هل يجوز إخراج زكاة المال ( ليس صدقة الفطر ) على شكل طرود مكونة من (الأرز، الزيت ، الخ) مما درج عليه طعام أهل البلد أم أنّ الأولى أن تُخرج نقداً ؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله أخي الفاضل.
الله جل في علاه يقول:
﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلۡفُقَرَاۤءِ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱلۡعَـٰمِلِینَ عَلَیۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِی ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَـٰرِمِینَ وَفِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِۖ فَرِیضَةࣰ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ﴾ [التوبة ٦٠].
والمراد بالآية في سورة التوبة الزكوات.
وقوله تعالى” لِلۡفُقَرَاۤءِ” هذه اللام هي من التخصيص، أي أنهم هم المخصصون بها وتكون من نفس المال.
فلايجوز زكاة المال أن تُخرج طعام والطعام يخرج في زكاة الفطر. والعجيب من المسلمين أن زكاة الفطر يُخرجونها نقداً.
وزكاة المال يُخرجونها طعاماً.
وهذا من العجب.
الشرع جاء لتمليك الفقير مالاً في الزكوات وتمليكه طعاماً في صدقة الفطر.
فكل عبادة من جنسها.
فالمال العبادة فيه إخراج المال.
أو للتمليك.
إما للاختصاص أو للتمليك.
يُملّك الفقير مالاً في زكاة المال وطعاماً في صدقة الفطر.
ولايجوز إخراج زكاة المال طعاماً.
جزاك الله خيراً وبارك فيك.✍️✍️
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا شخص عليه زكاة مال ووضعه المادي لا يسمح بإخراجها كاملة في شهر واحد، هل يجوز أن يعطي كل شهر جزء من زكاة حتى يخرجها كاملة، وجزاك الله خيرا.
الجواب:
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجوز دفع الزكاة قبل وقتها.
وتدفع منجمة: كل شهر يدفع مبلغ.
وإذا حال الحول فالواجب إخراجها فورًا.
فتقديم الزكاة جائز وتأخيرها ممنوع.
والله تعالى أعلم.
السؤال:
أخ يسال ويقول شيخنا أريد أن اعمل إفطار صائم لبعض العائلات لكي احصل على الأجر.
ولكن كما تعلم في ظل هذه الظروف (جائحة كورونا) فنوعا ما هناك صعوبة في الأمر نتيجة الحظر المطبق.
السؤال: لو أحضرت لهذه العائلات دجاج وأرز وزيت، وقلت لهم هذا إفطار صائم لكم في رمضان، هل احصل على أجر إفطار صائم الوارد في الحديث ” مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا “. الترمذي ٨٠٦، وصححه الشيخ الألباني.
الجواب:
طبعًا، لك أجر تفطير الصَّائم، إلا إذا كان الذي تعطيه عاجزاً عن الطبخ كالشيخ الْمُسن أو المرأة الكبيرة التي لا تستطيع أن تطبخ، فهذه تحتاج إلى شيء مطبوخ، تحتاج لشيء يؤكل مباشرة .
أما إذا كانوا يستطيعون صنع الطعام؛ فهذا حسن.
ولو سألتهم أيضًا هل عندهم شيء يطبخون به، بعض العوائل فقيرة جدًّا قد لا تملك، لكن غالب الناس تملك -لله الحمد-، تملك غاز، تملك شيء يطبخون به من آنية وأدوات، فإن كانوا كذلك وطبخوا، فلك الأجر، وأنت تطعم صائم أيضًا.
صدقة الفطر فريضة على كل مسلم ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، حر أو عبد، ولو كان فقيراً، حتى الغني والفقير، فالفقير الذي يملك قوت يومه وليلته، يحبسه والزائد يتصدق به؛ ذلك أن صدقة الفطر ليست صدقة مال، وإنما صدقة الفطر إنما هي صدقة بدن، ولذا أوجب عليه الشرع صدقة، والأصل في الصدقة أن تكون من جنسها.
وصدقة الفطر على مذهب الأئمة الأربعة لا بد من إخراجها طعاما لا نقداً، وزاد الإمام أبو حنيفة فقال: لو أخرجها نقدا لأجزأ، وأما الأئمة الثلاثة فيقولون: لا يجوز أن تخرج إلا طعاماً، ولا يجوز أن يلجأ إلى النقد إلا في صور ضيقة، وهذه الصور في تقديري محصورة في أشياء يسيرة أنبه عليها بعد قليل.
فصدقة الفطر بالنسبة إلى عيد الفطر كالأضحية بالنسبة إلى عيد الأضحى، فلا يجوز لإنسان يقول الفقير بحاجة لمال ويجوز إخراجها بدل الأضحية مالاً كذلك صدقة الفطر، والأصل في صدقة الفطر أن تورث، والأصل في الإنسان – وهذا من باب تعظيم شعائر الله- أن يحضر الطعام وأن يكيل لا يزن، فالأصل في صدقة الفطر أنها صاع.
والصاع يعني أربع حفنات من قامة الرجل المتوسط.
ولذا لا يمكن أن تضبط صدقة الفطر بالوزن؛ فوزنها يختلف باختلاف أجناسها.
والأصل في الصدقة أن تكون من قوت البلد، والأصل أن تكون طعاماً، وهذا الطعام مدخراً، يبقى ولا يفسد إذا بقي خارج الثلاجة، فاللحم والدجاج وما يفسد فهذا لا يصلح أن يكون صدقة فطر، وكذا مكملات الأطعمة، الأحسن اجتنابها كزيت الزيتون وما شابه، فالأصل في الصدقة أن تكون طعام للمساكين. فالنبي-صلى الله عليه وسلم -لما أوجبها ذكر حكمتها في أمرين:
1-طعمة للمساكين. وهذا قوله – صلى الله عليه وسلم -.
2- طهرة للصائمين.
فالصائم يحتاج إلى شيء يكفر عنه زلله وخلله وما وقع فيه من زلل، فأتت صدقة الفطر لذلك.
ولذا كلما كانت صدقة الفطر متأخرة كانت أحسن.
فأحسن أوقاتها أن تكون ليلة العيد، ورخص بعض السلف أن تخرج قبل ذلك بيومين أو ثلاثة.
ونظرا لما يجري اليوم من هذه الجائحة، والجمعة حظر، ويمكن أن يكون العيد السبت أو الأحد، فالأحسن أن تخرج يوم الخميس وهو آخر وقت، وهذا وقت مأذون بالتقديم فيه بيومين أو ثلاثة كما ورد في الآثار الصحيحة عن السلف الصالح -رضوان الله تعالى عليهم -.
موضوع إخراج صدقة الفطر *نقداً* للضرورة جائز، والضرورة تحصر في أمرين-في نظري-:
1- أن لا نجد طعاماً، وليست الصورة التي نحن فيها الآن، الآن الطعام موجود بل الآن الناس يحتاجون وهم محبوسون في بيوتهم، لا يستفيدون من المال، فائدتهم من الطعام أحسن وأبلغ.
2- أن ينسى الإنسان صدقة الفطر، فلا يتذكرها إلا وهو في المصلى، قبل أن يبدأ الإمام بالخطبة، وفي جيبه مال وأمامه فقير – نظر حواليه وجد فقيرا – فالآن يخرجها نقداً، ولا حرج في هذه الصورة.
أما التوسع في إخراجها نقداً والأصل فيها الطعام، فهذا توسع ليس بصحيح.
وأخيراً أذكر بكلمة في ما درج عليه السلف، وبوب لذلك وكيع في كتابه “الزهد” ، وهناد بن السري- شيخ الإمام الترمذي- في كتابه “الزهد” أيضا، أنهم كانوا يتصدقون مما يحبون، والله يقول: (( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً )).
وعلى حبه للعلماء تفسيران:
1- على حب الله، وإن كان الله -جل في علاه- لم يذكر، ويعود الضمير على ما لم يذكر، ومثل هذا له شواهد كثيرة في اللغة العربية.
2- منهم من أجرى الآية على ظاهرها، ((ويطعمون الطعام على حبه)) أي على حب الطعام، فكانوا يتصدقون بما يحبون.
فمن يسر الله له، فالفقير كما يحتاج إلى مال يحتاج أن يأكل في يوم العيد هو وأولاده شيء يفرحون به.
فيمكن أن تقدم أقط وهو الجميد، أو أرز وطعام طيب، ويمكن أن يزاد عليه صدقة غير صدقة الفطر، فبعد أن أخرجنا صدقة الفطر يوضع معها دجاج أو لحم أوما شابه، فيأكلون مما تأكل، فتطعم مما تحب من الطعام، فهذا أمر حسن، وهذا أمر يجبر كسر قلب الفقير والمسكين.
أسأل الله جلا في علاه أن يتقبل منا ومنكم.
و أسأل الله جل في علاه أن يجعلنا وإياكم من الفائزين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السؤال:
رجل راتبه الشهري ( ٢٥٦ ) دينارا لا غير، والمناسبات في شهر رمضان المبارك كثيرة جداً، والمباهاة في صنع الطعام كثيرة أيضاً، وكذلك الأرحام كثيرة، فهل من الواجب علي صنع الطعام؟
الجواب:
لو كان راتبك ( ٢٥.٦٠٠ ) دينارٍ، ليس واجباً عليك أن تطعم.
الإطعام سنّة، والذي عنده أموال طائلة وما أطعم، ليس بآثم.
فكيف بالذي ما عنده شيء!،
فالإطعام ليس بواجب، الإطعام سنة.
( تتمة السؤال).
وكذلك: الأرحام كثيرة؛ فهل من الواجب علي صنع الطعام، ودعوة الارحام والأقارب، والأصدقاء!؛ فإن فعلت ذلك، فسوف أستدين مبلغا كبيرا من المال؟.
هل أنا آثم أو مقصر في حق هؤلاء؟
الجواب: لا؛ لست آثما، ولست مقصراً.
وأولاك أولاك، وأولى مال تضعه في فم أولادك.
فالإنسان ينفق على من يعول.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: “كفى إثماً بالمرء أن يضيع من يعول”. صحيح الترغيب والترهيب ١٩٦٥ وحسنه الألباني.
وقال في الحديث الآخر: “كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت”. رواه أبو داود ١٦٩٢ وحسنه الألباني.
فالنفقة تكون على الأقرب فالأقرب، وأقرب الناس إليك: أولادك، وزوجتك، وبناتك.
وفي الحديث: “وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ” البخاري ٥٣٥٤.
ثم بعد ذلك: تأتي الارحام.
نعم؛ الله يحب إطعام الطعام.
قال -صلى الله عليه وسلم-: “يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام” السلسلة الصحيحة٥٦٩.
لكن هذا الإطعام ليس واجبا.
(تتمة السؤال):
بعد رمضان يأتي العيد فهل أنا مقصر إذا لم أوزع عيديات الأرحام؟
كذلك: إذا كنت لا تستطيع؛ فلا شيء عليك.
لذا قال علمائنا -رحمهم الله تعالى-: حد الصلة في حق الغني، غير حق الصلة في حق الفقير.
قد تجتمع الحقوق.
فمثلا: لك رحم صالح ولك رحم طالح، فأنت قصرت مع الإثنين.
قطعت صلة الرحم مع الصالح والطالح، أنت آثم في حق من أكثر.
الجواب: في حق الصالح أنت آثم أكثر، أنت آثم هنا وآثم هنا؛ لكن إثمُ قطع الصالح أكثر.
لو كان عندك رحم صالح جار، ورحم صالح بعيد، وقطعت الإثنين أيهما أكثر إثما؟
الجواب: الجار الصالح، لأن الجار له حق لأنه جار، والصالح له حق لأنه صالح، والقريب له حق لأنه قريب.
فالحقوق؛ سواء الواجبات أو المحرمات قد تتداخل.
والله يا إخواني تنظر للناس فتستغرب؛ تقول:
يا لله ما أحوج الناس إلى أن يفهموا من يعلمهم، وأن يجعلوا جل حياتهم، وأن يجمعوا همهم على مهمة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الآن قفز في ذهني شيء:
أحد إخواننا ممن وسع الله عليهم بالمال، بنى لله مسجدا وتحمس لأن يرعى المسجد؛ فوضع إماما، ووضع مؤذنا، وأجزل -جزاه الله خيرا- عليهم بالنفقة، ثم أصبح في رمضان يشتري لفقراء الحي أطايب الطعام، ووصل به الحال أن يعمل لهم المشاوي، ويحضرهم إلى المسجد، ويطعمهم بيده -جزاه الله خيرا- هذا لا يعاب.
مضت أيام قليلة فيقول لي بأن خاله انتحر، لو تاتي يا شيخ نريد أن نصلي عليه.
الإنسان يريد أن يواسي.
فقلت: لماذا انتحر؟
قال: حاله فقير، ضاقت فيه الدنيا!.
قلت: يارجل؛ أنت تقول فقير، لا تطعم الناس مشاوي، وتعمل لهم الإفطار، بل أطعم خالك.
الفقير هذا الذي انتحر، انتحر من شدة الفقر، فأنت أنقذه بالمال .
