السؤال:
أخٌ يسأل ويقول سمعت لك فتوى شيخنا بجواز قِراءة الكتب الإلكترونية ولو لم يأذن المؤلف بذلك لتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، فهل هذا الحُكم ينطبق أيضاً على الكتب التي تكون في العلوم الدنيوية أو كان مؤلفها من غير المسلمين؟
الجواب:
الجواب بارك الله فيكم أنّ التأليف حق مُعتَبَر، وهو من الحقوق المعنوية، والأصل في المؤلف أنه يريد أن يخدم الإسلام، وإن عاد عليه نفعٌ فَبِالتَبَع؛ أمّا العلوم الدنيوية فهي دنيوية خالصة، والأصل في الحقوق أنها محفوظة، والاعتداء على حقوق الناس الأصل فيها الحرمة.
ولكن إذا ذاع وشاع أنّ الكتب توضع اليوم بما يسمى تصوير (بي دي اف)، تُصَوَّر وتُوضع على الحاسوب وصاحبها ساكت ويعلم أن الناس يضعون الكتاب، فهذا يُنَزَّل مَنزِلة الإذن الضمني ولا حرج فيه، إذ الأصل في الاشياء أنها حلالاً وليست حراماً، وكذلك الحقوق الدنيوية إذا شاع وذاع وأصبح هنالك إذن ضمني؛ مِن غير الإذن الضمني والإنسان يقول هذا حقي ولا يجوز لكم أن تعتدوا عليه فحينئذ الأصل أن يكون الحق محفوظاً ولا سيما في الأمور الدنيوية.
فالأمور الدنيوية الإذن فيها أقوى من الأمور الأخروية، ولذا أنا أفتي بناءً على ما ذكر الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى، عندنا مقصد أصلي ومقصد تبعي، حق التأليف مقصد تبعي (حقي الشخصي الحق الدنيوي)، والمقصد الأصلي الديانة والتَعَبُّد وخدمة الشرع وخدمة الدين وما شابه.
كتاب مفقود، هل لك أن تُصَوِّرَه لتستفيد منه؟ أقول لك نعم لك ذلك، لأن المقصد الأصلي هو نشر العلم ونشر الدين، إلّا إن عَلِمتَ أن صاحبه مُتَعَنِّت، وما لم تعلم فَلَكَ ذلك، فالأمر فيه سعة من هذه الحيثية.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٤ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١٨ – ١١ – ٢٠٢٢م
الجواب:
كَحُكم قراءة القرآن بعد الاذان، تتعبد الله تعالى، جِئتَ المسجد مبكراً فلك أن تقرأ القرآن بين الأذان والإقامة، لكن إذا كان الوقت يسيراً، أرى بعض الناس تنظر تجد دقيقة أو دقيقتين للإقامة فيحمل المصحف ويقرأ، الدقيقة ماذا تقرأ؟
اقرأ بعد الصلاة، لك أن تقرأ قبل الصلاة ولك أن تقرأ بعد الصلاة ولا حرج في ذلك.
حكم قراءة القرآن من الهاتف مع وجود المصاحف؟ ليس بصحيح، القراءة عبادة وحتى لو قرأت من الهاتف، لكن مع وجود المصحف فالنظر في المصحف عبادة. القراءة من المصحف أحب إلى الله تعالى من القراءة من الجهاز، القراءة من المصحف عبادة؛ فكيف يُعظَّم المصحف إن تركت القراءة فيه؟! كيف تعظمه؟! تعظيم المصحف أن تقرأه وأن تُدمِن على النظر فيه وعلى نسخة خاصة فيك أذا أردت أن تُرتب حفظك وأن تَستدعي حفظك، إلى اخره، فالقراءة من الجهاز مشروعة لكن القراءة من المصحف هي الأحسن والأفضل.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٤ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١٨ – ١١ – ٢٠٢٢م
الجواب:
أن تتصدق داخل المقبرة وخارج المقبرة واحد، ولا تعتقد أنّ الصدقة داخل المقبرة أقرب إلى الله من خارجها، وجُل من تتصدق عليه داخل المقبرة متسول لا تعرف حاله.
الذين ستتصدق عليهم لا تعرفهم. والأحسن أن تتصدق على من تعرف حاله.
أكثر من تعرف حاله في الصدقة من هو ؟
الرَّحِم.
ولذا الصدقة على الرَّحِم صدقتان: صدقة وصِلة.
أمّا أن تعطي إنسان بعيد ولا تعرف حاله لا نقول لك لا تعطيه لكن لا تجعل زكواتك فيه، اجعل زكواتك في من تعرفه معرفة فيها تدقيق وفيها تفصيل .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٤ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١٨ – ١١ – ٢٠٢٢م
السؤال:
أخ يسأل يقول بالنسبة لموضوع الحكم على الشخصية من خلال تاريخ الميلاد فيقولون أن صاحب هذا التاريخ له صفات كذا وكذا ويزعمون أن هذه الأحكام بنيت على دراسات على شخصيات متعددة.
الجواب:
هذا خبر وليس سؤالا.
أما أن نعرف الغيب من خلال معرفة الميلاد والشخصية، فالإنسان الذي يزعم هذا كاذب.
قال تعالى: {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} سورة النمل (65).
فعلم الغيب عند الله عز وجل وليس لرسوله صلى الله عليه وسلم ذلك.
من الأخطاء الشائعة بين الناس يتذاكر طلبة فيما بينهم في علوم دنيوية في علوم الفيزياء والكيمياء وواحد يقول للثاني الله ورسوله أعلم، ما أدراك أن الرسول يعلم في الفيزياء والكيمياء؟
قل الله أعلم، لا تقول الله ورسوله أعلم.
ما أدراك أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الفيزياء والكيمياءوالذرة وهذه العلوم، هذه علوم دنيوية خالصة.
ولما سمع النبي بعض الجواري وفينا نبي يعلم ما في غد فزجرهن، نهاهن عن ذلك.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب.
والزعم أنك تعلم الغيب إن علمت أنك تعرف تاريخ الميلاد وعلمت الأبراج وما شابه فهذا أمر خطير.✍️✍️
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٤ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١٨ – ١١ – ٢٠٢٢م
السؤال:
ما حكم شرب الماء واقفا لمن دخل المسجد وهو عطشان قبل أن يركع ركعتين؟
الجواب:
إن اضطررت للجلوس لحاجة وبمقدار الحاجة تجلس لا حرج.
ما حكم الشرب قائما؟
الجواب:
الشرب واقف جائز لحاجة.
ثبت في سنن أبي داوود أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من شن وهو قائم.
الشن: قربة ماء.
ما وجدت إناء فشربت قائما.
الشرب من الثلاجات التي لا تستطيع أن تشرب منها إلا وأنت واقف فلا حرج فيه.
والأصل في الشرب قائما المنع إلا للحاجة والضرورة.
والله تعالى أعلم.✍️✍️
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٤ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١٨ – ١١ – ٢٠٢٢م
الجواب:
ما الفرق بين التبذير والاسراف؟
التبذير ما يُنفق في حرام.
كل شيء تنفقه في حرام هذا تبذير .
والإسراف ما تنفقه في حلال على وجه يزيد عن حاجتك.
فالتبذير قليله وكثيره حرام، قال تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}.
الذي يشرب الدخان هذا مبذر أم مسرف ؟
هذا مبذر.
فإن أكثر من الشرب جمع بين الإسراف والتبذير.
من شرب القليل من الدخان هذا حرام.
لماذا حرام ؟
لأن الدخان حرام وكل قرش تنفقه في حرام فهذا تبذير .
السؤال هل التبذير في الإنفاق حرام ؟
نعم.
قلًّ أم كثر.
لأن الاصل في التبذير أنه نفقة في حرام وليس في حلال .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٤ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١٨ – ١١ – ٢٠٢٢م
السؤال:
هل يجوز ان اعتمر أو أحج عن والدي المتوفى ؟
الجواب:
قلنا هذا وفصلنا فيه كثيرا.
سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – رجل يقول لبيك اللهم عن شبرمة !، قال النبي صلى الله عليه وسلم من شبرمة ؟ قال أخ لي او قريب ، فقال – صلى الله عليه وسلم – لبي عن نفسك ثم لبي عن شبرمة .
فالحج عن الوالد الذي لم يحج ولم يقصر في الحج فلك أن تحج عن أبيك بعد أن تحج عن نفسك ، فإن حججت عن أبيك وأنت لم تحج عن نفسك فهذه الحجة عنك وليست عن أبيك.
حج عن نفسك ثم حج عن أبيك .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٤ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١٨ – ١١ – ٢٠٢٢م
الجواب:
معتقدك ودينك هو الذي تحب من وافقك فيه وتبغض من خالفك فيه،
وهذا أمر أوحى الله تعالى به إلى أبينا إبراهيم ، وإبراهيم عليه السلام جعله وبقي محفوظاً في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ودليل ذلك قول الله تعالى:﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰهِیمُ لِأَبِیهِ وَقَوۡمِهِۦۤ إِنَّنِی بَرَاۤءࣱ مِّمَّا تَعۡبُدُونَ، إِلَّا ٱلَّذِی فَطَرَنِی فَإِنَّهُۥ سَیَهۡدِینِ، وَجَعَلَهَا كَلِمَةَۢ بَاقِیَةࣰ فِی عَقِبِهِۦ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ﴾ [الزخرف ٢٦-٢٨]
قال أهل العلم:
في عقبه:
أي باقية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
جعلها كلمة باقية في عقب إبراهيم. ونحن على ملة أبينا إبراهيم.
فنحن نحب من أحب الله ونبغض من أبغض الله.
ما يحبه الله أحببناه وما يبغضه الله أبغضناه.✍️✍️
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
١٧ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١١ – ١١ – ٢٠٢٢م
الجواب:
الظاهرية أتباع عالم اسمه داوود بن علي الظاهري.
وداود بن علي الظاهري كان شافعي المذهب، وتبعه ابن حزم.
مذهب الظاهرية يجمدون على ألفاظ الحديث والنصوص.
الفقهاء قسمان:
فقهاء يعملون الظاهر.
فقهاء يعملون المعاني والمقاصد من النصوص.
وللجامدين على الألفاظ أخطاء، وللمتوسعين في المعاني أخطاء، والواجب أن تعمل المعاني في محلها، وأن تجمد على الألفاظ في محلها. وهناك مبحث لو قلت أنه يستحق الرحلة ولو كان في الصين لما أبعدت النجعة، هناك مبحث في كتاب ابن القيم في إعلام الموقعين أخطاء المتوسعين في المعاني وفي مبحث آخر أخطاء الجامدين على النصوص، ومشى في مهيع دقيق انتقل فيه على أسنان المشط بدقة متناهية
متى نعمل المعاني ونترك الظاهرية ومتى نعمل بمذهب الظاهرية ونكون واقفين على الألفاظ ولا نتوسع في المعاني.
وأذكر لكم مثالا وأحيلكم على كتاب إعلام الموقعين.
النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري يقول:
العائدُ في هِبَتِه كالعائدِ في قَيْئِه.
الألباني (ت ١٤٢٠)، صحيح الجامع ٤١١٤. صحيح. أخرجه البخاري (٢٦٢١)، ومسلم (١٦٢٢).
…………
فبحث المسألة هل الوالدة تلحق بالوالد؟
الجواب: لا.
المرأة عواطفها متقلبة.
الوالد مهما أعطى ولده ذكرا وأنثى في أي لحظة يقول يا ابني يا بنتي أرجع لي الذي أعطيتك أياه.
هل في هذا حرج ؟
لا حرج.
يجوز أن يعود الوالد لولده عن أي عطيه أعطاه إياها بشرط العدل، أن يبقى العدل قائما بين الأولاد.
الأم ليس لها أن تعود.
هذا مذهب الظاهرية وهذا صحيح وقفنا على النص.
أتينا على حديث النعمان بن بشير في الباب نفسه جاء النعمان بن بشير والحديث في الصحيحين وله ألفاظ.
أنَّ أباهُ أتى بِهِ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يشهَدُ علَى نحلٍ نحلَهُ إيَّاهُ فقالَ : أَكُلَّ ولدِكَ نحَلتَ مثلَ ما نحلتَهُ قالَ : لا قالَ : فلا أشهَدُ على شَيءٍ أليسَ يَسرُّكَ أن يَكونوا إليكَ في البِرِّ سَواءً قالَ : بلَى قالَ : فلا إذًا.
الراوي : النعمان بن بشير المحدث الألباني. المصدر : صحيح النسائي. الصفحة أو الرقم: 3682 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.
أعطيته عطية وليس عود.
العود شيء والإعطاء شيء.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم الا تحب ان يكونوا لك في البر سواء، في العطاء عطاء الاولاد يكونوا في البر سواء، قال نعم.
قال اشهد غيري لا أشهد على جور، ألفاظ الحديث.
هل الأم في إعطاء العطية تلحق بالأب؟
نعم.
مع أن الحديث ليس به ذكرا للأم.
ما هو سر جعلنا أن الأم تلحق بالأب؟
قول النبي صلى الله عليه وسلم ألا تحب أن يكونوا لك في البر سواء. البر ليس خاصا بالوالد، البر عام للوالد والوالدة،
أما إلا الوالد لولده فهذا لفظ خاص. فإذا الرجوع خاص بالوالد والإعطاء عام إلى الوالد والوالدة
ففي الحديث الأول جمدنا على ظاهر اللفظ والتوسع خطأ.
وفي الحديث الثاني اعملنا المعاني ولم نجمد على اللفظ، بل عملنا المعاني ولم نجمد باللفظ بل عملنا باللفظ لقوله الا تحب أن يكون لك في البر سواء.
فهذا دليل نريده كثير والمبحث مطول مجود للغاية عند الإمام ابن القيم فيه كتابه إعلام الموقعين .
هذا والله اعلم .✍️✍️
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
١٧ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١١ – ١١ – ٢٠٢٢م
السؤال:
أخ يقول أنا أصلي الفجر ثم أعود إلى البيت وانشغل بالقراءة إلى بعد طلوع الشمس ثم أصلي الضحى في البيت، فهل لي نفس أجر الحج والعمرة؟
وفي نفس الباب جاءني سؤال.
أنا أجلس ما بعد الفجر إلى طلوع الشمس وينتقض وضوئي، فهل انتقاض وضوئي إن ذهبت للوضوء ثم إذا رجعت هل يذهب الأجر أم لا؟
الجواب:
هنالك فتوى جميلة، نقلها الإمام محمد بن عبد الرحمن السخاوي عن شيخه الحافظ ابن حجر خاتمة أمراء المؤمنين في الحديث، الحافظ ابن حجر صاحب فتح الباري.
والمسألة فتوى طويلة لكنها مهمة ومفيدة وجمع فيها السائل وهو من أهل العلم أحاديث فضل الجلوس بعد الفجر -وجلوسنا هذا بعد الفجر فيه من الأجور ما الله به عليم-.
يقول السائل الأحاديث الواردة في من قعد يذكر الله تعالى بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين منها ما عند الإمام الترمذي عن أنس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
من صلَّى الغداةَ في جماعةٍ ثم قعد يذكرُ اللهَ حتى تطلعَ الشمسُ ثم صلَّى ركعتيْنِ كانت لهُ كأجرِ حجَّةٍ وعمرةٍ . قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : تَامَّةٍ ، تَامَّةٍ ، تَامَّةٍ. أخرجه الترمذي (586)،
وأخرج الطبراني من حديث أبي أُمامة مثله لكن قال: من صلّى صلاة الغداة -الفجر- وقال جلس وانقلب بأجر حجة وعمرة.
وعنده من حديث أبي أمامة وعتبة بن عبد السُلمي: مَن صلَّى صلاةَ الصُّبحِ في جماعةٍ ثمَّ ثبَت حتَّى يُسَبِّحَ اللهَ سُبْحةَ الضُّحى له كأجرِ حاجٍّ ومُعْتَمِرٍ تامٍّ له حَجَّتُه وعُمْرَتُه.
فافأد أن الصلاة المذكورة صلاة الصبح، فأخرج النفل المطلق وما كان لسبب آخر.
وكذا للإمام أحمد من حديث معاذ بن أنس رضي الله تعالى عنه: من قعدَ في مصلَّاهُ حينَ ينصرفُ من صلاةِ الصُّبحِ حتَّى يسبِّحَ رَكعتيِ الضُّحى لا يقولُ إلَّا خيرًا غفرَ لَه خطاياهُ وإن كانت أكثرَ من زبدِ البحرِ.
وفي رواية لأبي يعلى: وجبت له الجنة.
وفي رواية لابن أبي الدنيا من حديث أبي أُمامة: لم تَمسَّ جِلدَهُ النارُ أبَدًا.
هذه كلها في فضل الجلوس بعد الفجر.
ومثله عند البيهقي من حديث الحسن بن علي.
وأفاد بقوله: لا يقول إلا خيراً، دخول من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر -ويلتحق به هذا المجلس-.
قال: ويلتحقُ به من أجاب سائلاً عن مسألة في حكم شرعي.
من جلس يذكر الله تعالى.
فنحن إن شاء الله الآن في هذا المجلس نذكر الله تعالى.
وكذلك من شفع شفاعة حسنة ونحو ذلك. ويمكن أن يدخل ذلك كله في ذكر الله.
وشرطه أن تقتصر على الحاجة من ذلك لما لابد منه بلا مزيد.
وعند أبي يعلى من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: قال قال صلى الله عليه وسلم: مَن صلَّى الفجرَ – أو قال الغَدَاةَ – فَقَعَدَ في مَقعدِهِ ، فلَمْ يَلْغُ بِشيْءٍ من أمرِ الدُّنيا ، ويَذكُرُ اللهَ حتى يُصلِّيَ الضُّحَى أربعَ رَكَعاتٍ ؛ خرج من ذُنُوبِه كَيومِ ولَدَتْهُ أمُّهُ لا ذَنبَ لَهُ.
وكذا من الوارد من فعله صلى الله عليه وسلم.
هذا المجلس إخواني من بعد الفجر لطلوع الشمس كان يجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم. والدليل:
ما ثبت في معجم الطبراني الأوسط عن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر لم يقم من مجلسه حتى تمكنه الصلاة.
يبقى جالس حتى يتمكن من الصلاة.
متى يتمكن من الصلاة؟
بعد طلوع الشمس.
والأصرح منه ما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى الفجرَ تربَّعَ في مجلسه حتى تطلعَ الشمسُ.
بقي متربعاً حتى تطلع الشمس، أخرجه مسلم وأصحاب السنن الثلاثة.
أخرجه مسلم (670)، وأبو داود (4850)، والترمذي (585)، والنسائي (1357)، وأحمد (20968).
وللطبراني من حديث جابر في المعجم الكبير جلس يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس.
يقول إلى غيرها من الأحاديث في هذا المعنى قولاً وفعلاً لا نطيل بها لحصول الغرض، فهل يحصل هذا الثواب لمن قعد مُحدِثاً أو تخلل زمان بين مقعده ووضوءه، وهل يناله من طاف بعد الصلاة؟
فجواب الحافظ ابن حجر الذي نقله السخاوي لابدَّ للعبد أن يُفرِّغَ قلبه، وأن يُقبل على ربه بكُله وكُليته ويجمع نفسه وأن يجهد أن لا ينشغل بشيء إلا بذكر الله تعالى، وأن يحصل الخشوع، وأن يجاهد نفسه على الخشوع في هذا المجلس، فإن غلبته عيناه فحينئذ له أن يدفع هذه الغلبة وإن أحدث فله أن يذهب ويتوضأ ويرجع يبقى جالساً حتى تطلع الشمس.
الذهاب والإياب دون الجلوس ليس هو الأصل، يعني بعض الناس بعد الصلاة ما يجلس، يتحرك ذهابً وإيابً، هذا ليس الأصل.
الأصل أن تجلس وتقبل على الله عز وجل وأن تخشع وأن تجاهد نفسك على الخشوع.
إذا اضطررت للمشي أو تنام قم وامشِ، إذا اضطررت.
فهذا المجلس فيه الحياة وهذا مجلس فيه من الأجر ما الله تعالى به عليم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٧ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١١ – ١١ – ٢٠٢٢م