السؤال:
أنا شاعر ، وأعاني ممن يذمُّون الشعراء من الإخوة المستقيمين ، فهل من توجيه؟
الجواب:
يا أيها الشاعر ، لو كنتُ شاعرًا ؛ لقلت لك شعرًا، لكني لستُ بشاعر.
اعلمْ أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : الشعرُ كلامٌ ؛ فحسنهُ حسن ، وسيئهُ سيّء.
الشعر كلام.
ولكن اجعلْ الذي يطغى على قلبك القرآن ، لا يكن مما في قلبك من الشعر ؛ أكثر مما فيه من القرآن ، فهذا الذي ذمّهُ الشرع ، أن يكون الإنسان قلبه مليءٌ بالشعر ، وليس فيه شيء من القرآن الكريم ، وبعد ذلك كن كالصحابة ، والتابعين ، ومن بعدهم من الشعراء ؛ فلا حرج ، لكن ينبغي أن تتعلمَ أحكام الشرع في الشعر ، لا تذمّ شخصًا على التعيين لأن هذا يسموه هجاء ، ولا تتغزَّل في امرأة خاصَّة ، ولا تذكرُ الفحشَ من الكلام ، ولا تذكر العورات، وأما عموم الغزل ؛ لا حرج فيه ، فالشعراء العرب الأقدمون يبدأون قصائدهم -لا سيما المعلقات -؛ يبدأونها بالغزل العام ، وليس الغزل الذي يخصُّ امرأة معينة ، وليس فيه ذكر العورات ، وما شابه.
فهذا شيء من أحكام الشرع في الشعر.✍️✍️
السؤال:
هل هذه العبارة صحيحة “لا يجوز نسبة الشر إلى الله بإطلاق ولو على سبيل الإيجاد”؟
الجواب:
هذا خطأ ، هذا مذهب المانوية، هذا مذهب القدرية القُدامى.
لذا قال القاضي عياض والنووي وغيرهم ، قال هذا المذهب اندثر وزال، قال مذهب المجوس الذين يعتقدون أن الشر لا يخلقه الله ، وأن الذي يخلق الشر الإنسان ، وهذا ليس بصحيح.
الشر لا يُنسَب إلى الله من باب الأدب مع الله ، كما قال إبراهيم عليه السلام: ((وَإِذَا مَرِضۡتُ فَهُوَ یَشۡفِینِ ))
فنسب المرض لنفسه ونسب الشفاء إلى الله عز وجل.
ولو أنك استقرأت القرآن الكريم من أول آية فيه إلى آخر آية فيه تجدُ أن الشر يُنسَب أحيانًا بالفعل المبني للمجهول، كقول الله تعالى في سورة الجِنّ: ((وَأَنَّا لَا نَدۡرِیۤ أَشَرٌّ أُرِیدَ بِمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ أَرَادَ بِهِمۡ رَبُّهُمۡ رَشَدࣰا))، فلما ذكر الشرّ قال ” أريد بمن في الأرض ” ولما ذكر الرشدَ وهو الخير ” أم أراد بهم ” قال “ربهم ” ، ما قال أُريد ، هذه واحدة.
الثانية : أنْ يُذكَر الشرُّ بالعموم وأنْ يُضاف الشرُّ إلى سببه ولا يُضاف إلى الربِّ عز وجل كقوله سبحانه ((قُلْ أعوذ برب الفلق من شر ما خلق))، فتُضاف الشرّ بالسبب ، لكن لا تقول الله جل في علاه يا مُضِّر هذا خطأ ، من الضّار؟
هو الله.
أمّا أن تدعو الله وتقول يا مضر يا مُتسبِّب الضرر فلا ، فمن الأدب مع الله أنْ لا تَنسِب الشر إليه.
لكن من الذي خلق الخير والشر؟
الله ، الله خالق الخير وخالق الشر ، لذا ورد في الحديث القدرية مجوس هذه الأمة.
من هم القدرية؟
الذين يقولون أن الشرّ لا يخلقه الله ، وإنما الذي يخلقه البشرُ ، وهذا قول منسوب للمعتزلة.
كان الصاحب بن عباد في مجلس فيه سُني ومعتزلي ، فقال المعتزلي في حضرة الصاحب ابن عباد :
سبحان من تنزّه عن الفحشاء.
لأن المعتزلي يعتقد أننا إذا نسبنا الشر إلى الله فإننا ننسب إليه الشر.
فقال السني :
سُبحان من لا يكون في مُلكه إلا ما يشاء.
ودائماً العلماء لما يجلسون يفهمون – سبحان من تنزّه عن الفحشاء ، هو يعرض بأهل السنة.
فالسُني رد عليه وقال:
سبحان من لا يكون في مُلكه إلا ما يشاء.
فقال المعتزلي مستنكراً مستهجناً : أوٓ يشاء ربنا أن يُعصى.
فقال السني : أوٓ يُعصى ربنا قهرًا؟ يعني الذي يعصي الله يقهرِ الله عز وجل؟
فالشاهد أن الله خلق الخير والشر ولكن من الأدب مع الله عز وجل لا يُنسَب الشر إليه.
ولذا قول السائل في السؤال : لا يجوز نسبة الشرّ إلى الله بإطلاق ولو على سبيل الإيجاد ؟
لا.
خالق الشر هو الله جل في علاه ، ولكن من باب الأدب مع الله فإننا لا ننسب الشر إليه✍️✍️
السؤال الخامس: هنالك في أحد الدول المجاورة يقوم السجين بتهريب نُطفَة فتوضع في رحم الزوجة فتنجب وهو في السجن وله عدة أعوام فهل هذا جائز شرعا؟
الجواب: لا.
الجواب كما كتب الإمام محمد بن الحسن الشيباني في كتابه المطبوع المُسمى (السير الكبير ) أن الأسير له حق.
جاءتني باحثة ألمانية وباحث من سويسرا من (جنيف) ودعوني للمشاركة في مؤتمر وهذا المؤتمر نظمته مؤسسة « محمد بن الحسن الشيباني لحقوق السجين» وهذا المؤتمر في (جنيف) في سويسرا.
يعني الكفار يعرفون أعلامنا أكثر مما نعرف ويقولون محمد بن الحسن هو أول من أصَّل حقوق السجين في الإسلام وفي كتابه ( السير الكبير ) يقول من حق الزوج أن يتمتع بالزوجة.
يعني أن يخلو بزوجته وهو في السجن ومن حقه أن يتكسب (ويتعلم مهنة) و أن يتعلم.
فالسجين له حقوق في الشرع.
و أما هذه النُطفة و هكذا بهذا الإطلاق يُرسلها السجين فتوضع في رحم المرأة فلا.
أرأيتم لو مات السجين.
وسألتني إمراة تقول كنت و زوجي نعمل طفل أنبوب ، وزوجي مات و بقِيَت له من النطف محفوظة في البنوك ((بنك النطف)) فهل يجوز أن أستخدمها في الحمل؟.
أعوذ بالله و تحمل بعد وفاته،
مجرد وجود خطأ ولو باحتمال بأدنى شيء من الاحتمالات يمنع الشرع هذا .
فالأصل في موضوع التلقيح إن جاز أن يشهد شهود على أن هذا التلقيح أُخذ من فلان ثم يشهد شهود على أنا هذا التلقيح قد زُرع في رحم فلانة زوجته وهكذا.
أما هذه الفوضى و هذه الأشياء فهذه الأمور ليست مشروعة، وهي للمنع أقرب منها للجواز .
السؤال:
استقدمنا عاملة للمنزل فتبين أنها حامل ومدة الحمل شهر هل يجوز تنزيله لأنها لا تستطيع العمل؟
الجواب:
لا حول ولا قوة الا بالله أصبحت الدنيا والعمل من أجله يُقتَلُ الإنسانُ للأسف.