الناس عجيبين وطريقة تفكير الناس من أعجب ما يكون-.
رجل عنده أخت فقيرة، وهو مليء (غني)، يزورها كل يوم، ولا ينفق عليها، فهل هذا واصل؟
الجواب: لا والله؛ إنه لقاطع، هذا ليس بواصل.
حد الصلة في حق الغني، ليس كحد الصلة في حق الفقير.
عند الغني:
الصلة ينبغي أن تكون مدعومة بمال، ومدعومة بعطاء، وإلا فلمن تترك أختك؟ والله أوجب عليك المال.
فالحقوق تتداخل كما تتداخل المحرمات كما يقول الإمام أحمد.
مثلاً:
إنسان أكل لحم خنزير هل هو آثم؟
طيب: سرقه فأكله؟
طيب: أكله من غير ذكاة؟
فهذا حرام من ثلاثة وجوه، وهكذا.
فالواجبات تتداخل.
القدح في المسلم حرام.
طيب: أن تقدح بعالم مصيبة.
يعني: الذي كان يسمع لهذا العالم؛ فترك السماع له، والإستفادة منه بسبب قدحك: عليك وزر لا يعلمه إلا الله.
وعليه فَقِسْ.
فالأحكام تتداخل، وهذا الباب طرقه بقوة، وأكثر من التمثيل عليه وما ذكرتُ من أمثلة منه: العز بن عبد السلام في كتابه العظيم: (قواعد الأحكام).
( تتمة السؤال).
وبعد العيد تأتي مناسبات النجاح في الثانوية، والجامعات -وما أكثرها- فهل أنا آثم؟ هلا خففت عني هذا الحمل الثقيل؟.
أنا لا أخفف عنك ولا أثقل عليك، أنا أبين لك الحكم الشرعي، الحكم الشرعي في كل هذه المسائل هي مسائل اجتماعية.
يقول تعالى:
﴿خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ﴾[الأعراف: ١٩٩].
فإذا كنت صاحب دنيا، صاحب قدرة؛ فالأصل أن تفعل ما يعرفه الناس.
تابع العادات، وخذ بأعراف الناس.
وإن كنت ما تستطيع، فهذا ليس واجباً عليك، هذا واجب عرفي، وليس واجبا شرعيا.
فالأصل بالإنسان أن يأخذ بالعرف، وأن لا يخالف الناس، لكن؛ اذا كان لا يقدر فلا إثم عليه، ولا شيء عليه.✍️✍️
الجواب:
كثر السؤال من أكثر من جهة، وجاءني السؤال من أكثر من بلد أنه في هذه الآونة الأخيرة: أنّ الناس لا يحتاجون إلى المال؛ إنما يحتاجون إلى الطعام والشراب وما شابه؟
أولاً بارك الله فيك فإن زكاة البَدَن تكونُ من جِنسها أي طعام، وزكاة البدن هي: صدقة الفطر.
وزكاة المال: من جنسها وهي المال.
والله تعالى يقول: {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: ١٠٣]، ويقول تعالى: {والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} [المعارج: ٢٤-٢٥]، ويقول تعالى: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} [الذاريات: ١٩].
فزكاة المال مال.
والناس اليوم لظروف كثيرة، بسبب اعوجاج حال كثير منهم، وانحراف نمط الحياة عما كانت عليه في العهود الأولى: أصبحوا في بعض الأحايين -تحت ضغط معين- يفكرون بأن صدقة الفطر تصبح نقدا.
وفي هذه الأيام أصبح الناس تحت ضغط آخر من لون أخر من نوع آخر يفكرون في أن زكاة المال تصبح طعاما.
الشرع كفّى ووفّى، وفيه الغُنية وفيه الكفاية لسدِّ حاجة المحتاجين.
وأوجب الشرع على البَدن زكاة من جنسه وهي الطعام، وأوجب على المال زكاة المال.
لكن نحن أمام واقع، ويكون فيه كما أشرت اعوجاج، وهذا الاعوجاج إن لم يكن مطرداً؛ فلعله يكون عاماً.
بمعنى: أنه يشمل حالات كثيرة، ولكن لا تنطبق هذه الحالات على جميع الناس.
فكذلك الفقراء فيهم من أهل الصلاح والتقوى.
