووقع خلاف بين أهل العلم: إن تزاحمت دلالة الإشارة ودلالة المعنى في محل واحد أيهما يُقدم؟، وترتب على هذا مسائل.
والكلام طويل وكثير مذكور في كتب الأصول.✍️✍️
السؤال:
شيخنا يقال أن أبا حنيفة الإمام-رحمه الله تعالى- أخذ مذهبه بالتواتر من علماء أهل الكوفة عن الصحابة، فعليه يقال عندهم: أن عمل أهل الكوفة حجة يوازي عمل أهل المدينة عند المالكية.
فهل هو الأمر كذلك شيخنا؟، وهل هو حجة؟، وهل ثمة فرق بين عمل أهل الكوفة وبين عمل أهل المدينة؟
الجواب:
بارك الله فيك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه، حجية أهل المدينة أصل معتد به، ومعتبر عند العلماء.
ولذا يقول بعض المحققين من أهل العلم: أن مذهب مالك في المعاملات أصوب من غيره؛ لأنه هو الذي أدرك ما عليه الصحابة والتابعين -رضي الله تعالى عنهم-.
الآن: حجية عمل أهل المدينة هو الذي اشتهر وشاع بين طلبة العلم بالاعتبار، بخلاف عمل أهل الكوفة.
لكن السؤال المهم الذي ينبغي أن ينتبه إليه طالب الحق: عمل أهل المدينه متى يكون حجة؟
إذا وجد الإسناد الموصول لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصح النقل عنهم فهو حجة.
فحجة عمل أهل المدينة لا يراد به الأبواب ولا الجدران ولا الشبابيك، وإنما العمل الموصول لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهذا هو الحجة.
ولذا الزيادة عن أحد عشر ركعة لا يقال عنه بدعة؛ لأنه عمل أهل المدينة، وصح ذلك فيما نقل مالك في زمن كبار التابعين، والعمل ليس مرهونا بشخص وإنما هو مرهون بجيل، والبدعة لا تطلق على صنيع جيل، فالآن عمل أهل الكوفة الموصول لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو حجة.
نعم علي ابن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- هو أول من نقل عاصمة الإسلام من المدينة النبوية إلى الكوفة، وذكر الإمام العجلي في كتابه “تاريخ الثقات” أنه كان في الكوفة ألف وخمسمئة وأربعين صحابيا -رضي الله تعالى عنهم-.
والناظر في الصحيحين والسابر لطرق الأحاديث التي فيهما يجد أن الجل والغالب على أحاديث الصحيحين في طبقة التابعين وتابعيهم ولعله يشمل التي بعدهم كلهم من البصرة أو من الكوفة.
فالعلم انتقل إلى الكوفة في زمن علي -رضي الله تعالى عنه-، وكانت سياسة عثمان قبله أن يأذن للعلماء بمغادرة المدينة، خلافا لسياسة عمر فقد حبسهم ليشاورهم، ولا سيما أن النوازل والمستجدات بدأت تظهر في زمنه -رضي الله تعالى عنه-، فلما قامت الولاية لعلي -رضي الله تعالى عنه-، وكان توسع المسلمين في جهة العراق (والمراد بالعراق عراق العرب أو عراق العجم)؛ فكان الصحابة كما في مصنف ابن أبي شيبة يسمون الهند عراقا.
خلافة أبي بكر المباركة رمى بالإسلام رمية مباركة، وكانت باتجاه بلاد الشام، بخلاف خلافة عمر الذي رمى بالإسلام رمية باتجاه العراق؛ ففتح العراق، ثم توجه إلى عراق العجم.
الشاهد -بارك الله فيك- أن *حجية العمل العبرة فيه بالإسناد وبالثبوت والصحة*، فلو كان فقه الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- متواترا لكان هو المحق بخلاف غيره، ولما لامه الناس على إيراد الأدلة.
ففقه الإمام أبي حنيفة بالجملة مستنبط من فقهاء الكوفة، من طبقة التابعين والصحابة -رضوان الله تعالى عليهم-، ولكنه لم يضبط الأحاديث، حتى الإمام أبو حنيفة من حيث العدالة فهو عدل ولا يشك أحد في عدالته، أما من جهة الضبط فقد تكلم فيه عدد كبير من الحفاظ في ضبطه.
فالشاهد -بارك الله فيك-: أي عمل موصول بالإسناد الصحيح إلى الصحابة -رضي الله تعالى- عنهم فهو حجة، وأصبح عمل البلدان للأسف توسع فيه كثير من الفقهاء، وأصبحوا يلقون الكلام على عواهنه دون تحرير ولا تحقيق.
فأن يقال كل كلمة قالها الإمام أبي حنيفة-رحمه الله- هي فعل متواتر من الصحابة لا يقر على هذا أحد ممن شم أنفه الحديث والأثر والأسانيد الصحيحة.
بل قامت كثير من الأحاديث الصحيحة وردت من قبل الإمام أبي حنيفة -رحمه الله-، بأصول مأخوذة من العقل ولم تؤخذ من المنقول.
من مثل حديث الآحاد ليس حجة إذا خالف القطعي (قطعي القران).
ولذا مذهب الإمام أبي حنيفة أن من صلى ولم يقرأ بفاتحة الكتاب يأثم، ولكن صلاته صحيحة لأن الله يقول: ﴿ فَاقرَءوا ما تَيَسَّرَ مِنَ القُرآنِ﴾[المزمل: ٢٠]، وحديث ” لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ”. وهو حديث في الصحيحين عن عبادة ابن الصامت رضي الله تعالى عنه، هذا الحديث لا يدل على ركنية قراءة الفاتحة.
فالقول بأن كل قول لأبي حنيفة هو مأخوذ من الأحاديث هذا خطأ وليس بصحيح، وإنما الإمام أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- له منهج سار عليه؛ فاخطأ في شيء وأصاب في شيء، وله أقوال تخالف الثابت في الصحيحين.
ولذا فمن المعلوم أن الفقهاء بالجملة ينقسمون إلى قسمين:
– فقهاء يقفون على ظواهر النصوص، وهذه مدرسة الإمام الشافعي، ومدرسة الإمام أحمد -رحمهما الله تعالى-.
– فقهاء يغوصون إلى المعاني ويرجحون المعاني ويتوسعون فيها، وهذه مدرسة الإمام أبي حنيفة ومدرسه الإمام مالك -رحمهما الله تعالى-..
ودائما نقول أن الفقه هو الموائمة بين اللفظ والمعنى، وأنه لا يجوز لك أن تتعدى اللفظ إلى المعنى والشرع لا يأذن بذلك، ولا يجوز لك أن تجمد على اللفظ دون إعمال المعنى والشرع يأذن بذلك، فهذا هو الفقه بالجملة.
الآن انظر إلى متأخري المالكية، المالكية لم يكتفوا بالقول بحجية عمل أهل المدينة، فذهب المتأخرون من المالكية إلى حجية عمل أهل فاس ويقولون على هذا أهل فاس في العمل، وهذا كذلك، كالذي قبله. فالعبرة بالإسناد والصحة.
ومن المعلوم أن منهج أهل البدع التعلق بالعمومات، فلما تحاققهم وتناقشهم وتبحث المسألة بأدلتها التي وردت فيها، فإنهم يحتجون عليك بعمومات، وهذه العمومات قامت الأدلة التفصيلية على خلافها، وهذا منهج من منهج أهل البدع.
لماذا أقول منهج أهل البدع ؟
لأن اعتقاد أن إمام من الأئمة الكبار الذين نبجلهم ونحترمهم، ولكننا لا نقدسهم أن كل قول من أقوالهم حجة في دين الله، وأنهم لا ينطقون عن الهوى، وأن كلامهم ما بنبغي أن يوزن بالموازين المعروفة عند أهل العلم من صحة الاستدلال وصحة الاستنباط، إنما هذا مبتدع، كل من يعتقد أن فلانا غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلامه كله حق وأنه لا يجوز أن يحاد عن أي مسألة قالها هذا مبتدع.
ما هو مسلك أهل البدع؟
هذا قرره الشاطبي بتفصيل في كتابه “الاعتصام” قرر أن أهل البدع دائما يحتجون بالعمومات، ولا يحتجون بالأدلة الجزئية الخاصة بالمسألة.
لعل في هذا بيانا يكفي بإذن الله تعالى.
مداخلة الأخ المتصل:
شيخنا ذكرتم أن الإمام الشافعي من جمله كلامكم يأخذ بظواهر النصوص.
هل من الدقة أن نقول أن الإمام الشافعي جمع بين مدرسة أهل الرأي وأهل الحديث؟
الشيخ مشهور :
أما الشافعي -رحمه الله تعالى- لما دخل بغداد وجد فرقتين وأقسم بالله أن يجمع بينهما، لكن الناظر في فقهه يجد أنه يعتمد على الأدلة النقلية كثيرا، وأن الغوص في المعاني وإعمال ما يسمى بالمقاصد وما شابه مسلك ليس ظاهرا عنده وإن وجد في فقهه.
والله تعالى أعلم.
مداخلة الأخ المتصل:
شيخنا ذكرتم مثالا لقراءة الفاتحة عند الأحناف، وذكرتم الأحاديث، هل أحاديث قراءة الفاتحة وأنها ركن متواترة شيخنا؟
الشيخ مشهور :
بلا شك أنها متواتر، وألف الإمام البيهقي كتابه “جزء القراءة خلف الإمام”، وألف الإمام الشافعي “القراءة خلف الإمام” وهذه مسألة اخرى، مع هذا فإن قراءة الفاتحة في الجهرية يرى المحدثون أنه لا بد من قراءتها، ونصر هذا البخاري في كتابه “القراءة خلف الإمام”، والإمام البيهقي في كتابه “القراءة خلف الإمام” وإعمالا للظاهر.
والله تعالى أعلم.
مداخلة الأخ المتصل:
كذلك رتب البعض قال: فلا يجوز مناقشة علماء الاحناف إلا بأصولهم، -بأصول مذهبهم فقط- فهل هذا الكلام صحيح شيخنا؟
الشيخ مشهور :
صحيح وخطأ، صحيح أنك لا تستطيع أن تقول أنهم حادوا عن أصولهم، وإذا ناقشتهم فلا بد أن تتذكر الأصول، لأن بعض الأقوال قد تبدوا مستغربة، ولكن من حيث الحق والباطل فالمناقشة بالصواب من الأدلة.
يعني اليد العادِيَة الظالمة هل تزيل الملك؟
لو أن كافرا أخذ شيئا من أراضينا أو شيئا من أموالنا فهل يملك هذا الشيء؟
عند أبي حنيفة يملك.
لكن الجماهير تقول أن اليد العادية لا يترتب عليها صحة ملك.
وهذا معمول به في القوانين الدولية العالمية.
وإلا فليهنأ اليهود.
قال تعالى: ﴿لِلفُقَراءِ المُهاجِرينَ الَّذينَ أُخرِجوا مِن دِيارِهِم وَأَموالِهِم﴾[الحشر: ٨]
فمذهب الإمام أبي حنيفة أن الكافر إذا ملك يصبح صاحب هذه الدار وصاحب المال يصبح فقير، قال الله تعالى: ﴿لِلفُقَراءِ المُهاجِرينَ الَّذينَ أُخرِجوا﴾، الجماهير قالوا لهم: ﴿دِيارِهِم وَأَموالِهِم﴾ ما خرجت عن ملكهم. والنصوص الصريحة الواضحة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (بئس ما جزيتيها) سنن أبي داود ٣٣١٦ وصححه الألباني، لما نذرت امرأة أنها إن أوصلتها المدينة، وركبت على ناقة النبي -صلى الله عليه وسلم- “والحديث في صحيح مسلم برقم ١٦٤١”
“كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِي عُقَيْلٍ، فأسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِن أَصْحَابِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، رَجُلًا مِن بَنِي عُقَيْلٍ، وَأَصَابُوا معهُ العَضْبَاءَ، فأتَى عليه رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو في الوَثَاقِ، قالَ: يا مُحَمَّدُ، فأتَاهُ، فَقالَ: ما شَأْنُكَ؟ فَقالَ: بمَ أَخَذْتَنِي، وَبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الحَاجِّ؟ فَقالَ: إعْظَامًا لِذلكَ أَخَذْتُكَ بجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ عنْه، فَنَادَاهُ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، يا مُحَمَّدُ، وَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَقِيقًا، فَرَجَعَ إلَيْهِ، فَقالَ: ما شَأْنُكَ؟ قالَ: إنِّي مُسْلِمٌ، قالَ: لو قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الفلاحِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَنَادَاهُ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، يا مُحَمَّدُ، فأتَاهُ، فَقالَ: ما شَأْنُكَ؟ قالَ: إنِّي جَائِعٌ فأطْعِمْنِي، وَظَمْآنُ فأسْقِنِي، قالَ: هذِه حَاجَتُكَ، فَفُدِيَ بالرَّجُلَيْنِ. قالَ: وَأُسِرَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ وَأُصِيبَتِ العَضْبَاءُ، فَكَانَتِ المَرْأَةُ في الوَثَاقِ وَكانَ القَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بيْنَ يَدَيْ بُيُوتِهِمْ، فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الوَثَاقِ، فأتَتِ الإبِلَ، فَجَعَلَتْ إذَا دَنَتْ مِنَ البَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ حتَّى تَنْتَهي إلى العَضْبَاءِ، فَلَمْ تَرْغُ، قالَ: وَنَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ فَقَعَدَتْ في عَجُزِهَا، ثُمَّ زَجَرَتْهَا فَانْطَلَقَتْ، وَنَذِرُوا بهَا فَطَلَبُوهَا فأعْجَزَتْهُمْ، قالَ: وَنَذَرَتْ لِلَّهِ إنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتِ المَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ، فَقالوا: العَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَتْ: إنَّهَا نَذَرَتْ إنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فأتَوْا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا ذلكَ له، فَقالَ: سُبْحَانَ اللهِ، بئْسَما جَزَتْهَا، نَذَرَتْ لِلَّهِ إنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، لا وَفَاءَ لِنَذْرٍ في مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِيما لا يَمْلِكُ العَبْدُ.”
نذرت أن تذبحها، فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها ما ملكتها، وقال (بئس ما جزيتيها) جزيتي هذه الناقة التي أوصلتك، وأخذ منها -النبي صلى الله عليه وسلم- منها الناقة وكان قد ملكها الكفار.
فالمسألة طويلة ولها ذيول وهذه مسألة من المسائل.
فالإمام أبي حنيفة قال ما قال بناء على أصول عنده، وأصوله بعضها معتبر وبعضها غير معتبر، فإن ثبت عندنا الدليل الصحيح فنقول به، ونقول -رحمه الله- هو مجتهد وله أجر، ولا نخالفه من عندنا، وإنما خالفه الأئمة الكبار.
انظر مثلا فقه المسألة في كتاب “الخلافيات” للإمام البيهقي، وانظرها في كتاب “الأوسط” لأبن المنذر، وحللها وحلل أصلها وبين كيف نشأت وكيف قامت مع الراجح الأستاذ فتح الدريني في كتابه ( المناهج الأصولية).
السؤال التاسع: أحسن الله إليكم نريد من فضيلتكم نصيحة حول منهجية في دراسة علم أصول الفقه وكيف يتدرج الطالب؟
الجواب:
أولا الطلبة في دراسة علم أصول الفقه أقسام.
ولابد أن تعلم المصطلحات المعروفة عند الأصوليين ولو قرأتها بإيجاز.
إذا كنت مشاركاً في سائر العلوم وتعرف طريقة أهل العلم، وتقرأ للأقدمين فاقرأ كتاب الورقات وشرح له ،وهذا في البدايات.
وأما إذا لم تكن راسخاً ولا تعرف مصطلحات العلماء فعليك بكلام المعاصرين وكتب المعاصرين حتى تفهم كلامهم.
وطالب العلم في علم الأصول ينبغي أن يركز في فترة من الفترات تركيزاً قوياً على المباحث المشتركة بين الكتاب والسنة، فلُب علم الأصول هو المباحث المشتركة بين الكتاب والسنة.
ومن هذه المباحث مثل العام والخاص، والناسخ والمنسوخ، ومن أهم هذه المباحث على الإطلاق الدلالات، كيف توجه بين النص وبين الحكم الذي يفيده النص، فتفهم المنطوق والدلالات من غير المنطوق كالإيماء والإشارة ومفهوم المخالفة ولاسيما عند تزاحم الدلالات في المحل الواحد فمن الذي يقدم، والقواعد المضبوطة المذكورة في كتب علم الأصول.✍?✍?
شيـخُنا الحبيب هل تنصحونَ الإخوةُ المبتـدئينَ في دراسةِ الفقه أن يتفقهوا على المذاهـب، وما هي أفضـلُ طريقةٍ -باركَ اللهُ فيكم- في دراسـةِ الفقه؟
الجـواب :
دائما في الأمورِ المهمةِ والتي يُرِيدُ العبدُ فيها أن يكون لَهُ مَلَكةٌ وقَبول؛ أن يستكشف. يدرسُ الفقهَ دراسةً جُملِيَّة كُلِّيَّة، ثم بعد الدراسةِ الجُملِيَّة يبدأ بدراسةِ الفقهِ دراسةً تفصيليةً، والطريقةُ التي يقوم بها بعض الإخوة، يدرسُ الفقه فيبدأ في باب (المياهِ) ويتعمّقُ في باب (المياه) ويدرسُ الأدلةَ ويـدرُسُ التّفصيلَ والتّدقيقَ ويمكثُ السَّنَةَ والسَّنَتَينِ وهُو طالبُ علمٍ في المياهِ حتى يغرقَ في المياهِ ولا يخرجَ من المياهِ ولا يتعلّم شَيْءٍ غيرِ المياه!
و بعد حين إن أرادَ أن يكونَ له فيها نصيب؛ يدرسُ بعدَها الصلاةُ ثم لا يكادُ يخرجُ من الصلاةِ وهكذا، إقرأ الفقهَ ولا بأسَ أن تَتَعَلَّمَ مَذهباً من المذاهبِ، والأمر يسيرٌ وسهلٌ.
وشـيخُ الإسلامِ ابن تيمية رحمهُ الله تعالى في كتابهِ البديعُ وهو رساله صغيرة ونتمنّى أنْ يُفسَح الوقتُ لأن نشْرَحَها وهي “رفع الملامِ عن الأَئِمةِ الأَعلام”.
