السؤال الثامن : هل قراءة القرآن بوضوء لها أجر كالقراءة بغير الوضوء ؟
الجواب:
أولًا المسألة فيها خلاف، والراجح -والله تعالى أعلم- ولا سيما مع عدم قراءة في المصحف، فالقراءة بغير وضوء لا حرج فيها، والقراءة بوضوء
أفضل، وأجرها أعظم عند الله عزوجل.
السؤال الثامن عشر :ما قولكم في بعض الأخوة جعلوا همهم جمع الإجازات وتكثير المشايخ ؟
الجواب :ليس هذا علما ؛فأن أذهب إلى شيخ ويعطينا كلاماً_إجازة_وهذه الاجازة نصية سندية وليس فيها علما .
العلم بالإجازة أن تقرأ عليه القرآن أو أن تقرأ عليه البخاري أو تقرأ عليه مسلم وتبحث في الكتاب بحثا دقيقا ،وكان قديما العلماء يبحثون هذه المسائل بدراسة نصية، يعني الاجازة تكون إجازة سند وإجازة بحث، أما أن أقول لك أنت مجاز -مثل ما يفعل الكثير من الناس – عندي بسند تتصل به بإجازة عامة بكل كتب الحديث،لكن ماذا قرأت ؟!!!
لا شيء .
الشيخ محمد البشير الإبراهيمي التقى بالشيخ محمد عبد الحي الكتاني والتقوا في المسجد النبوي .
محمد بن عبد الحي الكتاني من أصحاب الإجازات الواسعة فلما التقى بالشيخ محمد البشير الابراهيمي فقال له: أجزتك بما عندي بشرطه وما يجوز لي روايته، فقال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي :لا أريد إجازتك فأنا ما استفدت منك وما علمتني .
يقول محمد البشير الإبراهيمي: فعقد مجلسا بعد المغرب في المسجد النبوي في الشمائل المحمدية فجلست عنده فأملى وأحسن جزاه الله خيرا قال :فلمّا فرغ من الدرس ذهبت إليه وقلت له أجزني بما سمعت !
وكان شيخنا الألباني _رحمه الله تعالى_والشيخ تقي الدين الهلالي والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين يُزهدون في هذه الاجازات ويحوشون الطلبة عنها يبعدونهم عنها .
فهذه تبقّر وتكثّر دون فائدة .
إذا أردت ان تستجيز الشيخ اقرأ عليه صحيح البخاري أومسلم ولما ينتهي من الكتاب قل له أجزني ،أما أنا الآن وأنا جالس أقول لكم أجزتكم بمروياتي وعندي إجازة من عشرين شيخا او اربعين شيخا أو من شيخ وبعض الناس عنده إجازة أكثر من ألف شيخ ،هذا ليس علما ،فهذه الإجازات الأصل فيها أن يصحبها قراءة تحرير وإتقان وأن لا تبقى فقط عبارة عن إسناد، فالأصل إسناد زائد ضبط والقراءة على الشيخ .
السؤال التاسع: ما الحكمة من تكرار نفس القصة من قصص الأنبياء في أكثر من سورة من القرآن؟
الجواب:
في كل موطن فائدة، و لا يقف على هذه الفوائد إلا من عرف بلاغة القرآن.
التكرار فيه تقرير، والإعادة فيها إفادة، لكن القرآن الكريم إن عدَّدَ ذِكر القصة فهذا تحدٍّ للعرب، والعرب لما يسمعون كلام الله -عز وجل- والقصة الواحدة يفهمون أن هناك تحدٍّ في تعداد ذكر القصة، بخلاف الناس الذين لا يعرفون بلاغة القران.
ذكر الله -عز وجل- موسى كثيرًا في قصص عديدة، لكن لا يوجد قصه تشابه القصة، وإن وقع تشابه؛ *ففي كل قصة من الزيادات ما ليس في غيرها*، وهذا نوع من أنواع التحدي وبلاغة القران .
فتأمَّل في نفس القصة إذا تكررت في أكثر من مكان، فكل زيادة فيها شيء، وهذا الشيء لا يوجد في غيرها وهذا معروف عند العرب.
السؤال الخامس :
حفظت عشرين حزبًا من القرآن، ولظروف معينَّة منعني زوجي من الذهاب إلى المسجد، حاولت ولكنه رفض ،مع العلم أن زوجي مقصر في الطاعات نوعًا ما، فكيف أتصرف معه؟
الجواب:
الأصل في النساء أن يبقين في البيوت، وأن يذكرن الله تعالى في بيوتهن وأن يتعلمن،
ما المانع؟
أنت ومجموعة من أخواتك تجلسن في البيت تتعلمن؛ هذا أقرب إلى الله -عز وجل-، فالزوج منع الذهاب إلى المسجد، فحتى تُتَمِّمِينَ القرآن رتبي مع أخواتك أن تجلسن في البيوت، والواجب طاعة الزوج.
الذهاب للمسجد لا حرج فيه، وفي رواية في صحيح مسلم
عَنْ بِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : *((لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ حُظُوظَهُنَّ مِنَ الْمَسَاجِدِ ، إِذَا اسْتَأْذَنُوكُم))*.
رواه مسلم رقم (677).
المرأة لها حظ، وتأمل معي (( حظوظهن ))، كأنه بين الفينة والفينة أن تذهب إلى بيت الله، والأصل في المرأة أن تبقى في بيتها، ثم إذا منعت من المسجد، احرصي على أن تتعلمي، وأن تذكري الله -عز وجل-.
السؤال الأول:
أخٌ يسأل، يقول: ما أقصى مدة لقراءة القرآن وختمه؟
الجواب:
أولاً قراءة القرآن من أسباب تزكية النفس، وقد أمر الله تعالى المؤمنين بقراءة القرآن، فقال الله عز وجل في أواخر سورة النمل: ((وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ)).
فالذي يهجر القرآن مخالف لأمر الله عز وجل.
وأمر الله عز وجل نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- بأن يتلو القرآن، وكان ذلك في معرِض قيام الليل، فقال الله عز وجل في أواخر سورة المزمل: ((فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)).
الناس يتفاوتون، فمنهم من هو جالس، ومنهم من هو مسافر، ومنهم من هو مقاتل، فليس الناس سواءً، والواجب على المسلم أن يتلو القرآن.
فالذين يقيمون في المحافظة على أمن بلاد المسلمين، والذين يجاهدون في سبيل الله لعلهم لا يستطيعون قراءة القرآن كمن هم جالسون، وكذلك الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله.
خالد بن الوليد في المعارك، ليس كمن هو جالسٌ في المدينة يقرأ القرآن، فالله جل في علاه راعى حال الناس، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث: ((اقرؤوا القرآن في أربعين، اقرؤوا القرآن في ثلاثين، إقرؤوا القرآن في عشرين)) حتى قال صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن في ثلاث)).
فما ينبغي للمسلم أن تمضي عليه أربعون يوماً إلا ويتلو القرآن، ويختم القرآن الكريم، وينبغي للمسلم أن يقرأ القرآن قراءة تدبر.
ليست العبرة أن تقرأ كثيرا ثم لا تفهم ما تقرأ.
ولذا قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله مستنبطاً من مدارسة جبريل النبيَ صلى الله عليه وسلم، فثبت في الصحيح أن جبريلا كان يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن مرةً في كل عام، ثم لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم عرض عليه مرتين، فقال الإمام أبو حنيفة يجب على المسلم في كل عامٍ أن يقرأ القرآن بتدبر.
وما أقبح ذلك الطالب الذي يقرأ ويقلب كتب أهل العلم، ولكنه يهجر القرآن، ولا ينظر فيه، ينظر في كل الكتب ويقرأ، ولكنه لا ينظر في القرآن الكريم.
