( بعض التنبيهات في أحكام الجنائز) [ العجلة في دفن الميت / أجر اتباع الجنازة / حال الناس أثناء اتباع الجنازة وعند دفنها ]

( بعض التنبيهات في أحكام الجنائز)
[ العجلة في دفن الميت / أجر اتباع الجنازة / حال الناس أثناء اتباع الجنازة وعند دفنها ]

جاء في الحديث الصحيح:
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ, فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ, وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

قال الشيخ مشهور بن حسن شارحاً:
سبحان الله!

لما يموت الإنسان ينسي الله تعالى أحبابه وأعز الناس عليه اسمه فيصبح الناس يقولون أين الجثة؟

لا يقولون أين فلان؟
ولا أين أبو فلان ؟
سبحان الله!
والنسيان نعمة من الله -عز وجل- ، ويلقي الله جل في علاه في قلوب أحب الناس إليه أن يكونوا هم أول من يحرص على دفنه ومواراته تحت التراب ، وهذا دلالة على قيمة الإنسان متى خرجت روحه لا يطيق أحدٌ أن يبقى عنده ، وإنما يتعجل أن يبقى في التراب ، فاعمل عملاً تكون في خلوتك الدائمة إلى أن تقوم الساعة ؛ تجد مؤنساً لك ، إرضي ربك سبحانه ، حتى تأنس به ، وحتى تنعم بالنعيم الذي عنده.

النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
«أسرعوا بالجنازة».
الأصل في الأمر هو الوجوب ، الجماهير حملوا الأمر على الندب ، وابن حزم حمله على القاعدة المعروفة قال أسرعوا بالجنازة فرض الإسراع ولا يجوز ألا نسرع في الجنازة ، والإسراع أن ندفنه مباشرة ، يعني مات الصباح الباكر الساعة السابعة ، فلماذا نبقيه لبعد الظهر؟

ما أسرعنا ، ما لبينا ، ما امتثلنا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعوا.

الناس يؤجلون لصلاة الظهر لأن أقاربه لا يصلون ، وعدم الصلاة شر ، والشر لا يأتي بخير ، الشر لا يأتي إلا بشر ، والخير لا يأتي إلا بخير ، فالخير لا يأتي بشر ، والشر لا يأتي بخير ، فالأصل المسارعة في الدفن لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعوا.

ذكر ابن الرفعة في كتاب “المطلب العالي شرح وسيط الغزالي” ، حقق في الجامعة الإسلامية في 100 ومجلدتين ، والله يسر لي نسخة منه نال به 100 شخص وشخصان رسائل الدكتوراه والماجستير ، كتاب واحد “المطلب العالي”.

فلما قرأت مبحث الجنائز في هذا الكتاب يذكر ابن الرفعه يقول دخل العز بن عبد السلام ليخطب الجمعة ويصلي ، فوجد أناساً بجانب ميت لهم ، فقال لهم :
لما لا تدفنونه؟
قال جئنا للمسجد نصلي عليه نصلي الجمعة ثم ندفنه ، قال لا أخرجوا وادفنوه ، لا تتأخروا ، اخرجوا لا تبقوا معنا ، لا تصلون معنا الجمعة.

يعني لو مات لك ميت في وقت الجمعة ؛ لك عذر شرعي أن تمتثل قول النبي أسرعوا بالجنائز ، ولا تصلي الجمعة.

انظر إلى هذه الحادثة وانظر إلى حادثة تأخير الناس في صلاتهم على أحبابهم ، والله ليسوا أحبابا لهم لو كانوا أحبابا لهم لتعجلوا بالدفن ، ولذا النبي صلى الله عليه وسلم قال أسرعوا بالجنازة ، فإن تكن صالحة فخيرٌ تقدمونها له ، وإذا كانت ليست كذلك في الحديث ؛ سوى ذلك شر تضعونه عن رقابكم.

فكيفما كان تعجل في الصلاة ، وكذلك يشمل الإسراع أن تمشي بها مشياً وسطاً ، بين المشي المعتاد وبين السعي ، لا تسعى امشي لا تمش مشا بطيئاً ، ليكن قبل الركض بقليل ، إسراع دون ركض ، أن تسرع على وجه لا تصل فيه إلى الركض ، إلى السعي ، والسعي هو أول الركض ، فأسرع إسراعاً شديداً.

لو مات الرجل ليلاً ؛ هل نسرع؟
إذا تغيَّـر ؛ نعم نسرع وندفنه ليلاً ، وثبت أن أبا بكر وفاطمة دفنا ليلاً.

إن لم يتغير ؛ لا نسرع ، ندفنه نهاراً ، لأن الدفن في الليل مكروه في أصله ، إلا أن وقع التغيُّـر ، وكان شيخنا الألباني -رحمه الله- يذكر ضابطاً مهماً فكان يقول:
متى احتاج الإنسان أن يوضع في الثلاجة ؛ جاز دفنه ليلاً.

لا نضع الميت في الثلاجة ، متى احتجنا لوضعه في الثلاجة ؛ ندفنه ليلاً ، وأما إن كان الجو لا يقع فيه تغيير للميت ، كالليالي الباردة ؛ فحينئذ ندفنه نهاراً ، ولا ندفنه ليلاً.

والأصل في الدفن إكرام الميت بالإسراع في دفنه ، وأخذوا هذا من قول الله عز وجل:
{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس : 21]
أتت الآية ( ثم أماته فـ أقبره) ، وليس أماته ثم أقبره.

وأما الحديث الذي فيه أن إكرام الميت العجلة في دفنه ؛ فهذا حديث لا أصل له.
معناه صحيح ولكن لا يوجد له إسناد عند المحدثين.

٥٦٩ – وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا ⦗١٦٤⦘ فَلَهُ قِيرَاطٌ, وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ». قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ? قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِمُسْلِمٍ: «حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ».

وَلِلْبُخَارِيِّ: «مَنْ تَبِعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا, وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطَيْنِ, كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ».

قال الشيخ مشهور بن حسن شارحاً:
مما ينبغي أن يذكر وفاتنا في الإسراع في الجنازة أن بعض الناس يدب دبيب النمل في حمله للجنازة ، ويمشي خطوة خطوة مخالفاً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعوا بالجنازة ، وهذا من البدع ، وهذه العادة أن يدب الإنسان وأن يمشي خطوة خطوة بأنه هذه عادة أهل الكتاب في الجنازة ، وليست عادة أهل السنة وهذا أمرا فيه مخالفة.

متى نلغي أسرعوا بالجنازة؟
سبق الجواب إذا مات الإنسان فجأة ، حتى نتحقق من وفاته أو لغرض معتبر يعني مثلاً إنسان مات في حادث جنائي ، وحتى نعرف من القاتل نؤخر دفنه ، فلا حرج في هذا التأخير أو قدوم عزيز عليه ، وهو في الطريق تعجَّل لكن بعد ما وصل ، لا حرج في ذلك ، أما يقال فلان إنه في أمريكا أو في أوروبا والله الحجز بعد أسبوع ، وخلوه في الثلاجة أسبوعاً !
هذا التطويل يخالف السنة ، قولاً واحداً ، ولعل الولد فاجر فاسق أزعجه القدوم للصلاة على أبيه ، وهذا وارد في هذا الزمان ولا حول ولا قوة إلا بالله.

«مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ»
حصول الأجر أولاً على الصلاة ، الشرط أولاً تصلي عليه ، فإن أردتَ الزيادة فحينئذ تتبعها ، الأجر متوقف على الصلاة عليه.

«وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ»
فإن تابع بعد الصلاة عليها حتى توصل للمقبرة وتدفن ؛ فهذا له قيراطان.

فسأل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما القرطان؟
فقال مثل الجبلين العظيمين.

هذا الحديث ثبت عن 12 من الصحابة رضوان الله تعالى عليه وسمع هذا الحديث ابن عمر من عائشة لما سمعه من أبي هريرة :
(قيراط) مثل أحد.

و جبل أحد ممتد من شرقي المدينة إلى غربيها من جهة الشمال ، والآن العمران توسع ، وأصبح أقرب شيء على أُحد حي الشهيد ، وسمي حي الشهيد نسبه إلى حمزة عم النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ابن عمر استغرب فزار عائشة وسألها عما يحدث به أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- ، فقالت له إيه صدق أبي هريرة ، فقال -رضي الله تعالى عنه- كما في الصحيح :
لقد فرطنا في قراريط كثيرة.

من لم يعرف هذا الحديث ؛ فرط في قراريط كثيرة.

احرص يا عبد الله على أن تصلي على الجنازة ، واحرص على أن تتبعها ، حتى يحصل لك القيراطان.

الإنسان ليس دائماً نشيطا في قيام الليل والصيام وتلاوة القرآن ، فهذا يعوض ، فلو عندك شيئ من كسل ؛ تذكر الآخرة واذهب للقبر ، واتبع ، وازجر هذه النفس ، وقل لها يا نفس ستدفنين مثل هذا الميت ، اثبتي على ما أنت عليه من خير من عبادة.

لذا قال العلماء كلاماً عجيباً في هذا الحديث ، قالوا اتباع الجنازة على ثلاثة ضروب ، الضرب الأول :
يتبعها من أين؟
اليوم اتباع من أين؟
الجواب: من المسجد ، وثبت معنا في الدرس الماضي أن الصلاة في المسجد لم تكن هي الأصل كانوا يصلون عليها في المصليات.
طيب كيف تتبع جنازة ومن أين؟
الجواب: من بيتها ، اتباع الجنازة حتى تحصل على القيراط تكون من بيتها ، من المكان الذي تخرج منه ، وفي أغلب الصور هذه الأيام قد يكون من المستشفى.

من المكان الذي تخرج منه للصلاة عليها ، وليس من المسجد ، من صلى على الجنازة في المسجد له أجر ، لكن أجر القيراط يكون من حيث تخرج ، هذا الأمر الأول الأمر.

الثاني:
أن يتبعها إلى القبر والأحسن من هذين الأمرين ؛ الأمر الثالث ، وهو أن يبقى قائماً عندها يدعو بمقدار ذبح جزور ، وأن يشارك في الدفن ، أن يشارك الناس في الدفن هذا الأمر الثالث.

إذا عندنا المرحلة الأولى الصلاة وله قيراط ، الاتباع له قيراطان ، أمر زائد أن تشارك في الدفن ، وأن تبقى بعد الدفن.

فهذه ثلاثة مراحل ولكل مرحلة أجر أكثر من الأجر الذي قبلها.

في رواية في البخاري وهي مهمة جداً ، وكثير من الناس يغفل عنها ، وسيأتينا نوع من توسيع بهذا الشرط ، يأتينا إن شاء الله بعد قليل.

قال صلى الله عليه وسلم:
من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا.

تخرج للجنازة من أجل حق الميت ، لا من أجل الجاه والمال والغنى للأحياء ، تخرج للصلاة على الجنازة من أجل الميت أم من أجل الأحياء؟
خروج الجنازة من حق المسلم ، فالمسلم مات فله حق عليك أن تخرج في جنازته ، والناس اليوم يخرجون للجنازة ولا يستحضرون الإيمان والاحتساب والنية الصالحة.

لذا قال الفقهاء من دعي إلى وليمة عرس ، فرأى منكراً ؛ فالواجب عليه أن يغادر العرس والوليمة ، بسبب المنكر ، وقالوا من تبع جنازة فرأى منكراً ؛ لا يشرع له أن يرجع لأن المنكَر من فعل الأحياء ، وهو يؤدي حق الميت ، وهو لا يلتفت للأحياء.

الناس اليوم في جنائزهم يخرجون مبتسمين يضحكون يمزحون لا ينزل الهاتف عنهم ، وبعضهم يدخن في الجنازة ، فيؤذي كل الأرواح ، وأوصى عمرو بن العاص صحيح مسلم ألا يتبعه نار ، فالنار تؤذي الأرواح كلها ، فالذي يدخن في المقبرة هذا يؤذي جميع الأرواح ، والناس تأتي إلى الجنائز وكأنها من متاع الدنيا ، وكأنها ليست من الآخرة.

كانوا إذا ذهبوا للجنازة لا ينتفع بهم أحد مدة شهر ، سادهم الحزن ، ولذا أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثروا من ذكر هادم من اللذات.

المصدر:
المحاضرة الثالثة لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق :
هجري 10 محرم 1447 –
ميلادي 05 يوليو 2025.✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

( بعض التنبيهات في أحكام الجنائز) [ العجلة في دفن الميت / أجر اتباع الجنازة / حال الناس أثناء اتباع الجنازة وعند دفنها ]

▪️ فقه اتباع الجنازة (الماشي والراكب)

▪️ فقه اتباع الجنازة (الماشي والراكب)

قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
الأصل في الجنازة أن تحمل على الأكتاف ، وأن يمشي الناس أمامها ، وأن تكون تكون الجنازة من الخلف ، يحملها قوم على الأكتاف ، والناس يمشون أمامها ، وأما الراكب وطبعاً -قديما دابة والآن السيارة وما شابه- فالذين يركبون يمشون خلف الجنازة ، لا أمامها.

الذي يركب يمشي خلف الجنازة -والدليل على ذلك- ما أخرجه الإمام الترمذي وصححه عن المغيرة بن شعبه -رضي الله تعالى عنه- قال:
الراكب خلف الجنازة.

الراكب خلف الجنازة ، وأما الماشي فابن عمر يقول رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ورأى أبا بكر ورأى عمر يمشون أمام الجنازة ، ولا حرج أن يكونوا عن يمينها قليلاً أو عن يسارها قليلاً ، كالركاب يمشون وراءها ولو كانوا على اليمين قليلا على اليسار قليل ؛ لا حرج.

أما أن يخرج الإنسان عن متابعة الجنازة ، ويلتمس الطرق الخفية ويريد الهروب عن الازدحام ؛ فهذا ليس اتباعا للجنازة سواء في المشي أو في الركوب ، وهذا يقع فيه كثير من الناس ، تسأله أين أنت ؟
قال والله نحن ابتعدنا لكي نسبق ، نبتعد عن الازدحام!
هذا ما تبع الجنازة ، فأن تتبع الجنازة تكون الجنازة أمامك ، وأنت راكب.

وتكون خلفك وأنت تمشي ، والعلماء يقولون لا حرج يمين قليل ، الشمال قليل ، لكن أنت معروف أنك في هذا المشي أنك تتبع هذه الجنازة ، وسبب هذا الخلل للأسف الجهل ولا سيما دور الدفن الموتى التي تريد الدنيا ، تريد العجلة ، -خصوصا- لما تحصل الأمراض والآفات والأوبئة.

سمعت واحداً يعمل دعاية وهو صاحب دار دفن يقول في الكورونا كنا نأخذ 100 دينار ، الواحد الآن بنقول على الثلاث 200 دينار!
على الثلاث أموات 200 دينار!
صار هناك تنافس.

دور الدفن تجار ، والذي يقود سيارة الجنازة (حافلة صغيرة) يريد العجلة ، فيتوارى ، فلا يسمح لمن خلفه أن يتبعوه ، فالخلل في الاتباع تكون أحياناً من المتابع وأحيانا من السائق.

هذا خلل ، وهذا خلل ، الأصل أنوالناس تمشي في وفد فيه شفاعة لهذا الميت يشفعون فيه عند الله -عز وجل-.

لو ركب وكان أمام الجنازة؟
قال استدل بهذا حديث استدل بحديث عبد الله بن عمر أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر يمشون أمام الجنازة ، فإن ركب وهو أمام الجنازة أخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي ، قال كانوا يكرهون ذلك.

ما معنى كانوا يكرهون ذلك؟
يكرهون الركوب ، ويمشي الراكب للأمام ، والعكس بالعكس ، ما معنى العكس بالعكس؟
الجواب : الماشي يسير خلف الجنازة.

الأصل في الراكب خلف الجنازة ، والأصل في الماشي أمام الجنازة.

فإبراهيم النخعي قال يكره كما عند سعيد بن منصور يكره أن تركب وتسير أمام.

أنا أقول لإلغاء الفارق أقول كذلك الماشي يمشي خلفها لا أمامها ، فبإلغاء الفارق الحكم واحد والله تعالى أعلم.

المصدر:
المحاضرة الثالثة لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق :
10 محرم 1447 هـ
05 يوليو 2025 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

▪️ فقه اتباع الجنازة (الماشي والراكب)

[ بدعة إطعام المعزين ومخالفتها للسنة النبوية ]

[ بدعة إطعام المعزين ومخالفتها للسنة النبوية ]

جاء في الحديث:
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ -حِينَ قُتِلَ- قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ».
أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ، إِلَّا النَّسَائِيَّ.

الشرح للشيخ مشهور حسن:
أخرجه الخمسة (السنن ، وأحمد) ، إلا النسائي.

«لما جاء نعي جعفر»:
فيه جواز النعي ، ومعنى الجواز في النعي وذكرنا هذا سابقاً أي الإخبار ، لتكثير عدد المصلين ، على خلاف النعي المنهي عنه ، وهو نعي الجاهلية أن يطاف في الطرقات ، ويرفعون الأصوات مباهاة في حال الميت وبيان ما كان يصنع في حياته.

وهذا النعي لا حرج فيه ، فنعى النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاءه نعي جعفر حين قتل في مؤتة ؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- اصنعوا لآل جعفر طعاماً.

من آل جعفراً ؟
زوجته أسماء بنت عميس ، امرأة فاضلة قرشية تعاقَب عليها عددا من الأصحاب ، فكان زوجها الأول جعفر ، وكان زوجها أيضاً أبو بكر بعد جعفر ، ثم تزوجها علي ، وكانت امرأة عاقلة لبيبة ، فزينة المرأة حسن إدارتها وحسن كلامها ، وهكذا كانت أسماء.

فلما مات جعفر قال النبي ﷺ :
اصنعوا لآل جعفر طعاماً.

الطعام المعهود ، وكل يطعم على قدر حاجته ، وعلل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: فقد أتاهم ما يشغلهم.

الميت جاءته مصيبة الموت ، وتشغله عن أن يصنع طعاماً ، فمن القبح بمكان ، في الشرع وفي العقل وفي العادات الشرعية الصحيحة أن يصنع أهل الميت طعاماً للمعزين ، الأصل أن الناس تصنع طعاماً لهم.

وتأمل معي قول النبي صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جعفر ، ما قال النبي ﷺ :
اصنعوا لآل طالب ، أو لآل المطلب ، أو اصنعوا مثلاً لقريش ، كما يفعل الناس اليوم!

اصنعوا لآل جعفر (زوجته واولاده) ، يصنعوا لآل جعفر الزوجة والأولاد.

هذا الطعام لا يكون لكل الناس ، اصنعوا لآل جعفر طعاماً ، فقد أتاهم ما يشغلهم ، وكانت وفاته في السنه الثامنة ، لما مات جعفر في مؤتة في الأردن.

وهذه سنة بدأت من جعفر ، ما عرف قبلها ، وتوارثها المسلمون إلى يوم الدين أن يقفو مع أهل الميت ، وأن يواسوهم في صنع الطعام لهم ، وهذا من محاسن الإسلام ، وفيه تكافل اجتماعي ، ولم تذكر الأحاديث المدة التي يُصنع لهم الطعام فيها ، هل يصنع لهم الطعاما في وجبة ؟ في يوم؟ في يومين؟ في ثلاثة ؟
ما دامت الحاجة تقتضي بالإطعام ؛ نطعم حتى يزول الحزن ، وتعود الحياة إلى أن يمارس الإنسان الأكل والشرب وما شابه ذلك.

والبدعة الشنيعة التي كانت مشهورة في الجاهلية وفيها سرف وفيها إنفاق ، وهي عكس السنة النبوية وقد يكون فيها اعتداء على الصغار بأن يؤخذ من مال الميت ، وله أولاد صغار ، ويُطعَم الأحياء ؛ فهذه عادة قبيح ، وهذه بدعة ، وهذه مجاراة لأهل الكتاب ، ولا سيما إذا تحمل أهل الميت الدين ، يستدينون.

يخبرني بعض إخواننا ولا سيما في مناطق جنوب الأردن الميمون ، أن بعض العزاء في بعض الحالات يكلف صاحبه أكثر من 10,000 عشرة آلاف دينار أردني!
وهذا مال يتحمله الصغار يسدون دين أبيهم.

هذه مصيبة من المصائب ، وهذه بدعة من البدع ، وهذه البدع ينبغي للحريصين من أهل الديانة والراحمين بالخَلق أن يتحركوا لإبعاد هذه البدعة ، وأن يحيوا صنع الطعام لأهل الميت والله تعالى أعلم.

المصدر:
المحاضرة الثالثة لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق :
10 محرم 1447 هـ
05 يوليو 2025 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ بدعة إطعام المعزين ومخالفتها للسنة النبوية ]

[ هدي النبي ﷺ في الدعاء للميت ]

[ هدي النبي ﷺ في الدعاء للميت ]

جاء في الحديث:
وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ – رضي الله عنه – قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَلَى جَنَازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ, وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ, وَاعْفُ عَنْهُ, ⦗١٦٣⦘ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ, وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ, وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ, وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ, وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ, وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ, وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ, وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ

رواه مسلم (٩٦٣)، وزاد: قال عوف: فتمنيت أن لو كنت أنا الميت؛ لدعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم -على ذلك الميت.

