السؤال الثاني: هل عمليات التجميل تدخل في تغيير خلق الله؟
الجواب: هي أصناف؛ عمليات التجميل أصناف، منها الذي يدخل ومنها الذي لا يدخل، ومنها يدخل في تغيير خلق الله وزيادة، يعني تكون فيها أكثر من محذور.
امرأة تريد أن تكبر أردافها أو ثدييها، وتذهب لرجل وطبيب وتغير خلق الله، هذا ليس فقط تغيير خلق الله ولكن هذا فيها مخالفات؛ من نظر الرجل إلى المرأة وكشف العورة، وللأسف كشف العورات عند المسلمات
-قبل غيرهن- من الأمور التي أصبحت للأسف لا محذور فيها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، مع أن العلماء يقولون الضرورة تقدر بقدرها.
أما إن صنعت شيئا تطبباََ وأنت في أثناء التطبيب جاء ما يسمى بالتجميل، فلا حرج إن كان الشيء تبعاً، أو أن ترد أصلك إلى الخِلقة التي خلق الله الناس عليها، فجماهير أهل العلم يرون أنه لا حرج في ذلك.
مثلا: شخص عنده أصبع سادس في القدم أو في اليد، فيريد أن يرد خلقته إلى أصل خلقة الله التي خلق الناس عليها؛ فجماهير أهل العلم يرون أنه لا حرج في ذلك.
رجل عنده أسنان ناتئة، فأراد أن يرد أصله إلى الخلقة التي خلق الله الناس عليها، فلا حرج في ذلك.
السؤال الأول: أخ يسأل يقول: هل نزع الممسوح يبطل الوضوء أم المسح؟
الجواب: فرق بين أن يبطل الوضوء وأن يبطل المسح.
من توضأ ومسح على خفيه، ثم نزع خفيه فهل يبقى وضوؤه صحيحا؟
الجواب: إن كان يبطل الوضوء بالنزع؛ فلا يحق له الصلاة، وإن كان الوضوء صحيحا، ولكن إن أعاد الخفين لرجليه على وضوء بمسح لا بغسل؛ فهذا يجوز له الصلاة شريطة أن يدخل الخفين على طهارة كاملة.
الراجح من أقوال العلماء أن نزع الخفين لا يبطل الوضوء، لأن إبطال الوضوء توقيفي يحتاج إلى نَص خاص، والنص الخاص: امسح عليهما إذا ادخلتهما طاهرتين.
وهو من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأهويت لأنزع خفيه، فقال : ” دعهما فإني أدخلتهماطاهرتين “. فمسح عليهما. البخاري ٢٠٦، مسلم٢٧٤.
فلا يجوز لك أن تمسح على جوربين أدخلتهما في رجلك بمسح، وهذا يظهر من تركيب الجوارب؛ (يعني واحد يلبس جورباً، ثم يشعر بالبرد فيلبس جورباً ثانياً)، هل يجوز المسح على الجورب الثاني؟
الجواب: -يُنظَر- إذا توضأتَ، ولم ينتقض وضوءك وأدخلت جورباً ثانياً، وأدخلت جوربا ثالثا لدفع البرد؛ فلك أن تمسح على الجورب الثاني وعلى الجورب الثالث.
لو أنا غسلت رجلي وأدخلت جوربين، ثم شعرت أني لست بحاجة إلى الجوربين، فخلعت جورباً؛ فهل يمسح على الجورب الذي بقي في رجلي؟
الجواب: لك أن تمسح على من بقي؛ شريطة أن تكون قد أدخلته في قدميك بغسل لا بمسح.
والعلماء يذكرون مثل هذه المسألة، والمسألة غريبة لكنها واقعة؛ يقولون: رجل توضأ ثم خرج ليصلي، فَمرَّ بالحلاق ثم حلق رأسه، فالشعر الممسوح عليه يكون قد زال، فهل الشعر الذي مُسِح عليه إن زال يبطل الوضوء؟
الجواب: لا يبطل الوضوء.