في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقرؤون القرآن بالسماع، يعني لا يهجرون القرآن وهم يصلون خلف النبي صلى الله عليه وسلم، والناس في ذاك الزمان كانوا أميين، ولذلك في بدر كانت فدية الأسير أن يعلم المسلمين القراءة والكتابة، ثم يفدونه بأن علَم مسلماً القراءة والكتابة، تأمل معي قول الله عز وجل : ((قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير))، ما قالوا: نقرأ ،القراءة في ذاك الزمان كانت لقلة، لكن السماع لم يكن لقلة، فمن سمع القرآن أو قرأه أو تدبره فهذا ليس هاجراً للقرآن، ((وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً)).
فالقرآن عليه حق من نظرك، ومن سمعك، ومن تدبرك، ومن جوارحك، فمن هجر القرآن بسمعه، فهذا هاجر، ومن لم يقرأ القرآن فهذا هاجر، ومن قرأ وسمع ولكنه لم يتدبر فهذا هاجر، ومن قرأ وسمع وتدبر ولكنه ما امتثل أمر الله عز وجل فلم تستجب جوارحه للقرآن فهذا هاجر، فالمطلوب من المسلم أن يقرأ وأن يسمع وأن يتدبر وأن يعمل وينقاد للعمل.
فهذا هو الواجب على المسلم تجاه القرآن والناس يتفاوتون فمن شُغل (علم الله أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله) هذه أصناف ثلاثة، ويلحق بهم كما يقول العلماء بإلغاء الفارق.
فالواجب على العبد أن يتقي الله عز وجل، وأن يقرأ القرآن وأن يتدبره، وقلت: ما ينبغي أن يزيد عن أربعين يوماً.
*السؤال الثامن: أخ يسأل عن النهي عن السفر إلى بلاد الكفر بالمصحف؟*
الجواب: هذا النهي عند أهل العلم معلّل بتغييره وتبديله، وأمّا إن أمنّا هذه العلة فيجوز أن نسافر إلى بلاد الكفر و المصحف معنا.
ولازم نهي النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- عن السفر إلى ديار الكفر مع المصحف جواز السفر الى ديار الكفر ، فحكم السفر إلى ديار الكفر الجواز، *المنهيّ الإقامة ليس السفر،* يجب أن نفرق بين السفر وبين الإقامة.
وترجمة القرآن وجعل الترجمة بين أيدي الكفار للقيام بالحجة عليهم من الطاعات، *والترجمة لا تكون إلا لمعانيه،* والقرآن المترجَم ليس له أحكام القرآن، فهو ليس بمعجز ولا يتعبد الله تعالى بقراءته، ولا يتلو العبد الترجمة وهو في الصلاة.
ولذا كان *الإمام أحمد* يقول: من علامة جودة دين الأعجمي أن يتعلّم العربية، والعربية تُعظم لأنها كلام الله، فنحن لا ندعوا إلى عرق.
لكن المقصود من النهي عن السفر بالمصحف إلى ديار الكفر إنما هو من أجل التغيير والتحريف، فإذا زال التغيير والتحريف جازت السفر به، بل جاز طباعة المصحف في تلك الديار.
ومن ها هنا جاء التفريع على موضوع ترجمة المعاني -وليس الألفاظ- ترجمة معاني القرآن الى اللغات المتعددة.✍?✍?
*السؤال الثاني: أخ يسأل يقول ما توجيه فضيلتكم لمن يقرأ في فجر يوم الجمعة بعض آيات السجدة وكذلك بعض آيات من سورة الإنسان، ويكرّر هذا الفعل في كلّ يوم جمعة؟وهو امام طبعا.*
الجواب: إمّا هذا الأخ غير حافظ إلا هذه الآيات، وهذا قصور، وهذا خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وسنة النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ سورة السجدة والإنسان.
ومدار سورة السجدة على معنى وهو من أين خلقنا.
ومدار سورة الإنسان على معنى وهو إلى أين نحن سائرون.
لم يذكر في سورة الإنسان النار إلا في آية، وكلها في الجنة، وهذا يوافق قول النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله خلق آدم يوم الجمعة وأدخله الجنّة يوم الجمعة وأخرجه من الجنة يوم الجمعة.
