السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخنا جزاك الله خيرا:
أود سؤالكم حول موضوع كثر الكلام واللغط فيه، وهو ملح جدا في هذا الوقت، ألا وهو أن موضوع الحظر.
كما لا يخفاكم هذه الأيام يبدأ الساعة السابعة مساء، وكما تعلمون شيخنا أن صلاة العشاء ستكون وقت الحظر.
فهناك من الإخوة من يقولون بجمع المغرب مع العشاء كمقترح.
فهل هناك مسوغ شرعي لمثل هذا الفعل.
وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
وعليكم السلام رحمة الله وبركاته.
الجمع بين الصلاتين مشروع في الحضر.
ولهذه المشروعية شروط ومن أهم هذه الشروط وجود العذر.
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- جمع من غير خوفٍ ولا مطرٍ ولا سفر.
قال أهل العلم:
هذه أعذار ثلاثة نموذجية، يجوز الجمع بين الصلاتين المشتركتين في الوقت -أعني جمع الظهر والعصر لاشتراكهما في الوقت من جهة، وجمع المغرب والعشاء لاشتراكهما في الوقت من جهةٍ أخرى-.
وباتفاق: لا يجوز الجمع بين العشاء والفجر، ولا بين الفجر والظهر، ولا بين العصر والمغرب، وهذا أمر متفقٌ عليه.
السؤال الذي يكثر الآن:
*الآن يوجد حظر، ونستطيع أن نصلي المغرب جماعة، وأما العشاء فلا نستطيع أن نصليه جماعة.*
*فهل يجوز الجمع بين المغرب والعشاء في بيوت الله تعالى في المساجد؟*
الجواب:
العذر.
ما هو العذر؟
العذر الموجود اليوم التخوف من المرض وليس هو المرض.
*وبالتالي لا يجوز الجمع من غير سبب.*
كثيرٌ من الناس يعتقدون أنه بما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع من غير خوفٍ ولا سفرٍ ولا مطر، إذاً يجوز الجمع من غير عذر، وهذا مذهب الشيعة الشنيعة وليس هذا مذهب أهل السنة.
كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
“ليس في النومِ تفريطٌ إِنَّما التفريطُ في اليقظَةِ، أنْ تؤخِرَ صلاةً حتى يدخلَ وقتُ صلاةٍ أخرى”. مسلم٦٨٠.
فمن كان يقظان؛ فالواجب عليه أن يصلي الصلاة في وقتها، ولا يجوز له أن يجمع.
لو وجد خوف من العودة للصلاة فحينئذ يجوز الجمع.
أما لو لم يوجد خوف، وإنما هو احتمال لوقوع وباء ووقوع خطر ونقل العدوى؛ فهذا التخوف لا يأذن بالجمع بين الصلاتين.
ونتأمل الحديث جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير خوف ولا سفر:
في السفر: الجمع يكون جمع شخصي.
والخوف والمطر: يجوز الجمع بالعذر النوعي، وليس العذر الشخصي.
ولذا أهل العلم يلحقون بالجمع في السفر جمع المريض.
فالجمع في العذر النوعي يشترط فيه وجود عذر، وهذا العذر لا يلزم أن تقع المشقة لكل أحد، لكن نوع المشقة موجود.
فالإنسان يمكن أن يكون ساكنًا في المسجد كالإمام، أو يمشي بالسيارة أو في الطرق المعبدة، لكن يبقى النوع موجودًا، فالإمام يقدر.
فإذا وجد أناس حريصون على الجماعة ولا يستطيعون العودة إليها بسبب وجود وتحقق هذا العذر جاز لهم الجمع.
الآن عذر السفر عذر شخصي.
لا يلزم في العذر الشخصي أن يكون الجمع تقديمًا.
فالعذر الشخصي يجوز فيه الجمع تقديمًا وتأخيرًا.
والإنسان الذي يجوز له الجمع يفعل الأرفق به.
المرض:
من كان مريضا لا يستطيع أن يصلي الصلاة على وقتها فيفعل الأرفق به، إما أن يصلي جمع تقديم أو يجمع جمع تأخير.
فالشاهد أن العذر لا بد من قيامه ولا بد من وجوده.
والتخوف من أجل المرض ليس عذراً.
فهذه أساليب احترازية، وجاء الشرع ولله الحمد والمنة وسبق البشرية في وجوب الحجر الصحي، وعدم اختلاط الناس بعضهم ببعض حتى تبقى الحياة، وحتى ندرأ عن أنفسنا الهلاك فيما هو معروفٌ لدينا في عالم الأسباب.
فنحن نلتزم الحظر من أجل التزامنا لأوامر الشرع.
ونحن سَبَقْنا الغرب والبشرية كلها؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بهذا الحظر في حالة الطاعون.
فلما يقع الطاعون حرم النبي صلى الله عليه وسلم أن تدخل منطقةً فيها الطاعون أو أن تخرج من منطقةٍ كنت تعيش فيها وفيها الطاعون، حتى لا تقع العدوى: فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا”. البخاري ٥٧٢٨.
*فالشاهد أن الجمع في المساجد هذه الأيام جمعٌ غير مشروعٍ لعدم وجود السبب، والتخوف ليس بسبب.*
والله تعالى أعلم.
✍️✍️
↩️ الرابط:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor