الإمام الشافعي في كتابه الحج، من كتاب الام، يذكر بعض فروع عن عطاء، يقول الإمام الشافعي: وقلدت فيه عطاء.
الشافعي قلد عطاء هنا.
وإذا اجتمعت على الإنسان أكثر من مسألة والمسألة تحتاج إلى وقت طويل، ولا يستطيع الإنسان المكلف أن يبحثها وأن يمحص الحق فيها؛ فالواجب عليه أن يقلد، فيقلد أعلم من يظن.
أنا الآن احتجت إلى مسألة، والمسألة عملية، وأنا ما عندي وقت، والوقت لا يسمح لي أن أبحث هذه المسألة، الآن أنا أقلد، أقلد من؟
أقلد أعلم من أظن.
فالمسائل كثيرة، وليس كل مقلد جاهلاً.
لكن إنسان لا يريد أن يتعلم شيئاً ويريد أن يقلد في كل شيء غيرَه؛ هذا الذي يقال عنه لا يقلد إلا جاهل.
فالقلادة إنما توضع في العنق، وفي الرقبة ويقاد منها الإنسان كالدابة.
لكن فرق بين إنسان لا يريد ان يتعلم شيئا و يقلد غيره في كل شيئ، وبين من ازدحمت عليه المسائل.
هذه الآية وما قبلها وما بعدها ذكر الله تعالى سننًا كونية، فهذه سنة كونية لله تعالى.
فالانشغال بالسياسة وتفاصيلها، فهذا له دَهانِقَتُها، وله تخصص وما شابه.
الواجب علينا أن نعلم ماذا يجري معنا، وأن نحذر أمتنا والناس حولنا من المزالق والمخاطر التي تُصنع لهم، وأن يحافظوا على دينهم.
وأما تفاصيل هذه الأحداث فهذا أمر ليس بحسن، ولا سيما من قبل خطيب الجمعة.
خطيب الجمعة إذا بقي يتكلم في السياسة، وخرجت الأشياء على خلاف قوله؛ ماذا يصبح موقفه؟
مثلما طلع مرة واحد، وقال على المنبر: صدام منصور من أربعين وجه، فبعضهم حلقوا لحاهم، وأرسلوها في الرسائل، قالوا له: (هذه اللحى تبنا إلى الله -عز وجل- لأن الناس يعتقدون أن كلام الخطيب هو كلام الشرع، وهو يمثل الشرع، فإن أخطأ فيشكّون في الشرع، لا يقولون فلان أخطأ، يقولون الشرع أخطأ.
وهذه مصيبة من المصائب، وهذا مزلق من المزالق، والتضخم في العمل الإسلامي في السياسة تضخم سيء وليس بحسن.
فالواجب ولا سيما على الخطيب وهو على المنبر: أن لا يتكلم إلا بالشرع والحقائق الشرعية.
يعني مثلًا -وكتبت هذه في مقدمتي لكتب (الشيخ أبي إسلام) أسأل الله له الرحمة-
،ونقلت كلاما (للعز بن عبد السلام): أن الخطيب لا ينبغي أن يتكلم وهو بعيد عن الناس، لكن لمّا يتكلم ويريد أن يقرب الناس، ينبغي أن يعتمد على أصول ثابتة، وليس فيها شك.
يعني مثلًا الناس يعتقدون نصرًا، وسنةً الله عز وجل أن النصر غير متحقق، أنا كخطيب أخطب عن غزوة الأحزاب، يوجد في السيرة النبوية كل ما يلزم الناس، والذكي الذي يستطيع أن ينقل الناس من خلال النصوص الشرعية، من خلال السيرة النبوية، من خلال الحديث النبوي، يعدل على الناس ما يتوهمونه وما يتصورونه، وما ابتعدوا فيه عن سنة الله تعالى في التغيير، ولكن أن تسمع وأن تفهم وماذا يكاد للإسلام هذا أمر حسن، ولكن لا تُشغل الناس إلا بالحقائق الشرعية.
وهذه الآية وما قبلها وما بعدها ذكر الله تعالى سننًا كونية، فهذه سنة كونية لله تعالى.
فالانشغال بالسياسة وتفاصيلها، فهذا له دَهانِقَتُها، وله تخصص وما شابه.
الواجب علينا أن نعلم ماذا يجري معنا، وأن نحذر أمتنا والناس حولنا من المزالق والمخاطر التي تُصنع لهم، وأن يحافظوا على دينهم.
وأما تفاصيل هذه الأحداث فهذا أمر ليس بحسن، ولا سيما من قبل خطيب الجمعة.