وذكر العلماء أن إخراج آدم من الجنة يوم الجمعة تعظيم للجمعة.
وسبق على استشكال عند بعض الناس كيف يكون فضل ليوم الجمعة، والذنب وقع يوم الجمعة؟
الجواب: أن الذنب في يوم الجمعة أعظم من الذنب في يوم غيره، فلما وقع من آدم يوم الجمعة كان جزاءه أن أخرج من الجنة.
لماذا كان جزاءه أن أخرج من الجنة؟
لفضل الجمعة، وبالتالي كما أن المعصية في المكان تعظم في مكة على غيرها، فإن المعصية في الزمان تعظم، كالمعصية في هذه الأيام التي نعيش وهي أشهر الله الحرم، فالأصل بالإنسان أن يقرأ يوم الجمعة وأن يذكّر نفسه وإخوانه وإذا ما أدرك عقله هذه الحكم ليكن متبعا للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
*هل يُسن للإمام في بعض الأحايين أن يترك قراءة سورة السجدة والإنسان؟*
الجواب: نعم ذكر هذا *الزكي المنذري* ونقل عنه غير واحد.
قالوا:
عوام أهل مصر: كانوا يعتقدون أن صلاة الفجر يوم الجمعة فيها ثلاث سجدات والإمام الذي لا يسجد ثلاث سجدات فصلاته باطلة، فكانوا يعتبرون قراءة السجدة وسجود التلاوة كالسجدتين في الركعة.
فقال كثير من أهل العلم: يُسن للإمام خشية هذا الاعتقاد أن يترك في بعض الأحايين قراءة سورة السجدة حتى يعلموا أن السجدة الثالثة ليست كالسجدتين، وإنما السجدة الثالثة هي من أجل التلاوة.
*السؤال التاسع عشر: هل أرسل أولادي إلى مراكز تحفيظ القرأن رغم أن عندهم بعض أخطاء؟*
الجواب: أليس من الممكن أن تعلم أولادك أنت القرآن،أليس من الممكن أخ حافظ للقرآن وصاحب منهج سليم أن نضع أولادنا عنده، ولله الحمد والمنة هذا الصنف موجود، ولو أنك تتعب قليلاً قد يكون هذا الأخ بعيداً عنك، فأنت اجمع الخيرات، دائما الأصل فينا أن نجمع الخيرات.
*المراكز إذا كانت تعلم القرآن لذات القرآن فالحمد لله، أما إذا أرادت أن تتخذ هذه المراكز شباكاً لتصيد الناس وتوقعهم في حزبيات بغيضة، فمعاذ الله عز وجل، هذا أمر لا نحبه.*
والذين يعلمون القرآن في هذه المراكز، ليسوا سواء، فإذا جعلناهم سواء أخطأنا وظلمنا، فتتوخى لولدك بعض الصادقين المخلصين، المحبين للقرآن الصادقين في تعليمه، الحريصين على تلقينه، وعلى الأجر عند الله عزوجل *خيركم من تعلم القرأن وعلّمه*، فهذا أمر طيب ولله الحمد والمنة.
*السؤال الحادي عشر: ماحكم الصلاة إذا كان الإمام عنده خطأ جلي في سورة الفاتحة؟*
الجواب: اللّحن عند العلماء قسمان:
١ – لحن جلي.
٢ – لحن خفي.
وما أظن أن أحدًا في الدنيا اليوم يقرأ الفاتحة ولا يلحن لحناً خفياً إلا الحُذّاق من القراء.
بعض المتشددين من المعلمين في أحكام التلاوة والتجويد حين يقول لك: اقرأ، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يقول: أخطأت عشرين خطأ هذا قبل البدء ببسم الله الرحمن الرحيم.
درّسني أحكام التلاوة والتجويد الشيخ *سعيد سمّور* نسأل الله له الرحمة فكان يشدّد على الفاتحة تشديداً ما رأيت أحدًا يشدّد مثله، فكان إذا بدأ أحد بالاستعاذة أظهر له نحو عشرين خطأ في النطق، ويبدأ يفصل.
الخلاصة أنّ اللحن لحنان: لحن جليّ ولحن خفيّ، فاللحن الخفيّ لا يعرفه إلا أهل الصنعة من القراء، والعلماء يعني يقولون: أمره سهل.
*وابن كثير* -رحمه الله- في تفسيره الشهير -والذي أنصح بقراءته- وكثير من الطلبة حين يستنصحون بكتب التفسير، يستنصحون وينسون تفسير ابن كثير، *تفسير ابن كثير* من أبرك التفاسير وأحسنها.
*ابن كثير* لما ختم تفسير الفاتحة؛ قال تنبيه: الضاد والظاء في الفاتحة أمرها سهل ومعفوّ عنه، وقلَّ من يُفرّق بينهما.
لذا العلماء يتساهلون في الضاد والظاء.
والباحث التراثي المحقق المعروف الشيخ *حازم الضامن* رحمه الله في العراق حقّق ستة عشر رسالة وطبعها في الفرق بين الضاد والظاء.
ويذكرون عن *عمر* رضي الله عنه أنه كان يفرق بينهما بالنطق.
والقراء اليوم في الضاد مذهبان مذهب إخواننا في العراق والحجاز يميلون في {الضاد} إلى الظاء، وتسمع هذا من أئمة في الحرمين.
ومذهب أهل الشام ومذهب أهل مصر جلّهم يجعل الضاد دالا مفخمة، والصواب بينهما بالنطق بين الدال المفخمة والضاد المشالة وهذا اسمه عند العلماء لحن خفي، وهذا أمر لا حرج فيه.
أما الحرج كلّ الحرج في اللحن الجلي، واللحن الجلي *أن تسكن متحركًا، أو تحرك ساكنًا، أو تغير تشكيل الحرف.*
صلّيت مرة الفجر في مسجد، فكان الإمام يقرأ *أنعمتُ عليهم،* ويحمل شهادة عليا في الدراسات، فقلت له: أنت إمام فاضل وأحب أن أسمع منك الفاتحة، وأنتم- إخواني – دققوا معي؛ أنا سمعي فيه شيء فقرأ: *أنعمتُ عليهم؛* فقلت: إخواني أعيدوا الصلاة هنا أصبحت لحنًا جليّا، والصلاة باطلة، ليس أنت المنعم؛ الله المنعم. *أنعمتُ* أصبحت أنت المنعم على الله.
الشاهد من حرك ساكن أو سكن متحركا أو غيّر النطق، أو غير الحرف، مثل بعض إخواننا العوام المصريين يقرأ *اللزين* أنعمت عليهم، هذه قراءة أنا سمعتها في أذني وأنا في طريقي إلى العمرة أمّ بنا أحد المصريين قرأ: *اللزين أنعمت عليهم؛* هذا لحن جلي. فتغيير نطق الحرف أو {حرّك} ساكنًا أو سكن متحرك أو إبدل حركة ، او بدل حرف مكان حرف، هذا كله لحن جلي يُبطل الصلاة والله تعالى أعلم .
*سؤال أحد الحضور: هناك إمام يقرأ: إياك نعبد وإياك نستاعين اهدنا الصراط المستاقيم، وأنا نصحت الإمام ولم ينتصح والمشكلة أن المسجد قريب مني للصلاة فيه، هل أعيد الصلاة كلما أصلي خلفه أم ماذا أصنع؟*
الجواب: أدلّك على طريقة عملية هيَ سهلة {حين} يقرأ سجّل؛ ثمّ {اسأل حاذقاً مختصًا في القرآن}: واسأله هل هذا لحن جلي أم لحن خفي؟
فإذا قال: *جليّ لا تصلّ خلفه،* وإذا قال: *لحن خفي صلّ خلفه.*
ولا تقطع عنه نصيحة، وابعث له من ينصحه غيرك.
فالإنسان في عادته إذا تعددت له طرق النصح بالتي هي أحسن يصل إن شاء الله تعالى للتي هي أقوم.
