السؤال الرابع:
قمت بنتف الشعر الموجود بشاربي وبعض الشعيرات في ذقني جهلاً مني، ولكن بعد أن سمعت حديث لعن الله النامصة… تركته، ولكن المشكلة أن هذا الشعر أصبح جِدُّ ظاهرٍ وملفت، ولا أعرف ماذا أفعل، فبماذا تنصحني؟
الجواب:
لا أعرف النساء لما ينمصن، ينمصن لمن؟
هل ينمصن للأزواج، أم ينمصن لمثيلاتهن من النساء؟
الزوج لا يعتنى بمثل هذا الأمر تلك العناية.
بمعنى أن المرأة مستورة، والإنسان يأخذ حاجته منها بالحلال والأمر سهل، لكن المرأة موسوسة، وتظن أن زوجها يلتفت إليها وينفر عنها، وينقب عنها بطريقة ما أنزل الله عز وجل بها من سلطان.
النامصة والمتنمصة معناها بالعربية مطلق الأخذ، ولا يجوز لأحدٍ أن يأخذ شيئا من بدنه إلا بإذن من ربه، يعني واحد شعور هل يجوز ان يحلق شعر فخذه أو شعر صدره مثلًا؟
هل يجوز له أن يفعل شيئًا من هذا ؟
الأصل لا، الأصل أن تترك شعرك كما كان.
من رحمة الله بنا أنه أمرنا أن نأخذ شعر الرأس وشعر الشارب وشعر العانة وشعر الإبط، ووقَّت لنا النبي صلى الله عليه وسلم في شعر العانة والابط أربعين يومًا.
ففي صحيح مسلم ” قال أنس وُقِّت لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة”
فلولا أن الشرع أذن لنا بالأخذ ما أخذنا، لذا لا يجوز لك أن تأخذ ما شئت من شعرك.
هل الأصل في الأخذ من الشعر الجواز ام المنع؟
الأصل فيه المنع.
فاللحية لو لم يرد فيها نص لكانت واجبة، كيف وقد جاءت النصوص في اللحية.
وأقوى نص في اللحية ما رواه
ابن سعد في ” الطبقات الكبرى ” (1/ 347) :
عن عبيد الله بن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : ” جَاءَ مَجُوسِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْفَى شَارِبَهُ وَأَحْفَى لِحْيَتَهُ فَقَالَ : ( مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ ) ، قَالَ: رَبِّي ، قَالَ : ( لَكِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُحْفِيَ شَارِبِي وَأُعْفِيَ لِحْيَتِي ) .
وهذا إسناد مرسل صحيح .
وقد حسنه الشيخ الألباني رحمه الله في ” تخريج فقه السيرة ” (ص359) .
أو أقص شاربي أو أجز شاربي.
فالأصل في اللحية أنه لا يجوز أخذها إلا بإذن من الله عز وجل.
فالأصل في المرأة ألا تأخذ شيئًا.
إلا إن فحش وكبر وأصبح يمنع التمتع بها، فحينئذ هي تسترخص، وتسأل مفتيًا تشرح له حالها، ثم تكون هنالك فتوى خاصة بها.
أما الأصل في النساء أن تترك حالها، وأن لا تأخذ شيئًا من شاربها أو من وجهها.
السؤال السادس عشر: كيف يكون لعن الكاسيات العاريات؟ وهل يكون في مسمعها وإن حصل فتنة؟
الجواب: الحديث الذي في آخره، لمّا ذكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صنفين من أهل النّار، قوله
” العنوهنّ فإنّهنّ ملعونات”، هذه زيادة ثابتة صحّت عند ابن حبّان، وأصل الحديث في صحيح مسلم دون قوله:”العنوهنّ فإنّهنّ ملعونات”.
ولا يجوز أن نلعنها باسمها، واللعن على التعيين في حقّ المسلم لا يجوز إلّا على وجه الدعاء عليه لا على وجه أن تقرر أنّه مطرود خارج من رحمة الله.
انتبه، الدّعاء على المسلم بعينه إن قام سبب شرعيّ للدعاء مأذون فيه؛ لذا إن سألت: هل يجوز لعن المسلم على التعيين؟ يعني أن تعيّن رجلًا باسمه فتلعنه، هل يجوز؟
الجواب: في ذلك التفصيل، ففي صحيح مسلم قال عليه السلام :”اللهمّ أيّما مسلمٍ لعنته أو شتمته فاجعلها رحمة له إلى يوم القيامة” ،هذا دليل على الجواز، جاء رجل إلى النبيّ
-صلى الله عليه وسلم- يشكو جاره فقال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أخرج متاعك من بيتك
-الرّجل علم أنّه هذا هو العلاج_
، وكيف هو العلاج لا يدري، لو واحد جاء اليوم يشكو جاره، قلت له: أخرج متاعك من بيتك، لقال فما علاقة إيذاء جاري بمتاعي؟!- فأخرج الرّجل متاعه من بيته وكان النّاس يمرّون به، ويسألونه لماذا متاعك خارج البيت؟ قال: شكوت جاري للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- سوءه، فقال لي: أخرج متاعك ،فكانوا يلعنونه … الحديث، هذا هو الشاهد، فهذا الذي يلعنونه لعنًا على التّعيين، ويجوز اللعن على التّعيين على وجه الدّعاء عليه لا على وجه تقرير أنّه في النّار.
فعقيدتنا لا نشهد بجنّة إلّا لمن شهد الله له أو من شهد له رسوله -صلّى الله عليه وسلم-، ولا نشهد بنار إلّا لمن شهد الله -تعالى- له أو من شهد له رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
لو واحد قال لك: الإمام أبو حنيفة ومالك والشافعيّ وأحمد في الجنّة، فالجواب: نرجو أنّهم في الجنّة -إن شاء الله-؛ صلاحهم ونَفْعُ الله تعالى بهم أمر متواتر ومستفيض، ونرجو لمثل هؤلاء النّاس أن يكونوا في الجنّة.
