السؤال الثاني و العشرون رجل أحرم للعمرة وفي منتصف الطريق انقلبت به السيارة…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/05/22.mp3الجواب : عليه الفدية ! ، عليه الفدية! .
النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- لمّا رأى أمّ هانئ وكانت امرأةً ثَبطةً (حركتها بطيئة) لبدانتها ، وهي عمّتهُ -صلى الله عليه وسلم- ، فقال لها : ” يا أم ّ هانئ أهلِّي واشترطي ” ، أي : عندما تقولين : لبيك اللهم بعمرة ، قولي : اللهم محلّي حيث حبستني ، أو قولي : لبيك اللهم بحج ، اللهم محلي حيث حبستني.
ما معنى محلّي ؟ أي : أن أتحلل من إحرامي ؛ فإن حبستَني في شيء ولا أقدِرُ أن أتمّم ، فأنا حيث حُبست ، فحينئذ تخلّصت من إحرامي ، ورجعت إلى ملابسي ورجعت الى حالي الأوّل.
فمن اشترط في الإهلال وحصل معه شيء حبسه = فلا شيء عليه.
شيخنا الألباني -رحمه الله- ذكرَ في كتابه ” مناسك الحج والعمرة ” وكان يُفتي بهذا : إنّ الناس تركب السيارات والطائرات ، وركوب الطائرة وركوب السيّارة أشدّ من كون أم هانئ ثبطة ! ؛
فبمجرد وقوع شيء مع سائق السيّارة فالأثر المترتب عليه أشدّ من ضعف أم هانئ ! ،
فكان شيخنا يقول : كل معتمر اليوم يركب السيارة أو الطائرة ينبغي له أن يشترط بحيث لو جرى معه شيء = فحينئذ لا شيء عليه.
أمّا من أهلّ بلا اشتراط فالواجب عليه هدي بالغ الكعبة .
مجلس فتاوى الجمعة
20_5_2016
خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?

السؤال الرابع أثناء تواجدنا في الحرم لأداء مناسك الحج والعمرة هل نصلي الرواتب

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/04/AUD-20170402-WA0035.mp3الجواب : لا يُمنع أحد في بيت الله الحرام أن يصلي أو أن يطوف في أي وقت شاء، لكن هذه تكون من التطوع المطلق ولا تكون من الرواتب، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً صلى بالبيت أو طاف في أي ساعة ما شاء من ليل أو نهار.
فالطواف والصلاة ببيت الله الحرام لا يوجد لها وقت مكروه ،ولك أن تصلي ما شئت ولكن وقع خلاف بين العلماء أيهما أفضل كثرة التطوع أم كثرة الطواف؟
علمنا علماؤنا في المفاضلات التفصيل ،المفاضلة بين أمرين غالباً الصواب فيه التفصيل
فقال العلماء : القادم إلى مكة الأحسن في حقه أن يكثر من الطواف ،ومن كان من أهل مكة فالأحسن في حقه أن يكثر من التطوع،
القادم لمكة لا يمكن أن يطوف إلا في مكة فالأحسن في حقه أن يكثر الطواف.
أما الرواتب فلا تُصلى أي المسافر لا يصلي الرواتب ،والنبي صلى الله عليه وسلم ما صلى في السفر إلا راتبتي الفجر والوتر، كان يصلي صلى الله عليه وسلم ويحافظ على راتبة الفجر فما تركها في حضر ولا في سفر ،والوتر ؛فالنبي عليه السلام ما ترك الوَتْرَ يقال الوَتْرَ ويقال الوِتْر والأصوب الوَتْرَ وهي لغة القرآن ،فالوَتْرُ ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم في حضر ولا في سفر، ورد عند الدارقطني في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي سنة المغرب في السفر والرواية ضعيفة لم تثبت فالثابت أن المسافر كرواتب ،يصلي سنة الفجر والوتر ،فالحاج والمعتمر لا يمنع من التطوع لكن يتطوع ولا ينوي الرواتب
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
2017 – 3 – 31 إفرنجي
3 رجب 1438 هجري
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان. ✍✍
⬅ للإشتراك في قناة التلغرام :
http://t.me/meshhoor

السؤال الرابع و العشرون هل الطواف عبادة مستقلة لا تعلق لها بالعمرة ولا…

 
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/05/24.mp3الجواب : قطعًا ! ، الطّواف عبادة غير الحج والعُمرة ؛ قال سبحانه وتعالى : {وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} .
والعُلماء يقولون : إنّ الله قال :
{لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}
فكما أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد = فكذلك الطّواف لا يجوز أن يكون إلا من المسجد ، فلو طاف أحدهم بطائرة = فطوافُه باطل ، ولو طاف أحدهم بالسيّارة حولَ مكة = فطوافه باطل.
وفي البخاري(1622)= صلى النبي-صلى الله عليه وسلم-لسُبوعه ركعتين ، وقال نافع : {كان ابن عمر-رضي الله عنهما-يصلي لكل سُبوع ركعتين}، وقال إسماعيل بن أمية : {قلت للزهري : إن عطاء يقول : تجزئه المكتوبة من ركعتي الطواف! } ، فقال : {السنة أفضل ؛ لم يطفِ النبي -صلى الله عليه وسلم-سُبوعا قطّ إلا صلى ركعتين}.
والعلماء يقولون : القادم إلى مكة الأحبُّ في حقه أن يُكثرَ من الطّواف ، والباقي في مكة الأحبُّ في حقه أن يُكثر من التطوّع ،
?إذاً فالطّواف عبادة .
مجلس فتاوى الجمعة
20_5_2016
خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان
✍?

