السؤال الرابع عشر: هل هذا القول مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من ملك البقرة فقد ملك الإمامة)؟
الجواب: لا.
لكن فحواه ومعناه، جاء قوم للنبي صلى الله عليه وسلم وكان معهم ولد صغير، فسأل النبي عليه السلام عن حفظهم، وكان هذا الصغير يحفظ البقرة، وكان أقرأ القوم، فجعله النبي صلى الله عليه وسلم إماماً لهم وهو صغير وكان فقيراً وكان إذا سجد وركع ظهر إسته -(ظهرت عورته)- حتى أن المرأة لما كانت تمر في المسجد وتصلي فيه فتقول: استروا عنا إست إمامكم، فكان هذا الصغير فقيراً.
ولذا قالوا: ستر العورة واجب على من يستطيع، ومن لا يستطيع ستر العورة يصلي على حاله ولا شيء عليه.
فالشاهد أن الذي يحوز البقرة ولا تستطيعها البطلة فهو على خير،وعينه النبي صلى الله عليه وسلم إماماً.
السؤال الرابع: رجلٌ حفظ القرآن كاملاً ثم نسيه بسبب انشغاله بالدنيا، وإطعام أولاده من الصباح إلى المساء، ثم يأتي مرهقا ولا يستطيع مراجعة الحفظ فهل عليه وزر؟
الجواب: الشرع أوجب أن تتوفر مكامنُ القوة في الأمة بالقرآن وبالجهاد في سبيل الله.
النبي-صلى الله عليه وسلم- يُبين أنَّ من تعلم الرمي ثم تركه فهو آثم وكذلك القرآن.
ولذا العلماء يقولون: في المراهنة، في أسباب قوة الأمة في المسائل القطعية الشرعية النظرية، والمسائل التي فيها القوة يجوز المناظرة بين الإثنين دون مُحلِّل، هذا أرجح الأقوال.
فتعليم القرآن، ومن تدرب على الجهاد، ومن تعلم الرمي لا يجوز له أن يتركه.
والواجب على حافظ القرآن أن يجهد أن يبقى مستحضرًا لكتاب الله عز وجل.
فهذا الذي نسي فإن كان تحت مكنته وتحت إرادته؛ فالانشغال عن القرآن مضيعة، والانشغال عن القرآن إثم، وأما إن طرأ عليه شيء وليس هذا الشيء بقدرته ، ولا تحت مكنته واضطر أن ينسى القرآن لخرف أو لمرض ، أو لكبر سن وهو شيء لا يستطيعه ، ولا يقدر عليه فهذا أمر لا حرج فيه.
السؤال الثالث عشر: هل نقرأ الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأوسط؟
الجواب: هذا الذي نص عليه علماء الشافعية.
*يقول الشافعي في “الأم” (1/228)* :
*”والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول في كل صلاة غير الصبح تشهدان : تشهد أول وتشهد آخر ” انتهى* .
وعند أبو عوانة في صحيحه (٢/٣٢٤) من قول عائشة رضي الله عنها “…ثم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثانمة فيدعو ربه ويصلي على نبيه ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلي التاسعة فيقعد ثم يحمد ربه ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ويدعو ثم يسلم تسليما يسمعنا ”
قال الشيخ الالباني في تمام المنة ص ٢٢٤:
فيه دلالة صريحة على أنه صلى على ذاته صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول كما صلى في التشهد الأخير .
فالأصل _ والله تعالى أعلم _ أن نقرأ في التشهد الأول والتشهد الأخير الصلاة الإبراهيمية.
السؤال السادس عشر : هل تُجْزِئُ قراءة سورة الكهف في ليلة الجمعة؟
الجواب:
*عن أبي الدرداء قال:*
*قال صلى الله عليه وسلم* :
*«من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال»*
*(صحيح) مختصر مسلم 2098، الصحيحة 582*.
