السّؤال:
رحل والدي وأنا في عمر عشر سنوات، فهل لي أن أذهب إلى قبره وأصلّي عليه؟
الجواب:
النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- سأل عن امرأه كانت تقوم في المسجد، فقالوا: ماتت ودفنّاها باللّيل، فلامهم النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، فأخذ معه مجموعة من أصحابه وصلّى عليها في المقبرة.
فمن مات ودفن وأنت لا تعرف عن وفاته؛ فيسنّ لك أن تذهب إلى قبره وأن تصلي عليه وهو مدفون.
أحد إخواننا -من قريب- توفي -رحمه الله-، وكان يصلي معنا -رحمه الله-، وهو شابّ فاضل نحسبه والله حسيبه، افتقدّته، فقالوا: مات، سبحان الله فلان!
أين دفنتموه؟
فذهبتُ وصليت عليه في قبره، فالصّلاة على القبر ليست خاصّة بالنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، ولو كانت خاصة به ما أخذ معه جماعة وصلّوا خلفه -صلّى الله عليه وسلّم- .
لكن ينبغي أن يكون الميت لم (يرم)، ما أرِم، ما ذاب في الأرض، يعني ليس لك أن تذهب إلى قبر إنسان مات قديمًا لكي تصلي عليه.
وسؤالك -يعني: السّائل- ناقص، حتّى أعطيك الجواب أحتاج الى سؤال كامل، متى مات أبوك، هل أرم في القبر ؟
إذا أرم؛ لا فائدة من الصّلاة عليه، وإذا كان موته قريبًا فلا حرج.
السّائل يقول: كان عمري عشر سنوات، رحل والدي -رحمه الله- وأنا في عمر عشر سنوات، فالظّاهر أنّه رحل من قديم، سياق الكلام يفيد أنّ الوفاة قديمة، فإذا كانت الوفاة قديمة وليس هو في قبره وإنّما أرم وأكلته الأرض، فلا صلاة عليه.
لم يعرف أن الصّلاة تكون على إنسان مات من بعيد، لكن عرف الحجّ والعمرة.
شيخنا الشّيخ عبد العزيز آل الشّيخ يُحبّ ابن عبد البرّ وابن رجب كثيرًا، فسمعته يقول: حججت عن ابن عبد البرّ، وابن رجب، وكلاهما لم يحجّ، فلك أن تحجّ عمن مات.
ابن حزم لم يحجّ، ولا يعرف من حجّ عنه، لكن لا بدّ له من أحباب…
فالشّاهد:
لك أن تحجّ على من مات قديمًا، لكن الصلاة على القبر لا.
والله -تعالى- أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٩ – صفر – ١٤٤٤هـ
٢٥ – ٩ – ٢٠٢٢م
السؤال:
أخٌ يسأل عن عذاب القبر.
هل عذاب القبر دائمٌ، أم هو ممتدّ حتّى تقوم السّاعة؟
الجواب:
قال الله تعالى :
{النّار يُعرضون عليها غُدوًّا وعشيًّا ويوم تقوم الّساعة أدخلو آل فرعون أشدّ العذاب} [غافر: ٤٦].
الآية واضحة، يعرضون عليها غُدوًّا وعشيًّا، فيعذبون وهم في القبور.
ولماذا نذهب إلى هذا، ونترك الأحاديث المتواترة الصّحيحة الصّريحة الواضحة الثّابتة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في إثبات عذاب القبر.
أحاديث إثبات عذاب القبر متواترة.
ما معنى متواترة؟
يعني: صحيحة كالقرآن، والحديث المتواتر حجيّته كحجيّة القرآن، مثل: عدد الرّكعات في الصلوات، الفجر ركعتان، والظهر أربع، والعصر أربع والمغرب ثلاث، والعشاء أربع، هذا حديث متواتر.