هذه الخادمة عندها ولد رضيع ماذا نعمل به؟
هل نذبحه!؟
لا تستطيع أن تخدم البيت ، فإمّا أن تستبدلها وإمّا أن تقبَل بهذا الحُكم أما الإجهاضُ والإسقاطُ هذا يجوزُ في الشريعةِ المعاصرة هذه الأيام .
الآن أصبح الإسقاط، في قوانين الطفل الجديدة ،
أصبخ الإسقاط مثل خلع الضرس،تُسقِط المرأة جنينها كالتي تذهب إلى الطبيب ليخلع ضرسها للأسف الكبير .
هذه البشرية أصبحت قيمةُ الإنسانِ تكادُ في بعض الأحايين أن تكونَ معدومة للأسف الكبير ،
التي كانت تُسقِط في العهد الروسي أيام النصرانية في روسيا وفي أوروبا كانت التي تُسقِط معرضة للقتل،
هذا الكلام قبل سبعين سنة من الآن ، وهذه قوانينهم هم وليست قوانيننا، وقوانيننا التي تُسقِط : آثمة عند الله عز وجل وإثمها شديد.
والله تعالى أعلم .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٦ – صفر – ١٤٤٤هـ
٢ – ٩ – ٢٠٢٢م
السؤال:
هل يجوز للرجل أن يحفظ أغنية أو موالا من غير موسيقى وهل يجوز أن يدندن فيه؟
الجواب:
إن كان مجاهدا وكان هذا الشعر فيه رجز وفيه دفع همة وليس فيه كلام بذيء وكان هذا يعين على الجهاد في سبيل الله وإلقاء الحماس فلا حرج في ذلك كما كان يفعل البراء بن عازب فكان ينام على ظهره ويضع رجله فوق رجله ثم يُلقي من الأشعار التي تدفعه إلى الحماس، وكان بطلا رضي الله تعالى عنه.
أما بالحركات والكلام البذيء فهذا أمر ممنوع وليس بمشروع.
ثبت عند البخاري في الأدب المفرد أن عائشة أرادت أن تختن ابن أخيها وكان العرب في الختان يصنعون الطعام ويدعون إليه فجيء بمنشد فكان ينشد ويهز ويتحرك فأنكرت عليه عائشة وقالت أخرجوه إنه شيطان.
فقول الرجز ينبغي أن يكون لدفع الحماسة وهو أقرب لبحر الرجز المعروف في علم العروض وهو كلمات قليلات موزونة تلقى بنغمة وتكون غير مصطحبة بالآلات ولا يكون فيها غناء وإنما فيها رجز فهذا الجائز دون سواه.
والله تعالى أعلم.✍️✍️
السائل: ما توجيه القول شيخنا : أربعةٌ لا تأنس منهم خير وذكر منهم ابن المحدث ؟
الشيخ: لا يلزم من أن لا يكون ابن المحدث محدثاً أن لا يكون صالحاً ، فالسؤال في شيء واعتراضك في شيء.
العلم ثقيل ، العلم ثقيل والناس لا يستطيعون إلا من آتاهم الله تعالى ، الله جل في علاه اختار المحدثين وخلقهم طوالاً ، وأوجد فيهم استعدادات لم توجد في غيرهم ، ولا يلزم إن كان الأب محدثاً أن يكون ولده كذلك ، ولكن لا يلزم من عدم كونه محدثاً أن لا يكون صالحاً ، فالإشكال في الصلاح ، وقلَّ من جمع الله له حُسن تصنيف وتأليف وكثرة طلبة مع أولاد من أهل العلم لا أقول من أهل الصلاح ، فأولاد العلماء في ما علمنا أنهم أهل ديانة وأهل صلاح وأهل تقوى لكن ليسوا أهل علم إلا بتوفيق من الله عز وجل .
وهذا يؤكد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أمر ينبغي أن ننتبه إليه قال ” من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين ” وقال ” العلماء ورثة الأنبياء “.
هل النبوة مكتسبة أم أن النبوة هبة من الله؟
هبة من الله ، وورَّاثُهم كذلك ، العلم هبة من الله وليس بمكتسبة.
الآن أتكلم عن الولد والاكتساب.
والعلم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم والنبوة أصلها هبة وليست مكتسبة ، فكذلك وارثوا النبي صلى الله عليه وسلم وارث النبي صلى الله عليه وسلم كذلك هو هبة من الله وليست هي مكتسبة ، لكن الصلاح مكتسب ، الصلاح مكتسب يُورَث بالتعليم ، فإن ابتلي الإنسان بولد غير صالح فيصبر ويتقي لكن لا ليس هذا هو الأصل والله تعالى أعلم.
السائل: طيب كيف تفسرون نوح عليه السلام ابنه ما وافق أباه نوح عليه السلام؟
الشيخ: هذا خلل في ابنه ، ابن نوح عليه السلام ضلَّ لأي سبب؟
الله بينه في القرآن ” قال يا بني اركب معنا” فأبى وقال ” سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ” ، ابن نوح قدَّم العقل على النقل ، فرأى في عقله أنه إن أوى إلى الجبل عُصِم ، وترك أمر أبيه وهو نقل وحيٌ من الله جل في علاه ، فتقديم العقل على النقل من أوسع أبواب الضلال.
هذا ابن نوح ، هذا أمر نادر ، قال علماء الأصول وعلماء القواعد الفقهية قالوا : النادر لا حكم له ، انظُرْ إلى الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ، من هو؟ من هو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم أربع مرات؟ يوسف ، يوسف ابن من؟ ابن يعقوب ، يعقوب ابن من؟ ابن اسحق ، اسحق ابن من ؟ ابن إبراهيم ، عليهم وعلى نبينا أفضل الصلوات والتسليم ، و انظُرْ إلى يحيى وزكريا ، و انظُرْ إلى عيسى ويحيى ابني الخالة كما في حديث الإسراء ، فالشاهد أن الأنبياء من سلالة طيبة وإذا وقع فيهم ما قال الأخ وما أشار إليه فهذا نادر والنادر لا حكم له ، لكنه يُصبِّر إذا وقع يُصبِّر نفسه ، وكذلك موسى وهارون إخوة ومثل إبراهيم ولوط وهكذا .
السائل: يعني هل هي قاعدة متطردة أو هناك استثناء يعني خللهُ قلت أن هذا الخلل في الداعية؟
الشيخ: إذا كان بلاء ، فرق إخواني وهذه مسألة تحتاج لبسط وتدليل و تطويل وفهم
وفهم باستقراء للنصوص وللأسف الكبير الكبير الكبير ، أن كثيراً من الدعاة لا يفرقون بين أمرين:
بين العقوبة والابتلاء ، بين العقوبة والابتلاء ، فأحياناً يكون ولدك فاسداً عقوبة لك ، وأحياناً يكون ولدك فاسداً ابتلاء لك ، فالابتلاء بارك الله فيك حتى يرى الله عز وجل كيف أنت وكيف تتعامل مع هذه النازلة كما حصل مع نوح عليه السلام ، أما أن يكون ولدك قد قصر و ابتعد عقوبة لك أو أنك قصرت في تربية أولادك أو لأنك تريد المباهاة والمفاخرة بأنك من أعلم الناس فحينئذ الله يبتليك بولدك فهناك فرق بين الابتلاء والعقوبة ، فبعض الناس أولادهم فاسدين عقوبة لهم وبعض الناس أولادهم فاسدين من باب الابتلاء لهم ، الكلام طويل عن البلاء والعقوبة لكن أُوجِز و أختصِرُ بخبر بل بحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في فتنة أيوب عليه السلام يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبو هريرة الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه يقول ” مكث أيوب في بلائه ست عشرة سنة حتى قذره الناس حتى بقي له رجلان من أصحابه كان يخدمانه في الصباح والمساء فقال أحدهما للآخر : لقد عصى الله أيوب معصية فانظُرْ أنّه في بلائه ست عشرة سنة و بقي في بلائه ولم يرفع البلاء عنه. هذا الرجل ما عرف الفرق بين البلاء وبين العقوبة فقال لأيوب : هذا يقول أنك أذنبت ذنباً يقول عن صاحبه فلم يرفع الله عنك هذا البلاء بسبب الذنب الذي أذنبته ، فقال أيوب عليه السلام : أما هذا فوالله إني لا أعرفه فوالله إني كنت أمُرُّ بالرجلين يحلف أحدهما بالله تعالى فأنقلِبُ إلى بيتي فأُكفِّر عن يمينه مخافة أن يُذكَر الله إلا بحق ، فرفع الله البلاء عن أيوب وأرجع له صحته وقوته وماله وكان يغتسل كما في صحيح البخاري وهو عُريان ، يتساقط عليه الفَراشُ من الذهب فيقول يا رب إني لا أنقطع عن فضلك وكرمك وعطائك وأحيا له أولاده وتمتع بأهله وكَثُر ماله
فعاقبةُ الابتلاء لمن صبر: الحُسنى .
فإذا كان هذا الولد قد وقع بسبب بلاء فعاقبتهُ الحسنى ، إلا أن يقضي الله أمرًا ، ففوق إرادته .
هذا خلاف بمن فرط بتربية أولاده ، ففرق بين تربية الأولاد وقيام الحق بهم ، أنا أؤدي الذي علي وأطلب الذي باستطاعتي وما يجريه الله عز وجل أصبر عليه.✍️✍️
الجواب:
لا.
ليس كذلك.
زيارات الناس فيما بينهم عادة وليست عبادة، والعادات لا توصف بالبدعية وإنما التي توصف بالبدعية العبادات، أما العادات فليست كذلك.
لكن لو قيل هذا لم يؤثر عن السابقين، أقول اذهب إلى المدينة، فقد دخلت بعض أزقّة المدينة النبوية فقالوا لي هذا حي يسكنه بني فلان قبيلة فلان، وبين الدور مجلس يجتمع فيه أهل العشيرة، مجلس مفتوح يجلسون فيه.
ففي العيد كيف كانوا يجتمعون؟يخرج من بيته ويجلس في مجلس عام ويلتقي بأقاربه.
أما اليوم بعد ما أصاب كثير من بلاد المسلمين تشتت وضياع بلاد صار الواحد له الأخت في العقبة أو في الرمثا ولا يستطيع أن يراها إلا أن يذهب إليها في العيد، فماكانوا كما كانوا قديماً.
وبالتالي نحن لسنا مطالبين أن نبرز من كان يذهب بالعيد لأن المقتضى استجد، والمستجدات تلزم أن لايكون هذا المقتضى حاصل.
والكلام في هذا طويل.✍️✍️
السؤال:
قررت وزارة الأوقاف أن تقام صلاة الاستسقاء في المساجد بعد صلاة الجمعة اليوم، هل ترشدنا فضيلتكم كيف نقيمها؟
الجواب:
الاستسقاء يكون على ثلاثة أنحاء:
1️⃣ الناحية الأولى:
وهي أصلها، وأحسن ما ورد فيها ـ وقال بها جماهير أهل العلم وأهل الحديث ـ من حديث عبدالله بن زيد الذي رواه عنه عَبّاد بن تميم (ابن أخيه) ثم رواه جمع عن عَبّاد.
والحديث: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي، وأنه لما أراد أن يدعو، استقبل القبلة، وحول رداءه».
وفي رواية: عن ابن شهاب، قال: أخبرني عباد بن تميم المازني، أنه سمع عمه، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يستسقي، فجعل إلى الناس ظهره، يدعو الله، واستقبل القبلة، وحول رداءه، ثم صلى ركعتين». [صحيح مسلم حديث رقم/894 كتاب الاستسقاء].