خطيب الجمعة إذا بقي يتكلم في السياسة، وخرجت الأشياء على خلاف قوله؛ ماذا يصبح موقفه؟
مثلما طلع مرة واحد، وقال على المنبر: صدام منصور من أربعين وجه، فبعضهم حلقوا لحاهم، وأرسلوها في الرسائل، قالوا له: (هذه اللحى ،تبنا إلى الله -عز وجل-لأن الناس يعتقدون أن كلام الخطيب هو كلام الشرع، وهو يمثل الشرع، فإن أخطأ فيشكّون في الشرع، لا يقولون فلان أخطأ، يقولون الشرع أخطأ.
وهذه مصيبة من المصائب، وهذا مزلق من المزالق، والتضخم في العمل الإسلامي في السياسة تضخم سيء وليس بحسن.
فالواجب ولا سيما على الخطيب وهو على المنبر: أن لا يتكلم إلا بالشرع والحقائق الشرعية.
يعني مثلًا -وكتبت هذه في مقدمتي لكتب (الشيخ أبي إسلام) أسأل الله له الرحمة-
،ونقلت كلاما (للعز بن عبد السلام) : أن الخطيب لا ينبغي أن يتكلم وهو بعيد عن الناس، لكن لمّا يتكلم ويريد أن يقرب الناس، ينبغي أن يعتمد على أصول ثابتة، وليس فيها شك.
يعني مثلًا الناس يعتقدون نصرًا، وسنة الله عز وجل أن النصر غير متحقق، أنا كخطيب أخطب عن غزوة احد اذا رأيت عدم تحقق نصر يتعجله المتحمسون ، يوجد في السيرة النبوية كل ما يلزم الناس، والذكي الذي يستطيع أن ينقل الناس من خلال النصوص الشرعية، من خلال السيرة النبوية، من خلال الحديث النبوي، فيعدل على الناس ما يتوهمونه وما يتصورونه، وما ابتعدوا فيه عن سنة الله تعالى في التغيير، ولكن أن تسمع وأن تفهم وماذا يكاد للإسلام هذا أمر حسن، ولكن لا تُشغل الناس إلا بالحقائق الشرعية.
السؤال العاشر: بعض الأخوة ممّن يدرِّسون في المساجد، كلما وقع حدث سياسي، خاض في درسه وشرّق وغرّب، فما نصيحتكم له، ولمن يستمع لدرسه؟
الجواب:
هذا الأخ كلّما نزل حدث جديد خاض وشرّق وغرّب، ثم كشفت الأحوال أنه أخطأ مرة ومرتين، وعشرة، وعشرين؛ وأربعين، وسبعين، ومئة، ومئتين، ثم ماذا؟
لا إله إلا الله.
هل تجدون إعلامًا إسلاميًّا؟
الجواب: لا.
الإعلام الإسلامي اليوم يأتي بالخبر ويزوق فيه، ويقرّب ويبعّد فيه، والحدث أصلاً يصنعه الكفار، ويفعلون بالمسلمين ماشاؤوا،
فماذا يصنع الإعلام الإسلامي أمامهم؟
فالإعلام الإسلامي قليل، وحجمه قليل بالنسبة للأحداث الكبيرة.
فالشاهد بارك الله فيكم، الأصل أن نُجلّ المنبر، أو من يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم.
تكلم خارج المسجد وافعل ما رأيت، وأنت تكلّم بشخصك،
ولا أنصحك أن تتكلم، لأن الأحداث كلها لا توافق قولك،
فإن أصبت فالإصابة قليلة، والغالب هو الخطأ، وإلى الله المشتكى ولاحول ولاقوة إلا بالله.
الذين يلوذون بك، ويتعلمون منك، ماذا يريدون من حضورهم بين يديك؟
أن تعلمهم دين الله -جل في علاه-، اليوم هناك غلو في السياسة، وإلى الله المشتكى، ولا حول ولاقوة إلا بالله.
اليوم أصحاب الأحزاب وما شابه ذهبوا؛ لأنهم خاضوا في السياسة إلى الركب، وما وجدت من يجلس ويدرِّس الناس ويعلِّم الناس أحكام الله عزوجل، وإلى الله المشتكى، ولاحول ولاقوة إلا بالله.
فنصيحتي لمثل هذا الإنسان أن ينصت، وما يعيد أحداث ذاك الصنف من الناس، كان على المنبر يقول لهم: صدام منصور من أربعين وجه، وبعضهم أرسل لحيته، ولما هزم صدام حلق لحيته، وضعها في ظرف، وقال له: يا شيخ توكل على الله
-عزّ وجل-، تبنا إلى الله -جل في علاه- من كلامك.