قال الشيخ مشهور بن حسن شارحاً:
الزيادة جميلة في آخر الحديث في صحيح مسلم على لسان عوف بن مالك وهو صحابي الحديث ، فبعد الحديث قال عوف فتمنيت أن أكون أنا الميت ، لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الميت.

تمنيت أكون أنا الميت لأن دعاء النبي ﷺ ينور القلب ، ويرفع الظلمات وفقد المسلمون بالتحاق رسول الله صلى الله عليه وسلم للملأ الأعلى ، فقدوا شيئاً كثيراً ، فحق لهم أن يحزنوا دوماً.

الحديث فيه عن عوف صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة قال فحفظت من دعائه ، لم يذكر جميع الدعاء فهذا شيء من الدعاء ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان ينوع في الأدعية.

ولذا نحن نقول لإخواننا من أرادوا أن يصلوا صلاة الجنازة ، الدعاء في الثالثة والرابعة وكذا لو صلوا خامسة أو سادسة أو سابعة أو ثامنة ؛ يكثرون من الدعاء ، والأحسن أن يكون الدعاء من المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والدعاء منه الطويل ومنه القصير والأحسن أن يكون الطويل في الثالثة ، والرابعة أقصر من الثالثة ، والخامسة أقصر من الرابعة.

انتبه لا أقول قياساً على الصلاة ، وإنما أقول بخلاف الفارق ، لا يوجد فارق بين الصلاة وبين الدعاء ، والدعاء فيما يسمى صلاة الجنازة.

لو قلت قياساً فستقولون لي القياس لا يصلح في العبادات ، لأن العلة غير ظاهرة ، فأقول بزوال الفارق ، زوال الفارق يصح أن يعمل فيه في العبادات.

نحن الآن نلحق المال والدرهم بالذهب والفضة ، ليس قياساً وإنما بزوال الفارق ، وزوال الفارق تحتاج لدراسة أصولية تطبيقية مهمة ، والكتابات فيها قليلة.

يقول عوف حفظت من دعائه الذي حفظه حتى تمنى أن يكون هو من مات ، قوله:
اللهم اغفر له وارحمه.

إذاً اللهم اغفر له خص الميت الذي يصلي عليه بالدعاء ، ولم يدع دعاءً عاماً ، ما قال اللهم اغفر للمؤمنين ، قال اللهم اغفر له وعافه واعف عنه وأكرم نزله.

النزل ما يقدَّم للضيف اجعل أول قدومه إليك يا ربنا فيه عزة وفيه كرامة.

ووسع مدخله وافسح له فيه:
افتح له فيه باباً من أبواب الجنة.

واغسله بالماء والثلج والبرد:
فهذه الأمور الباردة تقابل حرارة الذنوب وتطفئ لهيبها ، وتبردها.

فذكر الماء والثلج والبرد لأن الذنوب لها حرارة ، فذكر هذا ليطفئ تلك الحرارة.

ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس ، وخص الأبيض بالذكر لأن إزالة الأوساخ في الثوب الأبيض أظهر من غيرها من الألوان.

وأبدله داراً خيراً من داره :
ومخطئ من قال إن القبر هو آخر المنازل ، وكما يقول أهل الإعلام للأسف في هذه العبارة ، وأتمنى لو بعض الإعلاميون يسمعون هذه الكلمات القليلات مني يقولون انتقل إلى مثواه الأخير!

المثوى الأخير الجنة أو النار ، وليس القبر هو المثوى الأخير.

فالنبي صلى الله عليه وسلم يدعو دعاء قال وأبدله داراً خيراً من داره ، في هذه الحياة البرزخية أبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله.

واختلف العلماء في تفسير هذا التبديل ، فمنهم من قال التبديل بالأعيان ، بأن يرزقه زوجة أحسن من زوجته ، وارزقه أولاد أحسن من أولاده ، وارزقه جيران أحسن من جيرانه.

ومنهم من لم يحمله على تغيير الأشخاص ، وإنما حمله له على تغيير الأوصاف أي ارزقه زوجاً خيراً من زوجه ، فالزوجة التي في الدنيا كبيرة أو ضعيفة ؛ فأبدله زوجة شابة ، تعود إلى شبابها ، فالدعاء إلى تغيير الأوصاف.

ومن بين ذلك إذا كانت الزوجة سيئة الخُـلُق:
فيقول أبدله زوجة حسنة الخُلق.

فالتغيير بالأوصاف وليس بالذوات ، ووقع تفسير أهل العلم لهذا التبديل محمول على الأمرين.

ثم دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله وأدخله الجنة وقه فتنة القبر وعذاب النار.

(انتقل إلى المثوى الأخير):
اللفظة فيها كفر -لا أقول القائل كافر- ، لأن الرجل قد يقع في الكفر ولا يشعر ، الإعلام الذي يقول انتقل إلى المثوى الأخير ؛ هذا كلام كفر ، لكن قائله ليس بكافر ، هو جاهل لا يفهم وينبغي أن يُـفهَّم.

هذا دعاء الذي رواه رواه مسلم عن عوف بن مالك ، هناك حديث آخر والحديث آخر عزاه الحافظ عند مسلم وهو ليس عند مسلم وإنما هو في السنن الأربعة ، والحديث صحيح.

نسمع الدعاء الثاني قال -رحمه الله-
٥٦٦ – وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا, وَمَيِّتِنَا, وَشَاهِدِنَا, وَغَائِبِنَا, وَصَغِيرِنَا, وَكَبِيرِنَا, وَذَكَرِنَا, وَأُنْثَانَا, اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ, وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ, اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ, وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَالْأَرْبَعَةُ.

قال الشيخ مشهور حسن شارحاً:
هذا الحديث عزاه لمسلم- وهو ليس في صحيح مسلم ، إنما هو في السنن الأربعة ، والأصل في الداعي حتى في غير الصلاة ؛ الدعاء المطلق البركة والخير في الألفاظ التي قالها النبي -صلى الله عليه وسلم- ففيها كلمات يسيرة ومعاني كثيرة من أراد الخير كله فليحفظ أدعية النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فأدعية النبي -صلى الله عليه وسلم- مبانيها قليلة الألفاظ ولكنها جزلة كثيرة المعاني.

وبعض الناس يريد يدعو لنفسه فالدعاء باللازم بالذي تريد من المأثور عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن من الدعاء الصريح الذي ذكرته ، وإن ذكرته وأسمعته لبعض أهل العلم لقالوا فيه كذا وكذا.

من أنشأ دعاءً من عند نفسه هذه الأيام فقل أن يسلم من المؤاخذة ، فالدعاء ولا سيما في صلاة الجنازة ، وهي حق للميت.

حتى تؤدي الحق على أحسن حال احفظ الأدعية المأثورة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، والأدعية المأثورة ليس هذان الدعائين فقط.

لو أن إنساناً لا يحفظ ودعا ؛ لا حرج ، يسدد ويقارب يدعو بما شاء لكن الأحسن أن يكون الدعاء بالمأثور ، هذا دعاء مأثور عظيم ، فيه الدعاء للحي ، والدعاء للميت والدعاء للشاهد (شاهد صلاة الجنازة) ، والدعاء لسائر المسلمين الغائبين (الشاهد والغائب) ، والدعاء للصغير ، والدعاء للكبيرة ، والدعاء للذكر والدعاء للأنثى.

