السؤال الثاني والعشرون :
أخ يقول نريد توجيهًا لتربية الأبناء ؟
الجواب:
الكلام عن تربية الأبناء كثير لكن أنصحك بنصيحتين:
– القدوة: لو أنك صنعت مهما صنعت، وفعلك يخالف قولك؛ فالأولاد لا ينتفعون؛ فمن أراد من أولاده أن يتركوا الدخان فيجب عليه هو أن يترك الدخان، لكن واحد يقول لأولاده اترُكوا الدخان، وهو يدخن أمامهم هذا كذاب ماله هيبة.
بل هو يدعوهم وفعله أبلغ من قوله.
الدعوة إلى الله في البيئة المكشوفة التي يعيش فيها المربي والمتربي معا لا يمكن أن تنجح إلا بالقدوة.
اقرأ سورة يوسف.
لما عاش يوسف عليه السلام مع الأسيرين الفتيان ودخل السجن معهما قالوا له “إنا نراك من المحسنين.”
هذا يوسف عليه السلام، ولولا أنه أحسن إليهما ما استفادوا منه.
وما أسهل أن تكون محسنا وأن تكون صاحب قدوة هذا أمر مهم جدًا جدًا جدًا.
لا يمكن تربي وأنت لست قدوة هذه النقطة الأولى وهي مهمة جداً.
والنقطة الثانية:
– عنصر التربية الصحيح وهو المتابعة.
والمتابعة تكون مدروسة ومرسومة.
للأسف كثير من الآباء إن أراد أن يربي ابنه أو ابنته أو زوجه يعمل (بالبهدلة) فقط، ويقول لك أنا ربيت، أنت (بهدلت) ما ربيت.
أحسن شيء وأصعب شيء في التربية أن تبقى متابعا للغرض الذي تريده حتى تصل إليه.
المتابعة أمر ليس بسهل؛ أنا أريد من ابني كذا أبقى أتابعه حتى أحَصّل ما أريد.
أنا أريد من ولدي حفظ القرآن، حسنا ابنك الذي حفظ القرآن ماذا تريد منه؟
يجب أن تتابع، تبدأ معه متابعة صحيحة بخطوات صحيحة.
أريد من ابني أن يصاحب الصالحين، وأريد ولدي أن يكون من أهل المسجد، وأريد ابنتي أن تكون حَيِيِّة، وأريد من ابنتي أن تكون تقية، وأن تكون من الصالحات.
تحتاج متابعة وتدخل في المتابعة دخولا صحيحا.
وهذا يحتاج منك جهدًا كبيرًا، فالتربية تحتاج منك قدوة، ومع القدوة تبقى متابع الأمر حتى تحصل المراد.
فإن كنت قدوة، وليس عندك متابعة لا تستطيع أن تحصل المراد وإذا عندك متابعة وإدارة ومهارة، وأنت لست بقدوة لا تستطيع أن تحصل المراد، إلا أن يمتن الله عليك.
بعض الأبناء مثل (النبات البري) الذي ينبت خارج البيت وليس على عيون أبويه، والله عز وجل رَحمهُ ولطف به وهيأ له حب المسجد، وهيأ له أناس صالحين، وطعام الفطرة وحب للخير المغروز في نفوس البشر؛ وليس من صنيع والديه، وكثير من الناس هكذا.
وإذا أردت أن تعرف الأب إذا كان مربيا، أو ليس مربيا؛ انظر إلى الأولاد فإن رأيت بينهم قاسما مشتركا ظاهرا بارزا تقول هذا أثر الوالد وإذا ما رأيت بينهم قاسما مشتركا واحد أفجر الفجرة وواحد مقبل على الآخرة، وآخر مقبل على الدنيا، وأشكال وألوان وأصناف!!
تقول هذا ليس مربيا.
والصالح [من أبناءه] هذا (نبات بري) ليس نبات الأب وكثير من الصالحين هذه الأيام (نبات بري) وليسوا من صنيع الوالد وإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وهذه نصيحتي من أجل التربية.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
والله تعالى أعلم .
