ذكر ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية أن عذاب القبر من عقيدة أهل السنة والجماعة وأن عذاب القبر شيء لا يدرك بالعقل، وإنما يعرف بالنقل والخبر.
وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذاب القبر، فمنكِر عذاب القبر ضال، ومن صنف من علمائنا في الأحاديث المتواترة ذكر أحاديث عذاب القبر من ضمن الأحاديث المتواترة، كما صنع الكتاني في كتابه “النظم المتناثر في الحديث المتواتر” وكما صنع السيوطي في كتابه “الأزهار المواترة في الأحاديث المتواترة” ونصص على تواتر الأحاديث غير واحد، وجمع الأحاديث الإمام البيهقي في جزءٍ طبع أكثر من مرة سماه: “إثبات عذاب القبر”
وعذاب القبر يخص البرزخ، وكما قال ابن أبي العز: في الدنيا النعيم والعذاب أصالة على البدن، وعلى الروح تبعاً، وفي البرزخ العكس، أصالة على الروح وتبعاً على البدن، وفي الجنة والنار يكون التمام والكمال على البدن وعلى الروح، ولذا لا نعرف عذاباً أشد من عذاب جهنم ولا نعرف نعيماً أفضل وأحسن وأمتع وأطيب من نعيم الجنة، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهلها وأن يجيرنا من النار إذاً فالعذاب في البرزخ يكون على الروح أصالة، وعلى البدن تبعاً.
أما العلاقة بين الأموات- فهي من أمور الغيب- وأمور الغيب لا تثبت هكذا؛ فالتجربة غير متوقعة منها، فما أحد مات ورجع حتى يخبرنا، والمنامات لا تنهض لاعتقاد عقيدة بشأن العلاقة بين الأموات، وابن القيم في كتابه “الروح” توسع،وأورد عن ابن منده في كتاب “الروح والنفس” آثاراً كثيرة، عن التابعين ومن بعدهم من الصالحين، المشهود لهم بالخير، أورد منامات، قال فيها ابن القيم: (استفاضت وكادت أن تتواتر أن الأموات يتزاورون ويعرف بعضهم بعضاً، وما شابه، وهذه في الحقيقة السلامة أن نسكت عنها.
والمنامات وإن تواترت واستفاضت، فإنه يستأنس بها، ولا يعتمد عليها في العقيدة.
التصنيف: العقيدة
السؤال الثاني والعشرين ما الضابط بالقول أن هذه المسألة من فروع العقيدة أو أصولها…
whatsapp-audio-2016-10-23-at-10-29-28-pm
الجواب : مسائل الأصول تنبني عليها فروع و تنبني عليها مسائل، أما التي لا تنبني عليها مسألة إنما هي مسألة وحدها فهذه تكون من فروع العقيدة وهذه اصطلاحات ، مثلاً الفرق بين النبي والرسول هذه ما ينبني عليها أصل هذه من فروع التوحيد فإذا وقع خلاف في مسألة الفرق بين النبي والرسول الأمر واسع يقال صواب وخطأ و لا يقال فيه ضلال .
لكن مثلاً في أسماء الله وصفات الله جلّ في علاه أن نؤمن بها كما جاءت ؛ يترتب عليها فروع، فصفات كثيرة لله تعالى وأسماء كثيرة لله تعالى تثبت من خلال هذا الأصل فالشيء إذا انبنت عليه المسائل يكون أصلاً ولذا متى نحكم على الإنسان بالبدعة نحكم عليه إذا خالف في أصول أهل السُّنة وبتعبير أدق إذا كثُر خطؤه في الفروع وهذه الفروع تُنبئ عن خطأ له بمجموعها بأصل من الأصول ، مثلاً حديث الآحاد يؤخذ بالآحاد في العقيدة أم لا يؤخذ بالآحاد فالعقيدة هذا أصل تنبني عليه مئات المسائل ،وأنا لا أدري المفرقون في المنهج بين المتقدمين والمتأخرين ينفون كثيراً من الأحاديث التي ثبتت صفات الله بها؛ولذا هؤلاء ما منهجهم في التحقيق إلا أن يكونوا أشاعرة ما يكونوا من أهل سنّة .
الشاهد إذا إنسان أخطأ أخطاء كثيرة، مثلاً إنسان يعني نفى أشياء كثيرة لما فحصنا هذه الأشياء يجمعها مثلاً أن العقيدة لا تُؤخذ في الآحاد فإذا كان خطؤه ينبئ عن خطأ في الأصول فيضلل الأصل ،فالإنسان نحكم عليه بأنه مبتدع إذا كانت أصوله غير أصول أهل السنة ،إذا كانت فروعه فيها أخطاء تنبأ عن فساد في الأصل، وإذا وافق أهل البدعة في أمرٍ هو علامة عليه، إذا قال قولاً هو علامة على أهل البدع فيلحق بأهل البدع و لا كرامة .
أما من أخطأ في الفروع فتأول صفة من صفات الله فقط وهو ليس كذلك في غيرها فهذا لا يقال عنه مبتدع يقال عنه أخطأ و قد أحسن الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة ابن خزيمة لما تأوّل صفة الوجه فقال الوجه (الذات ) فقال الإمام الذهبي لو أن كل إمام أخطأ في خطأ فبدعناه وفسقناه لم يسلم لنا أحد من الأئمة، وابن خزيمة إمام الأئمة ،هذا لا يفسق ، فكتابه بديع كتابه التوحيد ،لكن أخطأ في فرع ما أخطأ في أصل من الأصول فالذي يخطأ في فرع يُتأول له و لا يحكم عليه بأنه مبتدع والله أعلم .