وكان ذهابه عند دنو حاجب الشمس في أول النهار، في السنة السادسة للهجرة كما ثبت عن عبدالله بن عباس في سنن أبي داوود قد واعد الناس للخروج عند ظهور الشمس، ذهب إلى المصلى الذي يصلي فيه صلاة العيد وصلى النبي صلى الله عليه وسلم ودعا ، وحوَّل ظهره للناس، خطب بهم خطبة ليست بالطويلة وليست الخطبة المعتادة.
وخطبة صلاة الاستسقاء على الراجح أنها خطبة واحدة لا خطبتين.
وقال أهل العلم ـ بناءاً على ما ثبت عن عبد الله بن عباس ـ:«خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متبذلاً متواضعًا، متضرعًا، حتى أتى المصلى – زاد عثمان، فرقى على المنبر، ثم اتفقا، – ولم يخطب خطبكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء، والتضرع، والتكبير، ثم صلى ركعتين، كما يصلي في العيد» [سنن أبي داود ـ جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها / رقم الحديث: 1165 حسنه الألباني].
فلم تكن خطبة الاستسقاء كخطبة العيد وكخطبة صلاة الجمعة.
والنبي صلى الله عليه وسلم حوَّل ظهره للناس ومدّ يديه.
ففي حديث أنس ـ في الصحيحين ـ «أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، حتى يرى بياض إبطيه» .
[أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء باب رفع الإمام يديه في الاستسقاء رقم الحديث: 1031، وأخرجه مسلم في صلاة الاستسقاء باب رفع اليدين بالدعاء في الاستسقاء رقم 89].
وفي رواية عند مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم جعل ظاهر كفيه إلى السماء لما رفع يديه.
فعن أنس بن مالك، «أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى، فأشار بظهر كفيه إلى السماء» [أخرجه مسلم في صحيحه باب رفع اليدين بالدعاء في الاستسقاء, رقم الحديث: 895]. وفي رواية عند أبي داود: “ومد يديه وجعل بطونهما مما يلي الأرض، حتى رأيت بياض إبطيه» الحديث. [باب رفع اليدين في الاستسقاء، رقم الحديث: 1171] صححه الألباني .
وهذا نوع من أنواع الاستسقاء وهو أحسن نوع من أنواع الصلاة أن يجتمع الناس في مصلى كبير، كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم، والكل يخرج .
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متبذلا متواضعًا متضرعًا، حتى أتى المصلى، فلم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيد»
[سنن الترمذي باب ما جاء في الاستسقاء. رقم الحديث: 558، ومسند أحمد رقم الحديث: 2039].
فمن السنة أن يخرج الإنسان متذللاً، متواضعًا.
ولو سبق ذلك شيء من الطاعات فلا حرج .
ولم يثبت شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة (الصيام) قبل الاستسقاء، وأول من شهر هذا الأمر عمر بن عبد العزيز، فقد كتب لولاته أن يحثوا الناس على الصدقة وأن يصوموا ثلاثة أيام قبل صلاتهم للاستسقاء.
ثم النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن خطب في الناس ـ وخُطبته ليست كخطبته المعتادة ـ إنما هي ذِكرٌ واستغفار وحثٌّ للناس على الطاعة وإقلاع عن المعصية وبيان شؤمها وضرها وسوئها.
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حوَّل ظهره للناس ورفع يديه ودعا، وحوَّل رداءه قبل الدعاء .
وتحويل الرداء يكون بتحويل ظاهره لباطنه، وباطنه لظاهره.
أي الشمال يصبح يمينا، واليمين يصبح شمالا.
ففي صحيح البخاري من حديث الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه، قال: ” رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم خرج يستسقي، قال: فحول إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو، ثم حول رداءه، ثم صلى لنا ركعتين جهر فيهما بالقراءة”. [أخرجه البخاري في صحيحه. باب: كيف حول النبي صلى الله عليه وسلم ظهره إلى الناس. رقم الحديث: 1020].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الرداء، فيحسن في الخطيب أن يلبس العباءة، ولما يريد أن يدعو يقلب العباءة .
وقال أهل العلم:
في هذا إشارة إلى صلة الظاهر بالباطن، وفي هذا معنى: يا ربنا قد غيرنا أحوالنا، فغيرنا بواطننا بأن عُدنا إليك وأن تبنا إليك وأن أقلعنا عن ذنوبنا، وها نحن نغيّر ظواهرنا أيضاً تفاؤلاً حسناً بأن تغير حالنا، وأن تغير قحطنا إلى خصبنا، و أن تجعل القحط خصباً، وأن تنزل لنا المطر والماء .
والنبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث عبد الله بن عمر ـ كما ثبت عند ابن ماجة والبيهقي وغيرهما : «ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا» الحديث [سنن ابن ماجه ـ باب العقوبات ـ رقم الحديث: 4019. شعب الإيمان للبيهقي: باب التشديد على منع زكاة المال. رقم الحديث: 3042].
2️⃣ الناحية الثانية:
أن يجتمع الناس على الدعاء، يرفع الإمام ويدعو بأن ينزل الله عز وجل المطر هنيئاً مغيثا.
3️⃣ الناحية الثالثة :
وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى على المنبر.
يخطب الخطيب خطبة جمعة عادية، ولما يأتي للدعاء، يقلب الرداء ويرفع يديه، كما بينا، ويدعو، والمأمومون في صلاة الاستسقاء يرفعون ويدعون كذلك، يصنعون كما يصنع الإمام .
ولا يشرع رفع اليدين لا للمأموم ولا للإمام في صلاة الجمعة أبداً ، إلا في صلاة الاستسقاء كما ثبت عن أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه» [أخرجه البخاري في صحيحه: باب رفع الإمام يديه في الاستسقاء. حديث رقم: 1031. وأخرجه مسلم باب رفع اليدين بالدعاء في الاستسقاء. رقم: 895].
لذا من الجهل أن يرفع المأموم يديه والإمام يدعو يوم الجمعة، هذا لم يقل به أحد من أهل العلم .
بعض الأئمة يرفعون أيديهم ، وهذا خطأ.
وبعض المأمومين يرفعون أيديهم في صلاة الجمعة وهذا خطأ .
رفع اليدين كما ثبت في الصحيحين من حديث أنس ما رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه قط إلا في الاستسقاء ، أي على المنبر، على المنبر لا يوجد رفع يدين، ولا في أي صلاة والإمام يخطب إلا في صلاة الاستسقاء .
وثبت في صحيح مسلم في من حديث عمارة بن رؤيبة وهو صحابي بدريٌ رضي الله تعالى عنه قال: لما رأى بشر بن مروان والي الكوفة على المنبر يرفع يديه وهو يدعو يوم الجمعة قال له هذا الصحابي البدريّ: «قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه المسبحة».
[صحيح مسلم باب تخفيف الصلاة والخطبة. رقم الحديث: 53].
أما رفع اليدين فهو مسنون على المنبر في صلاة الاستسقاء، فيرفع الإمام يديه، ويرفع المأمومون أيديهم، ويطلب الإمام من الله جل في علاه السقيا، ويطلب نزول المطر .
هذه كيفية صلاة الاستسقاء بإيجاز .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
18 – صفر – 1438 هجري
2016 – 11 – 18 إفرنجي
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍️✍️
السؤال :
هل الواجب على الخطيب أن يبين للناس بدعة الاحتفال بالمولد النبوي؟ ونرجو من فضيلتكم الكلام ولو يسيراً عن هذه البدعة.
الشيخ : طيب أكتفي بهذا الجواب في هذا المجلس والباقي إن شاء الله الخميس القادم.