وسنن ربنا -جل في علاه- ليس بمنصور لا صدام ولا غير صدام.
الناس بعيدون عن النصر، مع أن الله -عزوجل- يقول: ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ نصر الله على هذا المكان قريب، وهذا المكان قريب.
لكن أنا أمشي وأتجه إتجاهًا آخر.
فبحاجة أن نُمسِّك الناس بالسُّنَّة والكتاب، وأن نذكِّر الناس بالله-جل في علاه-، وأن نعلّم أن الناس يحبون الله -جل في علاه- ورسوله، لكن يحتاجون إلى الهُوَينا والرفق والأسلوب الطيب والحسن، ثم لا نبالي إن مشينا في الطريق ولو كنا نمشي كالسلحفاة.
لا نبالي متى نصل، فالنصر من الله -جل في علاه-، الله يعطيه لبعض خلقه، والنصر ليس هو مطلوبًا منَّا، المطلوب أن ننصر ربنا، وأن نبقى مشددين، هل نصرْنا ربنا أم لا؟
فإذا بقينا نمشي على الطريق الذي فيه نصر الله عز وجل، ونبقى نفحص أننا نصرنا الله عزوجل، فالله ينصرنا إن نصرناه.
السؤال السابع: حديث: (إذا رأيتَ شُحّاً مُطاعاً، وهوىً متبَعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجابَ كل ذي رأي برأيه، فدع عنك أمرَ العامة، وعليكَ بخاصة نفسك)، هل هذا الحديث صحيح؟ وإن كان صحيحاً فما معناه؟
الجواب: هذا الحديث كثيرٌ من الناس لا يفهمونه على الوجهِ الصحيح، الحديث حديث أبي ثعلبة قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: إسناده حسن،.
موضوع العُزلة، وأن يبتعد الإنسان عن المسجد، وأن يعتقد أن العُزلة في الغِيران، ويبتعد عن الناس، هذا تعرُّب، وهذا بُدُوٌ نهى النبي ﷺ عنه.
العُزلة في آخر الزمان أركانُها ثلاثة-كما قال الإمام الخطابي في كتابه (العُزلة) -.
١ – أن لا تدع الجمعة ولا الجماعة.
٢ – أن تختار الأصحاب اختياراً دقيقاً، وتخالط الناس كلهم، لكن لا تختار من هو خاصةُ نفسك إلا بمعيار دقيق.
٣ – أن تتركَ التبقر والتوسعَ في المباحات.
هذه هي العُزلة بأركانها الثلاثة.
فقول النبي ﷺ: «دع عنكَ أمر العامة، وعليك بخاصة نفسك».
خاصةُ نفسِ العالِم طلابُه، والذين يسمعون منه، فليس مراد النبي ﷺ: «عليك بخاصة نفسك» أن لا تأمُر، وأن لا تنهى، وأن لا تعلّم، وكذلك خاصة الأستاذ طلابُه، وخاصة ربّ البيت أسرتُه، فليس «عليك بخاصة نفسك» تعني لا تأمر ولا تنهى، الله -عزّ وجل- يقول: (وَالْعَصْر، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر).
فخاصةُ نفسك أن تأمر وأن تنهى، لكن لا تقلق بأمر العامة، لا تيأس، (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) إذا وجدتَ شُروداً وبُعداً، أما الأمر والنهي فهذا أمرٌ واجب.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٥ محرم – ١٤٣٩ – هجري.
١٤ – ٩ – ٢٠١٨ إفرنجي.
↩ رابط الفتوى:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍?✍?
السؤال الثاني عشر: هلّا بيّنتم لنا بعض ما يُعيننا على طلب العلم؟
الجواب: الذي يُعينك على طلب العلم أنك كلّما تعلّمت اعمل، فمن عمل بما علم أورثه الله -تعالى- علم ما لم يعلم، (ليس هذا بحديث)، بل هي حكمة حسنة.
فإن علم الله منك صدقًا، وأنّ الشيء الذي تتعلّمه تعمل به، وتمتثل أمر الله -عزَّ وجلَّ- فالله يكرمك بالمزيد، ويكون العلم رحمة بك، وبمن يلوذ بك، وممن يعرفك.
ثمّ أن تترك المعاصي،
(شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخبرني بأنّ العلم نور
ونور الله لا يهدى لعاصي)
ثمّ أن تدمن على العلم، فالعلم كما قالوا قديمًا: العلم عزيز، لا يوجد شيء مدلّل مثل العلم، قالوا: إن أعطيت العلم كلّك أعطاك بعضه، وإن أعطيته بعضك لم يعطِك شيئًا.
العلم لا يقبل المزاحمة، كالمرأة الحسناء لا تقبل الضرّة.
يعني: تريد علمًا، وتبقرًا في الشهوات المحلّلات، وذهابًا ومجيئًا، وشمّات هواء، ورائح وجاءٍ، لن تحصّل العلم، العلم إذا ما حبست نفسك، وماكنت بخيلًا بوقتك، وما كنت بخيلًا بكتبك، ما تفلح طول عمرك، طالب العلم بخيل بوقته، إذا رأيت طالب العلم بخيلًا بوقته احمَدِ الله، وقل: الله يكثر أمثاله.
وطالب العلم بخيل بكتبه.
فطالب العلم كما قالوا قديمًا: ينبغي أن يُعرَف بسرعة أكله،
وبسرعه مشيه، وبسرعة قراءته،
فطالب العلم رأس ماله الوقت.
كيف يَبزّ طالب العلم غيره وهو مضيع لوقته؟!
أنا في حياتي رأيت المحافظين على الأوقات يعدّون باليد الواحدة، أنا فيما رأيت في حياتي الذين يحرصون على أوقاتهم -فيما علمت- لم أرهم أكثر من اليد الواحدة، وأغلب من تعلم همل، يعني: ما هو فارق معه الوقت، ما عنده خبر، بل أسوأ أنواع الناس المحسوبين على طلبة العلم وصل لدرجة ليس فقط يضيّع وقته، بل وصل لدرجة أن يضيّع وقت غيره، ولا سيّما إن كان غيره طالب علم.
طالب العلم في كلّ وقت يجب أن يستفيد، وما يُروى عن عائشة -وهو ضعيف-: (لا بارك الله لي في يوم لم ازدَد فيه علمًا).
ينبغي لطالب العلم أن يزداد كلّ يوم من العلم، ولا سيّما أنّ الآن وسائل الطلب سهلة، ولكن العلّة في الهمّة، الناس ما عندهم همّة ونهمة لطلب العلم.
ثمّ طالب العلم ينبغي أن تكون له بيئة في طلب العلم، تريد أن تكون طالب علم؟ اجعل زوجتك طالبة علم، وأولادك طلبة علم، لمّا تجلسون تَباحَثُوا في العلم، وعلم زوجتك، وعلم أولادك أنّه أنت طالب علم، إن سألت عن مسألة، إن أردت أن تفعل شيئًا، ينبغي أن تتعلم، ينبغي أن تسأل، اجعل مصطلح طلبة العلم في البيت مصطلحًا شديدًا، وكلّ مسألة، وكلّ شرود، وكلّ بُعْدٍ عن الشرع، قل: نحن طلبة علم يا جماعة، نحتاج المسألة أن نتعلمها، ونعرف أدلّتها، ثمّ نعمل بها، اجعل هذا الاصطلاح دارجًا على لسانك.
والنبيّ -صلى الله عليه وسلم- أوصى بطلبة العلم خيرًا، فوالله الذي لا إله إلا هو لا يحملني على هذا المجلس، وعلى دروسي إلّا وصية النبيّ عليه الصلاة والسلام بطلبة العلم خيرًا.
اسأل الله أن يتقبّل منّا ومنكم.
وإلّا والله، ما أجده في مكتبتي، وفي أوقاتي مع الصحابة ومع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والصحابة والتابعين ( أي في الكتب ) من التعليم ما أجد فيه لذّة لا تعدلها لذّة.
كانوا يقولون لعبدالله بن المبارك: جالسنا، كان يقول: أنا مع النبيّ عليه الصلاة والسلان وأصحابه.
لماذا أُجالِسكم؟
أنا عائش مع النبيّ وأصحابه.
من يترك النبيّ وأصحابه، ويشتغل بالناس؟
وكانوا يقولون له: إلى متى تبقى تتعلم؟
فكان يقول -رحمه الله-: لعلّ الحديث الذي فيه نجاتي لم أقف عليه بعد، لعلّني وأنا اتعلّم أجد شيئًا فيه نجاتي.
وكان بعض العلماء يقول لو علمت أنّه لم يبقَ لي من عمري إلا ساعات لما صنعت شيئًا إلّا أن أجلس أعلّم الناس.
أحسن الساعات تقضيها في طلب العلم.
لذا العلماء يقولون، والنوويّ
-رحمه الله- في مقدّمة كتابه الكبير العظيم “كتاب المجموع” قرر كلامًا بديعًا، قرر فيه أنّ فضل العلم أحبّ إلى الله -تعالى- من فضل العبادة.
يعني: عندك عبادة، وعندك علم، أيّهما أحسن؟ فضل العلم أم فضل العبادة، بعد الفرائض أيّهما أفضل؟
فضل العلم.
لماذا؟
لأنّ في فضل العبادة أنت في نور في أثناء أدائك لها، وأمّا العلم فأنت في نور يبقى معك إلى يوم القيامة.
فإن أكرمك الله فعلمت فيبقى الأجر متّصلًا بك إلى يوم القيامة؛
لذا ثواب العبَّاد في صحيفة العلماء، ثواب المجاهدين في صحيفة العلماء، ثواب الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والداعين إلى الله في صحيفة العلماء.
ولذا كان العلماء ورثة الأنبياء، فبعد الأنبياء مباشرة العلماء،
فالعلماء عند الله أحسن من العبّاد، والعالم وليّ كلّ مسلم، العالم وليّك، وليّ أمرك، يجب تعظيمه، ويجب احترامه، ويجب طاعته في غير معصية الله.
فالأولياء قسمان:
١ – أولياء أمراء وملوك في شؤون الدنيا.
٢ – علماء في شؤون الدين.
فالعلماء في تفسير قول الله -عزّ وجلّ-: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
فالفتن تظهر في هذه الأمّة على شكل أمواج بين مدٍّ وجزر، وأشار إلى ذلك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في عدّة أحاديث، وكذلك الصّحابة -رضوان الله تعالى عليهم-.
والكلام عن الفتنة طويل لاهب، ولكن الذي أريد أن أقرره بين يدي الإجابة على الأسئلة أنّ ذلك الصّنف المنشغل بالعلم الشرعيّ تأصيلًا وتعلّمًا وتعليمًا هو أبعد النّاس عن الفتن والخوض فيها، وآنَ للعقلاء من النّاس، ولاسيّما ممن خاض في الفتن فزلّت قدمه، وضلّ فهمه، آنَ لهم أن يراجعوا حساباتهم، وألّا تبقى الأمور هملًا، حتّى يوقفوا ذاك النّزيف من شلّالات الدّماء التي سالت في كثير من بلاد المسلمين، فلا يتحمل آثام من يأتي بعدهم، ولو بعد مئات السّنين، فيقولون: فلان وفلان تكلّم في مسألة كذا كذا وكذا، هذا أمر واجب ولاسيّما على السلفيّين، ولا سيّما فيمن تكلّم في أحداث سوريا على وجه الخصوص، المراجعات العلميّة الصّادقة النّابعة من خوف الله أولًا، ومن تقريرات العلماء ومن النّظر إلى عواقب الأمور من أوجب الواجبات، ننتظر سيلًا جديدًا في إدلب، ولعلّنا على مشارف أيّام فتكون هنالك سيول وعشرات الألوف من الأرواح تزهق، وما استفدنا شيئًا ممّا جرى، والغشاوة على الأعين، ولا أدري أقول الختم على القلوب أم الطّبع على القلوب؟ القلب أصبح أغلف.
وما زال للآن أناس يقولون: الجهاد في سوريا!!، وإلى الله المشتكى، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.
فالواجب أن نستنقظ ما بقي، وأن نحفظ رأس المال، وأرجو الله -تعالى-، وقد أخبرنا نبيّنا
-صلى الله عليه وسلم- فضل الشّام وبركة الشّام ما لا يخفى على طلبة العلم، وحقيقة هذه الإخبارات أصبحت من باب الابتلاءات للعقول، العقل لا يكاد أن يصدّق، لكن هذا خبر النبيّ
-صلى الله عليه وسلم-، ونحن
-ولله الحمد والمنّة- ديننا دين قائم على أخبار صحيحة، ونمتاز عن غيرنا بأنّنا أمّة إسناد.
وممّا لا يخفى على أحد، ولكن يُذكر بهذا الصّدد أنّ طالب العلم المتمكن من أحاديث الفتن التي لا تغيب عن باله ويستحضرها هو بتوفيق من الله -عزّ وجلّ- أبعد النّاس عن الفتن، وأنّ الفتن لا يجوز الاعتماد فيها على وسائل التّواصل وعلى المحطّات الإخباريّة والفضائيّات والتقريرات الغربيّة والأخبار.