فحجيّة الأحاديث المتواترة لا ينازع فيها أحد، وأحسن من ألّف في أحاديث عذاب القبر الإمام الشّهير الكبير: أحمد بن الحسين البيهقيّ، الإمام البيهقيّ له كتاب مطبوع اسمه: “إثبات عذاب القبر”، ونصّ جماعة ممّن ألّف في التّواتر على أن أحاديث عذاب القبر متواترة.
هل أحادث عذاب القبر تفيد الدّيمومة؟
هذا أمرٌ ليس من شأني ولا من شأنك.
أحاديث عذاب القبر ثابتة وصحيحة والواجب علينا أن نؤمن بها.
واحدٌ يقول:
كنت أُلقي كلمة في مقبرة، وقال لي شاب: سمعت مقطعًا على اليوتيوب يشكّك في عذاب القبر، قلتُ: غدًا يموتُ وينظر، يموت ويعلم، هذا الذي يشكّك غدًا يموت ويعلم، يعلمُ عذاب القبر.
هل عذاب القبر دائم؟ (لا ندري)!
لكن علماؤنا يقولون:
– النّعيم والعذاب في الدّنيا أصالةً على البدن، وتبعًا على الرّوح.
يمكن للواحد أن يكون آكلًا أحسن أكل، وشارب أحسن شرب، وعنده أحسن ملابس، ويصيبه غمّ وهمّ، ويصيبه عذاب، هذا أمر تبعيّ، الدّنيا العذاب والنّعيم -فيها- على البدن وعلى الرّوح تبعًا.
– في القبر، العذاب والنّعيم على الرّوح أصالةً وعلى البدن تبعًا -إذا وجد-، إذا بقي البدن.
– في الآخرة (يوم القيامة بعد البعث)، النّعيم والعذاب على الرّوح والبدن، فهو أشدّ من النّعيم والعذاب في الدّنيا وفي البرزخ (القبر).
فعذاب القبر لا يوجد مانعٌ من أن يقبله العقل.
أنت نائمٌ بجانب زوجتك، وأنت نائمٌ تعذّب في المنام، وزوجتك ما رأت منامًا، وقد ترى منامًا يفرحها، هذا في الدّنيا في الأمور الملموسة المحسوسة.
فما الذي يمنع من عذاب القبر وقد جاء الخبر الصّحيح الصّريح في ثبوته؟
يقول لك: ما رأيت عذاب القبر ؟
لا يلزم.
من منّا رأى الصين؟
لرّبما اثنين أو ثلاثة، فهل أنّنا إذا لم نرَ الصّين أنّها غير موجودة؟
الشّيء الّذي لا نراه غير موجود؟
لا.
إذا كان الّذي لا تراه غير موجود؛ إذًا أنت لا تؤمن بالغيب.
والله مدح أقوام المؤمنين بأنّهم يؤمنون بالغيب، ورأس الإيمان بالغيب: الإيمان بالله، الله لا نراه وهو من الغيب، وكذلك يوم القيامة، وكذلك عذاب القبر، فلماذا نؤمن ببعض ونكفر ببعض، وكلّه ثابت في النّصوص الشّرعية.
لكن اليوم يريدون نشر الشّذوذ الجنسي؛ فيريدون إطفاء واعظ الله الّذي في القلب، إطفاء واعظ الله في القلب مع مخططّات اليهود في نشر المثليّة ونشر الشّذوذ الجنسي وما شابه لا يستقيمان ، فحتّى يبقى النّاس متوغلون في الدّنيا؛ ينسونهم الآخرة ويشككونهم.
العاقل ينبغي أن ينتبه الآن:
ما سبب انتشار الإلحاد هذه الأيام؟ يقولون: الإلحاد منتشر هذه الأيام.
ما سبب إنتشار الإلحاد؟
لا توجد نفس سويّة تقبل الإلحاد، ولا يوجد عقل سويّ يقبل الإلحاد!