فإن نَزعتَ الخُف مِن قَدَمِك وقد مسحتَ عليه مَسحاً صحيحا؛ فَنزعُ الخف يبطل المسح ولا يُبطل الوضوء، ومِثلُهُ تماما انتهاء مدة المسح.
يعني: أنا – مثلاً- مع أذان الظهر أدخلتُ الجوربين، وأنا مقيم وغير مسافر، معي أن أمسح يوم وليلة، واختلف اهل العلم في اليوم والليلة:
– فمنهم من قال: مجرد ما أن تدخِل الجوربين في القَدَم؛ يبدأ اليوم والليلة.
– منهم من قال: عندما ينتقض الوضوء.
– منهم من قال: عندما يبدأ المسح.
والراجح: أن التوقيت يبدأ من بدء المسح، وهو أوسع الأقوال وأطولها من حيث المدة.
فبمجرد ما تبدأ بالمسح يبدأ توقيت يوم وليلة.
يعني: أنا – مثلا – توضأت الظهر وبقيت للعشاء، وانتقض وضوئي بالعشاء، بحيث إني صليت العشاء بوضوء وليس بمسح، فكانت أول مسحة مسحتها للوضوء على صلاة الفجر؛ متى يبدأ توقيت المسح؟
الجواب: من صلاة الفجر هذه.
طيب لو أن أحدهم مسح على صلاة الظهر، صلى الظهر و مسح على الخفين يبدأ بالظهر، الآن أذان الظهر في اليوم الثاني ممنوع المسح، لكنه توضأ للضحى، وصلى الضحى، ودخل صلاة الظهر ووضوؤه معه، و مدة المسح كانت قد انتهت، ماذا عليه الآن؟
الجواب: يصلي ما شاء، إلى أن ينتقض وضوؤه، فإذا انتقض وضوؤه فليس له أن يمسح بعد انتهاء المدة، فانتهاء المدة ليست ناقضة للوضوء وإنما هي ناقضة للمسح.
السؤال الثلاثون: داينتُ شخصاً مبلغاً كبيراً من المال، ثم أنكرَ وحلَف يمين على المصحف أنه لم يأخذ مني المال، وأنا دائما أدعو عليه، ولا أستطيع أن أخبر أحد عن المبلغ، لأنه لا يوجد شهود، فهل لي الحق في الدعاء عليه، لأنه ظلمني وأنكر المال؟
الجواب : قال الله تعالى: { لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء : 148]
فمن ظُلِم فله ذلك، وله أن يدعو على مَن ظَلَمه.
ولكن الدَّين يحتاج لِـكتابة وإشهاد، فلما يأتيني رجل يطلب دَين؛ فأنا بالخَيار، فإن رأيته محتاجاً ورأيته من أهل الصدقة، ومن أهل الزكاة؛ فأعطيه زكاة، وإن أعطيته زكاة؛ فأنا الآن لا أكتب ولا أشهد على الدَين، فأنا أعطيه هذا المال.
وغالب الناس اليوم -بالتجربة- إن أعطيتَ رجلاً دَيناً؛ لا يعود إليك،
كنتَ تراه في المناسبات، فتصبح الآن لا تراه في المناسبات ولا في غير المناسبات.
وأما إن أردتُ أن أطالِبَه؛ فيَحرُم عَليَّ شرعا أن أُعطيه دَيناً حتى أشهد وأكتب، وأطول آية في القرآن آية الدَّين.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي موسى الأشعري: “ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، *ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه*، ورجل آتى سفيها ماله وقد قال الله
عز وجل: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) [النساء: ٥] “. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٨٠٥).
فهو لم يُشهد على الدَّين، لأن الإشهاد على الدَّين واجب؛ إن أردتَ أن تطالِب به، فإن أردتَ أن تطالب؛ فاكتبه وأشهد عليه.
وجواب الأخت على سؤالها أنها ظُلِمَت، يقول الله تعالى: {لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء : 148]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث:
عن أبي هريرة: “مَطْلُ الغنيِّ ظلمٌ، فإذا أُتْبِعَ أحدُكم على مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ.” صحيح البخاري (٢٢٨٨).
وفي الحديث الآخر: “لَيُّ الواجدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وعقوبَتَهُ.”
سنن ابن ماجه (٢٤٢٧) وحسنه الألباني.
فأن يكون هِجِّيرُكَ ودَيدنُك أن تُؤجِّل، ولا تؤدي الحق الذي عليك فهو ظلم.
يقول “وكيع” : يَحِلُّ شكايته، يجوز لك أن تحبسه، ويجوز لك أن تشكوه لِغُرمائِه.
لكن أن تدعو عليه اللهَ عز وجل أن يعطيكِ حقكِ، لكِ أن تشكيه، ليس معكِ شهود؛ فأنتِ تدعو عليه بـالمقدار الذي ظُلِمتِ فيه، فلا حرج في ذلك.
السؤال السابع والعشرون: أخت تسأل وتقول: هل يجوز للفتاة أن تؤذِّن في المنزل بعد أن تُصلِّي الفجر؛ بهدف دفع الشياطين، وحتى يستيقظ الباقون للصلاة، علماً أن البيت بعد الرقية الشرعية تبين أن به جان يسكنونه ويضايقون أهل البيت؟
الجواب: أولاً المرأة لها أن تؤذِّن ولا حرج في ذلك، وإن أذَّنَت لا يسمعها الأجانب، وإنما تُؤذِّن ذِكراً لله عز وجل.
ولكن السؤال على خلاف هذا.
هل يجوز للإنسان أن يستخدم الأذان لطرد الشياطين؟
الجواب: هنالك قصة أخرجها مسلم في صحيحه، وأخرجها من طريق سهيل بن صالح عن أبيه، عن أبي هريرة، سهيل يقول: كنت أمرُّ بجانب بستان لي، بجانب حائط.
عَنْ سُهَيْلٍ، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى بَنِي حَارِثَةَ، قَالَ: وَمَعِي غُلَامٌ لَنَا – أَوْ صَاحِبٌ لَنَا – فَنَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ حَائِطٍ بِاسْمِهِ قَالَ: وَأَشْرَفَ الَّذِي مَعِي عَلَى الْحَائِطِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي فَقَالَ: لَوْ شَعَرْتُ أَنَّكَ تَلْقَ هَذَا لَمْ أُرْسِلْكَ، وَلَكِنْ إِذَا سَمِعْتَ صَوْتًا فَنَادِ بِالصَّلَاةِ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ وَلَّى وَلَهُ حُصَاصٌ»
ص291 – صحيح مسلم – باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه.
يعني الإنسان إذا رأى شيئا وأراد أن يُحَصِّن نفسه من كيد الجن؛ فالأذان وسيلة من وسائل التحصين.
ولذا يُؤثَر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه -والإسناد فيه شيء- قال: إذا تغوَّلتِ الغيلانُ فنادوا بالأذانِ. ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة(١١٤٠).
ما هو الغول؟
هل هو خرافة؟
ليس خرافة؛ الغول ثابت.
والرجل الكبير كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين، لما كان يَعدو على تمر الصدقة، فَيَرى أبو هريرة فيه أثر كف مأخوذ.
وابن الضريس في فضائل القرآن من طريق إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيه -أنه كان على تمر الصدقة فوجد أثر كف كأنه قد أخذ منه-ولابن الضريس من هذا الوجه-فإذا التمر قد أخذ منه ملء الكف-.
وهنالك رواية في الترمذي أنه كان (غُولاً).