السؤال السادس مع إقتراب موسم الحج يظهر آلاف تجار فيز الحج ما…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/07/س-6-1.mp3الجواب : أولاً : مِن حَق أولياء الأُمور أن يُنَظِّموا شَأْن الحج ، وصحّح شيخنا الألباني -رحمه الله -الحديث القدسي الذي يقول فيه الله عزَّ وجل ويرويه النبي -صلى الله عليه وسلم- : “من أصحَحْتُ له بدنَه ، ووَسَّعْتُ له في رزقه ، ولم يَفِدني في كُلِّ خمس سنوات مرة فهو مَحروم” .
لم يَفِدني تشمل : الحج والعمرة .
من كان صحيحَ البدن صاحبَ مال ولم يَحُج أو يعتمر في كُل خَمس سنوات مرة محروم ؛ يعني على الأقل اجعل في منهج حياتك على الأقل ما تفوتك خمس سنوات حج أو عمرة ، لذا مثلاً الأنظِمة تقول : كُل خَمِس سنوات تحجُّ مرة في “حجاج الداخل” ، يَسمّوهم حجاج الداخل ، من حقي أن أَحُج فإذا ما حصلت فيزا فاضطرِرتُ لِشرائها فالإثمُ على الآخذ وليس على الُمعطي ، وهذا يتأكد في حق من لم يَحُج حُجَّة الإسلام .
⏮ أنا أضرب مثال دائماً أقول : أنا أعطيتُ واحد مثلاً مئة نسخة من كتاب من كُتْبي ، وقلت وزع المِئة نُسخة ، هل هذا الذي أخذ المِئة نُسخة ليُوزِّعها هل له أن يبيعها ؟ ليس له أن يبيعها ، فإن باعها خالف شرطي ، وهو آثم ، هناك فيز تُعطى تحت مُسمَّيات مُتعددة تُوزَّع على الناس ، فبعض الناس يستغلها ويبيعها .
واحد من طلبة العلم رأى كتابي حاول عدة مرات أن يُحصِّل على نُسخة لم يستطع بذل جهده ما استطاع ، فلم يستطع أن يُحصِّلَ نُسخةً إلا بدفعِ المال فدفع مالاً لأخذها ، فهو مأجور والإثم على من أخذ المال ليس على من بذل .
تَفَطن وتأمَّل النبي- صلى الله عليه وسلم- حجَّ مع أبو طَيبة الأنصاري وأعطى الحجَّام ديناراً ، كان الإمام أحمد من شِدّةِ اتباعه إذا احتجم يأبى أن يُعطي الحجام إلا دينار، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – احتجم فاعطى دينار فإني أُعطي دينار ، لا يزيد ولا ينقص ، والنبي- صلى الله عليه وسلم- قال : ثمن الحجَّام خبيث .
الإمام ابن القيم في زاد المعاد في الطب النبوي منه الجزء الرابع من المطبوع يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أطلق الخُبث على ثمن الحَجَّام وأعطى الحَجَّام ديناراً لمَّا احتجم ، فهذا أصل أصيل لانفكاك الأخذ عن العطاء ، فلا يلزمُ مِن حُرمة الأخذ حرمة البذل ، هناك انفكاك ليس كل أخذ حرام العطاء حرام ، أنت أُضْطِررتَ لشيء وهذا الشيء يأتيك بحق من حقوقك لا تُحصِّله إلا برشوة فاضطُرِرت لدفع الرِشوة ، وهذا الحق حقك فبذلُك للرِشوة حلال ، وأخذ الرِشوة حرام ، هناك انفكاك بين البذل وبين الأخذ ؛حديث الحُجامة يُؤكّد ذلك .
لذا الأحاديث أصول ، وهذه الأصول يُفرَّعُ عليها مسائل لا أول لها ولا آخر ، لذا لا يُمكن أن تنزل بالمُسْلمين نازلة إلا ولها في شرع الله تعالى حكم .
مجلس فتاوى الجمعة
2016 – 7 – 22
رابط الفتوى :
خدمة الدُرَر الحِسان. من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?

السؤال التاسع أخت تسأل فتقول حضت قبل أن أصل الميقات…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/01/AUD-20170127-WA0047.mp3الجواب :
أولاً لا يجوز للمسلم أن يتساهل فيفعل المحظور .
بحجة أني أدفع الكفارة .
فالأصل في المحظور أنه محظور ، والأصل في المحظور أن المرأة تتجنبه .
والظاهر أن طريقة الإسدال التي استخدمتيها صعبة ، وإلا الإسدال سهل ، حتى يوجد في المدينة مع ملابس الإحرام للنساء غطاء للرأس المرأة تستطيع أن تُسدِل ولا تتعب .
فما أدري ما الطريقة التي استخدمتها الأخت ؟
لكن أمر حصل ، ووقع أنها شدته ، وهي وقعت في مخالفة المحظور.
ومخالفة المحظور :
إما أن تصوم ثلاثة أيام ، أو تُطعِم ستة مساكين ، أو تَذبح .
هي مخيرة من الأمور الثلاثة:
1 – إما أن تصوم ثلاثة أيام .
2 – أو تُطعِم ستة مساكين .
3 – أو تَذبح هَدياً بالغ الكعبة.
يعني الذبيحة تُذبح هناك ، وتُوَزَّع على فقراء الحرم .
فالشرع رَغَّبَ بالمجاورة ، وقد يجاور الإنسان في مكة ويكون فقيراً ،
فخص هؤلاء الفقراء بأحكام .
فمثل هذه الذبائح تكون لفقراء الحرم ، وما أكثر فقراء الحرم هذه الأيام ؟
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
⏰ 29 ربيع الآخر 1438 هجري .
2017 – 1 – 27 إفرنجي .
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍

السؤال الأول: يَسألُ بعضُ الأخوةِ عن الحج، لماذا كان الحَجُّ مرَّةً في العُمرِ؟ ولماذا أخَّرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الحجَّ إلى آخرِ عُمرهِ؟ ومن المعلومِ أنَّ الواجبات الأصلُ فيها أن تكون على الفَوْرِ. فما هو سِرُّ تأخيرِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم الحَجَّ إلى آخرِ عُمره؟

السؤال الأول:

يَسألُ بعضُ الأخوةِ عن الحج، لماذا كان الحَجُّ مرَّةً في العُمرِ؟
ولماذا أخَّرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الحجَّ إلى آخرِ عُمرهِ؟
ومن المعلومِ أنَّ الواجبات الأصلُ فيها أن تكون على الفَوْرِ.
فما هو سِرُّ تأخيرِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم الحَجَّ إلى آخرِ عُمره؟

الجواب:

الشِّقِ الأول وردَ في الحديثِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ” أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا”.
فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” لَوْ قُلْتُ نَعَمْ ؛ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ “. (مسلم ١٣٣٧)

فمنْ رحمةِ الله بِنا أنَّ الله تعالى أوجبَ علينا الحجَّ للمستطيعِ مرَّةً في العُمرِ.

