السؤال الخامس : هل يجوز أن تصلي المرأة على النساء صلاة الجنازة؟
الجواب: وعلى الرجال وعلى الأطفال، المرأة لها أن تُصلي، والنبي ﷺ في سنن أبي داود (٢٣٦) قال: “النساء شقائق الرجال”. وحسنه الألباني.
و أبرز ما يظهر في هذا الحديث النساء شقائق الرجال؛ هو فيما يخص العمل الصالح والعبادة والصلاة.
فأُم الدرداء كما في صحيح البخاري بَابُ سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ: (وَكَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ تَجْلِسُ فِي صَلَاتِهَا جِلْسَةَ الرَّجُلِ وَكَانَتْ فَقِيهَةً).
فالأصل في الصلوات و العبادات؛ الأصل في الرجال والنساء سيّان، وكذلك في العلم فالنساء شقائق الرجال في العلم؛ فالعلماء يفرقون بين ما يخص الرواية وما يخص الشهادة ؛ فالرواية المرأة كالرجل سيّان ولذا تُقبل الرواية من المرأة الواحدة.
ولكن فسيولوجية المرأة وتركيب المرأة تتعرض للنسيان، ولذا الشهادة لابد للمرأة من أُخرى لذا قال الله عز و جل في الشهادة: {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ}[البقرة: ٢٨٢].
لذا أم الإمام الشافعي – و من كانت هذه أُمه فلها أن تلد الشافعي رحمه الله – فالقاضي أدخل المرأة التي تشهد و أبقى أم الشافعي.
فقامت أُم الشافعي وقالت: أشهد معها أسمع شهادتها و تسمع شهادتي.
فقال القاضي: لها لا، أسمع منها ثم أسمع منكِ.
فقالت أُم الشافعي للقاضي: لا فالله عز وجل يقول « فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ » ما معنى فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ؟
قالت لا تشهد المراة إلا على مسمع الشاهدة الْأُخْرَىٰ، يعني القاضي لما يسمع شهادة إمرأتين يجب أن تكون شهادة كل منهما على مسمع الْأُخْرَىٰ.
فالشاهد أن المرأة تُصلي على الجنازة والمرأة تصلي كالرجال و تصوم كالرجال و لا تُستثنى من عبادة من العبادات إلا بنص.
السؤال الثاني: أخ يسأل ويقول هل يكون في حياة البرزخ زوجة؟
الجواب : في القبر يعني زوجة؟
الدُّور ثلاثة: إذا خرجتَ من بطن أمك يبقى الدنيا، والبرزخ، والجنة والنار.
النعيم في الدنيا أصالة على البدن وتبعاً للروح، قد يكون الإنسان آكلاً ولابساً وشارباً (أي ملذات الأطعمة)، ثم يجد هَما وغما.
في الحياة الدنيا النعيم على البدن وعلى الروح تَبَع.
في البرزخ؛ العذاب والنعيم على الروح، وعلى البدن تبع، فليست البرزخ إلا دار نعيم أو عذاب على حسب الروح.
والجنة أو النار -نسال الله العظيم أن يجعلنا من أهل الجنة- يكون العذاب أو النعيم على الأرواح والأبدان.
ولذا كانت الحور العين مذكورة في الجنة، لأن النعيم في الجنة إنما يكون على الروح والبدن معاً.
أيُ الدور الثلاثة يتنعم الإنسان فيها نعيما كاملاً وشاملاً؟
الجواب: في الدار الآخرة، في النار العذاب وفي الجنة النعيم، لأن النعيم يشمل البدن والروح.
والعجيب في الجنة والنار أن أهل الجنة كلما مضى معهم زمان، – وأهل النار كذلك- خالدون إلى أبد الآباد، كلما تقدم الزمن ازداد العذاب ، ويزداد النعيم.
لِذا أهل الجنة وهم بالجنة بالنسبة لِما هم فيه، كما أخبرنا الله تعالى عنهم قال: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس : 10]، لا يجدوا إلا أن يقولوا: يارب لك الحمد، لأن النعيم شامل، لذا قال الله عز وجل: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف : 71]، أما في البرزخ؛ فلا.
السؤال التاسع عشر :
هل من السنة أن يقول الإمام الصلاة على الجنازة بعد صلاة السنة؟
الجواب :
لا، لكن هل يباح له ذلك؟
يباح له ذلك، يعني هذا الأمر متروك للناس.
هل من السنة الإمام لما يصلي على الجنازة يقول : صلاة الجنازة أربع تكبيرات، تقرأ في التكبيرة الأولى والثانية كذا وكذا… ؟ لا.
لكن هل له أن يقول ذلك؟ له أن يقول ذلك.
لكن لو إنسان صلى صلاة الجنازة وخلفه طلبة علم، لا داعي لهذا القول، يعني ليس هو من السنة.
لكن إذا دعت حاجة يقول: الصلاة بعد السنة، أو دعت حاجة أن يعلم الناس، أو يرى أن بعض الناس قد يدخل المسجد مع الميت ولا يعرف المسجد قبل ذلك، وجاء فقط هو هكذا، فيريد أن يعلمهم فهذا أمر مسكوت عنه بالشرع، وتقديره للإمام.
أحد الحضور: شيخنا جزاكم الله خيرا وعظ الناس على الجنازة؟
الوعظ أيضا إذا رأى الإمام ذلك، وهناك حضور قلوب الناس فابتهلها فرصة، بأن يقرب الناس من الله عز وجل له ذلك.
والوعظ على القبور النبي – صلى الله عليه وسلم- فعله في مرات قليلة جدًا، فالموعظة عند القبر إن قدر الإنسان حاجتها فلا بأس، ولا سيما إن ترتب على الوعظ عند القبر إماتة بدعة كانت معروفة عند الآباء وهي (بدعة التلقين): والله يافلان راح يأتيك منكر ونكير وبعض الناس يلقن الميت : يا فلان بن فلانة، سيأتيك منكر ونكير وسيسألونك من ربك؟ فقل ربي الله.
هذا ليس بشرعي، فإن رأى طالب علم بأن يقضي على هذه البدعة بأن يعظ الناس، وأن يذكرهم بالله – عز وجل- فلا حرج في ذلك، وهذا الفعل فعله رسول الله – صلى الله عليه وسلم-.
✍?✍?
السؤال الثاني عشر: هل ورد في التكبيرة الرابعة لصلاة الجنازة دعاء مخصوص؟
الجواب: إخواني ما ورد في الشرع أنّ كل دعاء في صلاة الجنازة يقال في كل تكبيرة.
ورد في الشرع أنْ تقرأ الفاتحة في التكبيرة الأولى، وتقرأ الصلاة الإبراهيمية في الركعة الثانية.
الركعة الثالثة والرابعة ماذا تقرأ فيها؟ الشرع جاء بألفاظ وأنت تختار اللفظ الذي ورد، في الشرع لا يوجد شيء في تعيين أنّ في التكبيرة الثالثة كذا وفي الرابعة كذا فهذا لم يثبت.
واليوم تعود الناس أنّ التكبيرة الثالثة الإمام يطول فيها وفي الرابعة الله أكبر والسلام عليكم، هذا غلط ، على الأقل تنتظر بمقدار أقل شيء ورد في الشرع، أقل ما ورد مثلا :
[عن يزيد بن ركانة:] كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا قامَ للجنازَةِ ليُصَلِّيَ عليها قال: “اللهمَّ عبدُكَ وابنُ أمتِكَ احتاج إلى رحمتِكَ، وأنتَ غنِيٌّ عنْ عذابِهِ، إِنْ كان مُحْسِنًا فزِدْ في حسناتِهِ، وإِنْ كان مسيئًا فتجاوَزْ عنْهُ” . (ثُمَّ يدعو ما شاءَ اللهُ أنْ يدْعُوَ)” .
الألباني، أحكام الجنائز صفحة ١٥٩
هذا أقل شيء، فبعض الناس في التكبيرة الرابعة يقول الله أكبر والسلام عليكم، لا يقرأ ما ورد في الشرع أنّ التكبيرة الثالثة كذا والتكبيرة الرابعة كذا
في أدعية وردت عن الرسول – صلى الله عليه وسلم- تختار دعاء فتضعه في التكبيرة الثالثة أو في الرابعة.
السؤال الحادي عشر:
إذا كان في الجنائز رجل وامرأة و طفل فأين يوضع الطفل عند الصلاة على الجنائز، و هل يسأل عن الطفل أذكر هو أم أُنثى؟
الجواب : أما مع وجود الذكر والأنثى فلا يُسأل أذكر هو أم أنثى.
وأما إن كان مُفردًا فنعم حتى يعرف الإمام أين يقف.
وأما كيف يقف الإمام فالعلماء لهم مذهبان:
– وأعنى بالعلماء من زمن التابعين إلى هذا الزمن-.
منهم من قال:
في عُمق القبلة يكون أمامه الرجل ثم الولد ثم المرأة، وما يكونون على مستوى واحد، الرجل ثم الولد ثم الأنثى يقفُ عند وسطها (رأس الذكر بمحاذاة وسط الأنثى ) وتكون بارزة قليلاً .
ومنهم من قال: يوضعون بجانب بعضهم بعضا والإمام يقف عند الذكر و بحانب الذكر يكون الصبي وبجانب الصبي تكون المرأة (على مستوى واحد).
والذي اشتهر عند الناس يكون الرجل أمام الإمام ثم بعد الرجل يكون الصبي وبعد الصبي تكون الأنثى (ليس على مستوى واحد).
السؤال الحادي عشر: هل يجوز الصلاة على الميت بأن نقول نويت أن أصلي على فلان؟
الجواب: العبرة في النية القلب.
والنية عمل قلبي.
وليس على المصلي لا في الجنازة ولا في الفريضة أن يقول: نويت أن أصلي صلاة الظهر، ولا عن فلان، ولا أصلي خلف أبي أحمد، هذا كله ما أنزل الله به من سلطان من تعين الإمام أو تعين الصلاة.
فالعبرة في الصلاة النية.
والنية عمل قلبي، بل لو نطقت فقلت: أصلي العصر وأنت تصلي خلف من يصلي الظهر وكانت نيتك أن تنوي الظهر فأخطأت بلسانك فقلت العصر فالعبرة بما في قلبك، والعكس بالعكس.
ماذا يعني؟
يعني أنت قام في ذهنك أن الصلاة صلاة عصر ونويت في قلبك العصر وجئت لصلاة الظهر وأخطأت في لسانك فقط فقلت صلاة الظهر ونيتك أن تصلي العصر ينبغي أن تعيد الصلاة.
العبرة بما قام في قلبك لا بما جرى على لسانك.
مداخلة من أحد الحضور: شيخنا سؤالها هل يجوز الصلاة عن الميت؟
الجواب: العبادات أقسام، ولا تشرع النيابة عن الغير في الصلاة.
لا يجوز لواحد أن يصلي عن آخر.
أنا حججت عن قريب لي، لما أصلي الفرائض لمن يكون الأجر؟
السؤال الرابع: شيخنا – حفظكم الله- أظنكم تعرفون المسجد الذي في مقبرة سحاب الإسلامية هل الصلاة فيه جائزة مع العلم أنه تقام فيه جميع الصلوات المفروضة، وأن هذا المسجد داخل سور المقبرة، وأظن أن عليه سورًا، وقد يكون يبعد عن القبور؟
الجواب: اختلف أهل العلم في المنع من الصلاة في المقبرة، فمنهم من قال: أن الصلاة في المكان الذي فيه القبر والقبران جائزة، وما كان أكثر من ذلك فهذا ممنوع، وهذا الكلام وهذا التفصيل ليس بصحيح.
ومنهم من قال: أن الصلاة في المقبرة ممنوعة إذا كانت منبوشة لأنها نجسة، وأما إن كانت غير منبوشة فالصلاة فيها صحيحة.
ومنهم من قال: أن الصلاة في المقبرة ممنوعة كي نحفظ ونصون أصل التوحيد، وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم- في مرض وفاته يقول:[ كما في حديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)). رواه البخاري1390 ومسلم529]
وكان يدعو – صلى الله عليه وسلم- ويقول: ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ). وصححه الشيخ الألباني.
لا تجعلوا القبور عيدًا، لا تذهبوا إليها على وجه فيه دوام وما شابه.
فالراجح أن المنع من الصلاة في المقبرة حفاظًا وصيانة لأجل التوحيد سواء كانت هذه المقبرة قليله القبور، كأن تكون ناشئة في البدايات، أو أن تكون منبوشة أو غير منبوشة وليست العلة هي النجاسة، وإنما العلة ألا نعبد إلا الله عز وجل.
والسؤال عن المسجد الذي في المقبرة، فالمسجد منفصل عن القبور، ويفصل القبر عن المسجد سور ولكنه قصير.
والصلاة في هذا المسجد الذي هو مفصول عن القبور، والقبور بعيدة عنه، الصلاة صحيحة ولا حرج فيها، وأدركنا على هذا مشايخنا – رحمهم الله تعالى-.
والله تعالى أعلم.
⬅ مَجْـلِسُ فَتَـاوَىٰ الْجُمُعَة:
١ – ربيع الأول – ١٤٤٠ هِجْـرِيّ.
٩ – ١١ – ٢٠١٨ إِفْـرَنْـجِـيّ.