في بعض الروايات ولإنسنا وجننا ، ثم يجمل ذلك اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.

فقول المصلين الدارج هذه الأيام في الركعة الرابعة فقط يقال فيها :
(اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده) ؛ هذا ليس بمأثوراً ، هذا جزء من هذا الحديث الطويل ، ويقال في التكبيرة الثالثة أو في التكبيرة الرابعة.

اختصاص التكبيرة الرابعة بلفظ خاص ولا يتعداه على أنه من المأثور هذا خطأ شائع عند الناس في صلاة الجنازة.

٥٦٧ – وَعَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

قال الشيخ مشهور حسن شارحاً:
هذا الحديث عن أبي هريرة أيضاً ، وهو عند أبي داود ، وصححه ابن حبان.
قال صلى الله عليه وسلم:
إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء.

الدعاء -كما قلنا- يكون في التكبيرة الثالثة والرابعة وما بعدها والأصل في الدعاء أن يكون سراً ، سواء كانت الصلاة في النهار أم كانت في الليل ، والإخلاص في الدعاء أن تخص الميت بالدعاء ، لا أن تدعو بالعموم.

الإخلاص له معاني فمن بين المعاني الواردة هنا «وأخلصوا له في الدعاء» :
أي خُـصوه وأخلصوه دون سواه ، واجعلوا الدعاء منصرفاً له دون غيره في صلاة الجنازة.

فالدعاء العام لا يكفي في صلاة الجنازة ، وإذا كان الميت أنثى فيدعى لها اللهم اغفر لها ، اللهم ارحمها ، اللهم نقها ، فيدعى لها فلا تُـذكَر بالتذكير ، وإنما تذكر بالتأنيث.

فإن لم يكن هنالك محفوظ من قبل المصلي للمأثور عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليدعوا بأحسن ما يحضره ، وقد صح عن جابر أنه قال ما قدَّرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنا ولا أبو بكر ولا عمر بما ندعو.

هذه أشياء سمعها الناس من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن حبهم لأتباعهم لنبيهم -صلى الله عليه وسلم- نقلوها ، ونقلها لنا ومن حبنا نحن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حفظناها ورددناها وقلناها في صلواتنا.

المصدر:
المحاضرة الثالثة لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق :
هجري 10 محرم 1447 –
ميلادي 05 يوليو 2025.✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ هدي النبي ﷺ في الدعاء للميت ]

[ سنن وأحكام الدفن ]

[ سنن وأحكام الدفن ]

جاء في الحديث:
وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ – رضي الله عنه – أَدْخَلَ الْمَيِّتَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيِ الْقَبْرَ، وَقَالَ: هَذَا مِنَ السُّنَّةِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.

الشرح للشيخ مشهور حسن:
هذا حديث صحيح عبد الله بن زيد صحابي جليل فعل فعلا وهذا الفعل قال عنه هذا من السنة ، وفعل الصحابي الذي يتبعه قوله هذا من السنة يريد سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

أدخل الميت من قبل رجلي القبر جهة المحل الذي في القبر الذي توضع فيه الرجلان هذا يسمى رجلا القبر.

كيف يدخل الميت؟
يوضع الرأس في المكان الذي سيؤول أخيراً إلى أنه موضع قدمي الرجل.

يوضع الرأس هناك ، ثم الدافن يستله سلاً يدخله من رأسه إلى داخل القبر ، هذه هي الهيئة المسنونة المشروعة في إدخال الميت إلى القبر.

يوضع الرأس عند المكان الذي سيؤول إلى قدميه ، ثم يسحبه سحباً من رأسه إلى داخل القبر.

قال :
«وهذا من السنة».
فيسل سلاً رفيقا ، لأنه ثبت في صفة دفن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه سُلَّ في قبره من قِـبَلِ رأسه.

وسيأتينا مَن الذي دفن النبي صلى الله عليه وسلم ومن الذي غسله.

إذا لم يكن بالإمكان هذه الصفة في السَّـل لسبب يخص القبر ؛ فحينئذ نحن مضطرون ولا حرج لو أدخل من غير أن يُـستل إلى قبره.

لذا من السنة أن يُستَل الميت من رأسه ، أول ما يوضع الميت يوضع رأسه في المكان الذي فيه الرجلين ، ويسميها العلماء رجلا القبر ثم يحمله ياخذه ويسل سلاً إلى داخل القبر ، هذا هو المسنون في هذا الأمر إلا إن كان الأمر ليس مقدوراً عليه.

الحديث:
٥٧٤ – وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «إِذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي الْقُبُورِ, فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ, وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ, وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالْوَقْفِ.

الشرح للشيخ مشهور حسن:
هذا كلام لابن عمر رضي الله عنه ، ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بزيادة خرجها الحاكم والبيهقي ولكن سندها ضعيف ، والحديث عند الحاكم :
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما وضعت أم كلثوم في القبر فقال -صلى الله عليه وسلم- منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ، ثم قال بسم الله وعلى ملة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

الآية :
{۞ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ} [طه : 55]

يرددها الناس في الدفن ، لكن لم تثبت ، هي وردت في حديث ضعيف عند الحاكم والبيهقي.

الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تقول بسم الله ، الباء متعلقة بشيء محذوف ، تقديره وضعته بسم الله ، أدخلته بسم الله ، دفنته بسم الله ، فهذه كلها تصلح أن تكون متعلقات بـ (بسم الله).

أدخلته القبر ، دفنته ، وضعته في القبر وضعته بسم الله ، كما تقول بسم الله ، آكل بسم الله ، أشرب وهكذا.

«وعلى ملة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» :
ما شرع الله على لسان أنبيائه يسمى ملة رسول الله ﷺ ، وما أنزله الله على أنبيائه يقال هذا من دين الله -سبحانه وتعالى-.

فالملة تضاف للنبي -صلى الله عليه وسلم- ، والدين لا يضاف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وإنما الدين يضاف إلى الله.

فالطريقة تقول ملة رسول الله ﷺ .

وأما الدين يضاف على ملة رسول الله ﷺ :
تقول: على الطريقة التي سنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسنها وهو حي.

ولذا قال :
وعلى ملة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فمن السنة الغائبة التي قل من يتذكرها أن الميت عندما يُستل سلاً ، يقول الذي يَـستل :
بسم الله على ملة رسول الله ﷺ.

هذه سنة هجرها كثير من الناس بسبب الجهل أسأل الله أن يعلمنا وإياكم وأن يرزقنا مع العلم العمل.

٥٧٥ – وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

٥٧٦ – وَزَادَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: «فِي الْإِثْمِ».

الشرح للشيخ مشهور حسن:
حديث مهم ورد الحديث بألفاظ ، وهذه الألفاظ يعني الفقيه يستنبط منها.

عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
كسر عظم الميت.

في لفظ «كسر عظم المؤمن ككسره حياً».

في رواية يعني عند الدارقطني :
في الإثم.

أي :
إثم من كسر عظم حي كإثم من كسر عظم ميت ، قال في الإثم.