وقوله: لو قُلتُ نعم: إشارة إلى أنَّ الأمرَ كان مُمكنًا، وقد فرضَ الله تعالى على نبَيِّه صلى الله عليه وسلم خمسينَ صلاةٍ في المعراجِ، ثمَّ لمَّا مرَّ بموسى عليه وعلى نبينا أفضل الصَّلاة والسَّلام ؛فأخبرَهُ أنَّ الله تعالى قد فرضَ على أُمَّته خمسينَ صلاةٍ، قال: يا مُحمّد إنك لم تبلو النَّاس، أنا بَلوتُهم وإنَّهم لا يستطيعون، فارجع إلى ربِّك واسأَله التَّخفيف.

صحيحِ مسلمٍ رقم ١٦٢.

فَمِن رَحْمة الله تعالى بنا أنْ خفَّفَّ علينا، ورفع عنا الآصار والأغلالَ التي كانتْ على مَن قبلَنا؛ ذلك أنَّ دينَنا دينٌ خالد، الدِّين الخاتم، الدينُ الباقي لله عز وجل إلى يومِ الدِّين، الشرائعُ السابقة كانت مُؤقَّتة، كانت سَتُنسخ بِبعثة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

والشَّريعة الباقيةُ لا بُدَّ أن تكونَ وَسَطًا، لا وَكسَ فيها و لا شطط، فالشَّريعةُ الباقيةُ الخالدةُ لا بُدَّ أن تكونَ وَسَطا، لا يُحمَّل أصحابُها ما لا يستطيعون، فَمِن رحمة الله تعالى بنا أن جَبرَ كسرَنا وراعى ضعفنا، فغفرَ لنا سُبحانه، وفتحَ لنا بابَ التَّوْبة، وباب التَّوْبة مفتوحٌ إلى يوْم القيامة، وأنَّ الله يقبلُ العبدَ وإنْ بَلغت ذُنوبُه عنانَ السَّماء، وهذا لُطفٌ من الله بنا، وأنَّ من عصى الله، فسترَ على نفسه؛ فإنَّ الله يسترُ عليه بخلافِ من كان قبلَنا اليهود.

اليهود كان الواحدُ منهم إذا عصى الله استيقظَ ووجدَ المعصيةَ مكتوبةً على بابِ بيتِه.

أخبرني بعض الإخوان من الأساتذةِ في هذا المسجدِ مِمَّن درَس في بريطانيا، يقول: كُنتُ أدرس وكان جيراني في السَّكن من اليهود، فما زالوا قبل أن يناموا يكتبون معاصيهم على أبواب بُيوتهم ، للآن يكتبون معاصيهم على أبواب بيوتهم: فعلتُ كذا وكذا، هذه فضائح -نسأل الله الرحمة.

فمن بركة الله ورحمته بنا أنَّ الله عزَّ وجل ما أوجبَ الحَجَّ علينا إلا مرةً واحدةً، ذلك أنَّ للطَّاعةِ والعباداتِ و أركانِ الإسلام أسباب:

– فسببُ الصَّلاة دخولُ الوقتِ ودخولُ الوقتِ مُتجدِّد.

– وسببُ الزَّكاة بلوغُ النِّصاب مع حولان الحَوْل، وهو مُتجدِّد.

– وسببُ الصِّيام رُؤيةُ الهلالِ (شُهود الهلال)، من شَهِدَ الهلالَ عليه أن يصومَ وهو مُتجدِّد.

– وسببُ الحَجِّ وجودُ بَيْت الله الحرام، وبَيْت الله الحرام ليسَ مُتجدِّد.

يعني: هو لا يتجدد كتجدُّد الأهِلَّة في الحَجِّ، والأهِلَّة في الصِّيام ودخولُ وقت الصَّلاة.

أمَّا لماذا أخَّرَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلَّم- الحَجّ؟

فُهوَ أيضًا لحِكمة، وهذه الحِكمة قد تظهر وقد تخفى.

اللهُ عزَّ وجَل أخبرنا أنَّ كفَّار قُرَيْشٍ كانوا يعملونَ بالنَّسيئة، فكانوا يلعبونَ بالأشهرِ، وهذا الأمرُ امتدَّ فترةً طويلةً في تاريخِ البشريَّةِ.

والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لمَّا خطبَ يوم عرفةَ قال: “إِنَّ الزمان قد استدارَ كهيئته يوم أنْ خلق الله السماواتِ والأرض”. متفق عليه.

يعني: في العام الذي حجَّ فيه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم انتهى أثرُ النَّسيئةِ واللَّعِب بالأشهُر.

ونظام النَّسيئة يحتاج لدراسة، والجصَّاص في تفسيرِ سورة التَّوْبة لمَّا ذَكرَ الله عز وجل آيةَ النَّسيئة، ذَكرَ عن عالِمٍ في الحساب، مكث ثمانِ سنواتٍ وهو يحسب، وبرهنَ أن النَّبيَّ-صلى الله عليه وسلم- لمَّا حجَّ بدأ الكَوْن دوْرةً زمانيةً جديدةً، ومعنى هذا أنَّ الحجَّ قبلهُ كان في غيرِ وقتِه.

وهُنالِك مسألةٌ يبحثها عُلماؤنا وفقهاؤنا قديمًا وحديثًا: أيُّ الأشهرِ أحبُّ إلى الله لأداء العمرة؟

قالوا: النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم اعتمرَ ثلاثَ مراتٍ، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم اعتمرَ في ذي القَعْدة، ومنهم من فَصَّل وقال: أفضل شيء في رمضان ثم ذي القَعْدة، ومنهُم من قال: ذي القَعدة أفضل من رمضان؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان إنَّما اعتمر بذي القَعدة.

حقيقةً: المسألة تحتاجُ إلى بحث، ويَسَّرَ اللهُ لي أن قرأتُ كتابًا وصلني، كتاب الكرماني، ذكر فيه مُفصَّلاً طريقة النَّسيئة التي كانت عند العرب، فأصبحَ بيْنَ أيدينا الآن معلومات دقيقة خصوصًا مع استخدامِ الحاسوبِ ولو بَعُدَ الزَّمن.

هل النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لمَّا اعتمر في ذي القَعدة، كانت العُمرة الأولى مثلاً في أول ذي القَعدة الثانية أو ما شارف الأول، والثانية كانت في وَسط ذي القَعدة أو ما شارف الوَسط، والثالثة كانت في آخر ذي القَعدة فجاء الحجُّ فدخل الحجُّ في وقته، وما قبلَه كان في ذي الحجة؟

فعُمرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في توْقيت العرب في ذي القَعدة، ولكن عند الله في النَّسيئة كانت في ذي الحجَّة؟

هذه المسألة تحتاج لدراسة.

النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ في حديثٍ فيه ضَعف، وهي من أخبار الجاهلية، أنه حَج في الجاهلية قبل الإسلام، ولمَّا رآه الجُبير بن مُطعم في عرفة قال: ما لهذا الشاب من الحُمسِ (يعني من قريش) في عرفة؟
فقريش لم تكن تقف في عرفة.

فالشَّاهد أن لتأخير النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حكمة، والحِكمُ الذِّهنُ فيها يذهب كثيرًا منها تأخيرُ النَّبيُّ للحَج قالوا: هذا دليل على أنَّ الحَجَّ على التَّراخي وليسَ على الفَوْرِ، ولكن العِلَّة السَّابقة إن صحَّت فيُصبحُ القَوْلُ بأنَّ الحجَّ على التَّراخي؛ لأنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أخَّر الحَجَّ يُصبح فيه كلام وفيه نِزاع، هذه واحدة.

الثانية: العرب كانت تطوفُ في البَيْتِ إلى ما قبل حِجِّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بعام، النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حجَّ في العاشر، وفي العام التَّاسع النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أرسلَ أبا بكر فحَجَّ أبو بكرٍ وجَمعٌ من الصحابة معه، وأمره صلى الله عليه وسلم أن يُؤذِّن في النَّاس: “لا يَحُج بعد هذا العام مُشرك” متفق عليه.

يعني: لا يَحُج مُشرك على طُقوسهم.

والطقوس: كان الرِّجال والنِّساء يطوفون سواء، وكانت المرأة تطوف عُريانة والرجال يطوفون عرايا، قالوا: كانوا في النَّهار يجعلون الطَّواف للرِّجال وفي اللَّيل يجعلونَهُ للنِّساء، فأمر النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم أن يُؤَذَّن في قبل العامِ الذي سيذهبُ إليه؛ حتى لا يرى مثل هذه المسائل.

كانت المرأة -كما في صحيح مسلم – من حديث جابر :” كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهِيَ عُرْيَانَةٌ، فَتَقُولُ: مَنْ يُعِيرُنِي تِطْوَافًا، تَجْعَلُهُ عَلَى فَرْجِهَا وَتَقُولُ: الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ، فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ” (مسلم ٣٠٢٧)، تريدُ فرجها: اليوْم يبدو الفرج كله أو بعضه، وما بدا منه لا أُحلُّ لمن يراني أن ينظرَ اليه.
جاهلية والشياطين يلعبون بهم.

والله يقول :{وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ۚ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} [ الأنفال: ٣٥] ، يعني: الذي يطوف يُصفِّق ويُصفِّر وهو يطوف!.

تخيّل أناسٌ يطوفونَ عرايا ويصفقون ويصفرون! هذا صنيع الشياطين.

فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أبطلَ هذا الصَّنيع قبل أن يذهبَ للبَيْت، قبل أن يطوفَ بالبَيْت، أبطلَ هذا الصَّنيع والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم طاف بالبَيْتِ.

وولايةُ بَيْت الله تعالى كانت للمُتقين، وخرجت هذه الوِلاية عن المُشركين، وأسأل الله أن لا تعود إليهم اليوْم.

اليَوْم بعض الدُّول الغاشمة التي تتستَّر بالإسلام تُطالب بتدْويل الحَرمَيْن، وأن يكونَ لهم نصيب في هذا التَّدويل، ولذا يُسجِّلون و يصنعون دائِمًا الفِتن في مكة، وظهر هذا جليًّا أسأل الله العافية، حتى يتمكنون من هذه الفكرة الآثمة.

*فالشَّاهد أنَّ الحجَّ للمستطيع الذي أراه راجحًا واجبٌ على الفَوْرِ،* *الذي يستطيع أن يحُج ويُقصِّر فهو آثم،* *فهو واجب على الفَوْر.*

*والواجب على العبدِ أن يبذُل جهده في كُل عامٍ أن يَحج، فإن لم يستطع فهذا لا يجزيه في العام القادم وعليه أن يجتهد،*

وكُلٌّ يِجتهدُ على حسبِ وِسعه حتَّى يتمكن المُسلم من فريضة الحج، ولو سلكَ طُرقا (لا أقول غير قانونية ولا أقول غير مشروعة)، لكن فيها تعريض وفيها سبيل للتَّمكين من الحج.

بعض إخوانِنَا الآن تكونُ عنده إقامة، ويكون قصده من الإقامة أن يتمكَّن من حج بيت الله تعالى، وهذا أمرٌ حسن، وبعض إخواننا التُّجار يُحصِّل تأشيرة ( التي تُسمَّى التجارية) ويدخل مكةَ ويحج، وهذا أمرٌ حسن.

فمن لا يستطيع الحَجَّ بعد ذلك وبذل وسعه فما استطاعَ الحجَّ فحينئذ لا شيء عليه هذا.

والله تعالى أعلم.

⬅ مجلس فتاوى الجمعة

16 ذو القعدة 1437 هجري
2016 / 8 / 19 افرنجي

↩ رابط الفتوى :

السؤال الأول: يَسألُ بعضُ الأخوةِ عن الحج، لماذا كان الحَجُّ مرَّةً في العُمرِ؟ ولماذا أخَّرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الحجَّ إلى آخرِ عُمرهِ؟ ومن المعلومِ أنَّ الواجبات الأصلُ فيها أن تكون على الفَوْرِ. فما هو سِرُّ تأخيرِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم الحَجَّ إلى آخرِ عُمره؟

◀ خدمة الدُّرَر الحِسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان .✍✍?

السؤال السابع والعشرون من عنده إقامة داخل السعودية ويرغب بالحج وليس عنده إذن بالحج من…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/09/AUD-20170906-WA0030.mp3الجواب: رجل أراد أن يحج وليس معه تصريح حج، حجه صحيح باتفاق، ومخالفته لأولياء الأمور فيها وزر.
يطلب منه من قبل الشرطة إذا كان لابساً ملابس الإحرام أن يتجرد من ملابس الإحرام وأن يلبس المخيط.
عموم المقتضى في حديث (( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)).
يأذن بأنه لا شيء عليه، لكن هذا فيه نزاع، والنزاع من جهتين، الجهة الاولى أنه مخالف والجهة الأخرى أنه يسترسل.
ماذا يعني يسترسل – يعني الشرطي الذي لا يمررك إلا بعد أن تلبس ماذا؟
المخيط، يعني لو كنت لابسا دشداشة فوق المخيط وعباءة فوق المخيط وابتعدت عنه فالواجب عليك أن ترجع تلبس ملابس الإحرام مجرد أن تتوارى عن نظره، أما أن تسترسل وقد تمكث يوم بتمامه وساعات طوال، وأنت لابس اللباس، فأنت لست مكرهاً، يعني مر عليك وقت لبست فيه المخيط وأنت ليس بمكره، فليست العبرة وأنت بين يديه إنما العبرة بما بعد ذلك، فإن استرسلت بما بعد ذلك، فوجب عليك حينئذ فدية، ما هي الفدية؟
الفدية إما أن تصوم ثلاثة أيام، وإما أن تذبح في مكة لفقراء الحرم، وإما أن تطعم ستة مساكين كما في حديث كعب بن عجرة الذي أخرجه الإمام البخاري، كان محرما ورأى النبي صلى الله عليه وسلم القمّل يغزو شعره، فالنبي عليه السلام حلق شعره وهو محرم، وأمره بفدية بواحدة من هذه الثلاثة، بعض إخوانا ما يعرف إلا الدم، يقولون: له اذبح، اذبح، لا هو في الخيار، فكعب بن عجرة هو في خيار بين واحدة من ثلاث، إما أن يذبح، وإما أن يطعم ستة مساكين، وإما أن يصوم ثلاثة أيام.
سائل : نحن الآن الذي يحصل معنا شيخنا أننا نحرم من الميقات وما نلبس ملابس الاحرام لأنه بعد حوالي اثنين، ثلاثة كيلو في نقطة بالمدينة المنورة إذا بتكون لابس ملابس الإحرام يأخذوا جوازك، ويضعوا اسمك على النقطة هذه والنقطة التي بعدها، إذا مررت وكان اسمك موجود.
الشيخ مقاطعا : أخيرا لا بد أن تذبح فدية.
الأخ السائل: شيخنا نحن نحرم من الميقات ونلبس مخيطا ونكمل، مجرد ما اجتزنا مركز النورية نلبس ملابس الاحرام.
الشيخ: أنت مريت بفترة ما كنت مكرها وهي فترة التنقل من حاجز لحاجز- قل نعم -ما كنت مكرها،
وكنت تستطيع ترجع تلبس ملابس الاحرام، صحيح؟
الشيخ: لذا تعمل فدية.
الأخ السائل: نحن نعمل فدية.
الشيخ: أنت الآن تواريت عن انظار النقطة الأولى ومشيت تستطيع ترجع لملابس الاحرام،هل هذا صحيح ؟؟؟؟
حتى تستطيع تمر على مشارف النقطة الثانية، فهذه المدة انت ما كنت مكرها، صحيح؟
الجواب: نعم.
الشيخ: فهذه التي توجب عليك الفدية، والتصريح هو الأفضل بلا شك، الحج بتصريح هو الواجب، ومن حق أولياء الأمور تنظيم هذا، والتنظيم في الحج بأن يأذنون بالحج كل خمسة أعوام.
شيخنا رحمه الله تعالى يصحح ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، قال الله تعالى: “إن عبداً أصححت جسمه وأوسعت عليه في الرزق، يأتي عليه خمس سنين لا يَفِد إليَّ محروم”.
كل خمس سنوات تذهب للحج أو العمرة، فالتنظيم بأن تحج كل خمس سنوات، ومن حق أولياء الأمور أن ينظموا الحج، لو ترك الحج فوضى لكانت عواقبه ليست حسنة، ولذا الحج بالاعتداء على إذن أولياء الأمور، والحج دون أذن، و دون تصريح، دون ما يسمى اليوم بتصريح الحج، لا نقول عنه باطل، لكن نقول هذا الحاج افتأت على أولياء الأمور، والافتئات على أولياء الأمور حرام.
يعني اليوم قطع الإشارة الحمراء ما حكمها ؟
الجواب: حرام.
أليس من حق أولياء الأمور أن ينظموا السير، وإذا ما نظموا السير الناس تتداخل ويقتل بعضهم بعضا، فالآن الذي يقطع الإشارة الحمراء آثم عند الله.
لماذا آثم؟
الجواب: في عندي نص أن الذي يقطع الإشارة الحمراء آثم؟
الاشارة الحمراء بعد النصوص .
من أين الحرمة؟
الجواب: الافتئات على أولياء الأمور.
الآن الذي يتزوج وما يكتب العقد، جلس مع البنت وأهلها، واستكمل جميع الشروط، لكن ما وثق العقد، هل الوطء زنا؟
الجواب: ليس بزنا، أنكم استحللتم فروجهن بكلمة الله، لكن عدم توثيق العقد هذا إثم.
لماذا هو إثم؟
الجواب: لأنه افتئات على ولي الأمر.
أليس من حق ابنك يدرس بالمدرسة، أليس من حق ولدك عليك ان يكون معه شهادة ميلاد، أليس من حق ولدك عليك ان يكون معه هوية وجواز؟
أليس يريد الذهاب الى الحج والعمرة.
هذا الولد الذي أتيت به، الله رزقك إياه بزواج شرعي، لكن زواج شرعي وما فيه هذه الوثائق، حرمته من أشياء.
فالآن في انفصال بين حل الفرج وبين وجوب التوثيق،
حل الفرج يكون بشروط العقد الشرعية، إن حصلت شروط العقد الشرعية، فالزواج شرعي والولد ينسب لأبويه، لكن هذا الولد محروم من أن يذهب للحج، أو أن يذهب للعمرة، أو أن يتعلم، لعدم وجود أوراق ثبوتية معه وهذا سببه أنك استهنت بالافتئات على أولياء الأمور.
فالشرع اعطى أولياء الأمور سلطة، وهذه السلطة تنظم شؤون الناس، فهذه السلطة التي تنظم شؤون الناس الواجب على المسلمين أن يمتثلوا لأمر أولياء الأمور فإن خالفوها أثموا، وهكذا موضوع تنظيم الحج وإذن الحج،
والله تعالى أعلم.
 