الدّعاية لنشر الإلحاد من أجل الشهوات، الشّهوة وتد يثبّت الكفر، والإنسان متى كفر؛ مات في قلبه واعظ الله.
يجهدون ويحاربون أنفسهم، يُعَذَّبُونَ وهم يحاربون أنفسهم، ويتظاهرون بالإلحاد، و لكن واعظ الله -تعالى- في القلب قويّ، وبعض النّاس في لحظات يأتيهم واعظ الله -تعالى-؛ فيرجعون عن غيّهم.
فالله المستعان! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عذاب القبر ثابت، ولا نعرف هل عذاب القبر مستمرّ أم غير مستمرّ، لكن يوجد صمّام أمان في الموضوع، لا بد أن نختم بذكره، وصمّام الأمان في هذا الموضوع: أنّ الله عادل، الله لا يظلم أحدًا، وهو -سبحان وتعالى- أعدل العادلين.
هذا والله أعلم.✍️✍️
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٩ – صفر – ١٤٤٤هـ
١٦ – ٩ – ٢٠٢٢م
هل من السّنة المكوث عند قبر الميت، والدّعاء له بعد دفنه بمقدار ذبح جزورٍ، وكم يكون ذلك تقريبًا؟
الجواب:
نعم، هذا ثبت في “صحيح مسلم” (١٢١)، من حديث عبدالله بن عمروٍ عن أبيه أنّه قال -وهو في سياق الموت-:
(…فَإِذَا أَنَا مُتُّ، فَلَا تَصحَبنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ، فَإِذَا دَفَنتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَولَ قَبري قَدرَ مَا تُنحَرُ جَزُورٌ وَيُقسَمُ لَحمُهَا؛ حَتَّى أَستَأنِسَ بِكُم، وَأَنظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي).
كم يحتاج الماهر في ذبح الجزور وتوزعيه؟
يحتاج ما بين النّصف ساعة، إلى ثلثي السّاعة.
في هذه المدّة ينبغي لذوي الميت أن يلازموا قبره، وان يبتهلوا إلى الله -تعالى-، وأن يسألوا الله -تعالى- لميتهم الثّبات في السّؤال، فهذه سنّةٌ ثابتةٌ، والله -تعالى- أعلم.✍️✍️
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٩ – صفر – ١٤٤٤هـ
١٦ – ٩ – ٢٠٢٢م
السؤال:
أخٌ يقول تفضلتم وذكرتم أن المطعون شهيد، وقلتم أن المطعون هو الذي طُعِن فمات فهو شهيد، هل لا يشمل هذا المطعون هو الذي مات بوباء الطاعون؟
الجواب:
ورد من مات في الطاعون فهو شهيد،
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الطَّاعُونُ شَهادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
أخرجه البخاري (2830)، ومسلم (1916)
بل كل من مات من بطنه ولو بطعن بمعنى قتل، فأرجو أن يكون هذا من الشهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٩ – صفر – ١٤٤٤هـ
١٦ – ٩ – ٢٠٢٢م
توفّيت أمّي وعندي في بيتي إخواني وأخواتي وأبناؤهم، ولا أستطيعُ أن أقول لهم: ارجعوا، فهل يجوزُ لي أن أصنعَ لهم طعامًا؟
الجواب:
نعم، هذا يُسمّى في الفقه: (تداخل).
يعني: إنسان مات له قريب، وجاء له أصدقاء وأحباء من بعيد، وناموا عنده، وهو يصنعَ ذلك معهم دون هذا السّبب، يُكرمهم بالإطعام.
فالإكرامُ في الإطعام من السّنة، قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-:
“أيّها النّاس، أفشوا السّلام، وأطعموا الطّعام، وصلّوا باللّيل والنّاس نيام؛ تدخل الجنّة بسلام”.
رواه التّرمذيّ (٢٤٨٥)، وابن ماجة (١٣٣٤)، من حديث عبدالله بن سلام.