شـيخُ الإسلامِ ابْنُ تيميةَ يقول وأن تَتَعَلَّمَ إن رأيت إمامَـك خالَـفَ الدليل؛ فقُل:
إمامـي معـذورٌ بتركـهِ لـلدليل، وأنا معذورٌ بتركِ إمامـِي.
وأَنا لَـمَّا أتْرُك إمام من الأئمة المعتبرين؛ أتحوَّل إلى إمام آخـر.
وهذا هو العِلم، العِـلمُ أن تأخذَ الأحكـامَ الفقهيّة بأدلَّتِها التّفصيليّـة.
وأما تلقِّي كلامِ النّاس بلا أدِلة ولا وحْيٍ ولا كتـابٍ ولا سُنَّةٍ ولا أقوالِ الصحابة؛ هذا جهل، وهذا ليس عِلماً، ولـذا قَالَ أبو جعفر الطحـاويّ:
لا يُقلِّّدُ إلا جاهل.
التقليدُ جهلٌ، وطالبُ العلمِ في بداياتهِ؛ جهلُهُ واسع، ولذا يبدأُ مقلِّداً، لكن لا يجمدُ على أقوال ِالبشرِ، فإن تعلَّم من بابِ رفع ِالجهلِ عَنْهُ؛ فهذا أمرٌ لا حَرج فيه.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة:
٨، رجب، ١٤٤٠ هـ
١٥ – ٣ – ٢٠١٩ افرنجي
↩ رابط الفتوى: http://meshhoor.com/fatwa/2847/
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?
السؤال السابع: نرجو الشرح والبسط لقاعدة “تعارض الأصل مع الظاهر” مع المثال؟
الجواب: الأصل في الأشياء الحل.
ظاهرٌ لك بدا أن فلاناً يريد هذا الأصل الذي فيه الحل يريد أن يستخدمه في حرام، أيهما يقدم الأصل أم الظاهر؟
يعني واحد مثلا يبيع في محل بملابس (نوفوتيه)، والمرأة تلبس بنطال تستر به نفسها تحت جلبابها، فلا حرج في ذلك، لو جاءته امرأة تلبس بنطال، أو إنسان يبيع الطِّيب (العطر)، فالمرأة تشتري الطيب و تتزين لزوجها فلا حرج، فالطِّيب الأصل في بيعه الحِل، جاءت امرأة متعطرة فهذا الواجب عليه أن ينكر على من تلبس البنطال وعلى من تضع الطيب، وأقل درجات الإنكار أن لا تبيعها وتقول لها: يا أختي حرام عليك أن تضعي الطيب وأنا لا أبيعك، حرام عليك أن تلبس البنطال وأنا لا أبيعك.
فهذا أقل درجات الإنكار.
فإذا تعارض الأصل مع الظاهر؛ اختلف العلماء، هل يستصحبون الأصل أم يستصحبون الظاهر، أو التفصيل؟
الصواب: التفصيل، ودليل التفصيل حديث ذو اليدين،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إحْدَى صَلاتَيْ الْعَشِيِّ – قَالَ ابْنُ سِيرِينَ : وَسَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ . وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا – قَالَ : فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ سَلَّمَ . فَقَامَ إلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ , فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى , وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ . وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالُوا : قَصُرَتِ الصَّلاةُ – وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ – فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ . وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ , يُقَالُ لَهُ : ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَنَسِيتَ , أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاةُ ؟ قَالَ : لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ . فَقَالَ : أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ . فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ . ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ . ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ , ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ . ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ . فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ : ثُمَّ سَلَّمَ ؟ قَالَ : فَنُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ : ثُمَّ سَلَّمَ .
صحيح البخاري كتاب السهو (1169).
الصحابة اختلفوا على ثلاثة أقسام لما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة الرباعية والراجح أنها صلاة الظهر صلاها النبي -صلى الله عليه وسلم- ركعتين.
– فبعض الصحابة صلى وخرج.
الذي صلى وخرج قَدَّم ماذا؟
قدَّم الظاهر.
– وبعض الصحابة أنكر لأن الصلاة أربع ركعات والنبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها ركعتين، فهذا قدَّم الأصل على الظاهر.
– وبعض الصحابة استفصل بأدب، – وما أحوجنا للأدب-.
فقال للنبي -صلى الله عليه وسلم- أقَصُرَت الصلاة أم نسيت؟
فهو قدم العذر بين يدي أهل الفضل.
واحد من أهل الفضل إن أخطأ سواء أباك أو واحد قريب أو أحد من أهل العلم، أو أحد من الصالحين، إن رأيته أخطأ فقدم بين يدي الإنكار عليه بالعذر.
قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- أقصرت الصلاة أم نسيت؟
وفي القول للنبي -صلى الله عليه وسلم- أقصرت الصلاة؛ دلالة على أنّ قصر الصلاة وكذا جمعها لا يلزم فيها إخبار الناس.
ولذا يجوز نية الجمع من تكبيرة الإحرام الثانية، لأنه يقول له أقصرت الصلاة أم نسيت.
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ما اخبر أنه قصر.
فنية القصر ونية الجمع لا يلزم الإمام أن يخبر بها.
ولو أخبر بها فلا حرج، لكن لا يلزمه أن يخبر بها.
فالصحابي الذي أخبر بهذا الكلام استفصل عن مخالفة الأصل مع الظاهر.
فالأصل في الأشياء الحل، إن قام لك ظاهر وهذا الظاهر قوي، وقد تقوى عندك؛ فهنا استفصِل.
يعني واحد مثلا يعمل في إصلاح الكهرباء (كَهربائي)، ووضعوه في مسرح وهو يرى الطاولات منها ما هو طالع ونازل، ويرى أمور غير طبيعية، وهو يريد أن يشتغل الكهرباء في هذه الصالة في (فندق مثلاً)، فهذه الصالة الأصل يستفصل هل هي صالة خمر؟ أم (بار)؟ هل هذه صالة تستخدم في الحرام أم في الحلال؟
فمتى قالوا له هي بار.
ماذا يقول؟
يقول: لهم حرام ولا أعمله.
وإذا ما عرف لا شيء عليه.
فإذا اختلف عندك الأصل مع الظاهر؛ فتُقَدِّم التفصيل.
وهنا نقطة مهمة جدًا ينبغي أن ينبه عليها:
الشيء الذي يستخدم بأكثر من وجه (وجه حلال ووجه حرام)؛ الأصل في بيعه أنه حلال، والإثم على مستَعملِه.
فهنا لا نقول: الأصل والظاهر.
هنا نستصحب الأصل.
يعني واحد يعمل في سوبر ماركت يبيع شفرات الحلاقة، فليس مطلوب من هذا البائع أن يسأل المشتري عن هذه الشفرة ماذا تريد أن تعمل بها، لأن الشفرة يعمل بها الحلال الواجب، وقد يكون تأدية هذا الواجب بهذه الشفرة،
حلق العانة وقت لنا النبي – صلى الله عليه وسلم- أربعين يوما، وبعد الأربعين يوم؛ حرام إبقاء العانة سواء للذكر أو الأنثى وسواء متزوج أو أعزب، فكثير من الناس يتركون خصال الفطرة وخصوصاً البنات في فترة ما قبل الزواج، وهذا بالشرع ممنوع.
واحد اشترى من آخر شفرة ما هو المطلوب؟
أن تبيعه والاستعمال هو الذي يقرر هل حلال أم حرام.
لك أن تطعم الكافر خبز وأن تبقي الحياة فيه ولك فيه أجر؛ أما المنع لقول الله عز وجل: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان} [المائدة: ٢]؛ فهذا يقتضي أن لا تبيع ولا تشتري ولا تطعم وما شابه.
و هذه المسائل تحتاج إلى عناية ورعاية وتوفيق من الله عز وجل.
الأصل في الأشياء الحل وفي الحديث عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته “. البخاري(٧٢٨٩)، مسلم(١٣٣٧).
الأصل في الأشياء الحل وأشد المسلمين جرما من سأل عن مسألة فحُرِّمَت من أجل مسألته.
ابن عباس يقول ما سأل أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم رسول الله- إلا أربعة عشر سؤالاً.
فكانوا يخافون من هذا الحديث. أشد الناس جرما من سأل عن مسألة فحرمت من أجل مسألته.
وكانوا يحبون أن يأتي الأعرابي من خارج المدينة فيسأل النبي – صلى الله عليه وسلم-.
جاء في صحيح مسلم (١٢): عن أنس قال: كنا نهينا أن نسأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن شيء، فكان يعجبنا أن يأتيه الرجل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع.
السؤال العاشر :
*ما معنى قاعدة أن كل عبادة مؤقتة إذا أخرجها الإنسان عن وقتها بغير عذر لن ينفعه قضاؤها كالصلاة والصيام يعني إذا ترك* *الإنسان فرض الصيام في رمضان متعمدا نقول لا* *تقضيه كذلك إذا ترك الصلاة* *متعمدا أو نام عمدا و خرجت* *عن وقتها واستدل* *العلماء كما أنه لا يجوز فعل* *العبادة قبل وقتها فلا يجوز فعلها بعد وقتها*؟
الجواب:
هنالك قولان لأهل العلم في موضوع القضاء، والكلام فيه دقة وارجو الله عز وجل أن يطلق لساني وأن يشرح صدوركم لفهم ما سيقال.
جماهير أهل العلم يقولون عندنا صورة فعل وعندنا وقت فإذا فات الوقت تبقى الصورة،
ماذا يعني تبقى الصورة ؟
يعني وقت صلاة الظهر لها وقت فإذا فات وقتها تبقى صورتها أربع ركعات.
فالأربع ركعات تؤدى في خارج وقتها.
وهكذا كل عبادة لا يجوز للإنسان أن يقضيها كالصيام له صورة.
المانعون قالوا هل الشرع أراد الأربع ركعات أم أراد الأربع ركعات في هذا الوقت.
فعلى كلامكم من فاته الوقوف في عرفة يقضي فالوقت كالمكان فمن فاته الوقوف في عرفة يقضي.
من فاته الصيام في النهار ينقله إلى الليل يصوم في الليل بعدد ساعته في النهار ؛ وأنتم لا تجوّزون ذلك فقولكم الوقت وفعل العبادة وإذا فاتت العبادة تؤدى في غير وقتها أنتم لا تقبلونه بالإضطراد، فدلونا على قاعدة مضطرده عندكم .
فأنتم على فهمكم وعلى كلامكم سنلزمكم ببعض الصور على قاعدتكم أنتم لا تقبلونها.
يعني تجوزوا القضاء فهل يجوز ان يقضي الواحد صوم النهار في الليل على عدد ساعاته .
لذا قال أهل العلم كل عبادة مؤقتة محصورة بين وقتين بخلاف العبادة المطلقة.
*فالعباده وتعلقها بالزمن قسمان*:
*علاقة مؤقتة لها أول ولها آخر*.
* وعبادة مطلقة*.
فكل عبادة محصورة بين زمنين إن فاتت لا يجوز قضاؤها إلا بنص جديد.
وأما العبادة المطلقة فيجوز قضاؤها بالعموم.
جاءت امرأة إلى النبي ﷺ فقالت : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر ، أفأصوم عنها ؟ قال : أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته قالت:نعم قال فدين الله أحق بالقضاء ، أكان يؤدّي ذلك عنها ؟ قالت : نعم . قال : فصومي عن أمك .
طيب النذر عبادة مؤقتة أم عبادة مطلقة؟
عبادة مطلقة.
الحج هل يجوز الحج عن الميت؟
يجوز بالضوابط المختلف فيها بين أهل العلم ولكن من حيث الجواز جائز.
فعَنْ ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رَسولَ ﷺ رجلاً يقول: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ. قال: ” مَنْ شبْرُمَةُ،. قال : أخٌ لِي أو قريب لي. قال:”حَجَجْتَ عن نَفْسِكَ؟ ” قال: لا. قال:”حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثم حُجَّ عن شُبْرُمَةَ “. (رواه أبو داود وغيره)
قال أهل العلم من لبى في الحج عن غيره ولم يحج عن نفسه لم يقع الحج عن الغير وإنما وقع عنه.
طيب إنسان حج عن غيره جاز الحج،
طيب الحج عبادة مؤقتة أم عبادة مطلقة؟
عباده مطلقة أي بأي سنة فعلت الحج سقط عنك بخلاف الصوم.
الحج ليس له أول وقت وآخر وقت.