*سؤال آخر من أحد الحضور: إذا كان الإمام عنده لحن في الصلاة الجهرية هل تجوز الصلاة السرية خلفه؟*
الجواب: إذا كان الإمام عنده لحن جلي وعلمت ذلك في الجهرية فالسرية كذلك وإذا كنت لا تدري فالأصل في الصلاة الصحة.
اسألك سؤالا على نفس القاعدة ولكن أوضّح إمام صلى صلاة وهو ليس على وضوء هل تدري أنت أنه متوضّئ أم لا؟
الجواب: لا تدري.
فالإمام تذكّر بعدما فرغ من الجماعة فهو فقط الذي يُعيد الصلاة ولا يلزم أن يخبر الناس.
وهذا إشارة أن الأصل في عبادات الناس الصحة؛ *فـعن ابن عمر* كما ورد في *سنن البيهقي* أنه صلى في الناس إماما فتذكر أنه ليس على وضوء فتوضّأ وأعاد الصلاة؛ ولم يخبر أحداً.
فالناس على ستر، فالأصل بالذي لم تسمع قراءته أنه قرأ قراءة صحيحة سليمة، سديدة، صحيحة.
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.
أما بعد:
فكم خسرت الإنسانية ببعدها عن الله، فساءت فعالها، وأذواقها، وحياتها.
فإنهم يبحثون عن سعادة مفقودة، و لن يجدوها إلا بالرجوع إلا الله عز وجل.
ما أسعد أمة يستيقظون من آخر الليل، و في أول النهار، و يقفون خلف إمام يترنم و يقرأ بصوت شجي، و بأداء حسن كلام الله، يتعلمون مما يقرأ تنظيم علاقتهم مع ربهم، و تنظيم علاقتهم مع غيرهم، من أزواجهم، وأولادهم، و جيرانهم، و أقاربهم.
فهل تجدون أمة من الأمم عبر التاريخ يصنعون ذلك إلا المسلمون؟
و هل يوجد رقي في الدنيا أسمى من هذا الرقي؟
ولكن إلى الله المشتكى، و لا حول و لا قوة إلا بالله.
خطر هذا في بالي، رابطاً حالنا في صلاة فجر يوم الجمعة، و نحن نسمع كلام ربنا فيما هو مآلنا، ليكون ذلك دافعا لنا على ثباتنا في طاعتنا و عبادتنا لربنا.
سمعنا في الركعة الأولى من *سورة السجدة* من أين جئنا، و سمعنا في الركعة الثانية من *سورو الإنسان* إلى أين نسير، و لم نسمع آية في ذكر النار في الركعة الثانية، و كل الذي سمعناه إنما هو في الجنان.
لماذا؟
لأن المرجو من الله أن من حضر أحسن صلاة وأحبها إلى الله وهي صلاة الفجر يوم الجمعة أن يكون هذا مآله، و هذه عاقبته.
فالذي يربط بين قول النبي صلى الله عليه و سلم عن *آدم خلق يوم الجمعة، و خلق في الجنة، و أخرج من الجنة يوم الجمعة، وتقوم الساعة يوم الجمعة،* و كذلك الذي يسمع أن النبي صلى الله عليه و سلم يقول: *أحب صلاة إلى الله صلاة الفجر في جماعة يوم الجمعة،* فهذه أحب صلاة إلى الله عز و جل، و يتأمل ماذا يتلى في هذه الصلوات، يعلم أن هذا الإنسان كيف خلق و هو ضعيف، و أن الله عز وجل يريد به الخير، و أنه إن امتثل أمره سبحانه و استقام على نهجه كانت هذه جائزته، *جائزته الجنان التي فصلها الرحمن سبحانه و تعالى.*
نسأل الله عز و جل في علاه أن يرزقناها، و أن لا يحرمنا منها، و أن يجعلنا من أهلها، و نقول كما كان يقول عمر: *يا ربنا، يا مولانا، إن كنت قد كتبتنا أشقياء فامحو ذلك، واجعلنا جميعا من السعداء.*