فإطعام الطّعام يتداخل، عندك ضيوف ومات لك قريب، أنا لا أصنعُ طعامًا من أجل الميت، أنا أصنع طعامًا من أجل الضّيف الّذي جاء، فحينئذٍ تطعمهم ولا حرج في ذلك.
وهذا أمرٌ لا ينبغي أن يُسأل عنه،
في حياتك تكون على عادتك، في العادة الّتي تسلكها في حياتك، أمّا أن تقول: بسبب الوفاة تُحرم من شيءٍ أنت تفعله في عادتك من إكرام النّاس، وتُحرم من طاعةٍ من الطّاعات هذا لا ينبغي أن يكون، وما ينبغي أن يُسأل عن هذا؛ فمشروعيّة هذا أمرٌ معلوم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٣ – صفر – ١٤٤٤هـ
٩ – ٩ – ٢٠٢٢م
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي عن عدة المرأة المتوفى عنها زوجها وتريد أن تخرج من أجل تدريب السواقة فما الحكم؟
الجواب”
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. حياكم الله أخي أنور.
مرحبا بكم.
الأصل في المعتدة أن تبقى في بيتها. ولا يجوز أن تخرج إلا لحاجة.
لا أقول ضرورة بل لحاجة.
فالحاجة كأن تكون موظفة، كأن تعود أباها أو أمها إذا كانا مريضين، أو أن تخدمهما شريطة أن تعود وتنام في بيت زوجها.
فالعدة حق للزوج، مدة معينة أربعة أشهر وعشرة كما قال الله عز وجل:
﴿وَٱلَّذِینَ یُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَیَذَرُونَ أَزۡوَ ٰجࣰا یَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرࣲ وَعَشۡرࣰاۖ فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ فِیمَا فَعَلۡنَ فِیۤ أَنفُسِهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ﴾ [البقرة ٢٣٤]
أما الذهاب والخروج من أجل الرفاهية والتكميلات فلا.
فقيادة السيارة ليست حاجة، ولا سيما في حق المرأة.
هي من الرفاهيات والترفهات.
فلا يجوز لها أن تخرج لتتعلم قيادة السيارة.
والله تعالى أعلم.
جزاك الله خيرا.✍️✍️
عند زيارة القبر -قبر أبي-، نلتف حول قبر أبي للدعاء له، ونرفع أيدينا فهل ورد لهذا العمل أثر؟
الجواب :
أولاً هل يجوز للمسلم أن يخص قبر بزيارة؟
لا حرج في ذلك.
وقد ختم الإمام مسلم كتاب الجنائز من صحيحه باستئذان النبي صلى الله عليه وسلم أن يزور قبر أمه فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه وسلم : ( اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي ) رواه مسلم (976) .
فلو أن إنسانا زار مقبرة ويريد شخصا ما فيها، من والد أو والدة أو قريب أو قريبة أو صاحب، وزار المقبرة من أجل زيارته فلا حرج في ذلك.
إذا زرت المقبرة فهل لك أن تدعو؟
نعم، إذا كان هذا المتوفي مسلما فلك أن تدعو، وترفع يديك.
وهنا قاعدة احفظها.
الدعاء قسمان:
١- قسم محصور بألفاظ معينة، فحينئذ إن رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه فلك أن ترفع، وإن لم يرفع فلا ترفع.
روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: “أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ، قَالَ: “صَيِّبًا نَافِعًا”.(١٠٣٢).
هل ترفع عندما تقول اللهم صيبا نافعا؟
الإجابه لا، لا أرفع يديَّ.
أقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
إذا ورد رفع؛ نرفع، وإذا لم يرد رفع؛ لا نرفع.
٢- القسم الثاني: الدعاء المطلق.
دعاء لم يرد فيه شيء معين.
الآن أنت دخلت المقبرة فأقول كما ورد في صحيح مسلم، وهو ما سيأتي عندنا في شرح صحيح مسلم -إن شاء الله.