فالحج مرة واحدة في العمر.
*فلذا قال أهل العلم كل عبادة محصورة بين حدّين فلها وقتان فإن فاتت فلا تجب في الأمر الأول وإنما قضاؤها يحتاج إلى أمر جديد*.
*{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} انتبه للآية هذا تأسيس أم تأكيد؟*
*على قولنا أن كل عبادة محصورة بين حدين إن فاتت فيجب قضاؤها بأمر جديد -انتبه المريض إذا أفطر والمسافر إذا أفطر هذا في عبادة مؤقتة أم عباده مطلقة الصوم عبادة مؤقتة أم مطلقة؟ عبادة مؤقتة*.
*قال الله تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} – هذا تأسيس حكم جديد وليس تأكيد لحكم سابق و التأسيس مقدم على التأكيد*.
*لو كان في الشرع كل عبادة فاتت بغض النظر عن وقتها يجب قضاؤها إن فاتت يكون هذا الكلام كلام تأكيد*.
*لكن لو كان الأمر كذلك، أي كل عبادة فاتت يجب قضاؤها ما احتجنا أن يقول الله سبحانه تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}*
*لما احتجنا لهذا لأنها معروفة بالقاعدة الأصلية عندهم عند الأداء فهذه قاعدة جديدة فيها تأسيس جديد* .
*السؤال الأول: فقد سألني غير واحد من إخواننا في مسائل متفرقة يجمعها أصل واحد، ويتفرع عنها عشرات المسائل ، ولكن في واقع الحياة تظهر بعض المسائل، فتكون لصيقة بهذا الأصل على وجه أكثر من غيرها ، من الفروع:*
*أخ يقول: أنا أعمل كهربائيا هل يجوز لي أن أمدد خطوط النت وما شابه؟*
*وأخ يقول: طلب مني أن أؤجر مكانا لي في وضع الأبراج لشركة اتصالات، فهل يحل لي أن آخذ هذا المال، وإن صنعت فهل هذا حلال أم حرام؟*
*وأخ يسأل ويقول: أنا أبيع بطاقات الخلوي، فهل بيعي لهذه البطاقات حلال أم حرام؟*
إلى آخر مايمكن أن يتفرع من مثل هذه الأسئلة على أصل مذكور عند أهل العلم.
فالشيء الذي يستخدم في الحلال والحرام يبقى على أصله.
والأصل في المعاملات الحل.
خذ مثلا (مثال سهل )*بيع الشفرة* في السوبر ماركت.
ما هو حكم بيع الشفرة ؟
حلال أم حرام ؟
الأصل الحل.
لكن رجل بعينه، بملابسات معروفة عند البائع، سيشتري شفرة ليؤذي الناس ، هل يحل له أن يبيعه؟
لا ؛ لهذه الملابسات.
وإلا الأصل الحل، *والإثم على المستخدم وليس الإثم على البائع .*
الشيء الذي يستخدم في الحلال والحرام يبقى على أصله، والأصل الذي يبقى عليه هو الحل.
*ولذا كل الأسئلة المذكورة سابقا الأصل فيها الحل.*
اليوم *النت* لا يستخدم في الحرام الخالص، و قد لا يستخدم في الحلال الخالص، ولعل غالب الاستخدام مخلوط، *يستخدم في الطاعة*، ويستخدم في ما هو حلال، كالتجار، فبدل من أن يعاين البضاعة ويسافر لمعاينتها، قد يعانيها وهو جالس على النت، وقد *وقد يستخدم في الحرام.*
الاستخدام في الطاعة صاحبه مأجور ، ومن ركبه مأجور، في أي صورة من الصور مأجور ، حلال حلال ، *أما الحرام فالإثم على من يستخدمه،* إلا إن قامت قرائن خاصة بشخص معين بمعلومة متيقنه أن هذا لا يستخدم إلا في الحرام، فحينئذ نقول في حق فلان الواجب عليك أن تنكر.
يعني بيع *الخبز وبيع اللحم وشوي اللحم حلال* ، لكن جاءك رجل ومعه *خمر* وقال لك: الان اشو لي كيلو لحم، الواجب عليك الإنكار، الواجب عليك أن تنهره، وبياع الخبز كذلك لا يبيعه خبز.
*لذا دائما فاعل المعصية في المجتمع السليم الذي فيه حياء مقهور مغلوب على أمره، لا يرفع له رأسا، فسيجد من ينكر عليه في كل باب يريد أن يطرقه وأن يسير إليه.*
إن غلب الحرام على الاستعمال فالورع ألا تفعل، لكن لا تقل حرام، لا تؤثم الناس.
فبعض الشباب مجرد ما بعض الناس يستخدم الهاتف الخلوي في حرام يقول لك: بيع الهاتف حرام، وبيع بطاقات الشحن حرام، فهذا خطأ، فهذه طريقة في الفقه غريبة عجيبة لا توجد عند فقهائنا وعند علمائنا، *فالفقه في أصله مأخوذ من رخصة من ثقة.*
و قواعد أهل العلم في أن المعاملات الحل وتبقى على ما هو عليه.
وهذه مسائل كما قلت لكم تشمل مئات الفروع من المسائل.
يعني بائع الملابس، خصوصا الملابس النسائية عمله حلال أم حرام ؟
حلال، الأصل في بيع الملابس الحل، الأصل في المعاملات الحل ، فليس مطلوبا منه كلما جاءت امرأة تريد أن تشتري شيئا يفتح لها محضر ويعمل معها تحقيق، لماذا تريدين شراء هذه الملابس، وماذا ستعمل بها.
وبيع العطور، فالأصل في بيع الطيب الحل ، لكن جاءت امرأة لبائع يفوح منها العطر، الواجب عليه الإنكار، وإن غلب على ظنه بالقرائن أن هذا العطر سيستخدم بالحرام، فيكفيه البيان.
*فمن أراد أن يحولنا عن الأصل و هو الحل إلى الحرمة هو الذي يحتاج إلى مسوغ لهذا التحول، وهذا المسوغ يدرس ، على حسب القرائن التي تحولنا من الأصل إلى الظاهر.*
انظروا إخواننا إلى دقة علمائنا، هذا الكلام الذي نقوله كله عليه أدلة.
ودليله حديث لا يخطر إلا في بال الفقيه، حديث ذي اليدين، لما النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر أو العصر، *والراجح الظهر في الروايات الحديثية،* فسلم النبي صلى الله عليه وسلم على رأس ركعتين، فهاب أن يكلمه كبار الصحابة، فقام رجل يقال له *ذو اليدين،* له يدان طويلتان، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: أقصرت الصلاة أم نسيت؟
الصحابة رضي الله تعالى عنهم اختلفوا عندما سلم النبي صلى الله عليه وسلم على رأس ركعتين في واقع حالهم (لا بلسان جدالهم) اختلفوا في واقع حالهم إلى ثلاثة أقوال:
*القول الأول:* صلوا ركعتين فخرجوا، قالوا الوحي ينزل والصلاة تتغير والنبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بناء على وحي من الله، فخرجوا.
لذا وردت رواية عند أبي داوود يصححها شيخنا الألباني رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جمعهم بعد الذي جرى بينه وبين *ذي اليدين* جمعهم بإقامة جديدة، يعني النبي في تلك الصلاة صلى الله عليه وسلم أقام للصلاة مرتين، قبل أن يدخل في الصلاة وبعد السلام ، لأن هناك أناس خرجوا على رأس ركعتين .
وهناك ناس هابوا أن يتكلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ووقع في قلوبهم أن سهوا وقع من النبي صلى الله عليه وسلم.
وهناك أناس استفصلوا، كصاحب ذو اليدين ، فقال أقصرت الصلاة أم نسيت؟
ففي ناس *أخذوا بالظاهر*، *وفي ناس أخذوا بالأصل،* *وفي ناس لما تعارض الأصل مع الظاهر استفصلوا.*
أيهما أكثر الناس توفيقا، عند مخالفة الأصل مع الظاهر؟
*الاستفصال*، تطلب التفصيل.
فبعض الناس يتعامل مع الأمور بالظاهر ، ويعطي حكم على ما رآه، فيمنع أو يجوز على ما رآه.
نحن مسألتنا الآن لا تخص شخصاً بعينه، بل تخص مجموعة من الناس، وهؤلاء المجموعة مبهمون بالنسبة للبائع، لكن بالواقع ومعرفة حال الناس يعلم أن البعض يستخدم بالحلال، والبعض يستخدم بالحرام.
هذا الأمر لا يسعف أن يحول الأشياء عن أصلها، وهي الحل.
ففي كل هذه المسائل الأصل فيها الحل.
يعني واحد يعمل في الدهان أو في الكهرباء أو في الألمنيوم أو في الحديد في فندق، فالأصل في عمله الحل، احضروا الكهربائي أو الحداد وبدأ في مكان غريب للقياسات أو الهندسة، فهو يستفصل قال ما هذا ؟
قال : هذا بار.
قال: لا هذا حرام، مادام هذا بار هذا حرام أن اشتغل فيه ، البار يستخدم على وجه واحد أم على أكثر من وجه؟
على وجه واحد، وهو الحرام ، فحينئذ نقول: *ولا تعاونوا على الأثم والعدوان،* لأن مثل هذا لا يستخدم إلا في الحرام ، ما عدا هذا الأصل الحل.
ومن أتقن هذا الكلام الذي نقوله الآن يجيب على ألوف المسائل.
طباخ يطبخ في فندق، وواحد يورد طعام على فندق، وواحد يورد فواكه في فندق، هل عملهم حلال ولا حرام؟
حلال.
واحد يشتغل في فندق وقال صاحبه تعال احمل الخمر.
قال له: لا، فالنبي عليه السلام لعن حامل الخمر، وواحد يعمل ويرى الخمر ، الواجب الإنكار.
*أحكام الله فوق الخلق، لكن لا يجوز لنا بحكم كثرة الحرام أن يصيبنا ردة فعل تخرجنا عن تقعيدات أهل العلم.*
*بعض الأبناء الصغار يتمردون على آبائهم؛ لأن عنده تلفزيون ، فالتلفزيون صار أمره سهل بالنسبة إلى غيره، أنت الآن أؤمر، وأنهى ، وتكلم بنفس هادئ وحقيقة علمية وصحيحة إذا رأيت منكرا، إذا لم تر منكرا فالتلفاز قد يستخدم الآن بالحلال، أنت اﻵن لا تريد أن يدخل التلفزيون بيتك فهذا ورع منك .*
وأول ما خرج *التلفزيون* كان بعض الناس يعزم عليه ويقسم عليه: *يا أيها الجني أخرج من هذا الجهاز* قال هذا جني.
هذا أمر موجود، وواقع كان موجود عند بعض الفقهاء، لما يقولوا عن التلفون عن الراديو، قالوا هذا جن يتكلم، اعزم عليه واقرأ عليه واقسم عليه بالله أن يخرج.
لا ما يخرج، لو تقرأ كل القرآن مليون مرة ما يخرج، لأن التكييف المتصوره المتكلم على هذا الجهاز هو خطأ.
*من أراد أن يتورع فأمر طيب، الورع حسن، لكن ليس لك أن تتعدى على أحكام الله جل في علاه.*
*فالأمور التي تستخدم في أكثر من طريقة الأصل فيها الحل، وإلا أنت تؤثم نفسك إذا اشتريت هاتفا، وإذا هو باع الهاتف، فأنت شراءك للهاتف مشكلة.*
فهذه مسائل أحببت أن أذكر إخواني فيها.
وكان السؤال الملح، هو استأجار سطح البيت، لتقوية البث للخلوي، فالأصل فيه الحل.
*السؤال الخامس: أرجو من فضيلة الشيخ أن يبين لنا المراد من اختلاف التنوع واختلاف التضاد مع ضرب الأمثلة وهل هذا خاص بالفقه وهذا له علاقة بموضوع خطبة الجمعة في هذا اليوم وجزاك الله خيرا؟*
الجواب : خلاف أهل العلم نوعان: يسميه *ابن خزيمة* في صحيحه وأكثَر من ذلك أيضا تلميذه *ابن حبان* في صحيحه *الخلاف الحلال*.
شيء ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أكثر من حال فهذا يسمى *اختلاف تنوع* مثل الصيغ التي تقال في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، ومثل صيغ أدعية الاستفتاح، فدعاء الاستفتاح له أكثر من صيغة، فهذا ليس *اختلاف تضاد* هذا ثابت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من صيغة ،فالاختلاف في هذا *حلال* والإختلاف في هذا *اختلاف تنوع*.