أنا أدعوكم إلى أن تتأمّلوا كلمة أقولها: هل يوجد إعلام إسلاميّ؟
هل أهل الإسلام الصّادقون يصنعون الخبر؟
هل هم الذين يتحكمون فيما يجري أم أنّ الإعلام الإسلاميّ اسم لا مسمّى تحته، ولا طائل بعده؟
وإنّما هي أخبار يتلقّفونها من الكفّار ثم يعيدون برمجتها بعبارات تقول فيها أي من رسم الإسلام لا حقيقة الأمر.
فأنا أشكّ أن يكون هناك إعلام إسلاميّ، وما يسمّى اليوم بالإعلام الإسلاميّ ضلّ وضرّ وأضلّ أكثر ممّا أفاد.
القواعد العلميّة والعلم لا يقبل المجاملة.
فأجمل ما في العلم البيّنة والدّليل والبرهان، وهذا أحسن حسنات العلم، أحسن حسنات العلم أنّ العلم لا يجامل أحدًا، وأحسن حسنات العلم أنّ العلم فضّاح، يفضح من لم يُقم أصوله على أمور واضحة.
فالنّاس للأسف في وقت الفتنة يخوضون بفتنة، ويخوضون ويعتمدون في خوضهم على مصادر الفتنة، وللأسف ينسون ما أخبر به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
حقيقةً ما نخاف على إخواننا في سوريا امرٌ استدعى هذه الكلمة والأمور تُعدّ، وأسأل الله
-جلّ في علاه- أن يحفظهم، وأسأل الله -جلّ في علاه- أن يمنعهم من كلّ شرّ وضرّ وسوء، وأسأل الله أن يحفظ بيضة أهل السّنة فوق كلّ أرض وتحت كلّ سماء؛ فأهل السّنة في المفهوم العام اصبحوا بالحقيقة مستهدفين من أعدائهم، وأعداؤهم لا يخفون عليكم.
السؤال العاشر: هل النهي ينصرف من التحريم إلى الكراهة إذا كان للأدب والإرشاد؟ ومثله قالوا إذا كان الأمر للأدب والإرشاد، فهو للاستحباب لا الوجوب، هل هذا الكلام له دليله، وما صحته؟
الجواب: هذا كلام الشيخ (ابن عثيمين) رحمه الله، وهو في غالب الأمور.
وأرجو أن ننتبه لمسألة.
الأدب والإرشاد والحكم الفقهي، ليسا بقسيمين متعارضين، فالأحكام الفقهية فيها أدب وإرشاد أيضاً.
ولذا لا يلزم من كل حكم فيه إرشاد وأدب أن لا يكون واجبًا، ولا يلزم من كل نهي يكون في مجال الأدب والإرشاد أن يكون مكروها فقط، ولكن هذا هو الغالب.
يعني الإنسان من السنة إذا انتعل، أن ينتعل جالسًا، هل هذا الإنتعال واقفا حرام أم أنّه نهى إرشاد؟
هو نهي إرشاد.
يعني حتى لا تسقط على الأرض، حتى تتمكن من لبس الحذاء.
هل لبس الحذاء الذي يحتاج الجلوس، كلبس (الشبشب) أجلّكم الله الآن؟
هل الشبشب هذا لبسه يُكره قائما؟
أم إذا لبسته ومشيت، لا حرج فيه؟
لا حرج فيه .
لِأنّ هذا النهي معقول المعنى، والنّهي نهي إرشاد، وليس بنهي حكم فقهي.
حديث: كلوا الزَّيْتَ، وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ.{رواه الترمذي، وابن ماجه، والحديث صححه الألباني رحمه الله بمجموع طرقه}.
هل قوله صلى الله عليه وسلم في (كلوا الزيت) حكم واجب والمراد بالزيت، زيت الزيتون، والذي لا يأكل زيت الزيتون آثم؟
لا هذا الأمر أمر إرشاد، وليس هذا أمر وجوب.
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضِلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
الاستقامة على معرفة الله، الاستقامة على تعظيم الله -عزّ وجلّ-، وعلى خوف منه بالغيب، ولا تكون الاستقامة إلّا بهذا.
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ وهم في سكرات الموت، والملائكة كما ذكر ربنا تعالى، قال:
تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَاتحزنوا، ينتقلون من دار إلى دار، فبدأ الله تعالى بالطمأنينة على الدار التي ينتقلون إليها، قال: فلا تخافوا ، لاتخافوا ممّا أنتم مقدمون عليه.
والإنسان في حال التغير من دار إلى دار يحتاج أولًا أن يطمئن.
ثم قال الله -عزّ وجلّ- ولاتخافوا على ما تركتم من زوجة، ومن أولاد، وماتركتم من ذرية، لا تخافوا عليهم.