ألّف الحافظ عبد الغنيّ بن عبد الواحد بن سرور الجماعيليّ الحنبليّ، صاحب عمدة الأحكام، المتوفّى سنة ستّمئة للهجرة، رسالة صغيرة في أوراق ما زالت محفوظة في المكتبة الظاهريّة، ولا أدري لماذا لم تطبع للآن؟ بحرمة القطع للأئمّة الأربعة في الجنّة، فما لَكَ أن تقطع بالجنّة إلّا لمن قطع الله له؛ لذا لا يجوز لك أن تلعن مسلمًا ،بمعنى: أن تقرر أنّه في النّار، فهذه المرأة المتبرّجة تلعنها لتدرأ فسادها عنك، ولا تلعنها على التّعيين، تقول: لعن الله المتبرّجات، لعن الله الكاسيات العاريات، وهكذا، أمّا أن تجزم وتعتقد أنّ هذه المرأة بعينها في النّار فهذا أمر حرام؛ فاللعن يكون بالعموم، ألا لعنة الله على الظّالمين، ألا لعنة الله على المفسدين، وهكذا، والله تعالى أعلم.
السؤال العاشر: هل النهي ينصرف من التحريم إلى الكراهة إذا كان للأدب والإرشاد؟ ومثله قالوا إذا كان الأمر للأدب والإرشاد، فهو للاستحباب لا الوجوب، هل هذا الكلام له دليله، وما صحته؟
الجواب: هذا كلام الشيخ (ابن عثيمين) رحمه الله، وهو في غالب الأمور.
وأرجو أن ننتبه لمسألة.
الأدب والإرشاد والحكم الفقهي، ليسا بقسيمين متعارضين، فالأحكام الفقهية فيها أدب وإرشاد أيضاً.
ولذا لا يلزم من كل حكم فيه إرشاد وأدب أن لا يكون واجبًا، ولا يلزم من كل نهي يكون في مجال الأدب والإرشاد أن يكون مكروها فقط، ولكن هذا هو الغالب.
يعني الإنسان من السنة إذا انتعل، أن ينتعل جالسًا، هل هذا الإنتعال واقفا حرام أم أنّه نهى إرشاد؟
هو نهي إرشاد.
يعني حتى لا تسقط على الأرض، حتى تتمكن من لبس الحذاء.
هل لبس الحذاء الذي يحتاج الجلوس، كلبس (الشبشب) أجلّكم الله الآن؟
هل الشبشب هذا لبسه يُكره قائما؟
أم إذا لبسته ومشيت، لا حرج فيه؟
لا حرج فيه .
لِأنّ هذا النهي معقول المعنى، والنّهي نهي إرشاد، وليس بنهي حكم فقهي.
حديث: كلوا الزَّيْتَ، وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ.{رواه الترمذي، وابن ماجه، والحديث صححه الألباني رحمه الله بمجموع طرقه}.
هل قوله صلى الله عليه وسلم في (كلوا الزيت) حكم واجب والمراد بالزيت، زيت الزيتون، والذي لا يأكل زيت الزيتون آثم؟
لا هذا الأمر أمر إرشاد، وليس هذا أمر وجوب.
السؤال السابع عشر: أخت تسأل وتقول: أنا أبحث في مسألة النقاب دائماً، وأجد أن كثيراً من الشيوخ يقولون أن المسألة خلافية بين الأئمة الأربعة ولا يأتون بأي دليل على قولهم؟
مداخلة من الشيخ: هذا ما يحتاج لدليل إخواني، السؤال خطأ.
طالب العلم يسأل ويضبط سؤاله.
أعيد وأنبه على قاعدة مهمة، هي أصل للعلوم كلها، طالب العلم ما ينبغي أن تغيب عنه.
قاعدة عند العلماء، وهي أصل لكل العلوم، (إذا كنت ناقلاً فالصحة، وإذا كنت مدعياً فالدليل).
النقل يحتاج للصحة، والادعاء يحتاج للدليل .
تقول الأخت: المشايخ يقولون المسألة خلافية، ولا يأتون بدليل.
ما يحتاج لدليل، عندما نقول مسألة خلافية ما نحتاج لدليل، لما أقول الراجح كذا، أحتاج لدليل، أما لما أقول المسألة خلافية أحتاج إلى نقل صحيح.
شيخ الإسلام -رحمه الله- في “الرد على البكري” يقول: (والعلم نقل موثق، وعلم محقق وما عاداه فهذيان مزوق).
ما عدا النقل المحقق والبحث المحرر المحقق هذيان مزوق.
تكملة السؤال: هل فعلا الأئمة الأربعة اختلفوا، وإن كان نعم، ما هو دليل ذلك؟
الجواب: يا أختي أجمع أهل العلم والفضل أن المراة التي تستر وجهها أحب إلى الله تعالى من المرأة التي تكشف وجهها.
وأقل أقوال العلماء في ستر الوجه أنه سنة، ومنهم من أوجبه، ومنهم من علق ذلك على الفتنة.
فقالوا المرأة إذا ترتب على كشف وجهها فتنة؛ وما أكثر الفتن هذه الأيام، والموضوع كله يدور على حديث الحج .
المرأة سعفاء الخدين .
كان (الفضل) راكبا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ومرت بهم شابة سعفاء الوجنتين، يعني وجنتين فيهم حمرة تميل إلى شيء من سمرة، مميزة بخدين مختلفات عن غيرهما، فكان الفضل ينظر إليها وكان النبي يشيح وجهه عنها، فهذه المرأة هل كانت مُحرِمة أم غير مُحرِمة؟
المرأة خداها واضحان، والراوي يقول كانت سعفاء الخدين.
فبعض أهل العلم يقول هذه امرأة كانت مُحرِمة، والمُحرِمة إحرامها في وجهها، ومنهم من يقول أن ذلك كان وهي مُحِلَّة.
ولشيخنا (الألباني) -رحمه الله- في كتابه “حجاب المرأة المسلمة” في طبعته الجديدة إفاضة طويلة في تتبع طرق هذا الحديث، وأن ذلك كان بعد رمي الجمرة، والنبي عليه السلام يقول إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء -إلا الوطء-، فالمرأة كانت مُحلة ولم تكن محرمة، فكان هذا من أشهر وأقوى الأدلة على أن المرأة لم تكن مُحرمة، وكان النبي عليه السلام رآها.
فيقولون لو كان غطاء المرأة لوجهها واجباً لما أقرَّها النبي صلى الله عليه وسلم، ولنهاها، لكنه اكتفى بأن يشيح وجه الفضل عنها.
فالمسألة فيها خلاف، والأدلة النقلية فيها كثيرة.
ومن قرأ الكتب التي ألفت في مسألة الحجاب فقط بين شيخنا (الألباني) ومن رد عليه يجد عجائباً، يجد عشرات الكتب.
من رد على الشيخ كثير ومن أشهرهم الشيخ (حمود التويجري) -رحمه الله-، فآخر رحلة لشيخنا للحج ذهب للرياض، واجتمعوا في بيت الشيخ حمود، دعا شيخَنا الألباني، واجتمعوا في بيت الشيخ حمود، وللشيخ حمود كتاب في الرد على الشيخ مفرد، ألف كتاب في الرد عليه، وجعل من يقول بجواز كشف الوجه ممن يدعون إلى التبرج والسفور، من يقولون بفتوى حل كشف الوجه أو بسنية كشف الوجه أو بعدم وجوب تغطية الوجه هذه دعوى للسفور، فبدأ شيخنا على مسامعه وهو بجانبه وهو في بيته بالكلام المحرر التفصيلي التأصيلي على المسألة، و طوَّل في كلامه عليها، وما تكلم أحد بشيء.
فالمسألة خلافية لا يستطيع أحد أن ينكرها.
أما أنت أختي إذا رأيت المسألة غير خلافية فالحمد لله، أبقي على غطاء وجهك، ولكن لا تنقلي إلا بالعلم المحرر والنقل الصحيح.
كل من كتب بالمسألة ذكر هذا.
وكتب الفقه تعج بذكر الأقوال في المسألة، وكذلك كتب التفسير، ولا سيما في سورة الأحزاب عند قوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ).
الخمار غطاء الرأس، والجيب فتحة الصدر للفستان.
قالوا: الله يقول: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ.
فتضرب المرأة بخمارها بغطاء رأسها على جيبها فتحة صدرها، قالوا هذا الضرب لابد أن يتضمن ستر وجهها.
وأختم هذا المجلس، وأرجو الله أن يجعله مباركاً، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين بالتنبيه والتنويه على مسائل مأخوذة من الآية.
ذكر (الإمام ابن جرير) في تفسير هذه الاية عن جمع منهم سعيد بن المسيب وغيره قال: (وليضربن بخمورهن على جيوبهن) قال: فلا تظهر أعظُم أكتافهن، تضرب بغطاء رأسها فلا يظهر عَظم الكتف.
اسمعوا إخواني، احفظوا هذا وانشروه لتكونوا إن شاء الله من المباركين: المرأة عندما تلبس جلباب وتلبس إشار ويظهر أذنيها من الإشار، وكعكة الشعر، ولا تضرب بخمارها بغطاء رأسها على جيبها حتى لا تظهر أعظم اكتافها فهذا تبرج، المرأة التي تلبس جلباباً، وتلبس الإشار هذه تمشي على الموديل الفرنسي، هذه ما لبست اللباس الشرعي.
اللباس الشرعي أن تضرب بغطاء رأسها، بالشيء المسمى في بلادنا، وكل قوم لهم اسم، والعبرة بالحقيقة لا بالاسم، المسمى في بلادنا (بالبرنس) ولعله يسمى عند بعض الناس (باليانس).
ما معنى البرنس أو اليانس؟
تغطي شعر رأسها، وتغطي كتفيها، وتغطي فتحة الصدر من فستانها وكل ما كان البرنس أو اليانس طويل حتى لو أنه غطى أردافها من أسفل بسبب طوله، فهذا يكون أقرب عند الله، يعني التي تلبس إشار، ما امتثلت لأمر الله القائل: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ.
يقتضي هذا أنه لما تغطي الجلباب تغطي الجيوب.
وسعيد بن المسيب ماذا قال؟
الله ذكر الصدر ، فلازم تغطية الصدر، حتى يفهِّمنا سعيد بن المسيب المراد، قال فلا تظهر أعظم الكتفين ، ماذا يلزم من تغطية فتحة الصدر؟
أن أعظم الكتفين تكون مستورة، فهذا قول إحتج به شيخنا أي قول سعيد بن المسيب على من قال بوجوب غطاء الوجه مستدلا بقوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ، يقول ابن المسيب أن لا تظهر الكتفين، يعني المراة تلبس برنس، وجهها يظهر لكن يستر أعظم الكتفين، والمسألة كما قلت فيها خلاف بين المعتبرين من أهل العلم من كبار العلماء.
ولذا فإن غطاء الوجه أقرب إلى الله من كشفه، وهذا متفق عليه، لان الذي لا يرى الوجوب يقول بالسنية، والذي لا يقول بالوجوب لا يقول أنه بدعة وأنه محدث أو أن نساء المسلمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن التابعين ما عرفوه، لا، يقول هو سنة، لكن هل هو واجب ام لا؟ احتجنا لقرائن، فشيخنا الألباني اعترض لقرائن؛ فاعترض عليه ببعض الآيات، فأصبح هناك ردود ، وأصبح هناك إيراد لأقوال أهل العلم، وتأويل لبعض الآيات، ولبعض النصوص، وهذا التأويل جارٍ في الُسنة المعروفة المعهودة عند طلبه العلم في فهم النصوص.
*السؤال الثالث:*
*يقول الأخ: أنا ملتزم جديد، وكان عندي معاصٍ كثيرة، والحمد لله ابتعدت عنها، وأخاف أن أعود إلى تلك المعاصي، ماذا تنصحني؟*
الجواب:
أولاً: أسأل الله -عز وجل- أن يبارك لك فيما أنت مقبلٌ عليه، وأسأل الله -جل في علاه- لي ولك ولإخواني الحاضرين وإخواني المستمعين الثبات على الاستقامة.
والاستقامة أمرها عزيز.
والله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: *«فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير»*[هود: 112].
فالإنسان ما لم يستشعر أن الله بصير به مراقب له، ويعرف الله بأسمائه وصفاته؛ تَستعسر عليه الاستقامة.
الاستقامة أمر من الداخل.
والمستقيم اليوم يتحدى كثيراً من التحديات التي تبعده وتصرفه عن الاستقامة.
والإنسان بنفسه ضعيف وبغيره قوي ، فحتى تستقيم أولاً: أكثر من أن تلهج بالدعاء الذي علمنا اياه النبي صلى الله عليه وسلم: *«اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»* {متفق عليه}، *«اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك»* {صحيح الترمذي}.
ثم احرص على الصحبة الصالحة التي إذا غفلت ذكرتك، وإذا جهلت علمتك، فاحرص على الصحبة الصالحة، الصاحب في البدايات من أهم المهمات في سبيل الاستقامة، والطريق طويلة ووحشة، فالصحبة الصالحة ترفع الوحشة.
فاليوم من أهم أسباب الاستقامة أن تصنع لك بيئة خاصة، من أهم أسباب استقامة أولادك أن تصنع لهم بيئة فيها استقامة.
وأنا أعجب من الآباء الذين لا يحضرون أبناءهم إلى المساجد ، أحضر أولادك إلى المسجد، يصاحب مجموعة من الشباب الطيبين أنت وإخوانك الكبار معك في المسجد، أولادكم يصاحبون بعضهم البعض ويحبون بعضهم بعضا، هذه من أسباب الاستقامة.
ثم من أسباب الاستقامة أن تكون الاستقامة على قواعد صحيحة شرعية، بأن تكون طالب علم، أن لا تفارق مجالس العلم ومجالس العلماء وأن تحضر عندهم.
واليوم الإنسان كالغريق يحتاج حاجة ماسة إلى اللجوء إلى الله وأن يبقى متمسكا بحبله، سائلاً ربه الهداية.
*السؤال السابع: ما هي الطريقة الصحيحة للاستفادة من كتب الشيخ الألباني -رحمه الله-؟*
الجواب: حقيقة السؤال يحتاج إلى محاضرة كاملة.
تأليف الشيخ للكتب، وأي الكتب متقدمة، وأي الكتب متأخرة، وأقوال الشيخ تحتاج إلى إضاءات، وتحتاج إلى كلام طويل.
بعض الناس ينسب للشيخ ما ليس له، ولا سيما في *”صحيح الجامع الصغير”* و *”ضعيف الجامع الصغير”*، و”صحيح الجامع الصغير” و”ضعيف الجامع الصغير” من *أوائل مؤلفات الشيخ ومن أواخرها.*
كيف يكون؟وهذان نقيضان؟
الشيخ -رحمه الله-، ما كانت كتب الرواية مطبوعة في زمنه، وكان الواحد منهم إذا صعد المنبر،( وحدثني بهذا بعض خصوم *الشيخ عبد الفتاح أبو غدة* – وهو حلبي-، )يقول: كان الواحد منا في بدايات طلبنا للعلم إذا صعد الإمام المنبر يقص قصة صفحة وصفحتين وثلاث -طويلة-، تكون كذبًا على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإذا أراد أن يثبت للحضور أنها صحيحة ومسندة، يقول على إثر القصة : أخرجها ابن الجوزي في الموضوعات، يعني هو يسند ، هذه كانوا يعتبرونها في ذاك الزمان إسنادًا.
الشيخ رأى *”الجامع الصغير”* للسيوطي، رآه كتابًا نافعًا، الناس في ذاك الزمان كان الكتاب متداولًا بينهم مع شروحه *كالفيض القدير* وغيره، فعمد إليه، السيوطي يضع حرف (ص) للصحيح، وحرف (ض) للضعيف، وحرف (ح) للحسن، ومع المطبوعات أصبحت الصاد والضاد متداخلة، يعني: (ص) إذا وضعت فوقها نقطة يتحول الحديث من الصحيح إلى الضعيف (خطأ مطبعي)، فرأى الشيخ أنه بحاجة إلى أن يجعل صحيح الجامع وحده وضعيف الجامع وحده، فميز صحيح الجامع وضعيف الجامع.
وللشيخ رحمه الله جهود، عرض جهوده على الكتاب، وللكتاب أصول خطية، بعض مخطوطاتها في الظاهرية، والبعض الآخر ليس في الظاهرية.
وشيخنا الألباني -رحمه الله- إلا في فترة يسيرة قبل حياته، كل المخطوطات التي نظر فيها هي مخطوطات الظاهرية، وله قصة في الظاهرية معروفة عند من يعرف ترجمة الشيخ.
المخطوطات الموجودة في مصر والهند وغيرها، ما كان الشيخ قد رآها، وهنالك أحاديث لها مصادر، *كشعب الإيمان للبيهقي* مثلا، ما يوجد نسخة في الظاهرية من الكتاب، فالشيخ في الطبعة الأولى من صحيح الجامع وضعيف الجامع طبع الصحيح في ثلاث مجلدات، والضعيف في مجلدتين (خمسة)، فسمعت الشيخ في أواخر حياته يقول: *لا أرتضي إلا الطبعة الأولى،* لا أرتضي سواها.
فالشيخ في الطبعة الأولى، الأحاديث التي وقف عليها وضع بين معكوفتين على يسار الحديث المصدر الذي خرّجه فيها : *الإرواء*، *الصحيحة،* *الضعيفة،* أو ما شابه، أو *موسوعة البيوع،* أو ما شابه، والحديث الذي لم يقف عليه اعتمد على حكم السيوطي، ووضع علامات استفهام، *فليس كل حديث في صحيح الجامع صححه الشيخ أو ضعفه الشيخ، إلا ما وضع بين معكوفتين في يسار الحديث.*
ما عداه حكم من؟
حكم السيوطي.
ووضع علامات استفهام، ثم طبع الكتاب لاحقاً بدون علامات استفهام، وب(ص) و(ض) و(ح)، فتوهم الطلبة من خلال الطبعة التي ضبطت، صحيح الجامع في مجلدتين والضعيف في مجلدة، تلك ثلاثة واثنتان، وهذه اثنتان وواحدة، فصار الطالب اليوم -عشرات الأمثلة نسمعها-، فنجد الطالب يقول: صححه الشيخ الألباني في “صحيح الجامع”، أو ضعفه في “ضعيف الجامع”، ولما ترجع للطبعة الأولى يكون الحكم حكم السيوطي، ولا يكون الحكم حكم الشيخ.
حاول الشيخ في مرضه الأخير الذي توفي على أثره -رحمه الله- أن يجمع أصول الأحاديث التي ليست في الظاهرية، كنت قد نشرت كتاب *المجالسة وجواهر العلم للدينوري* في عشر مجلدات، أرسل إلي أخونا الشيخ *أبو عبد الرحمن الخطيب (محمد الخطيب)*،و طلب مني نسخة، قال: هذا الكتاب من أصول الجامع، وأنا ما وقفت على الأصول أريد أنظر، والكتاب مسند.
فالشاهد أن الشيخ في أواخر حياته درس من جديد بعض الأحاديث التي لم يظفر لها بإسناد، ونقل نحو مئة حديث من الصحيح للضعيف ونحو مئة من الضعيف للصحيح وما أتم ذلك بسبب وفاته.
الشاهد من الإيراد أن معرفة منهج الشيخ في كتبه من المهمات.
اليوم يُقطع على الشيخ كثيراً، وترتيب كتب الشيخ من المهمات، ومعرفة التراجعات فيها خفايا لا يعرفها إلا من كان قريبًا من الشيخ، وهذا واجب كفائي على تلاميذ الشيخ، أن يبينوا كيف يستفاد من كتب الشيخ -رحمه الله تعالى-، والله أعلم.
*السؤال الرابع: نريد منكم نصيحة لشاب من أهل الخير لا يزال في بدايات الطلب، ولكنه في المجالس التي يكون فيها ربما من هو أكبر منه سناً وعلماً وقدراً يحب التصدر، وإذا ذكرت مسألة من المسائل يقدم رأيه ونقاشه إلى أخره؟*
الجواب:- *ثبت في صحيح البخاري رحمه الله وغيره ، لما جاء أخَوة الى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن سهل ومحيّصة وحويّصة ابنا مسعود*.
*فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيّصة وحويّصة ابنا مسعود إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذهب عبد الرحمن يتكلم، وكان هو الأصغر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((كبّر كبّر)).*
وهذا هو الشاهد في هذا الحديث
أخرجه البخاري، كتاب الجزية، باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره، وإثم من لم يفِ بالعهد، (4/101)، رقم: (3173)، ومسلم، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب القسامة، (3/1294)، رقم: (1669).
فالأصل في الكلام أن يبدأ الكبير، والأصل في الصغير أن يحترم الكبير.
ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه.
فالأصل في الصغير أن يوقر الكبير، والأصل في الكبير إن رأى الصغير قد قل أدبه، طاش عقله، وخفت مواقفه أن يرحمه، ولا تكون رحمته به إلا بأن ينصحه، وأن يؤدبه، وأن يعلمه، وأن يؤدي حق الله تعالى فيه.
فهذا الصغير متحمس؛ لأنه علم مسائل والمسائل التي عرفها قليلة.
دائماً كان الذهبي في السير يقول: إياك أن تكون أبا شبر.
احترت ماذا يعني بقوله أبا شبر حتى وجدته يقول -رحمه الله-: *العلم ثلاثة أشبار، من دخل الشبر الأول منه تكبر، ومن دخل الشبر الثاني منه تواضع، ومن دخل الشبر الثالث منه علم أنه لا يعلم شيئا.*
فهذا صاحبنا الصغير داخل الشبر الأول، فينبغي أن نحلم عليه.
*وينبغي لطالب العلم كلما ازداد علماً أن يزداد تواضعاً ، وأن ينكر نفسه.*
كان *أيوب السختياني* يقول : ينبغي للعالم أن يضع السَّكَن على رأسه تواضعاً لله -عز وجل-.
فالعلم له طغيان كطغيان المال، صاحب العلم يطغى كما يطغى صاحب المال.
ولذا يجب على طالب العلم أن يحمل على نفسه وهمّه أن ينتشر العلم.