السؤال التاسع عشر: أنا أُصلي بالناس إمامًا وحين أجمع بين الصلاتين أُصلي بهم العشاء بنية النافلة لي لأني سأبقى للعشاء و أريد أن أصلي العشاء لوقتها فهل فعلي صحيح؟
الجواب: نعم فعلك صحيح؛ وهذا الذي فعلته فعله معاذ بن جبل – رضي الله عنه-، فمعاذ كان يصلي العشاء مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ويتحول إلى مسجد في أطراف المدينة فيصلى بهم إمامًا.
ولا فريضةَ مرتين؛ فمعاذ ما كان يصلي الفريضة مرتين كان يصلي الفريضة مأمومًا خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- ولمّا يأتي إلى هؤلاء القوم يصلي بهم نافلة جماعة وهو إمام وهم مأمومون.
وهذا دليل من أدلة كثيرة ذكرها الإمام الشافعي -رحمه الله- على جواز إئتمام المفترض خلف المتنفل والعكس!.
الإمام يريد أن يُصلي الفريضة و الذي خلفه متنفل أو العكس.
السؤال الثامن عشر: زوج بنتي منذ معرفتي به بالنسب، علمت عنه خيرًا من صلاة وصوم وعمل خير ومساعدة الناس وصلاة الجماعة وحرص شديد على الحلال والحرام، وكان يحث زوجته على الصلاة دائما، وبعد ست سنوات سمعت عنه يفعل عمل قوم لوط ولديه طفلان من بنتي، ماذا تنصحوني أن أفعل؟ وهل أخبر زوجته بهذا العمل؟ وقد ذهب إلى مكة لأداء العمرة ويلبس على السنة وأغلب الناس يشهدون له بالخير؟
الجواب: دعوا الناس على ستر الله، ومن ستر على مسلم ستر الله تعالى عليه.
والواجب عليك أن تتعاهده وأن تنصحه، والتشهير بالمسلم أشد من فعل المعصية.
وليس كل كلام يقال صحيح ،فحسن ظنك بأخيك.
قال أهل العلم: من حسن ظنه ووسعه في الناس فإن الله عز وجل يرزقه حسن الختام.
حتى أن بعضهم قال- وهذا كلام الغزالي في الإحياء-: لو رأيت مسلما على معصية فإن فارقته فحسن ظنك به وقل لعله تاب.
فاتركوا الناس على الستر، ولا تفتشوا على عيوب الناس، ومن تتبع عورات المسلمين فإن الله يقيض من يتتبع عورته.
إلا – والعياذ بالله تعالى- أن يكون الأمر قد فُضح وشُهر وكثر؛ فحينئذ لك أن تسأل عن هذا.
وهذا له حُكمه، أما وهو على ستر وعلى ديانة، وتقول ذهب للعمرة وما شابه فأرجو الله – جل في علاه- أن يستر عليه.
والواجب عليك إن بلغك شيء من هذا: أن تحمل الأمر على الستر ثم إن انتشر فالواجب عليك أن تعظه، ثم أن تذكره، ثم بعد ذلك ليس عليك إلا أن تفصل العلاقة التي بينك وبينه.
ورحم الله الفضيل بن عياض كان يقول من زوج موليته من عاص أو من مبتدع فقد قطع رحمه.
إذا كان زوج بنتك أو زوج أختك واحد عاص أو مبتدع لا تستطيع أن تذهب إليه، لا تستطيع أن تجالسه.
ماذا يترتب على هذا؟!
يترتب على هذا قطع الرحم.
-وإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله- .
السؤال السادس عشر: ما هي شروط العقيقة؟ هل يلزم أن تكون كبيرة؟
الجواب: لا، العقيقة غير الأضحية، وسِنُّ العقيقة أمره واسع، ولكن ثبت في الحديث عن أم كرز الكعبية قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة” قال أبو داود سمعت أحمد قال: مكافئتان أي: مستويتان أو مقاربتان.
سنن أبي داود(٢٨٣٤) وصححه الألباني.
فمن السنة في العقيقة عن الذكر أن تكون شاتين متكافئتين، يعني تأخذ عن الولد شاتين متقاربتين في السن، ومتقاربتين في كل شيء.
وأما من حيث العمر وأن تكون بياضا، أو أنه عاش أغلب أشهر السنة، والسواد أتم من العمر سنة ودخل في الثانية؛ هذا شيء في الأضحية، أما العقيقة ليست كذلك.