فعن أبي أيوب الأنصاري: أنَّهُ كانت لَهُ سَهوةٌ فيها تَمرٌ فَكانت تجيءُ الغولُ فتأخذُ منهُ. قالَ فشَكا ذلِكَ إلى النَّبيِّ ﷺ قالَ: فاذهب؛ فإذا رأيتَها فقل بسمِ الله أجيبي رسولَ الله ﷺ قالَ: فأخذَها فحلَفت أن لا تعودَ فأرسلَها فجاءَ إلى النَّبِيِّ ﷺ فقالَ: ما فعلَ أسيرُكَ قالَ: حلَفَت أن لا تعودَ قالَ: كذَبت وَهيَ معاوِدةٌ للْكذبِ قالَ: فأخذَها مرَّةً أخرى فحلَفت أن لا تعودَ فأرسلَها فجاءَ إلى النَّبيِّ ﷺ فقالَ: ما فعلَ أسيرُكَ قالَ: فحلَفت أن لا تعودَ. فقالَ: كذبت وَهيَ معاودةٌ للْكذبِ فأخذَها. فقالَ: ما أنا بتارِككِ حتَّى أذهبَ بِكِ إلى النَّبيِّ ﷺ فقالت: إنِّي ذاكرةٌ لَكَ شيئًا؛ آيةَ الكرسيِّ اقرأها في بيتِكَ فلا يقربُكَ شيطانٌ ولا غيرُهُ فجاءَ إلى النَّبيِّ ﷺ فقالَ: ما فعلَ أسيرُكَ قالَ: فأخبرَهُ بما قالت قالَ صدَقَت وَهيَ كذوبٌ”. سنن الترمذي ٢٨٨٠ وصححه الألباني.
وفي رواية عند الحاكم في المستدرك من طريق معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: “فدخل من شق الباب”.
الغُول في اللغة العربية، لو فتحت أي قاموس من قواميس اللغة العربية، على فعل: (غَوَلَ)، فيقولون: الغول هو ساحر الجن، والجن -والعياذ بالله تعالى- لهم سَحَرة، فساحر الجن يسمى (غولاً) -إن كان ذكرا-، وإن كان الساحر أنثى تسمى (سعلاة).
الغيلان أشد أذى على الإطلاق للجني بالإنسي.
يقول جابر -رضي الله تعالى عنه-: إذا تغولت لكم الغيلان ماذا تفعل؟ الجواب: أذِّن.
وأرفع من هذا وأصح، وأدنى من حيث الزمن؛ هو قول التابعي (ذكوان) لولده سهيل: فناد بالصلاة (أذن).
فالأذان من الأسباب التي تقي من شر الجن.
السؤال الثامن والعشرون : أخت تسأل تقول إذا كنتُ أقيم الليل، فأذَّنَ الفجر وأنا لا زلت أصلي، فهل أتمم صلاة قيام الليل أم لا يجوز؟
الجواب: يعني يَذكرون دقائق يسيرة، هُم يَزعمون أنهم يؤذِّنِون تمكيناً للوقت، يعني يؤذِّنون قبل الوقت بقليل حتى يُمَكِّنون دخوله.
وقد نَبَّه على هذا جَمعٌ، ومن أهم مَن نَبَّه على هذا قديماً: (الحافظ ابن حجر) في كتابه فتح الباري في الجزء الرابع في كتاب الصيام قال: (يؤذِّنون قبل الفجر بدرجة تمكيناً للوقت -زعموا-).
وقال هذا جَمعٌ كبير من العلماء، وبَحثَ هذا بحث طويلاً “المَقبَلِي”، في كتابه (الأبحاث المسَدَّدة)، ذَكر أن مَن يصعد على جبل أبي (قُبَيس).
جبل أبي قبيس في زمنه، ولغاية قريبة ليست ببعيدة؛ كان هذا الجبل قريبا جدا من مطاف الكعبة المشرفة.
يقول: من صعد عليه، وبحث عن وقت الفجر؛ سيرى أنهم يؤذِّنون قبل الفجر.
وذَكَرَ ذلك “رشيد رضا” في تفسيره (المنار)، في قوله تعالى :
{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } [البقرة : 187]، قال في تفسير هذه الآية: والأذان في مصر يؤذِّن قبل وقته.
فهذه الأخت التي تقوم الليل؛ تتعجل، وإن كانت لم توتر؛ فتوتر بركعة، تتعجل حتى تفرغ من القيام ولا تُطَوِّل عندما تسمع الاذان وتصلي ركعة، ولا حرج في ذلك.
السؤال التاسع والعشرون: أخت تسأل تقول عندي ولد عمره اثنتا عشرة سنة، ونحن مقيمون في بريطانيا، تَناقَشَ هو وأولاد معه في مدرسة من غير المسلمين فقالوا: الأرض تكوَّنت من الطبيعة، أو بفعل انفجارات وكذلك السماء.
قال إبني لهم: الله خلقها وخلق كل شيء، ولا يوجد شيء يكون من لاشيء، فالله خالق كل شيء. فكان ردهم : إذن مَن خلق الله؟ ابني لم يَعرِف يَرُدّ، فكأنهم استهزأوا به، فجاءني يسألني كيف أرد عليهم؟ وأنا لَم أعرِف الرَّد، لكن قرأتُ عليه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [المائدة : 101] ونَصحتُه أن لا يدخل معهم في نقاش، خِفتُ عليه، فهل تصرفي صحيح؟ وكيف يكون الرد الصحيح؟
الجواب: أولاً الصغار يسألون أسئلة مُحرِجة.
وقد يسألون مثل هذا السؤال وزيادة، لأن الصغير خياله واسع، وتفكيره تفكير يميل إلى الخيال، ولذا الحِفظ في الصِّغَر كالنقش على الحجر؛ كما يقولون.
ولذا الكفار أشغلوا أولادنا -أصحاب الخيال الواسع- بقدرات عجيبة جداً، ملؤوا أذهانهم بالصور المتحركة؛ فأصبح الناس يفهمون أصحاب الصور المتحركة، فيصنعون أبطالاً لهذه الصور، كلها خيال في خيال.
والصغير لا يملأ خياله إلا قوة شرعية صحيحة؛ وهي الحفظ، وهو الطعام الصحي للصغير، فمثلا قوة استشراف الغيب، فإن كل نفس بشرية موجودة تحب استشراف الغيب، فالشرع وَضَعَ طعام صحي للقوة الموجودة في نفسِ الإنسان، فَجعلَ الطعام الصحي لاستشراف الغيب؛ هو أخبار الساعة، والجنة والنار، فهي تُرَبِّيك، وتُقوِّيك وتُعِينُك، وتُهَذِّبك، وتَجعلك تتقرب إلى الله عز وجل.
فإذا لَم يكن هذا الغذاء الصحي للغَيب؛ تكون هنالك خرافات.
هل الخرافة موجودة فقط عند العرب، أم موجودة عند كل البشر؟
الإجابة: الخرافة موجودة عند كل البشر؛ لأن الخرافة منبعها حب استشراف الغيب، الشيء الذي يُكَوِّن الخرافة، ويجعل الخرافة موجودة عند كل البشر؛ هو وجود قوة مودعة في النفس، تحب أن تَعرِف الغيب.
لذلك الذي ليس عنده دِين، كـالفَجرة والفَسقة اليوم -ونحن في بداية السنة الميلادية-، يقولون : دعنا نعرف ما هو الاستشراف، ماذا يقول هؤلاء المنجمون يقولون عن هذه السنة؟!
وبعض الناس يرخي أذنه لهؤلاء، حسب ملذاته.
وهذا الطعام غير صحي أبدا، ومَن استشرف الغيب وعَرَفَ الغيب؛ تعدى على الله عز وجل.
الصغير هذا عنده قوة حب الخيال، ولذا هم يعملون الصور المتحركة، فمن يتعلق بالصور المتحركة من الصغار؛ فهو كالكبير العاطل الباطل؛ لأن الصغير يحب أن يروح ويذهب ويتحرك، فإذا أشغلتَه بالصور المتحركة؛ فقد تَعطَّلَ بدنه، وتَعطَّلَ فَهمُه، وتعطل خياله وتعطلت القوى فيه، وأصبح مثل الكبير العاطل الذي لا يعمل والذي لا يستطيع أن يقوم فهو كسلان جالس.