أنا بداية قبل أن أجيب عن السؤال أعلن عن جائزة أنا ملتزم بها ومقدارها مليون دينار، من يجيبني على هذا السؤال:
السؤال الأول:
أولاً : كم مرة احتفل النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمولد النبوي؟
ثانياً : كم مرة احتفل أبو بكر بالمولد النبوي؟
ثالثاً : كم مرة احتفل عمر بالمولد النبوي؟
رابعاً : كم مرة احتفل عثمان بالمولد النبوي؟
السؤال الثاني: ما هي الحلوى التي قدمت لما احتفل النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمولد النبوي؟
السؤال الثالث: ما هي الأناشيد، ومن هو المنشد الذي أنشد في احتفال النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمولد النبوي؟
من أتاني بأجوبة الأسئلة الثلاثة هذه، فله مني جائزة مليون دينار، أنا ضامن ضامن أن الجواب هذا خرافة ما أنزل الله بها من سلطان.
نحن في كل لحظة نشعر بمنّة ربنا علينا، بعض أهل العلم يقولون: الواجب على المسلم في كل مجلس يجلسه أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، في كل مجلس تجلسه تشعر أن -الله عز وجل- قد امتنّ علينا بهذا النبي العظيم الرحيم الرؤوف بهذه الأمة.
الواجب علينا أن نلتزم هديه وأن ندعو لسنته، احتفالنا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أن نعلم سنته، وأن ننشر سنته، وأن نَهْنأَ بسنته: في مجلسنا، وفي طعامنا، وفي شرابنا. في قَومتنا، وفي نومتنا، هذا الاحتفال بالمولد النبوي.
أما أن يُجعَل للنبي -صلى الله عليه وسلم- احتفال كما يُجعل للأم احتفال يوم في السنة، وكما يُجعل للعمال احتفال: هذا مسخ لمعنى تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذا تعظيم أهل الدنيا لشأن الدنيا.
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- الاحتفال به: أن تلتزم سنته، وأن تؤدي حق أشهد أن محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أما أن نجتمع وأن نرقص وأن نأكل الحلوى وأن ننشد وأن نتغزل بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وبجمال بشرته وبجمال عيونه وبكحله وما شابه: هذا ليس صنيع الاتقياء، وهذا ليس صنيع أصحاب الاتباع، ليس هذا احتفالا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، حبنا لنبينا -صلى الله عليه وسلم- حبٌ شرعي وحبنا لنبينا -صلى الله عليه وسلم- حبٌ يدعونا لأن نلتزم سنته.
فالاحتفال بالمولد النبوي أول من أحدثه الفاطميون العبيديون، الفاطميون أعداء الله وأعداء رسوله -صلى الله عليه وسلم-، صاحب إربل(٥٤٩هـ- ٦٣٠هـ) منهم في العراق، هو أول من أحدث الاحتفال ببدعة الاحتفال بالمولد النبوي وكان ذلك في سنة خمسمائة ونيف ، وفصل في ذلك تفصيلاً بديعاً أبو شامة المقدسي في (كتابه الباعث على إنكار البدع والحوادث).
ما قبل الفاطميين ما كان يُحتفل أبداً في المولد النبوي.
هل لنا أن نفرح بمولده -صلى الله عليه وسلم-؟
نحن نفرح ببعثته -صلى الله عليه وسلم-، بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله -عز وجل- ما تركنا هملا وأرسل لنا رسلا، وأنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- ، بأبي وأمي هو -صلى الله عليه وسلم-، هذا هو حبنا لنبينا -صلى الله عليه وسلم-، أما أن نحتفل ونأكل الحلوى، ونرقص وننشد، ونتغزل بجمال نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأن نكذب عليه وأن نذكر في الموالد، ما رأيت مولداً مطبوعاً من الموالد الموجودة إلّا وفيها كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فهذا الأمر من البدع المحدثات التي أُمرنا أن نتجنبها.
“وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار” السلسلة الصحيحة (٢٧٣٥).
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.✍️✍️