وزيادة في الإثم الراجح عند المحدثين أنها مدرجة وليست من ألفاظ الحديث لم يقلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنما قالها بعض الرواة ، وقالها بعض الرواة للتوضيح ولبيان فقه الحديث.

ما معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- كسر عظم الميت ككسره حياً ؟
أي في الإثم.

وبناء على رواية كسر عظم المؤمن كان شيخنا -رحمه الله تعالى- يقرر أن استفادة المؤمن من عضو الكافر مشروع ، ولا يجوز أن يستفيد المؤمن من عضو من أعضاء المؤمنين.

ولذا لما شُـخِّصَ ولده ، أسأل الله أن يحفظه ، ويكون معنا في بعض الدروس ، والآن ليس هو معنا ، ولهذا لما احتاج ولده (أبو عبادة عبد اللطيف أسأل الله أن يحفظه) لأن يزرع كبد ؛ فقال له خذ الكبد من الكفار ، فقال لي عبد اللطيف ذهبت إلى الصين فوجدتُ رجلاً محكوماً عليه بالإعدام ، وباعوا كل شيء فيه إلا الكبد ، فلما جئتُ فقال بعد أن أعدموه أعطوني الكبد.

فالشيخ هنا -رحمه الله- بناء على رواية كسر عظم المؤمن كان يتساهل في الأخذ الشيء من غير المؤمن ، قال:
وأما الكافر يأخذ منا ؛ فلا ، وأما أنا آخذ من المؤمن فلا.

ويقول هذا كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا كلامه عند أبي داوود.

الحديث:
٥٧٧ – وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ – رضي الله عنه – قَالَ: أَلْحَدُوا لِي لَحْدًا, وَانْصِبُوا عَلَى اللَّبِنِ نُصْبًا, كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

٥٧٨ – وَلِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ جَابِرٍ نَحْوُهُ, وَزَادَ: وَرُفِعَ قَبْرُهُ عَنِ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

الشرح للشيخ مشهور حسن:
الحديث عند مسلم ، في السنن الأربعة عن عبد الله بن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال اللحد لنا والشق لغيرنا.

لنا أمة الإسلام اللحد وأما غيرنا له الشق ، وفي رواية والشق لأهل الكتاب.

الأراضي الرخوة يسهل فيها اللحد ، والأراضي الصلبة الشديدة يعسر فيها اللحد ، ولما توفي شيخنا -رحمه الله- ودفن وكان يحب أن يُحمل على الأكتاف ، فيسر الله -عز وجل- له أن يدفن في المقبرة القريبة من بيته ، في جبل هملان ماركا الجنوبية ، وحُـمِل على الأكتاف ، وكانت المقبرة مليئة ، ولم يبق إلا أماكن معدودة ، دفن فيها أربعة ، وكادت أن تغلق فلما حُـفِر ؛ كان مكان قبره صخرة كبيرة ، وما استطاعوا أن يدفنوه حتى طال بهم الأمد ، وشيخنا -رحمه الله- حفر قبره بالكمبريصة (آلة معروفة تستخدم بحفر الشارع) ، وشق له بها شقاً ، ومكث حفر القبر من قبيل العصر إلى ما بعد المغرب ، حتى دفن في هذه الصخرة ، فكأنه وضع في صندوق.

اللحد لنا والشق لغيرنا ، الشق أن تحفر حفرة عميقة حتى تأمن الرائحة الكريهة ، وحتى تأمن أكل السباع والكلاب للميت فتكون عميقة ، ثم إن عمدت إلى مكان القبلة ، وحفرت في هذا المكان حفرة للميت ، فتضع الميت في أسفل القبر في حفرة خاصة به ، ثم تهيل التراب ، هذا يسمى لحداً ، وقليل من يفعل اللحد.

واليوم إذا أراد الرجل أن يلحد الميت في مقبرة سحاب مثلاً (مقبرة تقع في عَـمَّان) ؛ يحتاج أن يأخذ مساحة قبرين ، وليس قبر واحد ، يأخذ مساحة قبر ويعمق الحفرة ، ثم يعمد إلى جهة القبلة ، فيحفر في داخل الحفرة حفرة أخرى ، فالحفرة الأخرى تتعدى إلى القبر الذي بعده ، كلفة زائدة ، لكن هذه سنة ، ومن كان مستطيعاً فاللحد هو الأفضل ، والشق لأهل الكتاب.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- قضى الله -عز وجل- في سنته في كونه أن يُـلحَد ، فكان هناك اثنان يدفنون ويَحفرون ، فالذي حفر قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أبو طيب الأنصاري ، وكان يُلحِد ، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أُلحِد في قبره.

في الحديث :
ألحدوا لي لحدا.

هذه وصية سعد ، وسعد مات بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وقال وانصبوا علي اللبن نصبا ، ثم فصل ذلك بقوله كما صنع برسول الله صلى الله عليه ، هذا هو حب النبي -صلى الله عليه وسلم- ، حتى طريقة دفنه ، تحب أن تموت في الطريقة التي دفن فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

أنت ميت لكن أن توصي من تحب أو أن تكتب في وصيتك كما صنع برسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ما معنى وانصبوا لي اللَّـبِن؟
وهل من فرق بين اللَّـبِن والآجُـر؟
الآجُر واللبن ما الفرق بينهما؟
الآجُـر الذي يتماسك بالنار ، الذي يسمى عندنا اليوم بتعبيرنا اللبِن ، نسيمه لَـبِن هو في اللغة ليس لَـبِناً ، إنما هو في اللغة الآجُـر ، يعني يدخل الأسمنت فيه ، يدخل النار فيه ، واللبن إنما هو تراب وماء دون نار ، والنار تؤذي الميت كيفما كانت.

فيقول : وانصبوا لي نصباً.
أي ضعوا اللبن في عصره ، الذي لم يطبخ بنار حول القبر.

هناك أثر مجاهد عند أحمد فيه زيادة ، وسدوا خلل اللبن ، يعني ضعوا لي لبن ، والخلل الذي بين اللبنة والتي جنبها اجعلوا بينها تراباً حتى يظهر أن هذا المكان قبر ، حتى لا يداس عليه.

فهذا هو المشروع أن لا يكون هنالك آجر ، وانما يكون لبن وهذا معنى قول سعد وانصبوا علي اللبن نصبا.

انظر وضعه مسلم في صحيحه ، وهو من قول سعد ، لكن مسلم جعله في صحيحه لآخره لقوله :
كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم.

البيهقي زاد عن جابر:
رفع قبره على الأرض قدر شبر.

هذا في إسناده ضعف في إسناده الفضيل بن سليمان النمري وخالف من هو أوثق منه.

والشبر ما بين طرفي الأصابع الخنصر والإبهام ، الخنصر والإبهام ما بينهما مع التفريج ، هذا هو الشبر ، يرفع قدر شبر.

جثة الإنسان ، ثم التراب الذي أخرج من القبر ، يهال عليه ؛ فيكون شبراً ، ويكون حوله اللبِـن على حديث سعد.

هذا هو القبر المشروع ، يعني من غير تشييد للقبر ، من غير بناء ، من غير كتابة عليه ، وورد هذا في الحديث الذي بعده.