وأول من وجدته قال اختلاف تنوع واختلاف تضاد فيما أعلم *ابن قتيبة*.
والأصل في اختلاف السلف في التفسير أنه *اختلاف تنوع*.
وخذ هذه القاعدة وافرح بها، خذها هدية سائغة لطلبة العلم:
إذا وجدت الصحابة والتابعين اختلفوا في تفسير آية فالأصل أن الآية تحتمل جميع هذه المعاني، والصواب عند جميعهم الأصل في اختلاف الصحابة في التفسير *اختلاف تنوع*، والصحابة يستنبطون وما زال القرآن يتحمل أن تستنبط منه أصولا صحيحة، فالآيات ألفاظها قليلة ومعانيها كثيرة، واجتهاد الحاكم اجتهاد الفقيه إمّا صواب وإمّا خطأ ،لما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال 🙁 إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ) صحيح البخاري 7352.
العالم المجتهد يكون قوله بين أجر وبين أجرين، ولكن المصيب للحق واحد.
وهناك مذهبان عند علماء الأصول مذهب يسمّونه مذهب *المخطّئة* ومذهب يسمونه مذهب *المُصوِّبة.*
*المخطئة* يقولون الأقوال خطأ إلا واحد.
( هذا في اختلاف التضاد.)
*والمصوبة* يقولون كل الأقوال صواب.
خذ هذه *المناظرة* حتى تفهم الأمور:
واحد من *المصوبة* يناقش واحدا من *المخطئة* ، *فالمصوبة* يقولون كل الأقوال صواب.
فقال له واحد من *المخطئة* قولك هذا خطأ، فينبغي للمصوب على أصوله أن يقول صواب، فقال صواب، فقال انتهت المناظرة.
*فالمصوبة* يقول كل شيء صواب.
واحد من *المخطئة* يقول له قولك هذا خطأ.
فعلى أصله ماذا ينبغي أن يقول؟
كلامك صواب، فانتهى الحال، وهذه أشار إليها *ابن الصلاح* رحمه الله تعالى في إملائه على *الورقات.*
السؤال السابع عشر : ما رأيكم فيمن يقول تفتي بالمذهب السائد عند الناس من باب ألا تحدث مفاسد ؟
الجواب: كيف تحدث مفاسد وأنت تتكلم بكلام الله وبكلام النبي ﷺ وهذا الكلام قال به جمع من العلماء المعتبرين ، الفتوى ألا تشذ عن أقوال العلماء المعتبرين وألا تلزم مذهبا معينا ، الله يقول { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ } إسألوهم بالحجج والبراهين .
المفتي الواجب عليه أن يفتي ويُدعم قوله بقال الله قال رسول الله ﷺ بالبينات والزبر ، ولا يوجد آية أو حديث ما شرف الله العلماء بالقول بها ، لكن الأحاديث منها ما بلغ بعض العلماء ومنها لم يبلغ بعضهم ، فيقول العلماء الثقات إذا خالف إمامك حديثاً فقل إمامي معذور بمخالفة هذا الحديث وأنا معذور بمخالفة إمامي .
عندما أنا يبلغني حديث وما قال به عالم ، هل المطلوب مني أن أتبع العالم أم أتبع الحديث ؟
فسئل النبي صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم ، قال : أنتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال :إن شئت . رواه مسلم ( 360 ) .
فجائني واحد أكل لحم جزور قال أكلت لحم جزور ، هل أقول له توضأ أم لا تتوضأ ؟
فكيف النبي ﷺ يقول توضأ من لحم الإبل وأقول له أنا لا تتوضأ .
في صحيح مسلم الإمام النووي
_شافعي وإمام من أئمة الشافعية_
يقول في شرحه على صحيح مسلم : والراجح قول من قال إن أكل لحم الجزور ينقض الوضوء لأن النبي ﷺ أمر بذلك .
أم نذهب لتلك القصة التي ما أنزل الله بها من سلطان وقصة لا تثبت لا في السند ولا في المتن ولا يمكن أن تقبل ، قالوا النبي ﷺ قال من أكل لحم جزور فليتوضأ؛
فكان جالسا في جماعة وكانوا قد أكلوا لحم جزور وواحد منهم خرج منه ريح فالنبي ﷺ حتى ما يحرجه ومن أجل سواد عيونه شرع للأمة كلها أن يتوضؤوا من أجل هذا الإنسان ، ومن أجل أن يستر عليه قال النبي ﷺ :
من أكل لحم جزور فليتوضأ ، فهذه القصة مرسلة لم تثبت بإسناد صحيح (وهي عند ابن عساكر وانظر السلسلة الضعيفة للشيخ الالباني. (١١٣٢))
أولاً : يعني عند علماء الحديث القصة ما ثبتت .
ثانياً: مستحيل أن النبي ﷺ يفرض على الأمة أن من لم يُحدث يوجب الوضوء من أجل غيره أخرج أو غيره أحدث ، فهذا غير ممكن .
ولا يوجد قصة واحد أكل وأخرج ريحا ، اما الوضوء من أكل لحم الجزور فالحديث صحيح وصريح .
أنا إذا رأيت إمامي خالف الحديث أقول إمامي معذور بمخالفة الحديث ، فمعاذ الله أن نضلّل علمائنا وفقهائنا ، نحن نعلم أن من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر ، وأنا معذور بتركي للإمام وأنا أحب كل الأئمة وكل علماء الإسلام وكل علماء الأمة .
واحد ما يتّبع إلا شخصا ويترك البقية هذا كذاب ، واحد ما يتبع إلا واحدا فقط ويقول أنا أحب هؤلاء ولا آخذ منهم أي قول ، فما هذا الحب !!
هل علماؤنا نحبهم كما نحب الشهوات معاذ الله ، حبنا للعلماء أن نتبع أقوالهم ونتخير من أقوالهم .
العالم الذي تعظمه ولا تأخذ بقوله كيف تحبه ، يعني مالك، أحمد، أبو حنيفة لا آخذ منهم شيئاً أبداً ،فماهو التعظيم الشرعي لهؤلاء ؟
التعظيم الشرعي أن نحترم علماءنا كلهم وأن نتخير من أقوالهم.