فما هو العمل؟
العمل أن نعطيهم المال، ويجوز لنا أن نأخذ وكالة منهم فنقول مثلا للفقير: لك مال زكاة مثلا بمئتي دينار، ماذا نفعل لك؟
نسد مثلا إيجار البيت؟
نشتري لك شيئا؟
فنقول له:
ماذا تريد أن نشتري؟
أما أن تجتهد وغيرك يجتهد ثم يجتمع عنده مثلا أرز أو سكر، فما وفّت الحاجة وما كفّت الحاجة.
والاجتهاد ليس لك، الاجتهاد للفقير فهو الذي يملك المال وحتى لو لم يُعط له؛ لأن الله تعالى يقول: {والذين في أموالهم حق معلوم} [المعارج: ٢٤].
وقد أجمع أهل العلم أن الفقير إذا سرق من الغني لأنه محتاج لا تُقطعُ يده ، وهذا الذي فعله عمر رضي الله عنه في عام المجاعة.
فبعض المستشرقين والذين في قلوبهم مرض يقولون: أنّ عمر عطّل إقامة حدِّ الله وهو قطع اليد في عام المجاعة، وهذا كذب وزور وافتراء، عمر رضي الله عنه ليس من حقه أن يعطِّل حَدَّ الله، وَحَدُّ الله في عام المجاعة أن الفقير إن سرق؛ فحتما لا تقطع يده؛ لأن له شُبهة مُلكٍ في مال كل غني.
لأن الله تعالى قال: {حق معلوم} [المعارج: ٢٤].
وإقامة الحد مع الشبهة لا تُشرع أبدا؛ فالحدود تدرأ بالشبهات.
الشاهد أن هذا الذي له حق في مال الغني له حق أن يقول: أنا أريد أن يُسَد الإيجار عن بيتي، أو مثلا اشترِ لي كذا.
فالحل الصواب والتخريج الفقهي العملي لهذا الاعوجاج الموجود في حياة الناس أن يقال لهم:
لكم عندنا مبلغ كذا.
ماذا نفعل لكم؟
ماذا تحتاجون؟
الفقير يترفَّع؛ لكن بهدوء البال والكلام الطيب وسعة الصدر في كلام الغني للفقير، يتلمَّسُ الغنيُّ حاجةَ الفقير ويأتيه بها.
هل يجوز أن يعطى أخ أكثر من أخ بالعطية بسبب الغربة والظروف الصعبة، علما برضى باقي الأخوة؟
الجواب:
إذا كان هناك حاجة كالتعليم مثلا فيما يظهر لي من الأخوة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما شفاء العي السؤال (سنن أبي داوود ٣٣٦ وحسنه الألباني.)
فالوالد لو أنفق على ولده لتعليمه، أو لتطبيبه أكثر من سائر إخوانه فلا حرج في هذا، فهذا من الواجبات المناطة التي اناطها الشرع بالوالد، أما مجرد العطية فلا تشرع إلا بالسوية، لحديث النعمان بن بشير لما نحل ولده نحلة فأشهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لا أشهد على جور، وفي رواية قال له انحلت سائر أولادك مثله، ألا تحب أن يكونوا لك في البر سواء.
(البخاري ٢٦٠، مسلم ١٦٢٣)
قال بعض الشراح:
قوله في البر إشارة إلى أن هذا حق لله، وليس حق للعبد.
وهاهنا اختلف العلماء لو أن سائر الأولاد رضوا فهل العطية جائزة أم لا.
إن كانت حق للعبد جازت، وإن كانت حق لله إن رضوا لا يجوز، وبالأول قال المالكية والحنفية، وبالثاني قال الحنابلة.
والذي أراه أن السوية في العطية واجبة، إلا فيما أوجب الشرع على الأب من تطبيب وتعليم وما شابه، وما عدا ذلك فالأصل في العطية أن تكون بالسوية.
والذي أراه أن العطية حق لله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: اعدلوا بين أبنائكم. (سنن أبي داوود ٣٥٤٤ وصححه الألباني)✍?✍?
السؤال العاشر: موضوع دفع زكاة المال للذي لا يستطيع أن يحج، ما المراد به؟
المراد به حجة الإسلام، وليس المراد حجة التطوع، لا يجوز لك أن تعطي زكاة مالك لغير مقتدر على الحج حجة نافلة .
فرجل فقير حج حجة الإسلام ويريد مال زكاة حتى يحج تطوع لا يجوز لك ذلك .
الحج في سبيل الله المراد به حج الفريضة، وبعض أهل العلم ألحق به حج النذر، أما غير ذلك وهو حج التطوع فهذا لا يجوز دفع زكاة المال من أجله .