وفي الأثر الموقوف على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،
عن أبي سعيد الخدري قال : ” من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق ” . رواه الدارمي (٣٤٥٠) . وانظر الارواء
٩٤ص/٣
قال الشيخ الألباني رحمه الله في الارواء
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , وأبو النعمان وإن كان تغير فى آخره فقد تابعه سعيد بن منصور كما تقدم , ثم هو وإن كان موقوفا , فله حكم المرفوع ; لأنه مما لا يقال بالرأى كما هو ظاهر.
فالذي يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، أو ليلة الجمعة يجزئه ذلك.
السؤال السابع عشر :
هل طلب العلم أفضل من قراءة القرآن على الإطلاق؟
الجواب: لا، الله عزوجل يقول :((وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ))
{النمل:91-92}
الأصل قراءة القرآن الوجوب.
*والنبي عليه الصلاة والسلام قال كما في حديث* *ْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ؟ قَالَ: “فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا”، ثُمَّ قَالَ: “فِي شَهْرٍ”، ثُمَّ قَالَ: “فِي عِشْرِينَ”، ثُمَّ قَالَ: “فِي خَمْسَ عَشْرَةَ”، ثُمَّ قَالَ: “فِي عَشْرٍ”، ثُمَّ قَالَ:*”فِي سَبْعٍ”، *لَمْ يَنْزِلْ مِنْ سَبْع*ٍ.
*1395 [قال الألباني]: صحيح إلا قوله لم ينزل من سبع شاذ لمخالفته لقوله اقرأه في ثلاث*.
*المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة*
وقراءة القرآن فيها تزكية للروح.
لكن قراءة القرآن القليلة بفهم ، أحسن من قراءة القرآن الكثيرة دون فهم.
هل قراءة القرآن تغني عن العلم؟
لا.
لأن قراءة القرآن لا تحسن العبادات ولا تتعلم أحكام الصلوات وما شابه.
فالمطلوب من المسلم أن يكون له ورد في قراءة القرآن .
*ولذا في الحديث الذي أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه بالليل*.
فورد قراءة القرآن شيء وطلب العلم شيء آخر.
هل يستغني طالب العلم عن قراءة القرآن؟
لا، لا يستغني هذا عن هذا.
وما أقبح طالب العلم الذي يجمع كل كتب الدنيا ويضعها عنده، ويفتش كتابًا كتابًا ويقرأ كتابًا وكتابًا ، وكتابُ الله تعالى لايقرأه ولا ينظر إليه ويهجره، ما أقبح هذا الطالب، يقرأ كل الكتب ويجمع الكتب، وعنده مكتبة ضخمة، وكتاب الله – جل في علاه- لا يقرأه.
القرآن الكريم لك فيه ورد ولك منه جزء كل يوم.
أقصى حد وقته النبي صلى الله عليه وسلم، اقرؤوا القرآن في أربعين.
والنبي- صلى الله عليه وسلم- كان يقول : من قرأ القرآن دون ثلاث لم يفقه.
يعني أشد شيء ثلاثة أيام، تقرأ القرآن في ثلاثة أيام.
أما طالب العلم يفتش في الكتب
ويقرأ في الكتب ولا يقرأ القرآن
هذا صنيعه قبيح.
السؤال العاشر:
أنا أخت درست جميع مراحل التجويد وفي الفترة الأخيرة، أنشؤوا دورة تسمى الإتقان، يطلبون من الطالبة التركيز في أحكام الفتح والكسر والضم وصفات الحروف والاستطالة، وفيه مبالغة كبيرة، ويعتبرون من لا يقرأ بهذه الصورة لا تصح قراءته، ما القول الفصل في هذا- بارك الله- فيكم؟
الجواب:
في كتاب للإمام الذهبي اسمه (زُغَلُ العلم) .
ماذا يعني زغل العلم؟
يعني القرآء يبقون يفرشون لك في القراءات ، لو أنك عشت ومُتَّ طول عمرك لن تكمل القراءات، وتلاوة القرآن الكريم والحديث والفقه،
فَبَيَّن الزغل في كل علم من العلوم.
