السّوال: هل أحكام التّلاوة والتّجويد المفصَّلة في الكتب، مثل: المدّ الواجب، والمتّصل، والإدغام، هل عليها أدلَّة؟

السّوال:
هل أحكام التّلاوة والتّجويد المفصَّلة في الكتب، مثل: المدّ الواجب، والمتّصل، والإدغام، هل عليها أدلَّة؟

الجواب:
(لا).
لكن هل يجب فعلها؟
(نعم).

الواجب أن يمتثل العبدُ أمرَ الله -تعال-:
{وَرَتِّلِ القُرآنَ تَرتِيلًا} [المزمّل:٤].

أن تقرأ كلام الله على النّحو الّذي يُحبّه الله، على النّحو الّذي قرأهُ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- والصّحابة -رضي الله عنهم-، فكانوا يقرؤون صوابًا،، فأنتَ -الآن- إن قرأت القرآن على الحال اّلذي قرأه الأصحاب، وأنت تجهل أنّ هذا اسمه كذا، وهذا اسمه كذا؛ فأنت أدَّيت حقّ الله، لكن لا تستطيع أن تُعلِّم القرآن؛ إلّا أن تعرف المسمّيات.

النّحو (الرّفع، والنّصب، والخفض)، الأعرابيّ لا يعرف خفضًا ورفعًا، ولكنّه إن نطق لاينطق إلّا الصّواب.

لذا العلماء اختلفوا في الإمام الشّافعي،
الإمام الشّافعي -رحمه الله- لم يُعرف عنه أنّه لَحَن -قَطُّ-، لم يلحن في عمره، قالوا: لماذا لم يلحن؟

قالوا: أمّه -رحمها الله- فقيهة.
والله حينَ تقرأ الكلامَ في مناقب الإمام الشّافعي للبيهقيّ عجيب!
كانت أمّ الشافعي مع نساء، ذهبت للقاضي، وأرادت الشّهادة (تشهد)، فالقاضي فرَّق بين الشَّاهِدات، قال: واحدة تدخل تشهد، الثّانية تدخل، فقامت أم الإمام الشّافعي-وحُقَّ لها أن تلِد أمثال الشّافعي- فقالت: ياقاضي، أمرك ليس صحيحًا، الله -تعالى- يقول في شهادة النّساء:
{…أَن تَضِلَّ إِحدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحدَاهُمَا الْأُخرَىٰ}[البقرة:٢٨٢].
فينبغي أن أشهدَ وهي تسمع، وأن تشهدَ وأنا أسمع؛ لأنّ الله -تعالى- يقول: {أن تُذكرّ إحداهما الأُخرى}،إن ضلَّت واحدة؛ تُذكِّر الأُخرى، فاستجاب القاضي لها.

فالقاضي كان في غفلة عن هذا المعنى، فهذه المرأة يُحقُّ لها أن تلِد أمثال الإمام الشّافعي -رحمه الله-.

فالإمام الشّافعي أمُّه أرسلته إلى الأعراب، لم يعش مع النّاس، عاش عند الأعراب، وتعلّم العربيّة مع الأعراب وهو صغير، فَما عُرف عنه لَحنٌ -قَطُّ-.

لذا حين تقول: هذا عربيّ أم غير عربيّ؛ لابُدّ أن تأتي بدليل، الدّليل قال العلماء: كتاب، سنّة -على أن لا يكون الحديث مرويًّا بالمعنى-، يعني: أن يكون النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- نطق به، وكلام شعراء الجاهلية، هذا حُجّة في العربيّة، أن أقول: هذا
ثبت باللّغة العربيّة؛ لأنّ الشّاعر الجاهلي قال كذا وكذا، وبعضهم أضاف، قال: وقول الإمام الشّافعي، قوله حجَّةٌ في العربيّة، حينَ تقرأ كتاب “الرّسالة” أمام إنسانٍ يكتب العربيةَ فصيحةً بديعةً عجيبةً غريبة، لاتلمَس في كتاب من كُتب أهل الإسلام عربيّةً كما تلمسها في كتاب “الرّسالة” للشّافعيّ، كَتب كلامًا عربيًّا قُحًّا، سديدًا سليمًا.
فالشّاهد -بارك الله فيكم-: المهم في أحكامِ التّلاوة أن تقرأ كما قرأ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.