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
3 ذو الحجة 1438 هجري 2017 – 8 – 25 إفرنجي
↩ رابط الفتوى:
⬅ خدمة الدرر الحسان.
الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان ✍✍
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor

السؤال الثامن عشر عندما قال النبي –صلى الله عليه وسلم- رحم الله المحلقين ثلاثا…

السّؤال الثّامن عشر : عندما قال النّبي –صلّى الله عليه وسلّم-: “رحم الله المحلّقين” ثلاثًا ثمّ قال والمقصّرين عند التّحلل من الحجّ أو اْلعمرة ،فهل كان ذلك الدّعاء أثناء تحلّل الصّحابة ولم يحلّقوا رؤوسهم؟ أم كان المقصّرون لم يسمعوا دعاء النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم ،ولذلك لم يحلّقوا وقصّروا ؟
الجواب : هذا وردَ في الحديبيّة ، كانت نفوس الصّحابة مشتاقة لمكّة والعمرة ،وساق النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم معه الهدي ،والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم آتاه الله تعالى من اْلفهم ومعرفة أحوال النّاس ما الله به عليم، والله الّذي ربّاه، ودبّر شأنه ، أنا فهمي ،وأقول هذا من كِيسِي، لكنّ قلبي وعقلي مطمئنّان إليه تمامًا ،لا يقع عندي شكٌّ ،لكن لو أنّ غيري خالفَني لا أنكرُ عليه ،فهذه فهومٌ .
فأنا في فهمي أنّ النّبي-صلّى الله عليه وسلّم في خطبة الحديبية لمّا خرج كان يعلمُ أنّه لن يعتمر ،هذا فهمي أنا، وكان النّبي صلّى الله عليه وسلّم له تدبيرٌ عجيبٌ، وصلح الحديبية له موقعٌ في نصرة الإسلام ما الله به عليم، وكان سببهُ حُسنَ توقيتِ ، ودقّة معرفة نفسيّات الأعداء، وهم العرب في ذاك الزّمان .
الدّول في بعض الأحايين إذا تأخّرت في بعض الإجراءات ولاسيّما مع الأعداء فتكونُ لها مقتلةٌ ، أحيانًا بعض الاجراءات تأتي متأخّرة مع الأعداء ،تكون مقتلةٌ عظيمةٌ لهذه الدول .
أوّل ما بدأنا نقرأُ في التّفسير ، كنت أقرأ في سورة اْلفتح ،تفسير قول الله عزّوجلّ :
{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا }
وأنظرُ في كتب المفسّرين، فتتفق كلمة المفسّرين:
{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا }
أن المراد بالفتح صلح الحديبية .
غريب ،كنت أنا شخصيًّا أستغرب ُ، أريد أن أفهم، غريب ، يبدو الأمر فيه غرابة ، فبدأت من هناك .
أوّل ما قرأت تفسير قول الله عزوجل :
{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا }
قبل أكثر من عشرين سنة أو ثلاثين سنة بدأ معي الإشكال وأحتاج إلى حل:
كيف صلح الحديبية هو اْلفتح الْمبين للإسلام ؟
فجاءني فهمٌ ، وجاءني مع كثرة تدبّر ونظر، النّبي صلّى الله عليه وسلّم يعرف أعداءه .
اْلعربي يتعجّل ،وصناديد قريش لم يأذنوا للنّبي صلّى الله عليه وسلّم ومن معه أن يمكّنوهم من الطواف بالبيت ،لكن هم قوّامون على اْلبيت ، وأمام الرّأي العام كما يقولون لابدّ أن يُظهروا أنّهم لا يمنعوا أحدًا ،وأمام هذين الأمرين الكلّيين ،الأصلين ،لا بدّ أن يمنعوا النبيّ صلى الله عليه وسلم وصحبه من الطّواف باْلبيت فترة ، وحتّى يحافظوا على النّصف الثّاني يأذنُون لهم بعد فترة، فيلبّوا العنجهيّة التي عندهم ،ويعقدون صلحًا مع النبي صلى الله عليه وسلم .
النبي صلى الله عليه وسلم ما مرّ عليه أشدّ من الأحزاب،الّتي اجتمع عليه الأعداء من كلّ حدبٍ وصوبٍ في غزوة الأحزاب .
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : “لا يُلدغ المؤمن من جحرٍ مرّتين” .
والنّبي صلى الله عليه وسلم اجتمع عليه اْليهود والمنافقين وكفّار قريش ، والله الّذي تدخّل بالرّيح [بالصّبا] فهزمهم ، لا يمكن أنْ يعود هذا الاجتماع على النّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو يقول :” لا يُلدغ المؤمن من جحرٍ مرّتين ” .
فكان مقصدُ النّبي عليه السلام لمّا خرج الصّلح ، وأحسن النّبي صلى الله عليه وسلم من يصالح ،فصالح النّبي العرب ،ما صالح اْليهود ،فالصّلح مع اْليهود وهمٌ وسراب لا وجود له ،الصّلح مع اْليهود غيرممكن ،وهم ،سراب ،أماني ،خدع .