السؤال الثالث: إذا أراد أحد أن يقطع صلاته إما لأنه غير طاهر أو أي سبب آخر فهل يسلم أو لا؟
الجواب: نحتاج أن نعرف السبب، نحتاج أن نعلم الآتي: هل الصلاة صحيحة، أم أن الشرع أبطلها؟
الصلاة إن صحت فليس لك أن تخرج منها إلا بسلام للحديث عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم”. سنن أبي داود (٦١) وصححه الألباني.
إذا أردت أن تتحلل من صلاتك، ولك أن تذهب وتجيء وتأكل وتشرب وتتكلم، فلا بد أن تتحلل من صلاتك بالتسليم.
ماذا يعني؟
لما صلى معاذ بن جبل بقوم وكله النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤم بهم فطول – قرأ البقرة – فرجل كان فلاحاً خرج من الصلاة.
الآن: رواية :(فسلم) هذا الرجل وصلى وحده، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفتَّان أنت يا معاذ) لامهُ النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن قصة هذا الرجل: هل خرج من الصلاة بالتسليم؟
وردت رواية في مسلم فسلم.
العجيب أن البيهقي -رحمه الله- في السنن الكبرى وتابعه شيخنا الألباني يعل رواية التسليم، يقول رواية فسلم لم تثبت، وإنما فارق الإمام.
هذا الشاب لما بدأ الإمام (معاذ) يقرأ بالبقرة، ورآه طوَّل فما سلم، وإنما فارق الإمام وكمَّل الصَّلاة على التي بدأ بها.
يعني حوَّل نفسه من صلاة مأموم إلى صلاة منفرد وكمَّل الصَّلاة وخرج.
ولكن رواية (فسلم) هذه الرواية؛ لأن الصلاة قد صحت، والصلاة إن صحت فلا يجوز لك أن تخرج منها إلا بسلام.
لكن إنسان قال: الله أكبر وتذكر أنه غير متوضئ، أو تذكر أنه مسح مسحاً باطلاً، أو تذكر أنه لم يمسح على الخفين، تذكر أن صلاته غير صحيحة، فهنا لا داعي للسلام لأن صلاته باطلة.
أما إن كانت صلاته صحيحة فيسلم.
مداخلة: إذا أقيمت الصلاة شيخنا؟
إذا أقيمت الصلاة؛ هذه المسألة اختلف أهل العلم فيها اختلافاً شديداً منذ زمن التابعين ومن بعدهم، وخصوصا أهل الكوفة مع غيرهم (أصحاب الرأي)، إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة.
(لا صلاة)؛ هذا نفي أم نهي؟
الجواب: إن كان نهيا فتسلم، وإن كان نفيا فالصلاة أبطلها الشرع، فليس لك أن تسلم،
فالمسألة على هذا الأمر.
لذا ورد عن بعض تابعي أهل الكوفة، إذا دخلتَ وأقاموا الصلاة، وأنت تصلي في المسجد فتعجل؛
والراجح عند العلماء: إذا أقيمت الصلاة وأنت في آخر صلاتك؛ أكمل صلاتك، وهذا يؤكد أن النفي في الابتداء وليس على النفي في كل حال.
السؤال الخامس عشر: ما حكم المال الذي يأخذه الرقاة؟
الجواب: أرجو أن تنتبهوا.
قلنا: صلاح أرواح الناس في الدنيا بالقرآن، وصلاح أبدانهم بالحجامة.
في الحديث عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما مررتُ ليلةَ أُسري بي بملإٍ إلا قالوا يا محمدُ مُر أمتَّك بالحجامةِ).صحيح ابن ماجه (٢٨١٩).
وصية الملائكة لنا علينا بالحجامة؛ لأن الطب الوقائي أحسن من الطب العلاجي( لما يأتي المرض وتبدأ تعالج المرض) الطب الوقائي أفضل، وأهم عنصر من الطب الوقائي إنما هو الحجامة.
الحجام إن تعلّم الحجامة يجب عليه أن يبذل الحجامة بدون مال.
ومن تعلم القرآن وجب عليه أن يبذل تعليم القرآن بدون مال، لكن إن أعطي دون استشراف، ودون طلب لا حرج.
ويأخذ معلم القرآن، كما يأخذ الإمام والمؤذن مقابل حبس الوقت.