فالعلماء حتّى يُفهّموننا العربيّة، قالوا لنا: فعلٌ وفاعلٌ ومفعولٌ به،
والمرفوعات والمنصوبات، وفصّلوا وبيّنوا؛ حتّى نتكلّم ككلام العرب؛ حتّى لا نَلحَن.

وعلماءُ التّجويد فَعلوا هكذا، علماء التّجويد قالوا لنا: مدود ،إدغام، إخفاء… وعلّمونا أنواع المدود، وهذا مأخوذٌ بالاستقراء؛ فلا يجوز لأحدٍ أن يقول: والله أحكام التّلاوة بدعة.

لماذا أحكام التّلاوة بدعة؟
يقول لك: الأحكام واللّغة بدعة!
والأصول -يعني: أصول الفقه-، وعلم الحديث، والحديث الضّعيف، والمُرسَل، والمُعضَل، والمُدبّج…إلخ؟
هذه يعرفونها.
وأنا دائمًا أقول لإخواني وأحبائي طلبة العلم: لا تقل -والمثل دقيق-
لا تقل: الصّحابة ليس عندهم معاطف- يعني: المعطف الذي يُدفِّئ الإنسان-، والمطر لم ينزل، لكن حينَ ينزل المطر؛ الصّحابة يظهروا المعاطف، أما والمطر لم ينزل لا يوجد داعٍ أن ألبس المعطف، فحينَ تكون الأحاديث صحيحة، والاستدلال صحيح، والفهم صحيح، واللغة صحيحة، وأداء تلاوة القرآن صحيح، وليس هنالك مطرٌ نازل، فحين ينزل المطر؛ نُظهر المعطف.

لمّا سمع عليٌّ -رضي الله تعالى عنه- قارئًا أعجميًّا يقرأ، لمّا سمع قارئًا يقرأ قول الله -تعالى- في مطالع سورة التوبة:
{…أن اللَه بريءٌ من المشركينَ} *ورسولِه* ….
أعوذ بالله أن يكون الله بريء من المشركين وبريء من رسوله، قرأها بالخفض، {أنّ اللهَ بريءٌ من المشركين} *ورسولِه*.
الآية في سورة التّوبة، والصّواب:
{…أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ *وَرَسُولُهُ*…} [التوبة:٣].

أي ورسولُهُ بريءٌ من المشركين -أيضًا-، وحين تقرأ: {أنّ الله بريء من المشركين} *ورسولِه (بالجرّ)*يصبح المعنى أن الله -جلَّ في علاه- بريءٌ من المشركين وبريءٌ من رسوله -أيضًا-، وهذا كُفرٌ والعياذ بالله -تعالى-.

فَعليّ -رضي الله تعالى عنه- لمّا سمعَ هذا القارئ يقرأ؛ أمر أبا الأسود الدّؤلي، قال: ضع قوانين العربية، العربيُة الّتي في صدوركم لا ينبغي أن تبقى في صدوركم، يوجد مطر، هذا المطر يحتاج لِمعطف -الآن-، لمّا نزلَ المطر -الّذي هو الخطأ-؛ أمر عليّ -رضي الله عنه- أبا الأسود الدؤلي أن يضع النّحو، فَبدأ علمُ النّحو، بدأ علم النّحو بسبب الخلل الّذي وقع فيه ذاك القارئ، ذاك الأعجمي.
وإلّا لو بَقي النّاس سَليقةً يتكلّمون بالعربيّة لما احتاجوا لِعلم النّحو.
ولو بقي النّاس يقرؤون كلام الله على الوجه الّذي يُحبّه الله سليقةً لما كانوا بحاجة لأحكام التلاوةو التجويد.

لكن -الآن- كثيرٌ من النّاس -وللأسف-، بل كثيرٌ من طلبة العلم لا يُحسن أحكام التّلاوة والتّجويد، إن قرأ فلا يُحسن التّلاوة بأحكام التّجويد.

فالآن صار تعليم أحكام التّلاوة والتّجويد لا بُدّ منه؛ حتّى يستقيم اللّسان بالتّلاوة الصّحيحة.

والله -تعالى- أعلم.✍️✍️

⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٦ – صفر – ١٤٤٤هـ
٢ – ٩ – ٢٠٢٢م

↩ رابط الفتوى:

السّوال: هل أحكام التّلاوة والتّجويد المفصَّلة في الكتب، مثل: المدّ الواجب، والمتّصل، والإدغام، هل عليها أدلَّة؟

⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor