السؤال الرابع: نريد منكم نصيحة لطلاب العلم في زمان كثرت فيه الفتن والشهوات وضعفت فيه الهمة؟
الجواب: تكلمنا عن هذا كثيرا، وقلنا: دائما أن تكون العلاقة بينك وبين الله معمورة، وأن تخاف الله تعالى بالغيب، وأن تلجأ إلى الله بالدعاء، وأن تصاحب الناس الطيبين، وأن لا تيأس، وأن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتتواصى بالحق وتتواصى بالصبر، وتؤدي الذي عليك وتسأل الله الذي لك، وأن تبتعد عن الفضول؛ الفضول والتفصيل والانشغال في ما لا يلزمك، وأن تبحث عن عيوب الناس وعن عيوب المسؤولين بالمنقاش، وبالخبر الصحيح وبالخبر الضعيف، وأن تتتبع هذا؛ فليس هذا عملك.
بل حَسِّن ظنك بالناس، وَأْمُر بالمعروف وانه عن المنكر، واجعل علاقتك بالله عز وجل علاقة معمورة، وليكن حالك في سرك كحالك في علنك، اتق الله وأرجو الله أن يوفقك.
السؤال الأول: أخ يسأل يقول: إذا كنا نهينا عن الدعاء بالرحمة والمغفرة لمن مات كافراً، فكيف يقرأ المؤمن الذي مات أبواه كافرين قول الله تعالى في سورة نوح: {رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ } [نوح : 28]، وقوله تعالى كما في سورة الإسراء: {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء : 24]؟
الجواب: أن تقرأ دعاءًا واردًا في القرآن من باب الحكاية، كما لو قرأتَ قول الله تعالى على لسان فرعون: {وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف : 51]
هل هو مالِك مصر؟
هل يُصبِح بمثل هذا القول أن يكون مِمَّن تجري الأنهار من تحته؟
الجواب: لا، هذا تشويش، جاء في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)} [الزخرف : 26-28]
أن تتبرأ من الكافر؛ هذه كلمة قالها الله على لسان إبراهيم عليه السلام وجعلها في عقبه.
فكل من كان على ملة إبراهيم يتبرأ من الكفار ولو كانا أبويه.
فالاستدلال بمثل هذا هو ناقص عند علماء الأصول، وهذا تشويش، والنبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم (153) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار» .
فما لَم يؤمن الكافر بالنبي صلى الله عليه وسلم، فالمطلوب البراءة من الكفار ولا يجوز الترحم عليهم.
من أسلم وكان أبواه أو أحدهما كافرا فليس له بمجرد أن يقرأ هذه الآية أن يترحم على أبويه.
وهذا أمر مُجمَع عليه إلا عند الخلوف، الذين أصبحوا منبطحين على وجوههم، وأصبحوا يفكرون بضغط الكفار وبطريقة الكفار، ولا يدورون مع النصوص الشرعية، ويقولون لك كيف أنا أقرأ قول الله: ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا، فهذا حكاية، والحكاية شيء آخر غير أن تدعوا أنت.
السؤال الثاني: أخ يسأل ويقول هل يكون في حياة البرزخ زوجة؟
الجواب : في القبر يعني زوجة؟
الدُّور ثلاثة: إذا خرجتَ من بطن أمك يبقى الدنيا، والبرزخ، والجنة والنار.
النعيم في الدنيا أصالة على البدن وتبعاً للروح، قد يكون الإنسان آكلاً ولابساً وشارباً (أي ملذات الأطعمة)، ثم يجد هَما وغما.
في الحياة الدنيا النعيم على البدن وعلى الروح تَبَع.
في البرزخ؛ العذاب والنعيم على الروح، وعلى البدن تبع، فليست البرزخ إلا دار نعيم أو عذاب على حسب الروح.
والجنة أو النار -نسال الله العظيم أن يجعلنا من أهل الجنة- يكون العذاب أو النعيم على الأرواح والأبدان.
ولذا كانت الحور العين مذكورة في الجنة، لأن النعيم في الجنة إنما يكون على الروح والبدن معاً.
أيُ الدور الثلاثة يتنعم الإنسان فيها نعيما كاملاً وشاملاً؟
الجواب: في الدار الآخرة، في النار العذاب وفي الجنة النعيم، لأن النعيم يشمل البدن والروح.
والعجيب في الجنة والنار أن أهل الجنة كلما مضى معهم زمان، – وأهل النار كذلك- خالدون إلى أبد الآباد، كلما تقدم الزمن ازداد العذاب ، ويزداد النعيم.
لِذا أهل الجنة وهم بالجنة بالنسبة لِما هم فيه، كما أخبرنا الله تعالى عنهم قال: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس : 10]، لا يجدوا إلا أن يقولوا: يارب لك الحمد، لأن النعيم شامل، لذا قال الله عز وجل: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف : 71]، أما في البرزخ؛ فلا.
السؤال الثاني والعشرون :
أخ يقول نريد توجيهًا لتربية الأبناء ؟
الجواب:
الكلام عن تربية الأبناء كثير لكن أنصحك بنصيحتين:
– القدوة: لو أنك صنعت مهما صنعت، وفعلك يخالف قولك؛ فالأولاد لا ينتفعون؛ فمن أراد من أولاده أن يتركوا الدخان فيجب عليه هو أن يترك الدخان، لكن واحد يقول لأولاده اترُكوا الدخان، وهو يدخن أمامهم هذا كذاب ماله هيبة.
بل هو يدعوهم وفعله أبلغ من قوله.
الدعوة إلى الله في البيئة المكشوفة التي يعيش فيها المربي والمتربي معا لا يمكن أن تنجح إلا بالقدوة.
اقرأ سورة يوسف.
لما عاش يوسف عليه السلام مع الأسيرين الفتيان ودخل السجن معهما قالوا له “إنا نراك من المحسنين.”
هذا يوسف عليه السلام، ولولا أنه أحسن إليهما ما استفادوا منه.
وما أسهل أن تكون محسنا وأن تكون صاحب قدوة هذا أمر مهم جدًا جدًا جدًا.
لا يمكن تربي وأنت لست قدوة هذه النقطة الأولى وهي مهمة جداً.
والنقطة الثانية:
– عنصر التربية الصحيح وهو المتابعة.
والمتابعة تكون مدروسة ومرسومة.
للأسف كثير من الآباء إن أراد أن يربي ابنه أو ابنته أو زوجه يعمل (بالبهدلة) فقط، ويقول لك أنا ربيت، أنت (بهدلت) ما ربيت.
أحسن شيء وأصعب شيء في التربية أن تبقى متابعا للغرض الذي تريده حتى تصل إليه.
المتابعة أمر ليس بسهل؛ أنا أريد من ابني كذا أبقى أتابعه حتى أحَصّل ما أريد.
أنا أريد من ولدي حفظ القرآن، حسنا ابنك الذي حفظ القرآن ماذا تريد منه؟
يجب أن تتابع، تبدأ معه متابعة صحيحة بخطوات صحيحة.
أريد من ابني أن يصاحب الصالحين، وأريد ولدي أن يكون من أهل المسجد، وأريد ابنتي أن تكون حَيِيِّة، وأريد من ابنتي أن تكون تقية، وأن تكون من الصالحات.
تحتاج متابعة وتدخل في المتابعة دخولا صحيحا.
وهذا يحتاج منك جهدًا كبيرًا، فالتربية تحتاج منك قدوة، ومع القدوة تبقى متابع الأمر حتى تحصل المراد.
فإن كنت قدوة، وليس عندك متابعة لا تستطيع أن تحصل المراد وإذا عندك متابعة وإدارة ومهارة، وأنت لست بقدوة لا تستطيع أن تحصل المراد، إلا أن يمتن الله عليك.
بعض الأبناء مثل (النبات البري) الذي ينبت خارج البيت وليس على عيون أبويه، والله عز وجل رَحمهُ ولطف به وهيأ له حب المسجد، وهيأ له أناس صالحين، وطعام الفطرة وحب للخير المغروز في نفوس البشر؛ وليس من صنيع والديه، وكثير من الناس هكذا.
وإذا أردت أن تعرف الأب إذا كان مربيا، أو ليس مربيا؛ انظر إلى الأولاد فإن رأيت بينهم قاسما مشتركا ظاهرا بارزا تقول هذا أثر الوالد وإذا ما رأيت بينهم قاسما مشتركا واحد أفجر الفجرة وواحد مقبل على الآخرة، وآخر مقبل على الدنيا، وأشكال وألوان وأصناف!!
تقول هذا ليس مربيا.
والصالح [من أبناءه] هذا (نبات بري) ليس نبات الأب وكثير من الصالحين هذه الأيام (نبات بري) وليسوا من صنيع الوالد وإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وهذه نصيحتي من أجل التربية.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
والله تعالى أعلم .
السؤال التاسع عشر: أنا أُصلي بالناس إمامًا وحين أجمع بين الصلاتين أُصلي بهم العشاء بنية النافلة لي لأني سأبقى للعشاء و أريد أن أصلي العشاء لوقتها فهل فعلي صحيح؟
الجواب: نعم فعلك صحيح؛ وهذا الذي فعلته فعله معاذ بن جبل – رضي الله عنه-، فمعاذ كان يصلي العشاء مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ويتحول إلى مسجد في أطراف المدينة فيصلى بهم إمامًا.
ولا فريضةَ مرتين؛ فمعاذ ما كان يصلي الفريضة مرتين كان يصلي الفريضة مأمومًا خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- ولمّا يأتي إلى هؤلاء القوم يصلي بهم نافلة جماعة وهو إمام وهم مأمومون.
وهذا دليل من أدلة كثيرة ذكرها الإمام الشافعي -رحمه الله- على جواز إئتمام المفترض خلف المتنفل والعكس!.
الإمام يريد أن يُصلي الفريضة و الذي خلفه متنفل أو العكس.
السؤال الثامن عشر: زوج بنتي منذ معرفتي به بالنسب، علمت عنه خيرًا من صلاة وصوم وعمل خير ومساعدة الناس وصلاة الجماعة وحرص شديد على الحلال والحرام، وكان يحث زوجته على الصلاة دائما، وبعد ست سنوات سمعت عنه يفعل عمل قوم لوط ولديه طفلان من بنتي، ماذا تنصحوني أن أفعل؟ وهل أخبر زوجته بهذا العمل؟ وقد ذهب إلى مكة لأداء العمرة ويلبس على السنة وأغلب الناس يشهدون له بالخير؟
الجواب: دعوا الناس على ستر الله، ومن ستر على مسلم ستر الله تعالى عليه.
والواجب عليك أن تتعاهده وأن تنصحه، والتشهير بالمسلم أشد من فعل المعصية.
وليس كل كلام يقال صحيح ،فحسن ظنك بأخيك.
قال أهل العلم: من حسن ظنه ووسعه في الناس فإن الله عز وجل يرزقه حسن الختام.
حتى أن بعضهم قال- وهذا كلام الغزالي في الإحياء-: لو رأيت مسلما على معصية فإن فارقته فحسن ظنك به وقل لعله تاب.
فاتركوا الناس على الستر، ولا تفتشوا على عيوب الناس، ومن تتبع عورات المسلمين فإن الله يقيض من يتتبع عورته.
إلا – والعياذ بالله تعالى- أن يكون الأمر قد فُضح وشُهر وكثر؛ فحينئذ لك أن تسأل عن هذا.
وهذا له حُكمه، أما وهو على ستر وعلى ديانة، وتقول ذهب للعمرة وما شابه فأرجو الله – جل في علاه- أن يستر عليه.
والواجب عليك إن بلغك شيء من هذا: أن تحمل الأمر على الستر ثم إن انتشر فالواجب عليك أن تعظه، ثم أن تذكره، ثم بعد ذلك ليس عليك إلا أن تفصل العلاقة التي بينك وبينه.
ورحم الله الفضيل بن عياض كان يقول من زوج موليته من عاص أو من مبتدع فقد قطع رحمه.
إذا كان زوج بنتك أو زوج أختك واحد عاص أو مبتدع لا تستطيع أن تذهب إليه، لا تستطيع أن تجالسه.
ماذا يترتب على هذا؟!
يترتب على هذا قطع الرحم.
-وإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله- .
السؤال السادس عشر: ما هي شروط العقيقة؟ هل يلزم أن تكون كبيرة؟
الجواب: لا، العقيقة غير الأضحية، وسِنُّ العقيقة أمره واسع، ولكن ثبت في الحديث عن أم كرز الكعبية قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة” قال أبو داود سمعت أحمد قال: مكافئتان أي: مستويتان أو مقاربتان.
سنن أبي داود(٢٨٣٤) وصححه الألباني.
فمن السنة في العقيقة عن الذكر أن تكون شاتين متكافئتين، يعني تأخذ عن الولد شاتين متقاربتين في السن، ومتقاربتين في كل شيء.
وأما من حيث العمر وأن تكون بياضا، أو أنه عاش أغلب أشهر السنة، والسواد أتم من العمر سنة ودخل في الثانية؛ هذا شيء في الأضحية، أما العقيقة ليست كذلك.
السؤال الثالث: إذا أراد أحد أن يقطع صلاته إما لأنه غير طاهر أو أي سبب آخر فهل يسلم أو لا؟
الجواب: نحتاج أن نعرف السبب، نحتاج أن نعلم الآتي: هل الصلاة صحيحة، أم أن الشرع أبطلها؟
الصلاة إن صحت فليس لك أن تخرج منها إلا بسلام للحديث عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم”. سنن أبي داود (٦١) وصححه الألباني.
إذا أردت أن تتحلل من صلاتك، ولك أن تذهب وتجيء وتأكل وتشرب وتتكلم، فلا بد أن تتحلل من صلاتك بالتسليم.
ماذا يعني؟
لما صلى معاذ بن جبل بقوم وكله النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤم بهم فطول – قرأ البقرة – فرجل كان فلاحاً خرج من الصلاة.
الآن: رواية :(فسلم) هذا الرجل وصلى وحده، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفتَّان أنت يا معاذ) لامهُ النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن قصة هذا الرجل: هل خرج من الصلاة بالتسليم؟
وردت رواية في مسلم فسلم.
العجيب أن البيهقي -رحمه الله- في السنن الكبرى وتابعه شيخنا الألباني يعل رواية التسليم، يقول رواية فسلم لم تثبت، وإنما فارق الإمام.
هذا الشاب لما بدأ الإمام (معاذ) يقرأ بالبقرة، ورآه طوَّل فما سلم، وإنما فارق الإمام وكمَّل الصَّلاة على التي بدأ بها.
يعني حوَّل نفسه من صلاة مأموم إلى صلاة منفرد وكمَّل الصَّلاة وخرج.
ولكن رواية (فسلم) هذه الرواية؛ لأن الصلاة قد صحت، والصلاة إن صحت فلا يجوز لك أن تخرج منها إلا بسلام.
لكن إنسان قال: الله أكبر وتذكر أنه غير متوضئ، أو تذكر أنه مسح مسحاً باطلاً، أو تذكر أنه لم يمسح على الخفين، تذكر أن صلاته غير صحيحة، فهنا لا داعي للسلام لأن صلاته باطلة.
أما إن كانت صلاته صحيحة فيسلم.
مداخلة: إذا أقيمت الصلاة شيخنا؟
إذا أقيمت الصلاة؛ هذه المسألة اختلف أهل العلم فيها اختلافاً شديداً منذ زمن التابعين ومن بعدهم، وخصوصا أهل الكوفة مع غيرهم (أصحاب الرأي)، إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة.
(لا صلاة)؛ هذا نفي أم نهي؟
الجواب: إن كان نهيا فتسلم، وإن كان نفيا فالصلاة أبطلها الشرع، فليس لك أن تسلم،
فالمسألة على هذا الأمر.
لذا ورد عن بعض تابعي أهل الكوفة، إذا دخلتَ وأقاموا الصلاة، وأنت تصلي في المسجد فتعجل؛
والراجح عند العلماء: إذا أقيمت الصلاة وأنت في آخر صلاتك؛ أكمل صلاتك، وهذا يؤكد أن النفي في الابتداء وليس على النفي في كل حال.
السؤال الخامس عشر: ما حكم المال الذي يأخذه الرقاة؟
الجواب: أرجو أن تنتبهوا.
قلنا: صلاح أرواح الناس في الدنيا بالقرآن، وصلاح أبدانهم بالحجامة.
في الحديث عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما مررتُ ليلةَ أُسري بي بملإٍ إلا قالوا يا محمدُ مُر أمتَّك بالحجامةِ).صحيح ابن ماجه (٢٨١٩).
وصية الملائكة لنا علينا بالحجامة؛ لأن الطب الوقائي أحسن من الطب العلاجي( لما يأتي المرض وتبدأ تعالج المرض) الطب الوقائي أفضل، وأهم عنصر من الطب الوقائي إنما هو الحجامة.
الحجام إن تعلّم الحجامة يجب عليه أن يبذل الحجامة بدون مال.
ومن تعلم القرآن وجب عليه أن يبذل تعليم القرآن بدون مال، لكن إن أعطي دون استشراف، ودون طلب لا حرج.
ويأخذ معلم القرآن، كما يأخذ الإمام والمؤذن مقابل حبس الوقت.
رأى عبدالله بن عمر – كما عند الدراقطني- مؤذناً، فقال المؤذن لابن عمر: إني أحبك في الله – (من لا يحب ابن عمر)- فقال له ابن عمر: إني أبغضك بالله!
قال لِمَ ؟ قال: لأنك تؤذن وتأخذ أجرةً ! ، وتلحن في أذانك.
الأذان مشروع، والكل يؤذن ويتسابق عليها المتسابقون.
الإمامة والأذان وتدريس الشريعة، هؤلاء يأخذون مقابل حبس الوقت، وإن علم الله من قلوبهم لولا المال ما أموا ولا أذنوا ولا درسوا فالويل لهم.
يعني لولا المال لا يؤذن، لولا المال لا يؤم، ولولا المال ما يدرس الشريعة وأحكام العلم!، هؤلاء أسوأ خلق الله.
وإذا بدأ الناس يشعرون أن الذي[يعظهم ويدرسهم] يتاجر في الدين؛ فإنهم لا يحبونه ولا يمتثلون أمره ولا ينتفعون بوعظه.