وبودي -والله الذي لا إله إلا هو- لو كفانا بعض إخواننا فدرّس وكنتُ من الحضور.
فالعلم ينبغي لصاحبه أن يمتاز عن غيره بخلقه وتواضعه كما امتاز عن غيره بحفظ بعض المسائل.
ولما كان العلم يؤخذ من الكتب ولا يؤخذ من ملازمة المشايخ، ظهرت بعض المناكدات وظهرت بعض هذه الصفات.
*من أكبر أسباب التعالم أن يقرأ الإنسان وأن يجتهد ويصبح يقرأ ليمتحن أقرانه، بل بعضهم يقرأ ليمتحن أساتذته، ولا يحفظ إلا المسائل الشاذة وشخصيته ليست شخصية قائمة على ترتيب العلوم وترتيب الأُصول وفهم الكليات ورد المسائل للكليات، وإنما هي شخصية مشوهة ممسوخة قائمة على امتحان وعلى تربصٍ وعلى بحث عن عثرات وعن خطأ إما أن يجري بسبق لسان، وإما أن يجري بغفلة أو بجهل في بعض المسائل، فيهضم الناس حقوقهم، لأنه أصبح هو الأصل، ليس العلم وقواعد أهله هو الأصل.*
هذا النوع من الناس إذا ما تدارك نفسه فهو على خطر.
وأغلب من ينقطع عن العلم سببه أن صاحبه ما أدى حق الله تعالى في العلم.
فالعلم له عوائق وله قواطع والسعيد من ابتعد عن العوائق والقواطع، ومن أهم قواطع العلم الغفلة، وعدم إنزال الناس منازلهم، الكبر غمط الناس ورد الحق.
فتعلم يا طالب العلم لتعمل، لتنكسر نفسك، ولا تتعلم لتناطح كما كان يقول سفيان الثوري، قال: من تعلم ليشار له بالبنان،
فليضع قرنين وليناطح الناس.
بعض الناس يتعلم ليناطح، وبعض الناس يتعلم ليعمل، تراهُ دائما حريصا على الآخرة، رقيق القلب متواضعا، العمل كسَره، يشعر أنه ضعيف يبحث عن عورات نفسه، وعن ضعفه يجهد في أن يسد الضعف الذي هو فيه.
بعض الناس ينسى العوج في عينه، ويرى القذاة في عين غيره، هذا الصنف مذموم وليس بمحمود، وإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة الا بالله .
*السؤال الثالث عشر: أخ يسأل ماالفرق بين الحاجة والضرورة؟*
الجواب : فرق كبير بين الحاجة والضرورة، ولو أردت أن اتكلم بكلام الأصوليين لعسر الأمر، لكن أريد أن أضرب أمثلة وأبين ضرورة الفرق بين الحاجة والضرورة .
*الضرورة* محصورة في النفس، والنسل، والمال، والعرض، والعقل.
*الحاجة* غير محصورة.
*الضرورة* يجوز ارتكاب المحرّم من أجلها و *الحاجة* تدفع بقدرها.
*الحاجة* شيء يلم بالإنسان لا يطيقه فجاء الشرع فقال هذه *الحاجة* لها أحكامها الخاصة.
اليوم عند المتساهلين من المفتين لا يميزون بين الحاجة وبين الضرورة .
فمثلا موضوع الربا بعض المفتين يجوّز الربا من أجل *الحاجة* لا من أجل *الضرورة.*
موضوع الربا بعض المفتين يجوز الربا من أجل *الحاجة* لا من أجل *الضرورة*، ويجوز الخمر.
يقول العلماء أن رجلا يأكل فغص بلقمة وليس عنده ما يسلكها إلا الخمر فله أن يسلكها بجرعة الخمر.
لماذا؟
هل هذه ضرورة أم حاجة؟
*ضرورة.*
لماذا؟
لأنها محافظة على النفس، إذا ما سلكها بالخمر مات، كالذي شارف على الهلاك ولا يدفعه إلا بالميتة أو بالخنزير فهذه *ضرورة.*
إنسان ما يجد مالا ليشتري بيتا لكن يستطيع الإيجار فهل الآن السكنة في البيت ضرورة أم حاجة؟
*حاجة،* وليس *ضرورة*، لأنه لا يترتب عليه هلاك، وتدفع هذه *الحاجة* بالإيجار فليس لمن لا يستطيع ان يسكن البيت يأخذ من الربا من البنك ويشتري.
فالفتوى هذه سبب فسادها و منشأ خطئها أن قائلها ما فرّق بين الحاجة والضرورة.
خذ مثلا أوضح: شبّ حريق بالبيت ويوجد امرأة في الحمام عارية تتغسل واستطاعت فرق الإنقاذ أن تدخل البيت وأخرجت الأولاد وبقيت المرأة عارية في البيت، الآن إذا ما كسرنا عليها البيت واخرجناها وحملناها وهي عارية ماتت، هل هذا جائز؟
نعم *ضرورة* جائز .
لو قاربت بين المصالح والمفاسد فهذه *ضرورة* وهي جائزة.
لكن امرأة اوجعها ضرسها هل لأحد أن يمسها ويأخذها للطبيب محمولة؟
لا.
فالمس حرام أن تمسها حرام، لأن هذه *حاجة* وتلك *ضرورة* والفرق بين الحاجة والضرورة كبيرة.
لا يجوز للإنسان أن يحمل المرأة لمجرد أن ضرسها يؤلمها إلى طبيب الأسنان.
*والضرورات تبيح المحظورات،* كلمة الضرورات تبيح المحظورات في حمل المرأة في وجعها بضرسها هذا عنوان فتاوى كثير من المعاصرين في هذا الزمن .
طبعا المسألة مستنكرة لكن لو أنك قلّبت بعض الفتاوى لوجدتها على هذا الحال .
السؤال: الأخ يسأل عن صلاة الفجر، بعض المساجد لا يلتزمون بالوقت المحدد سابقاً، ففي رمضان يُقيمون الصلاة بعد الأذان بخمس دقائق، فما حكم الصلاة إذا أُقيمت مباشرةً بعد الأذان؟
الجواب:
أولاً: بارك الله فيك، الأردن على صغرها مدينة ذات جبال.
شاركتُ في ورشة عمل حول ضبط الأوقات، وجاء خبراء من عدة بلاد، وكان موضوعها المعادلات الحاسوبية في ضبط الأوقات في مصر، والعراق، وقطر.
وهم خبراء معروفون وأسماء معروفة في العالم الإسلامي، يعتمدون نظام الحاسوب، وهذه المعادلات ما كانت تُراعي موضوع الارتفاع، لأن هذه البلاد كلها ليست فيها جبال كبلادنا، فكان يظهر من خلال اعتماد هذه البرامج عَوار في موضوع الأوقات.
أنا ممن دُعيت لمنطقة من مناطق ناعور بالأردن، وشيخنا الألباني -رحمه الله- كتب هذا في كتابه السلسلة الصحيحة المجلدة السادسة.
دعانا بعض إخواننا جزاه الله خيرا لتناول الطعام، وقدم لنا الطعام، وأذن المؤذن، ولما أردنا أن نشرب رأينا قرص الشمس بتمامه وكماله أمامنا.
أمامك قرص الشمس كامل وأذّن.
وأخونا المُضيف يقدم الشراب والتمر، والشمس أمامنا بالتمام والكمال وهذا الكلام أظن في عام ( ١٩٩٧) فكان هناك خلل.
مع أن المعادلات يقينية، لكن المعادلات هذه تلاحظ البلاد التي من حولنا.
تبين لي أن المركز الجفرافي الملكي نقطة الإرتكاز في التوقيت الموجود في تلاع العلي.
الأماكن البعيدة، أجمعت الكلمة في أثناء البحث أن شرق سحاب غير تلاع العلي، وهناك فرق قرابة (١٣ – ١٤) دقيقة في الوقت.
الكلام متشعب وطويل ولا أريد أن أطيل.
أولاً: تبين أنه نحتاج في الأذان الموحد إلى أكثر من خارطة للأردن، ما تصلح خارطة واحدة لكل الأردن.
مثلاً: الرصيفة إذا لم تتبع عمان في الأوقات؛ فهي أقرب في اتباعها للزرقاء من عمان في التوقيت، في الرصد النظري.
وقامت أثناء الورشة مجموعة رصدوا الوقت بالعين.
فأنت تسألني وتحدثني: أين أنت؟
وأنا يجب أن أنظر.
فالذي يقول: والله بعد ربع ساعة، بعد ثلث ساعة لطلوع الفجر: هذا خطأ.
ربع ساعة وثلث ساعة، هذا شيء تقديري.
أنت الأن تسأل عن إقامة الصلاة، وعن الطعام والشراب، فيجب أن أضبط الوقت في المكان الذي أنت فيه، هذه واحدة.
الثانية: الأمر القبيح جداً أن الناس يأكلون ويشربون هكذا على الهوى، هذا يأكل ويشرب بعد الأذان بربع ساعة، وذاك بعد خمس وعشرين دقيقة، وبدون ضبط، هكذا بالهوى.
أنت شربت بناءً على ماذا؟.
الخبر من أين جاءك؟.
إذا رصدت أين رصدت؟.
صحيح أن بلادنا صغيرة، ولكنها بلاد مباركة وجبال، والجبال ترصد من مكان لمكان.
فأنت إذا ما ضبطت وتيقنت ليس لك أن تقلّد غيرك.
يجب تكون ضابط المكان الذي أنت فيه، وتكون صاحب خبرة.
أما أن لا تكون صاحب خبرة، فذاك يقول: عشر دقائق وذاك يقول: خمسة عشر دقيقة، وذاك يقول: ثلاثون دقيقة، من أين ذلك؟ وممن يُقبل ذلك؟
فالذي لا يعلم الواجب عليه أن يتقيد بالاذان، متى أذن المؤذن عليه أن يُمسك.
أما الذي يضبط فيحرم عليه أن يثير فتنة؛ فإذا أراد أن يأكل ويشرب: يأكل ويشرب وحده، بعد أن يكون خبيراً، وبعد أن يكون متيقناً على عمله.
أما هكذا الأمور تترك للهوى فهذا الأمر لا يشرع.
فمن يسأل الأن أنه أنت تقول للمصلي متى يصلي؟
أنا قلت: تضبط الوقت.
فمن لم يضبط الوقت: إن صلى مع الإمام وهو لا يعلم: فالإمام ضامن، كما في رواية عند أبي داوود ٥١٧ وصححه الألباني.
يعني: إذا أنا صليت مع إمام وأنا لا أعرف الوقت فالإمام يضمن.
أما إذا كنت أعلم الوقت فقد أخبرنا النبي ﷺ: في الحديث: “كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله؟ قال: صل الصلاة لميقاتها واجعل صلاتك معهم سبحة” رواه أبو داود ٤٣٢ وصححه الألباني.
ما معنى سُبحة؟
نافلة.
فالذي ضبط الواجب عليه أن يتحقق من الصلاة.
ولذا لماذا يتعجل الناس في الصلاة؟
لماذا يتعجل الناس في الإقامة؟
لماذا لا يبقوا في دائرة الأمان كما يقولون، ويبقون على حالهم؟.
لا نحتاج إلى قيام الليل مع تضييع فرض الفجر، يعني ما نحتاج نقوم الليل اذا ترتب على إقامتنا للليل تضييع فرض الفجر.
وعلماؤنا رحمهم الله تعالى منذ القدم يشكون أن الناس يصلون الفجر في غير وقتها، وممن شكا من هذا الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
قال رحمه الله تعالى: (من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام، زعماً ممن أحدثه: أنه للاحتياط في العبادة، ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس، وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة، لتمكين الوقت زعموا، فأخروا الفطر، وعجلوا السحور، وخالفوا السنة، فلذلك قل عنهم الخير، وكثر فيهم الشر، والله المستعان) فتح الباري (٤/١٩٩)
قوله: ( بعد الغروب بدرجة):أي: بثلث ساعة.
الشيخ صالح المقبلي في كتابه (العلم الشامخ)، يقول: الذي يطوف حول الكعبة ويصلي الفجر لو أنه صعد على جبل أبي قبيس.
تعرفون جبل أبي قبيس؟
جبل أبي قبيس كان بجنب الكعبة بالضبط وزال الآن.
قال: لو أن الواحد منهم بعد أن صلى الفجر، صعد على جبل أبي قبيس لوجد أن الفجر لم يطلع.
في مكة كانوا قديماً يصلون قبل الوقت، ونبه على هذا أكثر من عالم من العلماء السابقين.
شاركت أيضاً في ندوة أخرى في القدس قامت على التلفون، وسردت أقوال اثني عشر عالما، يرون أن الأوقات في زمانهم على اختلاف بلدانهم واختلاف أماكنهم كانوا يشكون من وقت الفجر.
فالظاهرة التي يُشكى منها موجودة، وليست جديدة، هي ظاهرة قديمة.
لكن: الواجب ضبط الأمر، وعدم السماح للخوض في مثل هذا الأمر الدقيق، كأن يُخاض فيه بجهل، أو بهوى، أو يُخاض فيه بغير علم، أو يُتكلم فيه من غير عُدَّة، ومن غير المتخصصين.
اليوم هم يقولون: نحن نؤخر ونقدم الفجر والمغرب بقليل، تمكين للوقت، يعني نقدم الفجر ثلاث أربع دقائق، نؤخر المغرب ثلاث أربع دقائق، قال: تمكينا للوقت.
فأنت الآن لما تصلي بعد الفجر بأربع دقائق من الوقت فالوقت بعد ما دخل، حتى على من زعم ووضع الأوقات، فالوقت بعد ما دخل.
وهذا أكثر ما يلزم النساء في البيوت، المرأة الصالحة تقوم الليل في البيت، ولعلها لا تنام ولعلها ترى الأسهل لها أنها تعد السحور، وتخدم أولادها وزوجها.
وبعض النساء مجرد ما يؤذن الفجر، تصلي الفرض وتنام، يعني: مجرد ما يؤذن الفجر.
فأقول لها: لا يا أختي انتبهي، تأخري قليلاً، لا تصلي بعد الأذان مباشرة، اجلسي لك نصف ساعة، انتبهي هذا أحوط لدينك، وأحسن وأورع وأبعد عن القيل والقال.
فأنا ما أستطيع أن أقول أن صلاة من صلى كذا باطلة، إلا بعد أن يتثبت الإنسان، ويكون من أهل الخبرة ويتيقن على الرؤيا.
لعل هذه المعالم تفيد في مجمل الجواب وأحواله.
مداخلة من أحد الحضور:
إخواننا الذين يرصدون ويطَّلعون، ممن جمعوا بين العلم في هذا الباب وعلم الشريعة يقولون: أن البحرية الأمريكية لها برنامج على التلفونات، وبرنامجها أدق البرامج في ضبط الأوقات ومعرفة الأوقات للأسف، وهم يفعلون هذا لحركة الرياح وطريقة السفن، فيما يخصهم.
والله تعالى أعلم.
⬅ المجلس الثالث من مجالس الوعظ في شهر رمضان لعام ١٤٣٩ هجري.
السؤال الخامس :ما حكم الصلاة في ثوب يظهر جزءا من العورة علما أن شخصا استيقظ من النوم وبقي عشر دقائق على فوات وقت صلاة الظهر فاذا قام بخياطة ثوبه فات وقت الصلاة ؟
الجواب:
اخونا يتخيل المسألة، يعني واحد ما عنده الا ثوب اذا اشتغل بخياطته فاتته الصلاة .
ما حكم كشف العورة؟
قال علماؤنا رحمهم الله تعالى بناءا على حديث عمرو بن سلمة
عن عمرو بن سلمة قال قال لي أبو قلابة : ألا تلقاه فتسأله ؟ قال فلقيته فسألته فقال : كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان فنسألهم : ما للناس، ما للناس ؟ ما هذا الرجل ؟ فيقولون : يزعم أن الله أرسله، أوحى إليه . أو : أوحى الله بكذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام، وكأنما يقر في صدري، وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح، فيقولون : اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح، بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال : جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقا، فقال : ( صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا ) . فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي : ألا تغطون عنا است قارئكم ؟ فاشتروا فقطعوا لي قميصا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص .
الراوي:عمرو بن سلمة المحدث: البخاري -المصدر:صحيح البخاري – الرقم:4302
،فقال بعض اهل العلم أن ستر العورة واجب على المستطيع ،
اما غير المستطيع ما عليه شيء، فلو تصورنا مسألةً ان الرجل انشغل بخياطة ثوب يستر عورته على وجه التمام والكمال او ان يصلي الصلاة خارج وقتها فهذا الحديث يدلل على ان الواجب على المستطيع وان هذا ليس بمستطيع في هذه الحالة .
والمسألة اشبه كما قلت انفا اشبه ما تكون بمسألة نظرية والمفتي اسير المستفتي وانا اسير الفاظ من يسأل