ثم قال: نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ ، فهؤلاء الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، الله وليهم في حياتهم الدنيا يحفظهم من كل شر، ومن كل ضر، ومن كل سوء، وهو وليهم في الآخرة.
الله الربّ -جلّ في علاه-، والربّ هو المالك والسيد، وهذان أمران يستوي فيهما الخلق، والله -جلّ في علاه- المربي، والتربية لبعض أوليائه ليست كالتربية لسائر الناس.
علموا الله -عزّ وجلّ- بأسمائه وصفاته، واستحضروها
وعرفوا أحكامها والتزموها، واستقاموا على هذا، فالله يقول عنهم: نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ.
لذا كان (الإمام الشافعيّ) -رحمه الله تعالى- يقول: إذا لم يكن العلماء أولياء الله فإنّي لا أعلم من هم.
وهنا مسألة مهمّة، لاينتبه لها إلّا الموفّق، عطايا الله وفتوحاته وتعليمه للعلماء، وحمايته لأوليائه أبلغ وأنفع من جريان الكرامات على أيددي أوليائه.
مَن الأنفع أن تجري الكرامة على يد الولي، أم أن يفتح الله عليه وأن يعلمه وأن يحفظه؟
الثانية أنفع من الأولى، وإن كان أثر الثانية لا يظهر للنّاس، لكن صاحبها الذي يستقيم على أمر الله -عزوجل- هو الذي يشعر بذلك.
فالاستقامة هي عين الولاية.
والاستقامة لا تكون إلّا بالعلم،
وإلّا بمعرفة الله تعالى.
وهنا مسألة وهي مهمة، المعرفة معرفتان:
١ – معرفة بالله وتعظيمه.
٢ – معرفة بأوامره وأحكامه.
الولاية بأيّهما ألصق، بمعرفة الله أم بمعرفة أحكامه؟
بمعرفة الله لابمعرفة أحكامه.
لذا ثبت في صحيح مسلم أن رجلاً جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله أوصني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (قل ربي الله ثم استقم).
فالاستقامة عزيزة، والاستقامة مأمور بها العبد.
ولكن أنَّا للعبد أن يحقق الاستقامة على وجه الكمال الذي يحبه الله.
يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.
يقول النبي صل الله عليه وسلم: شَيَّبَتْنِي هُودٌ وأخَوَاتُها، رواه الترمذي.
الشيب الذي في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب امتثال هذه الآية.
يقول (ابن القيم) رحمه الله في (المدارج): الذي شيبه صلى الله عليه وسلم من سورة هود قول الله تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.
من سيد المستقيمين؟
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تأمل معي.
هناك أشياء ينبغي أن تكون حاضرة، ولا يجوز أبدًا أن تغيب عن الذهن.
فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ.
من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم خير الخلق لا يمكن أن يستقيموا الاستقامة التامة إلا بالتوبة والإنابة المرة تلو المرة.
الله يقول: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ.
الاستقامة لا تكون إلا على أمره،
والاستقامة لا تكون إلا بامتثال الوحي.
الله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ، كما أُنزلت عليك من أحكام.
الاستقامة لا تكون بأن تفهم دينك فهما بالفكر، وأن تقارع العلمانيين وغيرهم ، مقارعتهم هذا نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله، أن تقارع العلمانيين والمجرمين والبعيدين عن أحكام الله هو جهاد، لكن في سلوكك مع ربك وطريقك إليه لابد أن تعرف أحكامه، وأن تستقيم على أمر الله عز وجل.
قد يكون الطبع يحب العبادة، فتقع بسبب الطبع طغيانًا وزيادةً، والله جل في علاه قال: «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا»، استقم على الحد والوجه والطريقة والمقدار الذي يحبه الله عز وجل.
تأمل معي آيات أخرى في الاستقامة لتعلم أن هذا الأمر هو للنبي صلى الله عليه وسلم، وليس له بخاصة، وإنما هو أيضاً لأتباعه، الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ.
وهل الأمر الموجه للنبي صلى الله عليه وسلم يشمل سائر أفراد أمته؟
الجواب: في التأصيل العلمي، والمبحث الأصولي أن الأمر الموجه للنبي صلى الله عليه وسلم يشمل أمته ما لم تأتِ قرينة تبين أن هذا الأمر خاصٌ به صلى الله عليه وسلم.
قال الله عز وجل: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ.
قال: فاسْتَغْفِرُوهُ، الأمر للأمة الآن، «فاستقم» كان الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم، «فاستقيموا إليه» أصبح الآن الأمر لأمته، جاء بعد «واستقيموا» «فاستغفروه»، قوله: «فاستغفروه» في هذه الآية، كقوله في سورة هود: «ومن تاب معك».