المصدر:
المحاضرة الثالثة لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق :
10 محرم 1447 هـ
05 يوليو 2025 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ سنن وأحكام الدفن ]

[ الدعاء للميت بعد الدفن ]

[ الدعاء للميت بعد الدفن ]

وَعَنْ عُثْمَانَ – رضي الله عنه – قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ, فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ».
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

الشرح للشيخ مشهور حسن:
حديث عثمان -رضي الله تعالى عنه- صحيح ، قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه.

قلنا من تبع الجنازة إلى المقبرة ثبت له قيراطان ، وكل قيراط مثل أُحد ، والأحسن أن ينتظر بعد الدفن وأن يمتثل صنيع النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عثمان عند الحاكم في هذا الحديث ، إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه.

ومما ينبغي أن يذكر في هذا المقام أن هذه السنة ليست خاصة بأهل الميت أن تبقى عند القبر ليس خاصة بأولاده أو أقاربه ، هي عامة للمسلمين ، فكان يقف النبي صلى الله عليه ويقول لأصحابه استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، أن يثبته الله تعالى بالقول الثابت عند سؤال الملكين.

فإنه الآن الزمن الذي نحن فيه ، وهو وقت الدفن هذا المراد أنه الآن أي وقت الدفن ، قال فإنه الآن يسأل.

الميت عندما يُـسأل ، ووجود من يدعو الله أن يثبته يعينه على الجواب ، يأنس بهم وهو آخر عهد الميت في الدنيا ، فيسن لمن يحب هذا الميت وللمسلمين بعامة أن يتأخروا ، وأن يدعو له ، وكما ورد في وصية عمرو بن العاص في صحيح مسلم أن ينتظروا وأن يدعوا بمقدار ذبح جزور ، يعني بمقدار ثلث ساعة أقل بقليل ، أكثر بقليل ، على القبر.

المصدر:
المحاضرة الثالثة لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق :
10 محرم 1447 هـ
05 يوليو 2025 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ الدعاء للميت بعد الدفن ]

[ حكم البناء على القبور ]

[ حكم البناء على القبور ]

جاء في الحديث:
وَلِمُسْلِمٍ عَنْهُ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ, وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ, وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ.

الشرح للشيخ مشهور حسن:
فإذا هناك نهي عن البناء على القبر ، وفي صحيح مسلم من حديث فضالة بن عبيد ، قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر بتسويتها.

القبر الذي أقيم عليه بناء أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يسوى ، وفي صحيح مسلم أيضاً :
روى مسلم (969) عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ ، قَالَ : قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ «أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ»

فالآن تشييد القبر في الحديث الذي معنا يجصص يبنى عليه ، يبنى بالجص هذا هو التجصيص ، ولا فرق بين أن يبنى بالجص أو أن يبنى بالحجارة أو أن يبنى بالإسمنت أو أن يبنى بأي شيء آخر.

اليوم يبنى القبر ويضعون الزهور ، والورود على عادة أهل الكتاب ، أغلب مخالفات المسلمين في بلاد الشام في القبور والجنائز غير موجودة في الحجاز ، وسبب ذلك أنها عادات جاءتهم بغفلة وعند الجهل ، بسبب مجاراة أهل الكتاب بسبب مجاراة النصارى.

بعض القبور لو رأيتها في مقبرة النصارى ؛ لا تفرق عن قبر موجود في مقبرة المسلمين قبر عليه ورود ، وبعض الناس -وللأسف- يفعل هذا عبادة ، يزرعون الشجر ، ويعتقدون أن هذا الشجر المزروع يظلل القبر ويحميه من الشمس والبرد والحر ، وهذا كله من متابعة أهل الكتاب ، وهذه كله من البدع.

كذلك نهى أن يقعد على القبر ، ونهى أن يبنى على القبر هذه كلها واردة في حديث جابر في صحيح الإمام مسلم.

المصدر:
المحاضرة الثالثة لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق :
10 محرم 1447 هـ
05 يوليو 2025 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ حكم البناء على القبور ]

السؤال : ما حكم قراءة الفاتحة على الأموات ، بعد صلاة الجنازة أو قراءة القرآن على الأموات ؟

السؤال :
ما حكم قراءة الفاتحة على الأموات ، بعد صلاة الجنازة أو قراءة القرآن على الأموات ؟

الجواب:
أرجح الأقوال ما قاله الإمام الشافعي فيما نقل عنه ابن كثير في تفسير سورة النجم عند قول الله عز وجل:
{وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ} [النجم : 39]

فنُقل عن الشافعي أن القرآن لا يصل للأموات، فحب الخير كان عند مَن قبلنا، والقرآن كان موجودًا، والأموات كانوا موجودين، ولم يُؤثر عن أحدٍ أبدًا أنه قرأ القرآن عن آخر.

وورد أثر واحد عن ابن عمر أنه أوصى أن تُقرأ خواتيم البقرة على رأسه أو على قبره، وهذا الأثر فيه رجل كذاب، فلم يثبت شيء في قراءة القرآن على الأموات.

والفاتحة دعاء، ويقول الإنسان بعد أن يمجد الله ويثني عليه:
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ … (7)} [الفاتحة : 6-7]

وهذا الذي مات إما اهتدى وإما لم يهتدِ، ، واللهُ أعدلُ العادلين، إنسان غني يأتي بألف قارئ يقرؤون القرآن عليه، فهل يسبق الصالح الفقير الذي لا يجد أحدًا يقرأ عليه!؟

فالإنسان عند الله بعمله، {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ} [النجم : 39]

أما عمل الابن فيُكتب في صحيفة أبويه دون أن ينوي ، كل عمل، يعمله الولد الصالح ؛ هو في صحيفة أبويه، قال تعالى:
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}
[الطور : 21]

وما ألتناهم : أي أنقصناهم.

المصدر:
فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله.
من اليوتيوب بعنوان
(لأول مرة ينشر الشيخ مشهور_بن_حسن_آل_سلمان 150- شرح مسلم)✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

السؤال : ما حكم قراءة الفاتحة على الأموات ، بعد صلاة الجنازة أو قراءة القرآن على الأموات ؟

[كيفية غسل الميت وتكفينه – الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله]

[كيفية غسل الميت وتكفينه – الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله]

[ وألف ابن أبا الدنيا جزءا حديثياً طبع -أكثر من مرة- وذكر فيه من عاش بعد الموت]

٥٤٢ – وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ فِي الَّذِي سَقَطَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَاتَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ, وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قال الشيخ شارح الحديث:
حديث مهم وفيه أحكام كثيرة الحديث اختصر أوله حافظ ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي سقط عن راحلته فمات ، الذي سقط عن راحلته رجل من الصحابة كان واقفاً على راحلته بعرفة في حجة الوداع وكان محرماً ، فسقط عن دابته فانكسر عنقه فمات ، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يغسلوه وأن يكفنوه ، وأن يكفنوه في ثوبين ، وأقل الكفن الثوبين ، وإذا ما وجد إلا الثوب فهذا الذي هذا هو موجود ، ولكن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتكفينه في الثوبين الذين أحرم بهما وفي بعض ألفاظ الحديث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا تحنطوه.

من مات محرماً يكفن في الثوبين الذين أحرم فيهما ولا يُـطيَّب الثوبان لا تحنطوه ولا تخمروا وجهه ، لا تغطوا وجهه وعلل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بقوله فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً.

هذا لما يبعث وهو محرم ولا يُـطيَّب ولا يغطى وجهه ، أول ما تقوم الساعة يبعث وهو يقول لبيك اللهم لبيك.

ففي الحديث استحباب الإسراع بتجهيز الميت ، والإسراع في دفن الميت مقيد بقيد ، وهذا القيد ألا يكون قد مات فجأة ، فمن مات فجأة علماؤنا يقولون لا يستحب الإسراع في تجهيزه لأنه قد يعيش.

وألف ابن أبي الدنيا جزءا حديثياً طبع -أكثر من مرة- وذكر فيه من عاش بعد الموت ، من ظهر أمام الناس أنه مات ثم قام.

التقيت مع بعض الناس قال:
غُـسِّلتُ ، كُـفِّنتُ ودُفِنتُ ، وهم يدفنونني قمتُ واستيقظتُ ، هذا موجود عند الناس.

لذا يقول العلماء :
استحباب تجهيز الميت ودفنه يكون في حق من لم يمت فجأة ، فمن مات فجأة فيستحب الانتظار حتى يُـتيقَّن على وفاته بعلامات قاطعة بأنه ميت.

فالتغسيل فرض كفاية واجب على المسلمين جميعا إن قام به بعضهم سقطت الفريضة عن جميع الناس.

وفي الحديث وجوب التغسيل وتنقية أمر الميت وتنظيفه ، قال النبي ﷺ :
« اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ».

السدر يدق ، السدر معروف ، السدر شجر النبق ، الذي يسمونه بعض العوام شجر الدوم ، السدر معروف.

فيأخذ من السدر ويُدق ويوضع مع الماء وتكون له رغوة ويغسل الميت برغوة الماء والسدر ، حتى ينقى ، ثم تُـفالةُ السدر يدلك بها جسد الميت ، فهو مادة منقية أولاً ، وتجعل الجسم صلباً ، فلا يسرع إليه الفساد ، فالسدر رغوته في الرأس ، ويدلك به جسد الميت.

قال -صلى الله عليه وسلم- :
اغسلوه بماء وسدر وكفنوه.

الواجب في التكفين أن يكون من مال الميت. الميت إن مات أول عمل نعمله أننا نجهزه بماله ، ثم بعد التجهيز بماله نسد دينه ، ثم بعد سداد الدين ننفذ وصيته ، شريطة أن لا تزيد عن الثلث ، ثم بعد ذلك نوزع المال ميراثاً ، يعني قبل الميراث تسبقه أشياء (تجهيز الميت / سداد الدين / الوصية فننفذ وصاياه المباحة على ألا تزيد عن الثلث / ثم نوزع المال على الورثة).

قال وكفنوه في ثوبين ، أقل الكفن ثوبين ، وسر ذكر الثوبين لأنه مات محرِماً ، فعليه ثوبان.

المصدر:
القناة الرسمية لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان على يوتيوب.
البث المباشر – المحاضرة الثانية 🔸شرح بلوغ المرام (باب صلاة العيدين – آخر كتاب الزكاة)
بتاريخ :
10 محرم 1447 هجري
05 يوليو 2025 ميلادي✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[كيفية غسل الميت وتكفينه – الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله]

[ شرح حديث لما أرادوا غسل النبي ﷺ قالوا: والله ما ندري ، نجرد رسول الله ﷺ كما نجرد موتانا ، أم لا]

[ شرح حديث لما أرادوا غسل النبي ﷺ قالوا:
والله ما ندري ، نجرد رسول الله ﷺ كما نجرد موتانا ، أم لا]

الحديث :
٥٤٣ – وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
«لما أرادوا غسل النبي – صلى الله عليه وسلم – قالوا: والله ما ندري, نجرد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كما نجرد موتانا, أم لا ؟»
الحديث، رواه أحمد, وأبو داود

قال الشيخ مشهور حسن آل سلمان شارحاً الحديث:
لما أرادوا تغسيل النبي -صلى الله عليه وسلم- قال والله ما ندري ، ماذا نفعل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو سيدنا وأفضلنا ، هل نغسله كسائر الناس ، ونجرده من ملابسه أم ماذا نفعل.

القصة جميلة ، والقصة فيها تتمه وهي مؤثرة ، أخرج أحمد وأبو داوود ، ولفظ أبي داوود :

عن عائشةَ رضي الله عنها ، قالَت : لمَّا أرادوا غسلَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قالوا : واللَّهِ ما ندري أنُجرِّدُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ من ثيابِهِ كما نجرِّدُ مَوتانا ، أم نَغسلُهُ وعلَيهِ ثيابُهُ ؟ فلمَّا اختَلفوا ألقى اللَّهُ عليهمُ النَّومَ حتَّى ما منهم رجلٌ إلَّا وذقنُهُ في صَدرِهِ ، ثمَّ كلَّمَهُم مُكَلِّمٌ من ناحيةِ البيتِ لا يَدرونَ من هوَ : أن اغسِلوا النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ وعلَيهِ ثيابُهُ ، فقاموا إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فغسَلوهُ وعلَيهِ قميصُهُ ، يصبُّونَ الماءَ فوقَ القميصِ ويدلِّكونَهُ بالقَميصِ دونَ أيديهم ، وَكانت عائشةُ رضي الله عنها تقولُ : لو استَقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ، ما غسَلَهُ إلَّا نساؤُهُ».

الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 3141

أمر نسائه أسهل من أن يراه الرجال متجرداً من الملابس ، الله بين لهم بسنته في كونه كيف يغسلون رسول الله ﷺ وهذا البيان في سنته في كونه وافق سنة الله في شرعه ، كحاله حين دُفِن ، فكان في المدينة رجلان يُلحدان أحدهم يلحد لحدا والآخر يشق شقا ، فهيأ الله للنبي -صلى الله عليه وسلم- اللحد لا الشَّـق.

فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لما مات ما جرد من ثيابه ، وهذا خاص به -صلى الله عليه وسلم-.

سمعوا مناديا ينادي ، هل هو ملك أم جني ، ما ندري!
سمعوا منادياً ينادي بأن غسلوه فوق ملابسه ، عائشة رضي الله عنها كانت تندم تقول :
لو استقبلت من الأمر ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه.

الرجل ليس له عورة على النساء ، والمرأة ليس لها عورة على الرجال .
هل يجوز للرجل أن يغسل المرأة ، والمرأة أن تغسل للرجل؟

هذا ما يأتينا إن شاء الله في بعض الأحاديث ، أما الزوجة ؛ فنعم.
أما غير الزوجة ؛ فلا.
إلا الإبنة التي لم تبلغ الصغيرة دون السبع سنوات.

المصدر:
القناة الرسمية لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان على يوتيوب.
البث المباشر – المحاضرة الثانية 🔸شرح بلوغ المرام (باب صلاة العيدين – آخر كتاب الزكاة)
بتاريخ :
10 محرم 1447 هجري
05 يوليو 2025 ميلادي✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ شرح حديث لما أرادوا غسل النبي ﷺ قالوا: والله ما ندري ، نجرد رسول الله ﷺ كما نجرد موتانا ، أم لا]