أكبر مؤامرة على الصغار الصور المتحركة.
أعود الآن: الصغير يسأل أبويه، ويسألهم عن أشياء غير واقعة، ومن الأشياء التي يسأل عنها غير الواقعة؛ ما يخص الله عز وجل.
فجاء السؤال: مَن خَلَقَ الله عز وجل -جَل في علاه-؟
طبعا هذا السؤال خطأ، أتكلم أنا الآن عن جانبين، الجانب الأول: هو جانب الجواب على السؤال من حيث التفكير والعقل.
الجانب الآخر : هو الجانب التربوي، والجانَب التربوي، أخبر عنه صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: “يوشك الناس يتساءلون بينهم حتى يقول قائلهم: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله عز وجل؟ فإذا قالوا ذلك، فقولوا: (قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد،
ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد) ثم ليتفل أحدكم عن يساره ثلاثا، وليستعذ من الشيطان ” صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١١٨).
اجتماع المخلوق والخالِق معاً؛ هذا أصلاً يُخالِف المنطِق.
تقول : الله خالِق، ثم تقول :
مَن خَلَقَ الله؟!
الذي خُلِق لا يمكن أن يُصبِح خالقاً، فالسؤال فيه تناقض، هذا السؤل ليس بصحيح.
وهذا سؤال يقول عنه أهل العلم: لا يسأله ملحِد جاد، ولا يسأله مؤمن جاد.
المؤمن يعلم أن الخالق غير المخلوق، فلا يسأل هذا السؤال، والملحد الجاد يقول : ليس للكون إله،
فلا يُسأل مَن الذي خَلَق الإله.
فعبارة (مَن خلق الله ؟)؛ هذا سؤال غلط، فلا يقوله ملحد جاد، ولا يقوله مؤمن جاد، لأن الذي خَلَقَ لا يُخلَق.
الآن ما هو دور الأبوين عندما يُسألون هذا السؤال؟
الإجابة: ألا يجيبا عليه، وأن تُشغِله، حتى قوة الخيال الموجودة عنده تَتهذب، وحتى يصبح الإنسان واقعي، ما يبقى يَحلم ولا يَبقى يَسأل في الخيال.
السؤال الخامس والعشرون: أخت تقول: هل يجوز لي الجمع بين صلاة الظهر والعصر في وقت الظهيرة علما بأنه لا يمكنني الصلاة في وقت العمل؟
الجواب: أن يترخص الإنسان وأن يحول صلاته إلى أوقاتٍ الجمعُ فيها على وجه الدوام بسبب العمل فهذا ممنوع، أما إن طرأ شيء لا يأذن لك أن تصلي الصلاة في وقتها فلك أن تجمع بين الصلاتين، أما بسبب العمل كل يوم في جمع فالأصل في الجمع المنع.
السؤال الثالث والعشرون: هنالك امرأة في الخمسين من عمرها عندها ولد وحيد تريد أن تأخذ دواء اسمه هرمون الحليب لترضع ابن أخيها، وعمره سنة ليصبح أخا لابنها وفي حال ابن أخيها إن لم يكمل الحليب منها فسترضعه إياه برضاعة هل هذا جائز وهل يصبح الولد أخا لابن أخي؟
الجواب: إذا أخذت بما يسمى بهرمون الحليب والأطباء يقولون لا ضرر عليها في ذلك وأرضعته فهو ولدا لها، وإن مُنع هذا فإذا قال أهل العلم أو أهل التجربة من الأطباء: إن في ذلك ضررا فالأصل في الشرع لا ضرر ولا ضرار ، لا ضرر تلحقه في نفسك ولا ضرار تلحقه بغيرك.
كم رضعة ترضعه؟
الجواب: الرضاعة كما ثبت في صحيح مسلم َعَنْ عائشة قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِلُ فِي الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
صحيح مسلم 4/167.