طيب أنت طالب علم، طالب نجاة عند الله،
إيش المطلوب منك؟ المطلوب تأخذ رؤوس وكليات العلوم، كليات التوحيد ،كليات الفقه ،كليات الحديث وهكذا. فهذه مرحلة للمتخصص لا حرج فيها، لكن أن لا تنشغل إلا بهذا، وتدقق تدقيقاً زائداً، فهذا أمر ليس بمحمود.
والله تعالى أعلم.
لذا صاحب الأحكام والتجويد إذا قرأت عليه الفاتحة يقول لك : عندك أربعون خطأ في الفاتحة، والأربعون خطأ أمورها سهلة، لكن هو لايعرف شيئاً إلا هذا،
لا يعرف إلا أحكام التلاوة والتجويد منذ ستين سبعين سنة .
أما أحكام الفقه وأحكام التوحيد لا يعرف شيئا، ولا يدري شيئاً .
الأصل في طالب العلم أن يكون طالب نجاة ،
وطالب النجاة يعرف كليات العلوم، لذا الدراسة التدقيقية والتفصيلية مع التوجيه في كل مسألة من المسائل، في كل فن من الفنون، هذا أمر لايمكن أن يجمعه أحد.
لكن تأخذ كليات العلوم
مثلاً( منهج السالكين في الفقه )تستطيع أن تقرأه في يومين قراءة مجملة، وليست تفصيلية، وبعد أن تقرأ قراءة مجملة، تبدأ تتخصص ،وتقرأ شيئاً فشيئاً .
والله تعالى أعلم.
السؤال العشرون: هل تصح صلاة إمام يقرأ بالفريضة من المصحف؟
الجواب: للأسف الكبير ،صلاة الامام الذي يقرأ من المصحف.
النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الأعمال الدنيويه لا الأخروية، عن عائشة أم المؤمنين، إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ
صحيح الجامع 1880 •
يعني صلاة الإمام لو كانت دنيوية ليست أخروية فالأصل أن يؤدي صلاة متقنة.
والصلاة كيف تكون متقنة؟
أن يقرأ من قلبه، لا يستعين بالمصحف ولا يقرأ بالمصحف.
أهل العلم يوجبون حفظ الفاتحة، فلو جوزنا قراءة المصحف لألغينا هذا الإجماع .
الأخ يتنزل معي فيقول لي : الإمام يقرأ الفاتحة غيباً لكن يقرأ ما تيسر من القرآن عن حاضر ! ،
هذا العمل فيه كراهة.
لماذا؟
أولاً: النبي – صلى الله عليه وسلم- يقول: (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ)رواه مسلم (2373)
لو كانت القراءة عن حاضر لكان كل الناس سيان.
فما معنى قول النبي – صلى الله عليه وسلم- يؤم القوم أقرؤهم؟
يؤم القوم أحفظهم ، هذه واحدة.
ثانياً: أنت لما تصلي خلف إمام والإمام يقرأ من المصحف تقول: بارك الله، ماشاء الله لا يخطئ ماشاء الله قراءته متقنة، قراءته صحيحة ، والإمام يقرأ من المصحف.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول [عن أسماء بنت أبي بكر و عائشة:] ((المُتشَبِّعُ بما لَم يُعْطَ كلابسِ ثَوبَيْ زور)) .
صحيح الجامع 6675 .
هذا الذي يقرأ عن المصحف متشبع بما لم يعطَ.
ثالثا :المطلوب من الإمام أن يلقي ببصره على مكان السجود، وأن يقلل الحركة، ولا يتحرك، والذي يقرأ من المصحف يتحرك حركة زائدة ولا يلقي ببصره إلى مكان السجود ، وهذا فيه مخالفة.
إنسان يتدرب ويقرأ من المصحف وهو يطمع أن يحفظ هل صلاته صحيحة؟
صلاته صحيحة
فقد علق الإمام البخاري :(بما رُوِىَ أن عَائِشَةُ رضى الله عنها كان يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِنْ الْمُصْحَفِ ( رواه البخارى معلقاً فى كتاب الأذان – باب إمامة العبد و المولى)َ.