فالنّبي صلّى الله عليه وسلّم يعرف طبيعة الأعداء ،اْلعربيّ يفي بوعدهِ، اْلعربيّ صادقٌ ،فمجرّد ما عقد النّبي-صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية ، ولبّى النّهمة واْلحاجة في نفوس اْلعرب، مباشرة فُتحت مكّة .
كيف فتحت مكة؟
بعدها تفرّغ النّبي-صلّى الله عليه وسلّم- لأعدائه، فصنعَ بهم ما تعلمون، أجلى بعضَهم ،وقتل بعضَهم ،وظهرت قوّة الإسلام وشوكة الإسلام ،ومتى تظهر قوّة الإسلام وشوكة الإسلام يتبخّر الْمنافقون ،المنافق يظهر لمّا يضعف الإسلام .
ما بقي للنّبي صلى الله عليه وسلم بعد أنْ تفرّغ من اليهود إلاّ فتح مكّة .
فصلح الحديبية هو اْلفتح اْلمبين ، صلح الحديبية هو فتح مكّة فهذا أخذٌ بالأسباب .
النّبيّ عليه السلام قدوةٌ لكم ،ومعنى قدوة لكم : يعني قدوة للأميرِ ،واْلملهوف واْلكبار، والصّغار،قدوة لكلّ اْلخلق .
فالنّبي صلى الله عليه وسلم أحسنَ مع من يعقدُ صلحًا ،ومع من يقاتلُ ومن يحارب، ومتى يعقد الصّلح ، ومتى لا يعقد الصّلح ، هذه كلّها تدابيرٌ نبوّيةٌ ،هي أصلها قائمٌ على النّظر واْلفهم .
الصّحابة بشر، ونفوسهم وأرواحهم تهفُو لبيت الله الحرام ،فلمّا خرج بهم ومعه اْلهدي ،وفي هذا إشارة إلى أنّ الهدْي عند التّحلل من اْلعمرة سنّة ،وهذه السّنّة اْلمهجورة ،ما في أحد اْليوم إذا تحلّل من العمرة يذبح ،ثبت ذلك في موطأ مالك عن عبد الله بن عمر كان يهدي إذا تحلل ، ولذا من وسّع الله عليه واعتمر لو ذبح أمر طيّب ( سنة مهجورة ) ، فخرج النّبي صلى الله عليه وسلم ومعه الهدي يقول لْلعرب : أنا لم اتيكم مقاتلا ،أنا جئتكم معظّمًا لبيت الله بأمارة أنّه أنا معي ذبائح أريد أنْ أذبحها بعد أنْ أتمكّن من عمرتي ، نريد أنْ نذبح ونتقرّب إلى الله بالذّبح والطّواف والصّلاة ،ومعهم سلاح اْلعربي، سلاح المسافر، ليس سلاح المحارب ، وسوق الهدي إشارة واضحة إلى أنّ الموضوع موضوع تعبّدٍ وتألّهٍ الخ .
كانت معه أمّ سلمة في تلك النّوبة ، وأمّ سلمة-رضي الله تعالى عنها- امرأةٌ عاقلةٌ حصيفةٌ .
النّبي تحلّل، حلق شعره ،أمرهم أنْ يتحلّلوا فأبوا ،أبى الصّحابة ،يريدون أنْ يذهبوا إلى مكّة، أبى الصّحابة ، أمرهم بالتّحلل فأبوا فشاور أمّ سلمة قال : ماذا أصنع؟
ماذا تشيرين علي ؟
فقالت أمّ سلمة : يا رسول الله أشيرُ عليك بأنْ تتحلّل ،تصعد على الجمل وتخرج ، ترجع، ما تأمرهم ،تحلّلْ أمامهم وأرهِمْ تحلُّلك وارجع يعني : هم سيلحقوك ، قلوبهم انتهت ولكن هم سليحقُوك، فبعضهم قصّر في هذه الحادثة وبعضهم حلق ،فقال النبي –صلى الله عليه وسلم :”رحم الله المحلّقين رحم الله المحلّقين رحم الله المحلّقين” ثم قال:” والمقصّرين” قال :رحم الله المقصّرين .
في بعض الرّوايات قال : كانت رؤوسهم تسيلُ دمًا ، يعني حلّل بعضُهم لبعضٍ بغضبِ ،كانت رؤوس بعضهم تسيلُ دمًا يعني من شدّة غضبهم ،وأنّهم ما تمكّنوا من الذّهاب لمكّة ، فانظرْ إلى رؤية النّبي صلى الله عليه وسلم وانظرْ إلى رؤية الصّحابة ، يعني كيف ينظر هذا ،هذا ينظر لعبادةٍ خالصةٍ يريدها لنفسه،يريد أنْ يتقرّب إلى الله، فاتته، والنّبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى مصلحة الإسلام ومصلحة المسلمين ، وتمكين الإسلام، وأنْ ينقذ الله تعالى به عشيرته وقومه ،وقريش ،وأنْ يرجع إليهم فاتحاً ، وهذا الذي حصل ،فقوله: المحلّقين والمقصّرين  أوّل ما قيل فيما أعلم في هذه المناسبة ، هذا والله أعلم .    
↩ رابط الفتوى : http://meshhoor.com/fatawa/825/
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
20 جمادى الأولى 1438 هجري
2017 – 2 – 17 إفرنجي
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍

هل يجوز للحاج الجمع بين الصلاتين في جميع أيام تأدية نسكه

الحاج متى احتاج إلى الجمع يجمع، ويعمل الأرفق به تقديماً وتأخيراً وما لم يحتج إلى الجمع فإنه لا يجمع، والحاج يجمع بعرفة، ويجمع بمزدلفة فحسب، وغير ذلك يجمع إن احتاج وأما إن جلس في منى في أيام التشريق فهديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقصر فيها من غير جمع.
 