رأى عبدالله بن عمر – كما عند الدراقطني- مؤذناً، فقال المؤذن لابن عمر: إني أحبك في الله – (من لا يحب ابن عمر)- فقال له ابن عمر: إني أبغضك بالله!
قال لِمَ ؟ قال: لأنك تؤذن وتأخذ أجرةً ! ، وتلحن في أذانك.
الأذان مشروع، والكل يؤذن ويتسابق عليها المتسابقون.
الإمامة والأذان وتدريس الشريعة، هؤلاء يأخذون مقابل حبس الوقت، وإن علم الله من قلوبهم لولا المال ما أموا ولا أذنوا ولا درسوا فالويل لهم.
يعني لولا المال لا يؤذن، لولا المال لا يؤم، ولولا المال ما يدرس الشريعة وأحكام العلم!، هؤلاء أسوأ خلق الله.
وإذا بدأ الناس يشعرون أن الذي[يعظهم ويدرسهم] يتاجر في الدين؛ فإنهم لا يحبونه ولا يمتثلون أمره ولا ينتفعون بوعظه.
الجواب: الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام ألف كتاباً اسمه(غريب الحديث)، كتاب مطبوع، تشتريه بأقل من عشرين ديناراً، ومكث الإمام أبو عبيد في تأليف الكتاب أربعين سنة، حتى لما سمع به (الإمام أحمد) و (يحيى بن معين) جاؤوا إليه ليقرؤوا عليه الغريب، وكان أبو عبيد لا يعرف ابن معين “أبو زكريا يحيى بن معين” وهو من أئمة الحديث الكبار.
أبو عبيد يُسند، فبدأ بالإسناد. قال له يحيى بن معين: دعك من الإسناد؛ فالاسناد شغلنا وليس شغلك، يعني نريدك أن تذكر الحديث وتذكر الغريب، فأبى أبو عبيد إلا أن يحدثهم بالإسناد، لعلهم يقولون حدثنا أبو عبيد، فهذه رفعة عظيمة لأبي عبيد أن يقول ابن معين أو أحمد حدثنا أبو عبيد، فحدثهم بالإسناد وشرح لهم الغريب.
فلما عرَّف الدُف أبو عبيد القاسم ابن سلام قال: الآلة التي تستخدمها النساء فقط.
ولذا الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في فتاوى شيخ الإسلام في أواخر المجلد الثامن والعشرين، (من مجموع فتاوى ابن تيمية) قال الإمام مالك: لم يكن رجال السلف الصالح يعرفون في أعراسهم ضرب الكف بالكف، ولا ضرب الكف بالدُف، ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال.
فقد كانوا يجتمعون على الطعام في الوليمة.
أنا أقول شيئا زائدا خروجا عن السؤال، وقد أجبت عن السؤال.
في أعراس المستقيمين أقرب طريقة للشرع هي (الناس تسولف وتأكل المنسف وتغادر)، هذا أقرب شيء للشرع وليس الموعظة، ولا الكلام، يعني الموعظة والكلام وإدخال وإقحام المواعظ والكلام في كل شيء وفي كل حاجة غير مطلوب.
وأنا ما أحب في أعراس الناس أن يتكلفوا كما يتكلفون اليوم، اليوم يقولون لك حفل إسلامي!
ما هو الحفل الإسلامي؟
فإذا ما في طعام فليس بحفل إسلامي.
الوليمة: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أَوْلِمْ ولو بشاةٍ). صحيح البخاري 6082.
الوليمة هي المطلوبة، وادع من شئت على حسب السعة والضيق.
والعرف دعوة الناس على طعام الوليمة، وليس على كلام، الكلام
والموعظة ليست شرعية، ولولا كثرة فساد الناس لقلنا هذا غير مشروع، لكن الناس بعضهم الآن فاسدون، وفي أعراسهم يعملون العجائب، فبعض الناس لضعفه يريد أن يسد الفراغ فيُحضر شيخاً حتى لا تقع المعصية، وإلا الأحسن أن يترك الناس على ماهم عليه، يتركون الناس في كلامهم، ويجتمعون على الوليمة وهذا قَلَّ من انتبه إليه.
كل أعراس الناس اليوم أعراس رسمية، وكلمات كما يقولون كلمات وعظ وما شابه.