ووصله ابن أبي شيبة حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن ابن أبي مليكة عن عائشة أنها أعتقت غلاما لها عن دبر فكان يؤمها في رمضان في المصحف،
فكانت عائشه تصلي، وكان يؤم بها، وكان يقرأ من صحف بين يديه.
أخت تسأل، وتقول:
أنا أُدَرِّس القرآن الكريم لمجموعة من النساء الأميات اللاتي لا يقرأن ولا يكتبن، وبعض السور يحفظنها من زمن، وتغلب عليهن اللهجة العامية، وهنَّ من اليمن، وأحاول قدر الإمكان أن أصحح لهنَّ، ومع ذلك ترجع الواحدة منهن إلى نفس الخطأ، لا أعلم هل هذا جائز أم عليَّ إثم ؟
وأغلب الأحيان تقرأ بلهجتها، فهل يعتبر هذا لحناً جلياً ؟
الجواب :
نعم، هو يعتبر لحناً جليّاً، والواجب على الإنسان أن يتعلم القرآن على حسب قدرته، والواجب على قارئ القرآن أن يبتعد عن اللحن الجليّ.
واللحن الجليّ في الفاتحة يبطل الصلاة.
واللحن الجليّ أن تسكن المتحرك، أو أن تحرك الساكن، أو أن تقرأ الكلمة بغير حروفها، فاللحن الجليّ فيه إثم، وإن كان في الفاتحة فالصلاة فيه باطلة.
فأولاً: يا أختي علّمي النساء الفاتحة، ويقرأن الفاتحة قراءة صحيحة، ونبّهي النساء على عدم وجود اللحن الجليّ في الفاتحة، ثم انتقلي من بعد الفاتحة إلى قراءة القرآن الكريم على حسب ما أنزل الله – جل في علاه-.
وليست قراءة القرآن باللحن الجليّ هي من القرآن، ووبالتالي القراءة بالأخطاء هذا أمر ليس بصواب.
الجواب: هذا مع الاثم ؛ الأصل قراءة القرآن بالأحكام.
كان الناس قديما يقرؤون القرآن كما أنزله الله تعالى، ولا يستعينون بالوسائل التي تعرفهم بأن هذا الحكم (إدغام) وهذا (إقلاب) وما شابه، ما كانوا يعرفون ذلك.
ولكن إذا كنت تستطيع أن تقرأ دون أن تتعلم أحكام التجويد وتقرأ على الوجه الذي أنزله الله تعالى؛ فلا شيء عليك، لكن في هذه الأزمان لا يمكن أن تعرف اللحن حتى تعرف القواعد.
لكن إنسان مثلا مثل أخينا أبي محمد : خاطَبَ ولده الصغير وما أسمعه إلا اللغة العربية – دون أن يعرف قواعد النحو والبلاغة-يستقيم لسانه ويبقى لسانه مستقيما إلى يوم القيامة.
فلو أنك قرأت القرآن وما سمعته إلا من أهله ومن أصحابه لاستقام لسانك به، وتكون قد أديت الواجب الذي عليك.
لكن اليوم الكل يقرأ القرآن بصواب وخطأ، فلن تستطيع أن تقرأ القرآن كما أنزل الله تعالى إلا أن تتعلم أحكام التلاوةوالتجويد.
أحكام التلاوة والتجويد من الأمر الواجب – والعبرة فيه بثمرته-.
وليس العبرة فيه بأن تقول هذا إدغام وهذا إقلاب.
والمعنى لو أنَّ رجلاً في أول التعليم يعرف أن هذا إدغام وهذا إقلاب، لكن لو قرأ لا يحسن القراءة لأنه يتدرب فإنه ما أدى الواجب.
الواجب أن يستقيم لسانك بأن تقرا كلام الله عز وجل على النحو الذي أنزله الله تعالى.