فهناك انفكاك بين عزيمة القصر ورخصة الجمع، فقد يقع قصر من غير جمع وقد يقع جمع القصر ، وقد يقع جمع من غير قصر كما في الحضر والله أعلم .

السؤال الحادي عشر : هل صحيح أنَّ حُضور الغُروب في عرفة يجزئ عن الحاج أم عليه أن يقف بعرفة طِوال اليوم، وما حُكُم من تتبعَ الرُخَص في الحج لِيُجَنِّبَ أهله المشقة؟

السؤال الحادي عشر:

هل صحيح أنَّ حُضور الغُروب في عرفة يجزئ عن الحاج أم عليه أن يقف بعرفة طِوال اليوم، وما حُكُم من تتبعَ الرُخَص في الحج لِيُجَنِّبَ أهله المشقة؟

الجواب :

اختلف أهلُ العلم في المقدار الواجب تَحقُقُه في عرفة

وأسهل المذاهب مذهب الإمام أحمد *فمن وقف في عرفة في أي ساعة من ليل أو نهار أجزأه،* بناءً على قَوْل النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا سأله بعض الأعراب فقال: يا رسول الله إني أتعبتُ نفسي واكللت راحلتي فما وجدت جبلاً إلا ووقفتُ فيه.
“هو أصلاً لا يعرف عرفات يعرف أنَّ هُنالك جبل اسمه عرفة يجب أن يقف عليه”.

فيقول أتعبتُ نفسي وأتعبتُ راحلتي فجئتك -وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم في مُزدلفة وصلى معه الفجر في مُزدلفة- يقول يا رسول الله ما رأيتُ جبل أو تلة إلا وقفتُ قليلاً ونزلت ، فلا أعرف عرفة أين من الجبال؟، وأدركتك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: *من أدرك عرفة في أي ساعة من ليل أو نهار فقد قضى تفثه وأتمَّ حَجَّه.*

استدل الشنقيطي رحمهُ الله بهذا الحديث فقال: هذا الحديث له منطوق وله مفهوم.

منطوقه: أنَّ عرفة لابُدَ مِنَ الوقوف بها.

مفهومه أشياء منها :
أنك لو وقفتَ في عرفة قبل الفجر بلحظة (فمعناها المَبيت في مُزدلفة ليس ركناً، ولكنه واجب للنُصوص الأخرى، لكن ليس ركناً لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقد قضى تفثه )، والعلماء أيضاً يستفيدون منه أنَّ مَنْ وَقَفَ بعرفة وهو لا يعرف فحَجَّهُ صحيح فاستفادوا منه لو أنَّ رجلاً مَرِضَ أو أُغمِيَ عليه فحمل بحمَّالة وهو مَريض لا يَعي ولا يدري ماذا يجري حوله، فَحُمِلَ بالحمَّالة فأُدخِلَ على عرفة ووقف بعرفة فحجُّه صحيح قالوا: فحجُّه صحيح.

فالرجل الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم: لا يعرف أينَ عرفة.

فالشاهد أنَّ أي ساعة من ليل أو نهار تجزئ.

لكن ما هي السنة؟

السنة التي اتفق عليها أهلُ العلم أن يكون الوقوف بعرفة بعدَ الزوال( بعد الظهر) وأن يَبقى الحاج واقفاً بعرفة حتى غروب الشمس فإذا سَقطتِ الشمس نَفَرَ إلى مُزدلِفة.

وذهب المالكية وغيرهم إلى وجوب إدراك جزء من الليل وجزء من النهار في عرفة قالوا: من لم يُدرك جُزء مِنَ الليل وُجزء مِنَ النهار فهذا عليه دم.

فالواجب أن تُدرك شيئاً مِنَ النهار وشيئاً مِنَ الليل، لكن حديث الأعرابي يُدلِّل على صحة الإجزاء وأنه ليس هُنالك دم، لكن هُنالك مُخالفة للسُنَّة العملية التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

أمَّا التتبُع لذاتِ الرُخَص فهذا ممنوع، وأمَّا إن كُنتَ طالبَ علم وأردتَ أن تُجنِّبَ نفسك وأهلك المشقة فأخذتَ بالرُخَصِ المُقررة عند العُلماء بأدلتها فهذا أمرٌ لا حرج فيه.

فقد كان قَتادة رحمه الله تعالى يقول: الفقهُ رُخْصَةُ من ثقة.

فإذا رَخَّصَ لك إنسان ثقة وأعطاك شيئاً يُبعد عنك المشقة فلا حرج، فالمشقة في شرع الله تعالى لا تراد بذاتها.
قال تعالى: “ما جعل عليكم في الدين من حرج “.
قال تعالى: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”.
وما خُيِّرَ النبيُ صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيْسَرهُما ما لم يكن إثماً.

وأما تتبُع ذات الرخص وإن خالفت النُصوص فقد قال غير واحد من السلف منهم أيوب السختياني وغيره قال: من تتبَع الرُخَص فقد تزندق.

وقال غيره: إذا تتبعتَ الرُخَص اجتمع فيك الشَّرُ كُلُّه.

والله تعالى أعلم.

⬅ مجلس فتاوى الجمعة
15 – 7 – 2016

↩ رابط الفتوى :

السؤال الحادي عشر : هل صحيح أنَّ حُضور الغُروب في عرفة يجزئ عن الحاج أم عليه أن يقف بعرفة طِوال اليوم، وما حُكُم من تتبعَ الرُخَص في الحج لِيُجَنِّبَ أهله المشقة؟

◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان ✍?✍?