الاستقامة عزيزة، والاستقامة صعبة، ولما كانت كذلك فالمستقيم يحتاج إلى الإستغفار دومًا، ومع هذا فكان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر في اليوم والليلة مائة مرة، وفي بعض الروايات أكثر من سبعين مرة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في ترقٍ دائم، فهو اليوم يستغفر من مقامه لأمس، فهو في ترقٍ مع الله عز وجل، منزلته عند الله ترتفع، وكلما مضى عليه يوم ارتفعت منزلته، فهو دائمًا يستغفر، اليوم يستغفر من مقام أمس، وغدًا يستغفر من مقام اليوم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دائما في ترقٍ.
أما سائر الناس فكما قال الله تعالى: لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ، بل من أشراط الساعة أن يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، يقع في تذبذب، حاله في أول النهار عندما يحضر الدرس غير حاله في آخر النهار عندما يقارع الناس أو يتساهل قليلا في شيء من التبقر والتوسع في المباحات أو بغفلة، فيجره هذا الأمر إلى والعياذ بالله تعالى إلى قساوة قلب وسوء حال مع الله عز وجل.
تأمل معي الآية مره أخرى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ، إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَاالله ثُمَّ اسْتَقَامُوا،موقع يوحى إلي في الآية هذه، كموقع كما أمرت في سورة هود، النبي عليه السلام يوحى إليه، ولا تكون الاستقامة إلا كما أمرت (إلا بالوحي)، إنما إلهكم إله واحد، إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين، الذين هم على نقيض الاستقامة بالكلية هم المشركون، لكن الاستقامة عزيزة،فاستغفروه.
ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: سددوا وقاربوا واعلموا أنكم لن تدخلوا الجنة بأعمالكم.
ما معنى سدد وقارب؟
يعني عندك هدف إن رميت سدد وقارب، لا تبعد، إذا ما استطعت أن تحقق الاستقامة فالتسديد والمقاربة، وهذا حال أغلب الناس، حال أغلب الناس التسديد والمقاربة، سددوا وقاربوا، فمن من لم يستطع منكم الاستقامة وأن يصيب عين الهدف فلا يبعد عن الهدف، فيسدد ويقارب ويرمي حوالي الهدف، ما يكون الهدف هناك ويرمي هناك، كحال كثير من المصلين، فكأنه أعور أو أعمى والعياذ بالله تعالى في سيره وطريقه إلى الله عز وجل، سدد وقارب، كن يقظًا، كن منتبهًا كن مبصرًا، فإن رميت وأردت الهدف، فإن ما أصبته لا تيأس، إذا ما حصلت الاستقامة على وجه التمام والكمال فلا تيأس، الشيطان يأتي لبعض الناس فيكبر له بعض المخالفات التي يقع فيها، ويحاول أن يجره إلى طريق الغواية، ويبعده عن طريق الاستقامة بالكلية، ويجعله ينسلخ منها لعسر إصابته عين الهدف، فالنبي عليه السلام قطع هذه الوساوس، وهذه المداخل على العبد بقوله صلى الله عليه وسلم: «سددوا وقاربوا»، فإذا ما استطعت أن تحصل عين الهدف، فسدد وقارب، واتقِ الله ربك، واحرص على الاستقامة.
فإذا الاستقامة تحتاج لمعرفة بالله، وأن يمتثل العبد آثار أسماء الله وصفاته سبحانه، ويحتاج أن يعرف شيئًا من أوامر الله، فقد تتحقق الاستقامة من غير العلماء، وقد لا يحقق العبد الاستقامة، لأن الاستقامة تحتاج إلى معرفة الله عز وجل، ومعرفة المكلف ما يحتاجه من أوامر الله عز وجل، ثم الاستقامة تحتاج إلى معتقد سديد ومعتقد سليم، وأن يعرف العبد الله جل في علاه، وأن يعلم أنه لا يغيب البتة عن بصر الله وعن سمع الله.
تأمل معي قوله تعالى: «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»، فالعبد الذي يعرف الله، والذي يقول ربي الله، ومعرفته بالله معرفه شرعية، هذا الذي يكرمه الله تعالى بالاستقامة،فالاستقامة أسُّها ولبها ومنبعها وأساسها الذي تنبني عليه أن تعرف الله تعالى بأسمائه وصفاته، ولا سيما أن تعلم أنك لا تغيب عن بصر الله عز وجل ولا عن سمعه «إنه بما تعملون بصير».