فخمس رضعات يحرمن، والرضاعة تكون مشبعة، والرضاعة المشبعة أن يأخذ الطفل الثدي بإرادته وأن يتركه بإرادته، أما إن خُلِّص الثدي منه فهذه ليست رضاعة مشبعة.
الرجال الكبار اليوم يجلسون على المائدة أحدهم يأكل ويشبع ويقوم والأخر يمكث عشر دقائق وهو يأكل وبعده لم يشبع، فالناس تتفاوت في الشبع، سواء الصغار أوالكبار، فاذا أخذ الولد الثدي بإرادته وتركه بإرادته فهذه رضعة مشبعة.
السؤال الحادي والعشرون: إذا تعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم مع فعل له، هل ينسخ الفعل القول؟
الجواب: لا، علمنا من نصوص الشرع أن النبي صلى الله عليه وسلم له خصوصيات معروفة. وأول من جمع خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم “الإمام الشافعي” في كتابه الأم في كتاب النكاح؛ فلما تقرأ كتاب النكاح يذكر الإمام الشافعي فيه خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم، ودرج الشافعية على هذا، “فالنووي” وقبله “الرافعي” وهما شيخا المذهب في شرح الكبير للرافعي على الوجيز وكذلك النووي في روضة الطالبين ذكروا الخصائص، وأخذ المالكية من الشافعية هذا في العصور المتقدمة.
“ابن الشاس” في عقد الجواهر الثمينة أول من نقل خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب النكاح أيضا، ثم تبعه “خليل” في المختصر المعروف عند المالكية.
النبي صلى الله عليه وسلم له خصوصيات.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لما خصه الله تعالى بأشياء قال العلماء إذا النبي صلى الله عليه وسلم وجه لنا قولا والنبي صلى الله عليه وسلم فعل خلافه فلكون النبي صلى الله عليه وسلم له خصوصيات نقول هذا من خصوصياته ولا نقول بأن الفعل ينسخ القول، لوجود احتمال أن تكون هذه الخصوصيات للنبي صلى الله عليع وسلم.
النبي صلى الله عليه وسلم عند قضاء الحاجة قال كما في حديث أبي أيوب الأنصاري :(( إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره شرقوا أو غربوا)). البخاري كتاب الوضوء 144.
أي لا يجوز في قضاء الحاجة أن تستقبل القبلة أو تستدبرها، والواجب أن تشرق أو أن تغرب.
ابن عمر يقول : “رقيتُ يوماً على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مُستقبل الشام مُستدبر الكعبة”.
البخاري “148” ومسلم “266” “62” واللفظ له.
الفعل خالف قول النبي صلى الله عليه وسلم، واستدبر النبي صلى الله عليه وسلم القبلة ففعله خالف قوله، فقوله لنا نبقي على ما نحن عليه، لا يجوز لنا لا أن نستقبل ولا نستدبر.
والنبي صلى الله عليه وسلم له خصوصيات كثيرة.
السؤال السادس والعشرون:
هل قول بحق السماء أو بحق الجحيم يعتبر قسماً بغير الله؟
الجواب : يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح :عن بريدة بن الحصيب الأسلمي:
“ليس منَّا من حلف بالأمانةِ، ومن خبَّب على امرئٍ زوجتَه أو مملوكَه فليس منَّا”
الألباني، السلسلة الصحيحة ٣٢٥ • إسناده صحيح فأن تقول أمانة الله عليك ، هذا ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ليس من نهج النبي صلى الله عليه وسلم.
بحق الجحيم، وبحق الجنة، وبحق السماء وما شابه هذا قسم بغير الله، الله جلَّ في علاه له أن يقسم بما شاء، (والضحى ،والفجر… )، فالله عز وجل أقسم بأشياء، أقسم بعمر النبي- صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الحجر 72] .
فالخالق له أن يقسم بما شآء، أما المخلوق؛ فليس له أن يقسم إلا بالله.
فهذا القسم بحق السماء أو ما شابه؛ فهذا ممنوع.